وضع داكن
29-03-2024
Logo
الخطبة : 1027 - أسباب البلاء.
   
 
 
 بسـم اللـه الرحمـن الرحيـم  
 

الخطبة الأولى
  الحمد لله نحمده، ونستعين به، ونسترشده، ونعوذ به من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مُضل له، ومن يضلل فلن تجد له ولياً مرشداً، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، إقراراً بربوبيته، وإرغاماً لمن جحد به وكفر، وأشهد أن سيدنا محمداً صلى الله عليه وسلم رسول الله، سيد الخلق و البشر، ما اتصلت عين بنظر، أو سمعت أذن بخبر، اللهم صلِ وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وأصحابه، وعلى ذريته ومن والاه، ومن تبعه إلى يوم الدين، اللهم علمنا ما ينفعنا، وانفعنا بما علمتنا، وزدنا علماً، وأرنا الحق حقاً وارزقنا اتباعه، وأرنا الباطل باطلاً وارزقنا اجتنابه، واجعلنا ممن يستمعون القول فيتبعون أحسنه، وأدخلنا برحمتك في عبادك الصالحين، أخرجنا من ظلمات الجهل والوهم إلى أنوار المعرفة والعلم، ومن وحول الشهوات إلى جنات القربات.

الكون

1 – ترسيخ النظام الكوني حركةً وسكونًا:

 أيها الإخوة الكرام، شهر وأسبوع لم ينزل من السماء قطرة مطر واحدة، والمواسم كلها مهددة، وأرزاق العباد معلّقة، وإن المتفكر في خلق السماوات والأرض يتبدى له من خلال جولته التأملية أن الله ثبت أشياء كثيرة منها النواميس والقوانين التي تحكم حركة الحياة، وثبت خصائص الأشياء التي نتعامل معها، وثبت دورة الأفلاك المحيطة بنا.

 

2 – تسخير الكون انتفاعا وتعريفا:

 كل ذلك ترسيخاً للنظام الكوني، وتحقيقاً لتسخير الأشياء لنا كي ننتفع بها في حياتنا الدنيا، ولكي ترشدنا إلى ربنا فنعرفه، ونطيعه، ونسلم، ونسعد بقربه في الدنيا والآخرة، وحرك أشياء قليلة منها الصحة منها الرزق منها الأمطار لتكون وسائل لتربيتنا والأخذ بيدنا إلى الله و إلى جنته، فالإنسان حريص على وجوده و على سلامة وجوده و على كمال وجوده و على استمرار وجوده و على رزقه.

 

 

3 – التقنين الإلهي تأديب وتربية لا تقنين عجز وبُخلٍ:

 ومن الثابت، وهذه حقيقة كبرى من الثابت أن التقنين الإلهي هو تقنين تأديب وتربية لا تقنين عجز وبخل، قال تعالى:

 

 

﴿ وَلَوْ بَسَطَ اللَّهُ الرِّزْقَ لِعِبَادِهِ لَبَغَوْا فِي الْأَرْضِ وَلَكِنْ يُنَزِّلُ بِقَدَرٍ مَا يَشَاءُ إِنَّهُ بِعِبَادِهِ خَبِيرٌ بَصِيرٌ﴾

[ سورة الشورى: 27]

 وقال تعالى:

 

﴿ وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا عِنْدَنَا خَزَائِنُهُ وَمَا نُنَزِّلُهُ إِلَّا بِقَدَرٍ مَعْلُومٍ ﴾

[ سورة الحجر: 21]

 بل إن الله سبحانه و تعالى يسوق لعباده شدة بما كسبت أيديهم، ويعفو عن كثير، قال عز وجل:

 

﴿ مَا يَفْعَلُ اللَّهُ بِعَذَابِكُمْ إِنْ شَكَرْتُمْ وَآمَنْتُمْ ﴾

[ سورة النساء: 147]

 وقال عز وجل:

 

﴿ وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَنْ كَثِيرٍ ﴾

[ سورة الشورى: 30]

 هذه حقائق قرآنية قد تبدو مُرة، لكنها أفضل ألف مَرة من الوهم المريح.

 

خمسة أشياء إذا وقعت فانتظروا البلاء

 أيها الإخوة الكرام، روى ابن ماجة و البزار والبيهقي عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ قَالَ: أَقْبَلَ عَلَيْنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ:

 

 

1 – ظهور الأمراض والأوجاع بظهور الفاحشة:

 

(( يَا مَعْشَرَ الْمُهَاجِرِينَ، خَمْسٌ إِذَا ابْتُلِيتُمْ بِهِنَّ وَأَعُوذُ بِاللَّهِ أَنْ تُدْرِكُوهُنَّ ـ ما هي الخمس ـ لَمْ تَظْهَرِ الْفَاحِشَةُ فِي قَوْمٍ قَطُّ حَتَّى يُعْلِنُوا بِهَا إِلا فَشَا فِيهِمُ الطَّاعُونُ وَالأَوْجَاعُ الَّتِي لَمْ تَكُنْ مَضَتْ فِي أَسْلافِهِمِ... ))

 لي كلمة أرددها كثيراً: كلما اتسعت الصحون على السطوح ضاقت صحون المائدة، وكلما رخص لحم النساء علا لحم الضأن، وكلما قل ماء الحياء قلّ ماء السماء.

