وضع داكن
29-03-2024
Logo
دروس حوارية - الدرس : 04 - الرياضة-3- ضرر برامج الإطفال على الأطفال
   
 
 
 بسـم اللـه الرحمـن الرحيـم  
 

 الحمد لله رب العالمين ، والصلاة و السلام على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين ، اللهم لا علم لنا إلا ما علمتنا ، إنك أنت العليم الحكيم ، اللهم علمنا ما ينفعنا ، وانفعنا بما علمتنا وزدنا علماً ، وأرنا الحق حقاً وارزقنا اتباعه ، وأرنا الباطل باطلاً وارزقنا اجتنابه ، واجعلنا ممن يستمعون القول فيتبعون أحسنه ، وأدخلنا برحمتك في عبادك الصالحين ، أخرجنا من ظلمات الجهل والوهم إلى أنوار المعرفة والعلم ، ومن وحول الشهوات إلى جنات القربات .

مقدمة وتذكير

 أيها الإخوة الكرام ، بدأنا من عدة دروس نسلك أسلوب الحوار مع إخوتنا الكرام ، والحوار كان على عهد النبي عليه الصلاة والسلام ، فلعلنا إذا توصلنا إلى الحقيقة معاً ، وبمشاركةٍ مِن الإخوة الكرام تكون هذه الدروس أعمق أثراً وأطول أمداً .
 تحدثت في الدرس الماضي عن الرياضة ، والمؤمن القوي خير وأحب على الله تعالى من المؤمن الضعيف ، وقلتُ : إن الإسلام هو الحياة ، وأن الإنسان في الدنيا مهمته الأولى الأعمال الصالحة ، لأنه حينما يأتيه ملك الموت لا يندم إلا على شيء واحد ،

﴿ حَتَّى إِذَا جَاءَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قَالَ رَبِّ ارْجِعُونِ * لَعَلِّي أَعْمَلُ صَالِحاً فِيمَا تَرَكْتُ ﴾

[ سورة المؤمنون : 99 - 100]

 إذاً علة وجودنا بعد الإيمان بالله العمل الصالح الذي هو ثمن الجنة ، والإنسان القوي فرصه في العمل الصالح أكثر بكثير من الإنسان الضعيف ، وإذا قلت : القوي أعني القوة العلمية ، وقوة المال ، وقوة الجسم ، وقوة المنصب ، بل إن كلمة قوة وردت في القرآن الكريم بشكل مطلق ، قال تعالى :

 

﴿ وَلَوْ يَرَى الَّذِينَ ظَلَمُوا إِذْ يَرَوْنَ الْعَذَابَ أَنَّ الْقُوَّةَ لِلَّهِ جَمِيعاً ﴾

[ سورة البقرة : 165]

 هو تبع شهوته في الدنيا ، وفتنته المرأة ، وفتنه الجمال ، ولو أنه اتصل بالله عز وجل لامتلأ قلبه سعادة أين منها وحول الشهوات .
 هناك دعاء بدأت به الدرس : اللهم أخرجنا من ظلمات الجهل والوهم إلى أنوار المعرفة والعلم ، ومن وحول الشهوات إلى جنات القربات ، وقد تمنّينا عليكم أيها الإخوة الكرام أن يكون هذا الدرس حواراً حول موضوع الرياضة ، فإذا كان ثمة سؤال أو تعليق أو إضافة أو بيان فأنا سأستمع إليها ، ولعلها تنفع الناس جميعاً ، ولكن قبل بدء بالحوار هناك معلومات انتهت إلي البارحة .

