وضع داكن
28-03-2024
Logo
الدرس : 04 - سورة الفرقان - تفسير الآيات 3 - 8 ادعاء الكفار أن هذا القرآن كلام البشر فشقوا في الدنيا والآخرة
   
 
 
 بسـم اللـه الرحمـن الرحيـم  
 

الحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين ، اللهم لا علم لنا إلا ما علمتنا إنك أنت العليم الحكيم ، اللهم علمنا ما ينفعنا ، وانفعنا بما علمتنا ، وزدنا علماً ، وأرنا الحق حقاً وارزقنا اتباعه ، وأرنا الباطل باطلاً وارزقنا اجتنابه ، واجعلنا ممن يستمعون القول فيتبعون أحسنه ، وأدخلنا برحمتك في عبادك الصالحين .

 

لله ملك السموات والأرض ومع ذلك اتخذ الكفار من دونه آلهة يعبدونها :

 

أيها الأخوة الأكارم ؛ مع الدرس الرابع من سورة الفُرقان . 

وصلنا في الدرس الماضي إلى قوله تعالى : ﴿ تَبَارَكَ الَّذِي نَزَّلَ الْفُرْقَانَ عَلَى عَبْدِهِ لِيَكُونَ لِلْعَالَمِينَ نَذِيرًا (1) الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَلَمْ يَتَّخِذْ وَلَدًا وَلَمْ يَكُنْ لَهُ شَرِيكٌ فِي الْمُلْكِ وَخَلَقَ كُلَّ شَيْءٍ فَقَدَّرَهُ تَقْدِيرًا(2)﴾ ومع أن الله سبحانه وتعالى له ملك السماوات والأرض ، ومع أن الله عزَّ وجل ليس كمثله شيء :

﴿ قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ (1) اللَّهُ الصَّمَدُ (2) لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ (3) وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ (4)﴾

[  سورة الإخلاص  ]

 ومع أن مقادير السماوات والأرض كلها بيده ، ومع كل ذلك .. ﴿ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ آلِهَةً ﴾   من دونه . 

شَتَّانَ بين الخالق والمخلوق ، شتانَ بين خالق الكون وبين مخلوقٍ ضعيف ﴿ واتَّخَذُوا  ﴾ هؤلاء الكفار ، هؤلاء المشركون : ﴿ واتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ آلِهَةً ﴾ والإله هو الذي ترجوه ، هو الذي تخافه ، هو الذي تطمعُ في نواله ، هو الذي بيده أمرك ، هؤلاء الكفار توهَّموا أن زيداً أو عبيداً ، أو أن هذا الصنَم ، أو ذاك الإله المزعوم الذي عبدوه من دون الله بيده أمرهم ؛ أمرُ حياتهم أو موتهم ، أمرُ رزقهم ، أمرُ صحَّتهم ، أمرُ أرضهم وخصوبتها ، هذا التوهُّم جاء الإسلام لينقذنا من الجهل والوهم ، ولينقلنا إلى أنوار المعرفة والعلم ، فكم هم بعيدون عن الحقيقة ! كم هم غافلون عنها حينما يتخذون من دون الله آلهةً . 

الحقيقة أن الله عزَّ وجل نفى عن هذه الآلهة صفاتٍ كثيرة ، إن نفي الصفات يُعَرُّفُنا بالله عزَّ وجل ، هذه الآلهة ؛ يغوث ، ويعوق ، ونَسر ، وكل إلهٍ يتخذه الإنسان ، ويعبده من دون الله يتوهَّم أن بيده رزقه ، أن بيده حياته أو موته ، أنه ينفعه أو يضره ، إن كان الإله صنماً أو إن كان شخصاً لا فرق بينهما ، المهم أن هذه الجهة تعبدها من دون الله ، أنك عزفت عن خالق الكون والتفت إلى مخلوقٍ ضعيف ، إن هذا الالتفات إلى هذا المخلوق هو الجهل بعينه ، لماذا هو الجهل ؟

 

من ابتعد عن الشك والجهل والتقليد عرف الحقيقة وسعد بها :


العلم هو أن تبحث عن علاقةٍ ثابتة بين شيئين ، مقطوع بصحتها ، يؤكِّدها الواقع ، وعليها دليل ، إذا كانت كل أفكارك ، وكل تصوُّراتك ، وكل معتقداتك من هذا النوع ؛ علاقةٌ ثابتة بين شيئين ، مقطوعٌ بصحتها ، عليها دليل ، يؤكدها الواقع ، هذه هي الحقيقة ، وهذا هو العلم ، أما إذا اعتقدت أشياء لا يؤكدها الواقع فهذا هو الجهل ، إذا اعتقدت أشياء صحيحة ليس عليها دليل فهذا هو التقليد ، إذا اعتقدت بأشياء ليس مقطوعاً بصحتها ، فهذا هو الشك أو الوهم أو الظن ، فإذا استطاع الإنسان أن يبتعد عن الشك ، وعن الوهم ، وعن الظن ، وعن التقليد ، وعن الجهل فقد عرف الحقيقة ، ومتى عرف الحقيقة سَعِدَ بها في الدنيا والآخرة .

﴿ واتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ آلِهَةً ﴾ كيف تعبده وهو مخلوقٌ مثلك ؟ كيف تعبده وليس بيده أمرُ حياتك أو موتك ؟ كيف تعبده وليس إليه المصير ؟ كيف تعبده ولا يملك لك نفعاً ولا ضراً ؟ إذاً هذا هو الجهل ، منتهى الجهل أن تتجه إلى جهةٍ لا تستطيع أن تفعل شيئاً فتعبدها من دون الله ، في المثل الواقعي : لو أن لك قضيةً عند شخصٍ مسؤولٍ في شركة أو في دائرة ، وتوجهت إلى مستخدمٍ في هذه الدائرة ، وجعلت ترجوه ، وتتضعضع أمامه ، وتثني عليه لعله يوافق لك على هذه القضية ، هذا مجنون ، من يفعل هذا فهو مجنون ، يقول لك : هذه القضية ليست بيدي ، بيد فلان ، فيجب أن تعرف أمرك بيد مَنْ ، لأن مشكلة المشاكل هو الشرك ، إذا وَحَّدتَ فقد سعدت ، وما تعلمت العبيد أفضل من التوحيد .

 

البطولة أن تعرف أن الله هو النافع وهو الضار وأن أمرك بيده وحده سبحانه:


التوحيد كفكرة سهل فهمها ، وسهل الحديث فيها ، أما أن تعيش التوحيد ، أن تعتقد اعتقاداً جازماً أنه :

﴿ مَا يَفْتَحِ اللَّهُ لِلنَّاسِ مِن رَّحْمَةٍ فَلَا مُمْسِكَ لَهَا وَمَا يُمْسِكْ فَلَا مُرْسِلَ لَهُ مِن بَعْدِهِ(2) ﴾ ﴾

[ سورة فاطر  ]

أن تعتقد أن الله وحده هو النافع والضار ، أن الله وحده بيده أمرك كلّه ، أن تعتقد أن الله وحده بيده الخير والشر ، ولا شيء بيد غيره ، فهذه هي البطولة .

