وضع داكن
20-04-2024
Logo
آفاق إسلامية - الندوة : 1 - مفهوم الدعوة بالطرق الحديثة عبر الإعلام والانترنيت
رابط إضافي لمشاهدة الفيديو اضغط هنا
×
   
 
 
 بسـم اللـه الرحمـن الرحيـم  
 

مقدمة :

بسم الله الرحمن الرحيم ، الحمد لله رب العالمين ، وأفضل الصلاة وأتمّ التسليم على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين .
حياكم الله وأهلاً ومرحباً بكم في هذه الحلقة الجديدة من برنامج آفاق إسلامية ، حديثنا في هذا اليوم سيكون بحول الله تعالى وقوته ، سيكون عن الدعوة إلى الله في الانترنيت ، وإن شئنا بتعبير آخر قلنا : الدعوة إلى الله عن طريق وسائل الإعلام بمختلف جوانبها المرئية والمسموعة ، ولكن أكثرها تأثيراً في عالمنا اليوم هو الانترنيت .
ويعتبر الانترنيت هو الوسيلة الأكثر نمواً ، والأسرع نمواً في عالمنا اليوم ، لا بل بتاريخ البشرية كلها ، ففي حين احتاج الراديو إلى ثمانية و ثلاثين عاماً من أجل الوصول إلى خمسين مليون مستخدم ، فقد احتاج التلفاز إلى ثلاثة عشر عاماً للوصول إلى الرقم نفسه ، أما بالوصول إلى الانترنيت فإنه احتاج فقط إلى خمسة أعوام ، وعندما وصل الأمر كان الوصول إلى خمسمئة مليون مستخدم ، وتقدر الإحصائيات الحديثة بأن أكثر من ثمانمئة مليون مستخدم باليوم يستخدمون الانترنيت بمختلف طرقه ووسائله .

 

الدعوة إلى الله عز وجل سبيل الإنسان في الحياة :

الدعوة إلى الله عز وجل هي سبيلنا في الحياة ، الدعوة إلى الله عز وجل هي الطريقة التي تعبد الله سبحانه وتعالى بها لإيصال هذه الرسالة العظيمة ، لإيصال رسالة الحق والعدل و الخير إلى العالم كله ، كي تسعد هذه البشرية في هذه الرسالة العظيمة ، دون إكراه ، ودون إجبار ، بالحكمة والموعظة الحسنة ، وبلطف الكلمة ، وبالإحسان قبل التبليغ لهؤلاء الناس ، لأن :

(( الخلق عيال الله فأحبهم إلى الله أنفعهم لعياله ))

[أخرجه أبو يعلى والبزار عن أنس بن مالك ]

ولاشك أن العربة التي كانت أجمل العربات لا يمكنها أن تسير بسرعة القطار ولو وضعنا أمامها عشرين حصاناً ، لأن لكل زمان أساليبه وفنونه ، فما يصلح في زمان قد لا يصلح في زمان آخر ، وما يناسب مكاناً قد لا يناسب مكاناً آخر ، ولذلك كان الأصل في المسلمين أن يتعلموا كل الوسائل التي يتفاعلون بها مع الآخرين كي يكونوا إيجابيين لا ليكونوا سلبيين .

 

ترحيب حار بالضيوف الكرام :

حديثنا في هذا اليوم ، وفي هذه الليلة المباركة إن شاء الله سيكون مع الداعية الإسلامي ، والمفكر الإسلامي الكبير جزاه الله عنا وعن الإسلام خير جزاء الأستاذ الدكتور محمد راتب النابلسي ، الأستاذ الدكتور محمد راتب النابلسي هو أستاذ الإعجاز العلمي في القرآن الكريم والسنة النبوية الشريفة ، وأستاذ أيضاً في الشريعة الإسلامية في كليات الشريعة وأصول الدين بجامعات دمشق فأهلاً ومرحباً بكم فضيلة الدكتور .
الدكتور راتب :
بكم دكتور وائل جزاك الله خيراً .
الدكتور وائل :
حياكم الله ، كما سيكون معنا بحول الله وقوته الأستاذ هشام جعفر ، وهو رئيس تحليل شبكة الإسلام من القاهرة بحول الله تعالى وقوته ، فحياكم الله تعالى دكتور ، ونحن سعداء الحقيقة بوجودكم في هذا البرنامج لنسأل الله أن يجعلها في ميزان حسناتكم ، عنا وعنكم وعن المسلمين أجمعين .
دكتور ، بداية ما أهمية الدعوة الإسلامية ؟ وهل يمكن فعلاً أن تتحول الدعوة كما تشير أنت إلى ذلك من أعلى عمل وأشرف عمل في الكون وفي الوجود أن تنحط بصاحبها إلى أسفل سافلين ، كيف يمكن أن يتم هذا الأمر ؟.

دين الله عز وجل توقيفي لا يخضع للبحث و لا للدرس و لا للتأمل ولا للإضافة :

الدكتور راتب :
بسم الله الرحمن الرحيم ، الحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على سيدنا محمد ، وعلى آل بيته الطيبين الطاهرين ، وعلى صحابته الغر الميامين أمناء دعوته ، وقادة ألويته ، وارضَ عنا وعنهم يا رب العالمين .
دكتور وائل ، جزاك الله كل خير .
بادئ ذي بدء لابدّ من حقائق أضعها بين يدي هذه الندوة المباركة إن شاء الله .
أولاً : هناك من يتوهم أن الدين تراث ، وأن الدين منتج بشري ، هو الحقيقة والقطعية واليقينية أن الدين وحي السماء ، أن الدين توقيفي ، لا يمكن أن يخضع للبحث ، وللدرس ، والتأمل ، والإضافة ، والحذف ، والتطوير ، والتعديل ، والتحديث ، دين الله من عند المطلق ، هذه الحقيقة جاءت من قوله تعالى :

﴿ الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِيناً ﴾

( سورة المائدة الآية : 3 )

الإتمام عددي ، أن عدد القضايا التي عالجها الدين تام عدداً ، والإكمال نوعي وأن طريقة المعالجة تامة نوعاً ، وأن الذي أهمله الدين وسكت عنه هناك حكمة بالغةٌ بالغةٌ بالغة من السكوت عنه ، كيف لا وهو من عند الخالق ، خالق السماوات والأرض .

