2006-08-21
الحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين ، اللهم لا علم لنا إلا ما علمتنا إنك أنت العليم الحكيم ، اللهم علمنا ما ينفعنا ، وانفعنا بما علمتنا وزدنا علماً ، وأرنا الحق حقاً وارزقنا اتباعه ، وأرنا الباطل باطلاً وارزقنا اجتنابه ، واجعلنا ممن يستمعون القول فيتبعون أحسنه ، وأدخلنا برحمتك في عبادك الصالحين ، اللهم أخرجنا من ظلمات الجهل والوهم إلى أنوار المعرفة والعلم ، ومن وحول الشهوات إلى جنات القربات .
ضرورة تطبيق منهج الله تطبيقاً متوازناً كاملاً :
أيها الأخوة ؛ مع درس جديد من دروس فقه السيرة النبوية ، وأحب أن أذكركم تكراراً أن السّنة النبوية هي أقوال النبي ، وأن السّنة النبوية هي أفعال النبي ، أقواله سُنة ، وأفعاله سُنة ، وإقراره سُنة ، وإذا تكلم أحد أمام النبي كلمة فسكت إذاً أقواله صحيحة .
إذاً أقواله ، وأفعاله ، وإقراره ، أقواله في درس الحديث الشريف ، أما أفعاله ففي درس السيرة النبوية .
وأذكر مرة ثانية أن أفعاله أصدق في التعبير عن فهمه لكلام الله من أقواله ، لأن أفعاله حدية ، أما أقواله فتحتمل التأويل ، فلذلك قال تعالى :
﴿ وَمَا آَتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا ﴾
هناك نقطة دقيقة جداً هي أن الأحداث التي وقعت في عهد النبي لم تكن أحداثاً عادية ، إنما هي مقصودة لذاتها ، يأتي حدث فيقف النبي منه الموقف الكامل ، موقفه تشريع ، هو شرع بأقواله ، وشرع بأفعاله ، بل إن أفعاله فيها مغزى ، إنها تعبر عن حقيقة مع البرهان عليها ، ذلك لأن هناك تهمة لمن يرشد الناس ، يقول الذي يستمع إليك : هذا كلام مثالي ، هذا كلام غير واقعي ، لا يطبق ، يصعب تطبيقه ، ما كل أوامر الدين صالحة للتطبيق في آخر الزمان ، هذا إن كانت أقواله ، أما إن كانت أفعالاً ففعل النبي ينطلق من حقيقة يؤكدها النبي بفعله ، لكن الفعل جعل المثالية واقعاً ، لذلك الدعاة مهمتهم أن يجعلوا الواقع مثالياً ، وأن يعبروا عن مثالية واقعية ، أن يعبروا عن مثالية قابلة للتطبيق .(( أشدكم خشية لله أنا ، أنام وأقوم ، أصوم وأفطر ، أتزوج النساء ، آكل اللحم ، هذه سنتي فمن رغب عنها فليس من أمتي ))
أنا مع كامل التعظيم لأبي حنيفة النعمان ، قد يكون هذا القول غير صحيح ، لأنه خلاف الفطرة ، النوم أساسي في حياتنا ، لا تأتني بدين لا يصلح للتطبيق ، أعطني منهجاً واقعياً، يمكنني أن أتزوج ، وأن أؤسس عملاً ، وأن أربح ، وأن أُنجب أولاداً ، أن أكون في أعلى درجة القرب من الله ، هذا المنهج .النبي عليه الصلاة والسلام مشرع في سيرته وسيرته حديّة :
إذاً قد يقول أحدكم : أنا أحضر درس سيرة وقعت قبل ألف و أربعمئة عام ، هذه الأحداث التي وقعت أحداث نموذجية ، كانت مقصودة من قِبل الله عز وجل ، وقد وقف النبي صلى الله عليه وسلم منها الموقف الكامل ، فكان موقفه تشريعاً .
