وضع داكن
19-04-2024
Logo
موضوعات في التربية - الدرس : 049 - الأخلاق الإسلامية5 - صلاة الجماعة.
   
 
 
 بسـم اللـه الرحمـن الرحيـم  
 

 الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين.اللهم لا علم لنا إلا ما علمتنا إنك أنت العليم الحكيم، اللهم علمنا ما ينفعنا، وانفعنا بما علمتنا، وزدنا علما، وأرنا الحق حقاً وارزقنا اتباعه، وأرنا الباطل باطلاً وارزقنا اجتنابه، واجعلنا ممن يستمعون القول فيتبعون أحسنه، وأدخلنا برحمتك في عبادك الصالحين.
 أيها الإخوة الأكارم... لازلنا في موضوع الأخلاق الإسلامية، ومع الدرس الخامس في هذا الموضوع، ومن أبرز هذه الأخلاق الإسلامية الأخلاق المتعلقة بالجماعة، فربنا عزَّ وجل في قرآنه الكريم، وفي بيانه، وفي سنة نبيه هناك توجيهاتٌ دقيقة جداً متعلقة بالأخلاق الإسلامية التي تنطلق من الجماعة، فمثلاً:
 الصلاة هناك حديثٌ صحيح في البخاري ومسلم يؤكد أن صلاة الجماعة تفضل صلاة الفز ـ أي الفرد ـ بسبعٍ وعشرين درجة. سؤال: يا ترى إذا جئت إلى المسجد وصلّيت لماذا أجر هذه الصلاة سبعٌ وعشرون ضعفاً ؟ إذا الصلاة اتصال بالله، صلاتك في البيت كصلاتك في المسجد، ولكن ما حكمة أو ما علَّة أن الله جل جلاله أوحى إلى نبيه هذا الحديث، لأن أحاديث النبي ـ كما تعلمون ـ وحيٌ غير متلو لقوله تعالى:

﴿وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى (3) إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى (4)﴾

 

( سورة النجم )

 لماذا أراد الله عزَّ وجل من خلال سنة النبي صلى الله عليه وسلم أن يؤكد لنا أن صلاة الإنسان في المسجد تعدل سبعاً وعشرين ضعفاً ؟ أنت إذا ربحت بالمائة مائة يختل توازنك، بالمائة سبعة وعشرين ضعف، أي بالمائة ألفين وسبعمائة، قال: لأنك إذا أتيت إلى المسجد رأيت إخوانك، رأيتهم ورأوك، تفقدَّتهم وتفقَّدوك، لعلك تستفيد من بعضهم، قد يكون أخوك في حالٍ أعلى من حالك، قد تكون همة أخيك أعلى من همَّتك، قد تكون حالة أخيك أصفى من حالتك، فبهذا اللقاء، وذاك التواصل، وذاك التفقُّد يتم ما يسمى بالروح الجماعية.
فلذلك تصميم ربنا عزَّ وجل لنا أن نجتمع ؛ لأن الجماعة رحمة والفرقة عذاب، " عليكم بالجماعة، وإياكم والفرقة، فإن الشيطان مع الواحد وهو من الاثنين أبعد، وإنما يأكل الذئب من الغنم القاصية )
 في نقطة مهمة بصلاة الجماعة، أن الإنسان حينما يأتي إلى المسجد، أولاً المسجد هو المكان الطبيعي للصلاة، بالبيت في أولاد، في صياح، في ضجيج، في طعام ينتظرك، في فراشٍ وثير ينتظرك، فالفراش يغريك أن تذهب إليه، والطعام يغريك أن تذهب إليه، وابنك الصغير تلهو به، يغريك أن تبقى معه، لكنك إذا أتيت إلى المسجد ؛ لا صياح، ولا جلبة، ولا ضجيج، ولا شيءٌ من هذا القبيل، فالمسجد هو المكان الطبيعي للصلاة، إذا داومت على صلاة الجماعة في المسجد صار لك إخوان، هناك متعة يجنيها الإنسان من لقائه مع إخوانه، صار لك أصحاب، تأتي إلى المسجد تسألهم عن حالهم، يسألونك عن حالك، ربما تعاني من مشكلة حلها عند أخيك، ربما متضايق أخوك فرَّج عنك هذا الضيق، إذاً لحكمةٍ رائعةٍ رائعةٍ رائعة أرادها الله وبلغنا عنها النبي الكريم هو:

(( أن صلاة الجماعة تفضل صلاة الفذ ـ أي الفرد ـ بسبعٍ وعشرين درجة ".))