 

كمال الخلق يدل على كمال التشريع :

اسمح لي دكتور وائل أن أقدم شيئاً سريعاً :
البعوضة التي هي أحقر مخلوق في حياتنا ، بعد أن وضعت تحت مجهر إلكتروني ، وجدوا أن في رأسها مئة عين ، في فمها ثمانية و أربعون سناً ، وفي صدرها قلوب ثلاثة ، قلب مركزي ، وقلب لكل جناح ، وفي كل قلب أذنينان وبطينان ودسامان ، وأن البعوضة تملك جهازاً لا تملكه الطائرات ، تملك جهاز استقبال حراري رادار ، أي أنها ترى الأشياء لا بأشكالها ، ولا بألوانها ، ولا بأحجامها ، ولكن ترى الأشياء من خلال الحرارة فقط ، وحساسية هذا الجهاز واحد على ألف من الدرجة المئوية .
الإنسان بذكائه وحدة بصره يقول لك : حرارته سبع و ثلاثون درجة وثلاث أرباع ، معظم الناس ونصف .
أما عند البعوضة حرارة جهازها واحد على ألف من الدرجة المئوية ، والبعوضة عندها جهاز تحليل للدم ، قد تستغرب لماذا بدأت بالبعوضة ؟ لي منها مقصد كبير ، معها جهاز تحليل دم ما كل دم يناسبها ، تحلل ثم تمتص ، قد ينام أخوان على سرير واحد يستيقظ الأول وقد ملئ بلسع البعوض ، والثاني لم يصب بشيء ، معها جهاز تمييع للدم لأن دم الإنسان سمج لا يسري في خرطومها ، معها جهاز تخدير لئلا تُقتل أثناء الامتصاص ، فتخدر ثم تمتص ، حينما تطير في سماء الغرفة يكون مفعول التخدير قد انتهى فيشعر الإنسان أنه قد لسع ، فيحب أن يقتل البعوضة فوق يده ، هي في سماء الغرفة تضحك عليه .
وفي خرطوم البعوضة ست سكاكين ، أربع سكاكين لإحداث جرح مربع وسكينان تلتئمان على شكل أنبوب لامتصاص الدم ، وفي أرجلها مخالب إذا وقفت على سطح خشن ، ومحاجم إذا وقفت على سطح أملس .
الذي خلق البعوضة بإعجاز هذا الخلق أيعقل أن يكون في تشريعه استدراك ، أو نقص ، أو زيادة ، أو ضعف ؟ لا ، لأن كمال الخلق يدل على كمال التشريع ، هذا الذي دعاني أن أبدأ بالبعوضة ، كمال الخلق يدل على كمال التشريع .

الدين منتج سماويو التجديد فيه يعني أن ننزع عنه كل ما علق عليه مما ليس فيه :

الدين منتج سماوي ، وحي السماء ، من عند المطلق ، من عند خالق السماوات والأرض ، لا يحتمل لا التحليل ، ولا الدرس ، ولا الإضافة ، ولا الحذف ، ولا التطوير ، ولا التحديث ، ولا التبديل ، ولا التجميد ، ولا التفعيل ، كعقيدة وعبادات ، توقيفي ، معنى توقيفي لا يخضع لا للبحث والدرس .
لكن هناك حقيقة دقيقة : الآن هناك دعوة قوية جداً للتجديد ، أنا أتمنى أن نستبدلها بالتجديد في الخطاب الديني ، هذا أصح ، أما إذا أصررنا على التجديد في الدين فهذا التجديد يعني حصراً أن ننزع عن الدين كل ما علق عليه مما ليس فيه .
أولاً في ضوء هذه الكلمة ، الآن الخطاب الديني نجدده بأساليبه ، وأدواته ، من هنا كان هذا اللقاء الطيب ، يعني الدعوة إلى الله من خلال وسائل جديدة ، كالصحافة والإذاعة ، والتلفزيون ، والانترنيت ، الآن لو دخلنا في بعض التفاصيل .
الدكتور وائل :
هنا دكتور محمد راتب للإيضاح للأخوة المشاهدين أن موضوع التجديد أن ترى أن في الأصل الدين كما هو نأتي به من ألف و أربعمئة عام ، ونأتي به إلى هنا ، حتى لا يلتمس الأمر على الأخوة المشاهدين .

على المسلم أن يصلح دنياه و يعمل لآخرته :

الدكتور راتب :
عندنا في الدين أقسام العقيدة والعبادات الأصل فيها الحظر ، ولا تشرع عبادة ولا عقيدة ، إلا بالدليل قطعي الدلالة والثبوت ، أما المعاملات والأحكام الشرعية فالأصل فيها الإباحة ، ولا يحرم شيء إلا بالدليل القطعي والثابت

نحن أُمرنا أن نقلد في عقيدتنا وعبادتنا ، وأُمرنا أن نصلح دنيانا ، نطور في استخراج الثروات ، وإنشاء السدود ، وتطوير الصناعات ، وحلّ مشكلات الشباب ، وتأمين السكن ، وتخفيف متاعب الحياة ، وحمل هموم المسلمين ، نحن مكلفون بأعمال لا تنتهي في التطوير ، نطور حياتنا ، نطور علاقاتنا ، نطور دخولنا ، نؤمن فرص عمل لشبابنا ، نزوج شاباتنا ، هذا كله يحتاج إلى تطوير ، أما الشيء المؤسف أن المسلمين قلدوا في دنياهم ، لم يكتشفوا ، لم يخترعوا ، لم يطوروا ، وابتدعوا في دينهم ، الأصل بالعكس أن نقلد في ديننا ، لأنه من عند المعصوم كحديث ، ومن الخالق كقرآن ، وأن نطور في حياتنا .
والنبي الكريم في بعض الآثار التي نسبت إليه :

(( أصلحوا دنياكم واعملوا لآخرتكم))

[القضاعى والديلمى عن أبي هريرة]

لابدّ من إصلاح الدنيا .

