وضع داكن
29-03-2024
Logo
تربية الأولاد إصدار 1994 - الدرس : 34 - وسائل تربية الأولاد -4- التربية بالعادة - 2 التناغم بين العقل والنقل
   
 
 
 بسـم اللـه الرحمـن الرحيـم  
 

 الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين، اللهم لا علم لنا إلا ما علمتنا، إنك أنت العليم الحكيم، اللهم علمنا ما ينفعنا، وانفعنا بما علمتنا، وزدنا علماً، وأرنا الحق حقاً وارزقنا اتباعه، وأرنا الباطل باطلاً وارزقنا اجتنابه، واجعلنا ممن يستمعون القول فيتبعون أحسنه، وأدخلنا برحمتك في عبادك الصالحين.
 أيها الأخوة، لازلنا في دروس تربية الأولاد في الإسلام وفي السلسلة الثانية المتعلقة بوسائل التربية الفعالة.

العقل أثمن شيء أودعه الله في الإنسان:

 تحدثنا من قبل عن وسيلة القدوة من خلال أن النبي عليه الصلاة والسلام كان قدوةً لأصحابه وأسوةً لهم، ومن خلال توجيهاته الشريفة في أن يكون كل أب أو كل معلم أو كل أم قدوةً لابنه.
 ثم انتقلنا في الدرس الذي بعده إلى أداة العادة، التربية بالعادة، وقد فرقنا بين تربية الصغار وتربية الكبار، تربية الكبار تحدثت عن أن التلقين والتعويد ينبغي أن يرتبط بالعقيدة، الحقيقة أن الإنسان حينما تصح عقيدته مليون جزئية في حياته ترتبط بعقيدته، العقيدة كلية والجزئيات لا تعد ولا تحصى، ميزة المؤمن أن عقيدته الواضحة إيمانه بالله، إيمانه بالملائكة، إيمانه بالكتب، إيمانه بالرسل، إيمانه باليوم الآخر، إيمانه بالقضاء والقدر خيره وشره من الله تعالى، هذه كليات العقيدة يمكن أن ترتبط بالآلاف بل بمئات الألوف من جزئيات حياته، لذلك الشاب نمى عقله.
 العقل أيها الأخوة، أثمن شيء أودعه الله في الإنسان، انظر إلى منجزاته المادية ستمئة راكب يركبون طائرة يأكلون ويشربون ويتابعون الأخبار ويأخذون من الشراب ويرتاحون وينامون وهم في الجو، ما تقطعه الطائرة في الساعة لا يقطعه الإنسان قبل مئات السنين في أشهر، إذاً الطائرة من إنجاز العقل البشري، الإنجازات لا تعد ولا تحصى هذا العقل حينما توجه إلى صنع آلات تريح صاحبه قدم إنجازات لا تصدق، من منا يصدق أنك عن طريق الفاكس يمكن أن ترسل رسالة إلى طرف الدنيا في ثانية واحدة، عن طريق هذا الجهاز المحمول يمكن أن تتصل بالعالم، هذا من إنجاز العقل، لو أن العقل توجه إلى الدار الآخرة كيف يكون ؟ والعقل البشري فيه من الطاقات ما لا يصدق والعباقرة لم يستخدموا من عقولهم إلا النذر اليسير.

أعظم ما في الدين الإسلامي التناغم والانسجام بين العقل والنقل:

