وضع داكن
16-04-2024
Logo
الدرس : 39 - سورة الأعراف - تفسير الآيات 134 - 137
رابط إضافي لمشاهدة الفيديو اضغط هنا
×
   
 
 
 بسـم اللـه الرحمـن الرحيـم  
 

 الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمدٍ الصادق الوعد الأمين وعلى آل بيته الطيبين الطاهرين، وعلى صحابته الغر الميامين، أمناء دعوته، وقادة ألويته وارضَ عنا وعنهم يا رب العالمين .

 أيها الإخوة الكرام، مع الدرس التاسع والثلاثين من دروس سورة الأعراف .


الشدائد التي يسوقها الله عز وجل لعباده من أجل أن يدفعهم إلى بابه :


 ومع الآية الرابعة والثلاثين بعد المئة، الآية الكريمة : 

﴿  وَلَمَّا وَقَعَ عَلَيْهِمُ الرِّجْزُ قَالُوا يَا مُوسَى ادْعُ لَنَا رَبَّكَ بِمَا عَهِدَ عِنْدَكَ لَئِنْ كَشَفْتَ عَنَّا الرِّجْزَ لَنُؤْمِنَنَّ لَكَ وَلَنُرْسِلَنَّ مَعَكَ بَنِي إِسْرَائِيلَ(34)﴾

[  سورة الأعراف  ]

 الله عز وجل هو الخبير، خبير بنفوس عباده، شريحة كبيرة، وقسم كبير من عباده لا يقوده إلى الحق وضوح الحق، بل قد يقوده إلى الحق، وإلى الإنابة، وإلى التوبة، شدة تصيبه ويبدو أن الله سبحانه وتعالى هذا أسلوبه في كل أنواع الشدائد، من أجل أن يسوقهم إلى بابه فرعون الذي قال :

﴿  أَنَا رَبُّكُمُ الْأَعْلَى(24)﴾

[  سورة النازعات  ]

 والذي قال :

﴿ وَقَالَ فِرْعَوْنُ يَا أَيُّهَا الْمَلَأُ مَا عَلِمْتُ لَكُم مِّنْ إِلَٰهٍ غَيْرِي فَأَوْقِدْ لِي يَا هَامَانُ عَلَى الطِّينِ فَاجْعَل لِّي صَرْحًا لَّعَلِّي أَطَّلِعُ إِلَىٰ إِلَٰهِ مُوسَىٰ وَإِنِّي لَأَظُنُّهُ مِنَ الْكَاذِبِينَ (38) ﴾

[  سورة القصص ]

 فحينما ابتلاهم الله بالقُمَّل، والدم، والضفادع، هذه المصائب الكبيرة، وحينما نجا منها بنو إسرائيل شيء واضح، لو أن هذا البلاء عمّ الكل، لمَا كان له معنى، أما حينما ينجو المؤمن، معنى ذلك أن هذا تأديب من الله .


عدم معاملة المسيء كالمحسن :


 الآن نستخدم هذه الفكرة بواقعنا، أنت حينما ترى إنساناً مستقيماً، يعيش حياة طيبة راضية، متوازن، راضٍ عن الله، سعيد، موفق، سعيد في بيته، في عمله، له سمعة طيبة، أتمّ الله عليه الصحة، له ما يكفيه، تجد إنساناً آخر منحرفاً، من مشكلة إلى مشكلة، من مطب إلى مطب، من مصيبة إلى مصيبة، من ضجر إلى ضجر، من إحباط إلى إحباط، شيء واضح جداً، اعمل موازنة بين هذا وذاك، تكتشف الحقيقة، والدليل الله عز وجل أعاننا على هذه الموازنة قال:

﴿  أَمْ حَسِبَ الَّذِينَ اجْتَرَحُوا السَّيِّئَاتِ أَنْ نَجْعَلَهُمْ كَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ سَوَاءً مَحْيَاهُمْ وَمَمَاتُهُمْ سَاءَ مَا يَحْكُمُونَ(21)﴾

[  سورة الجاثية  ]

 أي من سابع المستحيلات أن يُعامَل المحسن كالمسيء، المستقيم كالمنحرف، الصادق كالكاذب، العفيف كالإباحي، المنصف كالجاحد، مستحيل.


الهدى يرفع الإنسان و الضلال يرديه :


 هناك أدلة صارخة في كل عصر، وفي كل مصر، المستقيم ناجٍ، المستقيم سعيد، المستقيم متوازن، المستقيم موفق، المستقيم مسدد، المستقيم راضٍ، المستقيم متألق، والمنحرف من مشكلة إلى مشكلة .

﴿ أُولَٰئِكَ عَلَىٰ هُدًى مِّن رَّبِّهِمْ ۖ وَأُولَٰئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ (5) ﴾

[  سورة البقرة  ]

 الهدى رفعهم .