أثر مشاهد العنف في برامج الأطفال

 لقد كنا في جلسة مع ضيف لهذا البلد من بلد خليجي ، وهو يعنى بشؤون الإعلام ، وقد بين هذا الأخ الكريم الأخطار التي تنتظر الجيل الصاعد من تعلقهم بالشاشة ، البرامج التي تخصص للصغار في كل القنوات إلى أية موضوعات تنتهي ؟
 قمة دراسة جادة وعميقة وموضوعية تؤكد أن مشاهد العنف والقتل والذبح وكل أنواع الصراع والتفجير والدماء ، كل مشاهد العنف في كل الشاشات نسبة العنف في برامج الأطفال ما يزيد على خمسة وخمسين بالمئة ، فكل الشاشات خمسة وأربعون ، وبرامج الأطفال التي فيها العنف خمسة وخمسون .
 هذا الطفل أيها الإخوة الكرام يتلقى العنف كجزء من حياته ، وكم من طفل ذبح أخاه في دمشق ؟ كم من طفل دفع صديقه أو طالبًا في المدرسة من رأس الدرج فنزل مكسوراً ؟ لأن كل استقبالاته عنف ، وخمسة وخمسون بالمئة من عنف الشاشة مختص بعنف برامج الصغار .
 الآن هناك ثمانية وثلاثون بالمئة من مشاهد الجنس في الشاشة لبرامج الأطفال ، وما بقي فهو أنواع من السحر والشعوذة ، وهذا ابنك فلذة كبدك الذي تعلق عليه آمالاً في المستقبل الذي هو امتداد لك ، الذي تسعد بسعادته ، وتشقى بشقائه ، يتغذى كل يوم بالعنف والجنس والسحر والشعوذة ، وقناعة صانعي هذه الأفلام أنه ما لم يكن في الفيلم العنف والجنس والشعوذة والسحر الفيلم فلا يروج ، لذلك ترى ضياع الصغار وتفلتهم بما لا يوصف .
 أيها الإخوة الكرام ، نحن على خطر عظيم ، نحن على خطر الضياع ، نحن على خطر فقدان الهوية ، الشيء الذي ذكره الضيف الكريم وهو متخصص في بحث جديد هو صفات القادة ، حيث يقول : هناك اختلافات كثيرة في أكثر موضوعات القيادة ، إلا أن جميع العلماء الذين درسوا هذا الموضوع اتفقوا على أن القائد يعني المتفوق ، والأمة بالمتفوقين ، والمتفوقون هم الذين يقودون الأمة ، المتفوقون في كل الاختصاصات هم الذين يحددون مسار الأمة ، هؤلاء المتفوقون يصنعون حتى السنة السابعة فقط ، وكل القيم التي تريد أن تزرعها في ابنك ، وكل العادات الصالحة التي تتمنى على ابنك أن يكون فيها ، وكل الصفات التي تحب أن تكون في ابنك هذه لا تغرس إلا في سن مبكرة جداً ، إذْ أخطر عمر في التربية هو العمر من السنة الأولى إلى سبع سنوات ، مبادئه ، قيمه ، عاداته الغذائية ، أنماط حياته ، نومه ، استيقاظه ، أداءه لواجباته ، ترتيبه لملابسه ، نظافته ، كل شيء تتمناه من الابن لا يغرس إلا قبل السابعة ، وبعد السابعة فالعوض في سلامته ، وكلما تجاوزنا السابعة بدأت صعوبة كبيرة في تنشئة الابن .
 آلمني أشد الألم أن يكون أطفال المسلمين تحت رحمة الأطراف الأخرى المعادية لهذا الدين ، وأنهم يراهنون على أبنائنا ، وأنا أقول لكم : لم يبق ، وأعني ما أقول : لن يبقى من ورقة رابحة في أيدينا إلا أولادنا ، وأولادنا تصنعهم الشاشة بعنفها ، وأنانيتهم من الشاشة ، وإدراكهم الجنسي المبكر جداً من الشاشة ، إيمانهم بالخرافات من الشاشة ، فلذلك أنا أناشد الآباء والمربين في هذا ، وقد كان اللقاء البارحة من أجل تقديم البدائل للصغار ؛ تقديم أشياء إسلامية ، تقديم حديث شريف على شكل عمل فني ، تقديم آية على شكل عمل فني ، تقديم قصة تهز مشاعرنا كان وتؤكد قيمنا ، نريد شيئاً نابعًا من إسلامنا كان من مبادئنا كان من قيمنا كان لكن أقول لكم هذا الكلام الدقيق : إننا نحن على خطر كبير إذا تركنا أولادنا لهذه الشاشة ، والكبير أحياناً لا ينتبه ، يقول لك :كرتون ، رسومات ، ما في شيء ، هذه الرسومات عند الصغير تعني كل شيء ، فقضايا الجنس تأتي عن طريق الرسومات ، وقضايا العنف تأتي عن طريق الرسومات .
 حدثني قاض صديق عزيز قال لي : والله ثمة جريمة مأخوذة من أفلام بالشاشة ارتكبت لا لشيء إلا للتقليد ، طفل لشدة ما رأى من مشاهد العنف جرب هذا العنف على أخيه الصغير ، وعلى هذا فقس .