 أن تتجاهل العقل هذا شيء مستحيل، والشيء الثابت أيها الأخوة أن الحق فيما يبدو هو دائرة تتقاطع فيها خطوط العقل والنقل، والفطرة والواقع، ولكن سأضيف لكل كلمة صفة، دائرة تتقاطع فيها خطوط النقل الصحيح والعقل الصريح والفطرة السليمة والواقع الموضوعي، مبدئياً لا بد من توافق العقل مع النقل، لابد لأن النقل وحي الله عز وجل ولأن العقل جهاز أودعه الله في الإنسان وما دام العقل والنقل فرعين لأصل واحد فلا بد من أن يكونا متشابهين متطابقين، لذلك لا تخشى أن يأتي في الشرع حكم شرعي والعقل لا يؤيده، لا تخشى ذلك بل إن بعض العلماء يرى أن تطابق العقل مع النقل أمر حتمي،  بل إن أعظم ما في الدين الإسلامي هذا التناغم والانسجام بين العقل والنقل، لماذا في بعض الأديان الأخرى يقولون الإيمان فوق العقل ؟ لأن المقولات التي بين أيديهم ليست معقولة إطلاقاً فكيف حلوا هذه المشكلة ؟ حلوها بأن فصلوا العقل عن النقل.
 بل إن كل العلماء الذين حاربوا الكنيسة في العصور الوسطى حاربوها من أجل أن يتحرر عقلهم من ضغطها، الإسلام ليس كذلك، مواءمة العقل والنقل في الإسلام شيء رائع جداً، مواءمة العقل مع النقل.
 بالمناسبة أنت يمكن أن يكون إيمانك بالله قوي جداً لدرجة أنك لا تحتاج إلى تعليل لأمر الله، أعلى درجة في الإيمان أن تستسلم لأمر الله، حينما حرَّم الله الخنزير أنت لأنك آمنت بالله إيماناً من مستوى رفيع لا تحتاج إلى تعليل لهذا التحريم، أنت لاحظ نفسك مع طبيب متفوق جداً، يحمل أعلى الشهادات، هناك من يثني عليه في كل وسط، إن دخلت إليه وقال: لا تأكل الملح، تستسلم مباشرةً، وقد لا تسأله لماذا ؟ أنت مع إنسان تثق بعلمه لا تسأله، فلو أن إيمانك بالله الإيمان الصحيح المتين المبني على بحث وتأمل في الكون، لو أنك آمنت بعلمه المطلق وحكمته المطلقة ورحمته المطلقة ثم أمرك أن تجتنب هذا الشيء، لذلك قال بعض العلماء: علة أي أمر أنه أمر، علة الأمر لماذا حرمه الله ؟ الجواب لأن الله حرمه فقط. ولم أجد أروع من كلمة قالها عالم أمريكي التقى بعالم مسلم، طرح موضوع لحم الخنزير فهذا المسلم ـ جزاه الله خيراً ـ أفاض بالحديث عن مضار لحم الخنزير، بعد ساعة من الزمن قال له الأمريكي: يا دكتور كان يكفيك أن تقول لي إن الله حرمه، نحن عبيد لله هذا التحريم من خالق الأكوان، من الواحد الديان، من العليم، من الخبير، من الحكيم، من القوي، نحن حينما ندعو إلى الله نحتاج إلى أن نعلل، نحتاج إلى أن نأتي ببرهان، والدليل والحكمة هذه يحتاجها الدعاة لكن العباد لا يحتاجونها.

ارتفاع مستوى التعبد في الأوامر الشعائرية و انخفاضه في الأوامر التعاملية الواضحة:

 أيها الأخوة، كلما اتضحت حكمة الأمر الإلهي ضعف فيه التعبد، وكلما غابت عنا حكمة الأمر الإلهي ارتفعت فيه نسبة التعبد، حينما يأمرنا النبي عليه الصلاة والسلام ألا نسرف في طعامنا وشرابنا، هذه الحقيقة يعلمها الأذكياء جميعاً والذين يحرصون على صحتهم والذين يحرصون على سلامة أجهزتهم، لذلك تجد إنساناً لا ينتمي إلى الدين بصلة ومع ذلك يأكل باعتدال، الأمر بعدم الإسراف واضح جداً، حكمته واضحة جداً، لذلك نصيب التعبد فيه ضعيف، أما حينما تكلف أن تطوف حول البيت سبعة أشواط والازدحام لا يحتمل وفي وقت واحد، وأن تذهب إلى عرفات في وقت واحد، هذه أوامر تعبدية العقل لا يستطيع تفسيرها، هنا يرتفع مستوى التعبد في أمر شعائري، في الأوامر الشعائرية يرتفع مستوى التعبد في الأوامر التعاملية الواضحة ينخفض مستوى التعبد.
 لذلك شيء طبيعي جداً أن تجد أحياناً تناقضاً بين مصلحتك وبين الأحكام الشرعية، إنسان أخذ قرضاً، اشترى بيتاً، ووفى الأقساط على أنها من ثمن البيت، يقول لك: أين المشكلة ؟ قلت له: على مستوى فردي لا يوجد مشكلة، بالعكس أنت حللت مشكلتك عن طريق القرض الربوي، أما على مستوى أمة حينما نسمح للمال أن يلد المال، ارتفعت الأسعار، وتجمعت الأموال بأيدٍ قليلة، وحرمت منها الكثرة الكثيرة، لذلك قد لا تصدق أن كل ما يعانيه أهل الأرض الآن من التفاوت الطبقي، واحد يملك مليوناً، ومليون لا يملكون واحداً، واحد يكاد يموت من التخمة، وواحد يكاد يموت من الفقر، واحد يسكن في بيت ثمنه مئات الملايين، بالقاهرة أشير إلى بيت نظرت إليه قال: ثمنه ألف مليون ليرة سورية، عشرين مليون دولار تسكنه راقصة، ومئات الألوف من الشباب لا يجدون غرفةً يتزوجون بها.
 يا أيها الأخوة، الإنسان ينبغي أن يستسلم لله، أما كداعية أنت بحاجة إلى تعليل كي تقنع الناس، بحاجة إلى تفسير، بحاجة إلى بيان الحكمة، هذا الشاب الذي تفتح عقله ونمت نفسه لا بد من أن تقنعه، وهنا تكمن بطولة الداعية في أن يقنع الشباب، مرة سألني أحدهم سؤالاً قال: يقول عليه الصلاة والسلام فيما معناه: أن الشياطين تقيد في رمضان، قال لي: لِمَ قيدها الله في رمضان ثم أطلقها بعد رمضان ؟ ليته قيدها طوال العام، كلام منطقي قلت له: من قال أن الله قيدها ؟ قال: الحديث، قلت له: معنى الحديث ليس كذلك، معنى الحديث أن المؤمن حينما يستقيم في رمضان يبطل عمل الشياطين، وكأنها مقيدة تقييداً حكمياً، لو أن محلاً فتح فيه ملهيات ولم يدخله إنسان، المحل بحكم المغلق، ما كان لله عز وجل أن يضل عباده، لكن استقامة المؤمن في رمضان تقيد الشيطان، حينما تأتي بالدليل يقول لك أحدهم:

(( وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَوْ لَمْ تُذْنِبُوا لَذَهَبَ اللَّهُ بِكُمْ وَلَجَاءَ بِقَوْمٍ يُذْنِبُونَ فَيَسْتَغْفِرُونَ اللَّهَ فَيَغْفِرُ لَهُمْ ))

[مسلم عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ]

  ظاهر الحديث ارتكب أي ذنب وإلا أنت هالك، ليس هذا معنى الحديث، معنى الحديث أن الإنسان حينما يذنب ولا يشعر أنه أذنب فهو ميت، لو لم تذنبوا بمعنى لو لم تحسوا بذنوبكم، أنت ملتهٍ تأكل المال الحرام، تطلق بصرك في النظر إلى المحرمات، تتكلم كما تشاء، تغتاب كما تشاء، تجلس في أي مكان تملأ عينيك من محاسن النساء، غيبة ونميمة، تقول: ماذا فعلت ؟ أنا مستقيم، حينما تذنب ولا تشعر أنك مذنب فأنت ميت، لو لم تذنبوا لذهب الله بكم وأتى بقوم يذنبون فيستغفرون فيستغفر الله لهم.

 

ربط الأمور الدينية بالمنطق السليم والعقل السليم:

 

 علامة المؤمن أنه إذا أذنب لا ينام الليل من شدة قلقه، من شدة خوفه من الله عز وجل، فالكبار أيها الأخوة يحتاجون إلى أن تربط الأمور الدينية بالمنطق السليم، بالعقل السليم، بالحكمة الراجحة، فكلمة (هكذا) من مربي ليس هذا من الحكمة إطلاقاً، هناك دعاة منفرون هكذا جاء في النص، مرة كنت في أمريكا، في مؤتمر في درس ديني جاءتني رسالة من امرأة تقول لي: أنا قرأت أن النبي عليه الصلاة والسلام قد حرَّم المصافحة، لكني في حرج شديد، وأنا أعمل طبيبة في مستشفى، والأطباء يأتون لا يعرفون أمر الدين، يمدون أيديهم لأصافحهم فلا أصافحهم، فتنشأ مشكلة، ما حكم المصافحة في الإسلام ؟ طبعاً يوجد جواب شرعي، كلمة واحدة المصافحة محرمة شرعاً لقول النبي عليه الصلاة والسلام:

(( إني لا أصافح النساء.))

[أحمد والترمذي والنسائي وابن سعد والطبراني والبيهقي عن أميمة بنت رقيقة]

 وانتهى الأمر، يوجد جواب آخر مقنع قلت لها: المرأة في الإسلام كالملكة، كيف أن ملكة بريطانية لا يصافحها إلا سبعة رجال بحكم القانون البريطاني لعلو مقامها، سبعة رجال يسمح لهم أن يصافحوها، والباقي سلام من بعيد، وكذلك المرأة المسلمة لعلو مقامها لا يسمح أن يصافحها إلا سبعة رجال هم محارمها في القرآن الكريم، شعرت بنشوة أن المرأة المسلمة شيء مهم جداً، وهكذا ذكرت هذه التفاصيل كي أذكركم بأن ربط الجزئيات في العقيدة مهم جداً لا أفعل هذا لأن الله عز وجل حرم هذا.
 أكثر الناس يستثمر ماله بنسب ثابتة، يأكل الربا دون أن يشعر، مادام النسبة ثابتة لا يوجد حسابات، ولا يوجد جرد ولا أرباح، على الألف مبلغ كذا في الشهر هذا ربا.

 

مناهج أساسية في توجيه الكبار:

 

1ـ ربط الجزئيات في العقيدة:

 حينما تتعرف إلى الشرع، إلى العقيدة السليمة والمنهج السليم، كل جزئيات حياتك تربطها بهذه العقيدة وهذا المنهج، عندما تكون عقيدتك سليمة لا تسمح لنفسك أبداً أن تقرأ في المجلة حظك هذا الأسبوع، مجرد قراءتها فيه إثم كبير.