فلذلك قال العلماء : نهاية العِلْمِ التوحيد ، ﴿ وَاتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ آلِهَةً لَا يَخْلُقُونَ شَيْئًا ﴾ .

 

الحياة والقيام بالله عزَّ وجل فالخالق وحده هو من يستحق العبادة:


ربنا عزَّ وجل قال :

﴿ يَا أَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ (21)﴾

[ سورة البقرة  ]

هذا ليس بخالق ، كيف تعبده من دون الله ؟ كيف تطيعه وتعصي الله ؟ كيف تعتقد أنه نافعٌ أو ضار ؟ ﴿ لَا يَخْلُقُونَ شَيْئًا ﴾ بل هو مخلوقٌ مثلك ، ومعنى مخلوق أي مفتقرٌ في وجوده إلى الله عزَّ وجل ، هذا معنى مخلوق :

﴿ اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ لَا تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلَا نَوْمٌ لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ مَنْ ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِنْدَهُ إِلَّا بِإِذْنِهِ يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ وَلَا يُحِيطُونَ بِشَيْءٍ مِنْ عِلْمِهِ إِلَّا بِمَا شَاءَ وَسِعَ كُرْسِيُّهُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَلَا يَئُودُهُ حِفْظُهُمَا وَهُوَ الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ (255)﴾

[  سورة البقرة  ]

حياة كل شيءٍ به ، وقيام كل شيءٍ به ، فالحياة والقيام بالله عزَّ وجل ، فهذا الذي تعبده مخلوقٌ مثلك ، مفتقرٌ في وجوده إلى الله عزَّ وجل ، مفتقرٌ في قيامه إلى الله عزَّ وجل ، حركاته ، سكناته ، نبضات قلبه ، وجيب رئتيه ، حركة دماغه بيد الله عزَّ وجل ، في لحظةٍ واحدة يجعله الله جثةً هامدة ، في لحظةٍ واحدة يجعله الله مختل العقل ، في لحظةٍ واحدة يجعله الله مشلولاً ، فكيف تعبده من دون الله ؟ ﴿ وَاتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ آلِهَةً لَا يَخْلُقُونَ شَيْئًا وَهُمْ يُخْلَقُونَ﴾ سحرة فرعون قالوا :

﴿ قَالُوا لَنْ نُؤْثِرَكَ عَلَى مَا جَاءَنَا مِنَ الْبَيِّنَاتِ وَالَّذِي فَطَرَنَا فَاقْضِ مَا أَنْتَ قَاضٍ إِنَّمَا تَقْضِي هَذِهِ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا (72) إِنَّا آمَنَّا بِرَبِّنَا لِيَغْفِرَ لَنَا خَطَايَانَا وَمَا أَكْرَهْتَنَا عَلَيْهِ مِنَ السِّحْرِ وَاللَّهُ خَيْرٌ وَأَبْقَى (73)﴾

[  سورة طه  ]

عرفوا أن الله عزَّ وجل هو الإله الواحد الأحد ، الفَرد الصمد ، فهؤلاء الآلهة التي تُعْبَد من دون الله لا يخلقون شيئاً وهم يُخْلَقون ، إذاً يجب أن تعبد الخالق ، بل إن الخالق وحده يستحق العبادة .  

 

الذي يُعبد من دون الله مخلوق لا يملك أن يجلب النفع ولا أن يدفع الضُرَّ :


﴿ وَلَا يَمْلِكُونَ لِأَنْفُسِهِمْ ضَرًّا ﴾ .. هؤلاء الذين تعبدهم من دون الله هكذا يقول الله عزَّ وجل ، يُقَرِّعُ المشركين ، يُقَرِّعُ الكافرين ، هؤلاء الذين اتخذوا آلهةً من دون الله ، يعبدونهم من دون الله : ﴿ وَلَا يَمْلِكُونَ لِأَنْفُسِهِمْ ضَرًّا وَلَا نَفْعًا ﴾ ما معنى : ﴿ وَلَا يَمْلِكُونَ لِأَنْفُسِهِمْ ضَرًّا  ﴾ أي لا يملكون دفع الضرِّ عنهم ، ولا يملكون جلب النفع إليهم ، وكأن الله سبحانه وتعالى أراد بهذا التعبير أن يبيِّن لنا : إذا كان هذا الذي تعبده من دون الله لا يملك أن يدفع الضر عن نفسه ، ولا يملك أن يجلب النفع إليه ، فَلأَن يكون عاجزاً عن دفع الضر عنك أو عن جلب النفع إليك فمن بابٍ أوْلى ، إذا كان لا يستطيع أن يجلِبَ لنفسه النفع ، ولا أن يدفع عن نفسه الضُر ، أفيستطيع أن يملك النفع والضر لغيره ؟ إذاً هذا الذي يُعبد من دون الله مخلوقٌ لا يملك أن يجلب النفع ولا أن يدفع الضُرَّ .

 

الله عز وجل هو المحيي المميت :


﴿ وَلَا يَمْلِكُونَ مَوْتًا وَلَا حَيَاةً وَلَا نُشُورًا ﴾ .. الله هو المحيي المميت ، إذا جاء الموت أو إذا سلب الله سبحانه وتعالى من هذا الجَسَدِ الروح ، أصبح هذا الجسد جيفةً ، ويقولون دائماً : إكرام الميت ترحيله ، قبل أيام كان هذا الإنسان مؤنساً ، كان ملء السمع والبصر ، كان يشِيع في بيته الأنسَ والمودَّة والمحبة ، لمجرد أن توقف القلب أصبح جثةً هامدة ، وأصبح وجوده موحشاً ، وتمنَّى أقرب الناس إليه لو يُعجَّل بدفنه ، إذاً ما الذي حصل ؟ ما هذا السر الذي جعله الله في الروح ؟ بالروح ترى ، وتسمع ، وتبصر ، وتفكِّر ، وتحاكم ، وتعتقد ، وترفض ، وتتخيَّل ، وتتصور ، وتذكر ، وتمشي ، وتقعد ، وتتكلم ، وتقنع ، وقد تلقي طُرفةً ، أو تلقي فكرةً ، تَهُشُّ وتَبُشُّ ، وتغضب ، وترضى ، وتشعر بالسرور ، وتشعر بالضيق ، فإذا ذهبت الروح من هذا الجسد أصبح جثةً هامدة لا حراك بها ، إذاً : ﴿ وَلَا يَمْلِكُونَ لِأَنْفُسِهِمْ ضَرًّا وَلَا نَفْعًا وَلَا يَمْلِكُونَ مَوْتًا وَلَا حَيَاةً وَلَا نُشُورًا (3) ﴾ أي هل تستطيع البشرية جَمْعَاء أن تصنع كأساً من الحليب من الحشيش ؟ هل تستطيع البشرية جمعاء أن تصنع بيضةً ؟ هل تستطيع أن تَخْلُقَ ذبابةً ؟ هل تستطيع أن تخلق بعوضةً ؟ هل تستطيع أن تخلق عيناً لمن فقد عينه ؟ 

