وضع داكن
29-03-2024
Logo
الخطبة : 1035 - التعامل اليومي في البيع والشراء2 - الغش وكثرة الحلف
   
 
 
 بسـم اللـه الرحمـن الرحيـم  
 

الخطبة الأولى
الحمد لله نحمده، ونستعين به، و نسترشده، ونعوذ به من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مُضل له، ومن يضلل فلن تجد له ولياً مرشداً، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، إقراراً بربوبيته، وإرغاماً لمن جحد به وكفر، وأشهد أن سيدنا محمداً صلى الله عليه وسلم رسول الله، سيد الخلق و البشر، ما اتصلت عين بنظر، أو سمعت أذن بخبر، اللهم صلِ وسلم وبارك على سيدنا محمد، وعلى آله وأصحابه، وعلى ذريته، ومن والاه، ومن تبعه إلى يوم الدين، اللهم علمنا ما ينفعنا، وانفعنا بما علمتنا، وزدنا علماً، وأرنا الحق حقاً وارزقنا اتباعه، وأرنا الباطل باطلاً وارزقنا اجتنابه، و اجعلنا ممن يستمعون القول فيتبعون أحسنه، وأدخلنا برحمتك في عبادك الصالحين، أخرجنا من ظلمات الجهل والوهم إلى أنوار المعرفة والعلم، ومن وحول الشهوات إلى جنات القربات.

مقدمة

البيع والشراء نشاط يلي نشاط المؤمن العبادي
أيها الإخوة الكرام، متابعةً لخطبة سابقة تحدثت فيها عن أن النشاط الذي يلي نشاط المؤمن في معرفته لربه، ومعرفته لمنهج ربه، وحمل نفسه على طاعة ربه، والتقرب إلى ربه، النشاط الذي يلي هذا النشاط البيع والشراء، ما منا واحد على الإطلاق إلا يشتري أو يبيع، ولو لم يكن تاجراً، فإذا كان تاجراً فهذه الخطبة والتي سبقت من أهم موضوعات الفقه بالنسبة إليه، لأن هذا العلم دين، ولأن سيدنا عمر رضي الله عنه يقول لابنه عبد الله: << ابن عمر، دينك، دينك، إنه لحمك ودمك، خذ عن الذين استقاموا، ولا تأخذ عن الذين مالوا >>.

 

 

 

حقيقتان مهمتان بين يدي الخطبة

 

 

 

الحقيقة الأولى: الدين ليس في المسجد:

في المسجد تتعلم دينك وفي عملك مكان تدينك الحقيقي
الدين ليس في المسجد، ولكن في مكان العمل، أنت في المسجد في خطبة، أو في درس تتلقى التعليمات من عند خالق الأرض والسماوات، وإذا صليت في المسجد تقبض الجائزة إن كنت مستقيماً ومطبقاً لما قاله الله عز وجل.
المسجد مكان لتلقي التعليمات، ثم لقبض الجائزة، أما مكان التدين الحقيقي فهو في دكانك، في حقلك، في مكتبك، في مكتب المحاماة، في عيادة الطبيب، في المكتب التجاري، كل دقائق الدين التعاملية تظهر هناك.

 

 

 

الحقيقة الثانية: الإنسان إما بائعٌ وإمّا مشترٍ:

لذلك أيها الإخوة، إن كنت إنساناً عادياً فهذه الخطبة تعنيك، لأنه لا بد من أن تشتري، وتعنيك أيضاً لأنه لا بد من أن تبيع، أما إذا كنت تاجراً فينبغي أن تعنيك آلاف الأضعاف، لأن عملك اليومي هو البيع والشراء، وهذا البيع والشراء إن كان فيه ظلم، أو تدليس، أو كذب، فإن الظلم ظلمات يوم القيامة.

 

 

 

 

الغشّ: المعول الهدام

الموضوع الذي نتابعه اليوم هو الغش.

 

 

1 – الغشُّ ظلمٌ، والظلمُ وظلمات في الدنيا:

الغش ظلم
أيها الإخوة الكرام، كل عمل تضر به أخاك المسلم فهو ظلم له، والظلم ظلمات يوم القيامة، وإن سألتني عن قاعدة مؤصلة للكسب الحلال أقل لك: المنافع المتبادلة، إذا بنيت منفعة على منفعة، وإن سألتني عن قاعدة مؤصلة للكسب الحرام أقل لك: إذا بنيت منفعة على مضرة، إن بنيت منفعة على مضرة فالكسب حرام، وإن بنيت منفعة على منفعة فالكسب حلال، فالظلم ظلمات يوم القيامة، بل ظلمات في القلب، و ظلمات في القبر، و ظلمات يوم الحشر، يقول عليه الصلاة والسلام في الحديث الصحيح عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ:

 

 

(( اتَّقُوا الظُّلْمَ، فَإِنَّ الظُّلْمَ ظُلُمَاتٌ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ))

 

[ مسلم ]

2 – الغاشُّ لا نور له يوم القيامة:

أيها الأخ الكريم، نحن يوم القيامة في أمسّ الحاجة إلى النور:

