وضع داكن
20-04-2024
Logo
مدارج السالكين - الدرس : 089 - الرياضة
   
 
 
 بسـم اللـه الرحمـن الرحيـم  
 

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين، اللهم لا علم لنا إلا ما علمتنا إنك أنت العليم الحكيم، اللهم علمنا ما ينفعنا وانفعنا بما علمتنا وزدنا علماً, وأرنا الحق حقاً وارزقنا اتباعه، وأرنا الباطل باطلاً وارزقنا اجتنابه, واجعلنا ممن يستمعون القول فيتبعون أحسنه، وأدخلنا برحمتك في عبادك الصالحين. 


منزلة الرياضة :


أيها الإخوة المؤمنون؛ مع الدرس التاسع والثمانين من دروس مدارج السالكين, في منازل إياك نعبد وإياك نستعين، والمنزلة اليوم منزلة الرياضة.

 

ما الفرق بين الرياضة والترويض؟ :


الفرق بين الرياضة والترويض فرق كبير جداً؛ الوحوش تُروّض بينما الإنسان يتريّض, فالرياضة من الترييض؛ أي التدريب، الوحوش تروَّض، أي تدرَّب بحسب طريقتها، قد تقول: فلان يده ملطّخة بدماء الجريمة، وفلان مضرّج بدماء الشهادة، فالتضريج غير التلطيخ، الدم الذي يُسفك في حرام أو في جريمة، نقول: ملطّخ بدم الجريمة، أما الدم الذي يُبذل في سبيل عقيدة أو هدف نبيل نقول: مضرّج.

فهذه المنزلة أساسها ما ورد عن النبي -عليه الصلاة و السلام-: إنما العلم بالتعلم، و إنما الحلم بالتحلم، وإنما الكرم بالتكرم.

إنسان في البدايات ليس حليما لكن يتصنع الحلم، بعد التصنع المستمر يصبح الحلم عنده طبعاً، كان تكلفاً فصار طبعاً، إنسان في الأصل ليس كريماً, يتصنع الكرم إلى أن ينقلب التصنع إلى طبع، الإنسان ليس عليماً، يتعلم إلى أن يصبح العلم عنده ثابتاً, فهذا معنى الحديث:

إنما العلم بالتعلم، وإنما الحلم بالتحلم، وإنما الكرم بالتكرم

كتعليق سريع على قول النبي -عليه الصلاة والسلام-: ((إنما العلم بالتعلم، وإنما الحلم بالتحلم، وإنما الكرم بالتكرم)) ليس هناك علم من دون تعلم، كما يدّعي بعض الناس: أن هناك علماً يأتي من قِبل الله مباشرة، هناك وحي يأتي الأنبياء، وهناك علم يتأتى من التعلم، وهناك فهم دقيق لكتاب الله عز وجل، هذه خصيصة يمنحها الله لبعض عباده الصالحين، قال تعالى:

﴿ فَفَهَّمْنَاهَا سُلَيْمَانَ وَكُلّاً آتَيْنَا حُكْماً وَعِلْماً وَسَخَّرْنَا مَعَ دَاوُودَ الْجِبَالَ يُسَبِّحْنَ وَالطَّيْرَ وَكُنَّا فَاعِلِينَ (79)﴾

[ سورة الأنبياء ]

أن يُؤتى فهماً في القرآن، فهناك وحي هذا متعلق بالأنبياء والمرسلين، وهناك فهم لكتاب الله فضلٌ من الله عز وجل، وهناك تعلم، وقد ورد في الأثر: من عمل بما علم, أورثه الله علم ما لم يعلم ، قال تعالى: ( فَفَهَّمْنَاهَا سُلَيْمَانَ ) إذا هناك شيء اسمه: 

وميض وكشف وإشراق 

هذا ثمنه تطبيق ما تعلم، إن طبّقت ما تعلم, كشف الله لك عن شيء لا تعلمه، لكن هذا الإشراق وذاك الكشف -إن صح التعبير- مربوطان بالكتاب والسنة، فأيُّ ادِّعاء لإدراك الحقيقة إدراكاً مباشراً من دون وساطة، هذه الحقيقة تُعرض على كتاب الله وسنة رسوله، فإن توافقت مع الكتاب والسنة على العين و الرأس, أما إن خالفت لا نقبلها.  


ما الفرق بين الفطرة والصبغة؟ :


ثم إن هناك في ما ورد عن النبي -عليه الصلاة والسلام-: إنما العلم بالتعلم، وإنما الحلم بالتحلم، وإنما الكرم بالتكرم.