 إذاً الله جل جلاله أرادنا أن نجتمع، أرادنا أن نتعاون على البر والتقوى، أرادنا أن نلتقي، أرادنا أن نتواصل.
 حديثٌ آخر في البخاري عن أبي هريرة رضي الله عنه، قال عليه الصلاة والسلام:

 

(( والذي نفسي بيده لقد هممت أن آمر بحطبٍ فيحطب ـ أي يُجْمَع ـ ثم آمر بالصلاة فيأذَّن لها، ثم آمر رجلاً فيؤمَّ الناس، ثم أخالف ـ أي أذهب ـ إلى رجالٍ لا يشهدون الصلاة فأحرِّق عليهم بيوتهم، والذي نفسي بيده لو يعلم أحدكم أنه يجد عَرْقاً سميناً، أو مرماتين حسنتين لشهد العشاء))

 فإذا إنسان مدعو إلى وليمة فيها قطعة لحم، عرقاً أي عظم عليه لحم سميناً، أو مرماتين أي عظمتان بينهما قطعة لحم، لو أنه دعي إلى طعام، إلى شيء يأكله لأسرع، أما إذا دعي إلى بيت الله لماذا يبطئ ؟ فهذا الحديث الثاني في البخاري حديثٌ دقيقٌ جداً.
 لذلك من علامة المؤمن أنه في المسجد كالسمك في الماء، مرتاح، بيت الله، ترتاح نفسه في المسجد، ومن علامة المنافق أنه في المسجد كالعصفور في القفص، لذلك:

 

(( سبعةٌ يظلهم الله تحت ظله يوم لا ظل إلا ظله ـ من هؤلاء السبعة ـ رجلٌ قلبه معلقٌ بالمساجد ))

 يصلي، ويقرأ القرآن، ويذكر، ويتعلَّم أمور دينه.
 اسمعوا الأحكام الفقهية: لو أن أهل بلدةٍ مسلمةٍ تركوا جميعاً صلاة الجماعة، طبعاً صلاة الجماعة أفضل من صلاة الفز بسبعٍ وعشرين ضعفاً، أي مقبول من الإنسان أن يصلي في بيته، لكن صلاة المسجد تفضلها بسبعٍ وعشرين ضعفاً، لكن لو أن أهل بلدةٍ اتفقوا جميعاً على ألا يصلوا صلاة الجماعة، استمعوا إلى حكمٍ فقهي، لو ترك أهل بلدٍ مسلمٍ صلاة الجماعة كان من حق المسلمين تحت لواء قائدهم العام أن يقاتلوهم، المخالفة الفردية مقبولة لأنه في عذر، أما المخالفة الجماعية اتفاق، صار اتفاق على ترك سنة، السنة مَن أتى بها فقد أحسن وأجاد، ومن تركها فقد أساء، أما أن يتركها جميع الناس فهذا تواطؤ على تغيير الدين.
 لذلك المسجد قائم مفتوح فيه صلاة جماعة، نحن لا نحاسب أحد، أما بلدةٌ إسلامية لو ترك جميع أهلها صلاة الجماعة هذا تغييرٌ في الدين، عندئذٍ أهل هذه البلدة يقاتَلوا، أي أن السنن إذا تركت جماعةً إذاً فالعملية خطيرة، عملية تغيير في بُنية الدين.
قال: أعمى لقي النبي صلى الله عليه وسلم، وسأله أن يرخِّص له بالصلاة في بيته، أولاً أذن له، ثم دعاه فقال له:
(( هل تسمع النداء للصلاة ))
 قال: نعم.
 قال: فأجب.

((فالنبي كأنه أذن له مبدئياً ثم أعطاه الأحوط، قال له ))

 

 

: إن سمعت النداء فأجب
 وروى مسلمٌ عن أبي هريرة قال

((أتى النبي رجلٌ أعمى قال: يا رسول الله إنه ليس لي قائدٍ يقودني إلى المسجد، فهل ترخِّص لي في أن أصلي في بيتي ؟ فرخَّص له، فلما ولَّى دعاه قال: هل تسمع النداء للصلاة ؟ قال: تنعم. قال: فأجب))