﴿ أَفَمَن شَرَحَ اللَّهُ صَدْرَهُ لِلْإِسْلَامِ فَهُوَ عَلَىٰ نُورٍ مِّن رَّبِّهِ ۚ فَوَيْلٌ لِّلْقَاسِيَةِ قُلُوبُهُم مِّن ذِكْرِ اللَّهِ ۚ أُولَٰئِكَ فِي ضَلَالٍ مُّبِينٍ (22)﴾

[   سورة الزمر  ]

 الضلال أرداهم إما في كآبة، أو في إحباط، أو في سجن، الآية لها إسقاطات كبيرة جداً، فرعون، الطاغية الأكبر، الذي قال: ﴿أَنَا رَبُّكُمُ الْأَعْلَى﴾ ﴿مَا عَلِمْتُ لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرِي﴾ حينما رأى نفسه محاطاً بمصائب تلو المصائب، وكوارث تلو الكوارث، ومحن تلو المحن، وسيدنا موسى وأتباعه في منجاة منها، شيء واضح تمام.

 مرة ثانية: حينما يأتي زلزال يدمر كل شيء في بلد مجاور، وينشر الإعلام الغربي صورة في مركز الزلزال لمسجد بمئذنته الشامخة، والمعهد الشرعي الذي إلى جانب المسجد، لم يتأثر بالزلزال، مع أنه اسأل المهندس: البناء ذو القاعدة الضيقة، والامتداد الطويل يجب أن يقع أول بناء، إشارة هذه، أنا سميتها رسالة من الله.


المؤمن يقوى بالله و يستمد منه الحكمة :


 أيها الإخوة، لما وقع عليهم المصاب الذي أصابهم به، الآن: 

﴿قَالُوا يَا مُوسَى ادْعُ لَنَا رَبَّكَ﴾   عندهم إله آخر، فرعون رب، إله فرعون عندهم، رأوا أن الإله فرعون ليس فعالاً، ليس بيده شيء، لكن إله موسى هو الفعال .

﴿  فَعَّالٌ لِمَا يُرِيدُ(16)﴾

[  سورة البروج ]

 أنت لاحظ المؤمن معه قوة كبيرة، معه الدعاء، معه القدرة الإلهية، معه العلم الإلهي، معه الحكمة الإلهية، معه الرحمة الإلهية، هناك مؤمن ضعيف لكن يستعين بالله.

 طفل صغير إذا أبوه أغنى الأغنياء نقول هذا الطفل غني بغنى أبيه، إذا أبوه قوي جداً يحتل منصباً رفيعاً جداً، هذا الطفل الصغير يشعر بقيمته بين أقرانه أبي فلان.

 فالمؤمن يتقوى بالله، يستغني بالله، يعلم بالله، يستلهم من ربه الحكمة، فأنت قوي بالله، عليم بالله، حكيم بالله، كبير عند الله، فهذا الدرس بليغ لنا جميعاً .


الله مصدر الجمال فإذا مُنح الإنسان منه الرضا كان أسعد الناس :


 الآن آيتان :

﴿ وَمَنْ أَعْرَضَ عَن ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنكًا وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَىٰ (124)﴾  

[ سورة طه  ]

 لا يمكن أن تجد على وجه الأرض من آدم إلى يوم القيامة إنساناً سعيداً وهو مُعرِض عن الله، غني يوجد، بيت أربعمئة متر يوجد، مركبة ثمنها اثنتي عشرة مليوناً موجودة، كل شيء موجود، أفخر طعام، أفخر مركبة، أفخر أثاث، لكن لا يوجد سعادة ﴿وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكاً﴾ .

  إياكم أن تفهموا أن معيشة الضنك الفقر، لا أبداً، وإياكم أن تفهموا أيضاً أن الحياة الطيبة هي الغنى، لا أبداً، قد تكون أسعد الناس بدخل محدود، وقد تكون أسعد الناس بأصغر بيت، وقد تكون أسعد الناس بأخشن طعام، لأن الله مصدر الجمال، فإذا منحك منه الرضا كنت أسعد الناس.


من كان مع الله كان الله معه :


 لن أبالغ إذا قلت الآن، وقد تكون في المنفردة وأنت أسعد الناس، لأن يونس عليه السلام كان في بطن الحوت :

﴿ وَذَا النُّونِ إِذ ذَّهَبَ مُغَاضِبًا فَظَنَّ أَن لَّن نَّقْدِرَ عَلَيْهِ فَنَادَىٰ فِي الظُّلُمَاتِ أَن لَّا إِلَٰهَ إِلَّا أَنتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنتُ مِنَ الظَّالِمِينَ (87) ﴾

[  سورة الأنبياء  ]

 إبراهيم كان في النار، سيدنا محمد عليه الصلاة والسلام كان في الغار . 

((  فقلت : يا رسول الله ، لو أن أحدهم نظر إِلى قَدَمْيه أبْصَرَنَا تحت قدميه . فقال : يا أبا بكر، ما ظنك باثنين الله ثالثهما  ))

[ أخرجه البخاري ومسلم والترمذي عن أنس بن مالك  ]

 إذا كان الله معك فمن عليك، وإذا كان عليك فمن معك، يعني أنت أيها الأخ، كن من شئت، كن أفقر إنسان، كن أضعف إنسان، في التعتيم، كن بأي صفة تريدها، إذا كنت مع الله كان الله معك، وإذا كنت مع الله كان الله ناصرك، وإذا كنت مع الله كان الله مدافعاً عنك، وإذا كنت مع الله كان اتصالك بالله مسعداً.