 

الفتن الطائفية الورقة الرابحة الوحيدة بيد أعدائنا:

بصراحة ما دام الموضوع طُرح ، لما العالم الغربي يجد في العالم الإسلامي نسب بطالة عالية ، لما يجد في العالم الإسلامي نسب أمية عالية ، نسب فقر عالية ، عنوسة عالية ، نحن في رأس قائمة المستوردين ، وفي أسفل قائمة المصدرين وبأسنا بيننا ، وسلمنا لأعدائنا .
أنا كنت بألمانيا فوجئت بمن حولي قال : هذه هولندا ، كيف ؟! أين الحدود ؟ أين الجمارك ؟ أين الأمن العام ؟ أين دفتر السيارات ، هناك إجراءات طويلة يمضيها الإنسان بين بلد وبلد إسلاميين ، أو بلد وبلد عربيين ، هؤلاء بذكائهم وتعاونهم أسقطوا كل هذه الحدود والسدود ، بعد حين قال : هذه بلجيكا .
زرت فرنسا مرة مضيفي أخذني إلى نزهة قال لي : هذه ألمانيا ، تمنيت أن أقرأ كلمة ألمانيا ، الحدود مفتوحة ، البلاد واحدة ، اقتصاد واحد ، عملة واحدة ، هؤلاء بذكائهم تعاونوا فيما بينهم ، ومعهم 5% قواسم مشتركة ، ونحن نتقاتل في بعض البلاد وبيننا 95 % قواسم مشتركة .
وقد نقول إن فرعون الطاغية الأول وصفه الله فقال :

﴿ إِنَّ فِرْعَوْنَ عَلَا فِي الْأَرْضِ وَجَعَلَ أَهْلَهَا شِيَعاً ﴾

( سورة القصص الآية : 4 )

هناك من يقول أنا لا يعجبني أن يكون العالم مئتي دولة ، أتمناه خمسة آلاف دولة إذاً الفتن الطائفية هي الورقة الرابحة الوحيدة في يد أعدائنا ، ونحن بذكائنا ، ووعينا ، وديننا ، واستقامتنا نسقط هذه الورقة من أيديهم .

 

الثوابت و المتغيرات :

إذاً الدين توقيفي بعقائده ، بعقائده ، وعباداته ، أما بالأحكام الشرعية لكرامة الإنسان عند الله سمح له أن يجتهد ، لماذا في القرآن وفي السنة آيات وأحاديث قطعية الدلالة لا يسمح للاجتهاد بها ، وهناك عدد كبير من الآيات والأحاديث ظنية الدلالة ، أنا في تصوري الثوابت في الإنسان غطاها الله بآيات قطعية الدلالة ، وغطاها النبي بأحاديث قطعية الدلالة ، أما المتغيرات .
أنت مثلاً في عمان ، وسط المدينة ، لو أعطيت فقيراً كيس قمح ، ماذا يفعل به ؟ أين يصوله ؟ أين يغسله ؟ أين ينشره ؟ عند من يطحنه ؟ أعطيه مالاً ، أما بالريف أعطيه كيس قمح يأكله خلال عام .
لما اختلف المكان الحكم اختلف ، فالمتغيرات في حياة الإنسان غُطيت بتوجيهات ظنية الدلالة ، وحينما يأتي في كلام الله كلام ظني الدلالة المقصود به كل احتمالات المعنى لأنها تغطي كل المتغيرات ، أما لما إنسان يتكلم كلمة ظنية الدلالة لضعفه في اللغة يريد معنى جزئياً محدوداً ، فجاءت العبارة فضفاضة كبيرة ، فبدأنا نجتهد في فهم ما اقتصد به ، أما الآية التي فيها طابع احتمالي المقصود بها كل الاحتمالات .
نحن كما تفضلت نطور شؤوننا الفقهية ، الآن مثلاً موضوع إماء لا يوجد ، موضوع واحد اشترى جمل وباع جمل ، قليل جداً ، الآن في حكم التأمين ، حكم المرابحة عندنا قضايا ساخنة وملحة جداً ، فلابد من أن نطور فهمنا ، ونطور الأشياء التي سمح الله بها أن نطورها .
الدكتور وائل :
هنا دكتور كنا نتناقش قبل بعض الحلقات مع الدكتور زغلول النجار في هذا المقام ، وطرحنا قضية أن هناك إشكالية في التعليم الديني حتى هي ربما كانت سابقاً موجودة قبل أحداث الحادي عشر من أيلول ، هي توسيع دائرة المسلمات حتى في القضايا الظنية ، ظنية الدلالة ، ظنية الثبوت ، ارتقت كونها ظنية قابلة للتغيير ، التطوير ، التحديث ، مع مرور الزمان ، مع مرور الأيام ، من مكان إلى آخر ارتقت فأصبحت في إطار المسلمات ، فأصبحت كأنها من قبيل المحكم الذي لا يقبل تغييراً ، ولا تبديلاً ، ولا نسخاً حتى في عهد الرسالة ، وأصبحت نصوص الفقهاء هي شريعة ، والشريعة هي نصوص الفقهاء ، الآن من باب الدعوة إلى الله عز وجل كيف نستطيع أن ننفض الغبار عن القضايا التي هي ظنية وأصبحت مسلمات ؟.

العلم أصل في الدين :

الدكتور راتب :
أنا أتمنى أشياء ثلاثة ، أن نعقلن الدين ، أن نعطيه تفسيراً عقلياً ، العقل له قيمة كبيرة ، والعلم أصل في الدين ، إن الآيات التي تتحدث عن العقل والعلم تقترب من ألف آية ، أنا كلما أردت أن آتي بنص ، لو كان التفسير علمي ، النبي لما توهمت الصحابة أن الشمس كُسفت لموت إبراهيم أعطى التفسير العلمي ، قال :

(( إن الشمس والقمر آيتان لا ينبغي أن تنكسفا لموت واحد من خلقه ))

[ مسند الإمام أحمد عن عبد الله بن عمرو ]


هذا موقف علمي رائع ، أتمنى أن نلائم بين العلم وبين النص ، أنا أعتقد أن الحق دائرة تتقاطع فيها أربعة خطوط ، الكلام دقيق جداً ، خط النقل الصحيح ، تحت الصحيح خط ، هناك نقل غير صحيح ، يتعارض مع العلم ، خط النقل الصحيح ، والعقل الصريح ، وهناك عقل تبريري ، والفطرة السليمة هناك فطرة منطمسة ، والواقع الموضوعي ، خط النقل الصريح ، مع العقل الصريح ، مع الفطرة السليمة ، مع الواقع الموضوعي ، هذا هو الحق ، هذه مقاييس ثابتة .

 

الحاجة الملحة إلى المجامع العلمية في الشؤون الفقهية :

لذلك الدين توقيفي ، أما في الشؤون الفقهية نحتاج إلى مجامع علمية ، أن تدرس المستجدات ، وأن تضع حلولاً للمشكلات ، وأن تقدم حلولاً للكتاب والسنة ، والدليل الآية الكريمة :

﴿ أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ ﴾

( سورة النساء الآية : 59)

استقلالاً .

﴿ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ ﴾

( سورة النساء الآية : 59)

من أروع ما قال الإمام الشافعي حول كلمة :

﴿ وَأُولِي الْأَمْرِ ﴾

قال هم العلماء والأمراء ، العلماء يعلمون الأمر ، والأمراء ينفذونه .

