وضع داكن
20-04-2024
Logo
سبل الوصول - الدرس : 27 - محاسبة المؤمن لنفسه
رابط إضافي لمشاهدة الفيديو اضغط هنا
×
   
 
 
 بسـم اللـه الرحمـن الرحيـم  
 

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين، اللهم أخرجنا من ظلمات الجهل والوهم إلى أنوار المعرفة والعلم، ومن وحول الشهوات إلى جنات القربات.

المحاسبة :

أيها الأخوة الأكارم، مع موضوعٍ جديد من موضوعات: "سبل الوصول وعلامات القبول"، وهذا الموضوع هو: "المحاسبة".
سيدنا عمر بن الخطاب رضي الله عنه يقول: "حاسبوا أنفسكم قبل أن تحاسبوا، وزنوا أعمالكم قبل أن توزن عليكم، واعلموا أن ملك الموت قد تخطاكم إلى غيركم، وسيتخطى غيركم إليكم، فخذوا حذركم".
الإنسان يقرأ في اليوم عشرات النعوات، لكن في أحد الأيام لابد من أن يقرأ الناس نعوته، فماذا أعددت لهذا اليوم؟ نحن جميعاً ندخل إلى المساجد لنصلي، لكن يقيناً هناك يومٌ ندخل فيه إلى المسجد في نعشٍ ليصلى علينا، فماذا أعددنا لهذا اليوم؟ نحن جميعاً نخرج من بيوتنا واقفين على قدمين بشكل عمودي، لكن في مرة واحدة نخرج من بيوتنا بشكل أفقي في نعش، فماذا أعددنا لهذا اليوم؟.
حاسبوا أنفسكم قبل أن تحاسبوا، وزنوا أعمالكم قبل أن توزن عليكم، واعلموا أن ملك الموت قد تخطاكم إلى غيركم، وسيتخطى غيركم إليكم، فخذوا حذركم.

(( الكَيِّس ))

العاقل، الذكي.

(( مَنْ دانَ نفسَه ))

ضبط أموره، ضبط دخله، ضبط إنفاقه، ضبط بيته، ضبط نسائه:

(( الكَيِّس مَنْ دانَ نفسَه، وعَمِلَ لما بعد الموت، والعاجِزُ مَنْ أتْبَعَ نَفَسَهُ هَواهَا وتمنَّى على الله ))

[ أخرجه الترمذي عن شداد بن أوس ]

لذلك قيل: من حاسب نفسه في الدنيا حساباً عسيراً كان حسابه يوم القيامة يسيراً، ومن حاسب نفسه في الدنيا حساباً يسيراً كان حسابه يوم القيامة عسيراً.
رأى النبي تمرةً على السرير، فقال: يا عائشة لولا أني أخشى أن تكون من تمر الصدقة لأكلتها، تاقت نفسه أن يأكل تمرةً، لكنه خشي من أن تكون من تمر الصدقة.
لذلك قالوا: ركعتان من ورع خيرٌ من ألف ركعةٍ من مخلط.
المخلط الذي خلط عملاً صالحاً بعملٍ سيئ.
أخواننا الكرام، بعضكم يعمل في التجارة، والتاجر عندما تكون حساباته دقيقة يشعر براحة كبيرة جداً، أما إذا كان هناك أخطاء بحساباته، أخطاء بالمستودع، أخطاء بالذمم، تجده مضطرباً دائماً، لذلك المحاسبة مريحة، وعود نفسك أيها الأخ الكريم أن تحاسب نفسك كل يوم، المؤمن الصادق يحاسب نفسه حساباً دقيقاً، لا يسامحها، يتهم نفسه دائماً، يقول أحد التابعين: التقيت بأربعين صحابياً، ما منهم واحدٌ إلا وهو يظن نفسه منافقاً من شدة خوفه من الله، سيدنا عمر ـ عملاق الإسلام ـ جاء لسيدنا حذيفة و قال له: بربك اسمي مع المنافقين؟ قال له: معاذ الله يا أمير المؤمنين! من شدة خوفه من الله.

