وضع داكن
25-04-2024
Logo
الدرس : 08 - سورة الشعراء - تفسير الآيات 123 - 135 معنى التقوى
   
 
 
 بسـم اللـه الرحمـن الرحيـم  
 

الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتمّ التسليم على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين، اللهم لا علم لنا إلا ما علمتنا إنك أنت العليم الحكيم، اللهم علمنا ما ينفعنا وانفعنا بما علمتنا وزدنا علماً، وأرنا الحق حقاً وارزقنا أتباعه، وأرنا الباطل باطلاً وارزقنا اجتنابه، واجعلنا ممن يستمعون القول فيتبعون أحسنه، وأدخلنا برحمتك في عبادك الصالحين.

 

كثرة ورود الأمر بالتقوى في القرآن الكريم:


 أيها الإخوة المؤمنون؛ مع الدرس الثامن من سورة الشعراء.

وصلنا في الدرس الماضي إلى قوله تعالى: ﴿كَذَّبَتْ عَادٌ الْمُرْسَلِينَ (123) إِذْ قَالَ لَهُمْ أَخُوهُمْ هُودٌ أَلَا تَتَّقُونَ (124) إِنِّي لَكُمْ رَسُولٌ أَمِينٌ (125) فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَطِيعُونِ (126) وَمَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ إِنْ أَجْرِيَ إِلَّا عَلَى رَبِّ الْعَالَمِينَ (127) أَتَبْنُونَ بِكُلِّ رِيعٍ آيَةً تَعْبَثُونَ (128) وَتَتَّخِذُونَ مَصَانِعَ لَعَلَّكُمْ تَخْلُدُونَ (129) وَإِذَا بَطَشْتُمْ بَطَشْتُمْ جَبَّارِينَ (130) فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَطِيعُونِ (131) وَاتَّقُوا الَّذِي أَمَدَّكُمْ بِمَا تَعْلَمُونَ (132) أَمَدَّكُمْ بِأَنْعَامٍ وَبَنِينَ (133) وَجَنَّاتٍ وَعُيُونٍ (134) إِنِّي أَخَافُ عَلَيْكُمْ عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ (135)﴾ .

الحقيقة أن الأمر الإلهي بالتقوى ورد في هذه القصة مرات عدة، ولو نظرنا إلى القرآن الكريم وما فيه من كلمات التقوى ومشتقاتها: اتقى، وقى، يقي، قِ، اتقى، يتقي، اتقوا، كلمة التقوى ومشتقاتها وردت في القرآن الكريم أكثر من ثلاثمئة مرة، إذاً شيءٌ يجب أن نفهمه فهماً دقيقاً، التقوى من فعل وقى، وفعل وقى من الوقاية، إذاً هناك خطر، تقول: اتقِ المرض، اتقِ الجرثوم، اتقِ الحفرة، اتقِ النار، اتقِ الانزلاق، اتقِ هذا الخطر، فكلمة وقى تعني أن هناك خطراً كبيراً يتهدد الإنسان، ربنا سبحانه وتعالى يقول: 

﴿ فَاكِهِينَ بِمَا آتَاهُمْ رَبُّهُمْ وَوَقَاهُمْ رَبُّهُمْ عَذَابَ الْجَحِيمِ (18)﴾

[  سورة الطور ]

 وقاهم، إذاً عذاب الجحيم شيءٌ خطير يجب أن نتقيه.

﴿ وَقِهِمُ السَّيِّئَاتِ وَمَنْ تَقِ السَّيِّئَاتِ يَوْمَئِذٍ فَقَدْ رَحِمْتَهُ وَذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ (9)﴾

[ سورة غافر ]

السيئات يجب أن تتّقى، وعذاب الجحيم يجب أن يُتّقى، وربما كانت السيئات طريقاً لعذاب الجحيم، هذا الفعل المضارع، الفعل الأمر. 

﴿ وَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ (201)﴾

[  سورة البقرة ]

إذاً هناك وقى، ويقي، وقِ، والله سبحانه وتعالى يقول:

﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلَائِكَةٌ غِلَاظٌ شِدَادٌ لَا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ (6)﴾

[ سورة التحريم ]

وللمبني للمجهول:

﴿ فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ وَاسْمَعُوا وَأَطِيعُوا وَأَنْفِقُوا خَيْرًا لِأَنْفُسِكُمْ وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ (16)﴾

[ سورة التغابن ]

إذاً هذا الأمر الإلهي الذي ورد ما يزيد عن ثلاثمئة مرة في القرآن الكريم يجب أن نقف عنده. 

إن إمبراطور اليابان هذا الذي بنى النهضة الحديثة أرسل سبعة طلاب إلى ديار الغرب ليتعلموا، يبدو أن الإمبراطور علق على تعلمهم آمالاً ضخمة، علق على تعلمهم آمالاً عريضة، فإذا عادوا إلى بلادهم، وقد خبروا ما في الحضارة الغربية، ربما ساهموا بشكل فعّال وإيجابي في النهوض ببلادهم، يبدو أن هؤلاء الطلاب حينما ذهبوا إلى ديار الغرب، دهشوا بالحضارة، ودهشوا بالرفاه والرخاء، وربما انصرفوا إلى شيء آخر غير الدراسة، فلما أخفقوا في دراستهم، وعادوا إلى بلادهم، أمر الإمبراطور بإعدامهم إعداماً تاماً، وأرسل سبعة آخرين مكانهم، هؤلاء السبعة الآخرون في كل حركة وسكنة وهم في ديار الغرب يتذكرون ما حلّ بأسلافهم، فكأنهم يقولون: اتقوا الموت، ادرس كي تتقي الموت، تعلم كي تتقي الإعدام، ذاكر كي تتقي إنهاء الحياة، لا تضيع الوقت، اتق الإمبراطور، اتق عقابه الأليم. 

 

التقوى تعني الحذر المستمر:


كلمة (اتق) في معنى الحذر المستمر، الطائرة مثلاً لها ميزات كبيرة جداً، ولكن الغلط في تصميمها يودي بحياة الركاب، لذلك الوقاية من السقوط يقتضي مضاعفة الاحتياطات، كل جهاز تتوقف عليه سلامة الطائرة، هناك جهازان يعملان في وقت واحد، بمعنى أي شيءٍ يمكن أن يصيبه العطب هناك جهاز آخر بديل له، لأن السقوط سقوط مدمر.

