وضع داكن
20-04-2024
Logo
الدرس : 15 - سورة الأعراف - تفسير الآية 33 ، تحريم الزنا والخمر والسرقة
رابط إضافي لمشاهدة الفيديو اضغط هنا
×
   
 
 
 بسـم اللـه الرحمـن الرحيـم  
 

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين، اللهم لا علم لنا إلا ما علمتنا، إنك أنت العليم الحكيم، اللهم علمنا ما ينفعنا، وانفعنا بما علمتنا وزدنا علماً، وأرنا الحق حقاً وارزقنا اتباعه، وأرنا الباطل باطلاً وارزقنا اجتنابه، واجعلنا ممن يستمعون القول فيتبعون أحسنه، وأدخلنا برحمتك في عبادك الصالحين، أخرجنا من ظلمات الجهل والوهم إلى أنوار المعرفة والعلم، ومن وحول الشهوات إلى جنات القربات.

أيها الإخوة الكرام، مع الدرس الخامس عشر من دروس سورة الأعراف، ومع الآية الثالثة والثلاثين، وهي قوله تعالى :

﴿  قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَالْإِثْمَ وَالْبَغْيَ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَأَنْ تُشْرِكُوا بِاللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَاناً وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ(33) ﴾

[ سورة الأعراف ]


بين يدي الآية :


1 – الفائدة من أسلوب الحصر :

أيها الإخوة الكرام، بادئ ذي بدء: كلمة إنما في اللغة العربية أداة قصر وحصر، يعني أن الذي حرمه الله ما سيأتي بعد إنما، ولا شيء مُحرّم غيره، يعني التحريم والتحليل من شأن الله وحده، وليس من شأن البشر، لذلك قل يا محمد لهم : 

﴿قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّي﴾ ما الذي حرمه ؟ ما سيأتي بعد إنما . 

2 – ما هي الفواحش ؟

أولاً: ﴿الْفَوَاحِشَ﴾ الفاحشة: العمل القبيح، الفاحشة: العمل المُشين، الفاحشة: العمل المخزي، العمل الذي يعد فضيحةً، العمل الذي يتجاوز أثره إلى غير الفاعل، الإنسان قد يشرب الخمر فيؤذي نفسه، أما حينما يزني يؤذي فتاة معه، ينقل فتاةً من فتاةٍ شريفة إلى فتاةٍ زانيةٍ سقطت من عين الله ومن عين نفسها . 

3 – الفواحش كلُّها محرَّمةٌ :

لذلك الفواحش مُحرّمة، لماذا؟ هنا السر، ذلك لأن الله سبحانه وتعالى شرّع نظام الأبوة والبنوّة، يعني أقدس علاقة بين شخصين علاقة الأب بالابن والدليل، قول الله عز وجل :

﴿  لَا أُقْسِمُ بِهَذَا الْبَلَدِ(1) وَأَنْتَ حِلٌّ بِهَذَا الْبَلَدِ(2) وَوَالِدٍ وَمَا وَلَدَ(3)  ﴾

[  سورة البلد  ]

4 – الزنا يلغي نظام الأبوة :

نظام الأبوّة والبنوّة يدل على الله، وأيّ إنسان سعادته بسعادة أبنائه، لا يريد من ابنه شيئاً إلا أن يكون سعيداً، نظام الأبوة أودع الله في الآباء محبة الأبناء بطبعهم، وأودع الله في الأمهات محبة الأبناء، فحينما يعلم الإنسان أن هذا ابنه يتفانى بخدمته، يتفانى بتيسير حاجاته، يتفانى بإسعاده، يجوع ويطعمه، يعرى ويكسوه، هكذا، هذا النظام قائم على حفظ الأنساب، ماذا تفعل الفاحشة؟ تُختلط الأنساب بها، لا تعرف الابن لمن .


الآن مع مثل بسيط: تجد امرأة متدينة وملتزمة ومحجبة، وعندها أولاد، وعندها من زوجها أولاد من غيرها، قسوتها على الآخرين عجيبة، ورحمتها بأولادها عجيبة .