 

(( لَمْ تَظْهَرِ الْفَاحِشَةُ فِي قَوْمٍ قَطُّ حَتَّى يُعْلِنُوا بِهَا إِلا فَشَا فِيهِمُ الطَّاعُونُ وَالأَوْجَاعُ الَّتِي لَمْ تَكُنْ مَضَتْ فِي أَسْلافِهِمِ... ))

 طريق قصير في ظاهر دمشق فيه تسعون ملهًى ليليًا، على ضفاف الأنهار، على ضفاف الماء الذي هو أصل الحياة، تقام الملاهي الليلية، وتعلمون ما في هذه الملاهي من معاص وآثام.

 

 

2 – التطفيف في المكيال سببٌ للضيق الاقتصادي وظلم الحكام:

 

(( وَلَمْ يَنْقُصُوا الْمِكْيَالَ وَالْمِيزَانَ إِلا أُخِذُوا بِالسِّنِينَ وَشِدَّةِ الْمَئُونَةِ وَجَوْرِ السُّلْطَانِ عَلَيْهِمْ ))

3 – منع الزكاة سببٌ لمنع الغيث من السماء:

(( وَلَمْ يَمْنَعُوا زَكَاةَ أَمْوَالِهِمْ إِلا مُنِعُوا الْقَطْرَ مِنَ السَّمَاءِ وَلَوْلا الْبَهَائِمُ لَمْ يُمْطَرُوا ))

4 – تنقض عهد الله ورسوله سببٌ لتسلّط العدوِّ:

(( وَلَمْ يَنْقُضُوا عَهْدَ اللَّهِ وَعَهْدَ رَسُولِهِ إِلا سَلَّطَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ عَدُوًّا مِنْ غَيْرِهِمْ فَأَخَذُوا بَعْضَ مَا فِي أَيْدِيهِمْ... ))

 الكتل النقدية الكبيرة التي يملكها المسلمون تنتقل إلى الغرب بطريقة أو بأخرى.

 

5 – الحكم بغير ما أنزل الله سببٌ للتناحر والتقاتل:

 

(( وَمَا لَمْ تَحْكُمْ أَئِمَّتُهُمْ بِكِتَابِ اللَّهِ وَيَتَخَيَّرُوا مِمَّا أَنْزَلَ اللَّهُ إِلا جَعَلَ اللَّهُ بَأْسَهُمْ بَيْنَهُمْ ))

 رأيتم هذا في العراق وفي لبنان، واليوم في فلسطين بأسهم بينهم.

 

سؤال: ما العمل بعد نزول المصيبات ؟

 ما العمل أيها الإخوة بعد نزول المصائب ؟

 

 

إجابة القرآن

 

1 ـ الرجوع إلى الله:

 القرآن الكريم يجيب عن هذا السؤال:

 

﴿ وَلَنُذِيقَنَّهُمْ مِنَ الْعَذَابِ الْأَدْنَى دُونَ الْعَذَابِ الْأَكْبَرِ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ﴾

[ سورة السجدة: 21]

 الهدف أن نرجع إليه، الهدف أن نعود إليه، أن نصطلح معه، أن نقيم الإسلام في نفوسنا، وفي بيوتنا، وفي أعمالنا، لأن الله عز وجل يقول:

 

﴿ وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنْتَ فِيهِمْ ﴾

[ سورة الأنفال: 33]

2 ـ إقامة سنة النبي عليه الصلاة والسلام:

 الآية واضحة جداً في حياة النبي صلى الله عليه وسلم، لكن معناها الدقيق بعد انتقال النبي إلى الرفيق الأعلى، كيف يعذبهم إذا كنت فيهم ؟ إذا كانت سنتك في بيوتهم في تربية أولادهم، في خروج بناتهم، في حجاب زوجاتهم، في مناسباتهم الاجتماعية، في سهراتهم، في ندواتهم، في أحزانهم، في أفراحهم، في أسواقهم، في أعمالهم، في تجارتهم، في وظائفهم.

