وضع داكن
23-04-2024
Logo
الدرس : 8 - سورة الفتح - تفسيرالآيات 24-29 كل شيء يقع لا يقع إلا بمشيئة الله لأن إرادة الله متعلقة بالحكمة المطلقة
   
 
 
 بسـم اللـه الرحمـن الرحيـم  
 
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين، اللهم لا علم لنا إلا ما علمتنا إنك أنت العليم الحكيم، اللهم علمنا ما ينفعنا، وانفعنا بما علمتنا، وزدنا علماً، وأرنا الحق حقاً وارزقنا اتباعه، وأرنا الباطل باطلاً وارزقنا اجتنابه، واجعلنا ممن يستمعون القول فيتبعون أحسنه، وأدخلنا برحمتك في عبادك الصالحين.

  أحداث صلح الحديبية إنما هي من صنع الله عزَّ وجل:


أيها الإخوة المؤمنون؛ مع الدرس الثامن من سورة الفتح، ومع الآية الرابعة والعشرين وهي قوله تعالى:

﴿ وَهُوَ الَّذِي كَفَّ أَيْدِيَهُمْ عَنْكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ عَنْهُمْ بِبَطْنِ مَكَّةَ مِنْ بَعْدِ أَنْ أَظْفَرَكُمْ عَلَيْهِمْ وَكَانَ اللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرًا (24)﴾

[ سورة الفتح ]

أيها الإخوة الكرام؛ في هذه الآية إشارةٌ توحيديةٌ دقيقةٌ وخطيرة، فالصحابة الكرام وفيهم النبي عليه الصلاة والسلام ذهبوا إلى العمرة ولم يتمكَّنوا من أدائها، لأن قريشاً صدوهم عن البيت الحرام، وجرت قصة طويلة ذكرناها في رمضان في دروس ثلاث، هذه الوفود وتلك الرسل التي كانت بين الطرفين، وهذه المناقشات والمحاورات، وهذه العهود والمواثيق، هذه كلُّها جرت بين قريش وبين النبي عليه الصلاة والسلام، يقول الله عزَّ وجل: ﴿وَهُوَ الَّذِي كَفَّ أَيْدِيَهُمْ عَنْكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ عَنْهُمْ﴾ أي كل هذه الأحداث التي عاينتموها، ورأيتموها رأي العين، وعشتموها، إنما هي من صنع الله عزَّ وجل، أنت أحياناً تدرس، تتجه نحو الوظيفة، أو نحو التجارة، تتزوج فلانة، تشتري بيتاً، تدعو إلى الله، تظن نفسك أنت الذي تتحرَّك، لكن يجب أن تعلم علم اليقين أن الله عزَّ وجل هو بيده كل شيء، هو يحرِّك، هو يوفِّق، هو يمنع، هو يُعطي، هو يُلهم، هو يلين قلب فلان، هو يقسِّي قلب فلان، الأحداث التي تظنونها من صنعكم إنما هي من خلق الله عزَّ وجل، هم خرجوا من مكَّة والنبي عليه الصلاة والسلام أراه الله رؤيا فيها بُشرى دخول المسجد الحرام، وخرجوا مع الهدي معكوفاً، ووقفوا في الحديبية، وجاءت قريش برسلها تمنع النبي عليه الصلاة والسلام، وتمَّت المفاوضات، وتمّ الُصلح، وكُتِب الصلح، وحُذِفت كلمات، وأضيفت كلمات، هذه الأحداث الكثيرة التي عاينها الصحابة ورأوها رأي العين، وهم فيما يبدو فعلوها والنبي عليه الصلاة والسلام بين أظهرهم، الله عزَّ وجل يقول: ﴿وَهُوَ الَّذِي كَفَّ أَيْدِيَهُمْ عَنْكُمْ﴾ .
 

كل شيء يقع لا يقع إلا بمشيئة الله:


ما الذي قيّد قريشاً من أن يقاتلوا النبي؟ الله جلَّ جلاله، وأنتم في أعلى درجات قوَّتِكُم ما الذي منعكم من أن تفتحوا مكة؟ الله جلَّ جلاله، معنى هذا أن الإنسان يبدو أنه يتحرَّك، لكن الله يحرِّكه، يبدو أن فلاناً منع، لكن الله سمح له أن يمنع، يبدو أن فلاناً وافق، لكن الحقيقة أن الله سمح له أن يوافق، فالإنسان إذا تعمَّق في فهم الأحداث يرى أن الله سبحانه وتعالى وحده هو المتصرِّف، أنت أي فعلٍ تفعله لا تملك إلا الإرادة، المشيئة، الاختيار، الانبعاث لهذا الفعل، وما سوى ذلك هو من فعل الله عزَّ وجل.
النقطة الثانية: أن الشيء الذي وقع لم يقع إلا بمشيئة الله، لذلك قالوا: لكل واقعٍ حكمة، لو أن الذي أوقعه ليس حكيماً، لو أن الذي أوقعه ليس فهيماً، ما دام قد وقع فلكل واقعٍ حكمة.
هذه الفكرة أيها الإخوة لو تأملنا فيها؛ هذه الفكرة تُريح الإنسان أيما راحة، تريحه راحة لا تُقدَّر بثمن، الأمور بيد الله، هو المتصرِّف، هو الذي يعطي، هو الذي يمنع: عن عبد الله بن عمرو:

(( إنَّ قُلُوبَ بَنِي آدَمَ كُلَّهَا بيْنَ إِصْبَعَيْنِ مِن أَصَابِعِ الرَّحْمَنِ ، كَقَلْبٍ وَاحِدٍ، يُصَرِّفُهُ حَيْثُ يَشَاءُ، ثُمَّ قالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ: اللَّهُمَّ مُصَرِّفَ القُلُوبِ صَرِّفْ قُلُوبَنَا علَى طَاعَتِكَ. ))

[ صحيح مسلم ]

فلان قسا قلبه عليك، الله قسَّاه، فلان لان قلبه لك، الله ألان قلبه لك، حينما توحِّد تصل إلى نهاية النهاية، حينما توحِّد تصل إلى نهاية العلم. 