﴿ نُورُهُمْ يَسْعَى بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَبِأَيْمَانِهِمْ ﴾

( سورة التحريم: من الآية 8 )

لكن الذي ظلم أخاه في الدنيا، وغشه، ودلس عليه، وكتم عيب البضاعة ليس أمامه نور يهتدي به:

﴿ ظُلُمَاتٌ بَعْضُهَا فَوْقَ بَعْضٍ إِذَا أَخْرَجَ يَدَهُ لَمْ يَكَدْ يَرَاهَا ﴾

( سورة النور: من الآية 40 )

3 – قاعدة مهمة في أصول المعاملات: عامل الناس كما تحب أن يعاملوك به:

القاعدة التي لا تخيب، ولا تضعف من آدم إلى يوم القيامة: عامل الناس كما تحب أن يعاملوك، أتحب أن تغش ؟ أتحب أن يكذب عليك ؟ أتحب أن تشتري مركبة فيها عيب خطير، لكنك لم تكشف العيب ؟ أتحب أن تشتري بيتاً وله مشكلة كبيرة في أساساته ؟ أتحب أن تقتني شيئاً وقد كتم عنك البائع عيباً خطيراً فيه ؟ لذلك عامل الناس كما تحب أن يعاملوك، فانصح أخاك المسلم، وبيِّن له العيوب، والله عز وجل يرزقك، وهو علام الغيوب.

4 – قاعدة مهمة في أصول البيوع: الْبَيِّعَانِ بِالْخِيَارِ مَا لَمْ يَتَفَرَّقَا:

عَنْ حَكِيمِ بْنِ حِزَامٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:

(( الْبَيِّعَانِ ـ يعني المشتري والبائع، أو البائع والمشتري ـ بِالْخِيَارِ مَا لَمْ يَتَفَرَّقَا، أَوْ قَالَ: حَتَّى يَتَفَرَّقَا، فَإِنْ صَدَقَا، وَبَيَّنَا بُورِكَ لَهُمَا فِي بَيْعِهِمَا، وَإِنْ كَتَمَا، وَكَذَبَا مُحِقَتْ بَرَكَةُ بَيْعِهِمَا ))

[ متفق عليه ]

5 – مال الغاشِّ ممحوق، معدوم البَركة:

الأرباح قد تنتقل إلى الصحة، إلى معالجة الأمراض، قد تذهب الأموال مصادرة، وهناك ألف طريق وطريق يمكن أن يتلف المال بها، وأنت في أمسّ الحاجة إليه.

(( الْبَيِّعَانِ بِالْخِيَارِ مَا لَمْ يَتَفَرَّقَا، أَوْ قَالَ: حَتَّى يَتَفَرَّقَا، فَإِنْ صَدَقَا، وَبَيَّنَا بُورِكَ لَهُمَا فِي بَيْعِهِمَا، وَإِنْ كَتَمَا، وَكَذَبَا مُحِقَتْ بَرَكَةُ بَيْعِهِمَا ))

صور الغش وأنواعه التي يجب تجنبها

1 –الثناءِ على السلعة بما ليس فيها:

أيها الإخوة الكرام، هذا يقتضي أولاً ألا تثني على السلعة بما ليس فيها، إنتاج بلد حديث عهد بالصناعة تقول إنها: مصنوعة في أوربا، أو في بلد عريق في الصناعة، إذا مدحت البضاعة بما ليس فيها، ويكون الخيط صناعيا، وتقول أنت: إنه خيط طبيعي، أو الحليب المجفف تقول عنه: حليب طازج، أنت حينما تثني على البضاعة بما ليس فيها فقد دخلت في الغش.

هؤلاء هم أفضل التجار، وكسبهم أفضل كسب

لذلك ورد في الأثر:

(( إن أطيب الكسب كسب التجار ؛ الذين إذا حدثوا لم يكذبوا، وإذا وعدوا لم يخلفوا، وإذا ائتمنوا لم يخونوا، وإذا اشتروا لم يذموا، وإذا باعوا لم يطروا ـ يمدحوا ـ وإذا كان لهم لم يعسروا، وإذا كان عليهم لم يمطلوا ))

[ الجامع الصغير عن معاذ بسند ضعيف ]

أعيد الحديث مرة ثانية:

(( إن أطيب الكسب كسب التجار ؛ الذين إذا حدثوا لم يكذبوا، وإذا وعدوا لم يخلفوا، وإذا ائتمنوا لم يخونوا، وإذا اشتروا لم يذموا، وإذا باعوا لم يطروا، وإذا كان لهم لم يعسروا، وإذا كان عليهم لم يمطلوا ))

