- الحديث الشريف / ٠1شرح الحديث الشريف
- /
- ٠3أحاديث متفرقة
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين، اللهم لا علم لنا إلا ما علمتنا، إنك أنت العليم الحكيم، اللهم علمنا ما ينفعنا وانفعنا بما علمتنا وزدنا علماً، وأرنا الحق حقاً وارزقنا إتباعه، وأرنا الباطل باطلاً وارزقنا اجتنابه، واجعلنا ممن يستمعون القول فيتبعون أحسنه، وأدخلنا برحمتك في عبادك الصالحين.
تمهيد:
أيها الأخوة الكرام؛ قفزت إلى ذهني حكمة متعلقة بتناول الطعام، هذه الحكمة:
اجلس إلى الطعام وأنت تشتهيه ودعه وأنت تشتهيه.
هذه حكمةٌ بالغة في تناول الطعام، اجلس إليه وأنت جائع وقم عنه قبل أن تشبع، أحياناً يطرح موضوع في درس الأحد أول درس ثاني درس ثالث درس أشعر أن الأخوة الكرام تأثروا تأثراً شديداً، أصل إلى الدرس الرابع أو الخامس أشعر أنهم وصلوا إلى حد ما قبل الإشباع فأدع هذا الموضوع إلى وقت آخر وندخل في موضوع جديد، الحكمة من ذلك أن نكون دائماً في تجدد، وأن نأخذ من موضوعات الفقه ومن أحاديث النبي عليه الصلاة والسلام ما نحن في أمس الحاجة إليه.
الحقيقة في كتاب صحيح البخاري وهو من أصح الكتب بعد القرآن الكريم باب الفتن، وفي هذا الباب أحاديث صحيحة عن النبي صلى الله عليه وسلم فيها ما يدهش، إنسان قد يستوعب عصره، قد يستوعب ثقافة عصره، وقد يتتبع أخبار الأمم السابقة أما أن يكشف لك المستقبل إلى نهاية الدوران طبعاً هذا ليس من عند النبي، قال تعالى:
﴿ عَالِمُ الْغَيْبِ فَلَا يُظْهِرُ عَلَى غَيْبِهِ أَحَداً (26) إِلَّا مَنِ ارْتَضَى مِنْ رَسُولٍ﴾
فالذي أخبرنا عنه النبي عليه الصلاة والسلام عن أحوال آخر الزمان ليس من عنده لأنه لا يعلم الغيب إلا الله، ولكن الذي أخبرنا عنه النبي عليه الصلاة والسلام هو من عند الله، لأن كل ما تكلم به النبي لا ينطق به عن الهوى إن هو إلا وحي يوحى.
فتن آخر الزمان:
من أجمع الأحاديث المتعلقة بآخر الزمان والذي ينضوي تحت كتاب الفتن في صحيح البخاري أن أبا إدريس الخولاني يقول :
(( عنَ أَبَا إِدْرِيسَ الْخَوْلانِيَّ أَنَّهُ سَمِعَ حُذَيْفَةَ بْنَ الْيَمَانِ يَقُولُ : كَانَ النَّاسُ يَسْأَلُونَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهم عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنِ الْخَيْرِ وَكُنْتُ أَسْأَلُهُ عَنِ الشَّرِّ مَخَافَةَ أَنْ يُدْرِكَنِي))
هذا منهج أيضاً أين هناك؟ أين الأخطار؟ أين مكامن الشر؟ أين المنزلقات؟ قد تسأل عن الخير وهذا شيء طبيعي وطيب لكن ينبغي أن تبحث عن الخطر أين يكمن الخطر؟ أين يكمن المنزلق؟ متى تزل قدمي؟ ما الذي يجذبني إلى المعصية؟
(( كَانَ النَّاسُ يَسْأَلُونَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهم عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنِ الْخَيْرِ وَكُنْتُ أَسْأَلُهُ عَنِ الشَّرِّ مَخَافَةَ أَنْ يُدْرِكَنِي))
لأن الخير لا يسبقه لكن الشر يدركه، الخير مع الإنسان، الخير لا يسبق أما الشر يدرك.
(( فَقُلْتُ : يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّا كُنَّا فِي جَاهِلِيَّةٍ وَشَرٍّ))
في جاهلية زنا، خمر، ربا، ظلم اجتماعي، كبر، عتو، عنجهية، اقتتال لأسباب تافهة، عصبية عمياء، يعني يمد أحدهم رجله يقول من كان أشرف مني فليضربها، يقوم إنسان فيضربها فتنشب حرب تدوم عشر سنوات، أسباب تافهة جداً حروب طاحنة غزو، ونهب، وسلب، وخمر، وزنا، كانت المرأة تتقلب بين عشرة رجال، وكان أحدهم بكل بساطة يقول لامرأته اذهبي إلى فلان فاستبضعي منه شيء لا يصدق، فوضى بالجنس لا توصف، فوضى بالأخلاق، الخمر شيء في دمهم تمشي، الربا الفاحش، القهر.