 

(( مَنْ أَتَى كَاهِناً أَوْ عَرَّافاً فَصَدَّقَهُ بِمَا يَقُولُ فَقَدْ كَفَرَ بِمَا أُنْزِلَ عَلَى مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ))

 

[ مسلم عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ]

  أما من كانت عقيدته سيئة جداً يمكن أن يدفع ثمناً باهظاً لضعفه في العقيدة، فتاة من أسرة غنية عندها سائق، رآها متعلقة بالأبراج، فذهب إلى المجلة ودفع لها مبلغاً كبيراً حتى كتبت في برج هذه الفتاة أن في حياتها سائقاً إذا تزوجته كانت أسعد النساء، ضحك عليها وتزوجها بهذه الطريقة، أما حينما تكون العقيدة سليمة لا تقبل أن تقرأ حظك هذا الأسبوع، ولا تقبل أن تقرأ شيئاً يخالف صحة العقيدة.

 

2ـ تعرية المنكر:

  إذاً ربط الجزئيات في العقيدة منهج أساسي في توجيه الكبار، ثم تعرية المنكر، المنكر يجب أن يتعرى، مادام هناك منكر له شأن، وله مقام، ويخطف أبصار الناس، فالطريق إلى الله ليس سالكاً هذه قاعدة.
 من فضل الله بعد أحداث الحادي عشر من أيلول الغرب تعرى، صار وحشاً في نظر كل الشعوب، وحشيته ظهرت، ظلمه ظهر، كيله بمليون مكيال ظهر، كل شيء واضح لذلك قال تعالى:

 

 

﴿ فَمَنْ يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ وَيُؤْمِنْ بِاللَّهِ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَى لَا انْفِصَامَ لَهَا وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ (256) ﴾

 

( سورة البقرة )

  إذاً الشاب حينما تتفتح مداركه يرى منجزات الغرب، الغرب له أساليب في غسل العقول والأدمغة عجيبة، لا بد من أن تعري هذا الغرب، لا بد من أن تعري هذه الحضارة المادية التي لا ترحم، قلة قليلة يستمتعون بمنجزات الحضارة والكثرة الكثيرة شقية بها.

 

3ـ تغيير البيئة الاجتماعية للشاب اليافع:

  الشيء الآخر لا بد من تغيير البيئة الاجتماعية للشاب اليافع، أخطر شيء على الشاب اليافع أصدقاؤه، الأب الموفق في تربية أولاده يحرص على معرفة أصدقاء ابنه حرصاً لا حدود له، لأن الابن يستقي من أصدقائه الشيء الكثير دون أن يشعر.

 

 

منهج التلقين والتعويد للصغار:

 

 الآن ننتقل إلى منهج التلقين والتعويد للصغار، الصغار لا يحتاجون إلى ربط في العقيدة ولا يحتاجون إلى تعرية المنكر ولا يحتاجون إلى تغيير البيئة، بيئتهم ليس بمقدورهم تغييرها، الصغار يربون بالتلقين، لذلك النبي عليه الصلاة والسلام أمر المربين أن يلقنوا أولادهم كلمة لا إله إلا الله بما روى الحاكم عن ابن عباس رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال:

(( افتحوا على صبيانكم أول كلمة بلا إله إلا الله.))

[الحاكم عن ابن عباس رضي الله عنهما]

  الطفل حينما ينشأ في جو أغانٍ، جو تمثيليات، جو موبقات، الطفل ليس عنده إدراك ليميز الخير من الشر، الطفل يقلد، لذلك أبواه يهودانه أو ينصرانه أو يمجسانه، الطفل الصغير لا يفهم الأفكار بل يقلد ما يرى، لذلك أخطر شيء عند الصغير الصورة، والعالم الغربي كشف هذه الحقيقة، أنا قد أحطم الدين أمام الطفل بمنظر امرأة مسلمة لكنها تهمل أولادها، ومنظر آخر لامرأة متفلتة تعتني بأولادها انتهى الدين عنده، لا تحتاج إلى مناقشة.
 مرة استمعت إلى قصة فيها كلمة واحدة لكن هذه الكلمة كالسم في الدسم، أن امرأة وقعت في الفاحشة، والذي ارتكب معها الفاحشة وعدها بالزواج، فلما لم يفِ بوعده طالبته بتنفيذ وعده، فقال لها: ليس معي مال لأطلبكِ للزواج، أعطني مفتاح صندوق الحديد لوالدكِ حتى آخذ منه مئتي ألف أقدمه مهراً لكِ، هذا الوحش أراد أن يضيف إلى الفاحشة التي ارتكبها السرقة، حتى الآن لا يوجد مشكلة في القصة، أعطته مفتاح من تحت الملاية فقط هذه الكلمة، كلمة واحدة في القصة ماذا تشعر ؟ أن هذه ترتدي زياً إسلامياً، هكذا أخلاقها وهكذا خيانتها لأبيها، طبعاً قصة باطلة، لكن أحياناً الطفل من كلمة من صورة يأخذ فكرة.