الإنسان إذا فعل شيئاً لا يمكن أن يفعله إلا إذا كان موافِقاً لخطة الله عزَّ وجل:


أدق ما في الآية أن الأحداث فيما يبدو النبي والصحابة وقريش والحوار والسؤال والجواب والاتفاقيات والصلح وكُتب الصلح والمناورات، في النهاية يقول الله عزَّ وجل: ﴿وَهُوَ الَّذِي كَفَّ أَيْدِيَهُمْ عَنْكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ عَنْهُمْ بِبَطْنِ مَكَّةَ مِنْ بَعْدِ أَنْ أَظْفَرَكُمْ عَلَيْهِمْ وَكَانَ اللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرًا﴾ لذلك يجب أن تعتقد اعتقاداً جازماً أن الإنسان إذا فعل شيئاً، أراد شيئاً وفعله لا يمكن أن يفعله إلا إذا كان موافِقاً لخطة الله عزَّ وجل، فما دام قد فعله فقد أذن الله به، وما دام الله قد أذن به فهناك حكمةٌ منه عرفها من عرفها وجهلها من جهلها، لذلك لو إنسان أحمق تصرف، مادام هذا التصرف خرج إلى حيز الوجود، وسمح الله به هناك حكمة يعلمها الله عز وجل، أنت قد لا تعلمها لأن الله عز وجل يقول:

﴿ وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي وَمَا أُوتِيتُمْ مِنَ الْعِلْمِ إِلَّا قَلِيلًا (85)﴾

[ سورة الإسراء ]

﴿ اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ لَا تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلَا نَوْمٌ لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ مَنْ ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِنْدَهُ إِلَّا بِإِذْنِهِ يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ وَلَا يُحِيطُونَ بِشَيْءٍ مِنْ عِلْمِهِ إِلَّا بِمَا شَاءَ وَسِعَ كُرْسِيُّهُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَلَا يَئُودُهُ حِفْظُهُمَا وَهُوَ الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ (255)﴾

[ سورة البقرة ]

لكن الله سبحانه وتعالى يكشف لعباده المؤمنين من حينٍ إلى آخر عن حكمة أفعاله، ماذا على المؤمن أن يفعل؟ أن يقيس كل فعلٍ لم ير حكمته على فعلٍ رأى حكمته، أن يقيس كل فعلٍ لم تبدُ له حكمته على فعلٍ رأى حكمته من قبل:

الله عوَّدك الجميل                 فَقِس على ما قد مضى

[ صفي الدين الحلي ]

* * *

الإنسان يتعرَّف إلى حالات كثيرة يرى فيها حكمةً ما بعدها حكمة، رحمةً ما بعدها رحمة، لطفاً ما بعده لطف، عدالة ما بعدها عدالة، فيخشع قلبه، فإذا رأى فعلاً لم تبدُ حكمته عليه أن يقيسه على الذي بدت له حكمته.
 

من يربط أموره بالله عز وجل يطمئن قلبه وتطيب نفسه:


القصة كلَّها من أجل أن تستسلم لقضاء الله، من أجل أن تطيب نفسك بما يفعله الله عزَّ وجل:

﴿ هَا أَنْتُمْ هَؤُلَاءِ حَاجَجْتُمْ فِيمَا لَكُمْ بِهِ عِلْمٌ فَلِمَ تُحَاجُّونَ فِيمَا لَيْسَ لَكُمْ بِهِ عِلْمٌ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ (66)﴾

[  سورة آل عمران  ]

فهذا الذي جرى بدءاً من الرؤيا التي رآها النبي عليه الصلاة والسلام وفيها بِشارةٌ بفتح مكة، وانتهاءً بفتح مكة، هذه الأحداث العُظْمى التي تمَّت في هذا الموضوع يبدو للمراقب أنَّ قريشاً فعلوها، والنبي وأصحابه وافقوا ورفضوا، ولكن الله يقول: ﴿وَهُوَ الَّذِي كَفَّ أَيْدِيَهُمْ عَنْكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ عَنْهُمْ بِبَطْنِ مَكَّةَ مِنْ بَعْدِ أَنْ أَظْفَرَكُمْ عَلَيْهِمْ وَكَانَ اللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرًا﴾ هذه الآية يجب أن يكون لها تطبيق عملي في حياتنا، أنت يجب ألا تيئس أولاً، وألا تعترض على قضاء الله ثانياً، وألا تظن أن الإنسان هو الذي يصنع فعله، الإنسان لا يصنع فعله أبداً، الإنسان يريد ويتمنَّى والله سبحانه وتعالى يسمح له أو لا يسمح له، أي الأمور إذا ربطتها بالله عزَّ وجل يطيب قلبك، يطمئن قلبك، وتطيب نفسك، وتستسلم لمشيئة الله التي من ورائها حكمةٌ لا يعلمها إلا الله، تجد المؤمن مستقراً، راضياً، يد واحدة تعمل في الكون، لا تنس قول الله عزَّ وجل:

﴿ إِنَّ الَّذِينَ يُبَايِعُونَكَ إِنَّمَا يُبَايِعُونَ اللَّهَ يَدُ اللَّهِ فَوْقَ أَيْدِيهِمْ فَمَنْ نَكَثَ فَإِنَّمَا يَنْكُثُ عَلَى نَفْسِهِ وَمَنْ أَوْفَى بِمَا عَاهَدَ عَلَيْهُ اللَّهَ فَسَيُؤْتِيهِ أَجْرًا عَظِيمًا (10)﴾

[ سورة الفتح ]

﴿ فَلَمْ تَقْتُلُوهُمْ وَلَكِنَّ اللَّهَ قَتَلَهُمْ وَمَا رَمَيْتَ إِذْ رَمَيْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ رَمَى وَلِيُبْلِيَ الْمُؤْمِنِينَ مِنْهُ بَلَاءً حَسَنًا إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ (17)﴾

[ سورة الأنفال ]

 

من استسلم لفعل الله ورضي به قبل أن تنكشف له الحكمة لابدَّ من أن يكافئه الله:


هذا الموضوع يجب أن ينسحب إلى حياتنا اليومية، أي هذا الزواج تمّ، سمح الله به، لم يتم لسببٍ تافه، هذه مشيئة الله، ابحث عن حكمة الله فإن وجدتها وجدتها، وإن لم تجدها يجب أن تستسلم لها، إن وجدتها وجدتها، وإن لم تجدها اعلم علم اليقين أن وراء هذا الفعل حكمة ربما كشفها الله لك بعد حين.
بالمناسبة من رحمة الله بالإنسان أن الإنسان إذا رأى تصرُّفاً لله عزَّ وجل ولم تتضح له حكمته فاستسلم بناءً على أن الله حكيم، وعلى أن الله رحيم، وعلى أن الله عادل، إذا استسلم لفعل الله ورضي به قبل أن تنكشف له الحكمة لابدَّ من أن يكافئه الله على هذا الاستسلام، وعلى هذا الرضى، بكشف الحكمة له، لذلك الإنسان إذا كُشِفَت له حكمة الله في أفعاله يذوب حُباً لله، يذوب شكراً لله عزَّ وجل، المؤمن راض عن الله.
شخص يطوف حول الكعبة وهو يقول: يا ربّ هل أنت راضٍ عني؟ كان وراءه الإمام الشافعي قال: يا هذا هل أنت راضً عن الله حتى يرضى عنك؟ قال: يا سبحان الله! كيف أرضى عنه وأنا أتمنَّى رضاه؟ فقال الشافعي: إذا كان سرورك بالنِقمة كسرورك بالنعمة فقد رضيت عن الله. 
 