 

ما من مشكلة نعانيها إلا و لها حلّ في الكتاب أو السنة :


الآن :

﴿ فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ ﴾

( سورة النساء الآية : 59)

مع من ؟ مع علمائكم ، وأمرائكم : 

﴿ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ ﴾

( سورة النساء الآية : 59)

فمعناها الله أحالنا إلى كتابه وسنة نبيه ، ولا يعقل أن نعاني في مشكلة في حياتنا إلى يوم القيامة إلا ولها حلّ في الكتاب والسنة ، علمه من علمه وجهله من جهله .
الدكتور وائل :
دكتور الحقيقة كلامك يقودنا إلى نواحي الدعوة إلى الله ، والانترنيت ، لكن الحقيقة هذه الآفاق التي تتحدث فيها في هذا البرنامج آفاق إسلامية أيضاً ، نقلتنا إلى موضوعات الحقيقة في غاية الأهمية ، هنا مجالات الدعوة الإسلامية ، وهذه الآفاق ، وهذه أبعاد النظر .

 

أفضل إنسان على الأرض من دعا إلى الله وعمل صالحاً وقال إنني من المسلمين:

الدكتور راتب :
أنا قلت : ما من شيء يتذبذب بين أن يكون أقدس عمل على الإطلاق ، يرقى إلى صنعة الأنبياء ، وبين أن يكون ـ سامحني بهذه العبارة ـ أتفه عمل على الإطلاق لا يستأهل إلا ابتسامة ساخرة كالدعوة إلى الله ، ترقى إلى صنعة الأنبياء حينما نبذل من أجلها الغالي والرخيص والنفس والنفيس ، وتسقط من عين الناس وعين الله حينما نرتزق بها ، وحينما قال الإمام الشافعي : لأن أرتزق بالرقص أفضل من أن أرتزق بالدين ، فهذه الدعوة يجب أن تكون صافية ، نقية ، خالصة لله عز وجل .
أنا أذكر قصة قديمة جداً ، دولة محتلة من قبل عدو أجنبي ، فقتلوا رجلاً و اتهموا به عالماً ، فبحسب تقاليد البلد جاؤوا له بشيخ ليلقنه الشهادة ، عالم كبير ، ليلقنه الشهادة لئلا يموت كافراً ، الذي أمر بقتله من أعداء المسلمين ، فهذا الشيخ قال له : قل لا إله إلا الله ، قال له العالم الكبير الذي أراد الاحتلال إنهاء حياته ، قال له : أنا أموت من أجل لا إله إلا الله أما أنت فترتزق بها ، فرق كبير .
فالدعوة إلى الله بنص القرآن الكريم قال تعالى :

﴿ وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلاً مِمَّنْ دَعَا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحاً وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ ﴾

( سورة فصلت )

يعني لن تجد على وجه الأرض من آدم إلى يوم القيامة إنساناً أفضل عند الله ممن دعا إلى الله وعمل صالحاً وقال إنني من المسلمين .

(( يا علي لأن يهدي الله على يديك رجلاً خير لك مما طلعت عليه الشمس ))

[أخرجه الحاكم عن أبي رافع ]

هذا يؤكد هذا المعنى .

 

تغير أساليب الدعوة إلى الله عز وجل بحسب العصر :

الدكتور وائل :
دكتور هنا الحقيقة حينما نتكلم تأتيني الأفكار ، ثم ننتقل إلى موضوع آخر ولا أريد أن أقاطعك لجمالية الحديث الذي تتحدث به ، وأسأل الله عز وجل أن يكون هذا من ثمرات الإخلاص والصدق ، وأسأل الله عز وجل أن نكون من أهله وخاصته ، دكتور قول الله تعالى :

﴿ وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ رَسُولٍ إِلَّا بِلِسَانِ قَوْمِهِ لِيُبَيِّنَ لَهُمْ ﴾

( سورة إبراهيم الآية : 4 )

هنا نحن نرى في كثير من الأحيان في واقعنا المعاصر بأن أناساً يريدون أن يطبقوا الدعوة إلى الله عز وجل بذات الآليات والطرق والأساليب التي كانت تمارس في عهد النبي صلى الله عليه وسلم ، وربما فيما بعده من بعض الصحابة والسلف إلى غير ذلك بذات الوسائل والأساليب ، مع أننا إذا نظرنا إلى هذه الآليات ، وإلى هذه الوسائل ننظر إلى أنها تغيرت كما أشرت إلى ذلك حتى في أنظمة الحكم ، حتى في نظام الحكم في الإسلام ، نلاحظ أن الصحابة رضي الله عنهم ، والرسول صلى الله عليه وسلم مارس نظام الحكم بما يتناسب مع تلك الطبيعة ، ومع ذلك الوقت ، ولكن هناك مبادئ أساسية لا تقبل التغيير ، ولا التبديل ، الشورى ، العدل ، المساواة ، إلى ذلك ، لكن هناك أساليب متغيرة متطورة ، تماماً الآن الدعوة إلى الله عز وجل لها أساليب متغيرة ومتطورة ، وهنا قول الله عز وجل وأنت تنظر في هذه العبارات الدقيقة

﴿ إِلَّا بِلِسَانِ قَوْمِهِ لِيُبَيِّنَ لَهُمْ ﴾

لسان القوم هنا ؟.

 

الإعلام سلاح خطير جداً يحدد مصير الشعوب :

الدكتور راتب :
أنا العبد الفقير أتصور أن الداعية لا يمكن أن يؤثر فيمن حوله إلا إذا استوعب الثقافة المعاصرة ، لابدّ من أن يستوعب الثقافة المعاصرة ، أما الذي ثقافته محدودة بعيد عن روح العصر ، لا يمكن من أن يؤثر في الآخرين ، هذه واحدة .
والشيء الثاني الدقيق : أن الداعية حينما يقرأ قوله تعالى هناك فهم عميق للآية

﴿ وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ رَسُولٍ إِلَّا بِلِسَانِ قَوْمِهِ لِيُبَيِّنَ لَهُمْ ﴾

يعني بالأساليب المتبعة في نشر الأفكار ، الآن ممكن نصف سكان الأرض ثلاثة آلاف مليون يستمعون إلى خطاب من إنسان واحد ، يمكن بالإذاعة أن يستمع إليك الملايين المملينة ، ممكن عبر الشاشة أن يراك ملايين مملينة ، ممكن عبر الصحافة أن يقرأ كتاباتك ملايين مملينة ، الآن هناك وسائل عملاقة وهي أقوى شيء بالعصر ، أنا أرى أن أقوى قوة الآن هي الإعلام ، والإعلام سلاح خطير جداً ، بل هناك من يرى أن الإعلام هناك من يحدد مصير الشعوب الآن ، أن هذا الإنسان يبرمج وفق الإعلام ، فهذا السلاح بيد أعدائنا .