 

الله عز وجل هو الخالق يخلق كل شيءٍ من لا شيء :


﴿ لَا يَخْلُقُونَ شَيْئًا وَهُمْ يُخْلَقُونَ وَلَا يَمْلِكُونَ لِأَنْفُسِهِمْ ضَرًّا وَلَا نَفْعًا وَلَا يَمْلِكُونَ مَوْتًا وَلَا حَيَاةً وَلَا نُشُورًا (3)﴾ .. المعنى العكسي يُسَمُّونَهُ المعنى المخالف في أصول الفقه ، إذاً الله سبحانه وتعالى هو الخالق يخلق كل شيءٍ من لا شيء ، وهو الذي يملك أن يدفع عنك الضر :

﴿ أَمَّنْ يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ وَيَجْعَلُكُمْ خُلَفَاءَ الْأَرْضِ أَئِلَهٌ مَعَ اللَّهِ قَلِيلًا مَا تَذَكَّرُونَ (62)﴾

[ سورة النمل  ]

هو الذي يملك أن يدفع عنك المرض ، وإذا مرضت فهو يشفيني ، سيدنا إبراهيم قال لقومه : 

﴿ قَالَ أَفَرَأَيْتُمْ مَا كُنْتُمْ تَعْبُدُونَ(75)أَنْتُمْ وَآبَاؤُكُمْ الأَقْدَمُونَ(76)فَإِنَّهُمْ عَدُوٌّ لِي إِلا رَبَّ الْعَالَمِينَ(77)الَّذِي خَلَقَنِي فَهُوَ يَهْدِينِ(78)وَالَّذِي هُوَ يُطْعِمُنِي وَيَسْقِينِ(79)وَإِذَا مَرِضْتُ فَهُوَ يَشْفِينِ(80)وَالَّذِي يُمِيتُنِي ثُمَّ يُحْيِينِ(81)وَالَّذِي أَطْمَعُ أَنْ يَغْفِرَ لِي خَطِيئَتِي يَوْمَ الدِّينِ(82)﴾

[ سورة الشعراء  ]

 

الله وحده يستحق العبادة وهو من يستحق أن نفني عمرنا من أجله :


القضية مصيرية ، اعرِفْ مَن هو ربك حتى تجعل كل جهدك له ، وكل وقتك له ، وكل طاقتك له ، وكل تفكيرك له ، وكل إمكاناتك له ، لأنه وحده يستحقُّ العبادة ، وهو وحده يستحقُّ أن تفني كل عمرك من أجله ، هو وحده :

﴿ وَمَا يَذْكُرُونَ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ هُوَ أَهْلُ التَّقْوَى وَأَهْلُ الْمَغْفِرَةِ (56)﴾

[ سورة المدثر  ]

الإنسان لا يليق به أن يقدِّم إمكاناته لإنسان مثله ، هذا الإنسان مخلوق ماذا يفعل معه ؟ ولكن يليق به أن يقدم كل حياته ، وكل شبابه ، وكل طاقاته لله خالقه ومربِّيه ، إذاً مِن المعنى المُخالف لهذه الآية أن الله سبحانه وتعالى يخلق كل شيءٍ مِن لا شيء ، وبيده دفع الضُر عنك ، وبيده جلب النفع إليك ، ويملك الموت والحياة والنشور ، لذلك لما يوضع الإنسان في قبره يقول الله عزَّ وجل : عبدي رجعوا وتركوك ، وفي التراب دفنوك ، ولو بقوا معك ما نفعوك ، ولم يبق لك إلا أنا ، وأنا الحي الذي لا يموت . 

إذاً هذا الذي مصيرك إليه ، مآلك إليه ، إيابُك إليه ، هل تعاملتَ معه في الدنيا ؟ هل عرفته ؟ هل أطعته ؟ هل توخَّيْتَ رضاه ؟ هل بحثت عما يرضيه ؟ هل اتبعت رضوانه ؟ هل اجتنبت ما يسخطه ؟ هل عرفت أمره فطبَّقته ؟ هل عرفت نهيه فاجتنبته ؟ ماذا فعلت ؟ قال:

(( يا رسولَ اللهِ علِّمْني من غرائبِ العلمِ ؟ قال : ما فعلتَ في رأسِ العلمِ فتطلبَ الغرائبَ ؟ قال : وما رأسُ العلمِ ؟ قال : هل عرفتَ الرَّبَّ ؟ قال : نعم ، قال : فما صنعتَ في حقِّه ؟ قال : ما شاءَ اللهُ ، قال : عرفتَ الموتَ ؟ قال : نعم ، قال : ما أعددتَ له ؟ قال : ما شاءَ اللهُ ، قال : انطلِقْ فأَحكِمْ ما هاهنا ثمَّ تعالَ أُعَلِّمْكَ غرائبَ العلمِ . ))

[ ابن عراق الكناني : تنزيه الشريعة : حكم المحدث : مرسل : إسناده ضعيف ]

إذا كنت قد عرفت الله فماذا صنعتَ في حقه ؟ أي ماذا فعلت ؟ ماذا قدَّمت ؟ ماذا منعتَ ؟ مَن وصلتَ ؟ مَن قطعتَ ؟ مَن أعطيتَ ؟ مَن منعتَ ؟ مَن عاديتَ ؟ مَن سالمتَ ؟ ما الموقف الذي وقفته انطلاقاً من هذه المعرفة ؟ إذا كنت قد عرفته فماذا فعلت في حقه ؟ (( ... قال : ما شاءَ اللهُ ، قال : عرفتَ الموتَ ؟ قال : نعم ، قال : ما أعددتَ له ؟ )) لا عرف الله عزَّ وجل ، ولا صنع في حقه شيئاً ، ولا عرف الموت ، ولا أعدَّ له شيئاً ، وجاء النبيَّ عليه الصلاة والسلام ليتعَّلم منه من غرائب العلم ، لذلك : (( ... قال : انطلِقْ فأَحكِمْ ما هاهنا ثمَّ تعالَ أُعَلِّمْكَ غرائبَ العلمِ )) هذا الوقت ثمين جداً ، الإنسان كما قالت رابعة العدوية : " الإنسان بضعة أيام كلما انقضى يومٌ انقضى بضعٌ منه ." 

