وضع داكن
29-03-2024
Logo
أحاديث متفرقة - الدرس : 075 - أخطر ما يتهدد المسلمين هو الخصومات فيما بين هم.
   
 
 
 بسـم اللـه الرحمـن الرحيـم  
 

 الحمد لله رب العالمين ، و الصلاة و السلام على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين ، اللهم لا علم لنا إلا ما علمتنا ، إنك أنت العليم الحكيم ، اللهم علمنا ما ينفعنا و انفعنا بما علمتنا و زدنا علماً و أرنا الحق حقاً و ارزقنا إتباعه ، و أرنا الباطل بـاطلاً و ارزقنا اجـتنابه ، واجعلنا مـمن يستمعون القول فيتبعون أحسنه ، و أدخلنا برحمتك في عبادك الصالحين .
 أيها الأخوة الكرام :
 إنني أحرص دائماً على أن تكون موضوعات درس الأحد من الموضوعات التي تشتد الحاجة إليها ، فلو طرحت عليكم هذا السؤال : ما هو أكبر خطر يهدد المسلمين ؟ قد يخطر في بالكم أعداء المسلمين ، قد يخطر في بالكم الجهل ، قد يخطر في بالكم الدنيا الخضرة النضرة هذه تصرفهم عن دينهم ، لكن هل يخطر في بالكم أن أكبر خطر يهدد المسلمين هي الخصومات فيما بينهم وإليكم الدليل من السنة النبوية المطهرة :
عن أبي هريرة:

 

((أَنَّ رسولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قال : ' إِيَّاكُمْ وسُوءَ ذَاتِ البَيْن ، فَإِنَّهَا الحَالِقَةِ ' . قال الترمذي : قوله : ' سوءَ ذاتِ البَيْن ' ، يعني : العداوةَ والبغضاءَ ، وقوله : ' الحالقة '. يقول : إِنها تَحْلِق الدِّين))

 إياكم أي أن النبي عليه الصلاة والسلام يحذرنا أشد التحذير من سوء ذات البين ، سوء العلاقة بين المؤمنين ، لو استعرضت أحاديث رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا سيما الجانب الاجتماعي منها لوجدت العجب العجاب ، أي شيء يضعف العلاقة بين المؤمنين نهى النبي عنه وأي شيء يمتن العلاقة بين المؤمنين أمر النبي به ، مما يمتن العلاقة إفشاء السلام ، مما يمتن العلاقة عيادة المريض ، ما يمتن العلاقة إجابة الدعوة ، دعاك يجب أن تلبيه ، مما يمتن العلاقة أن تساعده وأن تقرضه وأن تنصره ، وأن توقره ، فكل حديث شريف متعلق بالناحية الاجتماعية قد تجد فيه العجب العجاب ، مما يضعف هذه العلاقة الغيبة هناك تحريم من الكبائر ، النميمة ، المحاكاة ، أن تقلب أخاك ، أن لا تنصره ، أن تسلمه ، أن تحتقره ، أن تغتابه ، أن تنقل إليه ما قاله زيد فيه ، فكل شيء يمتن هذه العلاقة أمرنا النبي به ، وكل شيء يضعف هذه العلاقة نهانا النبي عنه ، أما في هذا الحديث وصل النبي عليه الصلاة والسلام إلى لب المشكلة قال :

 

 

((إِيَّاكُمْ وسُوءَ ذَاتِ البَيْن ، فَإِنَّهَا الحَالِقَةِ ، إِنها تَحْلِق الدِّين ))