معنى ذلك نظام رسخه الله في طبع البشر، أن الأب والأم يندفعون بشكل عجيب إلى الحفاظ على سلامة أبنائهم، ومستقبل أبنائهم، وصحة أبنائهم، وغذاء أبنائهم، وكساء أبنائهم، وتحصين أبنائهم، وأخلاق أبنائهم، هكذا صمم الله الخليقة، ماذا يفعل الزنا؟ يلغي الأبوة، يلغي البنوة، يلغي هذه العاطفة المقدسة التي أودعها الله في الإنسان.

الإنسان متى يعمل؟ متى يتفانى في خدمة ابنه؟ إذا كان موقناً أنه ابنه، ومتى يكون موقناً أنه ابنه؟ إذا كانت زوجته التي عنده أنجبت له هذا الولد.

لذلك أـخطر شيء في الفواحش يعني في الزنا أنه يلغي نظام الأبوة والبنوة.

هناك طرفة ذكرتها كثيراً لكنها معبرة كثيراً، أن شاباً في بلاد الغرب أحب فتاة، فاستأذن والده في الزواج منها، قال له: لا يا بني، إنها أختك، وأمك لا تدري، فلما أُعجِب بامرأة ثانية قال له الكلام نفسه، والثالثة كذلك، فشكا إلى أمه، فقالت له: تزوج أيّاً شئت، أنت لست ابنه، وهو لا يدري .

الفواحش تلغي النسب، تلغي ما أودعه الله في الآباء من محبة للأبناء .

والله سمعت قصة أن امرأة ملتزمة تؤدي عباداتها كاملة، ولا أقرها على عملها، ترعى أولادها رعاية مثالية، لكن بنت زوجها من غيرها تقسو عليها قسوة يصعب شرحها، هي هي.

فحينما تكون الفواحش، وتختلط الأنساب يُلغَى النظام الذي رسمه الله للبشر، لذلك تجد قسوة في العالم الغربي تفوق حد الخيال، لأن عدد اللقطاء يزيد على عدد الأولاد الشرعيين، اللقيط لا أب له، ما استقى من أبيه الرحمة، ما استقى من أمه الرحمة .

لذلك حينما حرم الله الفواحش أُلغي مع الفواحش نظام الأبوة، ونظام البنوة، وأُلغيت هذه العاطفة المقدسة التي أودعها الله في الآباء، وأُلغيت هذه العاطفة المقدسة التي أودعها الله في الأمهات .

إن الفاحشة العمل القبيح، العمل الذي يعد فضيحة، العمل الذي يُستحيا به، العمل الذي يتجاوز أثره فاعله إلى غير فاعله .

قال العلماء: الفاحشة هي الزنا، ما من شهوة أودعها الله في الإنسان إلا وجعل لها قناة نظيفة تسري خلالها، ليس في الإسلام حرمان، ولكن في الإسلام تنظيم، وفي الإسلام نظافة، وطهر، وعفاف، وأنساب واضحة، هذا أب لفلان، وهذا ابن فلان، وهذا ابن فلانة، وهذه أم فلان، هذا الانضباط في الأنساب يفعّل العواطف المقدسة التي أودعها الله في الآباء وفي الأمهات.

لذلك الفواحش تتناقض مع نظام الأسرة ، بينما الاستقامة، والزواج الذي شرعه الله لنا هذا يؤكد النظام الإلهي الذي نظّمه للبشر عن طريق أن الأب أودع في طبعه محبة أولاده، الابن مكلف تكليفاً أن يبرّ أباه، لذلك هناك آيات كثيرة جداً توصي الأبناء بآبائهم، وليس في القرآن إلا آية واحدة متعلقة بالمواريث، وليس في القرآن غير هذه الآية التي توصي الآباء بالأولاد، لأنه طبع في الإنسان.

لذلك : ﴿قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّي الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ﴾ .


مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ


يعني هناك فواحش معلنة، وهناك فواحش غير معلنة، كلاهما محرم، وحينما يبتعد الإنسان عن الله يخاف على سمعته، فقد يقترف الفواحش من دون أن يُعلِمَ أحداً بها، والقرآن الكريم بيّن لنا أن الله يعلم كل شيء، ولا تخفى على الله خافية .