هناك حقيقة هي الفطرة والصبغة، الفطرة أن تحب الكرم ولست كريماً,  الفطرة أن تحب العدل ولست عادلاً، أن تحب الرحمة ولست رحيماً، ولكن الصبغة أن تصطبغ بالرحمة,  وأن تصطبغ بالعدل، وأن تصطبغ بالكرم، فالتكرم فطرة أما الكرم صبغة، التحلُّم فطرة أما الحلم صبغة.

يعني كل مولود من دون استثناء يولد على الفطرة، يحب مكارم الأخلاق ولا يصطبغ بها، فإذا اتصل الإنسان بالله عز وجل اصطبغ بهذه المكارم، فغدا متواضعاً منصفاً, عدلاً رحيماً, وقوراً حليماً.

هذه المنزلة منزلة الرياضة: هي تمرين النفس على الصدق والإخلاص.

 

عبرة من خلال قصة .


تحضرني قصة أحد علماء الأزهر الكبار, الذي صار شيخ الأزهر في أول حياته, طلب العلم فلم يفلح, ثم عزف عن العلم, وهو جالس يوماً في مكان، فإذا بنملة تصعد إلى جدار، فلما وصلت إلى مكان ما وقعت، أعادت الكرة فوقعت، أعادت الكرة فوقعت، فعدّ محاولاتها, فكانت ثلاثاً وثمانين محاولة، فهذه النملة علّمته درساً لا يُنسى، فالإنسان ينبغي أن يصمِّم.

لي قريب أمه حريصة على أن ينال أعلى درجة، ففي الشهادة الثانوية لم ينجح، أصرّت على أن يعيد الامتحان مرة تلو المرة, حتى نجح في المرة الخامسة, ولا زالت أمه تشد عضده إلى أن أصبح طبيباً ناجحاً:

أخلق بذي الصبر أن يحظى بحاجته        ومدمن قرع الأبواب أن يلجا

العبرة: أن الإنسان يحتاج إلى تصميم, وإلى صدق في الطلب، فالرياضة تعويد النفس على الصدق والإخلاص.

 

الصدق له معان عديدة، من معاني الصدق: 


1- الصدق : أن يأتي كلامك وعملك مطابقاً للواقع .

أن يأتي كلامك مطابقاً للواقع، هذا الصدق الإخباري، والمعنى الأخطر: أن يكون واقعك مطابقاً لقولك، أن يأتي القول مطابقاً للواقع هذا صدق الإخبار، أما أن يأتي العمل مطابقا للواقع هذا صدق التطبيق، لذلك قال تعالى: 

﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ (119) ﴾  

[ سورة التوبة ]

هنا ليس معنى الصادقين, هم الذين يصدقون إذا حدّثوا، الذين تأتي أعمالهم مطابقة لأقوالهم, كلٌّ يدّعي أنه مؤمن بالآخرة، لكن لو تفحصت أعمال الناس, لا تجد أثراً لهذا الادّعاء إطلاقاً، فهؤلاء يكذبون بأعمالهم لا بأقوالهم، هم يتكلمون كلاماً طيباً، وإذا أخبروك أخبروك صادقين، ولكن أعمالهم لا تؤكد صدق كلامهم، فمنزلة الرياضة التمرين على الصدق والإخلاص، عملك مطابق لادعائك وقولك، و يأتي الإخلاص ليبيِّن نزاهتك عن مطلب سوى الله عز وجل.

 

ما علامة الإخلاص؟ : 


1-الإخلاص : أن يستوي ظاهرك مع باطنك, وأن تستوي علانيتك مع سرك, وأن تستوي خلوتك مع جلوتك .

سألني أخ ما علامة الإخلاص؟ قلت له: علامة الإخلاص أن يستوي ظاهرك مع باطنك, وأن تستوي علانيتك مع سرك، وأن تستوي خلوتك مع جلوتك.

أنت إنسان واحد في خلوتك وفي جلوتك، في بيتك وأمام الناس، في سرك وعلانيتك، أروع ما في الإنسان هذا التوحُّد، لا يوجد ازدواجية، للمنافق موقفان: موقف معلَن وموقف حقيقي، قال تعالى: 

﴿ وَإِذَا لَقُوا الَّذِينَ آمَنُوا قَالُوا آمَنَّا وَإِذَا خَلَوْا إِلَى شَيَاطِينِهِمْ قَالُوا إِنَّا مَعَكُمْ إِنَّمَا نَحْنُ مُسْتَهْزِئُونَ (14) اللَّهُ يَسْتَهْزِئُ بِهِمْ وَيَمُدُّهُمْ فِي طُغْيَانِهِمْ يَعْمَهُونَ (15) ﴾

[ سورة البقرة ]

إذًا: التدريب على أن تأتي أعمالك مطابقة لأقوالك، كأن تقول: أنا مؤمن بالآخرة، هنا ينبغي ألاَ تقبل درهماً واحداً من حرام.

