وضع داكن
29-03-2024
Logo
دروس حوارية - الدرس : 21 - تصنيفات البشر - العنصرية
   
 
 
 بسـم اللـه الرحمـن الرحيـم  
 

 الحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين ، اللهم لا علم لنا إلا ما علمتنا ، إنك أنت العليم الحكيم ، اللهم علمنا ما ينفعنا ، وانفعنا بما علمتنا وزدنا علماً ، وأرنا الحق حقاً وارزقنا اتباعه ، وأرنا الباطل باطلاً وارزقنا اجتنابه ، واجعلنا ممن يستمعون القول فيتبعون أحسنه ، وأدخلنا برحمتك في عبادك الصالحين ، أخرجنا من ظلمات الجهل والوهم إلى أنوار المعرفة والعلم ، ومن وحول الشهوات إلى جنات القربات .

 أيها الإخوة ، هذا الدرس مستوحى من الموضوع الساخن جداً الذي يجري في لبنان .

الواقع في تصنيفات البشر مجتمَعات وأفرادًا :

 بادئ ذي بدء ، الله عز وجل قسم البشر إلى نماذج في القرآن الكريم ، والبشر لهم تصنيفات لا تعد ولا تحصى ، أطرح على مسامعكم بعض تصنيفات البشر ، هناك أقوياء وضعفاء ، وبيض وملوّن ، دول الشمال ودول الجنوب ، منتجون ومستهلكون ، بلاد متقدمة و بلاد نامية أو نائمة ، هناك تقسيمات لا تعد ولا تحصى على مستوى المجتمعات ، وتقسيمات على مستوى الأفراد ، هناك ذكي ومحدود ، و وسيم وذميم ، وقوي يحتل منصبًا حساسًا وضعيف ، وغني وفقير .

تقسيم البشر في ميزان القرآن :

 هذه تقسيمات ما اعتمدها القرآن إطلاقاً ، ما اعتمد القرآن إلا تقسيمين اثنين ، على مستوى النماذج الإنسانية ، قال تعالى :

التقسيم الأول :

﴿ فَأَمَّا مَنْ أَعْطَى وَاتَّقَى *وَصَدَّقَ بِالْحُسْنَى * فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْيُسْرَى ﴾

[ سورة الليل ]

 آمن بالآخرة التي هي محط رحاله ، ومنتهى آماله ، لأنه آمن بالآخرة اتقى أن يعصي الله ، وبعد أن اتقى أن يعصي الله بنى حياته على العطاء ، ترى عند المؤمن ما يسمى بالاستراتيجية ، كل حياته عطاء ، يسعد بالعطاء ز
وهناك نموذج آخر ، قال تعالى :

﴿ وَكَذَّبَ بِالْحُسْنَى ﴾

[ سورة الليل ]

التقسيم الثاني :

 كذب بالجنة ، وآمن بالدنيا ، لذلك استغنى عن طاعة الله ، وبنى حياته على الأخذ ، فذكاءه في الأخذ ، والمؤمن ذكاؤه في العطاء ، هذا تقسيم ز

مصطلح جديد في تقسيم البشر : إنساني وعنصري :

 لكن من خلال ما يجري في العالم هناك تقسيم ، هو من روح هذا التقسيم الأول ، لكن بمصطلح جديد ، التقسيم الجديد إنسان عنصري ، وإنسان إنساني ، وكيان عنصري ، وكيان إنساني ، ومجتمع عنصري ومجتمع إنساني ، ما معنى عنصري ؟ من خلال ما يجري حولنا ، جهة ، دولة ، مجتمع ، كيان ، يرى نفسه فوق البشر ، إذاً يحق له ما لا يحق للبشر ، .

صورٌ مِن صور العنصرية الحديثة :