 الذي أريد أن أنقله إليكم هو أن الإنسان، أي إنسان، لأنه إنسان أمامه خطر كبير، كيف أن هذا الطالب الذي أوفده ملكه إلى بلاد الغرب ليدرس، ويتعلم، ويسهم في بناء أمته ودولته، هذا الطالب لو عاد إلى بلده وقد أحرز العلم الصحيح لكان في قمة المجتمع، ربما أحد مواطني اليابان الذين لم يتح لهم، أو لم يطمحوا إلى أن يدرسوا دراسة عليا، كان في أمنٍ، وفي طمأنينة، أما هذا الذي طمح ليكون قمة في مجتمعه، ليكون عنصراً فعالاً، وبذلت حكومته من أجله الغالي والرخيص، هذا إذا فرط في مهمته، وضيع أمانته، فسوف يلقى عذاباً شديداً، أردت من هذا المثل - والله سبحانه وتعالى يضرب في كتابه الأمثال - أردت من هذا المثل أن هذا الطالب في كل لحظة، في كل ثانية، في كل حركة، في كل سكنة، في كل موقف، يذكر الذي حلّ بزملائه السابقين، فربما تنادوا فيما بينهم، يا فلان اتق الإعدام، يا فلان اتق الإمبراطور، يا فلان اتق المصير المحتوم، يا فلان اتق العقاب الأليم، يا فلان، يا فلان، كلمة (اتق) أي يوجد خطر، خطر خطير، خطر جاثم. 

الآن: رُكِّب الملك من عقل بلا شهوة، المَلَك ليس عنده شهوة، المَلَك لا يوجد عنده أمانة حملها، ليس عنده خطر المعصية، والحيوان ركِّب من شهوة بلا عقل، لم يكلف، لا يحاسب، ليس مخيراً، ولكن الإنسان ركب من كليهما، لذلك الإنسان ليس أمامه حلّ وسط، إما أن يكون في أعلى عليين، وإما أن يكون في أسفل سافلين، إما أن يكون فوق الملائكة، وإما أن يكون دون الحيوان، إما أن يسعد سعادة لا يسعدها أحد في العالمين، وإما أن يشقى شقاء لا يشقاه أحد في العالمين، إما أن يكون في قمة المخلوقات، وإما أن يكون في الحضيض. 

﴿ إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ وَالْمُشْرِكِينَ فِي نَارِ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا أُولَئِكَ هُمْ شَرُّ الْبَرِيَّةِ(6) إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ أُولَئِكَ هُمْ خَيْرُ الْبَرِيَّةِ (7)﴾

[  سورة البينة ]

إذاً لأنك إنسان، ما دمت من بني البشر، فأنت أمام الخطر، لذلك جاءت الآيات الكثيرة أن أيها الإنسان اتق الله، أي اتق عقاب الله، فيما لو لم تحمل الأمانة، اتق عقاب الله بطاعة الله، كيف يتقي هذا الطالب حكم الإعدام في بلاده إذا عاد؟ بالدراسة، كيف يتقي خطر الإمبراطور؟ بطاعته، أي أنت أمام خطر، لأنك حملت الأمانة، الأمانة كما قال الفقهاء الغُرْم بالغُنْم، الإنسان مؤهل ليكون أسعد المخلوقات، والكون كله سخر من أجله، لو أنه تقاعس، أو خان الأمانة لكان أشقى المخلوقات، أي أنت إنسان ليس أمامك حلّ وسط فو الذي نفسه محمد بيده ما بعد الدنيا من دار إلا الجنة أو النار، ونحن الآن في وقت عصيب، نحن في الدنيا، وهذه الدنيا دار ابتلاء، دار امتحان، كل شيءٍ يحل ما دمت حياً ترزق، باب التوبة مفتوح، باب العلم مفتوح، باب العمل الصالح مفتوح، باب إصلاح الماضي مفتوح، باب تبرئة الذمة من المخلوقات مفتوح، باب التحلل من المعاصي المتعلقة بحق الآدميين مفتوح.

 

التقوى نهاية العمل:


فيا أيها الإخوة الأكارم، نحن في خطر، خطر أن نقع في شر أعمالنا، خطر أن نعصي الله، نحن في خطر أن نغفل عن اليوم الآخر، نحن في خطر أن نغفل عن يوم الحساب، فلذلك وردت كلمة اتقوا الله في القرآن الكريم أكثر من ثلاثمئة مرة،  مثلاً الله سبحانه وتعالى يقول:

﴿ يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْأَهِلَّةِ قُلْ هِيَ مَوَاقِيتُ لِلنَّاسِ وَالْحَجِّ وَلَيْسَ الْبِرُّ بِأَنْ تَأْتُوا الْبُيُوتَ مِنْ ظُهُورِهَا وَلَكِنَّ الْبِرَّ مَنِ اتَّقَى وَأْتُوا الْبُيُوتَ مِنْ أَبْوَابِهَا وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ (189)﴾

[  سورة البقرة ]

العلماء قالوا: التقوى نهاية العمل، هناك أعمال في الدنيا لا تعد ولا تحصى، أعمال لكسب الرزق، أعمال ترفيهية، أعمال تجميلية، أعمال تزيينية، أعمال علمية، أعمال لإحياء التراث الماضي، أعمال لا جدوى منها، أعمال لها جدوى، الإنسان يتحرك في الحياة، يستيقظ منذ الصباح، يبحث عن عمل، إما عمل مشروع أو غير مشروع، عمل جاد أو غير جاد، عمل هادف أو غير هادف، عمل سامٍ أو عمل منحط، عمل نظيف أو عمل قذر.

﴿ وَاللَّيْلِ إِذَا يَغْشَى (1) وَالنَّهَارِ إِذَا تَجَلَّى (2) وَمَا خَلَقَ الذَّكَرَ وَالْأُنْثَى (3) إِنَّ سَعْيَكُمْ لَشَتَّى(4)﴾

[  سورة الليل ]

أعلى درجة في العمل أن تتقي الله، أنت جئت إلى الدنيا من أجل أن تطيعه، ومن أجل أن تكون الطاعة ثمناً لسعادة أبدية لا توصف، لذلك:

﴿ وَالْعَصْرِ (1) إِنَّ الْإِنْسَانَ لَفِي خُسْرٍ (2) إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ (3)﴾

[ سورة العصر ]

فكلمة (اتق) أي أنت تسير بسرعة، أودع الله فيك الشهوات، هذه الشهوات أودعها الله فيك لترقى إلى رب الأرض والسماوات، لولا أنك تحب المرأة لا تدخل الجنة، لأن هذه الشهوة بها تخالف نفسك.