(( فَقُلْتُ : يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّا كُنَّا فِي جَاهِلِيَّةٍ وَشَرٍّ فَجَاءَنَا اللَّهُ بِهَذَا الْخَيْرِ))
جئتنا أنت نعرف أمانتك، وعفافك، وصدقك، نعرف نسبك دعوتنا إلى الله لنعبده ونوحده، ونخلع ما كان يعبد آباؤنا من الحجارة والأوثان، أمرتنا بصدق الحديث، أداء الأمانة، صلة الرحم، حسن الجوار، الكف عن المحارم والدماء، جاءنا خير دللتنا على الله عبدنا الله أطعناه أقبلنا عليه، شرفت قلوبنا بذكره، سعدنا، اطمأننا، اغتنينا، تصادقنا، تحاببنا.
(( فَقُلْتُ : يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّا كُنَّا فِي جَاهِلِيَّةٍ وَشَرٍّ فَجَاءَنَا اللَّهُ بِهَذَا الْخَيْرِ فَهَلْ بَعْدَ هَذَا الْخَيْرِ مِنْ شَرٍّ ؟))
بعد أن جاء الوحي وأنزل القرآن وبين النبي معاني هذا الكتاب والتف العرب حوله وفتحت مكة، ودخل الناس في دين الله أفواجاً.
(( فَهَلْ بَعْدَ هَذَا الْخَيْرِ مِنْ شَرٍّ ؟ قَالَ : نَعَمْ ، قُلْتُ : وَهَلْ بَعْدَ ذَلِكَ الشَّرِّ مِنْ خَيْرٍ؟))
نحن كنا في جاهلية وشر جاءنا الله بك أصبحنا بخير، هل بعد هذا الخير من شر نعم.
(( قَالَ : نَعَمْ وَفِيهِ دَخَنٌ))
الدخن يعني دخان، جو غير صافي، اللون غير صافي لون قريب من السواد، سواد فاقع أو لون رمادي داكن، الدخن الحقد، القلوب غير صافية، العلاقات غير نظيفة، في صلاة وفي صوم وفي حج وفي مساجد وفي قرآن وفي كل شيء ولكن لا يوجد صفاء، لا يوجد حب، لا يوجد علاقات نقية جداً، لا يوجد اندفاع شديد إلى الله.
(( قَالَ : نَعَمْ وَفِيهِ دَخَنٌ ، قُلْتُ : وَمَا دَخَنُهُ ؟ قَالَ : قَوْمٌ يَهْدُونَ بِغَيْرِ هَدْيِي))
تركت السنة، ترك الهدى الذي جاء به النبي، قلدنا الغربيين تتبعناهم، اعتززنا بهم، لو دخلوا جحر ضب لدخلناه، لا نعتز إلا إذا كان الشيء عن الغرب، تقاليدنا، عاداتنا، احتفالاتنا، أفراحنا، أتراحنا، لباسنا، ثيابنا، كل مظاهر حياتنا مقتبس من الثقافة الغربية.
(( قَالَ : قَوْمٌ يَهْدُونَ بِغَيْرِ هَدْيِي ، تَعْرِفُ مِنْهُمْ وَتُنْكِرُ))
يصلون أما لقاءاتهم مختلطة، يصوموا، أما دخلهم حرام، يحجوا أما عقيدتهم زائغة، يدخلون إلى بيت الله جميعاً أما في بغضاء، في تحاسد، في طعن، وفي نفوس مريضة.
(( قَالَ : قَوْمٌ يَهْدُونَ بِغَيْرِ هَدْيِي ، تَعْرِفُ مِنْهُمْ وَتُنْكِرُ))
في شيء جيد وشيء سيئ، خلطوا عملاً صالحاً وآخر سيئاً هؤلاء أمرهم إلى الله.
((ركعتان من ورع خير من ألف ركعة من مخلط))
من هو المخلط؟ هو الذي خلط عملاً صالحاً وآخر سيئاً، حديث رائع جداً.
(( كَانَ النَّاسُ يَسْأَلُونَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهم عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنِ الْخَيْرِ وَكُنْتُ أَسْأَلُهُ عَنِ الشَّرِّ مَخَافَةَ أَنْ يُدْرِكَنِي فَقُلْتُ : يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّا كُنَّا فِي جَاهِلِيَّةٍ وَشَرٍّ فَجَاءَنَا اللَّهُ بِهَذَا الْخَيْرِ فَهَلْ بَعْدَ هَذَا الْخَيْرِ مِنْ شَرٍّ ؟ قَالَ : نَعَمْ ، قُلْتُ : وَهَلْ بَعْدَ ذَلِكَ الشَّرِّ مِنْ خَيْرٍ ؟ قَالَ : نَعَمْ وَفِيهِ دَخَنٌ قُلْتُ : وَمَا دَخَنُهُ ؟ قَالَ قَوْمٌ يَسْتَنُّونَ بِغَيْرِ سُنَّتِي وَيَهْدُونَ بِغَيْرِ هَدْيِي تَعْرِفُ مِنْهُمْ وَتُنْكِر))
شيء تعرفه من الشرع وشيء ليس من الشرع، شيء فعله النبي وشيء ما فعله النبي، شيء جاء به القرآن وشيء لم يأتِ به القرآن.
(( تَعْرِفُ مِنْهُمْ وَتُنْكِرُ ، فَقُلْتُ : هَلْ بَعْدَ ذَلِكَ الْخَيْرِ مِنْ شَرٍّ ؟ قَالَ : نَعَمْ))
ولكن يبدو الشر متعاظم.
(( دُعَاةٌ عَلَى أَبْوَابِ جَهَنَّمَ))
دعوة إلى المعصية، دعوة إلى الإباحية، دعوة إلى اغتصاب الأموال، دعوة إلى القهر والظلم.