 

التلقين قد يكون صوراً أو أفكاراً أو كلمات إسلامية:

 

 أيها الأخوة، الطفل يتعلم بالصورة، معلمه إذا دخن أمامه حالاً الدخان مشروع بطولة، معلمه قدوة له، أبوه إذا ارتدى ثياباً مبتذلة في البيت هذا هو الأصل، لم يعد هناك داعٍ للمناقشة، حينما يتجول الأب في بيته بثياب مبتذلة جداً، بثياب داخلية مبتذلة، عند ابنه الصغير هذا هو الصواب، لذلك القرآن الكريم نبه أن الأطفال لا ينبغي أن يدخلوا على آبائهم وأمهاتهم وقت الظهيرة وبعد صلاة العشاء إلا بالاستئذان، لئلا يقع الطفل في مشكلة، والآباء الذين لا ينتبهون لما يجري بينهم وبين زوجاتهم ربما ترك هذا أثراً سيئاً جداً في مستقبل الابن الصغير.
 إذاً أول شيء التلقين والتعويد، التلقين قد تلقنه بكلمة، وقد تلقنه بصورة، والصور من التلقين، قد تلقنه بكلمة مسموعة، وقد تلقنه بصورة مرئية، يفهم كل شيء من دون حوار، من دون مناقشة لذلك قال عليه الصلاة والسلام:

(( افتحوا على صبيانكم أول كلمة بلا إله إلا الله.))

[الحاكم عن ابن عباس رضي الله عنهما]

  لمجرد أن يرى الابن أباه يصلي في البيت خمس صلوات هذا من التلقين، أنا أوسِّع معنى التلقين، لا تفهموا التلقين يا ابني قل كذا، لا، قد يلقن كلاماً، وقد يلقن صورةً، الأب يصلي، الأم تصلي، حينما تتحجب الأم عن أصدقاء زوجها هذا تلقين رأى، يوجد قصص لطيفة أنه حينما يخطب شاب بنتاً في بيت، حينما تجلس معه على مرأى من أخواتها الصغار، أو أخوتها الصغار يحتجون كيف تجلس أختنا فلانة مع فلان، لأنه يعرف أنه يوجد حجاب في البيت، هذا حادث طارئ، شاب ليس من أهل البيت يجلس مع أخته معنى التلقين نجح.
 يكفي أن يكون بيتك مسلماً، يكفي أن تصلي أمام ابنك، يكفي أن تتحجب زوجتك عن الغريب، يكفي أن يذكر الله في البيت، يكفي أن يرى تلقيناً صوراً وأفكاراً وكلمات إسلامية، هذا الذي يكلف الأب به.

 

التلقين جانب نظري والتعويد جانب عملي:

 

 الآن التعويد، يقول عليه الصلاة والسلام:

(( مُرُوا أَوْلَادَكُمْ بِالصَّلَاةِ وَهُمْ أَبْنَاءُ سَبْعِ سِنِينَ وَاضْرِبُوهُمْ عَلَيْهَا وَهُمْ أَبْنَاءُ عَشْرٍ وَفَرِّقُوا بَيْنَهُمْ فِي الْمَضَاجِعِ ))

[أحمد عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ ]

  دائماً عندنا قاعدة أن الأحكام الشرعية يكلف بها الشاب والشابة بعد البلوغ، لكن لا يعقل أن تسمح لابنتك أو ابنك أن يفطر، وفي رمضان السنة السادسة عشرة تأمرها بالصيام مستحيل، لا بد من أن تعود أولادك على أداء العبادات في وقت مبكر، قبل خمس سنوات من التكليف، سماه العلماء التكليف التأديبي لا التكليف الشرعي، طفلة صغيرة جداً حينما ترتدي ثياباً فاضحةً هي ليست بعورة، عمرها سنتان أو ثلاث أو أربع سنوات جسمها ليس بعورة، أما حينما تألف أن ترتدي ثياباً فاضحة كأنك تلقنها أن هذه الثياب لا شيء فيها، وهي في سن صغيرة ينبغي أن ترتدي الثياب الكاملة التي إذا كبرت ترى أن هذه الثياب الكاملة، الأمور دقيقة جداً.
 ثياب ابنتك تلقين لها حينما تصلي وهي صغيرة جداً لم تبلغ الخامسة من عمرها هذا تلقين، الصلاة تلقن بها، التلقين جانب نظري، أنت ما تكلمت لكن أريتها صورة إسلامية، والتعويد جانب عملي، ما الذي يمنع الأب أن لا يصلي إلا ومعه أولاده، عودهم خمس سنوات، عودهم الصلاة تلقيناً:

 

(( مُرُوا أَوْلَادَكُمْ بِالصَّلَاةِ وَهُمْ أَبْنَاءُ سَبْعِ سِنِينَ وَاضْرِبُوهُمْ عَلَيْهَا وَهُمْ أَبْنَاءُ عَشْرٍ وَفَرِّقُوا بَيْنَهُمْ فِي الْمَضَاجِعِ ))

 

[أحمد عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ ]