﴿ وَأَمَّا مَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ وَنَهَى النَّفْسَ عَنِ الْهَوَى (40)﴾

[  سورة النازعات ]

لولا أن الله زرع في نفسك الهوى كيف تدفع ثمن الجنة؟ الله سبحانه وتعالى أعطاك ثمن الجنة، أعطاك هذه الشهوات، إما أن ترقى بها إلى الله صابراً، وإما أن ترقى بها إلى الله شاكراً.  


صور تطبيقية للتقوى:


فيا أيها الإنسان اتق الله في شهوتك، أي اتق السقوط، اتق أن تُنَفِّذ هذه الشهوة بطريقة نهى الله عنها، اتق أن تمارس هذه الشهوة بطريقة محرمة أودعها الله فيك، ولكن الله جلّ جلاله جعل لكل شهوة أودعها في الإنسان قناة نظيفة لتصريفها، ليس في الإسلام حرمان، أودع فيك حب النساء، وشرع لك الزواج، الزواج عمل نظيف، زوجة وأولاد، بيت إسلامي، تسعد بها، وتسعد بك، وتسعد بأولادك ويسعدون بك، وهناك الزنى، طريق آخر لإرواء هذه الشهوة، فنقول نحن: اتق الله في شهوتك، أي اسلك في شهوتك الطريقة التي رسمها الله لك، هذه الشهوة كأنها بنزين، كأنها وقود سائل، خطر، إذا وضعت في مستودعاتها النظامية، وإذا سارت في الأنابيب المحكمة، من المستودع إلى مقدمة السيارة، وإذا انتقلت من هذا الأنبوب إلى جهاز التنظيم، ومن جهاز التنظيم إلى جهاز الاحتراق، فانفجرت في غرفة الاحتراق، حينما انفجرت دفعت المكابس، ودفع هذه المكابس ولَّد حركة دائرية، نقلت بها نفسك وأهلك وأولادك من جهة إلى جهة، أو نقلت بضاعتك، الانفجار لأنه في مكانه الصحيح، لأنه في الطريق الصحيح، هذا الوقود الخطر، هذا الوقود المتفجر، لأنه في المكان الصحيح، وفي الطريق الصحيح، وفي الأسلوب الصحيح، ولَّد حركة، ولو أن هذا الوقود السائل ألقي على السيارة، وجاءته شرارة، لأحرق السيارة، فالشهوة إما أن تكون قوة محركة، وإما أن تكون قوة مدمرة.

 فيا أيها الإنسان اتق الله في شهوتك، أي انظر إلى هذه الشهوة التي أودعها الله فيك كيف سمح لك أن تنفذها؟ كيف سمح لك أن ترويها؟ من خلال الزواج، الإنسان يحب المال، اتق الله في المال، أي يجب أن تكسبه بطريقة يرضاها الله عز وجل، من طريق مشروع، من طريق المعاوضة، البيع والشراء، لا من طريق الربا، لا من طريق الاحتكار، لا من طريق الاستغلال، لا من طريق الكذب، لا من طريق التدليس، من طريق العمل المشروع.

 أيها الإنسان اتق الله في كسب المال، أيْ اتق عذاب الله إذا كسبت المال بطريقة غير مشروعة، ويا أيها الإنسان اتق الله في إنفاق المال، أي اتق عذاب الله فيما لو أنفقت المال بطريقة غير مشروعة هذه معنى اتق، اتق، شهوة المرأة، وشهوة المال، وشهوة العلوّ في الأرض، هذه شهوة مدمرة، اتق الله فيها، أي اجعل علوك في الأرض من طريق العلم والعمل والخلق، لا من طريق التعدي والجناية والتسلط، اجعل علوك في الأرض علواً عفوياً، كن محسناً، يحبك الناس، يرفعوك، ولا تجعل علوك في الأرض عن طريق الغصب والقهر والعدوان، فكلمة اتق الله أي ابحث عن الطريق المشروعة التي رسمها الله عز وجل لإرواء هذه الشهوات، التي بها ترقى إلى رب الأرض والسماوات.

 اتق الله في المرأة واليتيم، أي هذه الزوجة التي ملكك الله إياها اتق الله بها، أي عاملها كما أمر الله. 

﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا يَحِلُّ لَكُمْ أَنْ تَرِثُوا النِّسَاءَ كَرْهًا وَلَا تَعْضُلُوهُنَّ لِتَذْهَبُوا بِبَعْضِ مَا آتَيْتُمُوهُنَّ إِلَّا أَنْ يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ فَإِنْ كَرِهْتُمُوهُنَّ فَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَيَجْعَلَ اللَّهُ فِيهِ خَيْرًا كَثِيرًا (19)﴾

[ سورة النساء ]

اصبر عليها، لا تكن ظالماً لها، لا تكلفها ما لا تطيق، لا تحمل عليها، لا تكرهها، فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: 

(( لا يَفْرَكْ مُؤْمِنٌ مُؤْمِنَةً، إِنْ كَرِهَ مِنْهَا خُلُقًا رَضِيَ مِنْهَا آخَرَ، أَوْ قَالَ: غَيْرَهُ . ))

[ صحيح مسلم ]

اتق الله في زوجتك، عاملها كما يريد الله عز وجل أن تعامل، عاملها بالإحسان، أكرموا النساء فوا الله ما أكرمهن إلا كريم، ولا أهانهن إلا لئيم، يغلبن كل كريم، ويغلبهن لئيم، وأنا أحبّ أن أكون كريماً مغلوباً، من أن أكون لئيماً غالباً، هذا معنى اتق الله، فهذه الشهوات التي أودعها الله بك يجب أن تؤمن، وأن تتيقن من أنه ما أودعها فيك إلا لترقى إليه، لو أنك لا تحب المال، كيف تتقرب إلى ذي العزة والجلال؟ كيف؟ أما إذا كنت تحب المال، وأنفقت هذا المبلغ لوجه الله، ولم يدرِ به أحد، لا تعلم شمالك ما أنفقت يمينك، أعطيت هذا المال على حبه، أطعمت الطعام على حبه، قدمت المال على حبه لا تبتغي ثناءً ولا شكوراً، إذاً أنت اتقيت الله في المال. 