إلى متى أنت باللذات مشغول             وأنت عن كل ما قدمت مسؤول ؟

* * * 

تعصي الإله وأنت تظهر حـبـه             هذا لعــمري في المقـــــــال بديــــــــع

لـو كان حبك صادقــــاً لأطعـتـــه             إنّ المحـــب لمـن يحـــــب يطيـــــــع

* * *

يقولون : هناك كلمات الإنسانُ يسمعها أو يقرؤها ويتثاءب وينام ، ولكن هناك كلمات يسمعها الإنسان أو يقرؤها فتبدأ عندها متاعبه ، أي هذه الكلمات تضعه أمام مسؤولياته ، تضعه في حجمه الحقيقي ، تُعرِّفه بمهمته ، تبيِّن له لماذا هو هنا على وجه الأرض ؟ فهذه الآيات لا ينبغي أن تمضي سريعاً : ﴿ وَاتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ آلِهَةً ﴾ .. 

 

الشرك الخفي أن تعتمد على غير الله وترجوه وتحتمي به من كل شر :


أحياناً الإنسان إذا كان له قريب يشغل مركزاً مرموق ، ويعتمد عليه ، ويتمنَّى رضاه ، ويرجو منه الخير ، ويحتمي به من كل شر ، هذا نوعٌ من الشرك الخفي ، والنبي عليه الصلاة والسلام يقول : عَنْ شَدَّادِ بْنِ أَوْسٍ :

(( أخوف ما أخاف على أمتي الشرك الخفي . ))

[ ضعيف ابن ماجه ]

 الشرك الخفي أن تعتمد على غير الله ، أن ترجو غير الله ، أن تُرضي غير الله ، أن تسعى لغير الله : عن شَدَّادِ بْنِ أَوْسٍ رضي الله عنه قَالَ  : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :

(( أَخْوَفَ مَا أَتَخَوَّفُ عَلَى أُمَّتِي الإِشْرَاكُ بِاللَّهِ أَمَا إِنِّي لَسْتُ أَقُولُ يَعْبُدُونَ شَمْسًا وَلا قَمَرًا وَلا وَثَنًا وَلَكِنْ أَعْمَالا لِغَيْرِ اللَّهِ وَشَهْوَةً خَفِيَّةً . ))

[ ضعيف ابن ماجه ]

 

سخف الكفار وضيق أفقهم :

 

لذلك أبرز ما في الدين التوحيد ، ولا إله إلا الله كلمةُ التوحيد ، من قال : لا إله إلا الله بحقها دخل الجنة ، قيل : وما حقها ؟ قال : أن تحجزه عن محارم الله  . 

لو قلتها بحقها ، لا موجود بحق إلا الله ، لا معبودٍ بحق إلا الله ، لا مسيِّر بحق إلا الله ، قطعت كل علائق الخلق واتجهت إلى الخالق لأنه بيده الأمر كله . 

﴿ مِنْ دُونِهِ فَكِيدُونِي جَمِيعًا ثُمَّ لَا تُنْظِرُونِ (55) إِنِّي تَوَكَّلْتُ عَلَى اللَّهِ رَبِّي وَرَبِّكُمْ مَا مِنْ دَابَّةٍ إِلَّا هُوَ آخِذٌ بِنَاصِيَتِهَا إِنَّ رَبِّي عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ (56)﴾  

[ سورة هود ]

كأن الله سبحانه وتعالى في هذه الآية يبيِّن لنا سخف هؤلاء الكفار ، ضيق أفقهم ، جهلهم الفاضح ، غرورهم ، الوهم الذي تعلَّقوا به : ﴿ وَاتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ آلِهَةً لَا يَخْلُقُونَ شَيْئًا وَهُمْ يُخْلَقُونَ وَلَا يَمْلِكُونَ لِأَنْفُسِهِمْ ضَرًّا وَلَا نَفْعًا وَلَا يَمْلِكُونَ مَوْتًا وَلَا حَيَاةً وَلَا نُشُورًا(3)﴾ إذاً اعْبد الله الذي يخلُق ، والذي يملك أن يدفع عنك الضر ، والذي يملك أن يجلب لك النفع ، والذي يُحيي ويميت ، ويبعثك من بعد الموت ، هذا الذي عليك أن تعبده ، وهذا الذي عليك أن تسعى لمعرفته . 

 

أعظم وأجَلُّ عمل في الدنيا أن تبحث عن دليلٍ قطعي على أن هذا القرآن كلام الله:


مع ذلك : ﴿ وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ هَذَا ﴾ أي القرآن : ﴿ إِلَّا إِفْكٌ افْتَرَاهُ وَأَعَانَهُ عَلَيْهِ قَوْمٌ آخَرُونَ ﴾ أي هذا القرآن من تأليف محمد صلى الله عليه وسلم ، هو ذكيٌ وعبقري ، وقد وضع هذا الكتاب ليجمع الناس حوله ، الشيء المناسب ألا تقبل فكرةً إلا بالدليل ، هذه فِرْيَة ، هذا تخريف ، ولكن السؤال الآن موجَّه إلينا : هل آمنا بهذا الكتاب إيماناً قطعياً ؟ لأن هذا الإيمان الذي يعتريه الشك ، والوهم ، الإيمان غير المبني على التحقيق الذاتي ، غير المبني على دليل قطعي ، هذا الإيمان لا يصمد أمام الشبهات ، ولا أمام الضلالات ، فلو أن أحداً قال لك : هل تملك دليلاً على أن هذا القرآن هو كتاب الله تعالى ؟ هذا سؤال ، افرِضْ نفسك أمام إنسان مُنْكِر ، أمام إنسان لا يعرف الله عزَّ وجل ، ذكرتَ له آيةً فتحَدَّاك وقال لك : وما الدليل على أن هذا القرآن كلام الله ؟ هذا سؤال ، واللهِ الذي لا إله إلا هو ما من عملٍ أعظم ولا أجَلُّ من أن تبحث عن دليلٍ قطعيٍ على أن هذا القرآن كلام الله ، لأنك إذا عرفتَ أنَّه كلام الله بالدليل القطعي عندئذٍ تنظر إلى آياته نظرةً أخرى ، فالأمر يجب أن يُطاع ، والنهي يجب أن يُترك ، تحس أن هذا كلام الخالق ، لهذه الآيات مصداقيةٌ مئة في المئة ، لكن هذا الذي سمع أن الناس يقولون : هذا كلام الله فقال مثلهم ، التقليد في العقيدة غير مقبول ، سمع خطيب المسجد يقول : هذا القرآن كلام الله فقال مثله ، هذا مرفوض ، هذا السؤال خطير ، هل تملك دليلاً على أن هذا الكلام الذي بين يديك كلام الله ؟ هل تستطيع أن تثبت للكفار ولأهل الفجور أن هذا الكلام كلام الله ؟ أما هذا الاعتقاد بأن هذا القرآن كلام الله من دون دليل ، هذا الاعتقاد لا يصمُد أمام الإغراءات ، ولا أمام الضغوط ، ولا أمام الضلالات ، ولا أمام ما يقوله الكفار ، سمعتم كيف أن بعض مَن ارتدوا عن دينهم أساؤوا لهذا الدين من خلال قصة خيالية وقد أثارت العالم كله ، أنت ما موقفك؟ هل هذا كلام الله ؟ 