 عقب الحرب العالمية الثانية اخترعوا في مجلس الأمن مبدأ حق النقد ( الفيتو ) ، هذا مبدأ عنصري ، لماذا دول خمسة أيّ قرار يتناقض مع مصالحها ، ولو كان عادلاً هو مرفوض ، إن جهة ، أو كيانا أو دولة ، أو مجموعة ، أو عرقا يرى لنفسه ما ليس للآخرين ، هو فوق الآخرين ، يحق له وحده ما لا يحق للآخرين ، وهو معفى مما يجب على الآخرين هو عنصري ، لماذا بلد من حقه أن يمتلك سلاحاً نووياً ، وبلد آخر إذا مشى في طريق مفاعل نووي لأغراض سلمية تقوم الدنيا عليه ولا تقعد ؟ من قال : يحق لهؤلاء امتلاك سلاح نووي ، ولا يحق للمسلمين امتلاك سلاح نووي ؟ هذه عنصرية ، معنى عنصري ، يعني يحق له ما لا يحق للآخرين ، وهو معفى مما يجب على الآخرين .
 أصدر مجلس الأمن مئتي قرار ، هذه القرارات تلزم الكيان الصهيوني أن تفعل كذا وكذا ، ولم ينفَّذ منها قرار ، ولا تعتبر ، ولا تعبأ ، بينما أي قرار يمس المسلمين يجب فيه التنفيذ بحذافيره ، مع ضغط يومي إلى أن ينفذ .
عندنا شيء في الحياة المعاصرة اسمه عنصرية ، الواحد يرى نفسه فوق البشر ، من مشى بهذا الطريق ؟ النازيون ، ومشى بهذا الطريق الرومان سابقاً ، أمم كثيرة وشعوب كثيرة مشت بهذا الطريق ، الآن بالقسم المحتل من فلسطين عام ثمانية وأربعين يحق للمعتدين أن يقبعوا في ملاجئ فخمة جداً ، فيها كل وسائل التسلية ، الكومبيوترات ، والأفلام ، والتدفئة ، والمطاعم ، هذه ملاجئ ، ولا يحق لعرب ثمانية وأربعين دخول هذه الملاجئ ، لهم ملاجئ بلا دورات مياه ، رائحة نتنة لا تحتمل ، هذا أكثر ما يؤلم الاتجاه العنصري .
 هذا الكلام تمهيد لموضوع أخطر ابتلي به بعض المسلمين ، إذاً العنصري إنسان يرى نفسه فوق البشر ، له ما ليس لبقية البشر ، معفى مما يلزم بني البشر ، وفي التعبير المألوف بنى مجده على أنقاض البشر ، وهل يمكن أن يعتقل ثمانية وزراء ، ويأسر عشرة آلاف ، ويعتقل ثلاثون عضو مجلس تشريعي ، ويضحي بكل البنية التحتية للبنان ، ويقتل حتى الآن سبعمئة وخمسون قتيلا ، وشرد ثمانمئة ألف ، ودمر كل شيء مقابل جنديين ، من هو العنصري ؟ العدو الأول الصهيوني ، ومن يدعمه ، ومن أيضاً ؟ وجميع دول العالم الصامتة والساكتة ، ولا تصريح ، ولا تنديد ، ولا استنكار ، ولا شجب ، ولا اعتراض ، إذاً نحن في مجتمع عنصري ، هذا المجتمع يجب أن لا تعبأ به أبداً ، هذا المجتمع يبني مجده على أنقاض الآخرين ، وغناه على فقرهم ، وحياته على موتهم ، وأمنه على خوفهم ، وعزه على ذلهم .

احذروا فإن من المسلمين من هو عنصري ‍‍‍‍!!!

صور حية واقعية من عنصرية المسلمين في مجتمعاتهم :