كلمة تقوى رائعة جداً، المال معناه خطر المال، المال قنبلة، إذا أحسنت استخدامها، كنت خبيراً بها، قتلت بها عدوك في الحرب، أما إذا كنت جاهلاً بها قتلت بها نفسك، فاتق الله في هذه القنبلة، أي تعلم كيف تستخدم مثلاً، فكلمة اتق الله؛ أي تعلم الطريقة التي رسمها الله لهذا النشاط، لهذا الموقف، هذه واحدة. 

 

تسخير الكون للإنسان تسخير تعريف وتكريم:


هذا الكون الذي خلق الله عز وجل، هل اتقيت الله فيه؟ لماذا خلقه؟ لماذا خلق السماوات والأرض؟ لماذا خلق هذه المجرات؟ لماذا خلق هذه المذنبات؟ لماذا خلق هذه الأجرام؟ لماذا خلق هذه المسافات التي لا يعلمها إلا الله؟ من أجل أن تعرفه، فإذا لم تفكر في الكون فقد عطلت الحكمة من خلقه، وكان الإنسان الذي لا يفكر في مستوى الحيوان، يأكل، ويشرب، يعيش ليأكل، فالكون يحتاج إلى تفكر، إذا فكرت في الكون، وعرفت رب الكون، فقد اتقيت الله في الكون.

﴿ يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ إِنَّ زَلْزَلَةَ السَّاعَةِ شَيْءٌ عَظِيمٌ (1) يَوْمَ تَرَوْنَهَا تَذْهَلُ كُلُّ مُرْضِعَةٍ عَمَّا أَرْضَعَتْ وَتَضَعُ كُلُّ ذَاتِ حَمْلٍ حَمْلَهَا وَتَرَى النَّاسَ سُكَارَى وَمَا هُمْ بِسُكَارَى وَلَكِنَّ عَذَابَ اللَّهِ شَدِيدٌ(2)﴾

[  سورة الحج ]

شيءٌ آخر، إذا الكون مسخر من أجل الإنسان، مسخر كما قلنا من قبل تسخير تعريفٍ، وتسخير تكريم، إذاً لا بد من أن أؤمن بالله من خلال الكون، فإذا عطلت فكري عن النظر في خلق السماوات والأرض فربما كان هذا ندامة وبيلة، وخسارة فادحة يوم القيامة، فاتق الله في الكون، أي أمرك أن تفكر في الكون، فكر به، فاتق الله في الكون. 

 

من كان مخيراً فهو ذو إرادة حرة وهو مقيد بالشرع من أجل أن يثمن عمله:


هذه الحرية التي منحها الله لنا، حرية الإرادة، هذه إما أن تستخدم للعدوان على الناس، وإما أن تستخدم للعمل الصالح، فإذا أحسنت استخدام هذه الحرية التي منحك الله إياها، والتي كرمك بها على المخلوقات كلها، فقد اتقيت الله في هذه الحرية، الإيمان قيد الفتك، ولا يفتك مؤمن، أنت مقيد، مقيد بالشرع، فإذا كنت مخيراً، وإذا كنت ذا إرادة حرة، هذا ينبغي أن يكون مقيداً بالشرع، من أجل أن تثمن أعمالك وترقى بها إلى أعلى عليين، كيف يثمن العمل؟ إذا كان صاحبه مختاراً، فإذا ألغي الاختيار، ألغي الثواب، وألغي العقاب، وألغي التكليف، فحينما تكون مختاراً يجب أن تحسن الاختيار وبهذا تتقي الله.

 

من أطاع الله ألقى في قلبه نوراً يميز به الحق من الباطل: 


 بعض الآيات التي تتحدث عن التقوى، الآيات كثيرة جداً.

﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تَتَّقُوا اللَّهَ يَجْعَلْ لَكُمْ فُرْقَانًا وَيُكَفِّرْ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ (29)﴾

[ سورة الأنفال ]

حُكْم الله في هذا الموضوع معروف، أنت مأمور أن تغض بصرك، هذا حكم الله، فإن غضضت بصرك يجعل الله لك فرقاناً، كيف؟ كيف العلاقة بين غض البصر مثلاً وبين الفرقان الذي وعد الله به المؤمن؟ إنك إن غضضت بصرك عن محارم الله، وكنت عبداً لله في هذا الأمر، وأطعته، تشعر أنك من الله قريب، هذا القرب الإلهي يورثك نوراً يُلقى في قلبك، ثمن طاعة الله عز وجل نورٌ يقذفه الله في القلب، وهذا النور الذي يقذفه في قلبك تكشف به الحقائق، تكشف به الخير من الشر، تكشف به الحق من الباطل، تكشف به ما يصح وما لا يصح، أي أنت حينما أطعت الله عز وجل كان ثمن هذه الطاعة أن ألقى الله في قلبك نوراً، أسعدك هذا النور، وجعل قلبك مبصراً، لأن الله عز وجل يقول:

﴿ أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَتَكُونَ لَهُمْ قُلُوبٌ يَعْقِلُونَ بِهَا أَوْ آذَانٌ يَسْمَعُونَ بِهَا فَإِنَّهَا لَا تَعْمَى الْأَبْصَارُ وَلَكِنْ تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ (46)﴾

[  سورة الحج ]

﴿إِنْ تَتَّقُوا اللَّهَ يَجْعَلْ لَكُمْ فُرْقَانًا﴾ أيْ إن تتقوا عذابه بطاعته، أي أدق معنى للتقوى: تتقي عذابه بطاعته.

 

اتقاء عذاب الله باتباع منهجه:


﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ﴾ ، أيْ اتقوا عذاب ربكم، لأنه عذاب بالعدل، وبالحق. 