 

الإيمان بالقرآن يجب أن يكون تحقيقياً وتصديقياً وهذا موقف أهل الإيمان:


﴿ وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ هَذَا إِلَّا إِفْكٌ افْتَرَاهُ وَأَعَانَهُ عَلَيْهِ قَوْمٌ آخَرُونَ ﴾   .. لو أن أحداً قال لك : هذا القرآن من تأليف محمد ، وكان هذا الإنسان عبقرياً ذكياً جداً ، استطاع بذكاءٍ بارع أن يؤلِّف هذا الكتاب وأن يجمع الناس حوله ، وهو ليس من عند الله ، بماذا تجيبه ؟ هذه وظيفة إذا كان الأمر يهمُّك جداً ، هذا أمر مصيري ، أنت تبني كل حياتك على هذا الكتاب ، فهل هو من عند الله حقاً ؟ ما الدليل ؟ أمَّا لو عرفت أنه من عند الله حقاً تصبح إنساناً آخر ، إذا قال لك القرآن :

﴿ قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ (30)﴾

[ سورة النور  ]

عندئذٍ لأَن تُقطَّع إرْباً إِرْباً أهون عليك من أن تعصي الله ، لأن هذا كلام الله ، إذا قال الله عزَّ وجل : 

﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَذَرُوا مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبَا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ (278)﴾

[  سورة البقرة  ]

لا يمكن أن تأكل الربا ولا أن توكِلَهُ أحداً ولو قطَّعوك إرْباً إِرْباً ، إله يأمرك ، أما إذا كان الإيمان بالقرآن غيرَ تحقيقي ، إيمان تصديقي ، يا أخي هكذا الناس يقولون ، هذا الموقف ليس موقف أهل الإيمان :

﴿ إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ لَمْ يَرْتَابُوا وَجَاهَدُوا بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أُولَئِكَ هُمُ الصَّادِقُونَ (15)  ﴾

[  سورة الحجرات  ]

 

الكفار ظلموا أنفسهم بادعاء أن هذا القرآن كلام البشر فشقوا في الدنيا والآخرة: 


﴿ وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا ﴾ .. أنا أحثُّكم على أن تبحثوا عن الدليل القطعي على أن هذا القرآن كلام الله ، لا يكفي هذا الشعور ، يجب أن يرافق الشعور تحقيقٌ دقيقٌ بأن القرآن الكريم كلام الله عزَّ وجل : ﴿ وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ هَذَا إِلَّا إِفْكٌ افْتَرَاهُ وَأَعَانَهُ عَلَيْهِ قَوْمٌ آخَرُونَ فَقَدْ جَاءُوا ظُلْمًا وَزُورًا(4)﴾ أي ظلموا أنفسهم بهذا الإدِّعاء حينما قالوا : إنما هذا القرآن من كلام البشر أعرَضوا عنه ، ولم يأتمروا بأمره ، ولم ينتهوا عما نهى عنه ، فَشَقُوا في الدنيا ، فظلموا أنفسهم ، فلما جاء الموت وقامت القيامة وجدوا أنفسهم في عذابٍ أبدي ، إذاً إعراضِهم عن كتاب الله ، وتَكذيبِهم به ، وادعائهم بأنه من صنع محمد عليه الصلاة والسلام ، كان هذا الافتراء من أشدّ أنواع الظلم لأنفسهم ، الإنسان خلق ليسعد إلى الأبد في جنةٍ ربه الفَرْد الصمد ، فلما أعرض عن كلامه ، ولم يعبأ به ، واتخذه سخرياً ، وجعله وراء ظهره ، عندئذٍ شقي في الدنيا وشقي في الآخرة .  


الإنسان لا يسعد إلا إذا عرف الحقيقة وعرف لكل شيءٍ حجمه :


حينما قال هؤلاء الكفار : ﴿ وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ هَذَا إِلَّا إِفْكٌ افْتَرَاهُ وَأَعَانَهُ عَلَيْهِ قَوْمٌ آخَرُونَ فَقَدْ جَاءُوا ظُلْمًا وَزُورًا(4)﴾  ظلموا أنفسهم .. ﴿ وَزُورًا ﴾   تكلموا غير الحقيقة ، تكلموا شيئاً مُزَيَّفَاً ، تكلموا بشيءٍ لا أصل له ، لا دليل عليه ، تكلموا بشيءٍ ليس له أساس ، وقفوا على أرضٍ رخوةٍ ليست صُلبةً ، الإنسان متى يسعد ؟ إذا عرف الحقيقة ، عرف لكل شيءٍ حجمه بالضبط ﴿ وَقَالُوا أَسَاطِيرُ الْأَوَّلِينَ اكْتَتَبَهَا فَهِيَ تُمْلَى عَلَيْهِ بُكْرَةً وَأَصِيلًا (5)﴾ أي هناك مَن أملى عليه هذه الأساطير ، هذه قصص قديمة كلُّها جاء بها من كُتُب أخرى ، وأُمْليتْ عليه ، فحفظها بكرةً وأصيلاً ، وتلاها على الناس ، فكانت ما يسمى بالقرآن ، هذه دعوى الكفار ، وملة الكفر واحدة ، وفي كل زمانٍ ومكان ادّعاءات الكفار متشابهة ، الله سبحانه وتعالى يردّ عليهم : ﴿ قُلْ أَنْزَلَهُ الَّذِي يَعْلَمُ السِّرَّ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ إِنَّهُ كَانَ غَفُورًا رَحِيمًا (6) ﴾ أي هذا القرآن ليس مِن عند محمد ، وليس مُفترى ، وليس أساطير الأولين ، قل أنزله خالق الكون . 