 الآن السؤال : هل ترون معي أن من بين المسلمين من هو عنصري ؟ وعندي آلاف الشواهد من بين المسلمين .
 أضرب لكم بعض الشواهد ، تاجر عنده شاب موظف يتيم الأبوين ، غير متعلم ، تاقت نفس هذا الشاب ليتعلم ، المدرسة الليلية يبدأ دوامها قبل انتهاء دوامه بنصف ساعة ، يطلب من صاحب العمل أن يسمح له نصف ساعة ليغادر قبل نهاية دوامه ، حتى يلتحق بمدرسة ليلية ، يأخذ فيها الكفاءة ، قال لي : ما وافقت له ، قلت له : لماذا ؟ قال : إذا تعلم يفقس ، وهو يشغله بأجر تافه جداً ، لأنه جاهل ، لو تعلم يملك وعيا فيرفض العمل ، وابن هذا التاجر وضع له مليون ليرة لدروس خاصة ، يريده طبيباً ، ابن الناس ممنوع أن يأخذ الكفاءة ، أما ابنه فيريده طبيبًا ، وفي أفضل مدرسة ، وبدروس خاصة ، هذا ما اسمه ؟ الإنسان المسلم ! الذي يرتاد المساجد ، إنه عنصري ، لا تتوهموا أن العدو فقط عنصري ، هناك مسلم عنصري ، لما تعامل خادمة معاملة قاسية ، بينما ابنتك تعاملها أرقى معاملة ، فأنت عنصري .
 أقسم لكم بالله ، إن لم تعامل خادمة كما تعامل ابنتك فلست مسلماً ، إنسانة لها أن تأكل ، ولها أن تشرب ، ولها أن تتصل بأهلها ، ولها أن تستريح ، ولها أن تنام مبكراً ، ولها أن ترتدي ثيابا جميلة .
 والله أيها الإخوة الكرام ، عندنا في مجتمعاتنا المسلمة عنصرية تفوق حد الخيال ، لذلك العنصري الضعيف لا يغلب العنصري القوي عدونا ، أما الإنساني الضعيف فيغلب العنصري القوي ، هل تعامل زوجة ابنك ، وهي في بيتك كما تريد أن تعامل ابنتك في بيت أهل زوجها ؟ امرأتان كانتا في سفر طويل ليومين أو ثلاثة ، وصلتا إلى البيت الذي يقصدانه ، الأخت يقال لها : اذهبي ، وارتاحي السفر متعب ، أما زوجة الابن فيقال لها : ابدئي بالتنظيف ، هذه عنصرية .
 والله يا أيها الإخوة الكرام ، لولا أنني مطلع على نماذج لا تحتمل من العنصرية لما ذكرت هذا الدرس ، الزوجة في البيت مع بيت أهل زوجها الضغط كله عليها ، إنجاز الأعمال كله عليها ، التنظيف كله عليها ، والباقون يعطون الأوامر ، هذه عنصرية .
 وصدقوا أيها الإخوة ، لو أردت أن أستفيض في الأمثلة كثيرة جداً لما أنهيتها لكثرتها .
 مرة كنت في محل تجاري ، فمن غرائب الصدف أن صاحب المحل ابنه في المحل ، وابنه هذا في الصف الثالث ، وفي المحل موظف من سن ابنه تماماً ، فحمل الموظف أول علبة ، والثانية ، والثالثة ، والرابعة ، ما يستطيع ، قال له : أنت شاب ، ثم حمل ابنه علبة واحدة فقال له : يا ابني احذر ظهرك ، فمثل هذا عنصري .
 إن لم تكن إنسانياً لا تحترم عند الله ، ولا ترقى عند الله ، لما نعامل بعضنا معاملة إنسانية نكون سداً منيعاً لا يستطيع العدو أن يخترقنا ، كما أنه ما استطاع أن يخترق هذه الثلة الطيبة التي نكلت بالعدو ، وأرغمت أنفه في التراب ، لأنه فيها تماسكا ، لأن الإنسان له قيمة عندهم ، لو أنه استشهد أولاده يدخل أعلى المدارس ، والمعالجة بالضمان الصحي ، فأنت حينما لا تكون عنصرياً يصبح المجتمع سداً منيعاً صفاً واحداً .

أعطِ الإنسان رغيف خبزه وكرامته وخذ منه كل شيء :