﴿اتَّقُوا رَبَّكُمْ﴾ أي اتقوا عذاب ربكم عن طريق اتباع منهجه، أي لا ملجأ من الله إلا إليه، أم رحيمة، ولكنها شديدة في الوقت نفسه، فابنها لا يتقي غضبها وعقابها إلا بطاعتها، وهذا معنى قول النبي عليه الصلاة والسلام عن حديث الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:  

(( أنَّ النبيَّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ أوْصَى رَجُلًا، فَقَالَ: إذَا أرَدْتَ مَضْجَعَكَ، فَقُلْ: اللَّهُمَّ أسْلَمْتُ نَفْسِي إلَيْكَ، وفَوَّضْتُ أمْرِي إلَيْكَ، ووَجَّهْتُ وجْهِي إلَيْكَ، وأَلْجَأْتُ ظَهْرِي إلَيْكَ، رَغْبَةً ورَهْبَةً إلَيْكَ، لا مَلْجَا ولَا مَنْجَا مِنْكَ إلَّا إلَيْكَ، آمَنْتُ بكِتَابِكَ الذي أنْزَلْتَ، وبِنَبِيِّكَ الذي أرْسَلْتَ. فإنْ مُتَّ مُتَّ علَى الفِطْرَةِ. ))

[ صحيح البخاري ]

 

العبادة طريق النجاة:


﴿ يَا أَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ (21) ﴾

[  سورة البقرة ]

أي العبادة طريق النجاة: ﴿اعْبُدُوا رَبَّكُمْ الَّذِي خَلَقَكُمْ وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ﴾ أي لا تتقون عذاب النار، لا تتقون عذاب الخزي والعار، لا تتقون السيئات في الدنيا، لا تتقون المصائب، لا تتقون سخط الله، إلا بطاعته، فيا أيها الناس: ﴿اعْبُدُوا رَبَّكُمْ الَّذِي خَلَقَكُمْ وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ﴾ فالعبادة طريق التقوى، والتقوى هي النجاة، والتقوى من الوقاية. 

﴿ وَلَكُمْ فِي الْقِصَاصِ حَيَاةٌ يَا أُولِي الْأَلْبَابِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ (179)﴾

[ سورة البقرة ]


في العقاب حياة للنفس:


﴿وَلَكُمْ فِي الْقِصَاصِ حَيَاةٌ﴾ في العقاب، في العقاب حياة للنفس، أولاً: إذا عاقبنا المذنب ردعنا بقية الناس عن الوقوع في هذا الذنب فكأنهم في حياة، إذاً إذا عاقبتم المذنب فهذا وقاية للمجتمع ﴿وَلَكُمْ فِي الْقِصَاصِ حَيَاةٌ يَا أُوْلِي الْأَلْبَابِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ﴾ :

﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ (183)﴾

[  سورة البقرة ]

أي إذا صامت جوارحكم عن المعاصي، وصمتم عن الطعام والشراب، تقرباً إلى الله عز وجل، لعل هذا العمل يكسبكم هذا الإقبال على عز وجل، وفي هذا الإقبال تحصل النجاة من عذابه، هذا معنى قوله تعالى: ﴿لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ﴾ .

 

التقوى أن تتقي عذاب الله بطاعته:


﴿ فَإِذَا بَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَأَمْسِكُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ أَوْ فَارِقُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ وَأَشْهِدُوا ذَوَيْ عَدْلٍ مِنْكُمْ وَأَقِيمُوا الشَّهَادَةَ لِلَّهِ ذَلِكُمْ يُوعَظُ بِهِ مَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا (2)﴾

[ سورة الطلاق  ]

من يتقِ الله في تجارته يجعل الله له مخرجاً من الأزمات التي تطحن التجار أحياناً، هؤلاء الذين يخالفون أوامر الشرع في البيع والشراء، وفي العلاقة بالناس، هؤلاء يقعون في شر أعمالهم، لكن الذي يتقي الله في تجارته يجعل الله مخرجاً من كل ضيق في عمله.

 والذي يتقي الله في زواجه فيختار المرأة الصالحة، لا الحسناء في المنبت السوء، يختار المرأة الصالحة، ولو كانت أقل حسناً من امرأة أخرى في منبت السوء، هذا الذي اتقى الله في زواجه سيقيه الله من الحالات المدمرة التي تلاحق الأزواج غير المؤمنين الذين أرادوا من الزواج المتعة فقط، ولم يعبؤوا بشرع الله، ولا بحلاله، ولا بحرامه. 

إذاً: ﴿وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا﴾ فالتقوى أن تتقي عذاب الله بطاعته، أما الطاعة فهي درجات، هذا الذي ترك الكبائر هذه درجة، هذا الذي لا يسرق، ولا يزني، ولا يشرب الخمر، هذه درجة، هناك إنسان يترك الكبائر والصغائر، هناك إنسان يترك الكبائر والصغائر والخواطر، هناك إنسان يتقي الكبائر والصغائر والخواطر وما سوى الله، فالتقوى درجات والدليل قول الله عز وجل: 

﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ (102)﴾

[ سورة آل عمران ]

كلما ارتفع مستواك في الإيمان يرتفع مستواك في التقوى، والتقوى هي طاعة الله في حركاتك وسكناتك، في تحركاتك، في نزهاتك، في أوقات لهوك، في عملك، كلما ارتفع مستوى المؤمن دقت الجزئيات التي يتقي الله فيها، لذلك قالوا: حسنات الأبرار سيئات المقربين، ربما كانت هذه عند زيد حسنة، وعند عبيد سيئة، لأن الأوامر لها مستويات. 


  معرفة الله شيء مصيري:


شيء آخر متعلق بالتقوى؛ وهو الشيء المهم جداً قبل أن تمضي الدقائق، كيف يطيع الإنسان ربه؟ هذا كلام دقيق، وسؤال خطير، لماذا زيد يطيع وعبيد لا يطيع؟ قد يجتمع رجلان في مجلس، ويتلى على أسماعهم أمر الله، يتلى أمر الله في موضوع ما، لماذا يطيع فلاناً ولا يطيع فلاناً؟ الجواب: إنك لن تطيع إلا إذا عرفت من هو الآمر، أنت في الخدمة الإلزامية، ومقدم على عيد، وتطمح بإجازة، لتمضي العيد بين أهلك، جاءتك ورقة مكتوب عليها: لا تغادر الثكنة، ابقَ في الثكنة، التوقيع صديقك فلان، لا تعبأ بهذا الأمر، لو أن الموقع فلان متقدم عليك في الدورة، صار له سلطة، فلان يحمل هذه الرتبة، أعلى، كلما ارتفع مستوى الآمر عظم عندك الأمر، فإذا رأيت ورقة كتب عليها: لا تغادر الثكنة، التوقيع قائد الوحدة، وتعلم علم اليقين أن في المغادرة سجناً وتأخيراً في إنهاء الدورة … إلخ، عندئذ تنفذ الأمر، إنك لن تنفذ الأمر إلا إذا عرفت من هو الآمر، وما حجم هذا الآمر، وما عنده من عقاب، وما عنده من ثواب، إذا عرفت بالضبط من الآمر، وما حجمه، وما رتبته، وما العقاب الذي بإمكانه أن يوقعه بك، وما الثواب الذي بإمكانه أن ينقله إليك، عندئذ تطيعه، لذلك لماذا لا يطيع الناس ربهم؟ لأنهم لا يعرفونه، والله لو عرفوك يا رب لأطاعوك، لكنهم ما عرفوك يا رب، ما عرفوا ماذا يعني مخالفة أمرك، ما عرفوا ماذا تعني طاعتك، تعني طاعتك سعادة الدنيا والآخرة، تعني طاعتك التوفيق في كل شيء، تعني طاعتك يا رب أن يسعد هذا الإنسان بها سعادة لا توصف، أي يجب أن تقول إذا كنت مطيعاً لله حقاً: واللهِ ليس في الأرض من هو أسعد مني، في أي ظرف، في أي مكان، في أي زمان، لأن الخير كله في طاعة الله، والشر كله في معصيته، ولو رأيت إنساناً واحداً يعصي الله وهو سعيد فهذه الآية ليست من كتاب الله، وحاشا لله: 

﴿ وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكًا وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى (124)﴾

[  سورة طه  ]

و: 

﴿ مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ (97)﴾

[  سورة النحل  ]

إذاً: الشيء المهم أنك لن تطيع الله إلا إذا عرفته، ولن تطيعه أيضاً إلا إذا عرفت أمره، إذاً من أجل أن تطيعه، من أجل أن تتقي الله، أي أن تتقي عقابه بطاعته، يجب أن تعرفه أولاً، ويجب أن تعرف أمره ثانياً، ربما تعرفه إذا فكرت في خلق السماوات والأرض، أو تعلمت من أولي العلم عنه الشيء الكثير، إما أن تفكر، وإما أن تستمع، إما أن تدرس، وإما أن تتأمل، لا بد من أن تلقي السمع، ولا بد من أن تعقل.

﴿ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَذِكْرَى لِمَنْ كَانَ لَهُ قَلْبٌ أَوْ أَلْقَى السَّمْعَ وَهُوَ شَهِيدٌ (37)﴾

[  سورة ق ]

فلذلك أيها الإخوة الأكارم؛ موضوع معرفة الله شيء مصيري، ما لنا خيار فيه، أي فلان يحمل دكتوراه مثلا، متى أخذها؟ أخذها وهو نائم؟ أخذها بالتمني؟ أخذها بالطموح أم أخذها بالكد والعمل؟ أخذها في سنوات سبع، هذا سؤال خطير، أنت مؤمن؟ يقول لك: نعم والحمد لله، أقول له: متى آمنت؟ أي وقت خصصته كي تؤمن؟ متى عرفت الله؟ كم كتاباً قرأت؟ كم مجلس علم حضرت؟ كم عالمًا التقيت؟ متى عرفت الله عز وجل؟ لا يمكن أن تأخذ شهادة من أهل الأرض إلا بجهد جهيد، وبعرق شديد، وبوقت مديد، أما أن تعرف الله بلا جهد، وبلا وقت، وبلا تعب، وبلا نصب، وبلا جلوس على ركبتيك في المساجد، وبلا قراءة طويلة، وبلا سؤال عريض، لا تعرف الله، إذا لم تكن تعرفه لن تطيعه، لا تعبأ بأمره، يقول لك: لا تدقق، من هنا إلى يوم الله يفرجها الله، مثل الناس يا أخي أنا، ضع رأسك بين الرؤوس وقل: يا قطاع الرؤوس، هذا كلام العوام، كلام الجهل، كلام فاضح.

 

الموت شيء مخيف ولا ينجو منه إلا من يفكر فيه:


أنت الآن في الحياة الدنيا، أمامك موت، وهذا الموت شيء مخيف من كل شيءٍ إلى لا شيء،"كل مخلوق يموت ولا يبقى إلا ذي العزة والجبروت" :

الليل مهما طال فلا بد من طلوع الفجر            والعمر مهما طال فلا بد من نزول القبـر

* * *

 واعلموا أن ملك الموت قد تخطانا إلى غيرنا، وسيتخطى غيرنا إلينا، فلنتخذ حذرنا. 

قلت مرة: هذا الطالب الذي أحرز الدرجة الأولى على القطر في الثانوية العامة، لماذا أحرز هذه الدرجة؟ لأن الامتحان، صورة الامتحان، شبح الامتحان، وقت الامتحان، خطورة الامتحان، ما بعد الامتحان، ما غادر ذهنه ولا دقيقة في كل العام الدراسي، كلما همّ أن يضيع وقتاً تذكر الامتحان، كلما همّ أن يمضي وقتاً مع أصدقائه تذكر الامتحان، كلما همّ أن يقرأ قصة لا قيمة لها تذكر الامتحان، كلما همّ أن يخرج من البيت تذكر الامتحان، والذي ينجو من الموت هو الذي يفكر في الموت، لذلك عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّهُ قَالَ: 

(( كُنْتُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَجَاءَهُ رَجُلٌ مِنَ الأَنْصَارِ، فَسَلَّمَ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ثُمَّ قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ أَيُّ الْمُؤْمِنِينَ أَفْضَلُ قَالَ: أَحْسَنُهُ خُلُقًا، قَالَ: فَأَيُّ الْمُؤْمِنِينَ أَكْيَسُ، قَالَ: أَكْثَرُهُمْ لِلْمَوْتِ ذِكْرًا، وَأَحْسَنُهُمْ لِمَا بَعْدَهُ اسْتِعْدَادًا أُولَئِكَ الأَكْيَاسُ .  ))

[  ابن ماجة: حسن ]

ألا وإن من علامات العقل التجافي عن دار الغرور، والإنابة إلى دار الخلود، والتزود لسكنى القبور، والتأهب ليوم النشور، لكن هذا الذي يعد العدة للقاء الله عز وجل سوف يكون الموت في حقه عرساً، الإنسان له عرس في الدنيا، يقول لك: شهر عسل، قد يكون شهر بصل، هذا العرس تأتي بعده المتاعب، ولكن عرس المؤمن لا تعب بعده إطلاقاً، غداً نلقى الأحبة محمداً وصحبة، لا كرب على أبيك بعد الموت، لا يوجد كرب أبداً،"اتقوا الله"أي اتق عذابه بطاعته، اتق النار بالهروب من أسبابها، اتق الله بطاعته، لا ملجأ منه إلا إليه. 