 لذلك أيها الإخوة الكرام ، هناك كلام نسمعه ، هناك كلام لطيف جداً ، كلام فيه مدح للأمة ، وفيه : نحن أمة محمد ، ونحن أمة الإسلام ، ونحن أمة الوحيين ، والله ينصرنا ، والله لا يتخلى عنا ، هذا كلام إنشائي ، أما الممارسة اليومية فلا تعني أننا سوف ننتصر ما لم نكن على صحوة كبيرة من أمرننا .
 أيها الإخوة الكرام ، مرة ثانية ، ولو تركنا أولادنا لهذه الشاشات والله لا أبالغ كأنك بحثت بجهد جهيد عن إنسان ملحد ، وبحثت بجهد جهيد عن إنسان إباحي ، ورجوتهما أن يربيا أولادك ، من حيث الأفكار والإيديولوجيات والمبادئ هو ملحد ، ومن حيث أنماط السلوك إباحي ، فحينما تسلم أولادك لما يغذى به الصغار على الشاشة فكأنك تسلم أولادك لجهة إلحادية ، ولجهة إباحية ، فانتبهوا ، لم يبق بأيدينا من ورقة رابحة إلا أولادنا ، وأولادنا هم المستقبل ، والذي يبدو من تصرفات الصغار في المدارس وفي مدارس البنات بالذات انحرافات قد لا تصدقوها ، لكنها انتهت إلى علمي انحرافات بين الشباب مما لا يصدق ، هذا بسبب أن الأب بالتعبير الدارج ( درويش ) ، وما عنده مشكلة ، وهمه أكله ، وراحته الشخصية ، وأولاده أذكياء يمثلون أمامه أنهم صالحون ، وهم على عكس ذلك ، الذي يهمه أن يترك ولداً صالحاً ينفع الناس من بعده يحتاج إلى جهد كبير ، وإذا كان قبل خمسين عاماً تحتاج إلى جهد بسيط كي تربي ابنك فأنت الآن بحاجة إلى جهد مئة ضعف ، السبب أن هناك صوارف كثيرة جداً ، وعقبات كثيرة جداً ، والجو العام فاسد جداً .
 لكن أنا أقول لكم : أخطر شيء مثلاً إنشاء بناء يحتاج إلى أربع سنوات أو خمس سنوات ، أما هدمه فالآن بقنابل تهدم الأبنية في ثوان ، الأساسات والخارطات ونسب الأسمنت والهندسة وهندسة المياه المالحة ، وهندسة الكهرباء ، وهندسة المرافق العامة والتدفئة والتكييف ، والتبريد والبلاط والطلاء ، يهدم البناء في دقائق ، الهدم سريع ، فلذلك مهما بنى الأب من توجيهات لابنه ، ووضع ابنه معه في الدرس ، لكن قد يجد الهدم أسرع وأقوى ، فما لم ننهض جميعاً للعناية بأبنائنا فنحن على خطر عظيم .
 المتوقع كما قال الضيف أن هناك الآن مئتين وخمسة وثمانين محطة فضائية عربية ، ومتوقع بعد عام أن يكون خمسمئة وخمسين محطة ، وبعد عدة سنوات خمسة آلاف محطة ، وكلها تبث إلا بعضها القليل السموم لكل الأعمار ، فهذا الجهاز جهاز مخيف ، هذا ينهي حياة المسلمين الأخلاقية ، وينهي حياتهم الدينية .
 نعود إلى درسنا الذي وعدناكم أن يكون حواراً ، من عنده مداخلة في موضوع الرياضة ؟
 هذه الحقيقة ، ليس العلم في الإسلام هدف بذاته ، لكن العلم في الإسلام وسيلة لهدف ، فإذا جعلناه هدفاً فقد أخطأنا ، لأن العلم ما عمل به ، فإن لم يعمل به فالجهل أولى .
 ألقيت درسا في الجامعة حول موضوع متعلق بالقمح ، أن هذه القمحة لها قشرة تساوي تسعة بالمئة من وزنها ، ولها غشاء رقيق آزوتي يساوي ثلاثة بالمئة من وزنها ، ورشيم يساوي أربعة بالمئة من وزنها فالمجموع ستة عشر ، والأربعة وثمانون من وزنها نشاء خالص ، نحن بحكم التقدم الصناعي والحضاري والرفاه نزعنا القشرة عن القمحة ، واكتفينا بالنشاء ، ما الذي يوجد في القشر ؟ ست فيتامينات ، أذكر ثلاثة B1 B2 B3 ، وأعتقد أن B12 موجود ، ستة فيتامينات ماذا يوجد في القشرة ؟ كالسيوم لبناء العظام ، وسيلكون للشعر ، وفسفور للدماغ ، وصوديوم ومغنيزيوم ، تقريباً فيه اثنا عشر معدنًا ، وستة فيتامينات في القشرة ، ونحن ننزعها ، ونلقيها للبهائم ، ونكتفي بالنشاء ، أما ما ورد في السنة الشريفة فإن النبي e لم يأكل في حياته طحيناً منخولاً أبداً ، وفي بعض الآثار أن أول بدعة ابتدعها المسلمون بعد وفاة النبي عليه الصلاة والسلام نخلُ الدقيق ، هذه مقالة لطيفة ، وأفكارها دقيقة وواضحة ، لكن ما لم يترجم هذا الكلام إلى سلوك يومي فلا قيمة لهذا العلم إطلاقاً .
 مرة ثانية العلم ما عمل به ، فإن لم يعمل به كان الجهل أولى .
 إنّ أيّ قضية نتعلمها إن لم تترجم إلى سلوك فنحن نحتقر العلم ، ونتاجر به ، ونركب موجته ، ولسنا علماء ، من عنده مداخلة ؟