النبي -عليه الصلاة و السلام- رأى على سريره تمرة، فقال: يا عائشة, لولا أن تكون من تمر الصدقة لأكلتها .

الحديث :

(( عن أبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عنْه، عَنِ النَّبيِّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، قالَ إنِّي لأنقَلِبُ إلى أَهلي فأجدُ التَّمرةَ ساقطةً على فِراشي فلا أدري أمِن تمرِ الصَّدقةِ أم مِن تمرِ أَهلي فَلا آكلُها ))

[ متفق عليه ]

تمرة في بيته وعلى السرير، ولكن داخله الشك, لعلها من تمر الصدقة، لذلك قالوا:

ركعتان من ورع, خير من ألف ركعة من مخلط. 

من لم يصده ورع عن معصية الله إذا خلا, لم يعبأ الله بشيء من عمله.

أعمالك تأتي مطابقة لأقوالك فأنت صادق، يستوي سرك مع علانيتك, وظاهرك مع باطنك, وخلوتك مع جلوتك, فأنت مخلص. 

2- الإخلاص : يعني أنك إذا فعلت عملاً طيباً تبتغي به وجه الله وحده ، لا تعبأ كثيراً بمدح الناس لك، بل لا تستجدي منهم المديح .

وعلامة أخرى للإخلاص: أنك إذا فعلت عملاً طيباً, تبتغي به وجه الله وحده, لا تعبأ كثيراً بمدح الناس لك، بل لا تستجدي منهم المديح، يستوي عندك أنهم ذكروا أو لم يذكروا، شكروا أو لم يشكروا، قدّروا أو لم يقدِّروا، لا تعلِّق أهمية على ردود الفعل، لكن ليس معنى هذا ألاّ تبالي بسمعتك، النبي -عليه الصلاة والسلام- كان حريصاً على سمعته.

(( عَنْ صَفِيَّةَ بِنْتِ حُيَيٍّ قَالَتْ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مُعْتَكِفًا, فَأَتَيْتُهُ أَزُورُهُ لَيْلًا فَحَدَّثْتُهُ, ثُمَّ قُمْتُ فَانْقَلَبْتُ, فَقَامَ مَعِي لِيَقْلِبَنِي, وَكَانَ مَسْكَنُهَا فِي دَارِ أُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ, فَمَرَّ رَجُلَانِ مِنْ الْأَنْصَارِ, فَلَمَّا رَأَيَا النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَسْرَعَا, فَقَالَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: عَلَى رِسْلِكُمَا إِنَّهَا صَفِيَّةُ بِنْتُ حُيَيٍّ, فَقَالَا: سُبْحَانَ اللَّهِ يَا رَسُولَ اللَّهِ! قَالَ: إِنَّ الشَّيْطَانَ يَجْرِي مِنْ الْإِنْسَانِ مَجْرَى الدَّمِ, وَإِنِّي خَشِيتُ أَنْ يَقْذِفَ فِي قُلُوبِكُمَا سُوءًا, أَوْ قَالَ شَيْئًا ))

[ أخرجه البخاري في الصحيح, وابن خزيمة في صحيحه ]


وهذا درس بليغ لنا، عوِّد نفسك أن توضِّح وتبيِّن.


أذكر إنساناً جاء إلى محله التجاري امرأة رحّب بها كثيراً، عنده ضيف في المكتب، قال لي: غريب، ليس هذا من أخلاق فلان، قلت له: هذه أخته يقيناً، أنا لا أعرفها، ولكني أعرفه ورعاً، كان الأولى أن يدخل إلينا, ويقول: جاءت أختي حتى لا يستغرب الضيف هذا الترحيب، لأن المؤمن يتكلم مع المرأة التي تحل له كلاماً عادياً جداً, دون زيادة. 

إذن: هناك صدق الأقوال وصدق الأعمال، وحيثما وردت كلمة الصادقين في الأعمّ الأغلب تعني: صدق الأعمال، وقلما تجد إنساناً تأتي أفعاله مطابقة لأقواله.

2 - الصدق : ألا ترد الحق .

مستوى آخر للصدق ألا ترد الحق ، قد يأتي إنسان يقول لك: هذا الذي قلته غير صحيح، والصواب: هو كذا، والدليل: هو الآية والحديث، فإن لم تقل له جزاك الله خيراً، فقد أكرمتني بهذه النصيحة، فأنت لست صادقاً، إذا كان في الإمكان أن تردّ الحقّ, وأن تستنكف عن قبوله, وأن تستعلي عن أن تأخذه من إنسان تظنه دونك، لكن المؤمن الصادق يتعلم ولو من غلام. 