الغش كذب، والكذب من صفات المنافقين

الكذب خصلة من خصال المنافقين
أيها الإخوة الكرام، لذلك أكبر بلد إسلامي في العالم الإسلامي الذي يعدّ سكانه مئتين وخمسين مليونا دخل في الإسلام عن طريق التجار، لذلك: التاجر الصدوق مع النبيين والصديقين والشهداء يوم القيامة، لأنه من أكبر الدعاة إلى الله، باع سلعة جيدة بسعر، معتدل بمعاملة طيبة، فكان مثلاً أعلى للمسلم.
ينبغي ألا نثني على السلعة بما ليس فيها، فإنه كذب، والكذب حرام، وهو ممحق للبركة، والمسلم أخو المسلم لا يكذبه.
ثم إن الكذب خصلة من خصال المنافقين، فعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ:

 

(( أَرْبَعٌ مَنْ كُنَّ فِيهِ كَانَ مُنَافِقًا خَالِصًا، وَمَنْ كَانَتْ فِيهِ خَصْلَةٌ مِنْهُنَّ كَانَتْ فِيهِ خَصْلَةٌ مِنْ النِّفَاقِ حَتَّى يَدَعَهَا، إِذَا اؤْتُمِنَ خَانَ، وَإِذَا حَدَّثَ كَذَبَ، وَإِذَا عَاهَدَ غَدَرَ، وَإِذَا خَاصَمَ فَجَرَ ))

 

[ متفق عليه ]

الغش خيانة

إذا كذبت على أخيك، وكان مسترسلاً، أي ضعيف الخبرة في الشراء، أو في هذه البضاعة، إذا كذبت على أخيك، وصدقك فأنت بذلك خائن، لقول النبي صلى الله عليه وسلم:

(( كَبُرَتْ خِيَانَةً أَنْ تُحَدِّثَ أَخَاكَ حَدِيثًا هُوَ لَكَ بِهِ مُصَدِّقٌ، وَأَنْتَ لَهُ بِهِ كَاذِبٌ ))

[ أبو داود عَنْ سُفْيَانَ بْنِ أَسِيدٍ الْحَضْرَمِيِّ ]

2 – عدمُ إظهارِ جميع عيوب السلعة:

لابد من إظهار كل عيوب السلعة
الشيء الثاني: أن تظهر جميع عيوب السلعة، خفيّها وجليّها، ولا تكتم منها شيئاً تعلمه، وذلك واجب، قال عليه الصلاة والسلام:

 

(( الْمُسْلِمُ أَخُو الْمُسْلِمِ، لَا يَحِلُّ لِمُسْلِمٍ بَاعَ مِنْ أَخِيهِ بَيْعًا فِيهِ عَيْبٌ إِلَّا بَيَّنَهُ لَهُ ))

 

[ابن ماجه عن عقبة بن عامر ]

ليكون البيع حلالاً.
وذكرت لكم في خطبة سابقة أنني أعرف إنساناً استطاع بذكاء منقطع النظير أن يخفي عيباً خطيراً في مركبته، وباعها بسعر جيد، وذهب في اليوم التالي، واشترى سيارة لم يركبها أحد قبله، وبعد يومين واللهِ أصيب بحادث مٌحقَت فيه المركبة، الله كبير.

احذروا لأنه: من غشّ فليس منّا

لاتخفي عيبا خطيرا أو غير خطير عن سلعة تبيعها
إياك أن تخفي عيباً خطيراً أو غير خطير عن سلعة تبيعها، فإن أخفيت هذا العيب كنت ظالماً وغاشاً، والغش حرام، ومن غشنا فليس منا، وفي هذا رد خطير، فقد برئت منه ذمة الله، وخرج من دين الإسلام، فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ:

 

(( وَمَنْ غَشَّنَا فَلَيْسَ مِنَّا ))

 

[ مسلم ]

أما إذا جاءك مشترٍ ليس مسلماً، فتراها فرصة مواتية، فقد قال عليه الصلاة والسلام:

(( مَنْ غَشَّ فَلَيْسَ مِنَّا ))

[ الترمذي عن أبي هريرة]

مَنْ غَشَّ مطلقاً، ولو غششت مجوسياً، فلست مِن ملة سيدنا محمد بنص هذا الحديث:

((... وَمَنْ غَشَّنَا فَلَيْسَ مِنَّا ))

(( مَنْ غَشَّ فَلَيْسَ مِنَّا ))

عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ

(( أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَرَّ عَلَى صُبْرَةٍ مِنْ طَعَامٍ فَأَدْخَلَ يَدَهُ فِيهَا، فَنَالَتْ أَصَابِعُهُ بَلَلًا، فَقَالَ: يَا صَاحِبَ الطَّعَامِ، مَا هَذَا ؟ قَالَ: أَصَابَتْهُ السَّمَاءُ يَا رَسُولَ اللَّهِ، قَالَ: أَفَلَا جَعَلْتَهُ فَوْقَ الطَّعَامِ حَتَّى يَرَاهُ النَّاسُ ؟ ثُمَّ قَالَ: مَنْ غَشَّ فَلَيْسَ مِنَّا ))

[ الترمذي ]

إخفاء العيب ترك للنصيحة

أيها الإخوة، إخفاء العيب ترك للنصح الواجب بين المسلمين، وقد قال عليه الصلاة والسلام:

(( الدِّينُ النَّصِيحَةُ ))