﴿ وَإِن تَجْهَرْ بِالْقَوْلِ فَإِنَّهُ يَعْلَمُ السِّرَّ وَأَخْفَى (7) ﴾

[  سورة طه  ]

فالفواحش يعني الأعمال القبيحة المخزية التي تصنف مع الفضائح، التي يتجاوز أثرها فاعلها إلى إنسان آخر، يعني الفاحشة هي الزنا، هذه محرمة في الإسلام، وفي كل الأديان، وفي كل الشرائع، لأنها تسبب اختلاطاً بالأنساب، وإلغاءً لما أودعه الله في قلوب الآباء والأبناء من تعاطف، ومحبة، ومآثرة، وما شاكل ذلك ﴿قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّي الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ﴾

((  من لم يكن له ورع يرده عن معصية الله تعالى إذا خلا بها لم يعبأ الله بسائر عمله  ))

[  رواه الحكيم عن أنس رضي الله عنه وهو ضعيف  ]

وقد ورد في الحديث الشريف عَنْ ثَوْبَانَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ : 

((  لَأَعْلَمَنَّ أَقْوَامًا مِنْ أُمَّتِي يَأْتُونَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ بِحَسَنَاتٍ أَمْثَالِ جِبَالِ تِهَامَةَ بِيضًا ، فَيَجْعَلُهَا اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ هَبَاءً مَنْثُورًا ، قَالَ ثَوْبَانُ : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، صِفْهُمْ لَنَا ، جَلِّهِمْ لَنَا أَنْ لَا نَكُونَ مِنْهُمْ ، وَنَحْنُ لَا نَعْلَمُ ، قَالَ : أَمَا إِنَّهُمْ إِخْوَانُكُمْ ، وَمِنْ جِلْدَتِكُمْ ، وَيَأْخُذُونَ مِنْ اللَّيْلِ كَمَا تَأْخُذُونَ ، وَلَكِنَّهُمْ أَقْوَامٌ إِذَا خَلَوْا بِمَحَارِمِ اللَّهِ انْتَهَكُوهَا  ))

[  أخرجه ابن ماجة ]

لذلك: ﴿مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ﴾ وعلامة إخلاصك لله عز وجل أن يستوي عملك في سرك وفي جهرك، في خلوتك وفي جلوتك، أمام الناس ووحدك في البيت . 

إذاً أول شيء: ﴿قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّي الْفَوَاحِشَ﴾ لأنها تلغي الأنساب، لقيط لا أب له . 

بين اللقيط وصحيح النسب :

إخواننا الكرام، الطفل لكرامة الإنسان عند الله جعل طفولته مديدة، لأنه يستقي من أبيه وأمه العطف، والحنان، والرحمة، ينشأ على محبة أمه وأبيه، ينشأ بعلاقات إنسانية راقية جداً، أما اللقيط فلا أبَ له، ولا أم له، لذلك لو أن اللقيط كبر، وتسلم منصباً تراه قاسياً قسوة لا حدود لها، لا يرحم، لا يعرف ما الرحمة، يتشفى أحياناً من المجتمع، يتشفى، يبالغ في إيذائه، منهج ربنا عز وجل أساسه نظام الأسرة، ونظام الأسرة أساسها حفظ الأنساب، وحفظ الأنساب يتناقض معها الزنا، الزنا علاقة بلا نسب، علاقة مشبوهة، علاقة سرية، لذلك حتى عقد الزواج إن لم يكن بعلم ولي الفتاة فهو عقد زنا . 