 

التعريف الدقيق للمحاسبة :

أخواننا الكرام، التعريف الدقيق للمحاسبة، أن تميز ما لك وما عليك، أن تعرف ما لك وما عليك، وأن تؤدي الذي عليك، وأن تطالب بالذي لك، لذلك قالوا: أدِّ الذي عليك، واطلب من الله الذي لك.
هناك حديث أيها الأخوة شهد الله أن الأخ المؤمن إذا استوعبه يمتلئ قلبه أمناً، سيدنا معاذ ابن جبل أردفه النبي وراءه ـ الحديث طويل أقتطع منه فقرةً واحدة ـ قال له: يا معاذ:

(( أتدري ما حقُّ الله على العباد؟ فقلتُ: الله ورسوله أعلم، قال: فإن حقَّه عليهم أن يعبدوه ولا يشركوا به شيئاً، قال: فتدري ما حقُّهم على الله إذا فعلوا ذلك؟ قلت: الله ورسوله أعلم، قال: أن لا يعذِّبَهم ))

[ أخرجه البخاري ومسلم والترمذي عن معاذ بن جبل ]

فأنت حينما تؤدي الذي عليك، من عبادةٍ، من صدقٍ، من أمانةٍ، من إنصافٍ، من ورعٍ، من ضبطٍ لبيتك، لنسائك، لدخلك، لإنفاقك، عندئذٍ أنشأ الله لك حقاً عليه ألا يعذبك، من هنا قال تعالى:

 

﴿ قُلْ لَنْ يُصِيبَنَا إِلَّا مَا كَتَبَ اللَّهُ لَنَا ﴾

[ سورة التوبة الآية: 51 ]

لنا، ليس علينا.

 

آلية المحاسبة :

أخواننا الكرام، آلية المحاسبة أن تخلو مع نفسك كل يوم دقائق، لِمَ فعلت هذا؟ لِمَ تركت؟ لمَ أعطيت؟ لِمَ منعت؟ لِمَ وصلت؟ لِمَ قطعت؟ لِمَ غضبت؟ لِمَ رضيت؟ لِمَ ابتسمت؟ لِمَ عنفت؟ لِمَ ضربت؟ لِمَ حاسبت؟ لِمَ آذيت؟ حاسبوا أنفسكم قبل أن تحاسبوا.
لذلك بطولتك أن تهيئ لربك جواباً، مرة أخ يعمل في عمل حساس جداً، وبإمكانه أن يوقع الأذى بالناس دون أن يُسأل، فمرة قال لي: انصحني؟ قلت له: افعل ما تشاء، وأوقع الأذى بالناس كما تشاء، وزج الناس بالسجن كما تشاء، ولكن لا تنسَ أن تهيئ لربك جواباً عن كل شيءٍ تفعله، بطولة المؤمن أن يهيئ لله جواباً عن كل شيء يفعله.
أيها الأخوة، المؤمن ينصف الناس من نفسه، الآن هناك موضوع دقيق جداً، أحياناً الإنسان يكون بموقع لا يُحَاسب، في البيت الأب يحاسب زوجته، يحاسب أولاده، يحاسب بناته، لكن هو نمطه قمعي، لا يجرؤ أحد أن يحاسبه، الذي يحتاج أن يحاسب نفسه مليون مرة هو الذي لا يحاسب، وزير عنده عدد من الموظفين، لا أحد يجرؤ أن يحاسبه، مدير دائرة، رئيس مستشفى، رئيس جامعة، هناك وظائف أساسها أن صاحب هذه الوظيفة يُحَاسِب، لكنه لا يُحَاسَب فالإنسان إذا كان في موقع لا يُحَاسَب يحتاج إلى هذا الدرس ألف مرة زيادة عن غيره، الإنسان عندما يعرف الله عز وجل يحاسب نفسه حساباً دقيقاً جداً، لذلك يعتذر، يقدم هدية، ترميماً لخطأ ارتكبه، يقول صراحةً: إذا أخطأت حاسبوني.
سيدنا الصديق الإنسان الأول بعد رسول الله، قال: "إني وليت عليكم، ولست بخيركم، إن أحسنت فأعينوني، وإن أسأت فقوموني".
أنا أتمنى على كل إنسان يكون بموقع حساس، بموقع قيادي، يبلغ من حوله صراحةً، إذا ارتكبت خطأ فنبهني.
سيدنا عمر بن عبد العزيز ـ رحمه الله تعالى ـ اختار أحد كبار الشخصيات، اسمه حازم، قال له: كن معي، فإذا رأيتني أخطأت فأمسكني من تلابيبي، وهزني هزاً عنيفاً، وقل لي: اتقِ الله يا عمر.