 يعني إنسان أحياناً يقيم علاقة لطيفة مع شخص قوي، يشعر بزهو، يشعر بأمن أنه أنا معي رقم هاتفه، بأي لحظة أتصل به، إذا كان الشخص مع الله، إذا كان الله معك فمن عليك، وإذا كان عليك فمن معك: 

﴿  وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكاً وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى(124) قَالَ رَبِّ لِمَ حَشَرْتَنِي أَعْمَى وَقَدْ كُنْتُ بَصِيراً(125) قَالَ كَذَلِكَ أَتَتْكَ آيَاتُنَا فَنَسِيتَهَا وَكَذَلِكَ الْيَوْمَ تُنْسَى(126)﴾

[  سورة طه ]

كنت أعمى في الدنيا (أَتَتْكَ آيَاتُنَا فَنَسِيتَهَا وَكَذَلِكَ الْيَوْمَ تُنْسَى) .


من التزم منهج الله عز وجل عامله الله معاملة تختلف عن معاملة الإنسان الفاسق :


 أيها الإخوة، لأن هذه المصائب التي أصاب الله بها فرعون وقومه معاً، ونجّى منها بنو إسرائيل، أصبح درساً واضحاً، فتأكد أيها المؤمن مليار بالمئة أنك إذا كنت مع الله شعرت بالقوة، وشعرت بالأمن، وشعرت أن الله لا ينساك، ولا يتخلى عنك، وأنت بهذه المعية قوي وموفق، ومنتصر، ومتفوق، وأنت الفالح، وأنت الناجح، اسمعوا الآيات :

﴿  أَفَمَنْ كَانَ مُؤْمِناً كَمَنْ كَانَ فَاسِقاً لَا يَسْتَوُونَ(18)﴾

[  سورة السجدة  ]

 شاب مؤمن يخاف من الله، يغض بصره عن محارم الله، لا يكذب، يصدق، يحسن، بار بوالديه، وفيٌّ لإخوانه، ملتزم بمنهج الله، يتقيد بالشرع، يخاف أن يعصي الله، هذا الشاب هل يعقل أن يعامل في الدنيا كما يُعامَل الفاسق ـ دققوا ـ أنا قلت في الدنيا، بالآخرة شيء بديهي، في الدنيا، الدليل: 

﴿أَمْ حَسِبَ الَّذِينَ اجْتَرَحُوا السَّيِّئَاتِ أَنْ نَجْعَلَهُمْ كَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ سَوَاءً مَحْيَاهُمْ﴾ يعني صحته، زواجه، زوجته، أولاده، بيته، عمله، حتى في نزهاته، له نزهات خاصة، نظيفة، رائعة، متواضعة لكن نظيفة، اختلاط لا يوجد، انحراف لا يوجد .


الفرق بين المؤمن و غير المؤمن ليس بالصلاة و الصيام و إنما بالتصورات و القيم :


 أيها الإخوة، أكاد أقول أحد أكبر أسباب الإيمان بالله أن ترى حياة المؤمن، وحياة غير المؤمن، هناك آية دقيقة جداً :

﴿  أَرَأَيْتَ الَّذِي يَنْهَى(9) عَبْداً إِذَا صَلَّى(10)﴾

[  سورة العلق  ]

 أين التتمة؟ عجيبة الآية ﴿أَرَأَيْتَ الَّذِي يَنْهَى﴾ ﴿عَبْداً إِذَا صَلَّى﴾ يعني هذا الإنسان انظر إلى بيته، انظر إلى مزاحه، انظر إلى كلامه، انظر إلى مواعيده، انظر إلى إتقان عمله، تراه متفلتاً، مقصراً، متجاوزاً، ظالماً، مهملاً.

﴿  أَرَأَيْتَ إِنْ كَانَ عَلَى الْهُدَى(11) أَوْ أَمَرَ بِالتَّقْوَى(12)﴾

[  سورة العلق  ]

 يعني أقول لكم أكبر ما يدعم المؤمنين سلوك غير المؤمنين، الصنعة البديهة، صادق كاذب، عنده حياء وخجل، عنده تفلت ووقاحة، أمين خائن، رحيم قاسٍ، إن لم يكن هناك فرق صارخ بين حياة المؤمن وحياة غير المؤمن، الإيمان ليس له معنى، فرق ليس بالصلاة، والصيام، والحج، والزكاة، لا، فرق بالسلوك، فرق بالتصورات، فرق بالمبادئ، فرق بالقيم، فرق بكل شيء . 