((  لا نكاح إلا بولي وشاهدي عدل  ))

[  أخرجه البيهقي عن عمران وعن عائشة وهو ضعيف ]

 الفرق بين الزواج الذي يُعلَن ويُشهَر وبين الزنا؟ العلاقة واحدة، لكن الأولى وفق الحكم الشرعي، والثانية بخلاف الحكم الشرعي ﴿قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّي الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ﴾ لذلك بطولتك في أن تخشى الله في سرّك، في خلوتك، في بيتك، في غرفتك، الله عز وجل قال :

﴿ يَعْلَمُ خَائِنَةَ الْأَعْيُنِ وَمَا تُخْفِي الصُّدُورُ (19) ﴾

[  سورة غافر  ]

أنت في غرفتك، ولغرفتك نافدة على بيت الجيران، وقد خرجت امرأة من الشرفة في ثياب متبذّلة، من الذي يضبط لك هذه المخالفة؟ لو أنك ملأتَ عينيك من محاسنها، وهي لا تدري ولا تعلم، وأنت في غرفة أقل إضاءة من الطريق، ترى كل شيء، قال تعالى :

﴿يَعْلَمُ خَائِنَةَ الْأَعْيُنِ وَمَا تُخْفِي الصُّدُورُ﴾ لذلك ضبط الأنساب أساس البعد عن الزنا، تعد أكبر جريمة في المجتمعات الحديثة هي الزنا، إلا أنه يصبح في نهاية المطاف شيئاً عادياً جداً. 

حدثني أخ من بلاد بعيدة جداً، قال لي: والله الأب المتزمت المتمسك بالتقاليد والعادات والتراث، المتزمت الذي يعد في مجتمعاتهم أصولياً، إذا رأى ابنته تتزين قبل أن تخرج يحذرها من الحمل فقط، هكذا أصبح الوضع .

نحن في نعمة كبيرة أيها الإخوة، لا يزال المجتمع الإسلامي منضبطاً، لا يزال هناك أسر، قلّمَا يتناهى إليك ما يسمى بالخيانة الزوجية، أما إذا كان هناك خيانة زوجية وهناك حمل سفاح، وهناك ابن زنا وهناك لقيط فالمشكلة كبيرة .

لذلك أول شيء جاء في هذه الآية: ﴿قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّي الْفَوَاحِشَ﴾ يعني الزنا عمل قبيح، مخزٍ، يعد فضيحة، يُستحيا به، له رائحة نتنة، يتجاوز أثره فاعله إلى غيره، بل هو الزنا. 

﴿قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّي الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ﴾ هناك فاحشة معلنة في العالم الغربي، هناك كثيرًا من الأشخاص المهمين جداً في مؤتمر صحفي على عشر محطات فضائية، امرأة كان ترشح أن تكون ملكة بريطانيا، قالت في لقاء صحفي: أنا زنيت عشر مرات مع فلان، ومع فلان، بشكل طبيعي جداً، كأن الواحد عندنا قال: أنا أكلت الأكلة الفلانية، أكلت شطيرة في المطعم الفلاني، بهذه البساطة، هذا هو البعد عن الله عز وجل، نحن في نعمة كبيرة، نحن عندنا بقية حياء، بقية خجل، بقية خوف من الله، بقية انضباط، بقية تماسك أسري، بقية أسرة نظيفة، أدام الله علينا هذه النِّعم.

أيها الإخوة الكرام ﴿قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّي الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَالْإِثْمَ﴾


وَالْإِثْمَ 


1 – الإثمُ هو الخمرُ :

﴿الْإِثْمَ﴾ كما قال العلماء: " كل كبيرة يقام عليها حد " .

وقال بعضهم: " الإثم هو الخمر والميسر " ، فالذي يشرب الخمر يقول لك: أنا لا أؤذي أحداً، هذا صحيح، إنك لا تؤذي أحداً، ولكنك آذيت نفسك، لماذا؟ 

الآن العلة العميقة في تحريم الإثم: أن الله أودع في الإنسان عقلاً، والعقل مناط التكليف، والعقل أثمن جهاز أودعه الله فينا.