 يعني الدين ينتهي يصبح طقوساً لا معنى له شكليات ، هذا الحب لا معنى له ، الأخ المؤمن غيبته مقدسة ، أصحاب النبي عليهم رضوان الله كانوا مع النبي في غزوة تفقد النبي أحدهم قال : ما فعل فلان ، أحدهم قال : أعجبه بستانه عن أن يجاهد معك ، فقال أحد أصحاب رسول الله قال : والله ما نحن بأشد حباً لك من هذا الذي تخلف عنك ولو علم أنك تلقى عدواً ما تخلف عنك ، فتبسم عليه الصلاة والسلام وسر من هذه الإجابة .
 أنا الذي أريد أن نعيش الإسلام ، الإسلام في الكتب لا قيمة له ، كتب أحاديث ، كتب فقه ، نحن نريد أن نعيش الإسلام ، حينما كنا في الجامعة في اختصاص الأدب علمونا أنه هناك أدب كتب وهناك أدب حياة ، أدب الكتب يؤخذ من الكتب ويصب في الكتب لكن أدب الحياة يؤخذ من الحياة ويؤثر في الحياة ، الذي نسعى إليه إن شاء الله أن نعيش الإسلام ، هذا أخوك مقدس ، من أكرم أخاه فكأنما أكرم ربه ، أخوك يجب أن تكف اللسان عن الحديث عنه في غيبته ألم يقل عليه الصلاة والسلام : من عامل الناس فلم يظلمهم وحدثهم فلم يكذبهم ووعدهم فلم يخلفهم فهو ممن كملت مروءته وظهرت عدالته ووجبت أخوته وحرمت غيبته .
 يعني ليس من السهل أن يطرح اسم أخ في غيابه أن ننهش في عرضه نتهمه في اتهامات لا دليل لها كلما احتطنا وطبقنا سنة النبي تمتنت العلاقة بين المؤمنين وهذا الذي يرضي الله ، وهكذا كان أصحاب رسول الله لذلك يقول عليه الصلاة والسلام :

 

 

((إِيَّاكُمْ وسُوءَ ذَاتِ البَيْن ))

 النبي يحذرنا أن تنشأ علاقة سيئة بينك وبين إخوانك ، هذا تحذير وقائي ، الطريقة العلاجية لو أن هناك مشكلة ، قال تعالى :

 

 

﴿إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ فَأَصْلِحُوا بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ﴾

 

(سورة الحجرات)

 المؤمن الطيب ، الطاهر ، الذكي ، لا يعدم الكلمة الطيبة ، الاعتذار ، الهدية كما قال عليه الصلاة والسلام :
 عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ

((النبيَّ صلى الله عليه وسلم قال : ' تَهَادُوا ، فإن الهدية تُذْهِبُ وَحَرَ الصَّدْرِ ، ولا تَحْقِرَنّ جارة لجارتها ولو شِقَّ فِرْسِن شاة ))

 

 بين أخوين يوجد مشكلة وصل كلام غير صحيح ، إنسان نم بينهما ، بلغه أنك اغتبته في غيبته ، الحل ؟ الهدية ، قدم له هدية رمزية واعتذر له أنت أصلحت الذي بينك وبين أخيه، والله الذي لا إله إلا هو لو أن كل واحد منا سعى جهده لإصلاح كل علاقة بينه وبين أخوته المؤمنين لكنا في حال غير هذا الحال ، والله الذي لا إله إلا هو مرة ثانية لا شيء يؤلمني أشد الألم كأن أكتشف أنه بين الأخوة الكرام خصومات ، حسد ، غيرة أحياناً ، طعن، كل أخ له عند الله مقام ، هذا الذي ترك الدنيا من أجل ، هذا الذي التزم جانب الحق ، هذا له مكانته ، وتحرم غيبته ، ودائماً وأبداً التمس لأخيك عذراً ولو سبعين مرة ، أنا الذي أراه أنه على أول خطأ الأخ يعادى ، أين قول النبي التمس لأخيك عذراً ولو سبعين مرة ، ينبغي أن تلتمس له العذر .
(( عن أبي الدرداء قال :قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ' أَلا أُخبِرُكُم بأفضلَ من درجةِ الصيامِ ، والصلاةِ ، والصدقةِ ؟ قالوا : بلى ، قال : صَلاحُ ذاتِ البَيْنِ ، فَإِن فسادَ ذَاتِ البَيْنِ هي الحَالِقَةُ ' لا أقول هي تحلِقُ الشَّعْرَِ ، ولكن تَحْلِقُ الدِّين))
ولا تنسوا أن النبي عليه الصلاة والسلام حينما سئل عن امرأة تذكر أنها تكثر من صلاتها وصدقتها وصيامها غير أنها تؤذي جيرانها بلسانها ، قال : هي في النار .
 هذا التاريخ ، تاريخ الصحابة المشرق ألا ينبغي أن نجعله قدوةً لنا ، والله كل واحد منا يستطيع أولاً أن يحسن الظن بأخيه ، ثانياً أن يلتمس له العذر ، ثالثاً أن يكف عن غيبته ، رابعاً أن يساعده ، أن يعاونه والقاعدة الثابته أيها الأخوة : بلغت عن أخوك شيء إن كنت ذا إيمان كبير قد تعتقد أن هذا الشيء لا أصل له فلا تبالي به أما إذا شوشك فاذهب إليه مباشرةً وقل له بلغني عنك كذا وكذا ما قولك ، يوجد احتمالين إما أن يكون هذا الذي بلغك عنه ليس له أصل إطلاقاً ، أو له أصل وهناك وجهة نظر أنت لم تطلع عليها ، أو له أصل وقد تاب عن هذا الشيء ، لا تترك شيئاً في قلبك اتجاه أخوك ، أما إذا هذا الشيء شوشك ما عليك إلا أن تذهب إليه فوراً ، قال تعالى :