من ترك منهج الله و سنة نبيه هزمه الله تعالى بالرعب :


 لذلك: ﴿وَلَمَّا وَقَع عَلَيْهِمُ الرِّجْزُ قَالُوا يَا مُوسَى ادْعُ لَنَا رَبَّكَ﴾ أين فرعون؟ أين ألوهية فرعون؟ أين؟ 

﴿ادْعُ لَنَا رَبَّكَ بِمَا عَهِدَ عِنْدَكَ لَئِنْ كَشَفْتَ عَنَّا الرِّجْزَ لَنُؤْمِنَنَّ لَكَ وَلَنُرْسِلَنَّ مَعَكَ بَنِي إِسْرَائِيلَ﴾ بلاء لا يُرفَع إلا بالصلح مع الله، والإنابة إليه، والآن كلام مؤلم: المسلمون في بلاء شديد، في ضغوط فوق طاقتهم، في مستقبل لا يرضي أبداً. 

(( يوشِكُ الأُمَمُ أنْ تَداعَى عليكم؛ كما تَداعَى الأَكَلةُ إلى قَصْعتِها(الآن شيء واقع) . فقال قائلٌ: ومِن قِلَّةٍ نحنُ يومئذٍ؟ قال: بل أنتم يومئذٍ كثيرٌ، ولكنَّكم غُثاءٌ كغُثاءِ السَّيْلِ، ولَينْزِعنَّ اللهُ من صدورِ عدُوِّكم المهابةَ منكم، وليَقذِفنَّ اللهُ في قلوبِكم الوَهَنَ. فقال قائلٌ: يا رسولَ اللهِ، وما الوَهَنُ؟ قال: حُبُّ الدُّنيا، وكراهيةُ الموتِ. ))

[ أخرجه أبو داود عن ثوبان  ]

 مليار وخمسمئة مليون (ولكنَّكم غُثاء كَغُثَاءِ السَّيْلِ) ما في وزن (ولَيَنْزِعَنَّ الله مِنْ صدور عدوِّكم المهابةَ منكم، وليقذفنَّ في قُلُوبكم الوَهْنَ، قيل: وما الوْهنُ يا رسول الله ؟ قال: حُبُّ الدُّنيا، وكراهيَةُ الموتِ) والله كأنه معنا الآن، كأنه يعيش معنا (حُبُّ الدُّنيا، وكراهيَةُ الموتِ) ليس لنا هيبة إطلاقاً، قال عليه الصلاة والسلام : 

((  نُصِرْتُ بالرُّعبِ مسيرةَ شهر  ))

[ أخرجه البخاري ومسلم والنسائي عن جابر بن عبد الله  ]

 أمته حينما تركت سنته من بعده، هُزمت في الرعب مسيرة عام .


كل شيء يأتي بالقسر لا قيمة له إطلاقاً :


 إذاً المفارقة أن هذا البلاء نزل على فرعون وقومه، ولم ينزل على سيدنا موسى والذين آمنوا معه، هذه المفارقة هي رسالة من الله .

﴿  فَلَمَّا كَشَفْنَا عَنْهُمُ الرِّجْزَ إِلَى أَجَلٍ هُمْ بَالِغُوهُ إِذَا هُمْ يَنْكُثُونَ(135)﴾

[  سورة الأعراف  ]

 والإنسان حينما لا يؤمن الإيمان الصحيح، حينما لا يبحث عن ربه بحثاً ملياً، حينما يؤمن تحت الضغط، إذا رُفع الضغط يعود كما كان .

﴿ بَلْ بَدَا لَهُم مَّا كَانُوا يُخْفُونَ مِن قَبْلُ ۖ وَلَوْ رُدُّوا لَعَادُوا لِمَا نُهُوا عَنْهُ وَإِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ (28) ﴾

[  سورة الأنعام  ]

 كل شيء يأتي بالقسر لا قيمة له، إنسان وهو معافى، صحيح، شاب في مقتبل حياته تعرف إلى الله، حضر مجالس علم، أتى إلى بيوت الله، تعلم القرآن، قرأ القرآن، تعلم السنة، حفظها، طبقها، غض بصره عن محارم الله، حرر دخله من كل شبهة، أنت حينما تفعل هذا تكون في طريق الإيمان، إذاً أنت في حماية الرحمن .

 الآن إذا أتت شدة لا تتغير، ولا تتبدل، اسمعوا هذه الآية:

﴿  إِذْ جَاءُوكُمْ مِنْ فَوْقِكُمْ وَمِنْ أَسْفَلَ مِنْكُمْ وَإِذْ زَاغَتِ الْأَبْصَارُ وَبَلَغَتِ الْقُلُوبُ الْحَنَاجِرَ وَتَظُنُّونَ بِاللَّهِ الظُّنُونَا(10) هُنَالِكَ ابْتُلِيَ الْمُؤْمِنُونَ وَزُلْزِلُوا زِلْزَالاً شَدِيداً(11) وَإِذْ يَقُولُ الْمُنَافِقُونَ وَالَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ مَا وَعَدَنَا اللَّهُ وَرَسُولُهُ إِلَّا غُرُوراً(12)﴾  

[ سورة الأحزاب  ]


من عاهد الله و رسوله في السراء و الضراء لا يتغير :


 ثم يقول الله عز وجل :

﴿  مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُمْ مَنْ قَضَى نَحْبَهُ وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِرُ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلاً(23)﴾

[  سورة الأحزاب  ]