مثلاً : سيدنا عمر أراد أن يهاجر ، وقف أمام المشركين في النهار ، جهرة ، ونهاراً، وإعلاناً ، وقال : " من أراد أن تثكله أمه فليحق بي إلى هذا الوادي " ، وهاجر جهاراً عياناً نهاراً على جميع الخلق ، يأتي سيد الخلق ، وحبيب الحق ، وسيد ولد آدم يهاجر مع أبي بكر سراً ، باتجاه الساحل ، باتجاه معاكس للمدينة ، يقبع في غار ثور أياماً ثلاث ليخف عليه الطلب ، أيهما أشجع ؟ قد يقول قائل لا يعرف حقيقة النبوة : عمر ، لأنه هاجر متحدياً جهاراً نهاراً ، أما المتعمق في الدين فيقول : الأشجع رسول الله .
كان الصحابة الكرام إذا حمي الوطيس يلوذون برسول الله ، ولكن النبي عليه الصلاة والسلام مشرع ، أما سيدنا عمر فيمثل نفسه فقط ، سيدنا رسول الله لو هاجر كعمر لعدّ اقتحام الأخطار واجباً ، ولعدّ أخذ الحيطة حراماً ، لهلكت أمته من بعده ، النبي مشرع ، أما سيدنا عمر فيمثل نفسه فقط .
لذلك أن يقول أبو حنيفة لا أدري ما إذا هذا قاله أم لم يقله ، لكن ورد عنه ، ولا أدري إن كان هذا واقعاً أو ليس بواقع ، على كل ليس في طاقة البشر أن يصلي أربعين عاماً بوضوء العشاء ، فوق طاقتهم ، قيام الليل وارد ، أما ألا ينام إطلاقاً فلا .
إذاً النبي عليه الصلاة والسلام في سيرته مشرع ، وسيرته حدية ، أي أصدق بالتعبير عن فهمه لكتاب الله من أقواله ، لأن أقواله تحتمل التأويل ، أما أفعاله فلا تحتمل شيئاً .
كل محنة للمؤمن يأتي بعدها منحة من الله :
لذلك حينما كان عليه الصلاة والسلام في الطائف ، وانتظر منهم أن يؤمنوا به ، وأن يحموه ، وقد أخرجته قريش ، كيف استقبلوه ؟ بالتكذيب ، بالسخرية ، بل أغروا صبيانهم بإيذائه ، حتى سال الدم من قدمه الشريفة ، الآن دققوا ماذا قال ، قال :
(( اللهم إليك أشكو ضعف قوتي ، وقلة حيلتي ، وهواني على الناس ))
الآن الناس أليسوا هينين على بقية الأمم والشعوب ؟ الله عز وجل قال :﴿ وَجَزَاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِثْلُهَا ﴾
إذا أسيء إليهم بتوهمهم يكيلون الصاع ألف ضعف ، نحن في أمسّ الحاجة إلى هذا الدعاء : " اللهم إليك أشكو ضعف قوتي ، وقلة حيلتي ، وهواني على الناس ، يا رب المستضعفين إلى من تكلني ؟ إلى صديق يتجهمني أم إلى عدو ملكته أمري ؟ إن لم تكن غضب علي فلا أبالي ، ولك العتبى حتى ترضى ، لكن عافيتك أوسع لي" .((لكن عافيتك أوسع لي ))
أي يا رب إذا كانت هذه الشدة وذاك الإيذاء تعبيراً عن غضبك عليّ فأنا أستغفرك ، وأتوب إليك ، أما إن لم يكن هناك من علاقة بين هذه الشدة وبين غضبك فأنا راضٍ عنك يا رب، هذا الموقف ، لكن شدة ما بعدها شدة .﴿ سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلاً مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِنْ آَيَاتِنَا ﴾
إذا كانت محفوظات الرجل لكتاب الله ضعيفة جداً ، ولم يتمكن أن يتذكر تمام الآية يقول أغلب الظن :﴿ إِنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ﴾
لأنه أسرى به من مكة إلى بيت المقدس ، ومن بيت المقدس إلى سدرة المنتهى ، وفي الأعم الأغلب﴿ إِنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ﴾
الآية ليست كذلك :﴿ إِنَّه هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ ﴾