مداخلات حوارية

المداخلة الأولى :

 يمكن أن تكون الرياضة من أكثر الفساد في الأرض ، بكشف عورات ، وتفلت ، مباراة فيها ستون ألف قتيل ، المصارعة الحرة محرمة .

التعليق

 الحقيقة كما تفضل أخونا الكريم ، محمد إياد دمشقي ـ جزاك الله خيراً ـ أنه ما لم يستقل المسلمون بأنماط حياتهم وفق منهج ربهم فقضيتهم صعبة جداً ، مادام هناك تمازج ، مثلاً ائت بماء صاف عذب زلال ، واخلطه بماء المجاري من يتضرر هل ماء المجاري ؟ الذي يتضرر فقط هو الماء الصافي ، لذلك العالم الآن يشبه خلاط كيف ذلك ؟ قطعة لحم ضأني في زجاجة ماء صافية ، وفاكهة ، وقطعة ، لحم خنزير ، وخمر ، ولتر مياه مالحة ، وضعناها في خلاط ودار الخلاط ، باعتبار التواصل الإعلامي الشديد وثورة معلومات ، وما يحدث في أيّ مكان في العالم ينتقل إلى كل أمكنة العالم ، فصار هناك تمازج ثقافات .

ثورة المعلومات والفساد الإعلامي

 تعليقاً على كلام أخينا الكريم ، أحد الإخوة الكرام المتفوقون في الإنترنت صنع بطاقات إذا استعملها الأخ تحجب عنه كل المواقع السيئة ، هذا إنجاز كبير ، كنت أقول لكم دائماً : نحن قديماً كان الفساد في بلادنا ، وفي بلاد المسلمين يشبه حديقة حيوان تقليدية ، الوحوش في الأقفاص ، والزوار طلقاء ، الآن نحن وضعنا مع الفساد في حديقة حيوان إفريقية ، الوحوش طلقاء ، والزوار إما أن يدخلوا إلى سيارة مصفحة أو يُؤكلون ، التصفيح أعني به التحصين الداخلي ، كان من الممكن أن تحصن ابنك ، مِن منعه من الذهاب إلى السينما ، الآن الفساد في كل مكان ، تكتب كلمة إسلام يخرج موقع إباحي ، تكتب أسماء إسلامية يخرج موقع إباحي ، تفتح الفضائيات فيها شيء لا يستطيع الإنسان أن يراه منفرداً ، فكيف أمام أولاده ؟ وهناك حوادث من الانحراف الخلقي ـ إلى أن وصلنا إلى زنا المحارم ـ لا يعلمها إلا الله ، كلها بسبب هذه الصحون ، وكلما اتسعت على السطوح ضاقت صحون المائدة ، وكلما رخص لحم النساء غلا لحم الضأن ، وكلما قلّ ماء الحياء قلّ ماء السماء .
 قال أحدُهم في مؤتمر حضرته : المسلمون استبدلوا كلمة اقرأ بالرقص ، وقد سئل أحد الأدباء : ماذا نأخذ وماذا ندع عن الغربيين ؟ فقال هذا الأديب : نأخذ ما في رؤوسهم ، وندع ما في نفوسهم ، إحساسنا ملكنا ، وإحساسهم ملكهم ، وقال : ثقافة أية أمة ملك البشرية جمعاء ، لأنها بمثابة عسل استخلص من زهرات مختلف الشعوب على مر الأجيال ، لكنه يقول أيضاً : وهل يعقل إذا لدغتنا جماعة من النحل أن نقاطع عسلها ؟ لذلك أنا لا أوافق على المقاطعة للأعمال العلمية ، نقاطع المستهلكات ، وذكرت في ندوة الدخان أن شركة واحدة اسمها ( فيليب موريس ) أرباحها في اليوم الواحد من العالم الإسلامي ثمانون مليون دولار ، ونصيب إسرائيل منها اثنا عشر مليوناً ، هذه شركة دخان واحدة ، فذلك المقاطعة يجب أن تكون لكل المستهلكات ، قال بعضهم وقد أعجبني كلامه في الدانمارك ، قال : إنكم تملكون حرية التعبير ، ونحن نملك حرية المقاطعة ، فكما أن رؤساءكم لا يستطيعون إجباركم على أن تقولوا شيئاً معيناً ، أنتم أحرار ، لكن نحن أيضاً رؤساؤنا لا يملكون أن يجبرونا على أن نأكل بضاعة دانمركية ، كل إنسان يملك شيئًا ، وفرق كبير بين حرية التعبير وحرية الإهانة ، هذا الذي حصل شيء آخر .