إيمان الإنسان يظهر في الشدة لا في الرخاء:


الحقيقة أن الإنسان لا يبدو إيمانه بالرخاء، يبدو في الشدة، لا يبدو في العطاء، يبدو في الحرمان، لا يبدو في الصحة، يبدو في المرض، لا يبدو في الغنى، يبدو في الفقر، فهذا الذي يعاني ما يعاني ويقول: الحمد لله رب العالمين من أعماقِ أعماقه هذا دليل أنه يرى أن الله وحده يتصرَّف، وأن أفعال الله رحمةٌ كلها، حكمةٌ كلها، عدالةٌ كلها.
 

الله عز وجل عليم والإنسان لا يرى الأمور إلا من زاوية واحدة:


﴿ وَهُوَ الَّذِي كَفَّ أَيْدِيَهُمْ عَنْكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ عَنْهُمْ بِبَطْنِ مَكَّةَ مِنْ بَعْدِ أَنْ أَظْفَرَكُمْ عَلَيْهِمْ وَكَانَ اللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرًا (24) هُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا وَصَدُّوكُمْ عَنِ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَالْهَدْيَ مَعْكُوفًا أَنْ يَبْلُغَ مَحِلَّهُ وَلَوْلَا رِجَالٌ مُؤْمِنُونَ وَنِسَاءٌ مُؤْمِنَاتٌ لَمْ تَعْلَمُوهُمْ أَنْ تَطَئُوهُمْ فَتُصِيبَكُمْ مِنْهُمْ مَعَرَّةٌ بِغَيْرِ عِلْمٍ لِيُدْخِلَ اللَّهُ فِي رَحْمَتِهِ مَنْ يَشَاءُ لَوْ تَزَيَّلُوا لَعَذَّبْنَا الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْهُمْ عَذَابًا أَلِيمًا (25)﴾

[ سورة الفتح ]

الآن دخل عنصر جديد: لماذا كفَّ الله أيدي المؤمنين عن أن يفتحوا مكة وكانوا أقوياء؟ وكانوا في أعلى درجات الاستعداد؟ وقد باعوا أنفسهم في سبيل الله؟ وقد عاهدوا النبي على بذل الغالي والرخيص في سبيل الله؟ ومع ذلك الله جلَّ جلاله كفَّ أيدي المؤمنين عن مكة، وكذلك منع قريشاً من أن يركبوا رؤوسَهم وأن يرتكبوا حماقاتٍ، فكأن الله سبحانه وتعالى كفَّ أيدي هؤلاء وأيدي هؤلاء، لماذا؟ جاء التفسير: لأن في مكة رجالاً مؤمنين، هؤلاء آمنوا وهم مستضعفون، آمنوا ولم يُهاجِروا، آمنوا ولم يُعلِنوا إيمانهم، وهم كُثُر، فلو أن اشتباكاً حصل بين المؤمنين وبين أهل مكة لقتِل هؤلاء، ولا أحد يعلمهم، هم عند المسلمين كفَّار وهم عند الله مؤمنون، معنى ذلك أن الإنسان إذا نظر إلى أمر في الأعم الأغلب يراه من زاوية واحدة، من وجهة نظرٍ واحدة، وهذه لا تكفي، لكن الله سبحانه وتعالى بكل شيءٍ عليم، هؤلاء المؤمنون الذين آمنوا سراً ولم يُظهِروا إسلامهم وهم في قريش، وهم عند قريش مثلهم مشركون، هؤلاء الله جلَّ جلاله يريد أن يرحمَهم وأن ينقذهم فكفَّ أيدي المؤمنين عن قريش، وكفَّ أيدي قريش عن المؤمنين، اتضحت الحكمة؟ وعلى هذا كما يقولون: قِس كل ذلك، ﴿هُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا وَصَدُّوكُمْ عَنِ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَالْهَدْيَ مَعْكُوفًا أَنْ يَبْلُغَ مَحِلَّهُ وَلَوْلَا رِجَالٌ مُؤْمِنُونَ وَنِسَاءٌ مُؤْمِنَاتٌ لَمْ تَعْلَمُوهُمْ أَنْ تَطَئُوهُمْ﴾ ربما قتلتموهم، فإذا قتلتموهم وهم مؤمنون ﴿فَتُصِيبَكُمْ مِنْهُمْ مَعَرَّةٌ بِغَيْرِ عِلْمٍ﴾ الثمن باهظ، الذي يقتل مؤمناً خطأً عليه ديَّة، هذا مؤمن، ﴿لِيُدْخِلَ اللَّهُ فِي رَحْمَتِهِ مَنْ يَشَاءُ﴾ .
 

حكمة الله جلَّ جلاله من كفَّ أيدي المؤمنين وأيدي قريش وعدم اشتباكهم:


بالمناسبة: الله عزَّ وجل أسماؤه مطْلَقَة، الإنسان إذا قيل له: فلان عادل، عدالة نسبية، أي قد يحكم ألف حكم تسعمئة وتسعة وتسعون حكماً عادلاً وواحد ظالم اسمه عادل، لكن  الله سبحانه وتعالى أسماؤه مطلقة أي لا يمكن أن يُظلَم في ملكِه عصفور، ولا نملة، عدل مطْلَق، لو أن قريشاً حاربت، أو لو أن المؤمنين فتحوا مكة فقتلوا ظلماً، هذه هي حكمة الله جلَّ جلاله من كفَّ أيدي المؤمنين وأيدي قريش، وعدم اشتباكهم، وتوقيع العهد –الصلح- الذي بدا للمؤمنين أن فيه انتقاصاً من حقوقهم.
﴿لِيُدْخِلَ اللَّهُ فِي رَحْمَتِهِ مَنْ يَشَاءُ لَوْ تَزَيَّلُوا﴾ لو فُرِزوا، لو خرجوا من قريش، ﴿لَعَذَّبْنَا الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْهُمْ عَذَابًا أَلِيمًا﴾ أي كفّ أيدي المؤمنين عن كفار قريش لا لكرامتهم على الله، هم كفار، وهم أعداء الدين، وهم صدوا المؤمنين عن المسجد الحرام، لكن كفَّ أيدي المؤمنين عن قريش رحمةً بهؤلاء المؤمنين.
 