 

﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَأٍ فَتَبَيَّنُوا أَنْ تُصِيبُوا قَوْماً بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَى مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ ﴾

 

(سورة الحجرات )

(( عَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ قال :قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ' أَلا أُخبِرُكُم بأفضلَ من درجةِ الصيامِ ، والصلاةِ ، والصدقةِ ؟ قالوا : بلى ، قال : صَلاحُ ذاتِ البَيْنِ ، فَإِن فسادَ ذَاتِ البَيْنِ هي الحَالِقَةُ لا أقول تحلِقُ الشَّعْرَِ ، ولكن تَحْلِقُ الدِّين ))

 ما قيمة العالم الإسلامي إذا كان ممزق ، مشتت ، مبعثر ، مشرذم ، هؤلاء ضد هؤلاء ، على مستوى البلد ، على مستوى المدينة ، على مستوى الأحياء ، على مستوى الأسر ، ترى في كل أسرة شرخ هؤلاء يعادون هؤلاء ، فهذه الخصومات تفتت وحدة المسلمين وتضعف قوته .

 

((عن حميد بن عبد الرحمن عن أمه ، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : لم يكذبّ مَنّ نَمَى بين اثنين ليصلح وقال أحمد بنُ مُحمَّدٍ مُسَدَّدٌ ليس بالكاذاب من أصلح بين الناس ، فقال خيراً ، أو نمى خيراً ))

  يعني النبي سمح أن تقول لأخيك فلان يقدرك ، فلان يعرف قيمتك ، فلان يثني عليك ولو لم يكن هذا صحيحاً ، النميمة كما قال عليه الصلاة والسلام : النمام لا يدخل الجنة .

 

 

((عَنْ إِبْرَاهِيمَ عن همام قَالَ: كنا مع حُذيْفَةَ فقيل له إِن رجلاً يرفَعُ الحديث إلى عُثْمانَ فقال له حذيفةُ: سمعتُ النبيَّ صلى الله عليه وسلم يقول : لا يدخل الجنةَ قَتَّات ))

  عندما تقول لأخ أن فلان تكلم عنك كذا وكذا ، أنا أشعر أن هوةً سحيقةً نشأت بين الأخوين بفعل النمام ، أما أن تنم بالخير أي أن تنقل إليه كلاماً طيباً ، والله أثنى عليك ، يعرف أنك ذو مكانة ، كان يتمنى أن يفعل كذا معك ، يعني كنت البارحة في عقد قران دعيت لإلقاء كلمة ما أن اعتليت المنبر إن صح التعبير لأتكلم حتى دخلت الضيافة صدقاً تألمت ، ساعة ونصف ما وجدتم وقتاً للضيافة إلا بعد أن بدأت بالكلام وقف بعدي خطيب وقال للحاضرين خرج إلى خارج الحفل فاعتذر الذي يقدم الضيافة أشد الاعتذار لأنه قدمها في وقت غير مناسب وهو يعلم أنه هذا لا ينبغي ولكن كادت هذه الحلوى أن تسيح بالحر فقدمها ، يعني هذا الاعتذار لم يبقِ في القلب شيئاً ، اعتذار طيب جداً في البيت غلطت مع زوجتك يوجد أزواج يركبون رأسهم ، لو أنك قلت والله الحق معك يعني لم أنتبه وتكلمت هكذا ، انتهى كل شيء .
 أنا أقسم لكم بالله أن ألف مشكلة وقد ينتهي معظمها إلى الطلاق يحل بكلمة اعتذار ولكن الشيطان ينفخ بابن آدم ، يعني يقسم عليها يميناً لا ترى إلا أن تكسر يمينه ، بدأت المشاكل أما لو في اعتذار ، كلمة اعتذار ، كلمة طيبة ، كلمة حارة كما يقولون تنتهي المشكلة لذلك الكلمة الطيبة صدقة .