[ مسلم عن تميم الداري ]

عَنْ جَرِيرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ:

(( بَايَعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى إِقَامِ الصَّلَاةِ، وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ، وَالنُّصْحِ لِكُلِّ مُسْلِمٍ ))

[ البخاري ومسلم ]

3 – عدمُ صحةِ الوزن والمكيال والقياس:

من أنواع الغش ألا يكون الوزن صحيحا
من أنواع الغش ألا يكون الوزن صحيحاً، ولا المكيال صحيحاً، ولا الطول صحيحاً، لذلك يقول الله عز وجل:

 

﴿ وَيْلٌ لِلْمُطَفِّفِينَ ﴾

 

[ سورة المطففين: 1]

هذه السورة وردت ضمن سياق مكي، كل سور الجزء الأخير مكية، وتتحدث عن الكون، فإذا بسورة يبدو أنها مقحمة، وهي ليست كذلك، لكن علماء التفسير قالوا: إذا كان إنكار حق مسلم من خلال الغش والتطفيف يوجب الهلاك، فكيف بإنكار حق الواحد الديان الذي منحك نعمة الإيجاد، ونعمة الإمداد، ونعمة الهدى والرشاد، قال تعالى:

﴿ وَيْلٌ لِلْمُطَفِّفِينَ (1) الَّذِينَ إِذَا اكْتَالُوا عَلَى النَّاسِ يَسْتَوْفُونَ ﴾

[ سورة المطففين 1 - 2]

إذا كان الكيل للبائع أخذ حقه وزيادة، وإن كان الكيل لغيره قلّل مِن حقّ الغير بأساليب لا مجال إلى إدراجها.
مئة ألف بند ينطوي تحت هذه الآية، قال تعالى:

﴿ وَيْلٌ لِلْمُطَفِّفِينَ (1) الَّذِينَ إِذَا اكْتَالُوا عَلَى النَّاسِ يَسْتَوْفُونَ (2) وَإِذَا كَالُوهُمْ أَوْ وَزَنُوهُمْ يُخْسِرُونَ (3) أَلَا يَظُنُّ أُولَئِكَ أَنَّهُمْ مَبْعُوثُونَ (4) لِيَوْمٍ عَظِيمٍ (5) يَوْمَ يَقُومُ النَّاسُ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ (6) ﴾

( سورة المطففين )

هذه أمور لا بد أن تعلمهاأيها الغاشّ

1 – الغش لا يزيد في الرزق، بل يمحقه:

أيها الإخوة الكرام، الآن إخفاء العيوب في السلع، وترويجها، والثناء عليها بما ليس فيها، وعدم العدل في الكيل والوزن وسائر المقادير لا يزيد في الرزق بل يمحقه، مليون باب لإتلاف المال.
لي قريب توفاه الله عز وجل، حدثني عن جار له جاءته مركبة يحتاج إصلاحُها إلى دقائق أوهم صاحبها أن بها خللاً خطيراً يحتاج إصلاحها إلى أيام ثلاثة، وطلب منه مبلغ مئة ضعف عما يحتاج، عشرة آلاف ليرة، والقصة قبل عشرين سنة، صدق هذا صاحب المركبة، وغاب عنه ثلاثة أيام، وقال لي: أول يوم أخذ بها أهله إلى مصيف جميل، واليوم الثاني على طريق المطار، واليوم الثالث إلى مكان آخر، أصلحها بدقائق، واستخدمها أياماً ثلاثة، وقبض مبلغاً فلكياً، هذا القريب ـ رحمه الله ـ يقسم لي بالله العظيم أنه بعد أيام دخلت نثرة من فولاذ في عين ابنه، أخذه إلى لبنان، وكلفته العملية الجراحية مبلغا خمسة أضعاف الذي غش به صاحب المركبة، الله عز وجل قادر أن يتلف المال كله، بحريق أحياناً، بمصادرة أحياناً، بمخالفة لم تكن تحسبها المال كله يصادر، لذلك الظلم ظلمات يوم القيامة.

2 – لا خسارة مع الطاعة، ولا ربح مع المعصية :

الغش يمحق الرزق
الشيء الآخر، هذا العمل إخفاء العيب، والثناء على البضاعة بما ليس فيها، وعدم العدل في الكيل والوزن، وسائر المقادير لا يزيد الرزق، بل يمحقه، لأنه من ابتغى أمراً بمعصية كان أبعد مما رجا، وأقرب مما اتقى، أراد الربح فخسر، ومستحيل وألف ألف مستحيل أن تعصي الله وتربح، ومستحيل وألف ألف مستحيل أن تطيعه وتخسر، قد تربح لأمد قصير، لكن هذا المال الذي ربحته يمحقه الله عز وجل.
والله التقيت مع إنسان توفي ـ رحمه الله ـ قال لي: أنا عمري ست وتسعون سنة أجريت تحليلات كاملة، كلها طبيعية، ثم قال لي: والله ما أكلت في حياتي درهماً حراماً، يا بني حفظناها في الصغر فحفظها الله علينا في الكبر، والله عز وجل يبين في القرآن الكريم ، والنبي يبين في السنة أنه لا تزيد المعصية المال إلا نقصاً، وما تجمع من الغش والتلبيس يهلكه الله دفعة واحدة، لأن المال لا يزيد من خيانة، ولا ينقص من صدق، ومن لا يعرف الزيادة والنقص إلا بالميزان لم يكن عاقلاً.