 عاهدنا رسول الله على السمع والطاعة في السراء وفي الضراء، 

(( بايَعْنا رَسولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ علَى السَّمْعِ والطَّاعَةِ في المَنْشَطِ والمَكْرَهِ، وأَنْ لا نُنازِعَ الأمْرَ أهْلَهُ، وأَنْ نَقُومَ أوْ نَقُولَ بالحَقِّ حَيْثُما كُنَّا، لا نَخافُ في اللَّهِ لَوْمَةَ لائِمٍ. ))

[ صحيح البخاري عن عبادة بن الصامت ]

صدقوا، أقول لكم هذا الكلام: المؤمن باستقامته، وطاعته، ومحبته، وإقباله، لا يتأثر لا قبل الزواج، ولا بعد الزواج، ولا قبل الغنى، ولا بعد الغنى، ولا قبل المرض، ولا بعد المرض، ولا قبل التألق، ولا بعد التألق لا يتغير .

 دخل عليه الصلاة والسلام مكة مطأطئ الرأس، حتى كادت ذؤابة عمامته أن تلامس عنق بعيره تواضعاً لله عز وجل .


المصائب لا تصيب إلا من يستحقها :


 إذاً المصائب لا تأتي بشكل جماعي، لا تصيب إلا من يستحقها، الدليل:

﴿ فَاسْتَجَبْنَا لَهُ وَنَجَّيْنَاهُ مِنَ الْغَمِّ ۚ وَكَذَٰلِكَ نُنجِي الْمُؤْمِنِينَ (88) ﴾

 

[ سورة الأنبياء  ]

 أوضح قصة أن سيدنا يونس وجد نفسه في بطن حوت بالمعايير الواقعية، الأمل بالنجاة كم؟ لأن الحوت وجبته المعتدلة أربعة أطنان، فسيدنا يونس لقمة واحدة، في ظلمة الليل، وفي ظلمة البحر، وفي ظلمة بطن الحوت، حالة نادرة جداً، حالة شبه مستحيلة، الحالة الأمل فيها صفر، صفر مكعب: 

﴿فَنَادَى فِي الظُّلُمَاتِ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ﴾ ﴿فَاسْتَجَبْنَا لَهُ وَنَجَّيْنَاهُ مِنَ الْغَمِّ﴾ دققوا الآن ﴿وَكَذَلِكَ نُنْجِي الْمُؤْمِنِينَ﴾ إذاً قانون، أنت مؤمن، بأي مكان، بأي زمان، بأي عصر، بأي مصر، بأي بلد، بأي مدينة، غني، فقير، شحيح، مريض، قوي، ضعيف، صغير، كبير، أبداً هذه الآية لك: ﴿وَكَذَلِكَ نُنْجِي الْمُؤْمِنِينَ﴾


لكل شيء حقيقة :


لذلك : 

كن عن همومك معرضــا  وكلِ الهموم إلى القضـا

وابشر بخــــير عاجل  تنسى به مــا قد مضى 

 فلرب أمر مسخط فـــي  عواقبه رضـــــــا

* * * 

ولربما ضــاق المضيق  ولربما اتسع الفضـــا

الله يفعل مــــا يشاء  فلا تكن متعرضــــا

الله عودك الــــجميل  فقس على ما قد مضى

[ صفي الدين الحلي  ]

 دقق، لو أن هذه المصائب التي ألمت بفرعون وقومه أصابت سيدنا موسى وأتباعه ما قال فرعون هذا الكلام، هناك فرق، العوام لهم كلام ما له معنى، بل بعيد عن الحكمة، لأن البلاء يعم، لا، البلاء خاص، والرحمة خاصة، ما معنى ؟

﴿  تَرْمِيهِمْ بِحِجَارَةٍ مِنْ سِجِّيلٍ(4)  ﴾

[  سورة الفيل  ]

 يعني كل حجر عليه اسم من سيصيبه، لذلك لا يوجد بالقاموس الإسلامي رصاصة طائشة، هذه بالمفهوم الدنيوي، أما بالتوحيد لا يوجد شيء طائش، الدليل: 

((  لكل شيء حقيقة وما بلغ عبد حقيقة الإيمان حتى يعلم أن ما أصابه لم يكن ليخطئه وما أخطأه لم يكن ليصيبه))

[ أخرجه الطبراني عن أبي الدرداء  ]

((  فلا تَقُل : لو أنَّي فعلتُ لكان كذا وكذا ، ولكن قل : قَدَّر الله وما شاءَ فَعَل ، فإن لو تفتحُ عَمَلَ الشيطان  ))

[ أخرجه مسلم عن أبي هريرة  ]


الإيمان الذي يأتي تحت الشدة لا قيمة له :


 الآن نستنبط، والله الذي لا إله إلا هو لو تفرغ أحدنا، وتتبع أحوال من حوله الذي أنفق على أهله، وكان باراً بوالديه، وكان محسناً لأبناء رحمِه أغناه الله، والذي عفّ عن الحرام قبل الزواج رزقه الله زوجة صالحة، تسره إن نظر إليها، وتحفظه إذا غاب عنها، وتطيعه إن أمرها، ولود ودود، والذي له تجارب قبل الزواج، له خبرات مع النساء قبل الزواج يأتي زواجه كقطعة من العذاب، الزوجة ما في حل وسط، إما أنها إحدى حسنات الدنيا، أو إنها إحدى المصائب التي يسوقها الله إلى بعض عباده. 