الإنسان الكامل يغضب للحق لا لأسباب تافهة:


﴿ إِذْ جَعَلَ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي قُلُوبِهِمُ الْحَمِيَّةَ حَمِيَّةَ الْجَاهِلِيَّةِ فَأَنْزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَى رَسُولِهِ وَعَلَى الْمُؤْمِنِينَ وَأَلْزَمَهُمْ كَلِمَةَ التَّقْوَى وَكَانُوا أَحَقَّ بِهَا وَأَهْلَهَا وَكَانَ اللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمًا (26)﴾

[ سورة الفتح ]

أحياناً الإنسان يغضب لسبب غير معقول، لسبب تافه، مثلاً يكون والده غير مستقيم، إنسان أقل من عادي، قيلت عن أبيه كلمة حق يغضب غضباً لا حدود له، أحياناً لموضوعٍ تافهٍ لا يُقدِّم ولا يؤخِّر، وصف الله عزَّ وجل هؤلاء بأنهم جاهلون، قال: ﴿إِذْ جَعَلَ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي قُلُوبِهِمُ الْحَمِيَّةَ حَمِيَّةَ الْجَاهِلِيَّةِ﴾ أي الكافر يندفع ليقاتل الناس، يأخذ ما في أيدي الناس، يبالغ في إيذاء الناس، من أجل من؟ هو لا يعرف، انحياز أعمى، اندفاع أرعن، هذه حمية الجاهلية، يثأرون لقيمٍ تافهة، لمبادئ سخيفة، لأقوال لا تُقدِّم ولا تؤخِّر، فالإنسان الكامل يغضب للحق لا لأسباب تافهة، يُعْطي لأسبابٍ وجيهة، يمنع لأسبابٍ وجيهة، أما هذا الذي يعطي أو يمنع لأسبابٍ عُنصريةٍ تافهةٍ حقيرةٍ هذا نقول: الجاهلية تحرِّكه، إذا الإنسان انحرف وارتكب حماقات يقال: يجهل، ما علاقة يجهل كسلوك بيجهل كعلم؟ نقص العلم يؤدِّي إلى انحرافٍ في السلوك، فسمي انحراف السلوك جهلاً بسببه -بسبب الجهل- وهذا معنى دقيق، لأن الإنسان إذا جهل حقيقةً وهو يتحرَّك في الحياة في الأعم الأغلب سيتحرَّك حركةً حمقاء، حركةً رَعْناء، حركةً ظالمةً، حركةً سخيفة، فيتحرَّك لأسبابٍ تافهةٍ وحقيرة، ﴿إِذْ جَعَلَ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي قُلُوبِهِمُ الْحَمِيَّةَ حَمِيَّةَ الْجَاهِلِيَّةِ﴾ .
 

أيّ نقص في العلم يقابله سلوك أرعن أحمق:


لو تتبعت ما يجري بين الناس تجد خصومات، دعاوى تستمر سنوات وسنوات، لأسبابٍ أتفه من التافه، هذه هي الجاهلية، كيد، بغضاء، تجد أسرة تتآمر على أسرة، لأن زوجة الابن تكلمت بكلمة عيرت فيها بيت حميها، صار هناك حمية، لذلك إن الله يحب معالي الأمور ويكره سفسافها ودنيها، يوجد رجل في ساعة غضب قال لعبدٍ أسود: يا بن السوداء، فقال النبي عليه الصلاة والسلام: إنك امرؤ فيك جاهلية، أي إذا أنت انحزت انحيازاً أعمى، أو فعلت عملاً خلاف الشرع، أو غضبت لأسباب تافهة، أو تعصَّبت تعصُّباً أعمى، هذا جهل، هذا جهل أي نقص في العلم قابله سلوك أَرْعَن، إذاً كل نقص في العلم يقابله سلوك أرعن، ﴿إِذْ جَعَلَ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي قُلُوبِهِمُ الْحَمِيَّةَ حَمِيَّةَ الْجَاهِلِيَّةِ﴾ توجد سورة الله عزَّ وجل قال أي هؤلاء الكفار الله أرسل لهم الشياطين:

﴿ أَلَمْ تَرَ أَنَّا أَرْسَلْنَا الشَّيَاطِينَ عَلَى الْكَافِرِينَ تَؤُزُّهُمْ أَزًّا (83)﴾

[ سورة مريم  ]

أحياناً يندفع الكافر اندفاع كالبركان، يندفع كالمِرْجَل ليوقِع الأذى بالناس دون أن ينال منه شيئاً، هكذا بلا سبب، فأنت تعجَب ما الذي يدفعه لهذا الإيذاء؟ ما الذي يحمله على هذه العداوة والبغضاء؟ لماذا يُصِّر هذا الكافر على إيقاع الأذى بالناس؟ الإنسان أحياناً يوقِعُ الأذى بالناس ويكسب مكسباً كبيراً، إذا كان مقابل هذا الأذى كسباً إلى حدٍ ما تقول: يوجد تكافؤ، إذا آذيت فلاناً يأتيك مبلغ كبير، فإذا أوقعت فيه الأذى ونِلت هذا المبلغ إلى حدٍ ما العمل مقبول عند أهل الدنيا، عند الماديين، لكن الذي يلفت النظر أن هناك أشخاصاً يندفعون اندفاع البركان، ويقتحمون اقتحام السهْم لإيقاع الأذى بالناس دون أن يكسِبوا من إيقاع هذا الأذى أي مكسب، بماذا نفسِّر هذا؟ نفسِّر هذا بأن الشياطين تؤزُّهم أزاً، والعياذ بالله أن يكون الإنسان أُلعوبة بيد الشيطان، يندفع إلى صدِّ الناس عن سبيل الله، يندفع إلى معاداة أهل الحق، يندفع إلى ما يتوهَّم أنه يطفئ هذه الدعوة، يُطفِئ نور الله عزَّ وجل. 
 