 

 

((عن أبي هريرة ، عَنِ النبي صلى الله عليه وسلم قال: الكلمة الطيبة صدقة ، وكل خطوة تمشيها إلى الصلاة صدقة ' أَوْ قَالَ إِلَى الْمَسْجِدِِ صَدَقَةٍ))
((عن أبي هريرة عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم قال: إِنَّ العبد ليتكلّم بالكلمة - مِنْ رضوان الله - لا يُلْقِي لها بالا ، يرفعه الله بها في دَرَجَاتٍ إن العبد ليتكلم بالكلمة من سخط الله لا يُلْقِي لها بالا يهوي بها في جهنم))

 لذلك :

 

 

((لم يكذبّ مَنّ نَمَى بين اثنين ليصلح وقال أحمد بن محمد وَمُسَدَّدٌٌ ليس بالكاذب من قال خيراً أو نمى خيراً))

  يعني مسموح لك أن تصلح بين الناس ولو بطريق الكذب ، طبعاً هذه رخصة من النبي من أجل تمتين العلاقة بين المؤمنين ، والحقيقة تماسك المؤمنين أحد أسباب قوتهم ، وتمزقهم أحد أسباب ضعفهم ، قال تعالى :

 

 

﴿وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَا تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ وَاصْبِرُوا إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ﴾

 

( سورة الأنفال)

  أنا لا أريد أن يكون هذا الدرس درساً للإعلام أنه يوجد أحاديث صحيحة رواها الأستاذ أنا أريد أن يطبق هذا الدرس فيما بينكم ، يعني إذا في علاقة غير طيبة ، في شيء في القلب ، يوجد مأخذ ، علاقة مشوشة بينك وبين أخيك ، بلغك أنه قال عنك كذا ، اذهب إليه وافتح معه صفحة جديدة واعتذر إليه أو يعتذر منك ومتن العلاقة بينك وبينه لأن فساد ذات البين هي الحالقة لا أقول حالقة الشعر بل حالقة الدين ، أنا بدأت الدرس بهذه المقدمة ، قد لا تصدقون أن أكبر خطر يهدد المسلمين هذه الخصومات التي بينهم ، ترى جماعات ودعوات ، وفئات ، وكتل ، وتجمعات ، كل يتهم الآخر والآخر يتهم الأول ، وكل يظن أنه هو على حق هذا الذي مزق المسلمين .

 

(( عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إنه سيكون بعدي اختلاف وأمر فإن استطعت أن تكون السلم فافعل ))

  قال أحد الشيوخ الكبار : عاش تسعين أو أكثر وما استطاع أحد في كل حياته أن يغتاب عنده أحداً ، اسكت يابا ، هذه غيبة ، الشيخ بدر الدين عاش عمراً وهو سيد علماء الشام وما استطاع أحد في حياته كلها أن يغتاب عنده أحداً ، قال : مرة قيل له أن هؤلاء الجماعة يقولون كذا وكذا ، قال : هل يعقل هذا ، بقي من هؤلاء من يقول هذا وهذا ، هذا هو جوابه ، يعني لا قبله ولا رفضه ، ممكن أن تكون أنت في حرز حريز حينما تسعى إلى لم الشمل وردء الصدع ، يعني إن استطعت أن تكون السلم فافعل ، يعني كون مصدر سلام لا مصدر خلاف ، سبب قطيعة ، سبب انهيار علاقة ، سبب عداوة ، سبب خصومة ، كن سبب وئام ، سبب محبة ، في بعض أخوانا الكرام الله يجزيهم الخير كل ما التقى معي يقول لي : كنا البارحة عند الأستاذ الفلاني وهو يهديك السلام أقول له : عليك وعليه السلام ، أنا أزور بعض الأخوة العلماء يقول أرسلت لنا سلام ونحن شاكرين لك ، هذا الأخ عمله أن يبلغهم سلامي ويبلغني سلامهم ، شيء جميل هذا يعمل مودة بالغة ، شيء جميل أن تكون أنت أداة إصلاح ، أداة وئام ، أداة تقريب ، أداة إخلاص " ...