 

﴿ وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنْتَ فِيهِمْ ﴾

[ سورة الأنفال: 33]

3 ـ الاستغفار:

 أيها الإخوة الكرام، إذا زلت أقدامهم، وانحرفت مسيرتهم فأمامهم فرصة ثمينة أخرى يأمنون بها عذاب الله إنها الاستغفار، قال تعالى:

 

﴿ يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُمْ مِدْرَاراً * وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَلْ لَكُمْ جَنَّاتٍ وَيَجْعَلْ لَكُمْ أَنْهَاراً﴾

[ سورة نوح ]

الآيات الرابطة بين الاستغفار والرزق الوفير

 أيها الإخوة الكرام، الله عز وجل ربط بين الاستغفار والرزق الوفير، وفي القرآن مواضع متكررة فيها هذا الارتباط الدقيق بين صلاح القلوب وتيسير الأرزاق، وهذا كلام الله، ولا يستطيع إنسان على وجه الأرض أن يقول في الدين برأيه، الدين مصيري، هذا كلام خالق السماوات والأرض:

 

الآية الأولى:

 

﴿ وَأَنْ لَوِ اسْتَقَامُوا عَلَى الطَّرِيقَةِ لَأَسْقَيْنَاهُمْ مَاءً غَدَقاً * لِنَفْتِنَهُمْ فِيهِ﴾

[ سورة الجن ]

الآية الثانية:

﴿ وَأَنِ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ يُمَتِّعْكُمْ مَتَاعاً حَسَناً إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى وَيُؤْتِ كُلَّ ذِي فَضْلٍ فَضْلَهُ وَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنِّي أَخَافُ عَلَيْكُمْ عَذَابَ يَوْمٍ كَبِيرٍ﴾

[ سورة هود: 3]

الآية الثالثة:

﴿ وَلَوْ أَنَّهُمْ أَقَامُوا التَّوْرَاةَ وَالْإِنْجِيلَ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِمْ مِنْ رَبِّهِمْ لَأَكَلُوا مِنْ فَوْقِهِمْ وَمِنْ تَحْتِ أَرْجُلِهِمْ ﴾

[ سورة المائدة: 66]

تحقيق العبادة الحقيقية سبب للرزق والأمن

 أيها الإخوة الكرام، ما من أمة اتقت ربها وعبدته، وأقامت شريعته فحققت العدل والأمن للناس جميعاً إلا فاضت فيها الخيرات، ومكن الله لها في الأرض، واستخلفها على خلقه قيادة وهداية، وبدل خوفها أمناً، قال تعالى:

 

﴿ كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ وَنَبْلُوكُمْ بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ فِتْنَةً وَإِلَيْنَا تُرْجَعُونَ﴾

[ سورة الأنبياء: 35]

سؤال في لباس شبهة

1 ـ لماذا كان حالة الكفار المادية في رخاء ؟!

 ولكن قد يقفز إلى أذهانكم هذا السؤال: نشهد في بعض الفترات أمماً لا تتقي الله، ولا تقيم شرعه وهي مع هذا موسّع عليها في الرزق، ممكَّن لها في الأرض.

 

2 ـ هذا هو الجواب فافهموه:

 لكن هذا إنما هو الابتلاء، ثم هو بعد ذلك رخاء ظاهري، تأكله آفات الاختلال الاجتماعي، والانحدار الأخلاقي، فقد صرح مسؤول كبير في العالم الغربي أنّ هناك أخطاراً كبيرة تهدد المجتمع الغربي، منها تفكك الأسرة، وشيوع الجريمة، وانتشار المخدرات، وسقوط القيم، وانتشار الأمراض الفتاكة، قال تعالى:

 

 

﴿ وَمَا أَرْسَلْنَا فِي قَرْيَةٍ مِنْ نَبِيٍّ إِلَّا أَخَذْنَا أَهْلَهَا بِالْبَأْسَاءِ وَالضَّرَّاءِ لَعَلَّهُمْ يَضَّرَّعُونَ * ثُمَّ بَدَّلْنَا مَكَانَ السَّيِّئَةِ الْحَسَنَةَ حَتَّى عَفَوْا وَقَالُوا قَدْ مَسَّ آبَاءَنَا الضَّرَّاءُ وَالسَّرَّاءُ فَأَخَذْنَاهُمْ بَغْتَةً وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ﴾

[ سورة الأعراف ]

 هذا جوابه:

 

﴿ فَلَمَّا نَسُوا مَا ذُكِّرُوا بِهِ فَتَحْنَا عَلَيْهِمْ أَبْوَابَ كُلِّ شَيْءٍ حَتَّى إِذَا فَرِحُوا بِمَا أُوتُوا أَخَذْنَاهُمْ بَغْتَةً فَإِذَا هُمْ مُبْلِسُونَ﴾

[ سورة الأنعام: 44]

 نحن في العناية المشددة إن شاء الله، لأن فينا بقية خير، أما إذا شرد الإنسان عن الله شرود البعير، أعطاه سؤله، وماله في الآخرة من خلاق.