 

3 – الربح الحقيقي يوم القيامة:

الشيء الآخر: أن يعلم المؤمن أن ربح الآخرة، وغناها خير من ربح الدنيا، وأن فوائد المال في الدنيا تنقضي بانقضاء العمر، وتبقى مظالمها وأوزارها، فكيف يستجيز العاقل أن يستبدل الذي هو أدنى بالذي هو خير، والخير كله في سلامة الدين.

 

 

تفنى اللذة ممن نال شهوتـه من الحرام ويبقى الإثم والعـار
تبقى عواقب سوء في مغبتها لا خير فـي لذة من بعدها النار

أيها الإخوة الكرام، ولا تنسوا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:

 

 

(( من قال: لا إله إلا الله مخلصاً دخل الجنة قيل: وما إخلاصها ؟ قال: أن تحجزه عن محارم الله ))

 

[رواه الطبراني في الأوسط والكبير ]

وإلا كأنك لم تقلها، إذا قلت، أو جاءك وسواس من الشيطان: إذا بينت عيوب السلعة فلم تشترَ قيل لك: ليس الأمر كذلك، إذا شرط التاجر المسلم الذي يخاف الله واليوم الآخر، إذا اشترط على نفسه ألا يشتري للبيع إلا الجيد الذي يرتضيه لنفسه لو أمسكه عندئذ تباع سلعته.
حدثني أخ يحضر معنا عنده قطع تبديل، وهناك قطعة غالية جداً ليست أصلية، ليست من بلد المنشأ، بقيت عنده سبع سنوات ينقلها من جرد إلى جرد، مبلغها كبير، قال لي: بعد سبع سنوات جاء من يطلبها، وأنا أحاول أن أقدمها له قال لي: هل هي أصلية ؟ قلت له: لا، قال هاتها، كلمة واحدة كان البيع حراماً فأصبح حلالاً.

4 – إذا بارك الله لك في مالك حفظ لك صحتك:

أقل خلل بالصحة يحتاج إلى ملايين
أيها الإخوة الكرام، إذا بارك الله لك في مالك حفظ لك صحتك، أقلّ خلل في الصحة يحتاج إلى ملايين، فشل كلوي، تشمع كبد، خثرة في الدماغ، احتشاء في القلب، أي خطأ يحتاج إلى ملايين، ويقلب حياة الإنسان إلى جحيم، والظلم ظلمات يوم القيامة، ودينك ليس أن تأتي المسجد، دينك في مركز عملك، دينك في حقل لا ترش النباتات بهرمونات مسرطنة، دينك في تجارتك، لا تبع شيئاً فاسداً، دينك في مكتب المحاماة، لا توهم الموكل أن دعواه رابحة، وقد تعلم علم اليقين أنها خاسرة، ولن تربح، لكن تماطله لسنوات عديدة، لا تكبر المرض على المريض، اتق الله، ولا تحتاج إلى دعاء أحد.
أحياناً أكثر اتصال هاتفي يقال فيه: ادع لنا أستاذ، فمرة طلب حاكم من عالم كبير أن يدعو له، فقال له: لا تظلم، ولست محتاجاً إلى دعائي، انتهى الأمر، استقم كما أمرت، ولا تحتاج إلى دعاء أحد.

 

حفظ الأيمان في البيوع

أيها الإخوة الكرام، الموضوع الثاني: واحفظوا أيمانكم، يقول الله عز وجل:

 

 

﴿ إِنَّ الَّذِينَ يَشْتَرُونَ بِعَهْدِ اللَّهِ وَأَيْمَانِهِمْ ثَمَناً قَلِيلاً أُولَئِكَ لَا خَلَاقَ لَهُمْ فِي الْآخِرَةِ وَلَا يُكَلِّمُهُمُ اللَّهُ وَلَا يَنْظُرُ إِلَيْهِمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلَا يُزَكِّيهِمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ ﴾

 

( سورة آل عمران: 77 )

عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ:

(( الْحَلِفُ مُنَفِّقَةٌ لِلسِّلْعَةِ مُمْحِقَةٌ لِلْبَرَكَةِ ))

[ البخاري ]

لا تحلف من أجل بيع بضاعتك
لذلك جزاء من يبيع سلعته بالحلف الكاذب أنه لا حظ له من خيرات الآخرة، ولا نصيب له من نعيم الجنة، وأن الله عز وجل لا يكلمه بما يسرُّه، وأن الله عز وجل لا يعطف عليه بخير، مقتاً من الله له، وأن الله سبحانه وتعالى لا يطهره من دنس الذنب، وأن له عذاباً أليماً موجعاً.