 

 

(( فإن استطعت أن تكون السلم فافعل))

  أخوانا الكرام : أكثر الناس يظنون أن المعاصي سرقة ، زنا ، خمر ، قتل ، هذه كبائر رواد المساجد بعيدون عنها بعد الأرض عن السماء ، أما المعاصي التي يمكن أن يرتكبها رواد المساجد الغيبة ، النميمة ، الحسد ، الضغينة ، فإن استطعت أن تكون أداة جمع لا تفريق ، لا إبعاد جذب لا تنفير فافعل .

 

 

((وَكل نفس كتب عليها الصدقة كل يوم طلعت فيه الشمس ، فمن ذلك أن تعدل بين الإثنين صدقة))

  يعني إذا حكموك بين الاثنين وقفت موقف صريح وواضح ومع الحق فهذه صدقة ، كلمة الحق صدقة .

 

 

((وأن تعين الرجل على دابته وتحمله عليها صدقة وترفع متاعه عليها صدقة ، والكلمة الطيبة صدقة ، وكل خطوة تمشي بها إلى الصلاة صدقة))

 يجب أن تفعل الصدقات كل يوم حفاظاً على صحتك ، في أحاديث صحيحة كل سلامية عليها صدقة يعني كل عظم صغير ، السلاميات معروفة الإنسان فيه مائتان واثنين عظمة ، فهذه العظام عليها صدقة ، فكلمة العدل صدقة ، إصلاح ذات البين صدقة ، أن تعين الرجل على دابته صدقة ، أن ترفع متاعه عليها صدقة ، أن تميط الأذى صدقة طبعاً يعنينا من هذا الحديث إصلاح ذات البين ، و مما يقرب العلاقة بين المؤمنين التعاون .
 عن أبي بشر عَنْ سَلامِ بن عمرو اليشكري عن رَجلٍ من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم قَالَ : قال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم : إخوانكم فأصلحوا إليهم واستعينوهم على ما غلبوا وأعينوهم على ما غلبكم وأعينوهم على ما غَلَبِهِمْ "
 هذه قاعدة أيها الأخوة والله الذي لا إله إلا هو لو طبقناها لهانت علينا كل متاعب الحياة ، القاعدة المجموع لواحد والواحد للمجموع ، يعني كل إمكاناتك لكل أخوانك وإمكانات أخوانك مجتمعين لك ، هذا التعاون أيام الإنسان يحتاج إلى أخوانه .

 

 

((إخوانكم فأصلحوا إليهم واستعينوهم على ما غلبوا وأعينوهم على ما غَلَبِهِمْ ))

  يعني يوجد إنسان يريد أن يشتري غرفة نوم لا يعرف هناك أنواع سيئة وله أخ نجار قال له : أرجوك أن تذهب معي إلى السوق طبعاً الوقت ثمين جداً ولا سيما في هذه الأيام ضحى بساعتين من وقته وذهب معه ونصحه بنوع والسعر وقال له : اشتري هذه ، هذا استعنت به على ما غلبك ، أنت تجهل طريقة الشراء ، هو يستعين بك على ما غلبه ابنه ضعيف في الرياضيات وأنت عندك اختصاص قويت له ابنه ، إذا كل أخ أعان إخوانه على ما غلبهم واستعان بهم على ما غلبه صار في تعاون ، والحقيقة الحياة هي قرض يعني أنت حينما تقرض الله قرضاً حسناً وأفضل قرض أن يكون القرض لله عز وجل ، سبحان الله يوجد كلمة مؤثرة يعني الله عز وجل جعل كل الأعمال الصالحة على الإطلاق ولو كانت للبهائم جعلها قرضاً له يوجب السداد ، قال تعالى :