﴿فَلَمَّا كَشَفْنَا عَنْهُمُ الرِّجْزَ إِلَى أَجَلٍ هُمْ بَالِغُوهُ إِذَا هُمْ يَنْكُثُونَ﴾ لأن الإيمان الذي يأتي تحت الشدة لا قيمة له، ما دام هناك شدة، هناك إيمان، رفعت الشدة زال الإيمان، كالذين ركبوا السفينة، فلما أوشكت على الغرق دعوا الله مخلصين، فلما نجاهم إلى البر ﴿إِذَا هُمْ يَنْكُثُونَ﴾ .

  شيء طبيعي، لا تعبأ بإيمان جاءك عن طريق الشدة، اعبأ بإيمان وأنت صحيح، شاب، معافى، ما عندك ولا مشكلة، تعرفت إلى الله .

 أنا معجب إعجاباً كبيراً بشاب ما عنده مشكلة، متفوق في دروسه، صحته طيبة، له مكانة عند أهله، التزم بدرس علم، تتبع أمر الله، قرأ القرآن، درس ما فيه، انتظم بمنهج الله، ائتمر بما أمر الله، وانتهى عما عنه نهى الله، هذا الشاب بدايته محرقة بالاستقامة، له نهاية مشرقة، من كانت له بداية محرقة، كانت له نهاية مشرقة، أما كل شيء يأتي تحت الضغط، والجبر، والإكراه، ما دام هناك ضغط، هناك التزام، يزول هذا الضغط، يعود الإنسان إلى ما كان عليه .

﴿فَلَمَّا كَشَفْنَا عَنْهُمُ الرِّجْزَ إِلَى أَجَلٍ هُمْ بَالِغُوهُ إِذَا هُمْ يَنْكُثُونَ ﴾

﴿  فَانْتَقَمْنَا مِنْهُمْ فَأَغْرَقْنَاهُمْ فِي الْيَمِّ بِأَنَّهُمْ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا وَكَانُوا عَنْهَا غَافِلِينَ(136)﴾

[  سورة الأعراف  ]


العاصي بعد زوال الشدة عنه يعود إلى ما كان عليه :


 شخص راكب مركبته، في أحد شوارع دمشق، وقف عند الإشارة في الحجاز، إذ بأزمة قلبية تصيبه، فانكفأ على مقود السيارة، وزوجته إلى جانبه، فصرخت، ومن حكم الله أن صديقه وراءه صدفة، فحمله إلى مركبته، وأخذه إلى المستشفى، وضعوه بالعناية المشددة أيقن أنه على وشك مغادرة الدنيا، فطلب مسجلة، وشريطاً، وقال، هو كان أخ أكبر واغتصب أموال كل إخوته الصغار، البيت الفلاني لأخي فلان، والمحل الفلاني لأخي، والأرض الفلانية لأخي، بعد أن اغتصب كل الثروة، وقعوا على وكالة عامة، واغتصب كل أموالهم، أعطاهم النذر اليسير، واغتصب كل هذه الأموال، حينما كان في العناية المشددة، شعر أنه على وشك المغادرة، طلب آلة تسجيل مع كاسيت، مع شريط، بعد عدة أيام أعطوه مميعاً للدم، شعر بنشاط طلب الشريط وكسره، جاءته الثانية بعد ثمانية أشهر، وكانت القاضية، اعتبروا، الله أعطاه رسالة، لكن الله عز وجل يبعث رسالة واحدة وليس مئة رسالة، بعث رسالة، لو أنه تاب، تاب الله عليه . 

﴿فَانْتَقَمْنَا مِنْهُمْ﴾ على الشدة آمنوا، على الرخاء انتكثوا، إذاً ﴿فَانْتَقَمْنَا مِنْهُمْ﴾ نظرت إلى القانون؟ ﴿فَأَغْرَقْنَاهُمْ فِي الْيَمِّ﴾ وذكرت لكم أن سيدنا موسى تمنى على الله أن يرجع البحر بحراً، لئلا يتبعهم فرعون، وتصور أن يبقى فرعون في الضفة الأخرى يبقى عندئذٍ فرعون، أما الله عز وجل أبقى البحر طريقاً يبساً حتى أغرى فرعون أن يهبط إليه.


استدراج الإنسان المنحرف الضال المعتمد على قوته من قِبل الله عز وجل :


يعني الله عز وجل يستدرج الإنسان مهما يكون ذكياً، مع الله لا يوجد ذكي، يؤتى الحذر من مأمنه، يستدرج الإنسان المنحرف الضال، العاصي، وهو في قمة ذكائه، وفي بعض الأدعية: " واجعل تدميره في تدبيره " يجمع، يطرح، يقسم، يخطط، يعمل عملاً، نهايته في هذا العمل، " اجعل تدميرهم في تدبيرهم " ، مع الله لا يوجد ذكي .