(( دُعَاةٌ عَلَى أَبْوَابِ جَهَنَّمَ ، مَنْ أَجَابَهُمْ إِلَيْهَا قَذَفُوهُ فِيهَا))
ما أكثر الدعاة إلى النار، ما أكثر الدعاة إلى المعاصي والآثام، ما أكثر الدعاة إلى الفحش والتفحش، ذكرت لكم في درس سابق أن حول الشام ما يزيد عن ثلاثة وستين نادي ليلي ما في هذه النوادي؟ يقومون الليل، يصلون، يقرءون القرآن، أم يرتكبوا المعاصي والآثام؟ ذكرت لكم أيضاً أن في هذه البلدة كما سمعت من أحد الأخوة الكرام الدعاة واستفهمت منه بالهاتف يعني عدد كبير جداً من بيوت الدعارة نعم.
(( دُعَاةٌ عَلَى أَبْوَابِ جَهَنَّمَ ، مَنْ أَجَابَهُمْ إِلَيْهَا قَذَفُوهُ فِيهَا))
هذه الصحون في بناء واحد كما سمعت أكثر من ستة عشر صحناً في بناء واحد، ما في هذه الصحون؟ فقط من أجل أن يروا الصلاة في الكعبة هكذا يقولون يعني في قلبهم حرقةً لا حدود لها من أجل أن يرى الصلاة في الكعبة، اشتراه ودفع هذا الثمن الباهظ لهذا الهدف فقط، والله يعلم السرائر.
(( دُعَاةٌ عَلَى أَبْوَابِ جَهَنَّمَ ، مَنْ أَجَابَهُمْ إِلَيْهَا قَذَفُوهُ فِيهَا))
قصة واقعية:
أيها الأخوة الكرام؛ أنا أعني ما أقول، جاء رجل إلى أحد خطباء المساجد وإني أحترمه كثيراً وقال له: حدثت معي هذه القصة أرجوك أن تذكرها على المنبر، وذكرها على المنبر.
أب وزوجته وأولاده يتناولون طعام العشاء ويتابعون المحطات التي تأتي عبر هذه الصحون والتي كلما اتسعت ضاقت صحون المائدة، يبدو أن محطة ساقطةً فيها فيلم إباحي ما إن ظهر على الشاشة حتى حول الأب المحطة إلى غيرها لكن أحد أبنائه عرف رمزها وتجاهل وبدا أمام أبيه يعني شاب بريء جداً براءة الأطفال في عينيه، وبعد أن آوى الأب والأم إلى فراشيهما، قاما إلى هذا الجهاز وقلبا محطاته حتى عثرا على هذه المحطة وهاج بهما الهياج إلى أن سمع الأب أنيناً في الغرفة المقابلة استيقظ ليجد الذي لا يحتمل، ليصعق، ليجد ابنه فوق ابنته وذكر هذا لخطيب مشهور ورواها على المنبر، وأعتقد أن هذا يقع كثيراً.
(( دُعَاةٌ عَلَى أَبْوَابِ جَهَنَّمَ ، مَنْ أَجَابَهُمْ إِلَيْهَا قَذَفُوهُ فِيهَا فَقُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ : صِفْهُمْ لَنَا ، قَالَ : نَعَمْ قَوْمٌ مِنْ جِلْدَتِنَا وَيَتَكَلَّمُونَ بِأَلْسِنَتِنَا))
يعني يتكلمون العربية، جلدهم من جلدنا، من قومنا.
(( قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ : فَمَا تَرَى إِنْ أَدْرَكَنِي ذَلِكَ قَالَ : تَلْزَمُ جَمَاعَةَ الْمُسْلِمِينَ وَإِمَامَهُمْ ))
الهدف من هذا الحديث:
طبعاً هذا الحديث له تفاسير كثيرة جداً، يعني التفسير القريب يعني كن مع المؤمنين، آوي إلى مسجد، آوي إلى جماعةٍ طاهرة، جماعةٍ تقية، جماعةٍ مخلصة، انضم إليهم، الجماعة رحمة والفرقة عذاب، استأنس بهم، تقوى على دينك بصحبتهم، قال تعالى :
﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ﴾
﴿وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ وَلَا تَعْدُ عَيْنَاكَ عَنْهُمْ تُرِيدُ زِينَةَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَلَا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَنْ ذِكْرِنَا وَاتَّبَعَ هَوَاهُ وَكَانَ أَمْرُهُ فُرُطاً﴾
(( قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ : فَمَا تَرَى إِنْ أَدْرَكَنِي ذَلِكَ قَالَ : تَلْزَمُ جَمَاعَةَ الْمُسْلِمِينَ وَإِمَامَهُمْ))
لابد لك من جماعة صادقة مؤمنة، عفيفة، طاهرة، مخلصة، بعيدة عن أمور الدنيا، بعيدة عن المصالح، بعيدة عن الرغائب تبتغي وجه الله، هؤلاء كن منهم، كن معهم، هم القوم لا يشقى بهم جليسهم.
(( عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهم عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : .. يَدُ اللَّهِ مَعَ الْجَمَاعَةِ وَمَنْ شَذَّ شَذَّ إِلَى النَّارِ))
(( قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ : فَمَا تَرَى إِنْ أَدْرَكَنِي ذَلِكَ قَالَ : تَلْزَمُ جَمَاعَةَ الْمُسْلِمِينَ وَإِمَامَهُمْ ، فَقُلْتُ : فَإِنْ لَمْ تَكُنْ لَهُمْ جَمَاعَةٌ وَلا إِمَامٌ))
يعني في بلدة لا يوجد فيها دروس، في بلاد كثيرة لا يوجد فيها دروس.
(( قَالَ : فَاعْتَزِلْ تِلْكَ الْفِرَقَ كُلَّهَا))
هذه الفرق الضالة المضلة، والمنحرفة الشاردة، التائهة، التي تفتري على الله الكذب، التي تأتي بشيء ليس من الدين، التي تلغي بعض الدين، هؤلاء الذين يحاربون الإسلام بتفجيره من داخله باصطناع نماذج إسلامية وهي ليست كذلك.
(( قَالَ : فَاعْتَزِلْ تِلْكَ الْفِرَقَ كُلَّهَا))
يعني معقول أناس يهاجمون قريةً يذبحون تسعين رجلاً وامرأة ويبقرون بطون الحوامل، ويقال عنهم في الأخبار إنهم الأصوليون المسلمون هذا عمل إسلامي؟ هذا عمل إجرامي من يرضى به هذا لو عرضته على أهل الأرض قاطبةً على مليار ومئتين مسلم هل يقبله هذا هو الدين، الدين قتل، الدين جريمة، الدين بقر امرأة حامل، الدين قتل طفل صغير.
(( قَالَ : فَاعْتَزِلْ تِلْكَ الْفِرَقَ كُلَّهَا ))
هذه الفرق التي تشوه الدين، تمسخ الدين، تزور الدين، تضيف عليه ما ليس منه، تؤول تأويلاً منحرفاً، هي التي تجهل هؤلاء.
(( قَالَ : فَاعْتَزِلْ تِلْكَ الْفِرَقَ كُلَّهَا ، وَلَوْ أَنْ تَعَضَّ عَلَى أَصْلِ شَجَرَةٍ حَتَّى يُدْرِكَكَ الْمَوْتُ وَأَنْتَ عَلَى ذَلِكَ))
طبعاً الإنسان أحياناً يكسب مكاسب كبيرة إذا كان مع أناس منحرفين، يضمنوا له بيت، مركبة، مركز، إياك.
(( اعْتَزِلْ تِلْكَ الْفِرَقَ كُلَّهَا))
نسمع من حين إلى آخر أنه يوجد عبدة شيطان وهذه انتشرت في معظم البلاد الإسلامية، يعني شيء لا يقبله منطق، لا يقبل منطقاً ولا خلقاً، ولا ديناً ولا ذوقاً إطلاقاً.
(( اعْتَزِلْ تِلْكَ الْفِرَقَ كُلَّهَا ، وَلَوْ أَنْ تَعَضَّ عَلَى أَصْلِ شَجَرَةٍ حَتَّى يُدْرِكَكَ الْمَوْتُ وَأَنْتَ عَلَى ذَلِكَ))
يعني إذا كان موقفك الشريف، النبيل منعك من المكاسب المادية اقبل خشونة الحياة ولا تكن عوناً لهؤلاء على الفساد والإفساد.
مرة قال لي أخ وله أخ مقيم في بلد غربي ما وظيفته؟ وظيفته أنه يجري تعديلات على الأفلام الإباحية، إنسان أحياناً يكون عمله كله معصية، مبني عمله على معصية، على إفساد على إيذاء على إيقاع الشر، على ابتزاز الأموال، عملك شيء خطير جداً، ابحث عن حرفة شريفة.
(( عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهم عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا اللَّهَ وَأَجْمِلُوا فِي الطَّلَبِ فَإِنَّ نَفْسًا لَنْ تَمُوتَ حَتَّى تَسْتَوْفِيَ رِزْقَهَا وَإِنْ أَبْطَأَ عَنْهَا فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَجْمِلُوا فِي الطَّلَبِ خُذُوا مَا حَلَّ وَدَعُوا مَا حَرُمَ))
(( إن روح القدس نفث في روعي أن نفساً لن تموت حتى تستوفي رزقها ، فاتقوا الله عباد الله وأجملوا في الطلب واستجملوا مهنكم))
(( حَتَّى يُدْرِكَكَ الْمَوْتُ وَأَنْتَ عَلَى ذَلِكَ))
يعني يجب أن توطن نفسك على أن تعيش حياةً خشنة من أن تكسب مالاً حراماً يجب أن توطن نفسك على أن تعيش حياةً خشنة من أن تكون أداةً بيد الأشرار، يجب أن توطن نفسك على أن تعيش حياةً خشنة من أن تكون عوناً على إفشاء الضلال والمعصية.
المغزى الحقيقي للحديث:
هذا الحديث أيها الأخوة من أخطر الأحاديث .