المداخلة الثانية :

 يتحدد سلوك الإنسان وفقاً لدوافعه لإشباع حاجات اجتماعية ونفسية لا بد من إشباعها ، كحاجته للحب والتقدير .

التعليق

 من أجل ذلك يكرس الفرد نفسه دائماً من أجل تقدير الذات والدفاع عنها ، ومن خلال الإحباطات والصراع الذي يتعرض له الإنسان لعدم القدرة على إشباع حاجاته تهتز صورة ذاته في مرآة نفسه الخاصة ، وتشوه مفهومها ، وهنا يدق ناقوس الخطر ، وينذر بتكوين شخصية إنسانية مضطربة نفسياً ، منحرفة اجتماعياً ، ولجوء بعض الأشخاص بأساليب منحرفة يلجأ إليها الفرد لخفض توتراته من خلال عالم وهمي يحياه من خلال هذه الأساليب ، وتؤكد نتائج البحوث والدراسات عن أهمية الوقاية ، وخاصة الوقاية بالدرجة الأولى التي تستهلك منع المشكلة أصلاً من الحدوث ... وهناك مقولة علينا أن ننتبه إليها ، هي : " العقل السليم في الجسم السليم " ، تلك المقولة تهدينا إلى خير سبيل ....
ميدان الرياضة التنافس الشريف ، والمثابرة ، وقوة التحمل على مواجهة الإحباط .
 ميدان الرياضة ميزان القناعة بالفوز والخسارة ، ومواجهة الذات دون الهروب من الواقع .
 ميدان الرياضة أشد ميادين الحياة خصوبة لبناء الشخصية الصحيحة ، وقبل ذلك ومع ذلك كله النظر إلى سيرة النبي عليه الصلاة والسلام ممارسة الرياضة بكافة أنواعها ، وعلى كافة مستوياتها ، لذلك نرى ضرورة أن تلتقي أو تلتفت جميع مؤسسات المجتمع إلى الاهتمام بالأنشطة التربوية ، وخاصة الرياضية منها ، ورعاية المتكاملة للنشء والشباب ، ولذلك نكون قد وضعنا أسساً وقواعد جسدية صحيحة ننطلق بها للدعوة إلى الله عز وجل ، وهي الأسمى في حياتنا .

المداخلة الثالثة :

 حضرتك تجمعنا على شيء نتعاون به ، ونقدم شيئًا كمسلمين ، لماذا لا يكون عندنا شيء خاص ، نؤسس نوادي رياضية خاصة بالمسلمين لتعليم الرياضة بشكل سليم عقليًّا وجسديًّا ، نحن كمسلمين لا يمكن أن نعطي لأناس مختصين بالرياضة ومختصين بالحالات الرياضية النفسية والجسدية لتأمين نوادي خاصة ، في كل العالم عندهم نوادي خاصة ، نقلد هذه النوادي في أوربا للرياضات المختلفة ، لماذا نحن كمسلمين لا يكون عندنا أيضاً نوادٍ خاصة بنفس الطريقة التي يتعاونوا فيها كأجهزة ، وأن يكون هناك رياضة نفسية وجسدية ، كما علّمنا النبي عليه الصلاة والسلام أن يكون هناك جري وسباحة ، هناك رياضة لتقوية الجسد والفكر معاً .