 حتى الأعمى في حديثين صحيحين النبي كان حريصاً على أن تؤدَّى الصلاة في المسجد، أحياناً تستغرب تجد الفجر فرضاً، نحن نصلي ثلاث صفوف، تجد بناء مؤلفاً من اثني عشر طابق وكل طابق ست شقق، بالثانية مثلها، الثالثة مثلها، الرابعة مثلها، لو أن سكان هذه الأبنية أرادوا أن يصلوا الفجر في جماعة لضاق بنا كل هذا المسجد في طوابقه كلها، تجد ثلاث صفوف أي واحد بالألف تقريباً، مع أنه " مَن صلى الفجر في جماعة فهو في ذمة الله ".. و " ابن آدم لا تعجز عن ركعتين قبل الفجر أكفك النهار كله ".. " ولو يعلم الناس ما في العتمة والصبح لأتوهما ولو حبواً ".
 فسبحان الله عندما يكون في لقاء مع الإخوان في الجامع، تكون نائم الساعة الواحدة، تجد نفسك في الثالثة والنصف استيقظت، إخواني ينتظروني، متواعدين معاً نكون في المسجد، طبقوا هذه الطريقة، ليكن هناك لقاءات، طبعاً بالمسجد القريب من بيتكم، " صلاة الفجر في جماعة مع ذكر الله حتى تطلع الشمس بمثابة حجةٍ وعمرةٍ تامتين تامتين تامتين " إذا الإنسان تعود يصلي الفجر في جماعة ويذكر الله عزَّ وجل، إما أن يتلو كتاب الله، وإما أن يستغفر، وإما أن يهلل، وإما أن يكبِّر، وإما أن يسبِّح، وإما أن يذكر اسم الله المفرد ( الله، الله ) وإما أن يفكِّر في ملكوت السماوات والأرض، يعني جلسة مع الله، إذا أديت هذه الجلسة حتى شروق الشمس ثم أعقبتها بصلاة الضحى كتبت لك حجةٌ وعمرةٌ تامتين تامتين تامتين، ومعنى مَن صلى الفجر في جماعة كان في ذمة الله، واحد يقول لك: ابن دولة إذا كان يرتدي ثياب رسمية، إذا إنسان تهجَّم عليه فالعقاب مضاعف، يقول لك أثناء مهمته يا أخي، أنت لما تكون مصلي الفجر في جماعة صرت من أهل الله، " من أذى لي ولياً فقد آذنته بحرب "..

 

﴿إِنَّ أَوْلِيَاءَ اللَّهِ لَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ (62)﴾

 

 

( سورة يونس )

 ولكن هل هناك دليل أقوى من كل هذه الأدلة على صلاة الجماعة ؟ أول حديث في البخاري:

 

(( صلاة الجماعة تفضل صلاة الفز بسبع وعشرين درجة ))

 ثاني حديث:

 

 

((. ثم أخالف إلى رجالٍ لا يشهدون الصلاة فأحرق عليهم بيوتهم ))

 النبي لا يفعلها، ولكن هذا الحديث لبيان عظم صلاة الجماعة.
دليل ثاني قوي: الأعمى الأول والثاني قال له: هل تسمع النداء ؟ قال: نعم. قال: فأجب. هل هناك دليل أقوى من هذه كلها في القرآن تذكرونه ؟

 

 

﴿وَارْكَعُوا مَعَ الرَّاكِعِينَ (43)﴾

 

 

( سورة البقرة )

﴿وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ (119)﴾

 

( سورة التوبة )

﴿حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلَاةِ الْوُسْطَى﴾

 

( سورة البقرة: من آية " 238" )

هناك أقوى..

﴿وَأَقِمِ الصَّلَاةَ لِذِكْرِي (14)﴾

( سورة طه )

رهل هناك وضع أخطر أخطر، في ظرف عصيب كأن تقاتل عدو ؟ الإنسان هنا في بلده مطمئن، بيته، عمله، أما أنت في ساحة معركة ؛ حياة أو موت، روحك على كفك، قال تعالى:

﴿وَإِذَا ضَرَبْتُمْ فِي الْأَرْضِ فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَقْصُرُوا مِنَ الصَّلَاةِ إِنْ خِفْتُمْ أَنْ يَفْتِنَكُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا إِنَّ الْكَافِرِينَ كَانُوا لَكُمْ عَدُوّاً مُبِيناً (101) وَإِذَا كُنْتَ فِيهِمْ فَأَقَمْتَ لَهُمُ الصَّلَاةَ فَلْتَقُمْ طَائِفَةٌ مِنْهُمْ مَعَكَ وَلْيَأْخُذُوا أَسْلِحَتَهُمْ﴾

( سورة النساء )