 أحياناً يكون إنسان مختص باختصاص نادر جداً، عنده وهم أنه لن يصاب بمرض من اختصاصه، معظم الذين يعتدون بأموالهم، يصابون بمصائب لا تُحَل بالمال .

 شخص قال: الدارهم مراهم، هذه ليست آية ولا حديث، الدراهم مراهم، تُحل بها أية مشكلة، أقسم لي بالله بقي في المنفردة أربعة و ستين يوماً وبلا سبب، بلا سبب مقنع، وبلا تهمة ظاهرة، وفي هذه الأيام الـ64 يأتيه الخاطر في اليوم عشرة مرات، الدراهم مراهم ؟ تفضل حلّها .

 إياك أن تعتمد على مالك، ولا على قوتك، ولا على جاهك، ولا على صحتك، قال شخص: أنا لن أموت بسرعة، سألوه: قال: أنا وزني خفيف، رشيق، أكلي معتدل، كل طعامي صحي، أمشي كل يوم، وما عندي هموم، روحي مرحة، وكلامه علمي صحيح، هذا الكلام يقتضي أن يعيش مئة سنة، قالها السبت، السبت الثاني كان تحت التراب .

 إياك أن تعتد بشيء، لا بصحتك، ولا بعلمك، ولا بمالك، ولا تقول ابني، قد يذهب إلى بلاد بعيدة، ويتجنس، ويمنّ عليك باتصال بالسنة مرة، وضعت كل ما تملك من أجله لا تعلق على أحد أملاً. 

((  لو كنتُ متخذا من أُمَّتي خليلا لاتَّخذتُ أبا بكر، ولكن أخي وصاحبي  ))

[  أخرجه البخاري عن عبد الله بن عباس  ]


العاقل من اعتمد عليه في كل أموره :


 علق أملك بالله، وثقتك بالله، ولا تخف إلا الله، الشرك الجلي أن تخاف مما سوى الله، وأن تطيع ما سوى الله، وأن تتأمل ما عند غير الله، هذا الشرك الجلي. 

﴿فَانْتَقَمْنَا مِنْهُمْ﴾ لا يوجد ذكي عند الله عز وجل، وأقوى الأقوياء الذي هدم 70 ألف بيتاً في غزة، ويقول كلمات يصعب تصديقها، عجرفة، وكبر، وغطرسة، القتل عنده شيء ممتع، ولم يمت بعد، وأمد الله في عمره، الله كبير، أغنى الأغنياء في بريطانيا، كان يقرض الدولة، خزانته للمال غرفة فدخل إلى الخزانة، وأُغلِق الباب خطأ، وصاح، لم يسمعه أحد، إلى أن مات جوعاً، فجرح يده وكتب على الحائط أغنى إنسان يموت جوعاً.

 الباخرة التي كما قيل عنها في نشرة، لا يستطيع القدر إغراقها، غرقت في أول رحلة .

 المركبة المتحدي في أول رحلة بعد سبعين ثانية أصبحت كرة من اللهب، والثانية بعد عشر سنوات كولومبيا، في العودة أصبحت كرة من اللهب .

 لا تقل أنا، لا تعتمد لا على مالك، ولا على علمك، ولا على قوتك، اعتمد على الله .

 الصحابة الكرام هم نخبة البشر، اعتمدوا لا على نصر الله لهم، هذه قضية داخلية، غير معلنة، اعتمدوا على عددهم قال تعالى:

﴿ لَقَدْ نَصَرَكُمُ اللَّهُ فِي مَوَاطِنَ كَثِيرَةٍ ۙ وَيَوْمَ حُنَيْنٍ ۙ إِذْ أَعْجَبَتْكُمْ كَثْرَتُكُمْ فَلَمْ تُغْنِ عَنكُمْ شَيْئًا وَضَاقَتْ عَلَيْكُمُ الْأَرْضُ بِمَا رَحُبَتْ ثُمَّ وَلَّيْتُم مُّدْبِرِينَ (25)﴾

[  سورة التوبة  ]


من قال أنا تخلى الله عنه و من قال الله تولاه الله برحمته :


 أيها الإخوة، درسان بليغان جداً، إذا قلت أنا تخلى الله عنك، وإذا قلت الله تولاك، ملخص الملخص، تقول أنا بعلمي، باختصاصي، بمالي .

 إنسان جمع أموالاً طائلة بالملايين المملينة (القصة من خمسين سنة) عنده دار سينما، والأفلام فيها إثارة شديدة، والشباب أقبلوا عليها، وجمع أموالاً طائلة، ابن أخته تلميذ لي، أصابه مرض خبيث، رآه ابن أخته (وهو شاب بمقتبل حياته) يبكي، خفف عنه، قال له: أنا جمعت أموالاً طائلة حتى أتمتع بحياة مديدة، ها قد عاجلني المرض، وأنا سوف أموت، لأنك جمعت هذه الأموال على حساب أخلاق الشباب، دمرت الشباب .

 فالله عز وجل كبير، وعقابه شديد .

﴿  إِنَّ بَطْشَ رَبِّكَ لَشَدِيدٌ(12)﴾

[  سورة البروج  ]

 إذاً تقول الله يتولاك، تقول أنا يتخلى عنك، الصحابة قالوا الله في بدر الله نصرهم.