  الآن الحلال والحرام، الطفل يرى مع رفيقه لعبة يحبها، يأخذها ويضعها في جيبه، لا تسميه سارقاً أنت، هو ما سرق لكن لا يعرف ما هو الحلال والحرام، أعجبته هذه اللعبة، وضعها في جيبه، وجاء إلى البيت، أنت رأيتها معه، الآن يجب أن تلقنه أن هذا الشيء الذي ليس لك حرام أن تأخذه، لأن الله حرم ذلك، أتحب أن يفعل معك رفيقك هذا ؟ تحتاج إلى جهد لذلك قال عليه الصلاة والسلام:

 

(( مروا أولادكم بامتثال الأوامر واجتناب النواهي فذلك وقاية لهم ولكم من النار ))

 

[عن ابن عباس رضي الله عنهما]

  أحياناً طفل يأكل من رأس القصعة يجب أن تنبهه كُلْ مما يليك، نهى النبي على أن يأكل الطفل من رأس القصعة، رأى النبي طفلاً تطيش يده في القصعة فنهاه.

 

رسول الله أسوة حسنة لمن كان يرجو الله و اليوم الآخر:

 

 أنا أتعجب هناك أطفال يرتكبون أخطاء كبيرة جداً، من ينزعج منهم ؟ إذا كنت مع أولادك في بيت، أنت ضيف، يحطمون الحاجات، يتلفون الأشياء، يضعون بقايا الطعام في أماكن غير مناسبة، فصاحب البيت يضجر، هذا من تقصير الأب والأم، يجب أن تعوده كيف تضع الأوساخ في سلة المهملات، أن تعوده أن لا يصعد بحذائه على الكراسي الفخمة الطفل لا يعلم، فالابن يحتاج إلى تلقين، وإلى تعويد، التلقين نظري والتعويد عملي، أذن المؤذن يجب أن تقول له حينما يؤذن المؤذن: هناك أذكار علمنا النبي أن نقولها، حينما تقولها أنت لقنته، حينما تطالبه أن يقولها عودته وهكذا، وفي بعض الأحاديث يقول عليه الصلاة والسلام:

(( أدبوا أولادكم على ثلاث خصال: حب نبيكم وحب آل بيته وقراءة القرآن..))

[أبو نصر عبد الكريم الشيرازي وابن النجار عن علي]

  أخواننا الكرام، الطفل في سن معين لا يرى إلا الذي أمامه، فالذي أمامه أبوه وأمه، أو أخوته الكبار إذا حدثوه عن رسول الله، إذا حدثوه عن رحمته، إذا حدثوه عن حبه للصغار، إذا حدثوه عن رعايته لهم، فالنبي يقول:

 

(( أدبوا أولادكم على ثلاث خصال: حب نبيكم...))

 

[أبو نصر عبد الكريم الشيرازي وابن النجار عن علي]

  عندنا حقيقة كبرى هي الله عز وجل، عندنا حقيقة بشرية كبرى هي رسول الله لذلك كلمتا الإسلام لا إله إلا الله محمد رسول الله، لا إله إلا الله كلمة التوحيد، محمد رسول الله شهادة الرسالة، في إنسان واحد كامل الكمال البشري الذي ينتظر الله أن نجعله قدوة لنا لذلك قال تعالى:

 

﴿ لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ (21) ﴾

 

( سورة الأحزاب)

  أنا أقول لك دائماً من هو الشخص العظيم في نظرك أقل لك من أنت ؟ المؤمن الصادق الشخصية العظيمة التي يتصورها دائماً، والتي يسعى أن يقلدها دائماً، والتي يسعى أن يمشي على منهجها هي رسول الله، إن كنت ترجو الله واليوم الآخر لك برسول الله أسوة حسنة.

 

القرآن الكريم أفصح كلام على الإطلاق وبعد فصاحته تأتي فصاحة النبي الكريم:

 

 

 يجب بحسب ما أرى أن كلمة رسول الله في اليوم ترددها مئات المرات لأولادك، النبي فعل كذا يا بني، النبي كان حليماً، النبي دخل إلى البيت ففعل كذا، نام على جنبه الأيمن، استيقظ فسبح الله عز وجل، دخل إلى الخلاء فقال هذا الدعاء، هكذا يحب النبي، في كتاب الأذكار للنووي أذكار النبي عليه الصلاة والسلام، لكن تحتاج إلى وقت، مشكلة المسلمين دنياهم أخذتهم، مشكلاتهم سحقتهم، أعمالهم استغرقت أوقاتهم، والعمل الذي يستغرق كل وقتك خسارة كبيرة، والله أحياناً أعجب بإخوة جاءهم عرض راتب ضخم جداً في بلد بعيد، نظر أولاده بلا أب، زوجته بلا زوج، فآثر أن يبقى إلى جانب زوجته وأولاده على دخل كبير، يشترطون عدم حضور الزوجة والأولاد، هؤلاء لا يقبلون مسلماً مع زوجته وأولاده، يحرمونه زوجته وأولاده سنتين بأكملهما، فلذلك الإنسان حينما يؤثر أن يبقى مع أهله وأولاده هذا دليل عقله ودليل إيمانه ودليل توفيقه.