من كان في موقعٍ لا يُحَاسَب فيه فليُحَاسِب نفسه حساباً عسيراً :

أنا أتمنى أن كل إنسان يكون بموقع قيادي يبلغ من حوله أن حاسبوني، لأنه في الأعم الأغلب لا يحاسب، وإذا كان لا يحاسب، هناك منافقون يمدحونه على خطئه، المنافق يمدح القوي إن أصاب وإن أخطأ، فأكبر إنسان يغش القوي من حوله، يمدحه، ويمدحه، ويصدق، لذلك عود الناس من حولك أن يحاسبوك.
الآن إن وجّه لك إنسان ملاحظة فاقبلها بصدر رحب، واشكره عليها، إن فعلت ذلك شجعت من حولك أن يقدموا لك النصح، والذي يقدم النصح إنسان له أجر كبير، والذي يقبل النصح لا يقل أجره عن أجر من أسدى النصح ، لذلك الذي هو في موقعٍ لا يُحَاسَب، ينبغي أن يُحَاسِب نفسه حساباً عسيراً.
مرة أخ قال لي: أنا عصبي المزاج، وتكلمت زوجتي كلمة أزعجتني كثيراً، ويبدو أن الحكمة لا يقابلها إلا بالقسوة، فصبّ غضبه على ابنه الصغير، ضربه ضرباً مبرحاً، بعدما انتبه ماذا فعل الصغير؟ ما ذنب الصغير؟ قال لي: والله دخلت إلى غرفتي أبكي، ثم ما كان مني إلا أن أخذت ابني الصغير، وقلت له: يا أبتي سامحني، أنا أخطأت بحقك، كلمة سامحني تحل مليون مشكلة، عود نفسك ولو كنت أباً أخطأت مع زوجتك قل لها: سامحيني أنا أخطأت، إذا كان في البيت اعتراف بالخطأ فهذا شيء عظيم جداً، أساساً أي مجتمع الإنسان في هذا المجتمع يعترف بخطئه تحل آلاف المشكلات، قل بصوتٍ جهوري: أنا أخطأت.

(( كُلُّ بَني آدمَ خطَّاءٌ وخيرُ الخَطَّائينَ التَّوابونَ ))

[ أخرجه الترمذي عن أنس بن مالك ]

أما يخطئ ويستعلي، ولا يقبل أن يعترف بذلك، فهذا النوع من الأشخاص لا يحتمل يخطئ ويصر على خطئه.
وقف إنسان ضعيف أمام جبار من جبابرة الأرض ـ أمام الحجاج ـ قال له: " أسألك بالذي أنت بين يديه أذل مني بين يديك، وهو على عقابك أقدر منك على عقابي "
المؤمن يشعر دائماً أن يد الله فوقه، فهذا الشعور يعطيه أدب مع من حوله.