 يعني الصلاة في أشد الظروف خطورةً تصلَّى جماعة، صلاة الحرب، فريقٌ يقف يحرس، وفريقٌ يسجد مع رسول الله، ويأتي الذي لم يصل فيصلي، صلاة الخوف وأنت في الحرب تؤدى جماعةً، العلماء قالوا: هذا من أقوى الأدلة، لأنه في خطر داهم، وفي قلق شديد ومع ذلك ما فرَّطنا في صلاة الجماعة، قد يقول قائل: في الظرف العصيب كل واحد يصلي لحاله، واحد واحد، لا، ونحن في الحرب نصلي صلاة الجماعة.
 سؤال: هذه الصلوات الخمس تقريباً للأحياء، كل حي له مسجد تؤدَّى فيه الصلوات الخمس، لكن صلاة الجمعة أوسع، في عندنا مصلى في كل حي، وفي عندنا جامع، المصلى غير الجامع، أي مكانٍ يصلى فيه فهو مصلى، أي مكان يسجد فيه لله عزَّ وجل فهو مسجد، لكن ما كل مسجدٍ جامع، الجامع تقام فيه صلاة الجمعة، صلاة الجمعة أوسع، أي مثلاً لو فرضنا في حيّ فيه خمس مساجد، وفي أحد المساجد يتَّسع لأهل الحي كلهم، صلاة المصلين في المساجد الصغيرة باطلة، من أجل اجتماع كلمة المسلمين، بالضبط أقول لكم.
مثلاً: أي حي من أحياء دمشق، لو أن هناك جامع يتسع لسكان الحي جميعاً، إذاً لابد من أن يصلوا جميعاً في مسجدٍ واحد لتتوحد كلمتهم، صار المسجد غير الجامع، المسجد كل مكانٍ يسجد فيه، لكن الجامع المسجد الذي تقام فيه صلاة الجمعة ـ أوسع ـ
 سؤال: أما خطر في بالكم لماذا سنَّ النبي صلى الله عليه وسلم أن نصلي صلاة العيدين في المصلى لا في المساجد ؟ السنة أن تصلى صلاة العيد في العراء، ما الحكمة من ذلك ؟ كل مسجد تؤدى فيه خطبة العيد، المفروض أن يجتمع مسلمون هذه البلدة كلهم في هذا المكان، كأن الإسلام حريص أن يجمع أكبر عدد ممكن، مقبول أن تصلي خمس أوقات في المسجد، لكن صلاة الجمعة لا تؤدى إلا في الجامع، وصلاة العيد ؛ الفطر والأضحى لا تؤدى إلا في العراء في المصلى، نختار مكان يتسع لمائة ألف، نحن ما عندنا في الشام جامع يتسع لمائة ألف، يجوز الجامع الأموي يتسع لخمسين ألف، أما لمائة ألف، الآن أهل الشام خمس ملايين، افرض النساء نصفهن اثنين ونصف مليون، نريد مكان يسع لمليون إنسان، هكذا السنة، والقصد أن الإنسان يكون مشدود لأخوه المؤمن، ما يكون في تفرقة.
في شيء آخر، والآية الكريمة:

 

﴿إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ﴾

 

( سورة الحجرات: من آية " 10 " )

 فيها هذه الآية دقائق دقيقة، ما دقائقها ؟ ماذا نفهم من كلمة (إنما) ؟ أداة قصر، ولكن ماذا تعني ؟ إعرابها كافةٌ ومكفوفة، ( إن ) حرف مشبه بالفعل ينصب ويرفع، فجاءت (ما) فكفته عن العمل، فـ (الما) كافة، والـ ( إن ) هذا إعرابها، لكن معناها ؟ أنا أريد بالضبط ماذا تعني كلمة (إنما) بالآية

 

﴿إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ﴾

 قصرت الإيمان على الأخوَّة، سؤال لو قلت: إنما شوقي شاعر، أو إنما الشاعر شوقي، ما هو الفرق بينهما ؟ فرق كبير جداً، لأنني لو قلت: إنما شوقي شاعر، إذاً شوقي فقط شاعر، لا كاتب، ولا حقوقي، ولا تاجر، فقط شاعر، أما إذا قلت: إنما الشاعر شوقي، لا في حافظ إبراهيم، ولا في محمود سامي باشا البارودي، ولا في شاعر آخر بالعالم العربي، إذا قلت: إنما الشاعر شوقي معنى هذا ما في شاعر آخر، إذا قلت: إنما شوقي شاعر أي شوقي ما له عمل آخر، بالتعبير الآخر مفهوم أننا قصرنا شوقي على الشعر، أما في الثاني نقول: قصرنا الشعر على شوقي..

 

 

﴿إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ﴾

 هنا ما قصرنا الأخوة على المؤمنين، بل قصرنا الإيمان على الأخوّة، يعني دققوا في التفسير الدقيق: ما لم تكن، ما لم تشعر بأخوَّتك لكل المؤمنين فلست مؤمناً، لا تكون مؤمناً إلا إذا شعرت بهذه الأخوَّة، هذا معنى (إنما) من قال التركيب الإسمي ؟ ما معنى إسمي ؟ تفيد الثبات، الفعل يفيد الحدوث الطروق، دخل فلان، دخل مرة واحدة وجلس، أكل فلان، نام فلان، لكن إذا قلت: فلانٌ مخلصٌ، إذا قلت: أخلص فلان في تجارته، عمل صفقة واحدة وأخلص فيها وانتهى الأمر، أما فلانٌ مخلصٌ في تجارته يعني إخلاصه دائم، التركيب الإسمي يفيد الثبات والاستمرار، إذاً:

 

 

﴿إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ﴾

 قصرنا الإيمان على الأخوة، وأشعرنا أن الأخوة الإيمانية ثابتة ومستمرة.
 هل هناك نقطة ثالثة بالآية: الأخ الصديق جمعها إخوان..