 

كلّ إنسان مكشوف أمام الله فالتعامل مع الله يحتاج إلى وضوح :


﴿ الَّذِي يَعْلَمُ السِّرَّ ﴾ .. لم يقل الله عزَّ وجل : الذي يعلم السر والجَهر ، لأن الذي يعلم السر من باب أولى أنه يعلم الجهر ، والقرآن بلاغته في إيجازه ﴿ قُلْ أَنْزَلَهُ الَّذِي يَعْلَمُ السِّرَّ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ إِنَّهُ كَانَ غَفُورًا رَحِيمًا (6)﴾ أنزله الذي يعلم السر أي أنت مكشوف أمام الله عزَّ وجل ، النوايا ، الطموحات ، الصراعات ، ما تنوي أن تفعله بعد هذا العَقد ، ما تنوي أن تفعله مع هذه المرأة بعد خمس سنوات ، وبعد أن تنتهي دراستك في هذا البلد ، نويت أن تطلِّقها بعد انتهاء الدراسة ، هذا سرٌ تَكلمتَ به أنت ، ولكن الله يعلمُهُ ، عقدت عقد شراكةٍ مع إنسان ، ونويتَ أن تجعله بعد فترةٍ خارج الشركة لأنك أقوى منه من حيث المال ، وهذا المحل باسمك ، هذا السر الذي أخفيته عن شريكك ، وهذا السر الذي أخفيته عن زوجتك ،  لذلك التعامل مع الله يحتاج إلى وضوح ، تستطيع أن تخدع الناس كلهم لبعض الوقت ، وتستطيع أن تخدع إنساناً لطول الوقت ، أما أن تخدع نفسك ، أما أن تخدع ربك فهذا من المستحيل : 

﴿ يُخَادِعُونَ اللَّهَ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَمَا يَخْدَعُونَ إِلَّا أَنْفُسَهُمْ وَمَا يَشْعُرُونَ (9)﴾

[ سورة البقرة  ]

 

الكون كله أسرار فمن عرف الله عرف كل شيء :


﴿ قُلْ أَنْزَلَهُ الَّذِي يَعْلَمُ السِّرَّ﴾ .. الكون كله أسرار ، قال بعض العلماء : ما ابتلَّتْ بعدُ أقدامنا ببحر المعرفة ، أسرار الكون ، أسرار الخلية ، أسرار المادة ، أسرار الذرة ، سر الحياة ، سر النبات ، يوجد ملايينُ الأسرار من يعلمها إلا الله ﴿ قُلْ أَنْزَلَهُ الَّذِي يَعْلَمُ السِّرَّ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ ﴾ سرّ هذه النفس الإنسانية ما الذي يسعدها ؟ ما الذي يرضيها ؟ ما الذي يطمئِنُها ؟ ما الذي يجعلها متوازنة ؟ ما الذي يجعلها تنطلق إلى العمل ؟ هو الله عزَّ وجل ، فإذا عرفت الله فقد عرفت كل شيء ﴿ قُلْ أَنْزَلَهُ الَّذِي يَعْلَمُ السِّرَّ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ إِنَّهُ كَانَ غَفُورًا رَحِيمًا (6) ﴾ قال الله عزَّ وجل : 

﴿ إِنْ تَدْعُوهُمْ لَا يَسْمَعُوا دُعَاءَكُمْ وَلَوْ سَمِعُوا مَا اسْتَجَابُوا لَكُمْ وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يَكْفُرُونَ بِشِرْكِكُمْ وَلَا يُنَبِّئُكَ مِثْلُ خَبِيرٍ (14)﴾

[ سورة فاطر  ]

هو الخبير بهذه النفس ، فإذا أمرك بأمرٍ فهو الخبير ، إذا نهاك عن شيءٍ فهو الخبير ، إذا وضع لك قانوناً فهو الخبير ، لأنك إذا اشتريت آلةً لا تستطيع أن تطبِّق تعليمات إلا الجهة الصانعة فقط ، لأن الجهة الصانعة هي الجهة الوحيدة المخوَّلة أن تصدر تعليمات التشغيل والصيانة ، ولو اتبعت جهةً أخرى لأفسدت الآلة ولعطَّلتها ، وأنت أعقد آلةٍ في الكون ، إذا اتبعت الجهة الصانعة فقد سَعِدْتَ وأسعدت ، أما إذا اتبعت جهاتٍ أخرى لا تقدِّم ولا تؤخِّر عندئذٍ ضللتَ وأضللت . 

 

يجب أن نؤمن بالقرآن الكريم إيماناً تحقيقياً لنستطيع الدفاع عنه :


﴿ قُلْ أَنْزَلَهُ الَّذِي يَعْلَمُ السِّرَّ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ إِنَّهُ كَانَ غَفُورًا رَحِيمًا (6) ﴾ ، بمناسبة الحديث عن أن القرآن الكريم كلام الله ، وهذا يحتاج إلى دليل ، حبذا لو فكَّر كل واحدٍ منكم في هذا الأسبوع ماذا يملك من أدلةٍ على أن هذا الكلام كلام الله ؟ سؤال دقيق ، وعمل مهم جداً ، قد تفاجأ أنَّك لا تملك الدليل ، وأن أحداً لو قال لك : هذا القرآن ليس كلام الله ، إنه من عند محمد عليه الصلاة والسلام ، أجِبْه ، تَفضل وأَجِبه ، فحينما تؤمن بهذا الكتاب إيماناً تحقيقياً ، حينما يؤمن عقلك ، وفكرك ، ونفسك ، ودمُك ، ولحمك ، بأن هذا الكلام كلام الله ، تصبح إنساناً آخر ، لذلك قال النبي عليه الصلاة والسلام لسيدنا ابن عمر : عن عبد الله بن عمر  :

(( ابن عمر ! دينك دينك ، إنَّما هو لحمك ودمك ، فانظُر عمن تأخذُ ، خذ عن الذين استقاموا ولا تأخذ عن الذين مالوا . ))

[ السلسلة الضعيفة  : حكم المحدث : ضعيف ]

والنبي عليه الصلاة والسلام حينما دعا إلى الله عزَّ وجل ظنوا أن له أهدافاً أخرى من هذه الدعوة ، فطلبوا منه أن يجعلوه عليهم أميراً فرفض ، طلبوا منه أن يزوِّجوه أجمل فتياتهم فرفض ، طلبوا منه أن يعطوه أموالاً طائلة فرفض ، قال : 

(( عن يعقوب بن عتبة بن المغيرة  : والله يا عم لو وضعوا الشمس في يميني ، والقمر في شمالي ، على أن أترك هذا الأمر ما تركته حتى يظهره الله ، أو أهلك دونه . ))

[ فقه السيرة ليس له إسناد ثابت ، من الأحاديث الضعيفة ]

عندئذٍ قالوا : " يا محمد إنك تأكل ، ولو كنت رسولاً لما أكلت ، هذا الأكل من صفات البشر ، ولابدَّ من أن يكون الرسول ملكاً " .