 

مراحل تعامل الله مع عباده

 أيها الإخوة الكرام، بادئ ذي بدء تعامل الله مع عباده وفق هذه المراحل:

 

 

المرحلة الأولى: الدعوة البيانية:

 الدعوة البيانية خطبة تلقى، درس يلقى، شريط يُسمع، كتاب يقرأ، موعظة يصغى إليها، دعوة بيانية وأنت صحيح معافى، أكمل موقف لك في الدعوة البيانية أن تستجيب لله، قال تعالى:

 

 

﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُمْ لِمَا يُحْيِيكُمْ ﴾

[ سورة الأنفال: 24]

 إلى الحياة الحقيقية، حياة القلب، حياة المبادئ، حياة القيم، حياة العمل الصالح،

﴿ فَإِنْ لَمْ يَسْتَجِيبُوا فَاعْلَمْ أَنَّمَا يَتَّبِعُونَ أَهْوَاءَهُمْ ﴾

 ليس هناك حالة ثالثة، فإما أن تستجيب لله، وإما أنك متبع للهوى، إن لم تكن على خط الاستجابة أنت على خط اتباع الهوى.

 

المرحلة الثانية: المعالجة:

 فإن لم نستجب أخضعنا الله لمرحلة ثانية، تماماً كالطبيب الذي يقول لمن معه التهاب حاد في المعدة: لا بد من حمية قاسية وإلا لا بد من عملية جراحية، أما الذي معه ورم خبيث منتشر في أنحاء جسمه فيقول له الطبيب: كُلْ ما تشاء، وليس هناك طعام محرم عليك، قال تعالى:

 

 

﴿ فَلَمَّا نَسُوا مَا ذُكِّرُوا بِهِ فَتَحْنَا عَلَيْهِمْ أَبْوَابَ كُلِّ شَيْءٍ حَتَّى إِذَا فَرِحُوا بِمَا أُوتُوا أَخَذْنَاهُمْ بَغْتَةً فَإِذَا هُمْ مُبْلِسُونَ﴾

[ سورة الأنعام: 44]

المرحلة الثالثة: العناية المشددة:

 أما الذين فيهم خير، أما الذين هم في العناية المشددة، فإما أن تخضع لحمية قاسية، أو لا بد من عمل جراحي، يقول الله عز وجل:

 

﴿ فَإِنْ لَمْ يَسْتَجِيبُوا لَكَ فَاعْلَمْ أَنَّمَا يَتَّبِعُونَ أَهْوَاءَهُمْ﴾

[ سورة القصص: 50]

﴿ وَلَنُذِيقَنَّهُمْ مِنَ الْعَذَابِ الْأَدْنَى دُونَ الْعَذَابِ الْأَكْبَرِ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ﴾

[ سورة السجدة: 21]

﴿ وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِنَ الْخَوْفِ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِنَ الْأَمْوَالِ وَالْأَنْفُسِ وَالثَّمَرَاتِ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ * الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ * أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ﴾

[ سورة البقرة ]

المرحلة الرابعة: القصم:

 أيها الإخوة الكرام، أما حينما نرى أن الله يؤتي أمة من الأمم كل ما تشتهي، وهي في غاية المعصية فلا بد لها من قصم، قال تعالى:

 

﴿ فَلَمَّا نَسُوا مَا ذُكِّرُوا بِهِ فَتَحْنَا عَلَيْهِمْ أَبْوَابَ كُلِّ شَيْءٍ حَتَّى إِذَا فَرِحُوا بِمَا أُوتُوا أَخَذْنَاهُمْ بَغْتَةً فَإِذَا هُمْ مُبْلِسُونَ﴾

[ سورة الأنعام: 44]

من نتائج الإيمان والتقوى والاستقامة

1 – سلامة الفطرة وأجهزة الاستقبال:

 أيها الإخوة الكرام، الإيمان الصحيح دليل سلامة الفطرة، وسلامة أجهزة الاستقبال، وصواب في الإدراك الإنساني، هذه كلها من مؤهلات النجاح في الحياة الواقعية.

 

2 – تحقيق وجهة واحدة في الاستخلاف في الأرض:

 الإيمان بالله قوة دافعة دافقة تجمع جوانب الكيان البشري كلها، وتتجه بها إلى وجهة واحدة لتحقيق مشيئة الله للإنسان في خلافة الأرض وعمارتها، وفي دفع الفساد والفتنة عنها، وفي ترقية الحياة ونمائها، وهذه كلها من مؤهلات النجاح في الحياة الواقعية.

 

 

3 – تحرر من العبودية والهوى:

 الإيمان بالله تحرر من العبودية والهوى من العبودية للعبيد، ومن العبودية للأهواء.