أي يا محمد حينما وضع الله بين يديك إمكانية الانتقام ، ملك الجبال قال له : يا محمد ، أمرني ربي أن أكون طوع إرادتك ، لو شئت لأطبقت عليهم الجبلين ، كُذب ، وسُخر منه وضُرب ، ثم أتيح له أن ينهي وجودهم ، قال :((اللهم اهد قومي ))
ما تخلى عن قومه ، دعا لهم بالهدى ، واعتذر عنهم :((فإنهم لا يعلمون))
ودعا لهم أن تكون ذريتهم صالحة ، لعل الله يخرج من أصلابهم من يوحده ، هذه المحنة جاءت وراءها منحة ، أنت يا محمد سيد ولد آدم .﴿ عِنْدَ سِدْرَةِ الْمُنْتَهَى ﴾
بلغ درجة ما بلغها مخلوق في الكون .﴿ عِنْدَهَا جَنَّةُ الْمَأْوَى * إِذْ يَغْشَى السِّدْرَةَ مَا يَغْشَى * مَا زَاغَ الْبَصَرُ وَمَا طَغَى * لَقَدْ رَأَى مِنْ آَيَاتِ رَبِّهِ الْكُبْرَى ﴾
﴿ أَفَتُمَارُونَهُ عَلَى مَا يَرَى ﴾
هذا العطاء ،﴿ إِنَّه هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ ﴾
أي سمعنا دعاءك يا محمد في الطائف ، وهذه المكافأة ، هذه مكافأة السماء عن جفوة الأرض ، هذه مكافأة ربك الذي دعوت إليه خالصاً عن تكذيب الناس .﴿ وَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئاً وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَعَسَى أَنْ تُحِبُّوا شَيْئاً وَهُوَ شَرٌّ لَكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ ﴾
إذا أكل الشخص مالاً حراماً ، أو اعتدى على أعراض المسلمين ، أو غشهم ، فجاء عقاب إلهي ، هذا الكلام الذي أقوله الآن لا ينطبق على هذه الحالة ، هذه الشدة التي أصابتهم عقاب من الله ، وليست ابتلاء ، أنا أقول لمؤمن مستقيم جاءته شدة ، مستقيم ، مصلٍّ ، صائم ، عابد ، مطيع ، له أعمال صالحة ، هذا المؤمن إذا أصابته شدة ، وليس في حياته مخالفة تسـتأهل العقاب نقول : هذه المحنة وراءها منحة ، وهذه الشِّدة وراءها شَدة إلى الله عز وجل ، لذلك للمؤمن المستقيم كل محنة وراءها منحة ، وكل شِدة وراءها شَدة إلى الله عز وجل ، بعد الطائف عرف النبي أنه ولد سيد آدم ، الأنبياء جميعاً في بيت المقدس اِئتموا به ، إذاً هو سيد الأنبياء والمرسلين ، بل هو سيد ولد آدم ، بل هو أفضل الخلق ، وحبيب الحق ، بل الله عز وجل أقسم بعمره الثمين ، فقال :﴿ لَعَمْرُكَ إِنَّهُمْ لَفِي سَكْرَتِهِمْ يَعْمَهُونَ ﴾
بل إن الله عز وجل ما ناداه باسمه أبداً ، في حين أنه نادى أنبياءه بأسمائهم .﴿ يَا يَحْيَى ﴾
﴿ يَا زَكَرِيَّا ﴾
﴿ يَا عِيسَى ﴾
ليس في القرآن كله يا محمد ، يوجد :﴿ يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ ﴾
﴿ يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ ﴾
تكريماً له .﴿ وَعَسى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَعَسَى أَنْ تُحِبُّوا شَيْئًا وَهُوَ شَرٌّ لَكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ ﴾
الأعمال الصالحة في صحيفة من عملها إلى يوم القيامة :
لو أسقطنا هذه المعاني على ما يعانيه المسلمون اليوم من محن ومصائب في أفغانستان ، في العراق ، في لبنان ، في فلسطين ، هذه شِدة ، والله عز وجل يقول :
﴿ وَلَنُذِيقَنَّهُمْ مِنَ الْعَذَابِ الْأَدْنَى دُونَ الْعَذَابِ الْأَكْبَرِ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ ﴾