 

 

﴿مَنْ ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللَّهَ قَرْضاً حَسَناً فَيُضَاعِفَهُ لَهُ أَضْعَافاً كَثِيرَةً وَاللَّهُ يَقْبِضُ وَيَبْسُطُ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ﴾

 

(سورة البقرة)

 أخ قال لي : امرأة متقدمة في السن عمرها تسعين سنة حاملة حاجة كبيرة وتصعد الجبل ، والأخ معه سيارة فدعاها فركبت معه وحمل لها متاعها وأوصلها إلى الجادة العاشرة، قال لي : بقيت جمعة سعيد ، أخ ثاني قال لي : جاء إلى البيت الساعة الثانية عشرة مساءً بدمر رأى شاب وامرأة إلى جانبه تحمل طفلاً صغيراً والفزع ظاهر عليهما توقف طفل حرارته واحد وأربعين وهؤلاء غرباء عن دمشق فأخذهم بسيارته إلى المستشفى وبقي معهم حتى الفجر وأعادهم ، أقسم لي بالله أنه خلال أسبوعين عاش حالة قرب من الله لا توصف .
 كل الخلق عيال الله لا تقول له من أين أنت ، هذا عبد لله ، أنت تقرض الله قرضاً حسناً بخدمته ، وأبواب الخير أيها الأخوة لا تعد ولا تحصى.

 

(( عن أسماء بنت يزيد قالت: قال لها رسول الله صلى الله عليه وسلم : لا يحلُّ الكذب إلا في ثلاث يُحْدِثُ الرجل امرأته ليُرضِيَها وَ الكذب في الحرب وَ الكذب ليُصْلح بين النَّاسِ))

 يعني أخوانا الأزواج فهموا من هذا الحديث أن الكذب جائز على الزوجات فتوسعوا ، تجلس أنت في مجتمع النساء اشترى لي هذا الشيء بخمسة آلاف ، فتقول لك هذا ثمنه ألفين، هذا الحديث ليس هذا معناه إطلاقاً لما الزوج يغير أسعار الحاجيات ويرفع ثمنها وهو يظن أن هذا الكذب مباح ، ليس هذا الكذب الذي أراده النبي يعني لو أنها قالت له : أتحبني ، وقال لها: والله أحبك وكان حبه لها أقل من تصريحه لذلك لا يوجد مانع ، هو أراد أن يمكن مركزها ، أن يجعلها تركن إليه .

 

 

((لا يحلُّ الكذب إلا في ثلاث يُحْدِثُ الرجل ُ امرأته ليُرضِيَها))

 السيدة عائشة فعلت هذا ، قالت : يا رسول الله كيف حبك لي ؟ قلقة ، بالمناسبة المرأة إذا نجحت في زواجها نجحت في حياتها ، حياتها كلها زواجها فإذا خطبت وتزوجت وأحبها زوجها وصلت إلى كل أهدافها ، أما الرجل زواجه أحد فصول حياته ، دائماً وأبداً الأزواج .
 هذه زوجته الذي يستعين بها على أمر دينه ، هذه أم أولاده ، هذه التي قسمها الله له ، يعني أحياناً الحكمة لا أن تمون عندك امرأة غاية فيما تريد هذه تقعدك عن طلب الحق ، قد يكون الخير في الوسط ، لو أن زوجة سألت زوجها أتحبني قالت السيدة عائشة : كيف حبك لي ، قال لها النبي عليه الصلاة والسلام : كعقدة الحبل ، يعني عقدة متينة جداً ، تقول له من حين لآخر ، يقول عليه الصلاة والسلام : على حالها .
 دائماً الزوجة تحب أن تعرف مكانتها عند زوجها هل هو يحبها ، هل يحرص عليها ، هل باقية عنده إلى ما شاء الله ، أم أنه يفكر في تطليقها فلو أن زوجة سألت زوجها أتحبني ، يعني الكمال لله وحده فهو قال كلاماً أعلى مما هو فيه ، هو كذب بالحقيقة وهذا ليس بالكذب، فقال :

 

 

((لا يحلُّ الكذب إلا في ثلاث يُحْدِثُ الرجل ُ امرأته ليُرضِيَها والكَذِبُ فِي الْحَرْبِ))

 لأن الحرب خدعة لماذا نكذب بالحرب من أجل أن لا نقتل الأعداء من أجل أن نأسرهم لنهديهم إلى الله عز وجل ، يعني بالإسلام لا يوجد حرب تدمير في حرب هداية ، مشروعية الحرب في الإسلام نشر الحق فالمحارب المؤمن يحرص على أن يأسر الطرف الآخر ليدله على الله.