 

 

4 – الإيمان قيدٌ من التهور والاندفاع السلبي:

 أيها الإخوة الكرام، تقوى الله تعني يقظة واعية تصون من الاندفاع والتهور، والشطط والغرور، وتوجه الجهد البشري في حذر وتحرج، فلا يعتدي، ولا يتهور، ولا يتجاوز حدود النشاط الصالح.

 

 

5 – بركات السماء والأرض:

 أيها الإخوة الكرام، عن ثوبان رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:

 

(( استقيموا، ولن تحصوا ))

[ ابن ماجه ]

 أي: ولن تحصوا الخيرات
 بركات من السماء والأرض:

 

﴿ وَأَنْ لَوِ اسْتَقَامُوا عَلَى الطَّرِيقَةِ لَأَسْقَيْنَاهُمْ مَاءً غَدَقاً﴾

[ سورة الجن: 16]

﴿ وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَرَكَاتٍ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ ﴾

[ سورة الأعراف: 96]

ما هي بركات السماء والأرض

 أيها الإخوة الكرام، ما هي بركات الأرض ؟ الرزق، إن الرزق من بركات السماء والأرض، متاع طيب، رخاء، رغد في الدنيا، زادٌ إلى الآخرة، والرزق في أبواب كل شيء، كالذين هم خارج العناية المشددة، فهُم مسار قلق وخوف.
 عندنا مصطلحان: بركات من السماء والأرض، مصطلح آخر أبواب كل شيء، نأخذ بنداً بُنداً.
 ـ الرزق في بركات من السماء والأرض متاع طيب ورخاء ورغد في الدنيا وزاد إلى الآخرة.
 ـ والرزق في أبواب كل شيء مسار قلق وخوف، مسار حسد وبغض، وقد يكون معه الحرمان ببخل أو مرض، وقد يكون معه التلف بإفراط واستهتار.
 ـ الذرية في بركات السماء والأرض زينة الحياة الدنيا، مصدر فرح واستمتاع، ومضاعفة للأجر في الآخرة بالذرية الصالحة.
 ـ والذرية في أبواب كل شيء بلاء ونكد، وعنت وشقاء، وسهر بالليل وتعب بالنهار.
 ـ الصحة والعافية في بركات من السماء والأرض نعمة وحياة طيبة.
 ـ والصحة والعافية في أبواب كل شيء بلاء يسلطه الله على الصحيح المعافى فينفق الصحة والعافية فيما يحطم الجسد، ويفسد الروح، ويذخر السوء إلى يوم الحساب.
 ـ إن الجاه والقوة في بركات من السماء والأرض أداة إصلاح، ومصدر أمن، ووسيلة لادخار الطيب الصالح من العمل والأثر والجاه.
 والقوة في أبواب كل شيء مصدر للقلق على فوته، ومصدر الطغيان، وبغي، ومصدر حقد وكراهية، لا يقر لصاحبها قرار، ويدخر بها للآخرة رصيداً ضخماً إلى النار.
 البركة أيها الإخوة تكون مع القليل إذا أحسنا الانتفاع به، وكأن معه الصلاح والأمن، والرضا والارتياح، وكم من أمة غنية قوية، ولكنها تعيش في شقوة، مهددة في أمنها، مقطعة الأواصل فيما بينها يسود الناس فيها القلق وينتظرها الانحلال فهي قوة بلا أمن، متاع بلا رضا، وفرة بلا صلاح، وهو حاضر زاه يترقبه مستقبل نكد، هو الابتلاء الذي يعقبه النكال، إن البركات الحاصلة مع الإيمان والتقوى بركات في الأشياء وبركات في النفوس وبركات في المشاعر.

 

أسباب ريادة الرزق

 أيها اخوة الكرام، هل من أسباب لزيادة الرزق ؟

 

 

1 – إقامة الصلاة وأمر الأهل بإقامتها:

 يقول الله عز وجل:

 

 

﴿ وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلَاةِ وَاصْطَبِرْ عَلَيْهَا لَا نَسْأَلُكَ رِزْقاً نَحْنُ نَرْزُقُكَ ﴾

[ سورة طه: 132]

 بيت تقام فيه الصلوات الخمس، محل تجاري يصلي أفراده الصلوات الخمس، الصلاة أحد أسباب زيادة الرزق.

 

2 – الشُّكرُ:

 قال تعالى:

 

 

﴿ وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ وَلَئِنْ كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذَابِي لَشَدِيدٌ﴾

[ سورة إبراهيم: 7]

3 – صلة الرحم:

 عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:

 

(( مَنْ سَرّهُ أَنْ يُبْسَطَ لَهُ فِي رِزْقِهِ أَوْ يُنْسَأَ لَهُ فِي أَثَرِه فَلْيَصِلْ رَحِمَهُ ))

 أحد أسباب زيادة الرزق صلة الأرحام.