(( أَبَا إِدْرِيسَ الْخَوْلَانِيَّ يَقُولُ : سَمِعْتُ حُذَيْفَةَ بْنَ الْيَمَانِ يَقُولا كَانَ النَّاسُ يَسْأَلُونَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهم عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنِ الْخَيْرِ وَكُنْتُ أَسْأَلُهُ عَنِ الشَّرِّ مَخَافَةَ أَنْ يُدْرِكَنِي فَقُلْتُ : يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّا كُنَّا فِي جَاهِلِيَّةٍ وَشَرٍّ فَجَاءَنَا اللَّهُ بِهَذَا الْخَيْرِ فَهَلْ بَعْدَ هَذَا الْخَيْرِ شَرٌّ ؟ قَالَ نَعَمْ، فَقُلْتُ : هَلْ بَعْدَ ذَلِكَ الشَّرِّ مِنْ خَيْرٍ ؟ قَالَ : نَعَمْ وَفِيهِ دَخَنٌ ، قُلْتُ : وَمَا دَخَنُهُ ؟ قَالَ : قَوْمٌ يَسْتَنُّونَ بِغَيْرِ سُنَّتِي وَيَهْدُونَ بِغَيْرِ هَدْيِي))
قال تعالى:
﴿ وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنْتَ فِيهِمْ وَمَا كَانَ اللَّهُ مُعَذِّبَهُمْ وَهُمْ يَسْتَغْفِرُونَ﴾
يعني إذا كانت سنتك في حياتهم مطبقةً ما كان الله ليعذبهم، لو أنهم لم يطبقوا سنتك واستغفروا ربهم ولزموا ورجعوا أيضاً هم في بحبوحة ثانية بحبوحة المغفرة.
(( قَالَ : قَوْمٌ يَسْتَنُّونَ بِغَيْرِ سُنَّتِي وَيَهْدُونَ بِغَيْرِ هَدْيِي ، تَعْرِفُ مِنْهُمْ وَتُنْكِرُ ، فَقُلْتُ: هَلْ بَعْدَ ذَلِكَ الْخَيْرِ مِنْ شَرٍّ ؟ قَالَ : نَعَمْ دُعَاةٌ عَلَى أَبْوَابِ جَهَنَّمَ مَنْ أَجَابَهُمْ إِلَيْهَا قَذَفُوهُ فِيهَا ، فَقُلْتُ : يَا رَسُولَ اللَّهِ صِفْهُمْ لَنَا))
قرأت في الجريدة أنه السلطات في تركيا منحت امرأة أعلى وسام تركي من الدرجة الممتازة لأن هذه المرأة حققت أكبر ضريبة نالتها الخزينة، ماذا تعمل هذه المرأة؟ تدير أكبر شركة دعارة في العالم استحقت وسام من الدرجة الأولى.
(( كيف بكم إذا رأيتم المنكر معروفاً والمعروف منكراً))
الأصل الشر، الأصل هي المعصية.
(( فَقُلْتُ : هَلْ بَعْدَ ذَلِكَ الْخَيْرِ مِنْ شَرٍّ ؟ قَالَ : نَعَمْ دُعَاةٌ عَلَى أَبْوَابِ جَهَنَّمَ مَنْ أَجَابَهُمْ إِلَيْهَا قَذَفُوهُ فِيهَا ، فَقُلْتُ : يَا رَسُولَ اللَّهِ صِفْهُمْ لَنَا ، قَالَ : نَعَمْ قَوْمٌ مِنْ جِلْدَتِنَا وَيَتَكَلَّمُونَ بِأَلْسِنَتِنَا ، قُلْتُ : يَا رَسُولَ اللَّهِ فَمَا تَرَى إِنْ أَدْرَكَنِي ذَلِكَ ، قَالَ : تَلْزَمُ جَمَاعَةَ الْمُسْلِمِينَ وَإِمَامَهُمْ ، فَقُلْتُ : فَإِنْ لَمْ تَكُنْ لَهُمْ جَمَاعَةٌ وَلا إِمَامٌ قَالَ فَاعْتَزِلْ تِلْكَ الْفِرَقَ كُلَّهَا وَلَوْ أَنْ تَعَضَّ عَلَى أَصْلِ شَجَرَةٍ حَتَّى يُدْرِكَكَ الْمَوْتُ وَأَنْتَ عَلَى ذَلِكَ))
أحاديث شريفة متنوعة :
(( عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهم عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَأْتِي عَلَى النَّاسِ زَمَانٌ الصَّابِرُ فِيهِمْ عَلَى دِينِهِ كَالْقَابِضِ عَلَى الْجَمْرِ))
(( عَنْ جُنْدَبِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْبَجَلِيِّ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهم عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : مَنْ قُتِلَ تَحْتَ رَايَةٍ عِمِّيَّةٍ يَدْعُو عَصَبِيَّةً أَوْ يَنْصُرُ عَصَبِيَّةً فَقِتْلَةٌ جَاهِلِيَّةٌ))
العصبية انحياز أعمى، قال الشاعر:
وما أنا إلا من غزية إن غوت غويت وإن ترشد غزية أرشد
الانحياز الأعمى إلى أمة أو إلى قوم، ولو كانوا منحرفين، ولو كانوا ضالين مضلين أنا معهم على الحق أو على الباطل.