لكن الذين شردوا عن الله عز وجل شروداً كاملاً ، وليس فيهم ذرة خير قال عنهم :﴿ فَلَمَّا نَسُوا مَا ذُكِّرُوا بِهِ فَتَحْنَا عَلَيْهِمْ أَبْوَابَ كُلِّ شَيْءٍ حَتَّى إِذَا فَرِحُوا بِمَا أُوتُوا أَخَذْنَاهُمْ بَغْتَةً فَإِذَا هُمْ مُبْلِسُونَ ﴾
عندنا ملاحظات حول عقد الإخاء الذي تحدثنا عنه في الدرس الماضي .﴿ مَثَلاً كَلِمَةً طَيِّبَةً كَشَجَرةٍ طَيِّبَةٍ أَصْلُهَا ثَابِتٌ وَفَرْعُهَا فِي السَّمَاء ﴾
أنت قد لا تعلم الخير الكثير الذي ينتج عن دعوتك إلى الله ، قد لا تعلم ، وأنت ضعيف ، لكن الله عز وجل يمكن أن يجري على يديك من الأعمال الصالحة ما لم يوصف .﴿ وَالَّذِينَ آَمَنُوا وَاتَّبَعَتْهُمْ ذُرِّيَّتُهُمْ بِإِيمَانٍ أَلْحَقْنَا بِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَمَا أَلَتْنَاهُمْ مِنْ عَمَلِهِمْ مِنْ شَيْءٍ كُلُّ امْرِئٍ بِمَا كَسَبَ رَهِينٌ ﴾
خمسة و أربعون رجلاً نتج عنهم مجتمع من مليار وخمسمئة مليون ، هذا الذي وصل بالإسلام إلى الصين ، كل من أسلم في هذا البلد في صحيفته ، والذي وصل بالإسلام إلى الغرب وشمالي إفريقيا .المؤاخاة ليست مجرد لقاء اثنين بل هي تعاون بين اثنين :
في الدرس الماضي بينت لكم أن المؤاخاة من كمالها لا أن تكون بين متماثلين ، أن تكون بين إنسان له أسبقية وإنسان حديث ، فالذي له أسبقية يعلم المبتدئ ، وقد تكون بين غني وفقير ، فالغني يرعى الفقير ، وبين قوي وضعيف ، وبين صحيح ومريض ، وبين متزوج وشاب على طريق الزواج ، يعطيه خبراته ، افعل ، لا تفعل ، إياك أن تقول هذه الكلمة ، عامل أهل زوجتك هكذا .المؤاخاة في الإسلام مدرسة تربوية وعهد دائم :
أيها الأخوة ؛ المؤاخاة في الإسلام مدرسة تربوية ، وعهد دائم يلتزم به المسلم مدى الزمن ، وتفقد بعضهم بعضاً ، وما من شيء أحب إلى الإنسان من أخ في الله ، الأخ في الله غالٍ جداً ، الأخ في الله نوع متميز ، يأخذ بيدك وتأخذ بيده ، ينصحك وتنصحه ، يعاونك وتعاونه، يقرضك وتقرضه ، يخدمك وتخدمه ، من هنا قال عليه الصلاة والسلام فيما يرويه عن ربه :
((حقت محبتي للمتحابين فيّ ، وحقت محبتي للمتواصلين فيّ ، وحقت محبتي للمتناصحين فيّ ، وحقت محبتي للمتزاورين فيّ ، وحقت محبتي للمتباذلين فيّ ، المتحابون فيّ على منابر من نور يغبطهم بمكانهم النبيون - يوم القيامة- والصديقون والشهداء ))
الإسلام محبة وتواضع و تضحية و إيثار :
نحن أيها الأخوة كمسلمين بحاجة إلى المحبة ، مع مضي الأزمان قسا القلب ، صار هناك خصومات ، ومهاترات ، وتراشق تهم ، وعلاقات غير طيبة ، لذلك :
﴿ وَلَا تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ ﴾
نحن بحاجة إلى أن نحب .الجماعة رحمة والفرقة عذاب :
أنا أريد لهذا الدرس أن يترجم إلى واقع ، كيف آخى النبي صلى الله عليه وسلم بين أصحابه ، ينبغي أن يأخذ الواحد منكم أخاً لله ، خذ اسمه ، وهاتفه ، وعنوانه ، وعمله ، الدرس الثاني الاثنين ما جاء ، أخبره ، كم تكلفك هذه ؟ لا شيء ، أحياناً يأتي إنسان إلى الدرس متأخراً جداً ، يدرك مع الشيخ صلاة العشاء ، ما سمع ولا كلمة ، يقول لك : والله انتعشت بهذه الصلاة ، هذا معنى : الجماعة رحمة ، والفرقة عذاب .