 

أغبى الأغبياء من لا يدخل الله في حساباته :

لذلك أنا أرى أنه كلما كنت ذكياً، وكلما كنت عاقلاً، وكلما كنت موفقاً، تحاسب نفسك حساباً عسيراً، وعلامة المؤمن أنه يرى ذنبه كالجبل جاثماً على صدره، وعلامة المنافق أنه يرى ذنبه كالذبابة، كلما كبر الذنب عندك أيها المؤمن صغر عند الله، وكلما صغر عندك كبر عند الله، هناك علاقة عكسية.
لذلك أقول لكم هذه الكلمات طبعاً من زاوية الذكاء والغباء: أنا لا أرى أغبى من إنسان لا يدخل الله في حساباته، أي هذا الذي هدم آلاف البيوت في غزة، وكان من جبابرة الأرض، والذي كان يتلذذ بالقتل، هذه السنة الرابعة أعتقد أو الخامسة ولم يمت بعد، ونقول: أمدّ الله في عمره، السنة الرابعة لم يمت، شاهدت له صورةً قبل أيام مخيفة، الذي لا يدخل الله في حساباته أغبى إنسان على وجه الأرض، دائماً المؤمن يهيئ لله جواباً عن كل عمل، لو أن الله سألني ماذا أقول؟.
أنت لاحظ كمثل: لو ذهبت إلى بلد مجاور، وفي الحدود وجدت محاسبة غير معقولة على كل بضاعة يأتي به العائد إلى بلده، محاسبة غير معقولة، أحياناً تأتي موجات تشديد كبيرة جداً، فأنت عندما تكون في البلد الثاني كلما شاهدت حاجة، لا تدخل معي، بشكل آلي كلما أعجبتك حاجة بسعر رخيص، تقول: صعب أن تدخل، بحسب ما شاهدت بالذهاب.
فالمؤمن له مثل هذه الحالة، كلما أراد أن يفعل شيئاً، ماذا أقول لله عز وجل عنه؟ لذلك من هو البطل؟ الذي يحاسب نفسه دائماً، يحاسب نفسه لِمَ أعطيت؟ لِمَ منعت؟ لِمَ غضبت؟ لِمَ رضيت؟ لِمَ وصلت؟ لِمَ قطعت؟ لِمَ عنفت؟.

الإنسان مهما فعل فهو في قبضة الله فليتخذ حذره :

أيها الأخوة، قال تعالى دقق في هذه الآية:

﴿ وَالَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا سَنَسْتَدْرِجُهُمْ مِنْ حَيْثُ لَا يَعْلَمُونَ* وَأُمْلِي لَهُمْ إِنَّ كَيْدِي مَتِينٌ ﴾

[ سورة الأعراف ]

كلمة متين في العلوم، هي مقاومة قوى الشد، أمتن عنصر في حياتنا الفولاذ المضفور، التلفريك، المصاعد، الجسور، تُعلق بالفولاذ المضفور، فأمتن عنصر في الأرض هو الفولاذ المضفور، المتانة هي مقاومة قوى الشد، أما القساوة فمقاومة قوى الضغط، أمتن عنصر في الأرض يقاوم قوى الضغط الألماس، وميناء الأسنان تأتي بعد الألماس، أي مكعب الإسمنت، سنتيمتر مكعب إسمنتي يتحمل خمسمئة وخمسين كيلو ضغط، لكن لا يتحمل خمسة كيلو شد، فلابد من إسمنت مسلح، الإسمنت يتحمل السنتيمتر مكعب منه خمسمئة وخمسين كيلو ضغط، تجد بناية مؤلفة من عشرين طابقاً، الأعمدة هكذا حجمها، الإسمنت هكذا خصائصه، لكن لا يتحمل على قوى الشد خمسة كيلو، إذاً لابد من تسليح الإسمنت.
الآن هل فهمنا سرّ هذه الآية؟

﴿ وَأُمْلِي لَهُمْ إِنَّ كَيْدِي مَتِينٌ ﴾

أي هذا الإنسان مربوط بحبل، مهما فعل في قبضة الله، بلمحة خثرة في الدماغ، بلمحة سكتة، فهناك أمراض تأتي فجأةً، لذلك قال عليه الصلاة والسلام في بعض أدعيته:

(( اللَّهمَّ إِني أعوذ بك من زوال نِعْمَتِكَ، وتَحَوُّلِ عافِيَتك، وفُجاءةِ نِقمَتك، وجميع سخطِك ))

[ أخرجه مسلم وأبو داود عن عبد الله بن عمر ]