﴿  وَالسَّمَاءَ رَفَعَهَا وَوَضَعَ الْمِيزَانَ(7) ﴾

[  سورة الرحمن  ]

2 – لك عقلٌ فحافظ عليه :

هذا العقل يُعطّل بالخمر، فكما أن الإنسان ينبغي أن يتحرك وفق نظام الأسرة، ينبغي أن يرعى أولاده، أن يعتني بهم، أن يؤمّن لهم الطعام والشراب، والمأوى والكساء والتعليم، والتهذيب، والتوجيه، وأن يعتني بكل الطوارئ التي تطرأ عليهم، كما أن الإنسان ينبغي أن يكون حفظ النسب أساساً لنظام الأبوة والبنوة، واستمراراً للحياة، ينبغي ألا يعطل عقله عن أن يدير شؤونه، بتعطيل العقل تضيع الحياة، لذلك الذي يقول: أنا أحتسي كؤوس الخمر كي أنسى الهموم، نقول له: لا، أنت حينما تبتعد عن الخمر تملك عقلاً، هذا العقل يمكن أن يحل لك المشكلات . 

((  إِنَّ اللَّهَ تَعالى يَلُومُ على العَجْزِ ، وَلَكِنْ عَلَيْكَ بالكَيْس فإذَا غَلَبَكَ أمْرٌ فَقُلْ حَسْبِيَ اللَّهُ ونِعْمَ الوَكِيلُ ))

[  رواه أبو داود عن عوف بن مالك رضي اللّه عنه وهو ضعيف  ]

يعني أن تستخدموا عقولكم لحل مشكلاتكم (إِنَّ اللَّهَ تَعالى يَلُومُ على العَجْزِ، وَلَكِنْ عَلَيْكَ بالكَيْس) قال: (فإذَا غَلَبَكَ أمْرٌ فَقُلْ حَسْبِيَ اللَّهُ ونِعْمَ الوَكِيلُ)

3 – لا تحتجّ بالقدر بعد التقصير والإهمال :

هذا الأمر أيها الإخوة أتمنى أن أوضحه فيما يلي:

لو أن في الحمام مأخذاً كهربائياً مكشوفاً، والتيار 220 فولطًا، وإذا مشى طفل في الحمام ورجله على البلاط، والبلاط فيه ماء، ودون أن يشعر الطفل لمست يده المأخذ الكهربائي يموت فوراً، الآن إذا كان عند إنسان مأخذ كهربائي في الحمام مكشوف، الشريط مكشوف أيضاً، وطفله صغير، والحمام فيه ماء، ودخل الطفل بلا شيء في قدمه، ومس التيار فمات، لما يقول الأب: سبحان الله ! هذا مات بأجله، لا، هذا جزاء التقصير، إياك، ثم إياك، ثم إياك أن تعزو أخطاءك إلى القضاء والقدر .

أنا أقول لكم هذا الكلام الدقيق، قال لك الطبيب: ابتعد عن الملح كلياً، لأن ضغطك مرتفع، والضغط القاتل الصامت، وأنت قلت: كُلْ ملح، وتوكّل على الله، والشافي الله، ولا تخف، ولا يضر مع اسمه شيء، وحدثت خثرة في الدماغ على أثر ارتفاع الضغط، وفقد الإنسان الحركة، أتمنى ألا تقل: هذا قضاء وقدر، تقول: هذا جزاء التقصير، أما حينما تأخذ بكل القواعد الصحية، وحينما تنصاع لكل التعليمات التي تأتيك عن طريق الطبيب، ويأتي شيء من الله فهذا هو القضاء والقدر .

حينما لا تدرس، ولا تنجح، لا تقل: لا يوجد قسمة ونصيب، الله لم يكتب لي أن أنجح، سبحان الله ! لا تقل ذلك، قل: أنا ما نجحت لأني ما درست، أما لما تدرس أعلى دراسة، ويوم الامتحان ينشأ ظرف طارئ في صحتك يمنعك من أداء الامتحان، وقلت: حسبي الله ونعم الوكيل، فكلامك صحيح .

