وضع داكن
16-04-2024
Logo
رياض الصالحين - الدرس : 089 - حديث من عادى لي وليا فقد آذنته بحرب - التحذير من إيذاء الصالحين والضعفة والمساكين
   
 
 
 بسـم اللـه الرحمـن الرحيـم  
 

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين.

 

تمهيد :


أيها الإخوة؛ لا زلنا في رياض الصالحين, من كلام سيد المرسلين، عليه أتم الصلاة والتسليم، وننتقل اليوم إلى باب: 

التحذير من إيذاء الصالحين، والضعفة, والمساكين, قال تعالى:

﴿ وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا فَقَدِ احْتَمَلُوا بُهْتَاناً وَإِثْماً مُبِيناً (58)﴾

[ سورة الأحزاب ]

حينما يغفل الإنسان عن الله، ويكون قوياً، وقد قال الله عز وجل:

﴿ كَلَّا إِنَّ الْإِنْسَانَ لَيَطْغَى (6) أَنْ رَآهُ اسْتَغْنَى (7)﴾

[ سورة العلق ]

أي: أن رأى نفسه مستغنياً عن الله.

يعني: أنه قوي، وتجارته رائجة، ومكانته كبيرة، أموال بيديه كالتراب، هو يستغني عن الله، ويغيب عنه, أنه في قبضة الله، وربنا عز وجل قال:

﴿ وَأُمْلِي لَهُمْ إِنَّ كَيْدِي مَتِينٌ (45)﴾

[ سورة القلم ]

الكيد: التدبير. 

ربنا من سياسته مع خَلقه, أنه يرخي لهم الحبل، إلى درجة أن الإنسان الشارد عنه, يتوهم جهلاً وحمقاً أنه قوي، ويفعل ما يشاء، ونسي أنه في قبضة الله، فالذي يؤذي المؤمنين والمؤمنات بغير ما اكتسبوا، والذي يحصل أن الله عز وجل له ترتيب.

ففي عصور يقوّي المؤمنين، وفي عصور يضعفهم، ويقوّي الكافرين، فإذا كنا في عصرٍ الكفارُ فيه أقوى، والمؤمنون ضعاف, تجد اللئيم يتطاول على المؤمنين لضعفهم، ويتهيّب المنحرفين لقوتهم، اللئيم مع الأقوى، لا يرحم ضعف الإنسان، يقف باحترام بالغ أمام رجل شرير، ويحتقر ويتطاول على إنسان مؤمن، وقد يسبِّب له متاعب, هو بريء منها، وفي غنى عنها، فالله عز وجل يتوعد هؤلاء، قال تعالى: (وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا فَقَدِ احْتَمَلُوا بُهْتَاناً وَإِثْماً مُبِيناً (58)) أي: مِن عادة الإنسان, إذا كان الشخص ضعيفاً, يزداد عليه قوة.

 

قصص فيها عبر.


حدثني أخ أحسبه الآن صالحاً. 

 

أم أبرموا أمرا فإنا مبرمون.


قال لي: أنا في بلاد, عملي تجاري، ورثت العمل عن والدي، والده كان من كبار تجار الشام، وكان صالحاً.

أنا مرة زرته في العيد, قال لي: أنا عمري تسع وستون سنة، أجريت تحليلات كاملة ، كلها طبيعية.

قال: والله ما أكلت قرشًا حرامًا في حياتي.

ابنه ليس على شاكلة أبيه، قال لي: 

أخذت سيارة، وذهبت إلى البادية لأشتري الصوف، رَاق لي أن أبخس الناس أشياءهم، فأتى بميزان، ووزن الصوف, فكان الوزن ثمانية وثلاثين كيلواً، فيقول له: وزنه ثلاثون وثمانمئة غرام، فهذا البدوي لم يسمع في حياته بالغرامات. 

قال له: والله هذا الميزان زَين، جيد. 