لذلك لا ينجو الذكي بذكائه عند الله، ولكن ينجو مع الله المستقيم، ذكاؤك لا ينجيك لكن الذي ينجيك من الله استقامتك، هناك تعبير مألوف: مع الله لا يوجد ذكي، لأن الله عز وجل يصل للإنسان من مأمنه، من مكان أمنه، والله عز وجل عنده بكل بلد أدوية، مثلاً هناك بلاد يتمتع الإنسان فيها بحرية فائقة، فهناك أدوية من نوع ثان، وهناك بلاد فيها أدوية من نوع آخر، لكن أينما كنت على وجه الأرض الله عنده أدوية مُرة يؤدب بها عباده.
لذلك ورد أنه:" إذا أحبّ الله إنفاذ أمرٍ، أخذ من كل ذي لبٍّ لبه"، مثلاً يكون الإنسان ذكياً جداً، عبقرياً، إن أراد الله أن يؤدبه سحب منه عقله، ولبه، وذكاءه، ويرتكب حماقة ما بعدها حماقة، وتكون هذه الحماقة سبب دماره، أي مع الله لا يوجد ذكي.

 

خالق السماوات والأرض لا يقبل أحداً إلا إذا كان كاملاً :

هناك نقطة دقيقة جداً: أن القوي أحياناً يحتاج إلى أتباع، لذلك أي إنسان يعلن له الولاء يقبله، هذا شأن الأغنياء، لكن خالق السماوات والأرض لا يقبل أحداً إلا إذا كان كاملاً، لذلك إن صحّ أن نقول: إنه يقع على رأس الهرم البشري الأنبياء والأقوياء، الأقوياء أخذوا ولم يعطوا، الأنبياء أعطوا ولم يأخذوا، الأقوياء ملكوا الرقاب، الأنبياء ملكوا القلوب، الأقوياء عاش الناس لهم، الأنبياء عاشوا للناس، الأقوياء يمدحون في حضرتهم، الأنبياء يمدحون في غيبتهم، والناس جميعاً تبعٌ لقويٍ أو نبي، لذلك أحب الناس الأنبياء، وخافوا من الأقوياء، وبطولة الأقوياء أن يتخلقوا بأخلاق الأنبياء حتى يحبهم الناس، فإذا كنت تابعاً لله فلن يقبلك إلا إذا كنت مستقيماً، أما أي قوي أعلنْ له ولاءك يقبلك، على كل ما في الإنسان من أخطاء.

مشكلة الدين مشكلة خطيرة جداً لأنه متصل ببيت الإنسان و عمله :

أيها الأخوة، الآن سوف أضرب لكم بعض الأمثلة: إذا كان هناك مادة مسرطنة، إن وضعت في هذه البضاعة ترتفع قيمتها، وأنت لم تعبأ بصحة الناس، وضعت هذه المادة وتأذى الناس من جراء هذه المادة، أنا بحسب دعوتي إلى الله أرى أن هذا الإنسان ألغى كل عباداته، من أين جئت بهذا الكلام؟ هناك حديث صحيح، يعزى إلى السيدة عائشة تقول:

(( أبلغي زيد بن أرقم أنه قد أبطل جهادَه مع رسولِ الله صلى الله عليه وسلم ))

[ أخرجه زيادات رزين عن عائشة أم المؤمنين ]