 

 

((وَالْكَذِبُ لِيُصْلِحَ بَيْنَ النَّاسِ ))

((عن ابن شهاب أخبرني حميد بن عبد الرحمن بن عوف أن أُمَّه أُمَّ كُلْثُومٍ بِنْتَ عُقْبَةَ بْنِ أَبِي مُعَيْطٍ وكانت من المهاجرات الأُوَل اللَّاتِي بَايَعْنَ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم أخبرته : أنها سمعت النبي صلى الله عليه وسلم وهو يقول : لَيْسَ الْكَذَّابُ الَّذِي يُصْلِحُ بَيْنَ النَّاسِ وَيَقُولُ خَيْرًا وَيَنْمِي خَيْرًا ، قَالَ ابْنُ شِهَابٍ وَلَمْ أَسْمَعْ يُرَخَّصُ فِي شَيْءٍ مِمَّا يَقُولُ النَّاسُ كَذِبٌ إِلا فِي ثَلاثٍ الْحَرْبُ وَالإصْلَاحُ بَيْنَ النَّاسِ وَحَدِيثُ الرَّجُلِ امْرَأَتَهُ وَحَدِيثُ الْمَرْأَةِ زَوْجَهَا))
 يعني يكون الزوج مؤمن لكن شكله ليس كما ينبغي ، فلو أن زوجته قالت والله إني أقدرك وأنت كل حياتي ولم يكن هو في نفسها كما تقول أيضاً هذا مسموح به ، يعني مسموح للزوجة أن تعبر عن محبتها لزوجها أكثر من الواقع ، ومسموح للزوج أن يعبر عن محبته لزوجته أكثر من الواقع من أجل أن يسير هذا المركب وأن نصل إلى دار الأمان بسلام ، لا يوجد شيء دائم ولا يوجد شيء أبدي ، وذكرت هذه الرواية لهذه الزيادة ، يعني أيضاً هي لو أنها عبرت عن محبتها العالية لزوجها وهي في الحقيقة أقل من ذلك لايوجد مانع لأنها هي تطمئنه ويطمئنها ، تزداد ثقته بها ويزداد ثقتها به .

 

 

((عن ابن عباس أنَّ زَوْجَ بَرِيرَةَ كَانَ عَبْداً يقال له : مُغيث ، كأني أنظر إليه يطوف خلفَها ودُمُوعُه تَسِيلُ على لحيته))

 يعني امرأة طلبت فراق زوجها وزوجها يحبها كثيراً
(( فقال النبي صلى الله عليه وسلم لِعباس : يَا عَبَّاسُ أَلا تَعْجَبُ مِنْ حُبِّ مُغِيثٍ بَرِيرَةَ وَمِنْ بُغْضِ بَرِيرَةَ مُغِيثًا ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : لَوْ رَاجَعْتِهِ قَالَتْ : يَا رَسُولَ اللَّهِ تَأْمُرُنِي ، قَالَ : إِنَّمَا أَنَا أَشْفَعُ ، قَالَتْ : لا حَاجَةَ لِي فِيهِ ))
 يعني الذي أريد أن أقوله لا ينبغي أن تضع مكانتك الدينية في أمر شخصي ، القضايا الشخصية دعها لأصحابها هناك من يتدخل في أخص خصوصيات الإنسان ، أحياناً أب يضغط على ابنته ليزوجها من ابن عمها وهي لا تحبها ، لا ينبغي أن يفعل هذا إطلاقاً ، لأن عقد الزواج لا يصح إلا بموافقة وليها وموافقتها هي .