وهو أكل عليه ثمانية كيلوغرامات، ولكن يعطيه الرقم بين الثلاثين, وبعض الغرامات، حتى يوهمه أن الميزان دقيق جداً، فلما انتهى الوزن, عنده إحساس عام, أن هذا الكوم ثمنه فرضاً ثلاثون ألفا، فأعطاه عشرين، قال له هذا البدوي: إن شاء الله تجدها في صحتك إن لعبتَ علي.

يقول لي هذا الشخص: بعد أن قال لي هذه الكلمة خفت، هل أرجع لأعطيه الفرق فأُفضح؟ لا يعطيه، ودعاؤه ليس بينه وبين الله حجاب. 

قال لي: الشيء الغريب، أني مِن مكان شرائي الصوف, أنا في صراع مع نفسي شديد، أرجع، لا أرجع، أعترف له بخطئي، لا أعترف له، أعطيه المبلغ على نحوٍ لا يشعر. 

قال لي: في مكان ما, قرب قرية الضمير, قلت هذه الكلمة: ضعْ بالخرج، ماذا حدث؟. 

أقسم بالله ما إن أتمّ هذا الخاطرَ, حتى رأى نفسه وسط بركة من الدماء، انقلبت السيارة، وتناثر الصوف، ومعه سمن بلدي سال كله، هو جرح جراحاً بليغة، وجاء من أنقذه إلى المستشفى.

هذه القصة تفسيرها, قال تعالى:

﴿ أَمْ أَبْرَمُوا أَمْراً فَإِنَّا مُبْرِمُونَ (79)﴾

[ سورة الزخرف ]

أي: نتركك حتى تضع في الخرج، نحن نريك، وما دام في صراع, فإن الله يعطيه مهلة، أرجع، لا أرجع، أعطي، لا أعطي، ما دام في صراع, فمعه مهلة، فلما قال: ضع في الخرج, قيل له: قف، قال تعالى: (أَمْ أَبْرَمُوا أَمْراً فَإِنَّا مُبْرِمُونَ) أيها الإخوة؛ مليون قصة على هذه الشاكلة، بعدما أخذ الإنسان قراراً, ماذا حدث؟ الله عز وجل كبير.

 

الله عز وجل يمهل ولا يهمل.


سمعتُ عن جريمة في حلب، ربما لا تصدق. 

سحب أحدهم امرأةً على الشرفة، ووضع رقبتها على طرف الشرفة، وجاء بسكين, وذبحها أمام كل الناس، ونزل وسلّم نفسه إلى المخفر.

دخلت أخته الصغيرة إلى جارتها، شربت فنجان قهوة, فيها مخدّر، وأتت بشباب مارسوا معها الجنس، وصوّرتها وهي عارية، وكل جمعة تريها الصور، إما أن تأتي يوم السبت, أو نري الصور لأهلكِ، خافت البنت، ثم قصت الأمر على أمها، والأم قصّت الأمر على أخيها، فما تحمل، أتى بالجارة، ووضع رأسها على الشرفة، وذبحها كما يُذبح الخروف، ثم سلّم نفسه، يمكن أنه حُكِم عليه شهرين، والله أعلم، الله كبير.

أيها الإخوة, أتوسل إليكم, خافوا من الله، فإن الله كبير، أنت في قبضته، فجأة شلل، فجأة ورم خبيث، فجأة إفلاس، فجأة حريق في المحل، إياك أن تأكل حراماً، إياك أن تظلم إنساناً، قال تعالى: (أَمْ أَبْرَمُوا أَمْراً فَإِنَّا مُبْرِمُونَ) .


للمظلوم دعوة مستجابة فاحذر.