 نحن الآن لسنا أقوياء ، ولكن يمكن أن نكون أقوياء بتماسكنا ، والتماسك يحتاج إلى تعاون ، وإلى إعطاء حقوق ، أنت حينما تعطيني حقي أتعاون معك ، وأكون حارساً لك .
 مثل بسيط : ثلة قليلة بالتعاون ، بالتواضع ، وقد سمعت كلمة أعجبتني ، قال لهم زعيمهم : أنا أقبل رأسكم ، لأنكم رفعتم رؤوسنا ، وأقبل أيديكم لأن أيديكم على الزناد ، وأقبل أرجلكم لأنكم ثبتم في مواقعكم ، لما أشعر أن كل من حولي يهتم بسلامتي ، يهتم بكرامتي ، يهتم بسعادتي أعطيه كل شيء .
 أنا مرة قلت في ندوة تلفزيونية : أعطِ الإنسان رغيف خبزه وكرامته وخذ منه كل شيء .
 هذا الدرس أريده تطبيقا عمليا ، أتمنى على أخ إذا كنت صاحب محل يعدّ هذا الموظف إنساناً له مشاعر ، له كرامة ، له حاجات ، يقول لك : قَبِل بأربعة آلاف ليرة ، يقبل طبعاً ، هو بلا عمل ، لكن يا ترى أربعة آلاف يعيش بها إنسان ، المقياس ليس أن يقبل ، المقياس أن تعطيه دخلاً يليق بكرامة الإنسان ، ولو قلّ ربحك .
 والله أيها الإخوة الكرام ، أرى أنا أناساً ـ والله ـ ينفقون بغير حساب ، ما من سقف في اليوم ، بل تصل نفقاتهم إلى خمسين ألفا ، أما إذا حاسبوا مَن معهم حاسبوهم على القرش ، وعلى رقم لا يسمن ولا يغني من جوع ، وأي خطأ يحسم منك ، إنه قلب قاسٍ كالصخر ، فأنا أقول لكم كلمة : العنصري الضعيف لا يمكن أن ينتصر على العنصري الضعيف ، أما الإنساني الضعيف يمكن أن ينتصر على العنصري القوي .
 كأنني أمام البشر على تقسيمين ، عنصري وإنساني ، إذا كان في قلبك رحمة فأنت إنساني ، إذا عاملت الناس كما تحب أن يعاملوك فأنت إنساني ، وهناك نص لا يرقى إلى مستوى الحديث ، لكن من روح الإسلام ، " عامل الناس كما تحب أن يعاملوك " .
 مثلاً : معقول من سيد الخلق ، وحبيب الحق ، وسيد ولد آدم أن يكون في سفر ، وأراد أصحابه أن يأكلوا ، فعالجوا شاةً ، فقال أحدهم : علي ذبحها ، وقال الثاني : علي سلخها ، وقال الثالث : علي طبخها ، فقال عليه الصلاة والسلام : وعلي جمع الحطب ، هو قمة المجتمع ، هو زعيم أمة ، هو نبي ، هو رسول ، هو قائد عسكري ، وعلي جمع الحطب ، قالوا : نكفيك ذلك ، قال : أعلم أنكم تكفونني ، ولكن الله يكره أن يرى عبده متميزاً على أقرانه .
 هل معقول من قائد جيش ، سيد الخلق ، حبيب الحق ، قبل معركة بدر ، معه ثلاثمئة وبضعة عشر رجلا ، والرواحل قليلة ، يقول :

(( كل ثلاثة على راحلة ، وأنا وعلي وأبو لبابة على راحلة ـ ليس معقولا ، فلما ركب النبي نوبته ، وجاء دوره في المشي توسلا صاحباه أن يبقى راكباً ، قال : ما أنتما بأقوى مني على السير ، ولا أنا بأغنى منكما على الأجر ))

[ أحمد ]

 دخل عليه أعرابي فقال : أيكم محمد ؟ ماله كرسي خاص ، ماله مكان خاص ، ماله ثياب خاصة ، ذهب ألماس ، وتاج ، وعصا ، لا شيء إطلاقاً .
 أيها الإخوة الكرام ، والله ونحن في خطر شديد ، ولا يعلم متى تنتهي هذه الحرب إلا الله ، وكلما ازداد أمدها ازدادت شراسة وقسوة ، وكل بلادنا معرضة لمثل ما تعرض له لبنان ، والله لا ينجينا من عدو غاشم إلا أن نكون لبعضنا محسنين ، محبين ، متعاونين ، فكل واحد يجب أن يكون معنى العنصرية واضحا في ذهنه ، ويتجنبه لأقصى ما يمكن ، وهذا الحديث يكتب بماء الذهب : " عامل الناس كما تحب أن يعاملوك " .

إن أردتَ النصر فعامل الناس كما تحب أن يعاملوك :