الشقي من يجلس في خندق معادٍ للدين:


من هو الشقي؟ الشقي كل الشقي الذي يجلس في خندق معادٍ للدين، الله خالق الكون مع الحق وأنت ضد الحق؟! الله خالق الكون الذي بيده كل شيء هذا دينه وأنت ضدّ هذا الدين؟! هذه: ﴿إِذْ جَعَلَ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي قُلُوبِهِمُ الْحَمِيَّةَ حَمِيَّةَ الْجَاهِلِيَّةِ فَأَنْزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ﴾ بالمقابل الكافر يغلي كالمِرْجَل، ينطلق كالسهم، يريد أن يوقِعَ الأذى بالناس، يريد أن يصدّ الناس عن سبيل الله، أن يُطفئ هذه الدعوة، أن يمحو الحق فيما يزعم، أن يعمل على تقوية الباطل، ترسيخ المعصية بين الناس، لمَ هذا الاندفاع؟ وعلامَ هذا الانفعال؟ ولمَ هذا السهر؟ 
 

من أحبه الله منحه العلم والحكمة:


قال: أما المؤمن: ﴿فَأَنْزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ﴾ رحمته، تجلِّيه، الطمأنينة التي يشعرها المؤمن لا يعلمها إلا من ذاقها: ﴿فَأَنْزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَى رَسُولِهِ وَعَلَى الْمُؤْمِنِينَ﴾ المؤمن في هدوء، وسكون، وطمأنينة، وتوازن، وحِلم، وتبصر، ورؤية صحيحة، وأهداف واضحة، وحكمة بالغة، هذه كلها من عطاءات الإيمان.
أحياناً يقول أخ: ليس معي مال، أنت معك حكمة، هذه الحكمة لا تقدَّر بثمن، يوجد أشخاص معهم مال لكنهم فقدوا الحكمة، هذا المال يبدَّد، يوجد أشخاص متزوِّجون فقدوا الحكمة  أشقى الناس بزواجهم، المؤمن بحكمته، والله عزَّ وجل قال:

﴿ يُؤْتِي الْحِكْمَةَ مَنْ يَشَاءُ وَمَنْ يُؤْتَ الْحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْرًا كَثِيرًا وَمَا يَذَّكَّرُ إِلَّا أُولُو الْأَلْبَابِ (269)﴾

[ سورة البقرة  ]

والله أعطى المُلك لمن لا يُحب ولمن يُحب، أعطى المال لمن لا يحب ولمن يحب، ما دام قد أعطى المال لمن لا يُحِب ولمن يُحِب إذاً المال ليس مقياساً، وما دام قد أعطى المُلك لمن لا يُحب ولمن يُحب إذاً ليس مقياساً، لكن الله إذا أحبَّ عبداً مَنَحَه علماً وحكمةً..

﴿ وَلَمَّا بَلَغَ أَشُدَّهُ وَاسْتَوَى آتَيْنَاهُ حُكْمًا وَعِلْمًا وَكَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ (14)﴾

[  سورة القصص  ]

 

قيد الشرع وسام شرف للمؤمن:


﴿ فَأَنْزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَى رَسُولِهِ وَعَلَى الْمُؤْمِنِينَ وَأَلْزَمَهُمْ كَلِمَةَ التَّقْوَى وَكَانُوا أَحَقَّ بِهَا وَأَهْلَهَا وَكَانَ اللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمًا (26)﴾

[ سورة الفتح ]

المؤمن أعلى وسام شرف في صدره أنه على منهج الله سائر، أنه وفق الشرع مقيَّد، المؤمن مقيّد، أما القيد فيرفعه عند الله، وغير المؤمن متفلّت، يقول لك: أنا حر، لا، أنت متفلت، لست حراً، الحر الذي يقيد نفسه بالحق، فقيد الشرع وسام شرف، يوجد في حياتك منظومة قِيَم، يوجد شيء اسمه حرام، وشيء اسمه حلال، يوجد شيء ممنوع تعمله، أما هذا الذي يفعل ما يشاء، يفعل ما يحلو له، يعيش لحظته من دون قيود، هذا إنسان متفلّت، هذا إنسان يعيش على هامش الحياة..

﴿ أُولَئِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا بِآيَاتِ رَبِّهِمْ وَلِقَائِهِ فَحَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فَلَا نُقِيمُ لَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَزْنًا (105)﴾

[  سورة الكهف  ]

سيدنا يوسف ما الذي رفعه إلى أعلى عليين؟ أنه قال:

﴿ وَرَاوَدَتْهُ الَّتِي هُوَ فِي بَيْتِهَا عَنْ نَفْسِهِ وَغَلَّقَتِ الْأَبْوَابَ وَقَالَتْ هَيْتَ لَكَ قَالَ مَعَاذَ اللَّهِ إِنَّهُ رَبِّي أَحْسَنَ مَثْوَايَ إِنَّهُ لَا يُفْلِحُ الظَّالِمُونَ(23)﴾

[ سورة يوسف ]

لو فعل ما يحلو له فقد هذه المكانة عند الله وعند الناس، لذلك قالوا: إن الحضارة الغربية أساسها السيطرة على المادة، لكن حضارة الإسلام أساسها السيطرة على الذات، المؤمن إنسان عظيم لأنه هو مُخَيَّر، لكنه مسيطر على حركاته، وسكناته، ونزواته، وأهوائه، يقيِّد حركاته وسكناته وفق الشرع، ﴿وَأَلْزَمَهُمْ كَلِمَةَ التَّقْوَى﴾ .
 

المؤمن مقيَّد بالحق لكن هذا القيد يرفعه:


المؤمن وَقَّاف عند كتاب الله، إنسان سأل سيدنا عمر فقال له: أتحبني؟ فقال له: والله لا أحِبك، قال له: هل يمنعك بغضك لي من أن تعطيني حقَّي؟ فقال له: لا والله لا أمنعك حقك مع أني لا أحبك، هذا الدين.
سيدنا الصدِّيق ماذا فعل؟ منع عطاءً عن مسطح الذي تكلَّم في حَقِّ ابنته عائشة، تكلَّم في شرفها وعفَّتها، فعاتبه الله عز وجل قال: ألا تحبون أن يغفر الله لكم؟ فالمؤمن يترفَّع عن الانتقام، يترفع عن أن يأخذ بالثأر، يترفع عن أن يوقع الأذى بالناس، مقيَّد بالحق، لكن هذا القيد يرفعه، والدليل كلمة: على:

﴿ أُولَئِكَ عَلَى هُدًى مِنْ رَبِّهِمْ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ (5)﴾

[ سورة البقرة  ]

على حرف استعلاء، الهدى يرفعهم، كلَّما قيدت نفسك بالحق الحق يرفعك، وكلما تفلَّتت الباطل يدخلك في قيد، قال:

﴿ وَمَنْ لَا يُجِبْ دَاعِيَ اللَّهِ فَلَيْسَ بِمُعْجِزٍ فِي الْأَرْضِ وَلَيْسَ لَهُ مِنْ دُونِهِ أَولِيَاءُ أُولَئِكَ فِي ضَلَالٍ مُبِينٍ (32)﴾

[  سورة الأحقاف ]

شيء ضمن شيء، إما بكآبة، أو بسجن، أو بوحشة، أو بألم.
 