التعليق :

 هذا الكلام يعني بالمصطلح الحديث أَسْلَمةَ الرياضة ، أن تكون رياضتنا إسلامية ، فأنا جمعت أحكاماً سريعة جداً :

أحكام خاصة بالرياضة

 أولاً : لا يرضى الله عز وجل أن يلهو الشباب بالرياضة إلى حد نسيان الواجبات الدينية والواجبات الأخرى ، أنا عبرت عنها في الدرس الماضي ألا تكون الرياضة ديناً يمتص كل اهتمامنا .
 ثانياً : ألا نمارس رياضة تؤذي الغير ، هذا مطلق أي أنواع الأذى .
 ثالثاً : لا يرضى الله إذا مارسنا الرياضة بالتحزب الممقوت الذي فرق بين الأحبة ، وباعد بين الإخوة ، وجعل في الأمة أحزاباً وشيعاً ، ليس على أساس سياسي ، بل على أساس رياضي فقط ، يتقاتلون من أجل فريقين رياضيين مشهورين في مصر .
 رابعاً : لا يرضى الله عز وجل أن نوجه الكلمات النابية من فريق إلى فريق .
 خامساً : لا يرضى الله بالتصرفات الشاذة التي لا تليق بإنسان له كرامته .
 سادسًا : الآن لا يرضى الله عز وجل ، ولا أحكام الدين عن الألعاب الجماعية التي يشترك فيها الجنسان معاً ، هذه ممنوعة أيضاً .
 سابعا : ولا يرضى الله عز وجل ، ولا إسلامنا العظيم عن ألعاب تثير الشهوة الجنسية وتحدث الفتنة ، يوجد رياضات مبنية على الرقص وللنساء بالذات .
 ثامنًا : ولا يرضى الله عز وجل لجنس أن يزاول الرياضة أمام جنس آخر ، يحدث فتنة ، ولا أن تكشف العورات .
 هذه الضوابط إذا طبقناها يكون العقل السليم في الجسم السليم ، ولما يكون الإنسان نشيطاً في جسمه يعطي عطاء كبيرًا .

لا حرمان في الإسلام ، بل كل شيء بضابطه

 إذاً : الإسلام ليس فيه حرمان ، أهم نقطة في الدين الإسلام انهه لا حرمان فيه ، لكن فيه تنظيم فقط ، لأن الإنسان مخير ، كل شيء حيادي ، الرياضة حيادية ، يمكن أن تكون أداة فعالة لتقوية الأجسام ، أنا لا أنسى قول النبي عليه الصلاة والسلام حينما توسلا صاحبان أن يبقى راكباً على الناقة ، ويعطياه دورهما في الركوب ، فقال عليه الصلاة والسلام : ما أنتما بأقوى مني على السير ، ولا أنا بأغنى منكما عن الأجر .
 لذلك الإسلام فيه حرية حركة مع الضوابط ، من دون ضوابط ـ وهذا عندي تعبير قاسٍ جداً ، هو دابة متفلتة ، لكن مع الضوابط فهناك رياضة إسلامية ، وأدب إسلامي ، وأكثر النشاطات المعاصرة فيها جانب إسلامي ، والإنسان لأنه مخير كان كل شيء حياديًّا ، إما أن يكون سلماً نرقى به أو دركات نهوي بها ، وأعمق شهوة في الإنسان شهوة الجنس ، يمكن أن تمارس هذه الشهوة بأعلى درجات الرقي فيما شرع الله لنا به في الزواج ، هذه قناة نظيفة طاهرة مصيرها أولاد وأصهار ، وأسرة وحياة سعيدة ، ومستقبل للزوجة مع زوجها ، وكل ما يجري خارج نطاق الزوجية فهو انحراف .
 النقطة الدقيقة أن الناس يتهيبون الدين لتصورهم أو لوهمهم أن فيه حرمانًا ، إنه لا حرمان فيه ، الدين فيه كل شيء ، لكن كل شيء نظيف ، وكل شيء لمصلحة عامة ، وتنتهي حريتك عند بدء حرية الآخرين ، في مداخلة أخرى ؟ تفضل .
 فيما يبدو الآن هناك توجّه جديد أن يخصص المسلمون لأشياء كثيرة ، لكن أعجبني البارحة من هذا الإعلامي الذي قال : المجتمع عشرة بالمئة متمسكون بالدين تماماً الآن وعشرة متفلتون تماماً ، أما الثمانون بالمئة فهم وسط ، لا فيهم تمسك شديد ، ولا انحراف شديد ، هم المعنيون بقناة سيفتحها ، لأنني أريد هذا الإنسان الذي ليس متمسكًا بالدين ، وما عنده انحراف خطير ، هذا نريد أن ننقذه من حالة اللامبالاة ، من حالة التحييد إلى حالة أن ينضم إلى الالتزام بالدين ، وعندي مصطلح جديد تمثلته تماماً ، ألا يقولون : هناك ديكتاتورية أساسها القوة والبطش والقتل ، الآن هناك ديكتاتورية إعلامية ، نريد أن نأخذ منك كل شيء ، نقنعك فتعطينا كل شيء ، والإعلام هو السلاح الأول ، مثلاً شخص يؤلف كتاباً ، ويطبع ألف نسخة منه ، يقول لك : إذا بيعت طبعنا طبعة ثانية ألف ثانية ، طبعة ثالثة ، ثم طبعة رابعة ، يقول لك : حضر عندي عشرة آلاف في الجامع ، أحياناً يصل مشاهدو هذه القنوات إلى ثلاثين مليونًا أو أربعين مليونًا ، معنى ذلك أن العالم الآن صار أسير هذا الذي يشاهَد ، فإذاً نحن أمام خطر كبير ، هذا الخطر يحتاج إلى صحوة ، وابنك أثمن شيء تملكه ، والله أيها الإخوة الكرام ، لا يمكن لأب أن يسعد إذا شقي ابنه ، ووسائل الشقاء موجودة في كل بيت ، ولذلك انتبهوا أيها الإخوة الكرام ، واحرصوا على أن نلقى الله بقلب سليم .