 

قضية نكون أو لا نكون قضية مصيرية :

أنا أقول دائماً : إما أن تكون رقماً صعباً ، وإما أن تكون رقماً سهلاً ، إما أن ترسم لك خطة ، وإما أن تكون بنداً في خطة عدوك ، فرق كبير .
فلذلك الأمر الآن نكون أو لا نكون ، قضية مصيرية ، ليست قضية تحسين وضع ، نكون أو لا نكون ، هناك قرار غير معلن لإفقارنا ، وإضلالنا ، وإفسادنا ، وإذلالنا ، وإبادتنا ، مليون شهيد بالعراق ، مليون معاق ، خمسة ملايين مشرد ، لا أحد ينطق بكلمة ، هناك قرارات عميقة جداً ، فنحن قضيتنا حياة أو موت ، قضيتنا نكون أو لا نكون ، ينبغي أن نصحو من غفلتنا ، أعداؤنا يعملون ليلاً نهاراً في الظلام ، ونحن نائمون في ضوء الشمس ، نحن أسوأ مسوق لأفضل بضاعة ، وأعداؤنا أفضل مسوقين لأسوأ بضاعة ، هذه المشكلة .
الدكتور وائل :
دكتور ، الآن الانترنيت باعتباره وسيلة عملاقة من هذه الوسائل التي أشرت إليها وربما له إيجابيات ، وله سلبيات ، كيف ترى الآن الانترنيت بتعامل المسلمين به ؟.

سلبيات الانترنيت :

الدكتور راتب :
أنا والله سأبدأ بسلبياته ، الانترنيت كما تفضلت يشاهده أو يدخل عليه ثمانمئة مليون ، الانترنيت ألغى الحدود ، ألغى السدود ، ألغى الموانع ، ألغى الرقابة ، دمر الإنسان ، دمر المستخدم الشاب ، كيف ؟ الشاب بغرفته ، وهو في غرفته يرى العالم كله من دون قيد ، من دون ضابط ، من دون شيء ، وما قولك إذا أعلمتك أن في الانترنيت ثلاثة وعشرين مليون موقعاً إباحياً ففي هذا مشكلة كبيرة ، أنا أقول : ما لم نصحُ ، ما لم نضع حلول ، قاسية أو دقيقة لصون أخلاق شبابنا .
أنا ذكرت اليوم أن حياتنا من قبل خمسين عاماً تشبه حديقة حيوان تقليدية ، الوحوش في الأقفاص ، والزوار طلقاء ، الآن نحن في حديقة حيوان إفريقية الوحوش طلقاء ، يعني أي شيء في الحياة يدعوه إلى المعصية ، يأخذ قرصاً مدمجاً إباحياً ، مجلة ، رفيق سوء ، فتاة متبذلة في الطريق ، صورة في مجلة ، صورة في صحيفة ، مسلسل إباحي ، موقع في الانترنيت إباحي ، الآن هناك صوارف وهناك عقبات لا يعلمها إلا الله ، لذلك الآن لا يوجد حل أمام الآباء إلا التحصين اليومي ، الذاتي ، أنا أحصن ابني عن طريق أن أصادقه ، وأن افهم كل مشكلاته ، وأن أحاول حلها .
فلذلك الانترنيت سلبياتها كبيرة ، أنا أرى أن هذا الشاب أو الشابة حينما قبع في غرفته ، وفتح العالم أمامه من دون قيد ، من دون شرط ، من دون ضابط ، من دون منع كل شيء ، الذي يراه الشاب بالانترنيت لا يمكن أن يراه العالم كله قبل خمسين عاماً .
فهذه المشكلة الكبيرة الآن الشباب أمام تطرفين خطيرين ، الشباب قنبلة موقوتة ، إما أن يأخذهم تطرف الإباحية ، التفلت ، دخلوا في عالم آخر ، أو التطرف المتشدد والتكفير والتفجير .
فلابد من أن تعتمد الحكومات العربية الإسلامية الإسلام الوسطي المتوازن كي تلبي حاجات المجتمع .

تحصين أجيالنا السبيل الوحيد لحمايته من الإعلام و الانترنيت السلبي :

الدكتور وائل :
ليحمي المجتمع ، وليحمي الأقلية قبل الأكثرية ، هذا صحيح ، دكتور ، الآن يقولون بأن هناك ثلاثة خيارات أمامنا ، هذه الشبكة شبكة الانترنيت ، وربما الإعلام أولاً الموقف السلبي المطلق ، بحيث لا نتعامل مع هذه الشبكة نتركها إلى الآخرين ، ويصبح الإنسان أمياً فعلاً ، بأنها أصبحت مجالاً خصباً للعلوم والثقافة وغيرها ، وهناك من يقول يجب علينا أن نكون مجرد ساحة لاستقبال هذه العلوم ، وهذه المؤثرات ، من الخارج دون قيد أو شرط ، بحيث نكون منفعلين لا متفاعلين ، ولا مؤثرين على الآخرين ، وهذا يعني أننا وقعنا في هذا المستنقع ، الخيار الثالث أن نمارس دورنا ، وأن نضبط أمورنا ، وأن نكون مهيئين أيضاً للإجابة على الآخرين ، وأن نحصن جيلنا ، ولكن أيضاً أن نبادر ، لأن القائد كما تعلم دكتور هو المبادر ، وهو الذي يريد أن يهاجم بنفس السلاح الذي يُهاجم به ، وقد أشرت إلى هذه النقاط أيضاً بشكل جيد ، كيف هذا ؟.