أبو حنيفة النعمان كان يمشي في الطريق, فرأى غلاماً أمامه حفرة، قال له: يا غلام إياك أن تسقط,  فقال له الغلام: بل أنت يا إمام إياك أن تسقط، إني إن سقطت سقطتُ وحدي، وإنّك إن سقطتَ سقط معك العالَم.

إذا كان الإنسان قدوة وأخطأ يكون ارتكب عملاً خطيراً جداً، لأن هذا المثل الأعلى اهتز، أن تتعامل مع ألف إنسان يصيبون ويخطئون، ولكن إذا كان في ذهنك مثل أعلى، تعلق عليه أملاً كبيراً, تراه إنساناً مستقيماً، إذا أخطأ فتلك قاصمة الظهر، أنت ترضى أن يخطئ الناس جميعاً إلا مثلك الأعلى الذي تقتدي به, وتراه في موطن منزّه عن كل خطأ، فإن رأيته يخطئ عمداً فتلك الطامة الكبرى، لا أحد معصوم إلا النبي، المؤمن غير معصوم، ولكنه لا يرتكب الكبائر, وليس معنى هذا أنه يصر على الصغائر، المؤمن غير معصوم، لا يمكن أن يصر على صغيرة, مهما بدت صغيرة، وقّافا عند كتاب الله، سريعاً ما يتراجع ويستغفر و يشكر الذي نصحه، لذلك قالوا: 

النبي معصوم والولي محفوظ.

النبي لا يفعل خطأ، بينما الولي لا يضره خطؤه، لأنه سريعاً ما يتوب منه ويستغفر، والقاعدة:

ما من أحد أكبر من أن يُنقَد، وما من أحد أصغر من أن ينقُد.

قال تعالى: 

﴿ وَالَّذِي جَاءَ بِالصِّدْقِ وَصَدَّقَ بِهِ أُولَئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ (33)﴾

[ سورة الزمر ]

جاء بالصدق؛ أي أفعاله تؤكد أقواله، كان صادقاً، وعظمة الأنبياء في صدقهم، الأنبياء فعلوا المعجزات، لا لأنهم فوق البشر، هم بشر، ولولا أنه تجري عليهم خصائص البشر, لما كانوا سادة البشر، ولكن الأنبياء فعلوا ما قالوا، وأيُّ إنسان يفعل ما يقول, له تأثير يشبه السحر، يفعل ما يقول.

كان مع أصحابه في سفر, أرادوا أن يعالجوا شاة، قال أحدهم: عليّ ذبحها، وقال الثاني: عليّ سلخها، وقال الثالث: عليّ طبخها، وقال عليه الصلاة والسلام: وعليّ جمعُ الحطب، فقالوا: نكفيك ذلك، قال: أعلم أنكم تكفونني، ولكن الله يكره أن يرى عبده متميزاً على أقرانه . 

شيء لا يصدق، نبي هذه الأمة يعمل كأحد أصحابه، موقف عظيم في معركة بدر, كانت الرواحل قليلة, والعدد قريب من ألف، والرواحل ثلاثمائة، فالنبي أعطى توجيها: كل ثلاثة على راحلة، قال: وأنا وعلي وأبو لبابة على راحلة.

-القائد العام للجيش يعامل نفسه كما يعامل الجندي-, فركب الناقة وانتهت نوبته في الركوب، وجاء دور عليّ وأبي لبابة، فتوسلا إليه أن يبقى راكباً، فقال عليه الصلاة والسلام -قولة تكتب بماء الذهب-: ما أنتما بأقوى مني على السير، ولا أنا بأغنى منكما عن الأجر .

أنا مفتقر إلى أجر المشي، وأنا قوي البنية، قادر على المسير، لو تخلق الناس بهذه الأخلاق, لكنا في حياة غير هذه الحياة.  


أنواع الرياضة :


العلماء قالوا الرياضة على ثلاث درجات: 

رياضة عامة وهي تهذيب الأخلاق بالعلم,  وتصفية الأعمال بالإخلاص، وتوفير الحقوق في المعاملات.

أخلاقك يوجهها العلم، وأعمالك يتوجها الإخلاص، ومعاملاتك يضبطها أداء الحقوق، إن تكلم فهو صادق، وإن تعامل مع الناس تعامل بخلق كريم.