المداخلة الرابعة :

 حكم اللعب بالنرد .

التعليق :

 هو محرم ، وكلمات متقاطعة ، وبرجك هذا الأسبوع أيضا .
 أولاً : مرّ الشيخ بدر الدين الحسني ـ رحمه الله ، كان شيخ سوريا ـ مرّ أمام مقهى ، فقال : يا سبحان الله ‍‍! لو أن الوقت يشترى من هؤلاء لاشتريناه منهم ، والحقيقة أن الإنسان وقت ، وأثمن شيء يملكه هو الوقت ، ورأسماله هو الوقت ، وإدارة الوقت أهم شيء في حياة الإنسان ، هذه الألعاب ، افرض أن ألعابًا ما فيها حرمة ، ففيها تضييع للوقت .
 ضربت مرة مثلاً لطالب ، قلت له : أنت عندك فحص بكالوريا الساعة الثامنة صباحاً ، والمادة رياضيات ، وأنت معلقٌ آمالا كبيرة جداً على نجاحك بالشهادة ، ولعلك تختص في الطب ، أو الهندسة ، وهو فرع مرموق في الشام ، قال : طيب ، قلت : خطر في بالك أن تأكل فلافل ، وفي منطقة القصاع بائع فلافل درجة أولى ، وما عندك سيارة ، ستركب أول سيارة ، والثانية ، وترجع تركب مرة ثالثة ، ومرة رابعة ، وحتى وقفت في الدور تحتاج إلى نصف ساعة ، وأكلت الفلافل ، ورجعت ، أذهبت ثلاث ساعات ، فهل أكل الفلافل حرام ؟ قال : لا ، قلت له : في هذه الحالة صار حرامًا ، لأنك استهلكت ثلاث ساعات أنت في أمسّ الحاجة إليها ، لو تعرف قيمتك في الحياة ، وتعرف رسالتك ، وتعرف هدفك فلا تضيع ثانية في أشياء كثيرة ليس لها معنى .
 والله قال لي أخ : هناك ألعاب كومبيوتر لو عاش الإنسان مئتي سنة فعنده كل يوم مئتي لعبة ما لها نهاية بلا طائل ، وكثير من الناس يستفتوني في موضوع مقهى الإنترنت في غير موضوعات الإباحية .
 موضوع ثان : استهلاك الوقت : هذه الأمة الشباب فيها هم عمادها ، أنا ذكرت منذ درسين أو ثلاثة أن هذا الذي يموت في سبيل الله والله نصغُر أمامه ، لكن بالمناسبة نحن بحاجة الآن لا إلى شاب يموت في سبيل الله بقدر ما نحتاج إلى شاب يعيش في سبيل الله .
 فلذلك موضوع الوقت أخطر شيء في حياتنا ، الوقت وعاء العمل ، وهناك تناقضات في حياتنا ، كنت أقول دائماً كلمة دقيقة : أنا لا أقلق إذا كثر الباطل أو توسع ، أقلق ألا توجد بقعة حق واحدة ، يجب أن تكون هناك بقعة حق وبقعة ضوء لتتنامى ، وأنا أقول : لا تقلق على هذا الدين ، إنه دين الله ، ولكن اقلق ما إذا سمح الله لك أو لم يسمح أن تكون جندياً له ، قال تعالى :