الانترنيت أداة فعالة بيد أعدائنا لتشويه سمعة المسلمين فعلينا الانتباه لمضمونها :

الدكتور راتب :
دكتور وائل ، للتوضيح : لو أن دولتين متجاورتين ، إحدى الدولتين عندها سلاح طيران مخيف ، فالدولة الثانية لا يوجد أمل تنتصر عليه إلا بسلاح طيران ، هذه الحقيقة الآن تسحبها على الانترنيت ، ما دام الانترنيت يدخل عليه ثمانمئة مليون إنسان ، والانترنيت الآن أداة فعالة بيد أعدائنا لتشويه سمعة المسلمين ، جعلهم دول متخلفة ، جاهلة ، مجرمة ، فقيرة ، عبء على العالم .
حينما جاء أحد المسؤولين الأمريكيين إلى المنطقة ، ضمن زيارته زيارة أسرة الأسير الإسرائيلي ، وهناك ثمانمئة و أحد عشر أسيراً عند اليهود ما خطر بباله أن يزور أسرة من الأسر التي تزيد عن ثمانمئة و أحد عشر أسرة فقدت ابنها ، هناك انحياز كبير جداً.
فالآن نحن لابدّ من أن نستخدم وسائل العدو التي قوي بها ، فأنا أرى أن الانترنيت لزاماً علينا ، هذا العبد الفقير بتواضع لي موقع في الانترنيت ، أنا قدمت إحصاءات دقيقة (إحصاءات شهر آب) عندنا إحدى وثلاثون مليون وخمسمئة زائر بشهر آب فقط على موقعي ، عندنا ثمانية وثمانون ألفاً وخمسمئة غيغا مواد مسحوبة ، عندنا ثمانمئة وستة وثمانون ألف نص ملفات نصية مأخوذة بهذا الشهر ، عندنا ملفات صوتية ثلاثة ملايين وخمسمئة ألف ملف صوتي ، عندنا مليون ومئتا ألف ملف من الملفات المرئية ، هذا بشهر واحد ، أنا أحياناً أخطب بجامع ، أقول عندي عدد كبير أي خمسة آلاف ، هم مليون باليوم .

فهذه وسيلة فعالة كبير جداً ، لمن أنا أقول كلمة اسمح لي بها ، كيف أن الله وصف الخمر :

﴿ فِيهِمَا إِثْمٌ كَبِيرٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ وَإِثْمُهُمَا أَكْبَرُ مِنْ نَفْعِهِمَا ﴾

( سورة البقرة الآية : 219 )

هناك مواقع إباحية عديدة جداً ، وهناك أشياء خيرة .

 

خصائص الانترنيت المذهلة :

أما مهمتي رشد استهلاك الانترنيت ، اجعل الكومبيوتر بالصالون ، لا بغرفة النوم حتى يكون تحت الرقابة ، الابن غالي جداً ، الإنسان لما يفقد ابنه فقد أحد أركان حياته ، لابدّ من تنويه أن الانترنيت له خصائص مذهلة ، أولاً ألغى 

المكان

جميع العقبات المكانية ألغيت ، كان تلقي المعلومة يحتاج إلى إنفاق ، الآن تلتقي المعلومة مجاناً ، بأسرع من لمح البصر ، وبأكبر كم ، تنوع مذهل وكم كبير ينتقل مجاناً من مكان إلى مكان ، فالتغى المكان ، والتغى الزمان ، أي المعلومة حال وضعها يأخذها العالم كله بثوانٍ معدودة .
يعني الموسوعة البريطانية سابقاً عندنا في الشام ثمن الموسوعة 75 ألف ليرة الآن يأخذها الإنسان من الانترنيت مجاناً ، فألغت المكان ، وألغت الزمان ، وألغت الثمن ، وعملت تفاعلاً ، الآن نتكلم عن التفاعل .
الدكتور وائل :
دكتور سنعود إن شاء الله بعد الفاصل فابقوا معنا مشاهدينا الكرام .
حياكم الله وأهلاً ومرحباً بكم من جديد واسمحوا لي أن أرحب مرة أخرى بضيفي الدكتور محمد راتب النابلسي الداعية الإسلامي المعروف ، وأستاذ الإعجاز العلمي في القرآن الكريم ، والسنة النبوية في كليات الشريعة وأصول الدين بجامعات دمشق ، فأهلاً ومرحباً بكم دكتور محمد راتب .
عودة إلى ما كنت تتحدث به قبل الفاصل عن الموسوعة البريطانية التي نقلت إلى الانترنيت .

السهولة في استخدام الانترنيت :

الدكتور راتب :
ألغت المكان والزمان ، وجعلت المستخدم له فعالية ، أنا ذكرت آية : 

﴿ مَا أُرِيكُمْ إِلَّا مَا أَرَى ﴾ 

( سورة غافر الآية : 29 )

كان المواطن بالوسائل التقليدية مهمته أن يتلقى فقط ، يفرض عليه ما يريد

﴿ مَا أُرِيكُمْ إِلَّا مَا أَرَى ﴾

أما الآن هو يختار ، يختار أي موضوع ، وأي معلومة ، وأي مجال ، وله ردّ فعل قد يدلي برأيه في المنتديات ، صار يتلقى ويلقي ، ويستقبل ويرسل ، وله رأي ، فعملت فعالية ، وعملت مجانية ، وألغت المكان ، وألغت الزمان ، وهناك سهولة في استخدام الانترنيت ، لا تحتاج إلى مهندس كومبيوتر ، المستخدم غير الخبير ، المستخدم شيء والخبير شيء آخر ، هناك مبرمج وهناك إنسان يعمل في آلية الكومبيوتر أما في إنسان مستخدم فقط .
أما هذا الانترنيت سلاح بيد الأعداء كبير جداً ما لم ندخل عليه ونؤثر نحن فيه نكون قد قصرنا في هذا الدين العظيم .

 

علينا تحصين أنفسنا من الغزو الفكري والثقافي والمساهمة في قضية الدعوة الإسلامية :

الدكتور وائل :
دكتور الحقيقة عندما نكون مؤثرين ، ومتفاعلين ، وفاعلين أيضاً ، نكون قد كسبنا أمرين ، الأمر الأول أننا نكون قد حصنا أنفسنا ، ضد الغزو الفكري والثقافي ، لأن خير وسيلة للدفاع هي الوجود ، النقطة الثانية أننا نكون مبادرين في قضية الدعوة الإسلامية ونتكلم ، ونعرض هذه الحقيقة ، وأنت أستاذ في هذا الجانب وتعلم أن الإسلام هو رحمة للعالمين ، وأنه يجب على الآخرين أن يفهمونا ، ويجب عليهم أن يتفاعلوا معنا ، وأن نتفاعل معهم ، مشكلتنا دوماً تكمن في سوء الفهم ، أننا لا نفهم بعضنا البعض ، ولا نعرف ما يريده الآخرون منا ، ولا يعرف الآخرون ماذا نريد من العالم ، وربما أيضاً اختطاف الخطاب الإسلامي ، واختطاف الحقيقة من قبل بعض الناس ساهم إلى حدٍّ ما في تشويه ، وتشويش صورة الإسلام ، والآن تعتبر هذه الوسيلة التي هي بين أيدينا إضافة إلى وسائل أخرى كثيرة ومتعددة يمكننا أن نتفاعل فيها ، وأن نعرض قضيتنا ، وقضايانا بكل وضوح ، وكل شفافية ، ما رأيكم ؟.