 

 

4 – الصدقة:

 في الحديث الشريف:

 

 

(( استنزلوا الرزق بالصدقة ))

 

[الجامع الصغير]

 يعني داووها بالتي كانت هي الداء، مع أنك في شدة شديدة ادفع صدقة، فالله سبحانه وتعالى يجعلها سبباً لرزق وفير.

 

5 – الأمانة:

 يقول عليه الصلاة والسلام:

 

 

(( الأمانة غنىً ))

 

[ القضاعي عن أنس ]

6 – ا الإتقان:

 في أيام الكساد أصحاب المصالح الذين يتقنون عملهم لا يتوقفون أبداً:

 

(( إن الله يحب إذا عمل أحدكم عملاً أن يتقنه ))

 

[ الجامع الصغير عن عائشة ]

إنزال المطر بيد الله وحده

 أيها الإخوة، وقد تنقطع أسباب الرزق بانقطاع الأمطار، فتغور الينابيع، وتجف الأنهار، وييبس الزرع، ويموت الضرع، ويهدد الإنسان بافتقاد كأس الماس، ولقمة العيش، ويجد نفسه مضطراً أن يخرج من أرضه الجدباء مشرداً ـ نعوذ بالله أن نصاب بذلك ـ وأن يغادر بيته الخاوي هائماً على وجهه، وقد شرع لنا رسول الله صلى الله عليه صلاة الاستسقاء طلباً للرحمة والإغاثة بإنزال المطر، الذي هو حياة كل شيء، من يملك ذلك، ويقدر عليه ؟ لو أن الأمم المتحدة قاطبة اجتمعت، واتخذت قراراً بإنزال المطر هل تستطيع ؟ هذا أمر بيد الله وحده، أحياناً ينزل في ليلة واحدة ما يساوي أمطار دمشق طوال العام ، تقنين الله تقنين تأديب لا تقنين عجز.
 أيها الإخوة الكرام، قرأت مرة بحثاً علمياً أن مرصداً عملاقاً رصد سحابة في الفضاء الخارجي يمكن أن تملأ بحار الأرض ستين مرة في اليوم الواحد بالمياه العذبة، قال تعالى:

 

﴿ وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا عِنْدَنَا خَزَائِنُهُ ﴾

[ سورة الحجر: 21]

مشروعية صلاة الاستسقاء بالنص والإجماع

 أيها الإخوة، ثبتت مشروعية صلاة الاستسقاء بالنص وبالإجماع:

 

النص القرآني:

 أما النص فقوله تعالى:

 

 

﴿ فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّاراً * يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُمْ مِدْرَاراً * وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَلْ لَكُمْ جَنَّاتٍ وَيَجْعَلْ لَكُمْ أَنْهَاراً﴾

[ سورة نوح ]

الأحاديث النبوية:

 كما استدل بعمل النبي صلى الله عليه وسلم وخلفائه، والمسلمين من بعده، فقد وردت الأحاديث الصحيحة في استسقائه صلى الله عليه وسلم:

 

الحديث الأول:

عن أنس بن مالك قال:

 

 

(( كان النبي صلى الله عليه وسلم يخطب يوم الجمعة فقام الناس فصاحوا، فقالوا: يا رسول الله، قحط المطر، واحمرت الشجر، وهلك البهائم، فادع الله أن يسقينا ؟ فقال: اللهم اسقنا، مرتين، وايم الله، ما نرى في السماء قزعة من سحاب ولا غيمة، فنشأت سحابة، وأمطرت، ونزل عن المنبر فصلى، فلما انصرف لم تزل السماء تمطر إلى الجمعة التي تليها، فلما قام النبي صلى الله عليه وسلم يخطب صاحوا إليه، يا رسول الله، تهدمت البيوت، وانقطعت السبل، فادع الله أن يحبسها عنا، فتبسم النبي صلى الله عليه وسلم، ثم قال: اللهم حوالينا ولا علينا، فكشطت المدينة فجعلت تمطر حولها، ولا تمطر بالمدينة قطرة، فنظرت إلى المدينة وإنها لفي مثل الإكليل من النبات الأخضر ))

 

[ متفق عليه ]

لا بد من توبة نصوح قبل الاستسقاء:

 والله الذي لا إله إلا هو لو أننا تبنا إلى الله، قد يقول أحدكم: علينا أن نصلي صلاة الاستسقاء، هذا كلام طيب، وهذا من السنة، ولكن ما لم يسبق هذه الصلاة توبة نصوح، ما لم ندع المنكرات، وأكل المال الحرام، والاختلاط، ومتابعة هذه الأفلام التي تهد كيان الأسرة، ما لم نتب إلى الله، ما لم نرجع إليه، ما لم نستقم على أمره، ما لم نحرر دخولنا، ما لم نضبط بيوتنا، ما لم نقم الإسلام في أعمالنا، وبعدها إذا صلينا صلاة الاستسقاء فالاستجابة حتمية، لأن الله سبحانه وتعالى ينتظرنا، ينتظر أن ندعوه.