 

﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا عَلَيْكُمْ أَنْفُسَكُمْ ﴾

[ سورة المائدة : 105]

 إذا كنتم تعاهدونني ، وأعاهد كل واحد يهتم بشخصه أولاً ، وببيته ثانياً ، وبعمله ثالثاً فقط .
 هناك تلبيسات إبليس : أن مئة عمل ، ألف عمل ، مليون عمل تفعله ، ولا تؤاخذ ، ولا تساءل ، ولا تحاسب ، بل يثنى عليك ، يزهدك الشيطان فيه ، وهناك أعمال لا تستطيعها الدول يقحمك فيها ، فنحن عندنا مليون عمل بإمكاننا أن نفعله ، بإمكانك أن تتقن عملك ، بإمكانك أن تربي أولادك ، بإمكانك أن تقدم كل شيء ضمن الحدود المعقولة ، فنحن لو تعاهدنا أن نصلح أنفسنا ، نصلح أسرنا ، نصلح أعمالنا ، وأن تكون صادقاً في عملك ، وأن تكون أباً مثالياً ، وأن تربي أولادك ، وأن تهتم بهم ، هذا الذي نريده ، وهذا الشيء عندما يبدأ يتنامى ، ولا تعرف قد يقدر لنا الله عز وجل الخير ، ويقدر لنا أن نكون بوضع آخر إن شاء الله ، والوضع الآن صعب جداً ، لكن يبدو ، وكل محنة وراءها منحة ، ويبدو أنها شدة ، وكل شدة وراءها شدة إلى الله عز وجل .
 من أكل التراب فقد أعان على قتل نفسه ، إلى يوم القيامة .
 أريد أن أقول كلمة : أولاً كفكرة إجمالية : هل يعقل أن يكون منهج الله عز وجل فيه نقص ؟ مستحيل ، هل فيه زيادة ؟ مستحيل ، هذا إيماننا ، نحن كل شيء نحتاجه موجود في القرآن والسنة ، موجود بشكل نظيف ، وواضح ، وهادف .
 والله مرة اضطررت أن ألقي كلمة مطولة في مؤتمر للبيئة ، فراجعت والله الذي وجدته في الإسلام ، في القرآن والسنة من توجيهات للبيئة ، والحفاظ على البيئة ، والله ما وجدته في أي جهة أخرى ، انتبهت ، لأن هذا منهج الله عز وجل ، موضوع الهواء ، موضوع المياه ، موضوع المزروعات ، هذا كله وارد بتفاصيل حتى لدرجة غير معقولة .
 عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :

(( إِنْ قَامَتْ السَّاعَةُ وَبِيَدِ أَحَدِكُمْ فَسِيلَةٌ فَإِنْ اسْتَطَاعَ أَنْ لَا يَقُومَ حَتَّى يَغْرِسَهَا فَلْيَفْعَلْ ))

[أحمد]

 ما هذا ؟ قامت الساعة ، وانتهى كل شيء ، اغرس شجرة ، فلذلك يجب أن تطمئنوا ، نحن لسنا بحاجة للأجانب إطلاقاً ، نحن في ديننا كل شيء ، لكن عندنا عقدة .

طرفة :

 صنع أحدهم عطرا على يده ، أحضر ( السبيترو ) ، ووضع له الليمون ، وبعد سنتين نتج شيء في مستوى رفيع جداً ، فكل ما يعطر إنسان يقول له : ما هذا ؟ يقول له ( ليمونز ) ، من أين أحضرتها ؟ لو قال لهم : ليمون ، لم تُبَعْ ، لما قال : ( ليمونز ) بيعت ، فنحن دائماً عندنا عقدة ، تأتي كلمة ( برمجة عصبية لغوية ) ، والله كل مبادئها عندنا ، تأتي كلمة ( رياضة ) ، فترى في السنة والقرآن :

 

﴿ وَزَادَهُ بَسْطَةً فِي الْعِلْمِ وَالْجِسْمِ ﴾

[ سورة البقرة : 247]

﴿ يَا أَبَتِ اسْتَأْجِرْهُ إِنَّ خَيْرَ مَنِ اسْتَأْجَرْتَ الْقَوِيُّ الْأَمِينُ ﴾

[ سورة القصص : 26]

 نحن ديننا كامل ، لكن عندنا عقدة ، فكل شيء يأتي من الغرب نحتفل به ، ونعنى به .

الاستماع للدرس

00:00/00:00

تحميل النص

إخفاء الصور