 

﴿ إِنَّ الَّذِينَ يَشْتَرُونَ بِعَهْدِ اللَّهِ ﴾

 

( سورة آل عمران )

مرة يحلف بالأمانة، ومرة بالكعبة، ومرة بالمصحف، ومرة بالنبي، وتقسم له أنك اشتريتها بهذا الثمن، والذي قلته ليس صحيحاً، من أجل أن تبيعها.
عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي أَوْفَى رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ

(( أَنَّ رَجُلًا أَقَامَ سِلْعَةً وَهُوَ فِي السُّوقِ، فَحَلَفَ بِاللَّهِ لَقَدْ أَعْطَى بِهَا مَا لَمْ يُعْطِ، لِيُوقِعَ فِيهَا رَجُلًا مِنْ الْمُسْلِمِينَ، فَنَزَلَتْ: ﴿ إِنَّ الَّذِينَ يَشْتَرُونَ بِعَهْدِ اللَّهِ وَأَيْمَانِهِمْ ثَمَنًا قَلِيلًا ﴾))

[ أخرجه البخاري ]

أيها الإخوة الكرام، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ يَقُولُ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:

(( ثَلَاثَةٌ لَا يَنْظُرُ اللَّهُ إِلَيْهِمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، وَلَا يُزَكِّيهِمْ، وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ: رَجُلٌ كَانَ لَهُ فَضْلُ مَاءٍ بِالطَّرِيقِ فَمَنَعَهُ مِنْ ابْنِ السَّبِيلِ، وَرَجُلٌ بَايَعَ إِمَامًا لَا يُبَايِعُهُ إِلَّا لِدُنْيَا، فَإِنْ أَعْطَاهُ مِنْهَا رَضِيَ، وَإِنْ لَمْ يُعْطِهِ مِنْهَا سَخِطَ، وَرَجُلٌ أَقَامَ سِلْعَتَهُ بَعْدَ الْعَصْرِ فَقَالَ: وَاللَّهِ الَّذِي لَا إِلَهَ غَيْرُهُ لَقَدْ أَعْطَيْتُ بِهَا كَذَا وَكَذَا، فَصَدَّقَهُ رَجُلٌ، ثُمَّ قَرَأَ هَذِهِ الْآيَةَ: ﴿ إِنَّ الَّذِينَ يَشْتَرُونَ بِعَهْدِ اللَّهِ وَأَيْمَانِهِمْ ثَمَنًا قَلِيلًا ﴾ ))

[ البخاري]

وعَنْ أَبِي ذَرٍّ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ:

(( ثَلَاثَةٌ لَا يُكَلِّمُهُمْ اللَّهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، وَلَا يَنْظُرُ إِلَيْهِمْ، وَلَا يُزَكِّيهِمْ، وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ، قَالَ: فَقَرَأَهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثَلَاثَ مِرَارًا، قَالَ أَبُو ذَرٍّ: خَابُوا وَخَسِرُوا، مَنْ هُمْ يَا رَسُولَ اللَّهِ ؟ قَالَ: الْمُسْبِلُ، وَالْمَنَّانُ، وَالْمُنَفِّقُ سِلْعَتَهُ بِالْحَلِفِ الْكَاذِبِ ))

[أخرجه مسلم، وأبو داود، والترمذي]

والحديث الذي رويته قبل قليل:

(( الحلِفُ مَنْفَقَةٌ لِلسِّلْعَةِ، مَمْحَقَةٌ لِلْكَسْبِ ))

[البخاري ومسلم]

الدين خارج المسجد

أيها الإخوة الكرام، بقيت موضوعات كثيرة نعالجها في خطب قادمة إن شاء الله، ولكن لا بد من أن أؤكد ما بدأت به خطبتي من أن دينك في بيتك، يقول عليه الصلاة والسلام:

(( خيرُكُم خيرُكُم لأهْلِهِ، وأنا خيرُكُم لأهْلِي ))

إسناد صحيح

أطب مطعمك تكن مستجاب الدعوة
سلوكك خارج البيت نوع من الذكاء، نوع من أصول العمل، وانتزاع إعجاب الآخرين، أما في البيت فلا رقيب عليك إلا الله، فدينك في بيتك، ودينك في دكانك، وفي عملك، وفي وظيفتك، هذا الذي أمامك مواطن جاء من حلب تقول له: تعال غداً لأنك تدير حديثاً ممتعاً مع موظفة، وسوف ينام في الفندق، ويدفع آلاف الليرات، وبإمكانك أن تجيبه في ثانية واحدة، أو أن تنتقل إلى غرفة ثانية، أو إلى الخزانة، وأنت كموظف تحاسب عن كل ما تسيء به للمواطنين، تقول: الدخل لا يكفي، إذاً قدم استقالتك، لا بد من أن يكون الدخل حلالاً بأداء الواجب أداءً صحيحاً.
لذلك أيها الإخوة الكرام، أطب مطعمك تكن مستجاب الدعوة، أن يكون الطعام طيباً، أي أن تشتريه بمال حلال، وهناك ـ والله ولا أبالغ ـ مئات معاصي البيع والشراء، الكذب والتدليس، والاحتكار والإيهام، وأن تبيع على بيع أخيك، وأن تستخدم أسلوب النجس، النجش لم أخطئ إنه أسلوب النجش، لأن هذا الأسلوب نجس، أن توهم الشاري أنك تريد أن تشتري هذه البضاعة بأعلى من ثمنها كي يثبت البيع.