المؤمن مظنة صلاح وصدق وأمانة:


﴿وَكَانُوا أَحَقَّ بِهَا وَأَهْلَهَا وَكَانَ اللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمًا﴾ أما معنى كلمة: ﴿وَأَهْلَهَا﴾ أنت مؤمن، أنت مظنة صلاح، مظنة صدق، مظنة أمانة، مظنة حياء، مظنة عَفاف، مظنة كرم، مظنة شجاعة، هذه المكارم الأخلاقية تليق بالمؤمن، فأنت أهلٌ لها وهي أهلٌ لك، أما المفاجأة أن ترى مؤمناً بخيلاً، غير معقول، أنت يا رجل مؤمن ومن لوازم الإيمان الكرم، أنت مؤمن ومن لوازم الإيمان الشجاعة، أنت مؤمن ومن لوازم الإيمان الحِلْم، فالناس أساساً إذا عرفوا إنساناً ديّناً يتوقعون منه كل خير، يتوقعون منه الإخلاص، الصدق، الأمانة، العفَّة، الحياء، الوَرَع، هذا ينبغي أن يكون وهذا لا ينبغي أن يكون.
﴿وَكَانُوا أَحَقَّ بِهَا وَأَهْلَهَا وَكَانَ اللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمًا﴾ أنت كمؤمن أيها الإخوة    –هذا تطبيق عملي للآية-لا تخيِّب ظن الناس فيك، لا يوجد واحد ليس له مجتمع صغير حوله، لك أخوات، لك أقرباء، أهل زوجة، لك زبائن، لك جيران، لك زُملاء بالعمل، يرونك تُصَلِّي، يرونك تغض بصرك، هم علقوا آمالاً كبيرة عليك، أنت صادق لا تكذب، حييٌ لا تتواقح، ما المشكلة؟ المشكلة أن الناس إذا فوجئوا بتصرُّف لا يتناسب مع الإيمان، لا يليق بالمؤمن، حينما تخيب ظنهم تهدم المثل في حياتهم.
 

من خيب ظن الناس بموقف مفاجئ يكون قد هدم ركناً في الإسلام:


أحياناً الإنسان يرفض كل شيء، أما شخص واحد في ذهنه الناس صاحب الدين لا يغلط، لا تزل قدمه، شخص عفيف، فلو رأى هذا الشخص في موقف لا يليق به تتزعزع ثقته لا في هذا الشخص بل في الدين كله، فإذا كان الإنسان مظنة دين، معروف أنه ديّن، له مجلس علم، ينتمي إلى جماعة، إلى مسجد، مظنة صدق، وأمانة، وحياء، وعفاف، وكرم، وإخلاص، فإذا خيب ظن الناس بموقف مفاجئ يكون قد هدم ركناً في الإسلام: أنت على ثغرة من ثغر الإسلام فلا يؤتين من قبلك، أنت رحيم لا تقسُ، أنت عادل لا تظلم، أنت منصف لا تجحد، ﴿وَكَانُوا أَحَقَّ بِهَا وَأَهْلَهَا﴾ أحياناً موقف واحد يهدم ألف محاضرة، أحياناً إنسان يمشيه بالدين شخص، يكون صديقه، فإذا رآه في وضع لا يرضي، الغريب وهذا من أغرب الغريب أنه يشك بالدين كله، هو يرى الدين من خلال فلان، أن له صديقاً، يعرفه صاحب دين، قائم في الصلوات،  فوجئ بموقف غير لائق، يا ليته يشك فيه وحده، يا ليت هذا الإنسان يسقط من نظره وحده، يا ليت، أما الذي يحصل أن هذا الإنسان الضعيف الذي عرف الله من خلال فلان، لو أن فلاناً فاجأه بموقف غير أخلاقي، سريعاً ما يسقط الدين كله من نظره، فأنت قبل أن تعمل عملاً سيئاً، قبل أن تخلف وعدك وأنت مؤمن، قبل أن تكذب وأنت مؤمن، قبل أن تحلف يميناً غير صحيح وأنت مؤمن عد للمليون لأن حولك أصدقاء، حولك جيران، حولك موظفين، حولك زوجتك، إذا لم تكن أنت عظيماً في بيتك فهذه مشكلة كبيرة جداً، فلذلك كن أهلاً لهذا اللقب الكبير، كلمة مؤمن لقب عالٍ جداً، لقب أخلاقي، على جمالي، على علمي، أنت تعرف الحقيقة، تعرف المنهج، تعرف ربك، وأنت أخلاقي، الإيمان صدق، وأمانة، واستقامة، وإخلاص، وإنصاف، وحلم، وحياء، وروعة، وأنت أيضاً سعيد بالله عزَّ وجل، فلا ينبغي أن تتضعضع أمام غني، ولا أن تذل أمام قوي، ينبغي أن تبقى في أعلى مركز، قد تكون أنت مواطناً عادياً لكن كرامتك موفورة، رغم أن منصبك بسيط جداً، دخلك قليل، فهذه مقاييس لا قيمة لها.
 

الله سبحانه وتعالى يُطَمْئِن المؤمنين أن هذا الدين دينه وسينصره إلى أبد الآبدين:


﴿ لَقَدْ صَدَقَ اللَّهُ رَسُولَهُ الرُّؤْيَا بِالْحَقِّ لَتَدْخُلُنَّ الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ آمِنِينَ مُحَلِّقِينَ رُءُوسَكُمْ وَمُقَصِّرِينَ لَا تَخَافُونَ فَعَلِمَ مَا لَمْ تَعْلَمُوا فَجَعَلَ مِنْ دُونِ ذَلِكَ فَتْحًا قَرِيبًا (27)﴾

[ سورة الفتح ]

النبي عليه الصلاة والسلام رأى أنه سيدخل مكة إن شاء الله.

﴿ لَقَدْ صَدَقَ اللَّهُ رَسُولَهُ الرُّؤْيَا بِالْحَقِّ لَتَدْخُلُنَّ الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ آمِنِينَ مُحَلِّقِينَ رُءُوسَكُمْ وَمُقَصِّرِينَ لَا تَخَافُونَ فَعَلِمَ مَا لَمْ تَعْلَمُوا فَجَعَلَ مِنْ دُونِ ذَلِكَ فَتْحًا قَرِيبًا (27)﴾

[ سورة الفتح ]

الله عزَّ وجل سمَّى صلح الحديبية فتحاً قريباً، وعلم أن في مكة مؤمنين لا تعلمونهم أنتم، لو دخلتم إليهم لقتلتموهم ظلماً، والله سبحانه وتعالى يُطَمْئِن المؤمنين أن هذا الدين دينه، وأنه سينصره، نصره وسينصره وسيتابع نصره إلى أبد الآبدين فقال تعالى:

﴿ هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَكَفَى بِاللَّهِ شَهِيدًا (28)﴾

[ سورة الفتح ]

 

انتشار الدين وانتصاره ليس بسبب قوة المسلمين الذاتية بل بسبب تأييد الله له:


انتشار الدين وانتصار الدين ليس بسبب قوة المسلمين الذاتية، بل بسبب تأييد الله له، والله سبحانه وتعالى يبشِّر المؤمنين أن هذا الدين سوف ينتصر على كل الأديان إلى يوم القيامة، والبشائر واضحة، في العالم كله الآن الإسلام ينتشر رغم المعركة الشرسة ضده لكنَّه ينتشر، ينتشر بشكلٍ عجيب، في فرنسا العام الماضي احتفل بافتتاح المسجد رقم ألف في فرنسا، في فرنسا صار الإسلام الدين الثاني، الدولة ملزمة بتعليم الطلاب التربية الإسلامية، وبإقامة الشعائر للمواطن الفرنسي المسلم، بأمريكا ملايين مملينة أصبحوا مسلمين، فصار هناك إشادة بالإسلام في عيد الهجرة، وعيد أول الفطر، من قِبل القيادات الكبرى، هذا الشيء لم يكن من قبل، فلذلك يبشرنا الله عزَّ وجل أن هذا الدين دينه، وسينصره على كل الأديان، والمستقبل له، ﴿هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَكَفَى بِاللَّهِ شَهِيدًا﴾ أما ما يجري من هجومٍ على الإسلام، فبيت شعر يجيب على هذا السؤال:

إذا أراد الله نشــــــر فضيلـــةٍ        طويـت أتاح لها لسان حســـــود

لولا اشتعال النار فيما جاورت        ما كان يعرف طيب عرف العود

[ أبو تمام ]

  * * *

شيء يثار حول الإسلام، أناسٌ كثيرون لا يعلمهم إلا الله يسألون: ما الإسلام؟ دعونا نقرأ عن الإسلام نعرف ما الإسلام؟ الدخول في الإسلام بأعداد كبيرة جداً على مستوى العالم وهذا من فضل الله عزَّ وجل، وهذه بشارة، لكن النبي صلى الله عليه وسلم إنسان جاء بهذه الرسالة، بربع قرن يصل الإسلام إلى أواسط آسيا!! أعظم دولة في العالم وقتها دولة كسرى تتساقط كبيت العنكبوت أمام جيوش المسلمين، ودولة قيصر كذلك، مصر تُفتح، بلاد الهند تُفتح، بلاد السند تُفتح، شيء غريب على قوى البشر المحدودة، أما أنه دين الله عزَّ وجل والله يؤيده وينصره فهذا الشيء الطبيعي.
 

محمدٌ رسول الله معه وحي ومعه توجيهات الصانع:


﴿ هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَكَفَى بِاللَّهِ شَهِيدًا (28) مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ تَرَاهُمْ رُكَّعًا سُجَّدًا يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانًا سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِمْ مِنْ أَثَرِ السُّجُودِ ذَلِكَ مَثَلُهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَمَثَلُهُمْ فِي الْإِنْجِيلِ كَزَرْعٍ أَخْرَجَ شَطْأَهُ فَآزَرَهُ فَاسْتَغْلَظَ فَاسْتَوَى عَلَى سُوقِهِ يُعْجِبُ الزُّرَّاعَ لِيَغِيظَ بِهِمُ الْكُفَّارَ وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ مِنْهُمْ مَغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا (29)﴾

[ سورة الفتح ]

طبعاً سهيل بن عمرو لم يرض أن يكتب: هذا ما اتفق عليه محمد رسول الله، قال: ابن عبد الله، سيدنا رسول الله قال: يا علي امحُ كلمة رسول الله، هذا هو الرد، أي رغم أنفك يا سهيل محمدٌ رسول الله، وأكبر خطأ نرتكبه أن نقول: محمد عبقري، أو محمد مُصْلِح اجتماعي، هذا ما يريده الكفار، محمدٌ رسول الله، معه وحي، لا تعزُ نجاحه في الدعوة إلى ذكاء، ولا إلى عبقرية، لا، هو رسول الله، مؤيدٌ بالوحي، والأجانب أساساً يريدون أن ينتقصوا من إسلامنا بإضفاء صفة العبقرية على نبينا، هو لا شك أوتي من الفطانة ما لم يؤت أحدٌ مثله، ولكن هو في التعريف: محمدٌ رسول الله، معه وحي، معه توجيهات الصانع.
 

المؤمن رحيم ورقيق القلب وهذه علامة إيمانه:


﴿وَالَّذِينَ مَعَهُ﴾ دققوا في هذه السور﴿أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ﴾ وإذا كان الإنسان الآن على أخيه المؤمن من أقسى ما يكون، على الكافر ضعيف أمامه، هكذا المؤمن؟! ﴿أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ﴾ هذه علامة الإيمان، هذا المؤمن يجب أن ترحمه، يجب أن تنصفه، يجب أن تدافع عنه، يجب أن يَرِقَّ قلبك له، الإنسان حينما يبتعد عن الله عزَّ يقسو على الضعيف ويركع أمام القوي، أما المؤمن فيرحم الضعيف، ولا يذلُّ أمام القوي: ﴿أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ﴾ هذه مواقفهم في العلاقات العامة، أما مواقفهم التعبُّدية: ﴿تَرَاهُمْ رُكَّعًا سُجَّدًا﴾ الصلاة عندهم في المقام الأول، الصلاة عماد الدين: ﴿تَرَاهُمْ رُكَّعًا سُجَّدًا﴾   موقفهم مع الكفار هكذا، مع المؤمنين هكذا، عبادتهم صلاتهم في المقام الأول. 
 

نوايا المؤمن:


الآن نواياهم: ﴿يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانًا﴾ تَعْنيهم الآخرة، يعنيهم رضوان الله عزَّ وجل، يسعون إلى مرضاة الله فهو أسمى أهدافهم..

وما مقصـودهم جنات عــــدن         ولا الحور الحسانُ ولا الخياما

ســوى نظر الحبيب فذا مناهم         وهـــــذا مطلب القوم الكرامــا

[ عبد القادر الجيلاني ]

* * * 

﴿سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِمْ مِنْ أَثَرِ السُّجُودِ﴾ يمكن أن تفسر هذه الآية تفسيراً صغيراً، أن على جباههم علامات من أثر السجود، لكن وجهه المُقبل على الله عزَّ وجل، ترى الصفاء في وجهه، ترى الحب في وجهه، ترى الإخلاص في وجهه، ترى البراءة في وجهه، ترى النور في وجهه، ترى الحُسن الإيماني في وجهه.
 