يمكن صلاتك بعمر مديد، وصيامك، وحجك، يلغى كله، عندما تضحي بصحة المسلمين من أجل أن تربح ألوف مؤلفة من مادة غذائية بمادة مسرطنة، تجعل لونها فاتحاً جداً، فأنت بهذا ضحيت بصحة المسلمين، ألغيت كل عباداتك، أحياناً دواء انتهت صلاحيته، و ثمنه مرتفع، يأتي طفل صغير يطلب هذا الدواء، فتحك التاريخ و تقدمه لهذا الطفل، أنا أرى أنك إن فعلت هذا ألغيت كل عباداتك، قضية الدين قضية استقامة، أحياناً مادة مسرطنة، مثلاً يكون هناك أداة طبية احتمال نكستها عشرون بالمئة، لكن معها عمولة عشرة آلاف ليرة، وهناك مادة أخرى نكستها ثلاثة بالمئة، لكن ليس لها عمولة، فيأتي طبيب لو أنه أختار المادة الأولى، أنا أرى أيضاً أنه ألغى كل عباداته.
الدين خطير جداً، الدين ليس في المسجد، الدين في عيادتك، في مكتب المحامي، عندما يقول المحامي للموكل: الدعوى رابحة قطعاً، وهو يعلم علم اليقين أنها لن تربح لكن يمكن أن يسحب منه خمسمئة ألف مثلاً، أنهى عبادته كلها، المشكلة هنا، المشكلة الدين ليس في المسجد، أنت في المسجد تتلقى التعليمات، وتقبض الثمن، أما دينك في بيتك، في عيادتك، في الحقل، الآن هناك مواد مسرطنة، هرمونات، تُرش بها المزروعات، تصبح الثمرة كبيرة جداً، وترضي، وقاسية، وغالية جداً، لكن الهرمونات محرمة دولياً، وأي صيدلية زراعية فيها هذا الدواء تُغلق فوراً، فتأتي هذه المواد مهربة، فمشكلة الدين مشكلة خطيرة جداً، الدين متصل ببيتك، بعملك، بمعملك بمكتبك، بدكانك، وعندما يضحي الإنسان بصحة المسلمين، يضحي بسلامتهم، خسر كل عباداته.

 

عبادة الإنسان تُقبل إن كان مستقيماً وإلا فهذه العبادات لا تقدم ولا تؤخر :

مثلاً يمكن أن يكون هناك مواد أولية انتهت صلاحيتها، هذه لا تباع، لكن هناك طريقة واحدة تباع بها، للمعامل، المعامل تجعلها بضاعة، والأمر اختفى، وهذا المعمل إذا اشترى مادة أولية انتهت صلاحيتها، وبحسم يزيد عن ثلاثين بالمئة من ثمنها، يكون رأسماله قليل ويربح أرباحاً طائلة، هل يعلم أنه خسر كل عباداته؟ هذا طفل مسلم، والده أعطاه عشر ليرات، اشترى حاجة تضره ولا تنفعه، هو ربح أرباحاً طائلة، هذا واقع المسلمين

هناك غش كبير، واحتيال، و مواد مؤذية، بالأفران يوجد مادة يحتاجها الفران، سعر الكيلو خمسون ألفاً، تكفيه سنة، لكن هناك كيلو يعطي التأثير نفسه، لكنه مسرطن، سعر الكيلو خمسة آلاف تقريباً، لو استخدم المادة المسرطنة يكون قد خسر عباداته، أنا هذا الذي أراه، عبادة الإنسان تقبل إن كان مستقيماً، وإلا فهذه العبادات لا تقدم ولا تؤخر.
الآن أيها الأخوة، حتى أنت حينما تؤذي إنساناً إيذاء شديداً، وتحمله على أن يكفر فأنت تحاسب عن كفره، موظف ثلاثة أشهر لم يقبض راتبه، وسأل، فقال له: هذا الحاضر إن لم يعجبك فاترك، ذهبت زوجته لتعمل، لم يقبلها أحد إلا بخلع الحجاب، فقال له: أنا كفرت، من حمله على الكفر؟ صاحب المعمل، وبعد أيام أقام عقد قران بفندق، كلفه قريب المليون، لا تعطي الموظف راتبه وتجعله يكفر، وزوجته لا تقبل بعمل إلا بخلع الحجاب، وأنت تنفق الملايين.
لذلك الله كبير، أنا أحياناً أقول: الله عنده سرطان، عنده تشمع كبد، عنده فشل كلوي، عنده أمراض تدع الحليم حيراناً، كل إنسان ما أدخل الله في حساباته يكون أحمقاً.

الاستماع للدرس

00:00/00:00

تحميل النص

اللغات المتوافرة

إخفاء الصور