فورد عن النبي -عليه الصلاة والسلام-: من عامل الناس فلم يظلمهم، وحدثهم فلم يكذبهم, ووعدهم فلم يخلفهم, فهو ممن كملت مروءته, و ظهرت عدالته, ووجبت أخوته, وحرمت غيبته .

تهذيب الأخلاق بالعلم، وتصفية الأعمال بالإخلاص، وتوفير الحقوق في المعاملات.

 

ما هي الأخلاق؟ :


الأخلاق حركة الإنسان، تحرك، تاجر، باع، اشترى، عزى، هنأ، تنزه، سافر، نام,  تزوج، طلق، الحركة ما الذي ينظمها عند المؤمن؟ الأخلاق التي جاء بها النبي. 

كنت أقول دائماً: القرآن كون ناطق، والكون قرآن صامت، والنبي -عليه الصلاة و السلام- قرآن يمشي.

(( عَنْ سَعْدِ بْنِ هِشَامِ بْنِ عَامِرٍ قَالَ: أَتَيْتُ عَائِشَةَ فَقُلْتُ: يَا أُمَّ الْمُؤْمِنِينَ, أَخْبِرِينِي بِخُلُقِ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-, قَالَتْ: كَانَ خُلُقُهُ الْقُرْآنَ, أَمَا تَقْرَأُ الْقُرْآنَ قَوْلَ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ: ﴿وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ﴾ قُلْتُ: فَإِنِّي أُرِيدُ أَنْ أَتَبَتَّلَ, قَالَتْ: لَا تَفْعَلْ, أَمَا تَقْرَأُ: ﴿لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ﴾ فَقَدْ تَزَوَّجَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-, وَقَدْ وُلِدَ لَهُ ))

إن تكلم فهو صادق، وإن تعامل مع الناس تعامل بخلق كريم.

ورد عن النبي -عليه الصلاة والسلام-: من عامل الناس فلم يظلمهم، وحدثهم فلم يكذبهم, ووعدهم فلم يخلفهم, فهو ممن كملت مروءته, وظهرت عدالته, ووجبت أخوته, وحـــرمت غيبته.

تهذيب الأخلاق بالعلم، وتصفية الأعمال بالإخلاص، وتوفير الحقوق في المعاملات.

المؤمن الصادق يضبط أموره، ويعتقد اعتقاداً جازماً بأنه مكلف: 

العلم بالتعلم، وإنما الحلم بالتحلم، والكرم بالتكرم

إذا غضبت في هذه المرة، في المرة الثانية كن حليماً، هذه المرة تسرعت، في المرة الثانية كن متأنياً.

هناك قصص كثيرة جداً: لو الإنسان تسرع, ندم ندماً لا حدود له، قبل أن تتهم، قبل أن تأخذ أقوالاً مضادة, وقبل أن تلتقي مع صاحب الحق حقِّق. سيدنا سليمان قال:

﴿ قَالَ سَنَنْظُرُ أَصَدَقْتَ أَمْ كُنْتَ مِنَ الْكَاذِبِينَ (27)  ﴾

[ سورة النمل ]

قال تعالى:

﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَأٍ فَتَبَيَّنُوا أَنْ تُصِيبُوا قَوْماً بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَى مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ (6) ﴾

[ سورة الحجرات ]

حركة الحياة يضبطها العلم بالسنة.

الإنسان أحياناً يكون في دعوة أكل، وهناك عشرون آخرون يأكلون, شبع، انسحب من المائدة, انسحابه يحرج الباقين، شبعت ابق في مكانك ولا تأكل, هناك إنسان جاء متأخراً، وهناك إنسان جائع، وهناك إنسان يأكل ببطء، أنت أحرجته، فالسنة ألاّ تقوم عن الطعام إلا بعد أن ينتهي آخر إنسان، لست مكلفاً أن تتابع الطعام، ولكن ينبغي ألاّ تقوم عن الطعام حتى ينتهي آخر إنسان، هذا من السنة، فما الذي يضبط لك سلوكك؟ السُّنة.

أحياناً: تجد شخصاً جالساً مع عمه، والد زوجته، يدخل في موضوع العلاقات الحميمة بينه وبين زوجته، هذه ابنته، لما صهره يتكلم كلاماً متعلقاً بالعلاقات الزوجية، الأب يخجل، قد يذهب به التخيل، فمن السُّنة: ألاّ تتحدث أمام والد الفتاة أو أخوتها عن موضوعات في العلاقة الزوجية، هكذا من السنة, فكلما تعلمت عن سنة النبي العملية شيئاً وطبقته, جاء علمك ضابطا لسلوكك.