 

العبرة بالمعاملات لا بالمظاهر والشكليات

أيها الإخوة الكرام، الحقيقة أن المسلمين حينما هان أمر الله عليهم هم يصلون، ويذهبون إلى العمرة، ويحجون، ويصومون، ولكن لأنهم في العبادات التعاملية مقصرون، هان أمر الله عليهم فهانوا على الله.
ومرة أخيرة أقول لكم: لا تقبل العبادات الشعائرية، ولا تصح إلا إذا صحت العبادات التعاملية، وترك درهم من حرام خير من ثمانين حجة بعد حجة الإسلام، ولأن أمشي مع أخ في حاجته خير لي من صيام شهر واعتكافه في مسجدي هذا، إن الله لا ينظر على صوركم، لباس إسلامي رائع، ومعطر بالمسك، ومعك مسبحة، ومعك مسواك في الطرف الثاني، هذا كله مظهر إسلامي، وواضع في السيارة المصحف، وفي محلك التجاري:

 

﴿ إنا فتحنا لك فتحاً مبينا ﴾

الطبيب يكتب في عيادته:

﴿ وإذا مرضت فهو يشفين ﴾

كل هذه اللافتات واللوحات والتبركات ؛ إن لم تستقم على أمر الله فلا تنفعك شيئاً، ولا تحميك إطلاقاً من عقاب الله عز وجل ، تعامل مع الله بوضوح، لو أنك انتزعت فتوى من إنسان يعمل في الحقل الديني، وليس متمرساً بالفتوى، وأنت وضعت هذه المخالفة في رقبته، هذا وهمٌ، لو تمكنت أن تنتزع فتوى من فم رسول الله وهو المعصوم، وهو سيد الخلق وحبيب الحق، ولم تكن مستقيماً، ولم تكن محقاً لا تنجو من عذاب الله.
عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ:

(( إِنَّكُمْ تَخْتَصِمُونَ إِلَيَّ، وَلَعَلَّ بَعْضَكُمْ أَلْحَنُ بِحُجَّتِهِ مِنْ بَعْضٍ، فَمَنْ قَضَيْتُ لَهُ بِحَقِّ أَخِيهِ شَيْئًا بِقَوْلِهِ فَإِنَّمَا أَقْطَعُ لَهُ قِطْعَةً مِنْ النَّارِ فَلَا يَأْخُذْهَا ))

[ البخاري]

أيها الإخوة الكرام، معظم الأسئلة التي تأتيني بالهاتف: مخالفة صريحة، أكل مال حرام صريح، يريد أن يقنعني أنه يفعل عملاً صحيحاً كي يضع إثم هذا العمل في رقبة المفتي، وهذا لن يكون، ولن يكون إطلاقاً، لأن الإنسان يحاسب عن عمله، معه فتوى أو ليس معه فتوى، والفتوى لا تحل الحرام.
أقول قولي هذا، وأستغفر الله العظيم لي ولكم فاستغفروه يغفر لكم، فيا فوز المستغفرين.

 

* * *

الخطبة الثانية
الحمد لله رب العالمين، وأشهد أن لا إله إلا الله ولي الصالحين، وأشهد أن سيدنا محمداً عبده ورسوله صاحب الخلق العظيم، اللهم صل و سلم وبارك على سيدنا محمد و على آله و صحبه أجمعين.

ما ترك عبد شيئا لله إلا عوضه الله خيرا منه في دينه ودنياه

طريقك سالك إلى الله إذا لم تغش
أيها الإخوة، أذكركم بأنه ما ترك عبد شيئاً لله إلا عوضه الله خيراً منه في دينه ودنياه، صفقة فيها شبهة، بيع في تدليس، بيع شيء غالٍ جداً فيه كتم عيب، ما ترك عبد شيئاً لله إلا عوضه الله خيراً منه في دينه ودنياه، لكن العلماء الذين يتحدثون عن علاقة العبد بربه علماء القلوب، والسالكون إلى الله يؤكدون أن الإنسان حينما يحتال في مثل هذه الموضوعات يحجب عن الله، وأكبر عقاب يعاقب به الإنسان أن يكون محجوباً عن الله، قال تعالى:

 

﴿ كَلَّا إِنَّهُمْ عَنْ رَبِّهِمْ يَوْمَئِذٍ لَمَحْجُوبُونَ (15) ﴾

 

( سورة المطففين )