أيها الإخوة؛ ثمة رجل, كان جالساً في بيته، وله أخت عمرها خمسون سنة، تهينها زوجته كل يوم، ويضيف إلى إهانة زوجته, أنه هو يهينها، سمعتُ أنها يضربها برجله، ويقول: ائت بكأس ماء، وامرأته الصغيرة جالسة، وابنته جالسة، فقامت وأتت بكأس الماء خوفاً منه، ركب يوماً إلى حلب, في سفر، وقع في حادث، قُطعت رجله التي ركل بها أخته من أعلى الفخذ، ثاني يوم.

أنا ما وجدت إنساناً أحمق مِن الذي لا يخاف الله.

 

إذا لم تدخل الله في حساباتك فأنت أحمق.


زارني اليوم عصراً, شخص ضرير من الحسكة، زوجته معها فشل كلوي، طرق أبواب الناس جميعاً، فلم يلبِّه أحدٌ، هناك انكماش، ثم ذهب على رجل غني، قال له: أنا لا يمكن أن أعمل شيئاً لله، أنا لا أصلي، والرجل الضرير, يحتاج خمسة وعشرين ألفاً، فقال الرجل الغني: هذا المبلغ, فائدته خمسة وعشرون ألفاً، أخذها، زوجته تكاد تموت.

إنسان عمره ستون سنة, يصرّح بلا خجل، بلا حياء، قال له: أنا لا يمكن أن أعمل شيئاً لله، أنا أعطيك خمسة وسبعين، وقّع له سندات، أخذها مئة ألف، قال لي: كنت مضطراً، ماذا أفعل؟ زوجته تكاد تموت.

فهذا الرجل لم يدخل الله في حساباته، أحمق، الله كبير، إنسان يؤذي مؤمناً، يلصق تهمة بمؤمن, وهو بريء منها، بغير ما اكتسبوا، لم يعمل شيئاً.

أيها الإخوة, هناك جرائم كثيرة، يبحث عن أضعف رجل ليلبسه التهمة، فلذلك: من لا يخاف اللهَ أحمقُ، قال تعالى: (وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا فَقَدِ احْتَمَلُوا بُهْتَاناً وَإِثْماً مُبِيناً) .

 

 إن كنت بطلاً لا تحلق بي.


أيها الإخوة؛ أحدهم احتاج إلى ثلاثمئة ألف، يبدو أنه يعرف رجلاً غنياً. 

قال له: تقرضني مبلغ كذا، أكتب لك المزرعة باسمك، ولما يكون المال معي, ترجع لي المزرعة.

المزرعة فيها مسبح وفيلة، هذا أعطاه الثلاثمئة، فكتب المزرعة باسمه، بعد سنتين, صار المبلغ جاهزاً.

وقال له: خذ المبلغ. 

فقال الثاني: كلٌّ منا أخذ حقه, مزرعة ثمنها مليونان، قال له: كلٌّ منا أخذ حقه, لا أريد شيئاً.

صاحب المزرعة من شدة الألم, اشتد به الألم, حتى قضى عليه، أصابته جلطة, فمات على فراش الموت.

طلب من ابنه أن يسير بجنازته مثلاً: البيت في المهاجرين، والمقبرة في الجبل، وخصمه هذا في باب توما فرضاً. 

قال له: امش بالجنازة من المهاجرين إلى باب توما، تمر أمام المحل، وتوقف الجنازة، وتدخل وتسلم له كتاباً، كتب له كتابا فيه: أنا ذاهب إلى دار الحق، فإن كنت بطلا فلا تلحقني. 

يبدو أنه خاف، فأعادها إلى الورثة.

قال له: أنا ذاهب إلى دار الحق، وهناك سآخذ حقي منك، فإن كنت بطلاً فلا تلحقني.

 

قصة رمزية.


قيل: إن ثمة قاضيَ بلدٍ, كان شرّيراً, قاطعَ طريق, مجرماً، فصار قاضياً، وكان مخيفاً جباراً، ومن تقاليد هذه البلدة: أنه إذا مات فيها ميت, مشى في جنازته.