 

الأخلاق تهذب بالعلم :


لمّا النبي -عليه الصلاة والسلام- ورد عنه: 

أتدرون ما حق الجار؟ إذا استعان بك أعنته، وإذا استنصـرك نصرته، وإذا استقرضك أقرضته، وإذا أصابه خير هنّأته، وإذا أصابته مصيبة عزّيته, ولا تستطل عليه بالبناء فتحجب عنه الريح إلا بإذنه، وإذا اشتريت فاكهة فأهدِ له منها، فإن لم تفعل فأدخلها سرًّا، ولا يخرج بها ولدُك ليغيظ بها ولده، ولا تؤذه بقتار قدرك، إلا أن تغرف له منها

عطاؤك ابنك عندما يذهب إلى المدرسة مبلغاً كبيراً أو طعاماً باهظ الثمن، هذا مخالف للسنة, أطعمه هذا الطعام في البيت، وأعطه إلى المدرسة الطعام العادي الذي يأكله جميع الطلاب، هناك آباء بعيدون عن السنة، قطعة ثمنها ثمانون ليرة أو خمسمائة، وفي الحضانة، هذا لا يجوز, شيء يثير التقزز، اجعل ابنك كالباقين، من أجل أخلاقه، الطفل الصغير قد يفتخر، وقد يغيظ أصدقاءه.

ولا يخرج بها ولدك ليغيظ بها ولده، ولا تؤذه بقتار قدرك إلا أن تغرف له منها.

فالأخلاق تُهذب بالعلم.

النبي -عليه الصلاة والسلام- كان أديبا إلى درجة غير معقولة، قيل: ما رُئي مادًّا رجليه قط، ولا بين أصحابه, مع أنه سيد الخلق، أما إذا كان الإنسان معذوراً, فالمعذور لا علاقة له بالحديث، في المركبة العامة مقعدان، يجلس إنسان ولا يترك لجاره إلا قدراً يسيراً ليجلس هذا القدر، لا ينتبه، يجب أن نجلس بأدب، كلما ارتقى الإنسان مقاما تجده أديباً جداً، في حركاته, وسكناته, وتناول طعامه، في كل حاجاته.

(( فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ, أَنَّ رَجُلًا أَسْوَدَ, أَوْ امْرَأَةً سَوْدَاءَ كَانَ يَقُمُّ الْمَسْجِدَ فَمَاتَ, فَسَأَلَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عَنْهُ, فَقَالُوا: مَاتَ, قَالَ: أَفَلَا كُنْتُمْ آذَنْتُمُونِي بِهِ؟ دُلُّونِي عَلَى قَبْرِهِ, أَوْ قَالَ قَبْرِهَا, فَأَتَى قَبْرَهَا فَصَلَّى عَلَيْهَا ))

وهو نبي هذه الأمة يعلمك التواضع، أنت قد تكون مدير شركة وعندك مستخدَم، هذا المستخدم في الدنيا مستخدم، أما في الآخرة فقد يكون أعلى منك درجة عند الله عز وجل، فالإسلام يعلمك التواضع ويعلمك الإنصاف.

توفير الحقوق أيضاً من الرياضة : الأخلاق تهذب بالعلم، والأعمال تتوج بالإخلاص,  والحقوق تتوافر بالمعاملة، أو تعطي ما أُمرت به من حقوق الله والعباد كاملة غير موفورة. 

الآن: قليل من الناس يموت والده, فيوزِّع التركة بالعدل التام، له أختان متزوجتان لا ترثان, البيت الذي يسكنه الأخ ثمنه اثنا عشر مليوناً, يقول لأخته: تعالي اجلسي, من منعكِ؟ هذا بيت العائلة, لما الأب مات لم يعد بيت العائلة، صار بيت الورثة، فهذه الأخت لها حق في هذا البيت، عملياً لا تُعطى شيئاً، حتى أثاث البيت يكون من نصيب الأخ, ولا يوزع على الإناث منه شيئاً، فالبطولة أن تؤدِّي الحقوق.

أعرف أخاً من أخواننا، كلما يسلم عليّ أكبره، له أخت فقط، أخته متزوجة, وزوجها له بيت، ودخله جيد، وليست بحاجة أبداً، بيت الأب يسكنه الابن مع والدته، قال لي: واللهِ قيّمت البيت على أنه فارغ، لا على أنه مستأجر, وأعطيت أختي حصتها بالكمال والتمام.

