وضع داكن
24-04-2024
Logo
موضوعات علمية من الخطب - الموضوع : 309 - الفرق بين المرأة والرجل.
   
 
 
 بسـم اللـه الرحمـن الرحيـم  
 

الحمد لله رب العالمين, والصلاة والسلام على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين, اللهم لا علم لنا إلا ما علمتنا إنك أنت العليم الحكيم, اللهم علمنا ما ينفعنا, وانفعنا بما علمتنا, وزدنا علماً, وأرنا الحق حقاً, وارزقنا اتباعه, وأرنا الباطل باطلاً, وارزقنا اجتنابه, واجعلنا ممن يستمعون القول فيتبعون أحسنه, وأدخلنا برحمتك في عبادك الصالحين, أخرجنا من ظلمات الجهل والوهم إلى أنوار المعرفة والعلم، ومن وحول الشهوات إلى جنات القربات .

كيف صممت المرأة في تكوينها, وكيف صمم الرجل في تكوينه, وما الفرق بينهما ؟

أيها الأخوة الكرام, تتميماً لهذا البحث، أنقل لكم رأي بعض العلماء، في الفرق الدقيق المادي والجسمي بين المرأة والرجل .
يقول هذا العالم الطبيب، بعد دراسةٍ طويلة، أثبتها في كتبٍ معتمدة: إن قامة المرأة في جميع الأجناس، أقصر من قامة الرجل، بل إن معدَّل الفرق عند تمام النمو، عشرة سنتيمترات, كذلك الوزن، هيكل المرأة العظمي، أخفُّ من هيكل الرجل العظمي، وتركيب هيكلها، يجعلها أقلَّ قدرةٍ على الحركة والانتقال، وعضلاتها أضعف من عضلات الرجل بمقدار الثلث، لكنّها تفضله بنسيجها الخلوي، الذي يحوي كثيراً من الأوعية الدموية، والأعصاب الحساسة، ونسيجها الخلوي يسمح لها باختزان طبقةٍ دهنيةٍ، وبفضل هذه الطبقة الدهنية، تكون استدارة الشكل .
يزيد مخُّ الرجل عن مخِّ المرأة بمئة غرام، ونسبة مخِ الرجل إلى جسمه واحد من أربعين، نسبة مخِّ المرأة إلى جسمها واحد من أربعة وأربعين، مخُّها أقلُّ ثنيّاتٍ، وتلافيفها أقلُّ نظاماً، أما القسم السنجابي، القسم الإدراكي في المخ فهو أقلُّ مساحةً، لكنَّ مراكز الإحساس، والإثارة، والتهيُّج، أشدُّ فاعليةً بكثير من مراكز الرجل, وتنفُّس المرأة, صدرها ورئتاها أقلُّ سعةً من صدر الرجل ورئتيه، لكنَّ تنفُّسها أسرع من تنفسه، وقلبها أصغر من قلبه، لكنَّ نبضها أسرع من نبضه .
كيف حببت المرأة للرجل, وما هو الرابط العاطفي الذي خلقه الله بين الزوجين حتى تكون العلاقة بينهما وفق ما صمما عليه, وكيف نحمي هذه العلاقة؟
أيها الأخوة, هذه الفروق الدقيقة من حيث القلب، والتنفُّس، ومراكز الإحساس، والدماغ ، ومن حيث الهيكل العظمي، ومن حيث القامة، ومن حيث الوزن، هناك تصميمٌ من عند حكيمٍ عليم، هذا التصميم هو الذي يجعل المرأة كما قلت في مطلع الخطبة: محببةً إلى الرجل، وقد جعلها الله سكناً، وقبل أن أذكر هذه الآية، أذكِّركم بآيتين اثنتين, قال تعالى:

﴿وَمِنْ آيَاتِهِ خَلْقُ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ﴾

[سورة الروم الآية: 22]

﴿وَمِنْ آيَاتِهِ اللَّيْلُ وَالنَّهَارُ﴾

[سورة فصلت الآية: 37]

﴿وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجاً لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ﴾

[سورة الروم الآية: 21]

هذه المودة والرحمة بين الزوجين، هي من خلق الله عزَّ وجل، وهي الأصل في العلاقة الزوجية، فإذا فقدت، فهناك خللٌ خطير، هناك خروجٌ عن تصميم الله عزَّ وجل، هناك خروجٌ عن سنة الله في خلقه .
لذلك, ما من زواجٍ يبنى على طاعة الله عزَّ وجل ولو افتقر إلى معظم مكوِّنات نجاحه ، إلا ويتولّى الله في عليائه، التوفيق بين الزوجين، وخلق المودّة والرحمة بينهما، وما من زواجٍ يبنى على معصية الله، ولو توافرت له كلُّ أسباب النجاح، إلا ويتولّى الشيطان التفريق بينهما، فإذا رأيت في البيت مشكلةً، إن رأيت في البيت خللاً، إن رأيت في العلاقة الزوجية نفوراً، فاتهم نفسك قبل أن تتهم الآخرين، اتهم نفسك بالتقصير، اتهم نفسك بعدم القيام بالواجبات التي أرادها الله منك .
كان الإمام الشعراني رحمه الله تعالى, يقول:

((أنا أعرف مقامي عند ربي من أخلاق زوجتي))

ما هو واجب الزوج اتجاه زوجه وأولاده, وما هو العلم المقدس الذي شرف الله به الأسرة الإنسانية المؤمنة به بسعادتها في الدارين ؟
أيها الأخوة الكرام, ما دام في العمر بقية، وما دام هناك فسحة أمام الإنسان، فعليه أن يصلح ذاته، وعليه أن يصلح أقرب الناس إليه، زوجته، وعليه أن يقي أولاده من النار، بتربيتهم، ونصحهم، وتوجيههم، وحضِّهم على طلب العلم، وهذه المساجد ما بنيت، وما رفعت، إلا ليذكر اسم الله فيها، ليذكر أمره ونهيه، ليذكر حلاله وحرامه، لتذكر مواعظه، ليذكر وعده ووعيده، هذه المساجد كما قال الله عزَّ وجل:

﴿فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللَّهُ أَنْ تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ يُسَبِّحُ لَهُ فِيهَا بِالْغُدُوِّ وَالْآصَالِ * رِجَالٌ لَا تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلَا بَيْعٌ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَإِقَامِ الصَّلَاةِ وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ يَخَافُونَ يَوْماً تَتَقَلَّبُ فِيهِ الْقُلُوبُ وَالْأَبْصَارُ﴾

[ سورة النور الآية: 36- 37]

أذكِّركم أيها الأخوة, أن كلمة رجل في القرآن في الأعم الأغلب، لا تعني الذكر، تعني البطل:

﴿فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللَّهُ أَنْ تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ يُسَبِّحُ لَهُ فِيهَا بِالْغُدُوِّ وَالْآصَالِ * رِجَالٌ لَا تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلَا بَيْعٌ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَإِقَامِ الصَّلَاةِ وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ يَخَافُونَ يَوْماً تَتَقَلَّبُ فِيهِ الْقُلُوبُ وَالْأَبْصَارُ * لِيَجْزِيَهُمُ اللَّهُ أَحْسَنَ مَا عَمِلُوا وَيَزِيدَهُمْ مِنْ فَضْلِهِ وَاللَّهُ يَرْزُقُ مَنْ يَشَاءُ بِغَيْرِ حِسَابٍ﴾

[سورة النور الآية: 36-38]

أيها الأخوة الكرام, إذا انطلقت من بيتك إلى المسجد، فاعلم أنك في ضيافة الله، سوف تزداد علماً، وسوف تزداد قرباً، وسوف تزداد اطمئناناً، وسوف تزداد يقيناً, ومن ترك الجمعة ثلاث مراّتٍ من غير عذرٍ، نكتت نكتةٍ سوداء في قلبه، ثم يكون الران، ثم تلا النبي قوله تعالى :

﴿كَلَّا بَلْ رَانَ عَلَى قُلُوبِهِمْ مَا كَانُوا يَكْسِبُونَ﴾

[سورة المطففين الآية: 14]

أيها الأخوة الكرام, طلب العلم فريضةٌ على كل مسلم، وهل كالمسجد يطلب فيه العلم؟.
هناك علمٌ ممتع، وأيُّ علمٍ ممتع، وهناك علمٌ ممتعٌ نافع، لكنَّ العلم بالله، وعلم أمره ونهيه، علمٌ ممتعٌ نافعٌ مسعدٌ في الدنيا والآخرة، هناك علوم تنتهي عند الموت، أما علوم الدين تبدأ منذ طلب العلم، وتستمرُّ معك إلى أبد الآبدين، العلم الديني, هو العلم الحقيقي، ما كلُّ ذكيٍ عاقل، الذي يعرف الله، ويعرف سرَّ وجوده، وغاية وجوده، هو العاقل .
مرَّ النبي عليه الصلاة والسلام مع أصحابه برجلٍ مجنون، فقال:

((من هذا, وقد سألهم سؤال العارف؟ قالوا: هذا مجنون, قال: هذا مبتلى، المجنون من عصى الله))

دخل إلى المسجد، رأى نسّابةً, سألهم سؤال العارف, قال:

((من هذا؟ قالوا: هذا نسّابة، قال: وما نسّابة؟ قال: يعرف أنساب العرب, فقال عليه الصلاة والسلام: ذاك علمٌ لا ينفع من تعلَّمه، ولا يضرُّ من جهل به))

لذلك كان عليه الصلاة والسلام يدعو, ويقول:

((اللهم إني أعوذ بك من علمٍ لا ينفع، ومن قلبٍ لا يخشع، ومن عينٍ لا تدمع، ومن أذنٍ لا تسمع، ومن نفسٍ لا تشبع))

 

تحميل النص

إخفاء الصور