أنا أتمنى من أجل أن ننهض، أن نتقدم، ألا نعزو أخطاءنا إلى القضاء والقدر، هناك أنظمة وهناك قوانين، الله عز وجل لن يغيّر لك القوانين من أجلك، هناك قوانين للصحة، وهناك قوانين للسلامة، من نام على سطح ووقع من على السطح فقد وقع آثماً، تنزل من المركبة وهي تمشي، وتضطرب فتقع، وتأتي رجلك تحت العجلة، وتقول: هكذا كتب الله عليّ، لماذا نزلت والمركبة تمشي؟ تعلم القضاء والقدر شيء، وجزاء التقصير شيء آخر، لا ينبغي أن نعزو أخطاءنا إلى القضاء والقدر إطلاقاً ـ دققوا ـ :

﴿ إِنَّ الَّذِينَ جَاءُوا بِالْإِفْكِ عُصْبَةٌ مِّنكُمْ ۚ لَا تَحْسَبُوهُ شَرًّا لَّكُم ۖ بَلْ هُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ ۚ لِكُلِّ امْرِئٍ مِّنْهُم مَّا اكْتَسَبَ مِنَ الْإِثْمِ ۚ وَالَّذِي تَوَلَّىٰ كِبْرَهُ مِنْهُمْ لَهُ عَذَابٌ عَظِيمٌ (11) ﴾

[  سورة النور  ]


خذوا العبرة من حادثة الإفك :


الإفك، حديث الإفك، اتهام السيدة عائشة، زوجة رسول الله، المصونة الحصان، العفيفة، الطاهرة، اتهمت بأثمن ما تملكه امرأة ﴿إِنَّ الَّذِينَ جَاءُوا بِالْإِفْكِ عُصْبَةٌ مِنْكُمْ لَا تَحْسَبُوهُ شَرّاً لَكُمْ بَلْ هُوَ خَيْرٌ﴾ هذا التسيير الإلهي، قال: ﴿وَالَّذِي تَوَلَّى كِبْرَهُ مِنْهُمْ لَهُ عَذَابٌ عَظِيمٌ﴾ .

إذاً التوحيد لا يعفي من المسؤولية، يعني طبيب بالإسعاف يدير حديثًا مع ممرضة، وجاءه إنسان مصاب، وقال لهم: انتظروا، فمات المريض، سبحان الله ! مات بأجَله، لا، لم يمت بأجله، مات بسبب تقصير الطبيب المسعف، ويُحاسَب على ذلك .

أكثر شيء يؤلمني خلط التقصير، والإهمال، والتسيب، وعدم إتقان العمل، وربطه بالقضاء والقدر .

ركّب رجلٌ صحنًا، وموضوع الصحن موضوع ثان، لكن ركب صحنًا، وضع له برغيًّا واحداً، جاءت موجة رياح فوقع الصحن فوق ابنة صديقه، فماتت، لا تقل لي: قضاء وقدر، وسبحان الله ماتت وهي بعمر الورود، لا تقل هذا الكلام، هذا الذي ركّب هذا الصحن ينبغي أن يحاسب حساباً عسيراً، لأنه أهمل عمله .

ما دمنا نربط كل شيء بالقضاء والقدر، نغطي بالقضاء كل أغلاطنا فلن نتقدم قال عليه الصلاة والسلام : 

((  مَنْ تَطَبَّبَ وَلَمْ يُعْلَمْ مِنْهُ طِبٌّ قَبْلَ ذَلِكَ فَهُوَ ضَامِنٌ  ))

[  أخرجه أبو داود والنسائي وابن ماجة والحاكم عن ابن عمرو ]

لما تطبب، ولم تكن مختصًا، وتعطي دواء، والدواء من آثاره صدمة مفاجئة، ولا تتأكد أن المريض يتحمل هذه الصدمة، وتأتيه صدمة، ويموت، لا تقل: مات بأجله، هذا ترتيب سيدك، وماذا نعمل، ولا حول ولا قوة إلا بالله، هذه مشكلات العالم الإسلامي، خلط الأوراق، القضاء والقدر شيء، وجزاء التقصير شيء آخر، الكسل الذي يؤدي إلى الرسوب شيء، وأن إنسانًا يوم الامتحان جاءه مرض عضال مفاجئ منعه من أداء الامتحان شيء آخر.