الإسلام هو البديل الوحيد للعالم :

الدكتور راتب :
أنا سأدلي بورقات العمل ، عالم أمريكي كبير هداه الله إلى الإسلام ، فزار الجالية الإسلامية في بريطانيا ، وقال لها هذه الكلمة الرائعة : (مرة كان الدكتور زغلول عندنا في الشام أقسم لي بالله أنه سمعها بأذنه ، شخصياً ، أنا قرأتها ، 

هو سمعها بأذنه) قال :

سلامي يستطيع اللحاق بالغرب على الأقل في المدى المنظور ، لاتساع الهوة بينهما ، ولكنني مؤمن أشد الإيمان أن العالم كله سيركع أمام أقدام المسلمين ، لا لأنهم أقوياء ، الآن ضعفاء ، ولكن لأن خلاص العالم في الإسلام .

دكتور وائل ، يمكن أن نقدم هذا المثل :
إن صحّ أن هناك ساحة عليها المبادئ والقيم في العالم فقبل خمسين عاماً كان في كتلة الشرق ، والغرب ، والإسلام ، أكبر كتل فكرية ، منهجية ، قيمية ، فالشرق تداعى من الداخل ، وانتهينا ، بقي على هذه الساحة الغرب والإسلام ، وبشكل موضوعي الغرب قوي ، وذكي ، وغني ، وبشكل موضوعي آخر طرح سابقاً قيم رائعة جداً ، طرح قيمة الحرية ، والديمقراطية ، وحقوق الإنسان ، وتكافؤ الفرص ، وحق المقاضاة ، والعولمة ، واحترام جميع الأديان ، لكن قبل الحادي عشر من أيلول كان الغرب حضارة ، فخطف أبصار المسلمين ، فصار الإنسان حينما يأخذ البطاقة الخضراء كأنه دخل الجنة ، طموح أي مسلم أن يكون هناك ، لكن بعد الحادي عشر من أيلول كان الغرب حضارة فأصبح قوة غاشمة ، ولم يبقَ على ساحة المبادئ والقيم إلا الإسلام .

خلاص العالم بالإسلام بشرط أن يحسنوا فهم دينهم ويحسنوا تطبيقه و يحسنوا عرضه :

نحن الآن في العصر الذهبي للدعوة الإسلامية ، لأن كل النظم الأرضية أفلست وأصبحت في الوحل ، لن تسهم في إسعاد الإنسان ، ولا في صون حقوقه ، حقوقه مهدورة وهو يعمل ليلاً نهاراً ولا يحصل الحد الأدنى من معاشه ، هذه مشكلة كبيرة جداً .
فلذلك هذا العالم قال : ولكن بشرط أن يحسنوا فهم دينهم ، وأن يحسنوا تطبيقه ، وأن يحسنوا عرضه على الطرف الآخر ، هذه ورقات العمل .
الدكتور وائل :
هذا صحيح ويقول شخص آخر وهو خبير أيضاً في حلف شمال الأطلسي ، كان يقول : لقد كان الإسلام بديلاً من مجموعة بدائل ، والإسلام الآن أصبح هو البديل الوحيد للعالم .
الدكتور راتب :
أشار إلى المجانية وقد ذكرتها ، وأشار إلى التفاعل كان المستخدم للأجهزة الإعلامية السابقة متلقٍ فقط ، يفرض عليه ما يجب أن يتلقاه ، ويحرم مما ينبغي أن يتلقاه ، أما الآن هو يختار ما يحب ، ويدلي برأيه في الموضوع الذي يأخذه .
الدكتور وائل :
الآن دكتور قضية الحوار مع الغرب من خلال الانترنيت ، قضية الغرف الذين يتحدثون بها ، نعم هذا سلاح خطير و أدى في الحقيقة إلى مفاسد كثيرة ، لكن أيضاً ممكن إذا استخدم استخداماً جيداً ورائعاً وراقياً ، وأسلوباً راقياً في الحديث يمكن أن تؤدي إلى إسلام الكثير من غير المسلمين .

أهم عمل على الإطلاق استخدام الانترنيت في التوجه نحو الطرف الآخر وإقناعه بالإسلام :

الدكتور راتب :
لي تجربة متواضعة ، أنا كنت قبل عام تقريباً عضواً في وفد رفيع المستوى زار ألمانيا ، فبقينا عدة أيام ، والتقينا بالقيادات السياسية ، والأكاديمية ، والدينية ، وفوجئت أن الدعاة إلى الله مقصرون في تسويق الإسلام للطرف الآخر ، نحن نسافر كثيراً إلى الشرق والغرب ، ونسوق الإسلام للمسلمين ، نحن جميعاً طرف واحد

في أحد مؤتمرات القاهرة في نهاية المؤتمر قدمت هذه المداخلة ، قلت هذا المؤتمر الضخم العملاق الذي كلف ملايين ، وكنا سبعين دولة ، وجئنا إلى القاهرة ، وألقينا الكلمات ، وأعددناها إعداداً عميقاً جداً و مفصلاً ، وتلقاها المستمعون بالتصفيق ، والترحيب ، والقبول ، ماذا فعلنا ؟ قلت والله ما فعلنا شيئاً ، لأننا جميعا طرف واحد ، والطرف الآخر المعني بهذا المنتدى غائب عن المؤتمر ، هذه مشكلة المشكلات ، نحن نتبادل الآراء فيما بيننا ، نحن طرف واحدة .
فأنا لما سافرت إلى ألمانيا وجدت آذاناً صاغية ، وليس من الصعب إقناع الطرف الآخر ، فهو ذكي ، منطقي ، وواقعي ، لكن الساحة فارغة للصهيونية العالمية ، يقدمون عنا أسوأ صورة ، فلما التقينا بهم بالمستوى السياسي ، والأكاديمي ، والديني ، فوجدت أنه في تقصير كبير ، كبير جداً من الدعاة في الحوار مع الطرف الآخر ، الطرف الآخر منطقي ، ويصغي ، وذكي فكان نحن الأولى أن نستخدم الانترنيت ، أو نستخدم الفضائية ، الفضائية موجهة لأوربا باللغة الفرنسية والإنكليزية ، هذا عمل أهم من مئة مؤتمر .