(( مَنْ قُتِلَ تَحْتَ رَايَةٍ عِمِّيَّةٍ))
غير واضحة، الإسلام واضح، الإسلام يعمل تحت أشعة الشمس كما قال عليه الصلاة والسلام:
((عن الْعِرْبَاضَ بْنَ سَارِيَةَ يَقُولُ وَعَظَنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهم عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَوْعِظَةً ذَرَفَتْ مِنْهَا الْعُيُونُ وَوَجِلَتْ مِنْهَا الْقُلُوبُ فَقُلْنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ هَذِهِ لَمَوْعِظَةُ مُوَدِّعٍ فَمَاذَا تَعْهَدُ إِلَيْنَا قَالَ قَدْ تَرَكْتُكُمْ عَلَى الْبَيْضَاءِ لَيْلُهَا كَنَهَارِهَا لا يَزِيغُ عَنْهَا بَعْدِي إِلا هَالِكٌ))
ذكرت لكم كثيراً أننا لو اخترنا أكبر جامع في الشام الأموي وقد يتسع إلى مئة ألف مصلي واخترنا أعظم خطيب في الشام وألقى على هؤلاء خطبةً من أروع الخطب لكن الأبواب مغلقة فالصلاة باطلة لماذا؟ لأن دين الله لكل الخلق، دين مغلق لا يوجد، شيء لا يقال للعامة لا يوجد، دين الله، الحق لا يخشى البحث، ولا يستحيا به، ولا يحتاج إلى أن تكذب له، ولا إلى أن تكذب عليه، ولا يحتاج إلى تضخيم، ولا إلى تقليل من شأن خصومه، الحق حق هو أعظم من ذلك وأجل من ذلك، لذلك الإسلام أممي، الإسلام يلقى على رؤوس الأشهاد لأنه دين الله عز وجل.
(( مَنْ قُتِلَ تَحْتَ رَايَةٍ عِمِّيَّةٍ))
يعني تحت راية، مبدأ غير معروف، قتل في سبيل مبدأ وضعي من صنع البشر ما أنزل به قرآن، يعني دعوة ضبابية، دعوة غير واضحة، دعوة غير متماسكة، دعوة غير قوية، دعوية ينقصها دليل، هؤلاء الذين يعبدون الجرذان، الذين يعبدون البقر، يعبدون النار، ومعظم الناس الذي يعبد شهوته، قال تعالى:
﴿ أَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَهَهُ هَوَاهُ أَفَأَنْتَ تَكُونُ عَلَيْهِ وَكِيلاً﴾
(( مَنْ قُتِلَ تَحْتَ رَايَةٍ عِمِّيَّةٍ))
من علامات آخر الزمان:
((عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهم عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لا تَذْهَبُ الدُّنْيَا حَتَّى يَأْتِيَ عَلَى النَّاسِ يَوْمٌ لا يَدْرِي الْقَاتِلُ فِيمَ قَتَلَ وَلا الْمَقْتُولُ فِيمَ قُتِلَ فَقِيلَ كَيْفَ يَكُونُ ذَلِكَ قَالَ الْهَرْجُ الْقَاتِلُ وَالْمَقْتُولُ فِي النَّارِ))
يقول لك مائة ألف جرحوا في ليلة واحدة، في جنوب إفريقيا خمسة مئة ألف بأيام ذبحوا، نصف مليون مياه النيل تبدلت.
(( يَوْمٌ لا يَدْرِي الْقَاتِلُ فِيمَ قَتَلَ وَلا الْمَقْتُولُ فِيمَ قُتِلَ))
يوم يذوب قلب المؤمن في جوفه مما يرى ولا يستطيع أن يغير.
(( مَنْ قُتِلَ تَحْتَ رَايَةٍ عِمِّيَّةٍ يَدْعُو عَصَبِيَّةً أَوْ يَنْصُرُ عَصَبِيَّةً فَقِتْلَةٌ جَاهِلِيَّةٌ))
قال عليه الصلاة والسلام:
((عَنْ أَنَسٍ رَضِي اللَّهم عَنْهم قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهم عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : انْصُرْ أَخَاكَ ظَالِمًا أَوْ مَظْلُومًا ، قَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ : هَذَا نَنْصُرُهُ مَظْلُومًا فَكَيْفَ نَنْصُرُهُ ظَالِمًا قَالَ تَأْخُذُ فَوْقَ يَدَيْهِ))
يعني المؤمن ودوداً مع كل الناس لكن حبه وولائه لله عز وجل هناك رواية أخرى لهذا الحديث:
(( عَنْ أَبِي سَلامٍ قَالَ : قَالَ حُذَيْفَةُ بْنُ الْيَمَانِ قُلْتُ : يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّا كُنَّا بِشَرٍّ فَجَاءَ اللَّهُ بِخَيْرٍ فَنَحْنُ فِيهِ فَهَلْ مِنْ وَرَاءِ هَذَا الْخَيْرِ شَرٌّ ؟ قَالَ : نَعَمْ ، قُلْتُ هَلْ وَرَاءَ ذَلِكَ الشَّرِّ خَيْرٌ ؟ قَالَ : نَعَمْ ، قُلْتُ : فَهَلْ وَرَاءَ ذَلِكَ الْخَيْرِ شَرٌّ ؟ قَالَ : نَعَمْ ، قُلْتُ : كَيْفَ ؟ قَالَ : يَكُونُ بَعْدِي أَئِمَّةٌ لا يَهْتَدُونَ بِهُدَايَ وَلا يَسْتَنُّونَ بِسُنَّتِي وَسَيَقُومُ فِيهِمْ رِجَالٌ قُلُوبُهُمْ قُلُوبُ الشَّيَاطِينِ فِي جُثْمَانِ إِنْسٍ))
يعني القلب شيطان، المظهر إنسان، أو ذئب في صورة إنسان ضبع في صورة إنسان، ثعلب في صورة إنسان، يعني وحش في صورة إنسان.