 

الحديث الثاني:

 أيها الإخوة الكرام، وعن عائشة رضي الله عنها قالت:

 

 

(( شكا الناس إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم قحوط المطر، فأمر بمنبر فوضع له بالمصلى، ووعد الناس يوماً يخرجون فيه، قالت عائشة: خرج رسول الله صلى الله عليه حين بدا حاجب الشمس متواضعاً متبذلاً، متخشعاً مترسلاً متضرعاً، فقعد على المنبر، فكبر، وحمد الله عز وجل، ثم قال: إنكم شكوتم جدب دياركم، واستئخار المطر عن إبان زمانه عنكم، وقد أمركم الله عز وجل أن تدعوه، ووعدكم أن يستجيب لكم، ثم قال: الحمد لله رب العالمين، الرحمن الرحيم، مالك يوم الدين، لا إله إلا الله، يفعل ما يريد، اللهم أنت الله لا إله إلا أنت، أنت الغني، ونحن الفقراء، أنزل علينا الغيث من السماء، واجعل ما أنزلت لنا قوة وبلاغاً إلى حين، ثم رفع يديه، فلم يزل في الرفع حتى بدا بياض إبطيه، ثم حول إلى الناس ظهره، وقلب، أو حول رداءه، وهو رافع يديه، ثم أقبل على الناس، ونزل فصلى ركعتين، فأنشأ الله سحابة فرعدت، وبرقت، ثم أمطرت بإذن الله، فلم يأت مسجده حتى سالت السيول، فلما رأى سرعتهم إلى الكنّ ضحك حتى بدت نواجذه، فقال: أشهد أن الله على كل شيء قدير، وأني عبد الله ورسوله ))

 

[ أبو داود ]

الحديث الثالث:

 وعن زيد بن خالد الجهني أنه قال:

 

(( صلى لنا رسول الله صلى الله عليه صلاة الصبح بالحديبية على أثر سماء كانت من الليلة، فلما انصرف أقبل على الناس فقال: هل تدرون ماذا قال ربكم ؟ قالوا: الله ورسوله أعلم ـ الآن دققوا، يقع بعض المستمعين لنشرات الأخبار في وهمٍ شِرْكيّ، يقول لك: منخفض جوي متمركز فوق قبرص متوجه إلى القطر يصل بعد يومين، الإنسان ينسى أن الله عز وجل ساق هذا المنخفض، يتوهم أن منخفضاً جوياً في طريقه إلينا، والأمطار قادمة، وينسى الله عز وجل يقول: هل تدرون ماذا قال ربكم ؟ قالوا: الله ورسوله أعلم، قال: أصبح من عبادي مؤمن بي وكافر، فأما من قال: مُطِرنا بفضل الله ورحمته فذلك مؤمن بي كافر بالكواكب، وأما من قال: بنوء كذا وكذا فذلك كافر بي مؤمن بالكواكب ))

 قبل سنوات عديدة مديدة زارني أخ كريم يعمل في الحوض المائي لدمشق، وحدثني حديثاً والله ما تمكنت أن أقف، أن دمشق مهددة بالجفاف التام، ولا بد من أن تهجر، قال لي: مستوى المياه في حوض دمشق بلغ مستوى ما بلغه من مئة عام، في العام الذي يليه نزل في دمشق ثلاثمئة وخمسين مليمتراً، هناك ينابيع غارت من ثلاثين عاماً تفجرت مياه منطقة المنين، ووصلت إلى برزة، نبع الصاحب تفجر بعد أن جفّ جفافاً تاماً، الله على كل شيء قدير، قادر أن ينزل في ليلة واحدة ما نحتاجه في عام بأكمله.
 أيها الإخوة الكرام، يقول الله عز وجل:

 

 

﴿ وَهُوَ الَّذِي يُنَزِّلُ الْغَيْثَ مِنْ بَعْدِ مَا قَنَطُوا وَيَنْشُرُ رَحْمَتَهُ وَهُوَ الْوَلِيُّ الْحَمِيدُ﴾

[ سورة الشورى: 28]