 

لا يمكن أن يكون النبي إلا من بني البشر لأنه قدوة ومثلٌ أعلى :


﴿ وَقَالُوا مَالِ هَذَا الرَّسُولِ يَأْكُلُ الطَّعَامَ ﴾ يأكل ، النبي عليه الصلاة والسلام قال : عن أبي هريرة رضي الله عنه :

﴿ اللَّهُمَّ إنَّما مُحَمَّدٌ بَشَرٌ ، يَغْضَبُ كما يَغْضَبُ البَشَرُ ، وإنِّي قَدِ اتَّخَذْتُ عِنْدَكَ عَهْدًا لَنْ تُخْلِفَنِيهِ ، فأيُّما مُؤْمِنٍ آذَيْتُهُ ، أوْ سَبَبْتُهُ ، أوْ جَلَدْتُهُ ، فاجْعَلْها له كَفَّارَةً ، وقُرْبَةً ، تُقَرِّبُهُ بها إلَيْكَ يَومَ القِيامَةِ . ﴾

[ صحيح مسلم ]

وأنسى كما ينسى البشر . 

﴿ قُلْ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ يُوحَى إِلَيَّ أَنَّمَا إِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ فَمَنْ كَانَ يَرْجُوا لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلًا صَالِحًا وَلَا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدًا (110)﴾

[  سورة الكهف ]

لو أنه ملك لقال الناس جميعاً : يا أخي هذا مَلَك ، غضوا أبصاركم عن النساء ، أنت مَلَك ونحن بشر ، هذا الشيء فوق طاقتنا ، لا يمكن أن يكون النبي إلا من بني البشر ، لأنه قدوة ، مثلٌ أعلى ، قدوة حسنة ، أسوة حسنة ، قدوة صالحة ، فلذلك لو أن الله عزَّ وجل جعل النبي الكريم مَلَكاً لقال الناس جميعاً : هذا الشرع لا نستطيع أن نطبِّقَهُ لأن هذا الذي يدعونا مَلَك لا يحس إحساسنا ، ولا يشعر بمشاعرنا ، وليس عنده الشهوات التي أودعها الله فينا ، إنَّه ملك ، لكن لا : ﴿قُلْ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ يُوحَى إِلَيَّ ﴾ .. أي هو من بني البشر ، أودع الله فيه كل الشهوات ، جعله يجوع ، جعله يتعب ، جعله يعطش ، جعله يشعر بحاجة للنوم ، ومع ذلك جاهد في سبيل الله حق الجهاد .

 

أكل الطعام والمشي في الأسواق من صفات الأنبياء جميعاً لأسبابٍ كثيرة:


﴿ وَقَالُوا مَالِ هَذَا الرَّسُولِ يَأْكُلُ الطَّعَامَ وَيَمْشِي فِي الْأَسْوَاقِ﴾ .. طبعاً يأكل الطعام لأنهم ظنوا أن الرسول يجب أن يكون مَلَكَاً ، فبمجرد أنه أكل الطعام إذاً ليس رسولاً ، أما يمشي في الأسواق ، هم يعرفون الأكاسرة والقياصرة ، جَبابرة أهل الشرق والغرب كانوا قابعين في بيوتهم ، لا ينزلون إلى أسواق الناس ، فهذا النبي ما دام بين الناس في أسواقهم إذاً هو ليس نبياً ، هذا معنى . 

المعنى الثاني ؛ أن الإنسان مفتقرٌ إلى الطعام والشراب ، ومفتقرٌ إلى كسب الطعام والشراب ، يأكل الطعام ، ويمشي في الأسواق ، أنت مفتقرٌ إلى شيئين ، مفتقرٌ إلى الطعام والشراب ، ومفتقرٌ إلى كسب ثمن الطعام والشراب ، فأنت مضطرٌ إلى أن تدخل إلى السوق لتبيع وتشتري ، لتبيع ما عندك وتشتري طعامك وشرابك ، فالمشي في الأسواق من صفات البشر ، والنبي عليه الصلاة والسلام إذا مشى في الأسواق إضافةً إلى أنه بشر ، يمشي في السوق ليؤمِّن حاجاته ، هو يعيش مع الناس في الأسواق يرى أحوالهم ، يرى مشكلاتهم ، كيف يهديهم إذا كان بعيداً عنهم ؟ كيف يعرف قضاياهم إذا كان في برجه العاجي ؟ كيف يستطيع أن يحل مشكلاتهم إذا كان هو في وادٍ وهم في واد ؟ إذاً ؛ أَنْ يكون الرسول مع الناس في أسواقهم فهذا من صفات الأنبياء طبعاً ، وفي آياتٍ أخرى : ﴿ وَمَا أَرْسَلْنَا قَبْلَكَ مِنَ الْمُرْسَلِينَ إِلَّا إِنَّهُمْ لَيَأْكُلُونَ الطَّعَامَ وَيَمْشُونَ فِي الْأَسْوَاقِ ﴾ .. ليس هذا من صفات النبي الكريم وحده ، بل إن أكل الطعام والمشي في الأسواق من صفات الأنبياء جميعاً لأشياء كثيرة ، أولاً : لأنهم بشر مفتقرون إلى تناول الطعام ، وجودهم ليس ذاتياً ، وثانياً : مفتقرون إلى كسب ثمن الطعام والشراب ، وثالثاً : هم مع البشر ، مع أحوالهم ، مع مشكلاتهم ، مع قضاياهم ، كيف توجِّه الإنسان إن لم تعش قضيَّته ؟ إن لم تعش بيئته ؟ إن لم تعش مشكلته ؟ وشيءٌ آخر هم مع البشر في أسواقهم ليعظوهم ، ليوجِّهوهم إلى الله عزَّ وجل ، أنت أيها المؤمن إذا كنت في السوق لك مهمة ، أن تأمر بالمعروف ، وأن تنهى عن المنكر ، وأن تُذكِّرَ الناس بالله عزَّ وجل ، لك دكان في سوق ، أنت هنا من أجل أن تبيع وتشتري ، وفضلاً عن ذلك من أجل أن تعين أخاك ، من أجل أن ترشده ، من أجل أن تأمر بالمعروف ، من أجل أن تنهى عن المنكر .

 

النبي الكريم يجب أن يكون قدوة لنا بما تعرض له من نقد واتهامات وأكاذيب:


﴿ وَقَالُوا مَالِ هَذَا الرَّسُولِ يَأْكُلُ الطَّعَامَ وَيَمْشِي فِي الْأَسْوَاقِ لَوْلَا أُنْزِلَ إِلَيْهِ مَلَكٌ فَيَكُونَ مَعَهُ نَذِيرًا (7) أَوْ يُلْقَى إِلَيْهِ كَنْزٌ أَوْ تَكُونُ لَهُ جَنَّةٌ يَأْكُلُ مِنْهَا وَقَالَ الظَّالِمُونَ إِنْ تَتَّبِعُونَ إِلَّا رَجُلًا مَسْحُورًا(8)﴾ .. إذا قيل عن النبي إنَّه مسحور ، إذا قيل عن النبي إنَّه مجنون ، فهل هو كذلك ؟ هذا درسٌ بليغٌ لنا ، حتى النبي الكريم سيِّد الخلق وحبيب الحق ، حتى النبي الكريم ذلك الإنسان الكامل ما سَلِمَ من النقد :