(( قَالَ : قُلْتُ كَيْفَ أَصْنَعُ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنْ أَدْرَكْتُ ذَلِكَ ؟ قَالَ : تَسْمَعُ وَتُطِيعُ لِللأَمِيرِ وَإِنْ ضُرِبَ ظَهْرُكَ وَأُخِذَ مَالُكَ فَاسْمَعْ وَأَطِعْ))
الحكم الشرعي لا تنهى عن منكر إذا نتج عن ذلك فتنةً هي أشد من المنكر نفسه، وهذا ما يقع، الإنسان يجب أن يختار أهون الشرين لو أنكرت منكراً ونتج عن هذا المنكر فتنةٌ أشد ألف مرة من المنكر الذي تنكره.
يروون قصة مشهورة كثيراً أن سيداً عنده عبد رأى على رأس سيده ذبابة فقلق من أجله فأمسك صخرةً وضرب سيده بها من أجل أن يقتل الذبابة فسحق رأسه ممكن، هل يمكن من أجل أن تقتل ذبابة على رأس إنسان أن تسحق رأسه، هذا ما يفعله بعض الناس، حروب أهلية تدوم عشرات السنين، المنكر لا ينكر إلا إذا كانت النتيجة إلى خير، أما إذا أدى الإنسان المنكر إلى فتنة أشد من المنكر الذي تنكره عندئذٍ وقعت في فتنة كبيرة.
((عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهم عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ : مَنْ خَرَجَ مِنَ الطَّاعَةِ وَفَارَقَ الْجَمَاعَةَ فَمَاتَ مَاتَ مِيتَةً جَاهِلِيَّةً وَمَنْ قَاتَلَ تَحْتَ رَايَةٍ عِمِّيَّةٍ يَغْضَبُ لِعَصَبَةٍ أَوْ يَدْعُو إِلَى عَصَبَةٍ أَوْ يَنْصُرُ عَصَبَةً فَقُتِلَ فَقِتْلَةٌ جَاهِلِيَّةٌ وَمَنْ خَرَجَ عَلَى أُمَّتِي يَضْرِبُ بَرَّهَا وَفَاجِرَهَا وَلا يَتَحَاشَى مِنْ مُؤْمِنِهَا وَلا يَفِي لِذِي عَهْدٍ عَهْدَهُ فَلَيْسَ مِنِّي وَلَسْتُ مِنْهُ))
يعني الشيء المعروف لما الإنسان عندما ينفصل عن جماعة المؤمنين ويفك يده من طاعة من عاهده على الطاعة، ويفارق الجماعة يموت ميتة الجاهلية.
(( وَمَنْ قَاتَلَ تَحْتَ رَايَةٍ عِمِّيَّةٍ يَغْضَبُ لِعَصَبَةٍ أَوْ يَدْعُو إِلَى عَصَبَةٍ أَوْ يَنْصُرُ عَصَبَةً فَقُتِلَ فَقِتْلَةٌ جَاهِلِيَّةٌ وَمَنْ خَرَجَ عَلَى أُمَّتِي يَضْرِبُ بَرَّهَا وَفَاجِرَهَا وَلا يَتَحَاشَى مِنْ مُؤْمِنِهَا وَلا يَفِي لِذِي عَهْدٍ عَهْدَهُ فَلَيْسَ مِنِّي وَلَسْتُ مِنْهُ))
أيها الأخوة الكرام؛ أحاديث كثيرة وردت في صحيح البخاري عن فتن آخر الزمان ومن هذه الأحاديث أيضاً:
(( وَمَنْ خَرَجَ عَلَى أُمَّتِي يَضْرِبُ بَرَّهَا وَفَاجِرَهَا وَلا يَتَحَاشَى مِنْ مُؤْمِنِهَا وَلا يَفِي لِذِي عَهْدٍ عَهْدَهُ فَلَيْسَ مِنِّي وَلَسْتُ مِنْهُ))
فكل إنسان سلك طريقاً ملتوياً طريق الجريمة والانحراف والعنف بلا مبرر ينطبق عليه هذا الحديث:
(( وَمَنْ خَرَجَ عَلَى أُمَّتِي يَضْرِبُ بَرَّهَا وَفَاجِرَهَا وَلا يَتَحَاشَى مِنْ مُؤْمِنِهَا وَلا يَفِي لِذِي عَهْدٍ عَهْدَهُ فَلَيْسَ مِنِّي وَلَسْتُ مِنْهُ))
(( حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُعَاذٍ الْعَنْبَرِيُّ حَدَّثَنَا أَبِي حَدَّثَنَا عَاصِمٌ وَهُوَ ابْنُ مُحَمَّدِ بْنِ زَيْدٍ عَنْ زَيْدِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ نَافِعٍ قَالَ جَاءَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ إِلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُطِيعٍ حِينَ كَانَ مِنْ أَمْرِ الْحَرَّةِ مَا كَانَ زَمَنَ يَزِيدَ بْنِ مُعَاوِيَةَ فَقَالَ : اطْرَحُوا لأبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ وِسَادَةً ، فَقَالَ : إِنِّي لَمْ آتِكَ لأَجْلِسَ أَتَيْتُكَ لأُحَدِّثَكَ حَدِيثًا سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهم عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُهُ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهم عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ مَنْ خَلَعَ يَدًا مِنْ طَاعَةٍ لَقِيَ اللَّهَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ لا حُجَّةَ لَهُ وَمَنْ مَاتَ وَلَيْسَ فِي عُنُقِهِ بَيْعَةٌ مَاتَ مِيتَةً جَاهِلِيَّةً))
يعني مثيروا الفتن، والاضطرابات، وهذه الفتن تنتهي بقتل الأبرياء وسفك الدماء هؤلاء يموتون ميتةً جاهلية.