(( أدبوا أولادكم على ثلاث خصال: حب نبيكم وحب آل بيته وقراءة القرآن..))

[أبو نصر عبد الكريم الشيرازي وابن النجار عن علي]

  أتمنى على كل أب أن يقتني كتاباً عن الصحابة الكرام، ويوجد كتب رائعة جميلة جداً، ما الذي يمنع أن تقرأ على أولادك قصة كل يوم ؟ تقرأ بنصف ساعة لكن فيها معاني من الكمال والسمو والبطولة، الطفل يحب البطولة، وكل صحابي يمثل نموذجاً، فأنت إذا قرأت على أولادك كل يوم قصة صحابي هؤلاء قدوته.

 

(( أدبوا أولادكم على ثلاث خصال: حب نبيكم وحب آل بيته وقراءة القرآن..))

 

[أبو نصر عبد الكريم الشيرازي وابن النجار عن علي]

  مرة كنا في الجامعة دخل علينا أستاذ من كبار الأساتذة لا علاقة له بالدين إطلاقاً ولا بالقرآن إطلاقاً، ولكنه أستاذ لغة، قال: إن أردتم للغتكم أن تقوى فاقرؤوا كل يوم عشر صفحات من القرآن قراءة جهرية، لا يوجد إنسان يقرأ القرآن إلا ويستقيم لسانه دون أن يشعر، لأن القرآن الكريم أفصح كلام على الإطلاق، أفصح كلام في اللغة العربية على الإطلاق، ويأتي بعد فصاحته فصاحة النبي عليه الصلاة والسلام، فكل مسلم حينما يقرأ القرآن وحينما يقرأ سنة النبي تتراكم عنده العبارات البليغة الأدبية.

 

الطفل الذي يقرأ القرآن ضمنت له أسلوباً رائعاً:

 

 أحياناً ترى إنساناً عادياً يقرأ القرآن، انتهت حرب في مكان معين يقول لك: في السودان وضعت الحرب أوزارها، جاء بعبارة القرآن، هناك الكثير من العبارات القرآنية التي يستخدمها الناس دون أن يشعروا، وجئت على قَدَر يا موسى، إذا كان من غير ميعاد، فأنت حينما تقرأ القرآن تتراكم عندك عبارات فصيحة حينما تستخدمها، لذلك أنا أنصح الأخوة الكرام الذين يتمنون أن يقوى أسلوبهم أن يقرؤوا القرآن، وكل عبارة في القرآن يمكن أن يستخدمها في خطابه أو في كتابته يجب أن يختزنها، القرآن أفصح كلام على الإطلاق لأنه كلام الله عز وجل قال الله تعالى:

﴿ بِلِسَانٍ عَرَبِيٍّ مُبِينٍ (195) ﴾

( سورة الشعراء )

  لذلك الطفل الذي يقرأ القرآن ضمنت له أسلوباً رائعاً، يوجد كلمات عامية موغلة في العامية موغلة أين القلم بابا ؟ (شحوكة)، ما هذه (شحوكة) ؟ كلمات ليس لها معنى، مزعجة، قبيحة، أحياناً بابا فلان ضربلك تلفون، (ضربلك) ما هذه ؟ اتصل بك، بين (ضربلك) وبين (اتصل بك) يوجد فرق كبير، أنا أقول حتى الأب والأم إذا تكلما في اللغة لا أقول فصحى، بل الفصحى الميسرة، يوجد لغة فصحى ميسرة إذا الأب مثقف والأم مثقفة وتكلما بلغة فصحى ميسرة يكونان عوناً لأولادهما في تعلم اللغة الفصحى.
 الآن يوجد مشكلة، تأتي بطالب يحمل ليسانس أو دبلوم أو ماجستير لا يستطيع أن يقرأ صفحة من القرآن بلا أخطاء أبداً، مع أنه كلام الله عز وجل ويوجد أخطاء فاحشة، مذيع سورة يس وهي سورة ياسين، الضعف في القرآن مخيف رجل أحب أن يتفاصح قال:

 

ولست أبالي حين أُقتَلُ مسلماً             على أي جنب ألقى بالله مصرعي

***

 إلى جهنم ذهب، أما هو البيت في فرق حركة واحدة.

ولست أبالي حين أُقتَلُ مسلماً             على أي جنب ألقى بالله مصرعي

***

  ذهب إلى الجنة، اللغة دقيقة جداً.