 

مثال على أداء الحقوق :


لي قريبة تزوجت في سن متأخرة، من رجل له أولاد صالحون، فقالت لأولاد زوجها : واللهِ والدكم قبل أن يموت وهب لي شفهياً مبلغ خمسمائة ألف يستثمرها عند فلان، قال لي: هذه لكِ, فقالوا: سمعاً وطاعة، وقالوا للمستثمر: أعطها إيصالاً باسمها بدل إيصال والدي، شيء جيد ببساطة، لكن من دون دليل مادي، مهرها خمسة عشر ألف، أعطوها إياه بالتمام و الكمال قبل توزيع الإرث، بعد أيام جاؤوا, فقالوا: سألنا عالمــاً، فقال: لا بد أن يُعطى المهر على السعر المعاصر، فأعطوها مقابله مائة وثمانين ألف ليرة، وكل حاجاتها مؤمّنة بعد وفاة والدهم، ثم اشتروا لها بيتا بما تملك، وأسّسوه لتسكنه، هم لم يفعلوا إلا الحق، ولكن لأن العمل نادر, صار يلفت النظر, هذا شيء طبيعي، حقوق، فالإنسان إذا لم يؤد الحقوق فلا مقطوع عن الله عز وجل.

توفير الحقوق في المعاملة: أن تعطي به من حق الله وحقوق العباد كاملاً موفوراً.

قال رجل لسيدنا عمر: أتحبُّني؟ قال له: واللهِ لا أحب، قال له: هل يمنعك بغضك لي من أن تعطيني حقي؟ قال له: لا واللهِ، قال له: إذًا إنما يأسف على الحب النساء.

ليس هناك مشكلة، فأن تصحح العمل بالعلم، وأن تصحح النية بالإخلاص، وأن تؤدي الحقوق لأصحابها بالتمام والكمال، هذه هي الرياضة، هذه المنزلة التي أدخلها صاحب المدارج، مدارج السالكين, في منازل إياك نعبد وإياك نستعين.

عندنا رياضة بمستوى أعلى؛ رياضة المؤمنين، قال: هناك رياضة خاصة :

هناك إنسان متفوق، من خصائص هذه الرياضة: قطع ما يفرق قلبك عن الله، كل شيء يصرفك عن الله تقطعه, هذه رياضة، حتى المباحات، شيء مباح، لكن قلبك تعلق به، دعه، لأن الله عز وجل هو المقصود.

قال: قطع ما يفرق قلبك عن الله بالجمع عليه، والإقبال بكليتك عليه، حاضراً معه، بقلبك كله، لا تلتفت إلى غيره، هذه مرتبة أعلى.

هناك شيء آخر: الإنسان أحياناً يتعلق برأي ويبحث له عن أدلة، هذا موقف خطأ، الأصل: أن تتعلق بالحق وأن تسعى لتطبيقه أينما كان الحق.

أيها الإخوة، رياضة الخاصة أن تقطع كل ما يبعدك عن الله، قطع ما يفرق قلبك عن الله بالجمع عليه، والإقبال بكليتك عليه.

هناك نقطة ثانية: أن تحكِّم العلم لا أن تحكِّم الحال:

الإنسان أحيانا يكون له إقبال على الله شديد، يعيش من الغمرة من الحال المسعد، هذه الغمرة من الحال المسعد, قد تحمله على أن يقول شيئا غير صحيح، فهو دائماً يحكِّم العلم بالحال، ولا يحكّم الحال بالعلم الحال خطير، سمِّي حالاً لأنه يحول.

مثلاً: هذا الذي فَقَدَ ناقته وهو في الصحراء, فأيقن بالهلاك وبكى، هذه قصته:

(( عَنْ الْحَارِثِ بْنِ سُوَيْدٍ, حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْعُودٍ حَدِيثَيْنِ: أَحَدُهُمَا عَنْ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-, وَالآخَرُ عَنْ نَفْسِهِ, قَالَ: إِنَّ الْمُؤْمِنَ يَرَى ذُنُوبَهُ كَأَنَّهُ قَاعِدٌ تَحْتَ جَبَلٍ يَخَافُ أَنْ يَقَعَ عَلَيْهِ, وَإِنَّ الْفَاجِرَ يَرَى ذُنُوبَهُ كَذُبَابٍ مَرَّ عَلَى أَنْفِهِ, فَقَالَ بِهِ هَكَذَا, قَالَ أَبُو شِهَابٍ بِيَدِهِ فَوْقَ أَنْفِهِ, ثُمَّ قَالَ: لَلَّهُ أَفْرَحُ بِتَوْبَةِ عَبْدِهِ مِنْ رَجُلٍ نَزَلَ مَنْزِلًا وَبِهِ مَهْلَكَةٌ, وَمَعَهُ رَاحِلَتُهُ عَلَيْهَا طَعَامُهُ وَشَرَابُهُ, فَوَضَعَ رَأْسَهُ فَنَامَ نَوْمَةً فَاسْتَيْقَظَ وَقَدْ ذَهَبَتْ رَاحِلَتُهُ, حَتَّى إِذَا اشْتَدَّ عَلَيْهِ الْحَرُّ وَالْعَطَشُ, أَوْ مَا شَاءَ اللَّهُ, قَالَ: أَرْجِعُ إِلَى مَكَانِي, فَرَجَعَ فَنَامَ نَوْمَةً, ثُمَّ رَفَعَ رَأْسَهُ, فَإِذَا رَاحِلَتُهُ عِنْدَهُ ))