 

 

((عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ زَوْجَ بَرِيرَةَ كَانَ عَبْدًا يُقَالُ لَهُ مُغِيثٌ كَأَنِّي أَنْظُرُ إِلَيْهِ يَطُوفُ خَلْفَهَا يَبْكِي وَدُمُوعُهُ تَسِيلُ عَلَى لِحْيَتِهِ فقال النبي صلى الله عليه وسلم: أَلا تَعْجَبُ مِنْ حُبِّ مُغِيثٍ بَرِيرَةَ وَمِنْ بُغْضِ بَرِيرَةَ مُغِيثًا ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : لَوْ رَاجَعْتِهِ قَالَتْ : يَا رَسُولَ اللَّهِ تَأْمُرُنِي ، قَالَ : إِنَّمَا أَنَا أَشْفَعُ ، قَالَتْ : لا حَاجَةَ لِي فِيهِ ))

 هذا الحكم الشرعي إياك أن تضغط في أمر شخصي ، النبي عليه الصلاة والسلام كان إذا خطب أحد ابنته يعطيها ظهره ويقول لها يا بنيتي إن فلان ذكركِ يستأذنها ، فلابد من أخذ أذن الفتاة في زواجها إلا أن الأب يبين لها ويوضح ويفصل حتى يقنعها بما هو خير له ، أرجو الله سبحانه وتعالى أن ينقلب هذا الدرس إلى ممارسات يومية ، أن ينقلب هذا الدرس إلى سلوك ، أن تصفى كل علاقة بين مؤمنين بالكلمة الطيبة ، بالاعتذار ، بالهدية ، قال عليه الصلاة والسلام :

 

 

((عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ تَهَادَوْا فَإِنَّ الْهَدِيَّةَ تُذْهِبُ وَحَرَ الصَّدْر))

 ما معنى تهادوا ؟ يعني فعل مشاركة ، يعني تهديه ويهديك ، رد الهدية واجب ، عملياً قدمت هدية وجاءك مكانها ما خسرت شيئاً ما الذي ربحته ؟ محبة أخيك لك ، الكلمة الطيبة ، الهدية ، الاعتذار ، صفي كل علاقة بينك وبين أخوانك ، هذا مما يرضي الله عز وجل وهذا مما يقوي المسلمين ، والحد الأدنى يكون في مكان صغير في الأرض يطبق فيه الإسلام كاملاً ، نحن لا نحتاج إلى كتب وإلى علوم بقدر ما نحتاج إلى مجتمع مسلم حقيقي وهذا الذي بلغني أنه في أمريكا يوجد حي في نيويورك حي إسلامي استطاع سكان هذا الحي أن يمنعوا المخدرات ، الزنا ، يمنعوا كل مشكلة وأن يتعاملوا كل تعامل طيب فصار الحي مضرب مثل والشركات العظمى تهافتت على فتح محلات في هذا الحي شيء رائع جداً .
 نـحن نريد أن نعمل نمـوذج مصغر للإسـلام جـامع صغير الأخوة متعاونون ، متناصحون ، متباذلون ، لا أحد ينتقص من قدر أحد لا أحد يزعج أحد ، لا أحد يحقر أحد ، هذا الذي يرضي الله عز وجل ، وأقول عود على بدء ، إن أخطر شيء يهدد المسلمين سوء ذات البين بينهم وربنا عز وجل يقول :

 

 

﴿يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْأَنْفَالِ قُلِ الْأَنْفَالُ لِلَّهِ وَالرَّسُولِ فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَصْلِحُوا ذَاتَ بَيْنِكُمْ وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ﴾

 

( سورة الأنفال

 وإن الشيطان يئس إن يعبد في أرضكم ، لن يعبد الشيطان بعد ظهور النبي عليه الصلاة والسلام ولكن رضي في التحريش بين المؤمنين .

 

((عن جابر قال: قال النبيُّ صلى الله عليه وسلم : إن الشيطان قد يَئِسَ أن يَعْبُدَهُ المصَلُّون وَلَكِنْ فِي التَّحْرِيشِ بَيْنَهُمْ))

 فبقدر ما تحرص على علاقتك الطيبة بأخيك بقدر ما ترقى عند الله .

 

تحميل النص

إخفاء الصور