فمرة مات ميت, مشى في جنازته، وهمْ في الطريق, أعطى أمراً: أن ضعوا النعش على الأرض، ارفعوا غطاء النعش، فرفعوه، جاء فكلّم الميت، ومن كثرة جبروته وخوف الناس منه, لم يتجرأ أحد على أن يقول له: ماذا قلت له؟. 

بعد أيام، وكان جالسا مرتاحاً، قال له أحدهم: يا سيدي ماذا قلت له؟. 

قال: قلت له: إذا سألوك عن أحوال أهل الدنيا, فقل: فلان صار قاضياً. 

يفهمون كل شيء، وهو قد كان قاطع طريق، يفهمون كل شيء، وهذه تكفي، إذا صار فلان قاضياً, فهذه تكفي.

 

من علامات آخر الزمان.


والنبي الكريم في حديث عن آخر الزمان ذكر هذا. 

(( فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: سَيَأْتِي عَلَى النَّاسِ سَنَوَاتٌ خَدَّاعَاتُ, يُصَدَّقُ فِيهَا الْكَاذِبُ, وَيُكَذَّبُ فِيهَا الصَّادِقُ, وَيُؤْتَمَنُ فِيهَا الْخَائِنُ, وَيُخَوَّنُ فِيهَا الْأَمِينُ, وَيَنْطِقُ فِيهَا الرُّوَيْبِضَةُ, قِيلَ: وَمَا الرُّوَيْبِضَةُ؟ قَالَ: الرَّجُلُ التَّافِهُ فِي أَمْرِ الْعَامَّةِ ))

كيف بكم, إذا أصبح المعروف منكراً، والمنكر معروفاً؟ كيف بكم, إذا أمرتم بالمنكر، ونهيتم عن المعروف؟

الآن: كم من زوج لا يرضى لزوجته أن تخرج إلا سافرة، بأبهى زينة، وهي زوجته، لا يتركها إلا بهذه الحال، هذا الزمان فيه نصب، احتيال، سرقات.

 

حديث من عادى لي وليا فقد آذنته بحرب.


يقول الله تعالى: (وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا فَقَدِ احْتَمَلُوا بُهْتَاناً وَإِثْماً مُبِيناً) وفي الحديث الصحيح: 

(( عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ, أن رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: قال الله تعالى: مَنْ عَادَى لِي وَلِيًّا, فَقَدْ آذَنْتُهُ بِْحَرْبِ))

[ أخرجه البخاري في الصحيح ]

يقول لك: سأحاربك ((مَنْ عَادَى لِي وَلِيًّا)) أيْ: إنساناً, طيباً, مستقيماً, ضعيفاً، من بيته إلى دكانه، تلبسه تهمة، تلبسه مشكلة, لا علاقة له بها، الله انتقامه شديد.

 

امرأة حمقاء نسيت أن الله سيحاسب.


أحد إخواننا اشترى مع أخته المحامية بيتاً, منذ ثماني عشرة سنة، ودفع أخوها نصف القيمة بالتمام والكمال، وابن هذا الأخ أحد إخواننا.

بعد ما مضت ثماني عشرة سنة, البيت كان ثمنه مئتان وخمسون ألفاً, والآن: صار ثمنه ثمانية عشر مليوناً. 

قالت له: أعطيكم مليوناً وتخرج. 

قال لها: دفعت نصف القيمة, لأنك أختي, ما طالبتكِ بتسجيل اسمي معك. 

البيت في جمعية سكنية، وهي محامية، والبيت باسمها، والأخ دفع نصف ثمنه.

النتيجة والقصة طويلة. 

ذكرها لي تلميذي، بعد سنتين, هذه العمة أخرجت أخوها من البيت، وله أربعة عشر ولداً، نصف الأولاد عند بيت الجد، والنصف الثاني عند بيت الجدة، والأغراض وضعها في مستودع استأجره، والأسرة تشردت، أخت شقيقة من أم وأب واحد، وأنا على اطلاع على القصة يوماً بيوم، لأن ابنه يذكر ما فعلت عمته معهم، ولكن بحسب معرفتي البسيطة بالله, قلت أمامه: ينتظرها أمر قاصم، والله مضى شهر، والولد اسمه أيمن، قال لي: يا أستاذ, عمتي معها سرطان في الأمعاء.