حاله الشديد بالعثور على ناقته أخلّ توازنه فقال كلاماً كفراً, هناك من يلتفت إلى قلبه ويتصل بربه، فيشعر بنشوة كبيرة جداً، هذه تبعده عن العلم، فيحكِّم حاله لعلمه، والأولى أن يحكِّم علمه بحاله.

 

والحال أنواع:


هناك حال شيطاني، إذا دخل أحدهم بيتاً –مثلاً-, واستطاع أن يأخذ منه مليون ليرة -الطريقة سهلة-, ولم ينتبه أحد،  قعدت مع هذا السارق، تجد إشراقة في وجهه، لأنه حقق هدفه، فهل يُسمى هذا الحال راقياً؟ كل إنسان يحقق هدفاً ولو كان خسيساً يشعر بنشوة، أما نحن فعندنا العلم يتحكم في الحال، العلم حكَم على الحال، وليس الحال حكماً على العلم. 

هناك أناس كثيرون أحوالهم تتحكم بعلمهم، تأخذه نشوة فيتكلم كلاماً غير صحيح، قد يستعلي وقد يطعن في الآخرين، أساسه نشوة، فمن لوازم رياضة الخاصة: أن علمه متحكم بحاله، وليس العكس. 


هناك رياضة خاصة الخاصة .


هؤلاء المتفوقون: مرتبتهم مرتبة الامتياز، قال: هذه المرتبة لا يرى إلا الله، لا يرى عمله، حتى لو أن الله عز وجل أجرى على يده خيراً كبيراً لا يرى عمله.

قال: ألم تكونوا ضلالاً فهداكم الله بي؟

ما قال: فهديتكم، هداكم الله بي، حتى الإنسان في المرتبة العالية لا يرى عمله، يرى فضل الله عليه، حتى لو كنت مستقيماً، لو أنك في زمن الفتنة, تجاهد نفسك وهواك، لولا أن الله عز وجل أعانك على الاستقامة لما كنت مستقيماً، والدليل: سيدنا يوسف حينما قال: 

﴿ قَالَ رَبِّ السِّجْنُ أَحَبُّ إِلَيَّ مِمَّا يَدْعُونَنِي إِلَيْهِ وَإِلَّا تَصْرِفْ عَنِّي كَيْدَهُنَّ أَصْبُ إِلَيْهِنَّ وَأَكُنْ مِنَ الْجَاهِلِينَ ( 33 )﴾

[ سورة يوسف ]

أي عفّتي بمعونتك يا رب، عفتي واستقامتي وورعي بدعم منك، من أنا لولا دعمك لي؟ هذا مستوى عال جداً، حتى بالتفوق، حتى بالإيجابيات، حتى بالإنجازات, لا ترى إلا فضل الله عليك.

 

الخلاصة :


مرة كنت في جلسة، وهناك إنسان فيه روح من الدعابة اللطيفة, أضحك من في المجلس مرتين أو ثلاثاً، قلت لهم: اشكروا الله على هذا الضحك، قالوا: ولِم؟ قلت لهم: لأن الذي أضحككم قادر على أن يبكيكم، أضحككم، لأنه يوجد ما يسيئكم من مرض وهم وغم، فإذا ضحك الإنسان, معنى ذلك: أن الله سمح له أن يضحك، فكلما تفوقت عند الله عز وجل ترى فضل الله عليك:

إذا كنت في كل حال معي           فعن حمل زادي أنا في غنى

فأنتم هو الحق لا غيركم            يا ليت شعري أنا من أنــا

تتلاشى ذاتك أمام عظمة الله، عبّر عنها علماء القلوب بالفناء، أنت ليس لك وجود.

النبي الكريم حدّثنا عن أعماله العظيمة، قال: هذه جهد مقل.

فكلما كبرت عند الله، رأيت فضله ولم تر عملك، وكلما صغرت عند الله, رأيت فضلك وعملك, ولم تر فضل الله عليك.

و الحمد لله رب العالمين

الاستماع للدرس

00:00/00:00

تحميل النص

إخفاء الصور