الولد الصالح استمرار لأبيه:

 يقول لك أنا ـ من باب التفاصح ـ تَجَارُب، ما التَجَارُب ؟ العدوى بالجرب، صوابها التَجَارِب، إذا قلت التَجَارُب أي العدوى بالجرب، طبيب يقول لك: أنا أَخِصائي في أمراض الدم، الأَخصائي هو الذي يخصي فقط، ينبغي أن يقول اختصاصي، اللغة العربية دقيقة جداً، يقول: أنا مُوَلع، المولع هو الثور الأحمر، ينبغي أن يقول: مُوْلَع لا مُوَلَّع.
 هناك أخطاء شائعة كثيرة جداً يقع فيها معظم الناس دون أن يشعروا، أنا أقول لكم أيها الأخوة قضية تربية الصغار أعظم عمل على الإطلاق، أكبر شهادة يحملها الأب أن يكون أولاده صالحين لذلك:

((إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث: صدقة جارية، أو علم ينتفع به، أو ولد صالح يدعو له.))

[مسلم عن أبي هريرة]

  من هذه الثلاثة ولد صالح يدعو له، الولد الصالح استمرار، مرة توفي رحمه الله خطيب الجامع الأموي، رجل صالح وجريء ومستقيم، ولا أزكي على الله أحداً، فالتعزية أقيمت في الجامع الأموي، وجاء الناس إلى هذا المسجد زرافات ووحدانا، في اليوم الثالث كنت حاضراً، بعد أن انتهت التعزية أسمعونا إحدى خطبه مسجلة، ثم قام ابنه وألقى خطبةً رائعة جداً، أكبرته إكباراً عالياً لأنه ترك خطيباً، ترك ابناً عالماً، وهذه علامة طيبة أن ترى ابن العالم عالماً، لأن هذه رأى نوعان ؛ رأى قلبية، ونظرية، رأيت الشمس ساطعةً، ما إعراب (ساطعةً) ؟ حال، رأيت العلم نافعاً، (نافعاً) مفعول به ثان، رأى القلبية تنصب مفعولين به، بينما رأى البصرية تنصب مفعول به واحد، فإذا كان في اسم منصوب ثان صار حالاً.
 روت كتب التاريخ والأدب أن المفضل بن زيد رأى مرةً ابن امرأة من الأعراب فأعجب لمنظره، فسألها عنه فقالت: إذا أتم خمس سنوات أسلمته إلى المؤدب، فحفظ القرآن فتلاه، وعلمه الشعر فرواه، ورغب في مفاخر قومه، ولقن مآثر آبائه وأجداده، فلما بلغ الحلم حملته على أعناق الخيل فتمرس وتفرس ولبس السلاح ومشى بين بيوت الحي وأصغى إلى صوت الصارخ.

 

التشجيع والترغيب أفضل من الترهيب:

 

 

 التربية الإسلامية تصنع أبطالاً، كان الشباب قديماً في كفهم حفنة من الطحين، ويركبون جواداً، ويحملون سيفاً إلى ساحة الجهاد، سيدنا أسامة كان قائد جيش تحت إمرته كبار الصحابة وهو لا يزيد عن ثمانية عشر عاماً، الآن ترى الشاب يحمل البيبسي والهمبرغر وذاهب إلى الملعب، هذه عوض عن هذه، اختلف الأمر بين أن يربى الشاب على الفتوة والفروسية والنجدة والمروءة والشجاعة والقيم.
 أرجو الله سبحانه وتعالى أن يلهم الآباء أن يعتنوا بأولادهم، أنا أقول لعل هذه السلسلة باعثها كلمة بدأت بها الدرس الأول في هذه السلسلة، أنني فيما أعتقد أن الورقة الرابحة الوحيدة التي بقيت في أيدينا هي أولادنا، وأولادنا يعنون المستقبل، فإن أدبناهم وهذبناهم ملكنا المستقبل، وإن تركناهم على ما هم عليه وعلى التأثر بما يحيط بهم أوردناهم موارد التهلكة.
 إذاً الصغير أيها الأخوة الأكارم تلقين وتعويد، التلقين نظري والتعويد عملي، لا تتوهم أن التلقين كلام فقط، ثياب الأب المحتشمة في البيت تلقين، صلاته تلقين، ذكره تلقين، تلاوته لكتاب الله تلقين، غضه البصر عن امرأة زائرة في البيت تلقين، حجاب زوجته عن أصدقائه تلقين، التعويد عملي قم صلِّ معي يا بني، التعويد عملي والتلقين نظري، والطفل الصغير يلقَّن ويعوَّد، وحينما ترى ملامح الصلاح على ابنك الصغير يدخل على قلبك من السعادة ما لا يعلمه إلا الله.
 شيء أخير أن التشجيع أفضل من الترهيب، هناك آباء تعطي تعليمات، وكل مخالفة يوجد ضرب، لا بالعكس اعمل تعليمات إيجابية، وكل تطبيق لهذه التعليمات يوجد مكافأة، وشتان بين المكافأة والضرب، اسلك أسلوب التشجيع لا التعنيف يقول عليه الصلاة والسلام:

(( علموا، ولا تعنفوا، فإن المعلم خير من المعنف ))

[ الجامع الصغير بسند ضعيف عن أبي هريرة ]

 

 

الاستماع للدرس

00:00/00:00

تحميل النص

إخفاء الصور