أنا لي صديق, حدث معه هذا المرض، مات بعد سنتين. 

وبعد شهر قال لي: عمتي ماتت، هل يمكن أن تلقي كلمة مستعجلة؟ ذهبت إلى البيت بنفسي، وألقيت كلمة، مَن وريثها الوحيد؟ أخوها، رجع أخوها إلى البيت، وورثها، ولعنها الله، ولعنتها الملائكة, والناس أجمعون ، حمقاء نسيت أن الله سيحاسب، فكلما ازدادت معرفتك بالله يزداد خوفك منه.

 

إذا كان الله معك فمن عليك؟.


أيها الإخوة؛ هل تصدّقون: هرة! ((دخلت امرأةٌ النارَ في هرة حبستها؟))

(( فعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا, أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: عُذِّبَتْ امْرَأَةٌ فِي هِرَّةٍ سَجَنَتْهَا حَتَّى مَاتَتْ, فَدَخَلَتْ النَّارَ، لَا هِيَ أَطْعَمَتْهَا وسَقَتْهَا, إِذْ هي حَبَسَتْهَا، وَلَا هِيَ تَرَكَتْهَا تَأْكُلُ مِنْ خَشَاشِ الْأَرْضِ ))

[ أخرجه البخاري ومسلم ]

فما قولك بما فوق الهرة؟ ((مَنْ عَادَى لِي وَلِيًّا, فَقَدْ آذَنْتُهُ بِحَرْبِ)) .

((  عَنْ أنس بن سيرين قال: سمعت جُنْدَبِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ يقول: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: مَنْ صَلَّى الصُّبْحَ, فَهُوَ فِي ذِمَّةِ اللَّهِ, فَلَا يَطْلُبَنَّكُمْ اللَّهُ مِنْ ذِمَّتِهِ بِشَيْءٍ, فإنه من يَطْلُبْهُ من ذِمَّتِه بشيء يُدْرِكْه, ثم يَكُبَّه على وجهه في نار جهنم ))

[ أخرجه مسلم في الصحيح, والترمذي في سننه ]

واللهِ هذا شيء كبير، خالق الكون يحميك، مَن يقترب منك؟ ((إذا كان الله معك فمن عليك؟)) إذا خالق الكون, أنت في رعايته، وحمايته, وحفظه ((مَنْ صَلَّى الصُّبْحَ, فَهُوَ فِي ذِمَّةِ اللَّهِ, فَلَا يَطْلُبَنَّكُمْ اللَّهُ مِنْ ذِمَّتِهِ بِشَيْءٍ, فإنه من يَطْلُبْهُ من ذِمَّتِه بشيء يُدْرِكْه, ثم يَكُبَّه على وجهه في نار جهنم)) أن تعتدي على إنسان مصلٍّ صائم، يغض بصره، دخله حلال، من بيته إلى دكانه، تعتدي عليه، تبنتز ماله، الله كبير.

ثمة قصص حول هذه المعاني, واللهِ لا تعد ولا تحصى، وكلها واقع، منها:

 

التكبر مع الأذى عقوبته قاسية.


أن رجلاً كان يركب سيارته باتجاه المطار، وبجانبه أخ, القصة حدثت معه، قال لي: انحرف فجأة إلى اليمين، وقطع يدي كلب صغير, جالس على الطرف، والجو ممطر، والبرد شديد، الزفت لونه يمتصّ الحرارة أكثر من التراب، الكلب يحجز عشرين سنتيمتراً، السائق ماهر جداً، استطاع ألاّ يدهسه كله، قطع يديه فقط، قال لي: أنا رأيت المركبة انحرفت فجأةً ورجعت، ماذا حدث؟.