 

 

﴿ كُنْتُمْ أَعْدَاءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ بِنِعْمَتِهِ إِخْوَاناً﴾

 

( سورة آل عمران: من آية " 103 " )

 فالإخوان جمع أخ، يعني أخ صديق، أم الأخ النسبي جمعه إخوة..

 

﴿وَإِنْ كَانُوا إِخْوَةً رِجَالاً وَنِسَاءً فَلِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ﴾

 

( سورة النساء: من آية " 176" )

 فالإخوة نسباً، الإخوان صداقةً، فربنا عزَّ وجل رفع مستوى أخوة المؤمنين إلى مستوى الأخوة النسبية، من (إنما) في حكم، ومن الأخوة النسبية في حكم، ومن التركيب الأسمى في حكم.
الثالثة:

 

﴿فَأَصْلِحُوا بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ﴾

 

(سورة الحجرات: من آية " 10 " )

 هذا هو الأصل، الأصل هذه المودة، وتلك المحبة، وهذا التعاطف، وتلك المشاركة، هذا هو الأصل، فإذا كان الأمر على خلاف ذلك نبقى ساكتين، نبقى مكتفين، نتفرج على خصومةٍ بين أخوين ؟ قال:

 

﴿فَأَصْلِحُوا بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ (10) ﴾

 والله هذه الآية وحدها يا إخوان إذا فهمناها حق الفهم لكنا في حالٍ آخر، أيُّ إنسانٍ لا يشعر بهذه الأخوة مع مجموع المؤمنين لا مع فئةٍ خاصة، وأي إنسان لا تكون هذه الأخوة في حياته استمراراً وطبعاً ثابتاًَ، عندئذٍ لا يكون مؤمناً.
 هل عندنا دائرة أوسع ؟ بالمناسبة

 

(( لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه ". من هو أخوك ؟ أخوك بالإنسانية وليس بالإيمان، لأن النبي الكريم قال:" حتى يحب لأخيه ))

( من الأذكار النووية:عن " أنس " )

 والمطلق على إطلاقه، إذا قلنا: يحب لأخيه، أوسع دائرة يعبَّر عنها بكلمة أخيه في الإنسانية، لذلك لو كان إنسان غير مسلم وأحببت له خلاف ما تحب لنفسك فلست مؤمناً، الآن بالبيع والشراء يقول لك: هذا لبسَّنا البضاعة له، لما أنت تغش وتقول: هذا ليس مسلم وهو ماله مباح لنا. مَن قال لك ذلك ؟ ماله مباحٌ لك في ساحة الحرب فقط، إذا أنت تحاربه، صار في غنيمة، لكن في السلم ماله ليس مباح لك، كثير من التجار إذا رأوا شخص غير مسلم، يقول لك: أجرمه، ماله حلال. هذا كلام كله جهل، والآية التي بين أيديكم:

 

﴿وَلَا يَجْرِمَنَّكُمْ ﴾

 الخطاب لمَن ؟ للمؤمنين..

 

 

﴿وَلَا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ ﴾

 ما هو الشنئان ؟ أشد أنواع البغض، الشنئان ليس بغضاً فقط بل أشد أنواع البغض يقال له شنئان..

 

 

﴿وَلَا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ ﴾

 المؤمن مَن عدوه ؟ الكافر، فيعني أيها المؤمن إن رأيت كافراً تكرهه كراهيةً شديدة، لا تحملك كراهته الشديدة على أن تظلمه، إذا توهَّمت أيها المؤمن أنني أرضى عنك إذا ظلمت الكافر الذي يكفر بي ويعاديني، إذا توهَّمت أنني أرضى عنك حينما تظلم كافراً فأنت مخطئ..

 

 

﴿اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى وَاتَّقُوا﴾

 

( سورة المائدة: من آية " 8 " )

 اعدلوا مع مَن ؟ مع هذا الكافر العدو اللدود. اليوم مرَّ معنا بالفجر حديث أن أفضل أنواع الصدقة أن تقدمها لقريبٍ كاشح، معنى كاشح أي ممتلئ عداوة وبغضاء لك، فلماذا ؟ دائماً في بالأقرباء حساسة، إذا واحد ماديته جيدة، في له أقرباء يحسدوه، يحقدوا عليه، أفضل صدقة أن تقدم هذه الصدقة لعدوٍ قريب، لعله بهذه الصدقة يحبك حفاظاً على وحدة المؤمنين، لقريب كاشح، قريب في حساسة بينك وبينك، في نقد، في حسد أحياناً، في حقد، هذه عند الله لها فضلٌ كبير لأنها ربما أذابت من نفسه هذا الحقد، ربما أذابت هذه الكراهية، ربما أذابت هذا الألم، إذاً أوسع دائرة الأخوة الإنسانية..