﴿  وَأَوْرَثْنَا الْقَوْمَ الَّذِينَ كَانُوا يُسْتَضْعَفُونَ مَشَارِقَ الْأَرْضِ وَمَغَارِبَهَا الَّتِي بَارَكْنَا فِيهَا وَتَمَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ الْحُسْنَى عَلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ بِمَا صَبَرُوا وَدَمَّرْنَا مَا كَانَ يَصْنَعُ فِرْعَوْنُ وَقَوْمُهُ وَمَا كَانُوا يَعْرِشُونَ(137)  ﴾

[  سورة الأعراف  ]


من عاد إلى الله و اصطلح معه تولاه الله بنصره :


مرة ثانية: 

﴿  إِنَّ فِرْعَوْنَ عَلَا فِي الْأَرْضِ وَجَعَلَ أَهْلَهَا شِيَعاً يَسْتَضْعِفُ طَائِفَةً مِنْهُمْ يُذَبِّحُ أَبْنَاءَهُمْ وَيَسْتَحْيِي نِسَاءَهُمْ إِنَّهُ كَانَ مِنَ الْمُفْسِدِينَ(4) وَنُرِيدُ أَنْ نَمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الْأَرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمُ الْوَارِثِينَ(5) وَنُمَكِّنَ لَهُمْ فِي الْأَرْضِ وَنُرِيَ فِرْعَوْنَ وَهَامَانَ وَجُنُودَهُمَا مِنْهُمْ مَا كَانُوا يَحْذَرُونَ(6)  ﴾

[  سورة القصص  ]

 لعل الله عز وجل ينتظر منا أن نكون كهؤلاء المستضعفين، أن نعود إلى الله، وأن نصطلح معه، وأن نتوب إليه، وأن نقيم الإسلام في بيوتنا، وفي أعمالنا، وفي منازلنا، وفي أنفسنا، لعل الله سبحانه وتعالى يمكننا كهؤلاء : 

﴿وَأَوْرَثْنَا الْقَوْمَ الَّذِينَ كَانُوا يُسْتَضْعَفُونَ مَشَارِقَ الْأَرْضِ وَمَغَارِبَهَا الَّتِي بَارَكْنَا فِيهَا﴾ يعني الشرق الأوسط .

﴿ سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَىٰ بِعَبْدِهِ لَيْلًا مِّنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِنْ آيَاتِنَا ۚ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ (1)﴾

[ سورة الإسراء  ]

 هذه بلاد الرسالات السماوية، هذه بلاد الأنبياء، بلاد الخير، بلاد الرحمة، بلاد الحياء، بلاد العدل، بلاد الإنصاف، الآن تشتعل ناراً، قدمنا للعالم نوراً، فأعادوه إلينا ناراً كما رأيتم.

﴿وَأَوْرَثْنَا الْقَوْمَ الَّذِينَ كَانُوا يُسْتَضْعَفُونَ مَشَارِقَ الْأَرْضِ وَمَغَارِبَهَا الَّتِي بَارَكْنَا فِيهَا وَتَمَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ الْحُسْنَى عَلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ بِمَا صَبَرُوا﴾ .


من طبق أمر الله و صبر تولى الله توفيقه و نصره :


 إخواننا الكرام، بشكل واضح جلي، محنة المسلمين تُحَل بكلمتين، لا ثالث لهما الأولى والثانية معاً :

﴿ إِن تَمْسَسْكُمْ حَسَنَةٌ تَسُؤْهُمْ وَإِن تُصِبْكُمْ سَيِّئَةٌ يَفْرَحُوا بِهَا ۖ وَإِن تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا لَا يَضُرُّكُمْ كَيْدُهُمْ شَيْئًا ۗ إِنَّ اللَّهَ بِمَا يَعْمَلُونَ مُحِيطٌ (120) ﴾

[  سورة آل عمران  ]

 وهذه الآية تُطبَّق جماعياً أو فردياً، أنت بضائقة، اصبر، اصبر وطبق أمر الله، وانظر كيف الله عز وجل يتولى توفيقك، اصبر والتزم، اصبر وأطع، أما اصبر واعصِ ما بعد الصبر والمعصية إلا القبر فقط ما من شيء ثانٍ، لكن بعد الطاعة والصبر النصر والتوفيق . 

﴿الَّتِي بَارَكْنَا فِيهَا وَتَمَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ الْحُسْنَى﴾ الكلمة الحسنى أن الله ينصر من ينصره. 

﴿عَلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ بِمَا صَبَرُوا وَدَمَّرْنَا مَا كَانَ يَصْنَعُ فِرْعَوْنُ وَقَوْمُهُ وَمَا كَانُوا يَعْرِشُونَ﴾ كل شيء مدمر، الفراعنة بمصر أين هم؟ انظر إلى آثارهم، لهم إنجازات مذهلة .

 وفي درس قادم إن شاء الله نتابع هذه القصة.

والحمد لله رب العالمين 

الاستماع للدرس

00:00/00:00

تحميل النص

إخفاء الصور