(( عليكم بالجماعة وإياكم والفرقة ، فإن الشيطان مع الواحد وهو من الاثنين أبعد))
(( وإنما يأكل الذئب القاصية ))
اتخذ لك أخاً في الله ، هذه نصيحتي تطبيقاً لهذا الدرس ، كيف آخى النبي الكريم بين المهاجرين والأنصار ، أنت اختر أخاً ، تستطيع أن تعاونه ، أو يعاونك ، لذلك قال عليه الصلاة والسلام :((مَثَلُ الْمُؤْمِنِينَ فِي تَوَادّهِمْ وَتَرَاحُمِهِمْ وَتَعَاطُفِهِمْ ، مَثَلُ الْجَسَدِ . إِذَا اشْتَكَىَ مِنْهُ عُضْوٌ ، تَدَاعَىَ لَهُ سَائِرُ الْجَسَدِ بِالسّهَرِ وَالْحُمّىَ ))
(( مَثَلُ الْمُؤْمِنِينَ فِي تَوَادّهِمْ ))
مودة ، ابتسامة ، وجه طلق ، مصافحة ، دعوة ، ضيافة ، بذل ، هدية ، هذا كله مودة ، الهدية مودة ، والدعوة مودة ، والنصيحة مودة ، والمعاونة مودة .(( يد الله مع الجماعة ))
(( عليكم بالجماعة وإياكم والفرقة ، فإن الشيطان مع الواحد وهو من الاثنين أبعد))
وإنما يأكل الذئب الغنم القاصية ، هذا الحديث أيها الأخوة أصل في العلاقات بين المؤمنين .((مَثَلُ الْمُؤْمِنِينَ فِي تَوَادّهِمْ وَتَرَاحُمِهِمْ وَتَعَاطُفِهِمْ ، مَثَلُ الْجَسَدِ . إِذَا اشْتَكَىَ مِنْهُ عُضْوٌ ، تَدَاعَىَ لَهُ سَائِرُ الْجَسَدِ بِالسّهَرِ وَالْحُمّىَ ))
الإسلام اجتماعي :
أخواننا الكرام ؛ الإسلام اجتماعي ، صلاة الجماعة تعدل صلاة الفرد بسبعة و عشرين ضعفاً ، الصيام جماعي ، الحج جماعي ، ديننا دين جماعي ، والجماعة رحمة .
مرة قرأت كلمة أعجبتني ، الكلمة : لست وحدك في الحياة ، أنت لست وحدك في الحياة ، الواحد للمجموع ، والمجموع لواحد .
هناك أمثلة أيها الأخوة أمثلة كثير جداً ، بعض الأمثلة : إنسان تزوج ، ودخله محدود، وبحاجة إلى ألف حاجة ، أصدقاؤه وأخوانه في الله اجتمعوا وقرروا ، وجمعوا مبالغ من المال جيدة ، وأمّنوا له كل حاجاته الثانوية ، يلزمه مروحة ، يلزمه براد ، يلزمه غسالة ، يلزمه غاز ، أمّنوا له كل ما يحتاج ، كلما تزوج واحد منهم الكل يتعاون ، هذا مجتمع التعاون ، هذا مجتمع المؤمنين .
فيا أيها الأخوة ؛ لست وحدك في الحياة ، حينما تكون مع مؤمنين صادقين الكل لك وأنت للكل .
تشريعات الإسلام جميعاً قائمة على بناء المجتمع الموحد المتماسك الصالح في بناء الأسرة ، وحقوق كل من الزوج والزوجة والأولاد وغير ذلك .
الذي أتمناه عليكم أن ننطلق إلى تنفيذ هذه المؤاخاة ، عندك أخ بالله ، اثنان أحسن، ثلاثة أحسن ، أربعة أحسن ، كلما كان المؤمنون أكثر ولاءً ، وتضحية ، ومؤاثرة ، وخدمة كانوا أقرب إلى الله عز وجل .
وفي درس قادم إن شاء الله نتابع هذا الموضوع .