 

﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوباً وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ﴾

 

( سورة الحجرات: من آية " 13 " )

 سؤال: ما الذي يجعل المؤمن يحب المؤمن ؟ هو الله عزَّ وجل، ولكن الله عزَّ وجل قنن قوانين، وسن سنن، ووضع مبادئ، أي بحسب المبادئ التي خلقها الله عزَّ وجل، في نقاط مشتركة، المؤمنون يعتقدون عقيدة فكرية واحدة، أنت إذا اعتقدت أن الله عزَّ وجل ما له علاقة بالأحداث هذه، تتضايق، فما هذا الكلام ؟ الله ما دخله، الله خلق وترك العباد، إذا جلست مع إنسان وأعطاك هذه العقيدة هل تقبلها أنت منه ؟ إذا الله خلق الخلق وتركهم، الآن أوروبا كلها يقولون: الله خلاَّق ولكن ليس فعَّال، أعطى كل شيء قوام وترك الناس يشتغلوا، فهم بحسب عقيدتهم القوي يأكل الضعيف، ما في مانع، أما الله عزَّ وجل عند المسلمين خلاقٌ وفعال..

 

﴿وَهُوَ الَّذِي فِي السَّمَاءِ إِلَهٌ﴾

 

(سورة البقرة: من آية " 84 " )

 أنت لو جلست مع إنسان عقيدته غير صحيحة هل ترتاح له ؟ هل تقدر تنسجم معه ؟ هل من الممكن تقيم معه علاقة حميمة ؟ إذاً ما الذي يدعوك إلى حب أخيك المؤمن ؟ أنه يعتقد ما تعتقد، ويؤمن بما تؤمن، ويستسلم لما تستسلم، أول شيء: الالتقاء الفكري على عقيدة واحدة.
 الشيء الثاني: الالتقاء النفسي على عاطفة واحدة، الذي يهز مشاعرك يهز مشاعره، الذي تتمناه يتمناه، الحقيقة توافق المبادئ توافق المشاعر، صار في توافق مبادئ، أي قناعاتك كقناعاته، مشاعرك كمشاعره، يقول لك مثلاً: والله كان معنا بالعسكرية، فلماذا هذه المودة الزائدة ؟ صار في ضغط، وبهذا الضغط أصبحت المشاعر مشتركة، الآلام وحَّدت..

 

لمَّت الآلام منَّا شملنا  ونمت ما بيننا من نسب
* * *

 الآلام تجمع، المشاعر الواحدة تجمع، فسر الأخوة بين المؤمنين أن العقائد واحدة والمشاعر واحدة، وفوق ذلك السلوك موحَّد، مؤمنين ماشين بالطريق، مرت فتاة، فهل من المعقول واحد يبحلق فيها والثاني يغض بصره ؟ لا، تجد الاثنين يغضوا بصرهم، والله شيء جميل ! اثنان وقفوا على باب صديقهم كيف يدقوا الباب ؟ هل يدق الباب ويفتح عينه على الباب؟ لا، بل يعطي ظهره للباب، تجد السلوك واحد، الحياء مشترك، الخجل مشترك، الأدب مشترك، الإنصاف مشترك، التؤدة مشتركة، يمشون على الأرض هوناً، فالعقيدة واحدة، مشاعر واحدة، سلوك واحد، في مرجع واحد، فلو فرضنا اختلفوا القرآن حكمٌ بينهم جميعاً، في مرجع واحد، فلذلك سر هذا اللقاء ؛ عقيدة مشتركة، مشاعر مشتركة، سلوك مشترك، مرجع واحد مشترك، لذلك:

 

 

﴿لَوْ أَنْفَقْتَ مَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعاً مَا أَلَّفْتَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ﴾

 

( سورة الأنفال: من آية " 63 " )