 أنت موظف ، وما أحد يحاسبك ، وهناك مُراجع جاء من حلب ، والعملية تقتضي دقيقتين ، سحب ورقة من الدرج ، وتوقيعك ، ثم تقول له : تعال غداً ، أنت عنصري ، يمكن أن تجد خطأ طفيفا ، وأنت واثق أن الخطأ غير خطير ، ومبرر ، والشخص طبيعي ، تقول له : أَعِد المعاملة ، تحتاج إلى شهر ثانٍ ، في بلد المنشأ تحتاج إلى شهرين ، البضاعة كل يوم خمسون ألفا ، لا يهمك إتلاف مال الأمة .
 أيها الإخوة الكرام ، هناك أمثلة كثيرة جداً على العنصرية بين المسلمين ، كلما تحررنا من العنصرية ارتقينا عند الله ، واستجلبنا نصره إن شاء الله ، فبطولة الأخ المؤمن من يرتاد هذه الدروس لا أن يصغي إلى المتكلم ، بل أن يجعل من هذه الحقائق سلوكاً يومياً ، وكلما ألغينا العنصرية في حياتنا كان التماسك ، هذه المجتمعات لا تخرق ، ولن تقهر ، أما إذا كان التفاوت كبيرا ينشأ لن ننتصر .
 يشبّ حريق مفتعل بمعمل من شدة الحقد ، تنشأ خسارة كبيرة بمؤسسة تجارية مفتعل لأن الموظفين لا يعاملون معاملة إنسانية ، فينتقمون أحياناً ، أو تكون وشاية تسبب تلف مال كبير ، فالإنساني كل من حوله حراس له ، الإنساني كل من حوله أحباب له ، الإنساني كل من حوله في خدمته ، أما العنصري فكل من حوله أعداء له ، يتمنون دماره ، يتمنون إخفاقه ، بين أن تعيش بين أعداء وأن تعيش بين أحباب فرق كبير ، لا تكن عنصرياً .
 العنصرية واضحة جداً في الكيان الصهيوني ، لو أن إنساناً أسر يمكن أن تدمر بلاد من أجله ، لأنه عنصري ، أما إن أردتم رحمتي فارحموا خلقي ، الراحمون يرحمهم الله ، من لا يرحم لا يُرحم ، لكن هؤلاء بحسب القرآن الكريم أجِّلت معاقبتهم ليوم القيامة ، بينما المؤمن المقصر يعجل له بالعقاب في الدنيا ، والمؤمن المقصر إذا عاقبه الله في الدنيا أفضل له ألف مرة من أن يعاقب في الآخرة في جهنم .

 مثلاً المريض في مستشفى راقي جداً ، والأجر فلكي ، يعامل معاملة ، والمريض في مستشفى مجاناً يعامل أسوأ معاملة ، هذه عنصرية ، الفقير لا يعتنى به ، الضعيف لا يعتنى به ، أما القوي والغني فيعتنى به ، هذه عنصرية .
 هناك أشياء كثيرة جداً متاحة للأغنياء فقط ، ليست متاحة للفقراء ، هذا خلل اجتماعي ، كل إنسان من حقه أن يأكل ، ويشرب ، ويرتدي ثياباً جميلة ، حتى في بلاد من حق أصحاب الدخل المحدود أن يقوموا بنزهات ، يعطون تعويضات لإقامة نزهات يروحون بها عن أنفسهم ، أحياناً لا تعطي موظفك ، يوم إجازة طول السنة ، أما أنت فسبعة أيام في اللاذقية ، وثمانية أيام بمكان آخر ، فهل من المعقول أن تتمتع بإجازات مفتوحة وبإنفاق ، وهذا الإنسان له ثلاثمئة وستون يومًا يداوم ، ولا تعطيه إجازة ؟ والله يقع تحت سمعي وبصري حوادث يندى لها الجبين ، وكل أصحابها من رواد المساجد ، كأنني أكشف شيئاً فشيئاً لماذا تخلى الله عنا ، لأنه هان أمر الله علينا فهنا على الله ، ما تعاونا ، ولا تحاببنا ،

 

(( حَقَّتْ مَحَبَّتِي عَلَى الْمُتَزَاوِرِينَ فِيَّ ، وَحَقَّتْ مَحَبَّتِي عَلَى الْمُتَبَاذِلِينَ فِيَّ ، عَلَى مَنَابِرَ مِنْ نُورٍ ، يَغْبِطُهُمْ بِمَكَانِهِمْ النَّبِيُّونَ وَالصِّدِّيقُونَ ))

 

[ أحمد ]

 آخر مثل ، زوج يتفنن في إهانة أهل زوجته ، لأنه قوي ، وزوجته ضعيفة ، وأهلها فقراء ، وإذا ذهب إليهم يتنافسون في إكرامه ، إن تكلمت كلمة عن أمه أقام الدنيا عليها ، ولم تقعد ، لماذا أنت تتفنن في ذم أمها ، وإذا ذمت أمك بكلمة أقمت عليها النكير ؟ أنت عنصري .
 كلمة عنصري أراها أكبر وصمة عار في حق الإنسان ، عنصري لا يعبأ بعبادات إطلاقاً ، ترى نفسك فوق الآخرين ، يحق لك ما لا يحق لغيرك ، وأنت معفى مما يجب على غيرك ، وقد تبني مجدك على أنقاض الناس ، تبني غناك على فقرهم ، تبني أمنك على خوفهم ، تبني عزك على ذلهم ، تبني حياتك على موتهم ، كما يفعل الأعداء .

 

الاستماع للدرس

00:00/00:00

تحميل النص

إخفاء الصور