 

طرق معرفة الله:  


1 ـ التفكر في الكون:

شيءٌ آخر؛ الآن لابد من أن تعرفه، لابد من أن تفكر في الكون من أجل أن تعرف من هو الله عز وجل، من هذا الذي يأمرك أن غضّ بصرك عن محارمي؟ من هذا الذي ينهاك؟ هو الله رب العالمين، مجرات، سماوات، أراضين، شمس، قمر، خلق دقيق، خلق عظيم، خلق مبدع، خلق متناه في العظمة، هذا الذي خلق يأمرك، وهذا الذي خلق ينهاك، لذلك لا تنظر إلى صغر الذنب ولكن انظر على من اجترأت.  

2 ـ معرفة أمر الله:

المرحلة الثانية: لابد من أن تعرف أمره، بالبيع والشراء، أخي هذه الطريقة بالبيع صحيحة أم غلط؟ يقرها الشرع أم لا يقرها؟ ترضي الله أم لا ترضي الله؟ هذه الطريقة في الشراء، وهذه الطريقة في البيع، وهذه الطريقة في التعامل، في بيعك وشرائك، في وظيفتك، في عملك، في صنعتك، في دكانك، في وظيفتك، في معملك، وراء مكتبك، مع أهلك، مع أولادك، ما حكم الله؟ طرق الباب جاءت امرأة أنظر إليها أم لا أنظر؟ أدخلها أم لا أدخلها؟ ما حكم الله في هذا الأمر؟ يجب أن تعرف الحلال والحرام في كل مناحي الحياة، لذلك طلب الفقه حتم واجب على كل مسلم.

عرفت الله يجب أن تعرف أمره، لابد من معرفته أولاً، ولابد من معرفة أمره ثانياً، من أجل أن تطيعه، فتتقي عذابه، من أجل أن تكون من المتقين، ربنا سبحانه وتعالى يقول:

﴿ اتَّقُوا اللَّهَ إِنْ كُنتُمْ مُؤْمِنِينَ (112) ﴾

[  سورة المائدة  ]

من علامة إيمانكم طاعتكم لله عز وجل، فهذا الذي لا يطيع الله لا يعرفه أطلاقاً، ليس مؤمناً به، لهذا كفى بالمرء علماً أن يخشى الله ، خشيتك لله علامة معرفتك له، ولا يمكن أن أصدق أن إنساناً يعصي الله قصداً، ويقول: أنا أعرفه. 

تعصي الإله وأنت تظهر حبه           ذاك لعمري في المقال بديـع

لـو كان حبك صادقا لأطعتـــــه           إنّ المـحب لمـن يحب يطيع

* * *

 

 وجود الإنسان في الدنيا وجود مؤقت:


إذاً: 

﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا الَّذِينَ اتَّخَذُوا دِينَكُمْ هُزُوًا وَلَعِبًا مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَالْكُفَّارَ أَوْلِيَاءَ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ (57)﴾

[ سورة المائدة ]

﴿ أُحِلَّ لَكُمْ صَيْدُ الْبَحْرِ وَطَعَامُهُ مَتَاعًا لَكُمْ وَلِلسَّيَّارَةِ وَحُرِّمَ عَلَيْكُمْ صَيْدُ الْبَرِّ مَا دُمْتُمْ حُرُمًا وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ (96)﴾

[ سورة المائدة ]

المصير عنده، وجودك في الدنيا مؤقت، ضيف، والدليل اقرأ النعوات كلها، كتب عليها: وسيشيع إلى مثواه الأخير، معنى هذا أن بيتنا مثوى مؤقت، لا يعرف الواحد يبقى فيه أم ينتقل إلى غيره، يموت فيه أم بغيره، أين يغسلونه بالبيت لا يعرف؟ بالحمام، بالمطبخ، هذا البيت مؤقت، والمثوى الأخير هو القبر، إذاً ماذا يوجد في القبر؟ يقول ربنا: عبدي رجعوا وتركوك، وفي التراب دفنوك، ولو بقوا معك ما نفعوك، ولم يبق لك إلا أنا، وأنا الحي الذي لا يموت ﴿وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ﴾ المصير عنده، تذهب إلى أمريكا، تذهب إلى اليابان، تذهب إلى إفريقيا، تصعد إلى القمر، تغوص بالبحر، إليه تحشر، بالنهاية لعنده، أينما ذهبت. عن جابر بن عبدالله وسهل بن سعد: 

(( أتاني جبريلُ ، فقال : يا مُحمَّدُ ! عِشْ ما شِئتَ فإنَّك مَيِّتٌ، وأحْبِبْ من شِئتَ فإنَّكَ مُفارِقُه، واعمَل ما شِئتَ فإنَّك مَجْزِيٌّ بهِ، واعلَم أنَّ شرفَ المؤمنِ قيامُه باللَّيلِ، وعِزُّه استِغناؤُه عن النَّاسِ. ))

[  صحيح الجامع  : خلاصة حكم المحدث : حسن ]

﴿ وَهَذَا كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ مُبَارَكٌ فَاتَّبِعُوهُ وَاتَّقُوا لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ (155)  ﴾

[  سورة الأنعام ]


ملخص الدرس:


كملخص دقيق للدرس هو أن كلمة التقوى ومشتقاتها وردت في القرآن كم قلت قبل قليل أكثر من ثلاثمئة مرة، وكلمة التقوى توحي أن هناك خطراً خطيراً يتهدد الإنسان، لأن الإنسان حمل الأمانة، وهو معد ليكون أكرم المخلوقات وأسعدها، لكن إذا خالف الأمانة، ولم يحملها حقّ حملها، وخانها، سوف يكون أشقى المخلوقات، من هنا جاءت كلمة التقوى، اتق عذاب الله بطاعته، التقوى تعني أن تطيع الله، لذلك قالوا: نهاية العمل التقوى، نهاية العلم التوحيد، ونهاية العمل التقوى. 