 أنا كثيراً ما دعوتكم إلى أن يتآخى أحدكم مع أخيه، أو أن تتآخوا اثنين اثنين، أنت لازم تصطفي أخ من إخوان المسجد تقول له: أنت أخي في الله حقاً، كلمة أنت أخي في الله هذا عهد، أي أنا معك على السرَّاء والضرَّاء، أنا لا أنساك، ولا أتخلى عنك، ولا أنسى تفقُّدك، ولا أنسى متاعبك، متاعبك متاعبي، مشكلاتك مشكلاتي، آلامك آلامي، أفراحك أفراحي، نجاحك نجاحي، إخفاقك إخفاقي، أخٌ كريمٌ صادقٌ صدوق في الحياة قد ينسيك كل متاعب الحياة.
 أنا أشعر أحياناً أن بعض إخواننا في علاقات مودة بالغة فيما بينهم، أحس أن هذه العلاقات ضمانة كبيرة على استمرار إيمانهم، لأن الإنسان لوحده أحياناً ينتكس، أحياناً واحد يكون شعوره أنه لحاله، تأتيه مشكلة فوق طاقة تحمله ينتكس، أما لو في أخ له ويسأله: أين كنت اليوم ؟ فيحكي له همه، يقول له: غلطان، عندما يكون لك أخ محب، وأنت أخذت خط غير صحيح، وانحرفت بك العقيدة، أو السلوك، أو المشاعر صار في عندك حقد، أو صار في عندك ضيق، أخوك يفرِّج عنك، فأنا والله أتمنى من كل قلبي أن نقلِّد سنة النبي الكريم حينما هاجر هو وأصحابه الكرام للمدينة المنورة فقد

(( جعل جعفر بن أبي طالب ومعاذ بن جبل أخوين، وجعل أبا بكرٍ وخارجة بن زيدٍ أخوين، وجعل حمزة بن عبد المطلب وزيد بن حارثة أخوين، وجعل عمر بن الخطاب وعثمان بن مالك أخوين، وجعل عبد الرحمن بن عوف وسعد بن الربيع أخوين))

 قال له سعد بن الربيع: يا أخي عبد الرحمن عندي بستانان خذ واحداً منهما، وعندي حانوتان خذ واحداً منهما. قال له سيدنا عبد الرحمن: بارك الله لك في مالك ولكن دلني على السوق. واحد وقف في أعلى موقف في تضحية، والثاني أعلى موقف فيه تعفف، والله أنا مرة عملتها مع أخ ضاقت به الأمور فقلت له: والله نصف راتبي لك، هذا أقل شيء تقدمه لأخوك، إذا ما قدَّمنا لبعضنا فما قيمة هذا الانتماء ؟ أنت منتمي إلى أشرف دين، منتمي أعلى أعظم نبي، منتمي إلى دين الحق، إذا ما ظهر منك هذه التضحيات ما قيمة هذا الدين ؟ والله أنا أشعر بسعادة لا توصف حينما أرى إخواني متحابين، متكاتفين، متزاورين، متجالسين، يؤثر بعضهم بعضاً، ربنا عزَّ وجل قال:

 

﴿وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ﴾

 

( سورة الحشر: من آية " 9 " )

 أخ من إخواننا حكى لي أنه ساكن في بيت، وأخوه أشد حاجة إلى البيت منه، أخوه يريد الزواج، فقال له: تعال اسكن مكاني، مَن يعطي بيت لإنسان الآن ؟ ولكن والله الأول لن يضيع عند الله عزَّ وجل، فهذا الشرط، الشرط ذلك الدين القيم.
حديثٌ شريف، يقول عليه الصلاة والسلام:

 

((لا تصاحب إلا مؤمناً، ولا يأكل طعامك إلا تقي))

 نكتة مرة صارت، ضمن عملي قديماً من قبل عشرين سنة تقريباً، كان في عرف أنه كل واحد يعزم المدرسين على طعام فطور، يأتي دوره بالشهرين مرة، ففي أخ كريم خطيب مسجد وأستاذ لغة عربية، أتى بأكل طيب كثير، واعتنى بنا كثير، وخبز بلدي، وحاجات، وفي واحد من مذهب لا إله، قال له: والله بدك تأميم أنت يا أستاذ على هذه الأكلات الطيبين، فأنا قلت له رأساً: يا أستاذ فلان النبي ما قال لك لا يأكل طعامك إلا تقي ؟ أرأيت كيف أنك أطعمته فحسدك على ما عندك ؟! دائماً المؤمن يفرح لك. واحد دخلت لبيته فأكرمك، فستدعو له: الله يزيدك من فضله، أما غير المؤمن يحسدك، المؤمن يفرح لك.
 فالنبي الكريم قال حديث رائع، روى أبو داود والترمذي عن أبي سعيد الخدري، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:

 

 

(( لا تصاحب إلا مؤمناً، ولا يأكل طعامك إلا تقي ))

 لما يدخل لبيتك مؤمن وتطعمه، تشعر أنك أنت تتغذى، لأنه مؤمن أكرمته بالطعام، لأن إطعام الطعام من السنة، أخ مسافر، عشيته، غذيته، جعلته ينام عندك، شيء رائع جداً لكن لا ترتاح لغير المؤمن..