وبإمكانك أن تعد الصلاة ميزاناً، فإذا بعت بيعاً، وصليت، وأقبلت على الله، وخشعت في صلاتك فالطريق سالك إلى الله، والخط مفتوح مع الله، أما إذا غششت مسلماً، أو كذبت عليه، أو بينت بياناً كاذباً للبضاعة، أو بعت شيئاً وصفته بأوصاف ليس متحققاً فيه عندئذ لا تنجو من عذاب الله، وأقلّ أنواع العذاب أن يحجبك عنه، أليس هذا أكبر عقاب يعاقب به إنسان سلك إلى الله ؟

﴿ كَلَّا إِنَّهُمْ عَنْ رَبِّهِمْ يَوْمَئِذٍ لَمَحْجُوبُونَ (15) ﴾

( سورة المطففين )

استنبط قواعد من حركة الحياة

والآن دقق بين أن تستنبط قواعد من حركة الحياة في أي مكان، هناك غش مضمون تبيع بيعاً مخيفاً، هذا الذي تستنبطه من حركة الحياة إذا كان مخالفاً لمنهج الله قد تربح كثيراً لأمد قصير , وبعدها يبدأ العقاب , أما حينما تستقيم على أمر الله يخضعك الله لقوانين أخرى , أنا أسميها قوانين العناية الإلهية , لذلك تأتيك الدنيا وهي راغمة.
والله أيها الإخوة , في هذا المجال والله معي آلاف القصص , والله آلاف القصص الصارخة , حينما استقمت على أمر الله , وخفت أن تغش جاءك من يشتري السلعة , ويعلم عيبها , واشتراها على عيبها بسعر أغلى، ما ترك عبد شيئاً لله إلا عوضه الله خيراً منه في دينه ودنياه.
أعرف إنسانا حديث عهد بتجارة معينة , ناشئ , دخل على تاجر مستورد كبير , عرض عليه قماشا , هذا التاجر استورد القماش، وعرضه 8.5 ما بيع معه ب 8، 7.5، 7، 6.5، 6، 5.5، 5، ما بيع معه، فجاءه تاجر ناشئ خبرته ضعيفة جداً، قال: له بكم ؟ قال له: 8.5، قال: اشتريت، قال له: نقدي، قال: اشتريت، قال له: والله لن أبيعك هذه الصفقة، لأنها سبب إفلاسك في المستقبل، اذهب أنت لا تعرف، أنا عرضتها 5.5، وما بيعت معي دينًا، اشتراها 8.5 نقدا، والله أنقذ دينه بهذا الموقف، وترك البيعة، رأى أن هذا الشاب سوف يفلس، عرضت 5.5 ما أحد اشتراها، طلب منه 8.5 دفعها مباشرة ونقدا، قال له: اذهب، والله لن أبيعك إياها، ولن أبيع ديني.
حينما تخاف الله والله يفتح عليك من أبواب الرزق ما لا يوصف، لكن تحتاج إلى إيمان، وإلى موقف جيد.

الدعاء

اللهم اهدنا فيمن هديت، وعافنا فيمن عافيت، وتولنا فيمن توليت، وبارك لنا فيما أعطيت، وقنا واصرف عنا شر ما قضيت، فإنك تقضي بالحق، ولا يقضى عليك، وإنه لا يذل من واليت، ولا يعز من عاديت، تباركت ربنا وتعاليت، ولك الحمد على ما قضيت، نستغفرك و نتوب إليك، اللهم اهدنا لصالح الأعمال لا يهدي لصالحها إلا أنت، اللهم اهدنا لأحسن الأخلاق لا يهدي لأحسنها إلا أنت، اللهم أصلح لنا ديننا الذي هو عصمة أمرنا، وأصلح لنا دنيانا التي فيها معاشنا، وأصلح لنا آخرتنا التي إليها مردنا، واجعل الحياة زاداً لنا من كل خير، واجعل الموت راحة لنا من كل شر، مولانا رب العالمين، اللهم اكفنا بحلالك عن حرامك، وبطاعتك عن معصيتك، وبفضلك عمن سواك، اللهم بفضلك ورحمتك أعل كلمة الحق والدين، وانصر الإسلام، وأعز المسلمين، وأذل الشرك والمشركين، خذ بيد ولاة المسلمين لما تحب وترضى يا رب العالمين، إنك على ما تشاء قدير، اللهم اسقنا الغيث ولا تجعلنا من القانطين، لا تأخذنا بالسنين، ولا تعاملنا بفعل المسيئين يا رب العالمين، اللهم اسقنا الغيث، ولا تجعلنا من القانطين، اللهم اسقنا الغيث ولا تجعلنا من القانطين، اللهم اسقنا الغيث ولا تجعلنا من القانطين، اللهم أعل كلمة الحق والدين، وانصر الإسلام، وأعز المسلمين، وأذل الشرك والمشركين، دمر أعداءك أعداء الدين اجعل تدميرهم في تدبيرهم، اجعل الدائرة تدور عليهم يا رب العالمين، انصر عبادك المؤمنين في مشارق الأرض ومغاربها، وفي شمالها وجنوبها، إنك على ما تشاء قدير، وبالإجابة جدير.

الاستماع للدرس

00:00/00:00

تحميل النص

اللغات المتوافرة

إخفاء الصور