لذلك لما يؤدي الإنسان ما عليه، ثم يستقبل أيّ قضاء من الله وقدر بنفسٍ طيبة، يقول: أنا أديت الذي علي، الذي جاءني فيه حكمة بالغة، وأؤكد لكم أنك إذا أديت الذي عليك لا يأتي القضاء والقدر إلا لصالحك، عندئذٍ أقول لكم :

﴿ كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِتَالُ وَهُوَ كُرْهٌ لَّكُمْ ۖ وَعَسَىٰ أَن تَكْرَهُوا شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ ۖ وَعَسَىٰ أَن تُحِبُّوا شَيْئًا وَهُوَ شَرٌّ لَّكُمْ ۗ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنتُمْ لَا تَعْلَمُونَ (216)﴾

[  سورة البقرة  ]

صدقوا أيها الإخوة، في التعليمات القانونية لا بد من فحص الزوجين، عملياً الفحص شكلي، قد يكون الفحص، لو أجري الفحص للزوجين كان هذا الزواج سيؤدي إلى أولاد عندهم أمراض في الدم خطيرة جداً، في بعض البلاد 8 آلاف حالة، في بلد أربع حالات فقط مع الوعي الصحي، من دون وعي صحي، من دون انضباط بقواعد العلم صار هناك  8 آلاف حالة، هذا الطفل الذي يولد كسيحاً على الكرسي، يكلف معالجةً كل شهر، يجب أن يضخ دم له 8 ساعات على جهاز، فوق طاقة الإنسان، يكلف من 200 لـ300 ألف كل سنة، المبالغ التي تنفَق على أمراض ناتجة من عدم الفحص الدقيق قبل الزواج فوق طاقة الإنسان .

الحياة فيها علم، والدين الإسلامي دين علم، ودين قواعد، ودين مسؤولية، ودين مبادئ، فلذلك الذي حرمه الله: ﴿قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّي الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَالْإِثْمَ﴾ لأنه يعطل العقل، وإذا تعطل العقل تعطلت إدارة الحياة، إنسان سكران، غارق بالسكر.

الآن: ﴿قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّي الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَالْإِثْمَ﴾ يعني الخمر والخمر تعطل العقل، نحن أولاً بحاجة إلى حفظ أنساب حتى نفعّل نظام الأبوة، كل أب له ابن، وحياته كلها في خدمة أولاده، بل هم زاده إلى الله، بل هم جنته وناره، وأولاده امتداد له، وأولاده وجوده المستمر. 

﴿قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّي الْفَوَاحِشَ﴾ الفواحش تلغي نظام الأبوة، يصبح هناك لقطاء، يصبح هناك إنسان حاقد ما استقى الرحمة من أمه وأبيه. 

﴿وَالْإِثْم﴾ هو الخمر، تعطل العقل، الذي أنيط به إدارة الحياة العقل، يتعطل بالخمر. 


وَالْبَغْيَ 


﴿وَالْبَغْيَ﴾ .

1 – ما هو البغي ؟

أولاً: العدوان، والعمل الذي يصل إلى الآخرين، هناك عدوان على العِرض، وعلى النفس، وعلى المال، وأوضح شيء المال . 

2 – من آثار البغي السيئة :

يعني مثلاً: زرع إنسان أرضًا واشتغل فيها سنة، وباع المحصول، وقبض الثمن، هذا الثمن جهد ثمانية أشهر دوامًا مديدًا، وجهداً عضلياً كبيراً، وجهداً علمياً في الزراعة، وجهداً آخر في الوقاية من الحشرات، وجهداً تسويقياً، جمّع المال، في الطريق لقيه أحدهم معه سلاح، قال له: أعطني ما في هذه المحفظة، ما الذي حصل؟ هذا القوي بهذا السلاح اعتدى على كسب هذا الرجل.

كلما اعتدي على كسب الإنسان ضعفت قيمة العمل، والعمل أساس التقدم، أساس البناء، فحينما يُعتدى على الأعراض، وعلى الأموال، وعلى الأنفس تعمّ الفوضى، لعن الله من قال الفوضى البناءة، أي فوضى بناءة؟ هذا الذي يجري حولنا، لا يوجد أمن إطلاقاً، ولا استقرار، ولا بيت، ولا أسرة، ولا ابن.

لذلك أيها الإخوة، حينما يُعتدى على الأموال والأعراض والأشخاص يُفتقد الأمن، وتوقفت الأعمال، ودائماً هناك فوضى، هناك كساد، هناك سرقة، هناك نهب، هناك ضعف للأعمال، والعمل أساس التقدم . 