﴿ وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا لِكُلِّ نَبِيٍّ عَدُوًّا شَيَاطِينَ الْإِنْسِ وَالْجِنِّ يُوحِي بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ زُخْرُفَ الْقَوْلِ غُرُورًا وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ مَا فَعَلُوهُ فَذَرْهُمْ وَمَا يَفْتَرُونَ (112)  ﴾

[  سورة الأنعام  ]

فإذا كان النبي عليه الصلاة والسلام اتُّهم بأنه مجنون ، واتُهم بأنه ساحر ، واتهم بأنه مسحور ، واتهم بأنه كاهن ، واتهم بأنه يأتي بالأساطير تُملَى عليه ، فإذا انتقدك أحدٌ ، فمن أنت ؟ لا شيء ، من عرف نفسه ما ضرته مقالة الناس به ، إذا كنت تعرف الهدف والطريق إليه فامضِ إليه ولا تَلْوِ على شيء ، هذا درس لنا ، الإنسان لا يخلو من إنسان حسود ، من عدو ، من مفترٍ ، من مضلل ، من رجل يحبّ أن يوقِعَ بين الناس العداوة والبغضاء ، من إنسان ملأ قلبه الحسد فتكلَّم كلاماً من غير تدقيق ، ألقى كلاماً على عواهنه ، إذا كان النبي عليه الصلاة والسلام سيد الخلق وحبيب الحق قال عنه هؤلاء هكذا فمن نحن ؟ اللهم صلِّ عليه كان قدوةً حسنة ، تحمَّل أذى قومه ، وتحمَّل تكذيبهم ، وتحمّل اتهامهم له بالسحر وبالجنون وبالشعر وبالكهانة ، ومع ذلك بقي ثابت القلب ، رابط الجأش ، واضح الهدف ، سائراً نحو هدفه بكل ثقةٍ وثبات .

 

وجوب بناء الإيمان على أسسٍ صحيحة و بحثٍ دقيق وأدلة قطعية :


أتمنى عليكم مرةً ثانية أن تفكروا في هذا الأسبوع في دليلٍ قطعي على أن هذا القرآن كلام الله ، هناك أدلة كثيرة ، هناك أدلة من حيث البيان ، من حيث اللغة ، هناك إعجاز تشريعي ، هناك إعجاز علمي ، هناك إعجاز تاريخي إخباري ، هناك إعجاز غيبي ، هناك إعجاز رياضي ، هناك إعجاز عددي ، هناك إعجاز تربوي ، فكل إنسان بحسب معلوماته ، بحسب إمكاناته ، إذا بحث عن دليل لهذا الكتاب ، وربما كان موضوع الدرس القادم إن شاء الله تعالى بعض الأدلَّة التي يمكن أن تكون قطعيةً على أن هذا القرآن كلام الله ، لأن هذا الكلام الذي قاله الكفار كلامٌ باطل ، ما البديل إذا كان الكفار يقولون : ﴿ إِنْ هَذَا إِلَّا إِفْكٌ افْتَرَاهُ وَأَعَانَهُ عَلَيْهِ قَوْمٌ آخَرُونَ ﴾ ما هو الدليل على أن القرآن كلام الله ؟ هذه هي المهمة التي على كل منا أن يبحث فيها في هذا الأسبوع ، ولأن رمضان شهر القرآن ، إذا كان عندك آلة غالية جداً ومعها نشرة تتضمَّن تعليمات ، وتنبيهات ، وأوامر ، وتحذيرات ، كيف أنك حريصٌ حرصاً بالغاً على اقتناء هذه النشرة ، وعلى ترجمتها ، وعلى فهمها ، وعلى تطبيقها ، فحرصك على فهم كلام الله يجب أن ينبع من حرصك على سلامتك ، ومن حرصك على سعادتك ، إذاً يجب أن تبني إيمانك على أسسٍ صحيحة ، على بحثٍ دقيق ، على دليلٍ قطعي ، عندئذٍ حينما تقرأ آيةً فيها أمر تبادر إلى التطبيق ، حينما تقرأ آيةٌ فيها نهي تبادر إلى الترك ، حينما تقرأ آيةً فيها بشارة تطمئن ، حينما تقرأ آيةً فيها تحذير تقلق . 

أنت إذا قرأت كلام الله وخفت مع آية التحذير ، واطمأننت مع آية البشارة ، وابتعدت عن كل شيءٍ نهى الله عنه ، وبادرت إلى كل شيءٍ أمر الله به ، عندئذٍ تكون على يقينٍ من أن هذا القرآن كلام الله ؛ أما إذا لم تعبأ بأمره ونهيه ، ولا بوعده ووعيده ، ولا بما ينتظر المؤمن من جنةٍ ، ولا بما ينتظر الكافر من نار ، ولم تعبأ بأخباره ، عندئذٍ لا يرقى إيمانك بهذا الكتاب إلى المستوى المطلوب ، فهذه مهمةٌ كبرى أن تعرف أن هذا القرآن كلام الله . 

شيءٌ آخر ؛ بمناسبة قرب حلول شهر رمضان المبارك ، مواعيد الدروس في هذا الشهر الكريم كما هي العادة ، الساعة الخامسة تماماً سواء في ذلك درس الجمعة ، ودرس السبت ، ودرس الأحد ، وفي رمضان الكريم نصلي جميعاً التراويح في هذا المسجد ، ونرجو أن نقرأ في هذا الشهر نصف القرآن تماماً ، نصفه الثاني في صلاة التراويح ، وبعد التراويح هناك درسٌ يومي لا يزيد عن عشر دقائق إلى ربع ساعة على أبعد تقدير متعلقٌ بالآيات التي قرئت في صلاة التراويح في هذا الحرم إن شاء الله تعالى ، وسوف نصلي معاً أيضاً صلاة الفجر في هذا المسجد ، وبعد صلاة الفجر هناك درسٌ صغير أيضاً لا يزيد عن ربع ساعة ، هذا الشهر شهر العبادة ، وشهر العلم ، وشهر التقوى ، وشهر القرآن ، عندنا برمضان في هذا المسجد صباحاً ومساءً بعد صلاة الفجر درس قصير ، وبعد صلاة التراويح درسٌ قصير ، وسوف يقرأ إمامنا في هذا المسجد نصف القرآن الكريم طوال هذا الشهر ، كان من الممكن أن نقرأ القرآن كله ، ولكن لعل في هذا مشقةً على بعض الأخوة ، فهذا العام سنقرأ نصف القرآن ، نصفه الثاني ، وإذا مَدَّ الله بحياة الجميع إلى العام القادم ربما قرأنا القرآن كله في رمضان .

والحمد لله رب العالمين 

الاستماع للدرس

00:00/00:00

تحميل النص

إخفاء الصور