أطلق ضحكة هيسترية، قال له: قطعت يديه فقط.

قال لي: هذه القصة يوم السبت، السبت الثاني في المكان نفسه, ثُقِبت عجلة سيارته، نزل، وأتى بالرافعة الصغيرة، ورفع السيارة، وفك البراغي، سحب العجلة من البراغي, فوقعت الرافعة، ووقعت السيارة على العجلة، والعجلة فوق يديه، أخذوه على المستشفى، تورمت يداه، فقُطعتا، أقسم لي بالله، وهو حي يُرزق, إن هذه الحادثة شهدها بعينه، من السبت إلى السبت، قال تعالى: (أَمْ أَبْرَمُوا أَمْراً فَإِنَّا مُبْرِمُونَ) .

 

إذا أردت أن تكون سعيداً فأسعد الآخرين.


إخواننا الكرام؛ كلما ازداد عقلك ازداد خوفك من الله، المؤمن متأدّب جداً، يخشى أن يسخر من إنسان، يخشى أن يشمت بإنسان، يخشى أن يأكل مال إنسان، يخشى أن يسيء لإنسان، اثنان لا تقربهما: الإشراك بالله، والإضرار بالناس.

أيها الإخوة هذا الباب باب: 

التحذير من إيذاء الصالحين, والضعفة, والمساكين، بالمقابل: يجب أن تكرِّم الصالحين.

كان ثمة رجل, هو من علماء دمشق، له مظهر ديني صارخ، كان مدرساً في مدرسة ابن خلدون، وكنت أنا مدرساً في الهاشمية، أجد يقف كل يوم ينتظر سيارة، أنا معي سيارة، أركبه إلى جانبي، أوصله إلى باب المدرسة تكريماً له، كلما رأيته أوصلته، وأشعر براحة، هذا من أهل العلم، وزيه إسلامي، لا بد أن يأتي بالسيارة إلى المدرسة.

فأنت كذلك كرّم المؤمنين ما استطعت، احترمهم، إذا صعد الحافلة رجل وقور، وليس هناك مكان في الحافلة، هو واقف، والشباب جالسون، ليس هناك أدب.

(( عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: مَا أَكْرَمَ شَابٌّ شَيْخًا لِسِنِّهِ, إِلَّا قَيَّضَ اللَّهُ لَهُ, مَنْ يُكْرِمُهُ عِنْدَ سِنِّهِ ))

[ أخرجه الترمذي في سننه ]

وفي حديث آخر.

(( عن أَبِي مُوسَى الْأَشْعَرِيِّ, أن رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: إِنَّ مِنْ إِجْلَالِ اللَّهِ: إِكْرَامَ ذِي الشَّيْبَةِ الْمُسْلِمِ ))

[ أخرجه أبو داود في سننه ]

ألا تشعر برغبة: أن تُركِب شيخاً وقوراً، توصله إلى بيته؟.

مرة كنت راجعاً إلى البيت في أيام الشتاء، والحرارة ربما كانت خمس درجات تحت الصفر، في يوم قارس، وجدت رجلاً وزوجته معه، ومعهما طفل صغير, ملفوف بثياب، وهم خائفون عليه، واللهِ أوصلتُهم إلى آخر مكان في الشام، شعرت براحة كبيرة جداً.

زوج وزوجته, معهما ابن في برد لا يُحتمل، وهما خائفان على ابنهما، أوصلهما، ولا مانع، إذا كانت لك سيارة, فمعك زكاتها، ومعك زكاة وقتك، عندك خبرة, فزكاة خبرتك، أو لك جاه, فزكاة جاهك، فإن أردت أن تَسعد فأَسعد الآخرين.

والحمد لله رب العالمين

الاستماع للدرس

00:00/00:00

تحميل النص

إخفاء الصور