 

 

(( لا تصاحب إلا مؤمناً، ولا يأكل طعامك إلا تقي ))

 الحديث الثاني: رواه ابو داود والترمذي بإسنادٍ صحيح عن أبي هريرة أن النبي قال:

 

 

(( الرجل على دين خليله فلينظر أحدكم مَن يخالل ))

 أنت مع مَن تنسجم ؟ مع مَن تقعد خمس ساعات ولا تقول أف الوقت الساعة واحدة ؟ مع من تقعد هذه القعدة ؟ مع أهل الدنيا ؟ مسكين، مع أهل الله ؟ فهنيئا لك، إذا ممكن تقعد مع أهل الله خمس أو ست ساعات سهرة ولا تشعر بالوقت إطلاقاً، والله كثيراً نكون قاعدين مع إخواننا أقول أن الساعة الحادية عشر، فأخرج فأجدها الواحدة صباحاً، الخطأ ساعتان، في انسجام، اقعد مع أهل الدنيا تجد نفسك في خلال ربع ساعة تغلي غليان، لأنه كلام فاضي، لأن حكيهم كله غلط، كلامهم فيه شرك، أو فيه كبر، أو فيه فخر، أو فيه استخفاف بالناس، أو في غيبة، أو في نميمة، أو في شعور بالحرمان، شعور بالقهر، هذا كله كلام الناس، لذلك تجد المؤمن عندما يجلس مع غير المؤمن يتثاءب، يمل، يريد فقط يمشي، ويقول: اسمحوا لي. أخي والله الآن أتيت ؟ أخي والله عندي موعد ولا أستطيع، مع غير المؤمن لا يستطيع يقعد معه، انظر الحديث ما أجمله

 

(("لا تصاحب إلا مؤمناً... ))

 عندما تجلس مع واحد خمس أو ست ساعات مع مَن ؟ قل لي مَن تصاحب أقل لك مَن أنت.

((" المرء على دين خليله فلينظر أحدكم من يخالل ))

 أنا يا إخوان أتمنى عليكم العلاقات الحميمة لا ينبغي أن تعقدها إلا مع المؤمن، أما علاقات العمل هذه مفروضة عليك فرض، لأنه ممكن يكون لك رئيس في عملك، رئيس دائرة أنت لا تعجبك أخلاقه، وهذا لا يهم، أنت أدِ ما عليك، احترمه بحكم أنه أعلى منك، وأخلص بعملك، وأدِ واجبك، أما علاقات حميمة لا أعقدها إلا مع أخي المؤمن لأنه في انسجام بالعقيدة، وبالمشاعر، وبالسوك، وبالمرجع، أما غير المؤمن تجد دائماً معه بإحراجات، بمفاجآت، بمطبات دائماً.
الحديث الأخير: روى البخاري ومسلم عن أبي موسى الأشعري أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:

 

(( إنما مثل الجليس الصالح وجليس السوء كحامل المسك ونافخ الكير، فحامل المسك إما أن يحذيك وإما أن تبتاع منه، وإما أن تجد منه ريحاً طيباً، ونافخ الكير إما أن يحرق ثيابك، وإما أن تجد منه ريحاً منتناً))

 فالمؤمن إن سكت نفسه طيبة، يقول لك: والله ارتحت، وهو ما حكى ولا كلمة، لما أنت زرته صار في اشتباك نفوس فارتحت، أولياء أمتي إذا رؤوا ذكر الله بهم، إن حدثك تستفيد من حديثه، إن عاملك حقاني وكريم، تعاملت معه تستفيد مادياً، إن جالسته ترتاح نفسياً، إن حدثته علمه يفيدك، فلذلك كن مع الجليس الصالح.
 الملاحظة أن كل هذه التوجيهات توجيهات اجتماعية، فمؤمن منسحب من المجتمع هذا لا يكون، مؤمن بعيد عن مشكلاته لا يكون، الأنبياء..

 

 

﴿لَيَأْكُلُونَ الطَّعَامَ وَيَمْشُونَ فِي الْأَسْوَاقِ﴾

 

(سورة الفرقان: من آية " 20 " )

 فالتعامل مع الناس وفق قواعد الشرع هذا يؤدي إلى توسُّع دائرة الدين، فكلما كنت متفوقاً في معاملتك للناس، منضبطاً وفق الشريعة، عندئذٍ يدخل الناس في دين الله أفواجاً.
 وفي درسٍ قادمٍ إن شاء الله نتابع هذه الموضوعات التي أعلِّق عليها أهمية كبيرة لأن: " المسلم أخو المسلم لا يظلمه، ولا يخذله، ولا يسلمه، ولا يحقره ".. و " الله في عون العبد ما كان العبد في عون أخيه

تحميل النص

إخفاء الصور