﴿ يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا (71)﴾

[  سورة الأحزاب  ]

ليكن همك الأول أن تطيع الله في كل شيء، في علاقاتك الشخصية، في علاقاتك التجارية، في علاقاتك مع من هم فوقك، مع من هم دونك، في كل شأن من شؤون حياتك إذا أطعت الله فقد اتقيته، وربنا سبحانه وتعالى يقول:

﴿ إِلَّا الَّذِينَ عَاهَدْتُمْ مِنَ الْمُشْرِكِينَ ثُمَّ لَمْ يَنْقُصُوكُمْ شَيْئًا وَلَمْ يُظَاهِرُوا عَلَيْكُمْ أَحَدًا فَأَتِمُّوا إِلَيْهِمْ عَهْدَهُمْ إِلَى مُدَّتِهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَّقِينَ (4)﴾

[  سورة التوبة  ]

أي إذا أردت أن يحبك الله عز وجل فثمن محبة الله أن تكون تقياً، والآية الثانية:

﴿ أَمْ نَجْعَلُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ كَالْمُفْسِدِينَ فِي الْأَرْضِ أَمْ نَجْعَلُ الْمُتَّقِينَ كَالْفُجَّارِ (28)﴾

[  سورة ص  ]

أي معقول؟ هل تقبل على الله عز وجل أن يعامل المتقي كالفاجر؟ هذا الذي يتقي غضب الله، يتقي سخطه، يتقي معصيته، يتقي عذابه، كإنسان فاجر، لا يبالي، إذاً كلمة التقوى حيثما وردت قد ترد في حق الناس عامة، والدليل: ﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ إِنَّ زَلْزَلَةَ السَّاعَةِ شَيْءٌ عَظِيمٌ﴾ وقد ترد في حق المؤمنين:  ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ﴾ وقد ترد في حق المؤمنين بدرجات متفاوتة: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ﴾ ، وأيضاً:

﴿ وَجَاهِدُوا فِي اللَّهِ حَقَّ جِهَادِهِ هُوَ اجْتَبَاكُمْ وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ مِلَّةَ أَبِيكُمْ إِبْرَاهِيمَ هُوَ سَمَّاكُمُ الْمُسْلِمِينَ مِنْ قَبْلُ وَفِي هَذَا لِيَكُونَ الرَّسُولُ شَهِيدًا عَلَيْكُمْ وَتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ فَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَاعْتَصِمُوا بِاللَّهِ هُوَ مَوْلَاكُمْ فَنِعْمَ الْمَوْلَى وَنِعْمَ النَّصِيرُ (78)﴾

[  سورة الحج ]

ارفع مستوى الطاعة إلى أعلى درجة، وربنا سبحانه وتعالى يطمئن المتقين بأنهم سوف ينجون من عذاب الله لقوله تعالى:

﴿ وَيُنَجِّي اللَّهُ الَّذِينَ اتَّقَوْا بِمَفَازَتِهِمْ لَا يَمَسُّهُمُ السُّوءُ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ (61)﴾

[  سورة الزمر ]

إذاً كلمة تقوى معناها أن هناك خطراً، بالدنيا والآخرة، من خطر إتلاف المال، يكون صاحبه لم يتقِ الله، لم يتقِ الله في كسبه فأتلف الله له ماله، الشقي في بيته، هذا ما اتقى الله في زواجه فصار في بيته شقياً، إن لكل سيئة عقاباً.

ملخص الملخص: ما من مشكلة على وجه الأرض في المجتمع البشري إلا بسبب خروج عن منهج الله عز وجل، وما من خروج عن منهج الله إلا بسبب الجهل، والله سبحانه وتعالى خلق الكون، ونوره بالقرآن:

﴿ اللَّهُ نُورُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ مَثَلُ نُورِهِ كَمِشْكَاةٍ فِيهَا مِصْبَاحٌ الْمِصْبَاحُ فِي زُجَاجَةٍ الزُّجَاجَةُ كَأَنَّهَا كَوْكَبٌ دُرِّيٌّ يُوقَدُ مِنْ شَجَرَةٍ مُبَارَكَةٍ زَيْتُونَةٍ لَا شَرْقِيَّةٍ وَلَا غَرْبِيَّةٍ يَكَادُ زَيْتُهَا يُضِيءُ وَلَوْ لَمْ تَمْسَسْهُ نَارٌ نُورٌ عَلَى نُورٍ يَهْدِي اللَّهُ لِنُورِهِ مَنْ يَشَاءُ وَيَضْرِبُ اللَّهُ الْأَمْثَالَ لِلنَّاسِ وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ(35)﴾

[ سورة النور ]

هناك إشارات، هناك توضيح، هناك تبيين، أنت خلقت لكذا وكذا، إن فعلت هذا نجوت، إن فعلت هذا هلكت، طاعة الله في كذا وكذا، معصيته في كذا وكذا، فربنا عز وجل أعطاك هذا الكتاب، هذا الكتاب منهج دقيق، افعل ولا تفعل، أي نشرة تعليمات، تعليمات الصانع هذا الدفتر، أنت من صنعك؟ الله عز وجل:

﴿ وَتَرَى الْجِبَالَ تَحْسَبُهَا جَامِدَةً وَهِيَ تَمُرُّ مَرَّ السَّحَابِ صُنْعَ اللَّهِ الَّذِي أَتْقَنَ كُلَّ شَيْءٍ إِنَّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَفْعَلُونَ (88)﴾

[  سورة النمل  ]

أنت صنعك الله عز وجل، وهذا الكتاب تعليمات الصانع، فإذا أطعت الله في تعليماته نجوت من عذابه، تكون متقياً، وإذا خالفته في تعليماته وقعت في شر عملك، وإذا كنت تحب نفسك وذاتك، إذا كنت تحب وجودك، وتحب استمرار وجودك، وتحب سلامة وجودك، وتحب كمال وجودك، فاتقِ الله، أي اتقِ عذابه بطاعته.

والحمد لله رب العالمين 

الاستماع للدرس

00:00/00:00

تحميل النص

إخفاء الصور