 قال ابن عباس: << إن للحسنة نوراً في القلب، وضياءً في الوجه، وقوة في البدن، وزيادة في الرزق، ومحبة في قلوب الخلق، وإن للسيئة سواداً في الوجه، وظلمة في القلب، ووهناً في البدن، ونقصاً في الرزق، وبغضاً في قلوب الخلق >>.
 أيها الإخوة الكرام، إن شاء الله عز وجل الخطبة القادمة عن المياه، وعن خطر هذه المادة التي جعل الله منها كل شيء حي، وعن خصائص المياه، وعن إعجاز القرآن الكريم حينما ذكر المياه.
 حاسبوا أنفسكم قبل أن تحاسبوا، وزنوا أعمالكم قبل أن توزن عليكم، واعلموا أن ملك الموت قد تخطانا إلى غيرنا، وسيتخطى غيرنا إلينا، فلنتخذ حذرنا، الكيس من دان نفسه، وعمل لما بعد الموت، والعاجز من أتبع نفسه هواها، وتمنى على الله الأماني، والحمد لله رب العالمين.

 

* * *

الخطبة الثانية
 الحمد لله رب العالمين، وأشهد أن لا إله إلا الله ولي الصالحين، وأشهد أن سيدنا محمداً عبده ورسوله صاحب الخلق العظيم، اللهم صل و سلم وبارك على سيدنا محمد و على آله و صحبه أجمعين.

ماذا علينا فعله قبل صلاة الاستسقاء ؟

 أيها الإخوة الكرام، مرة ثانية انتهى إلى علمي، ولست متأكداً أنه في القريب العاجل ستقام صلاة الاستسقاء، ولكن أقول لكم من أعماق قلبي: هذه الصلاة مع أنها سنة مشروعة إلا أنها مقيدة بالتوبة، مقيدة بالصلح مع الله، مقيدة بإزالة المنكرات، مقيدة بانضباط البيوت، مقيدة بانضباط الدخل، فإذا أردنا أن يمن الله علينا، وأن يحفظ لنا بلادنا مما يجري حولنا، وأن يمدنا بماء وفير، ورزق كريم فعلينا بالصلح مع الله، والتوبة النصوح، فالله سبحانه وتعالى يتوب على من يشاء من عباده، و

﴿ إِنّ اللهَ لاَ يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتّى يُغَيّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ ﴾

 إذا كنا في شدة فالله لا يغير إن لم نغير، وإذا كنا في رخاء إن لم نغير الله لا يغير، هذا قانون بسيط جداً يفهمه كل الناس:

﴿إِنّ اللهَ لاَ يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتّى يُغَيّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ ﴾

 فحتى يغيّر لا بد من أن نغيّر، وإذا كنا في راحة، وفي أمان، وفي رزق، ينبغي أن نغير حتى يغير.

 

الدعاء

 أيها الإخوة الكرام، إني داع بدعاء النبي صلى الله عليه وسلم في الاستسقاء:
 لحمد لله رب العالمين، الرحمن الرحيم، مالك يوم الدين، اللهم أنت الله لا إله إلا أنت، تفعل ما تريد، اللهم لا إله إلا أنت، أنت الغني، ونحن الفقراء، اللهم إنك أمرتنا بدعائك، ووعدتنا إجابتك، فقد دعوناك كما أمرتنا، فأجبنا كما وعدتنا، أنزل علينا الغيث من السماء، واجعل ما أنزلته علينا قوة لنا، وبلاغاً إلى حين، اللهم اسقنا غيثاً مغيثاً هنيئاً مريئاً مريعاً غدقاً مجلّلاً، سحاً عاماً طبقاً، دائماً نافعاً غير ضار، عاجلاً غير آجل، اللهم اسقنا الغيث، ولا تجعلنا من القانطين، اللهم إن في البلاد والعباد والخلق من اللأواء والضنك مالا نشكوه إلا إليك، اللهم أنبت لنا الزرع، وأدِر لنا الضرع، واسقنا من بركات السماء، وأنبت لنا من بركات الأرض، اللهم إنا نستغفرك إنك كنت غفاراً، فأرسل السماء علينا مدراراً، اللهم حوالينا ولا علينا، اللهم على الآكام والجبال والضراب وبطون الأودية ومنابت الشجر، اللهم سقيا رحمة، ولا سقيا عذاب، ولا بلاء، ولا هدم، ولا غرق، اللهم ارفع عنا الجهد والجوع، والعري، واكشف عنا من البلاء ما لا يكشفه غيرك، اللهم بفضلك ورحمتك أعل كلمة الحق والدين، وانصر الإسلام وأعز المسلمين، وأذل الشرك والمشركين، دمر أعداءك أعداء الدين، انصر إخوتنا المؤمنين في أفغانستان وفي العراق وفي فلسطين وفي لبنان، انصرهم على أعدائك وأعدائهم يا رب العالمين، إنك على ما تشاء قدير، وبالإجابة جدير.

 

الاستماع للدرس

00:00/00:00

تحميل النص

إخفاء الصور