على المسلمين أن يقفوا في خندق واحد و يبتعدوا عن القضايا الخلافية فيما بينهم :

نحن الآن هذا الطرف الآخر لن نستطيع أن نعيش بمعزل عنه ، قبل خمسين سنة كل دولة تعيش بقيمها ومبادئها ، وحولها سور حديدي ، الآن لا يمكن أن تعيش وحدك ، هذا الطرف الآخر إما أن يكون عدواً لنا أو معنا .

رجل أمريكي قد أسلم جاء إلى الحج ، ألقى كلمة في منى ، قال : نحن أقوى دولة في العالم ، فإذا أقنعتمونا بالإسلام كانت قوتنا لكم ، اليهود أقنعوه باليهودية فوضع كل ثقله مع اليهود .
مرة فيلسوف ألماني قال : كان المسلم قديماً يحتقرنا كالخنازير البرية فلما استطعنا أن نجره إلينا على حساب دينه وقيمه أصبحنا نحتقره لأنه لم يعد يملك شيئاً يقدمه لنا.
والله دكتور وائل ، القومية تحتاج إلى أن ننهض ، إلى أن نتعاون ، الغرب جميعاً في سلة واحدة ، ينبغي أن نقف جميعاً في خندق واحد ، والله أنا الآن أرى بدافع وطني ، بدافع قومي ، بدافع ديني ، بدافع أخلاقي ، بدافع إنساني ، ممنوع أن نعالج قضية خلافية الآن ، والله يمكن أن ندعو إلى الله مئة عام بالمتفق عليه دون أن تثير حساسية .

التعاون أساس أي عمل لأن الفردية القاتلة تعيق أي تقدم :

نحن الآن نحتاج إلى تعاون ، نحتاج إلى ثقافة التعاون ، ثقافة الانتماء إلى المجموع ، ثقافة فريق العمل .
مرة قال لي صديق سافر إلى هولندا : قرأ إعلاناً عن وظيفة ، لفت نظره بند طبعاً السن والشهادات كلها معروفة مألوفة ، أن يصلح للعمل كفريق (ضمن فريق) نحن مفهوم فريق العمل غائب عنا ، مفهوم الانتماء للمجموع غائب عنا ، مفهوم ترشيد الاستهلاك غائب عنا ، مفهوم العمل المؤسساتي غائب عنا ، هذه كلها مفهومات أسباب قوة أعدائنا ، أعداؤنا لعب أطفالهم أساسها التعاون ، ألعاب كلها تحتاج إلى خمسة أطفال ، نحن عندنا فردية قاتلة ، الفردية القاتلة تعيق أي تقدم .
فنحن ما لم ننظر إلى الحقيقة المرة المؤلمة فهي عندي أفضل ألف مرة من الوهم المريح .

الارتقاء بالقوة الإسلامية و العمل كفريق واحد لنضم الطرف الآخر إلينا :

الدكتور وائل :
بارك الله فيك ، دكتور حقيقة وضعت إصبعك على كثير من أماكن الجروح التي نعاني منها في العالم الإسلامي اليوم ، قضية أن نلتقي إلى ما اتفقنا عليه ، وأن العالم الغربي الآن يحاربنا جملة فلابدّ من أن ننهض جملة كما تفضلت ، أيضاً الغرب ـ وهذه نقطة مهمة ـ يستطيع أن يغير قوته إلينا إن أقنعناه بما عندنا ، وأنت تعلم دكتور أن النظام الأمريكي قائم على قوة ضغط ، وما الذي يؤثر في العالم ، اليهودية الصهيونية هي التي تؤثر على العالم ، يمكن أن نحول الصوت الإسلامي في الولايات المتحدة الأمريكية وقوة الضغط الإسلامية إذا توحدنا مع بعضنا في الشكل الصحيح ، واستطعنا أن نعمل فعلاً كفريق واحد ، وبالتالي قوة أمريكا ستكون قوة لنا ، وقوتنا هي قوة للعالم ، وأن نرتقي بالقوة الإسلامية إلى ما اتفقنا عليه ، وأن تؤازر بعضها البعض فيما اختلفت فيه ، وأن تؤجل أمر الخلافات إلى ما بعد هذه المراحل وكلها ستحل .

أولادنا الورقة الرابحة الوحيدة في أيدينا فعلينا الحفاظ عليهم :

الدكتور راتب :
أقول كلمة : لم يبقَ في أيدي المسلمين والحقيقة مرة من ورقة رابحة إلا أولادهم لذلك نحن ينبغي أن نواجه القنبلة الذَّرية بقنبلة الذُّرية .
الدكتور وائل :
بارك الله بكم دكتور ، الحديث معكم دكتور محمد راتب لا يمل ، وهذا الموضوع ساخن ، ويحتاج إلى تسليط الضوء عليه ، وأسأل الله عز وجل أن يجزيكم خير الجزاء ، وأن يمد في عمركم أنتم العلماء الذين تُحرس بكم حدود الله ، والحقيقة نحتاج إلى كل كلمة ، نحتاج إلى تشكيل فريق ، نحتاج إلى تشكيل أناس يحملون هذا الهم ، ويريدون أن يروجوا الحقيقة ، وهنا دكتور إذا كان المتشدد يجمع حوله مئة ومئتين ، وألف وألفين ، فالمعتدل هو الذي يعطي الحقيقة في الشهر الواحد ملايين الملايين لا بل في اليوم ملايين الخير .
الدكتور راتب :
وأنت صادق ، أن سيد الخلق وحبيب الحق ذهب إلى المدينة ، وفي المدينة وثنيون ، ومسلمون ، ونصارى ، ويهود ، وأنصار ، ومهاجرون قال : أهل يثرب أمة واحدة.
مفهوم المواطنة مفهوم حضاري ، مفهوم التعايش مفهوم حضاري ، نحن بحاجة لهذا .

خاتمة و توديع :

الدكتور وائل :
بارك الله فيك ، وكل الشكر والتقدير لك فضيلة الدكتور محمد راتب النابلسي ، الداعية الإسلامي المعروف ، وأستاذ الإعجاز العلمي في القرآن الكريم والسنة النبوية الشريفة بجامعات سوريا بكلية الشريعة وأصول الدين ، فبارك الله بكم ، وجزاكم الله خيراً ، ولكم مني كل التحية والتقدير ، محدثكم وائل عربيات .

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته .

الاستماع للدرس

00:00/00:00

تحميل النص

إخفاء الصور