المؤمن مشرق وهذه الإشراق سببه الاتصال بالله عز وجل:


﴿سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِمْ﴾ من شدة اتصالهم بالله ﴿مِنْ أَثَرِ السُّجُودِ﴾ الله اختار بالصلاة السجود لأن أقرب وضعٍ تكون فيه مع الله وأنت ساجد، أعلى درجات الصلة وأنت ساجد، فلذلك اختار الله عزَّ وجل من الصلاة سجودها، قال: ﴿سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِمْ﴾ المؤمن وجهه منوَّر، لا أعني أبداً لون الوجه، سيدنا بلال وجهه منور، أعني الحسن الإيماني، تجد فيه صفاء، فيه براءة، فيه حب، فيه إخلاص، فيه رقة، فيه نور، فيه لمعة، فيه إشراق، هذه سِيماهم، السبب اتصاله بالله، هذا الإشراق وهذا الحسن وهذا النور وهذا التألُّق وهذا الجمال:

وأجمل منك لم تر قط عيني           وأكمل منك لم تلد النساء

خلقت مبرأ من كــل عــيبٍ           كأنك قد خلقت كما تشـاء

[ حسان بن ثابت ]

* * *

 

كل مخلوق له اتصال بالله يتألَّق وكل إنسان مقطوع عن الله في وجهه سواد المَعصية:


﴿سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِمْ مِنْ أَثَرِ السُّجُودِ﴾ لكن هذا الشيء ليس في الدين الإسلامي فقط، كل إنسان في أي مكانٍ وزمان إذا اتصل بخالق الأكوان فله هذا الوجه، ﴿ذَلِكَ مَثَلُهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَمَثَلُهُمْ فِي الْإِنْجِيلِ﴾ هذا شيء قديم، هذه نواميس الله عزَّ وجل في الكون، كل مخلوق له اتصال بالله يتألَّق، مقطوع عن الله تجده انطفأ، كمد، اغبر وجهه، صار في وجهه سواد المَعصية، سواد البعد، سواد الجَفاء.
 

المؤمن يبدأ صغيراً ولكن يتنامى إيمانه وملكاته حتى يصير إنساناً فَذاً عظيماً:


﴿كَزَرْعٍ أَخْرَجَ شَطْأَهُ﴾ هناك أشجار كالزيتون تُخْرِج فسائل من طرف جذرها، ﴿كَزَرْعٍ أَخْرَجَ شَطْأَهُ فَآزَرَهُ﴾ هذه الكلمة فيها إعجاز، هذا الزرع آزر هذه الفسيلة، وهذه الفسيلة آزرت هذا الزرع، النبي عليه الصلاة والسلام عَلَّم أصحابه، وجَّههم، تعهَّدَهُم بالتربية، دلَّهم على الله، زَكَّاهم، طهَّرهم، والصحابة دعموا هذه الدعوة، ونصروا النبي، وكانوا معه، وافتدوه بأرواحهم وأموالهم، ﴿فَآزَرَهُ﴾ يا ترى الأصل آزر الفرع أم الفرع آزر الأصل؟ كلاهما صحيح، ﴿فَآزَرَهُ فَاسْتَغْلَظَ فَاسْتَوَى عَلَى سُوقِهِ﴾ كانت فسيلة غضة صغيرة أصبحت شجرةً وارفة الظلال، المؤمن يبدأ صغيراً، ولكن يتنامى إيمانه، تتنامى ملكاته، يصير إنساناً فَذاً عظيماً، أحياناً يصير أمة.

﴿ إِنَّ إِبْرَاهِيمَ كَانَ أُمَّةً قَانِتًا لِلَّهِ حَنِيفًا وَلَمْ يَكُ مِنَ الْمُشْرِكِينَ (120)﴾

[  سورة النحل  ]


  المؤمن شخصيته فَذة:


﴿فَاسْتَغْلَظَ فَاسْتَوَى عَلَى سُوقِهِ يُعْجِبُ الزُّرَّاعَ لِيَغِيظَ بِهِمُ الْكُفَّارَ﴾ الكافر تافه، المؤمن شخصيته فَذة ودائماً الكافر يحسده، من أين هذه الحكمة؟ من أين هذه الشجاعة؟ من أين هذا الحلم؟ من أين هذا التعفف؟ تجد الكافر عبداً لشهواته، حقيراً أمام شهواته، تافهاً أمام شهواته، المؤمن يضبطها، عفَّته تلفت النظر، أمانته تَلْفِت النظر، عفته عن المال الحرام تلفت النظر، عفته عن النساء تلفت النظر، استقامته تلفت النظر، دأبه على عمله يلفت النظر، ﴿يُعْجِبُ الزُّرَّاعَ لِيَغِيظَ بِهِمُ الْكُفَّارَ وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ مِنْهُمْ﴾ أي من كان على شاكلتهم، هذه للنبي عليه الصلاة والسلام ولأصحابه في حياته ولكل مؤمنٍ سار على أثره بعد مماته. 
 

الأجر العظيم هو سعادة الدنيا والآخرة:


﴿وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ مِنْهُمْ مَغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا﴾ المغفرة محو السيئات والذنوب، والأجر العظيم سعادة الدنيا والآخرة، فهذه السورة عن النبي وأصحابه.
 

الحياة تعاون والنبي صلى الله عليه وسلم يوَضِّح ويبيِّن ويعاون:


أرجو الله سبحانه وتعالى أن تكون هذه السورة موجودة عندنا، الحياة تعاون، النبي صلى الله عليه وسلم يوَضِّح ويبيِّن ويعاون، وصحابته يتلقَّوْن ويعينونه، هناك تعاون، إذا لم يكن هناك تعاون بين المؤمن وأخيه المؤمن، الأول ينصح والثاني يستجيب، الأول يوجه والثاني يطبِّق، الأول يطلب والثاني يقدِّم ﴿فَآزَرَهُ﴾ النبي آزر أصحابه، وأصحابه آزروه، والحياة تعاون، والله عزَّ وجل قال:

﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُحِلُّوا شَعَائِرَ اللَّهِ وَلَا الشَّهْرَ الْحَرَامَ وَلَا الْهَدْيَ وَلَا الْقَلَائِدَ وَلَا آمِّينَ الْبَيْتَ الْحَرَامَ يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِنْ رَبِّهِمْ وَرِضْوَانًا وَإِذَا حَلَلْتُمْ فَاصْطَادُوا وَلَا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ أَنْ صَدُّوكُمْ عَنِ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ أَنْ تَعْتَدُوا وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ (2)﴾

[  سورة المائدة  ]

وبهذا تنتهي هذه السورة الكريمة وهي سورة الفتح، وننتقل في الدرس القادم إن شاء الله إلى سورة الحجرات.

والحمد لله رب العالمين 

الاستماع للدرس

00:00/00:00

تحميل النص

إخفاء الصور