أيها الأخوة؛ في بعض الأحاديث أيضاً وشرحها قيل:
(( في آخر الزمان يكون بعد أئمة يهتدون بهدي ولا يستنون بسنتي))
(( قَالَ : قَوْمٌ يَسْتَنُّونَ بِغَيْرِ سُنَّتِي وَيَهْدُونَ بِغَيْرِ هَدْيِي))
هناك من يدعو الآن إلى كتاب الله وحده من دون السنة ويصف السنة بأنها فهم مرحلي من رسول الله عليه الصلاة والسلام لا يعتدون بها، هناك دعوة إلى إلغاء السنة، هناك دعوة إلى الاكتفاء بالقرآن الكريم، ومن يدعو بهذه الدعوة يخالف نص القرآن الكريم لأن الله سبحانه وتعالى يقول:
﴿ وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا﴾
أحكام كثيرة جداً لا نعرفها إلا من رسول الله، أنصبة الزكاة من أين أتينا بها؟ قال تعالى:
﴿ فَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ﴾
﴿ خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِهَا وَصَلِّ عَلَيْهِمْ إِنَّ صَلَاتَكَ سَكَنٌ لَهُمْ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ﴾
أما تفاصيل الزكاة، مصارف الزكاة، أنصبة الزكاة، ملابسات الزكاة هذه من بينها؟ إلا النبي عليه الصلاة والسلام، فهذه الدعوة إلى إلغاء السنة دعوةٌ خطيرة جداً، وأما قول النبي عليه الصلاة والسلام:
(( تَعْرِفُ منهم وتُنْكِرُ ))
معنى هذا أنه في شيء مقبول وشيء غير مقبول، مع أن منهج الله عز وجل لا يمكن أن نقطف ثماره إلا إذا طبقناه بكامله من جميع جوانبه، وفي شرح بعض هذه الأحاديث: أنه من أنكر المنكر برأ ومن كره سلم.
يعني المنكر يجب أن تنكره فإذا شهدت معصيةً وأنكرتها كمن غاب عنها، ومن غاب عن معصية فأقرها كان كمن شهدها، إذاً أنت لابد لك من البراء والولاء، البراء والولاء.
قال ابن مسعود وصى من سأله عليك بالجماعة فإن الله لم يكن ليجمع أمة محمد على ضلالة، وقد قال عليه الصلاة والسلام:
((عن أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ يَقُولُ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهم عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ : إِنَّ أُمَّتِي لا تَجْتَمِعُ عَلَى ضَلالَةٍ فَإِذَا رَأَيْتُمُ اخْتِلافًا فَعَلَيْكُمْ بِالسَّوَادِ الأَعْظَمِ))
النبي عليه الصلاة والسلام معصوم بمفرده ، بينما أمته معصومة بمجموعها، ولما قال النبي عليه الصلاة والسلام عليكم بالجماعة قال قوم المراد بهم أهل العلم لأن الله جعلهم حجةٌ على الخلق والناس تبع لهم في أمر الدين، يعني عليكم بالجماعة من الجماعة؟ دهماء الناس لا، سوقتهم، لا، رواد الملاهي، لا، إذا قال النبي الكريم عليكم بالجماعة فسره الصحابة الكرام المراد أهل العلم لأن الله جعلهم حجة على الخلق والناس تبع لهم في أمر الدين.
وفي شرح آخر للحديث الأول:
(( فإن مُتَّ يا حذيفة وأنتَ عاضّ على جِذْلِ شجرةِ خير لك من أن تَتَّبعَ أحداً منهم))
يعني إذا فرقة ضالة، منحرفة، ماجنة، لو حقق من خلالها مكاسب كثيرة، إن مت فقيراً عاضاً على أصل شجرة خير لك من أن تتبع أحداً من هؤلاء، وفي أيضاً في شرح للحديث الأول:
(( وسيقوم فيهم رِجَال قُلوبُهم قلوبُ الشياطين في جُثمان إنْس))
يعني الجسم إنسية يعني الجسم إنسي أما القلب شيطاني.
أيها الأخوة الكرام؛ سقت لكم هذه الأحاديث لأبين لكم أن النبي صلى الله عليه وسلم أطلعه الله على بعض الغيب الذي يكون في آخر الزمان، وهذا الاطلاع فائدته الكبيرة أنه يقي، وفي تحذير، فنحن كما فهمنا من هذه الأحاديث الشريفة علينا أن نبقى، وأن نلزم طاعة الله وطاعة رسوله، وأن نكون مع أخوتنا المؤمنين الذين أمرنا أن نكون معهم قال تعالى:
﴿ وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ وَلَا تَعْدُ عَيْنَاكَ عَنْهُمْ تُرِيدُ زِينَةَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَلَا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَنْ ذِكْرِنَا وَاتَّبَعَ هَوَاهُ وَكَانَ أَمْرُهُ فُرُطاً﴾
﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ﴾