هذه مِن آثار الزنا والخمر والبغي :


باختلاط الأنساب أُلغي نظام الأبوة والبنوة .

الشيء الثاني: ﴿وَالْإِثْمَ﴾ هو الخمر، أُلغي العقل الذي يدير الحياة .

الآن: ﴿وَالْبَغْيَ﴾ أُلغي الكسب المشروع، ولم يعُد للعمل قيمة، وكل البلاد التي طبقت نظام إلغاء الملكية أخفقت إخفاقاً كبيراً، وفي النهاية رجعت إلى نظام الملكية.

المجتمعات التي بقيت سبعين عاماً تنادي بإلغاء الملكية لم يحصل لها تقدم أبداً، بل كانت في تخلف شديد، فلما ثبت أن هذا النظام لا يمكن أن ينمّي قدرات الإنسان عادوا إلى نظام آخر .

على كلٍ: ﴿وَالْبَغْيَ﴾ هو العدوان، والحقيقة أن الأشياء المحرمة أشياء دقيقة جداً، الأولى تحريم الزنا، والثانية تحريم الخمر، والثالثة تحريم العدوان، الحياة لا تستقر إلا بالبعد عن الزنا، فتكون الأسر نظيفة، وبالبعد عن الخمر فتكون العقول نشطة، وبالبعد عن العدوان فتنمو المكاسب.

إنّ أيّ إنسان تقول له: هذا الجهد لك، هذا الربح لك، يعمل ليلاً نهاراً، حينما يكون في الشيء ثمرة يمكن أن تقطفها فقد تتفانى في خدمة عملك .

أذكر مرة أن معملاً تعطلت فيه آلة في الساعة الثانية ليلاً، صاحب المعمل أتى بمن يصلح عطب هذه الآلة الساعة الثالثة ليلاً، حتى لا يعطل العمل والإنتاج، إذا كان الشيء يعود ثمرته لك تتفانى بخدمته .

إذاً: قضية التحريم وراءها أبعاد كبيرة جداً، وعميقة جداً، وبعيدة جداً . 

﴿ قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّي الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَالْإِثْمَ وَالْبَغْيَ بِغَيْرِ الْحَقِّ ﴾


وَالْبَغْيَ بِغَيْرِ الْحَقِّ


هناك بغي بالحق، وهذا مثل بسيط :

ربان السفينة عنده خبرات عالية جداً، لكنه تقاعد، وركب سفينة، فيها ربان مبتدئ، والأمواج متلاطمة، وخطر الغرق قائم، فاستولى على قيادة السفينة لينجو أهلها من الغرق، هو أخذ هذا المنصب القيادي بغير حق، أخذه بحق هنا حفاظاً على سلامة السفينة، هناك حالات نادرة جداً، قال له سيدنا يوسف:

﴿  اجْعَلْنِي عَلَى خَزَائِنِ الْأَرْضِ إِنِّي حَفِيظٌ عَلِيمٌ(55) ﴾

[  سورة يوسف  ]

أحياناً ترى أن الذي يدير هذه الدفة غير صالح، فيه مشكلات كبيرة جداً، فإن أخذت عنه ربما أنقذت المركبة من الغرق، هذا تعليق على كلمة : ﴿وَالْإِثْمَ وَالْبَغْيَ بِغَيْرِ الْحَقِّ﴾


وَأَنْ تُشْرِكُوا بِاللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَانًا


1 – لا تستقر حياةٌ بالشرك :

الآن: ﴿وَأَنْ تُشْرِكُوا بِاللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَانًا﴾ يعني الحياة مع الشرك حياة مشتتة، حياة فيها صراعات، هناك أقوياء كثر، وكل قوي له اتجاه، وكل قوي له أتباع، وكل قوي له أشخاص، وكل قوي له إعلام، وتجد صراعات الحياة عجيبة، لأن الناس تفرقوا عن الله عز وجل، ما اعتصموا بحبل الله .

2 – أساس الحياة التوحيد والإخلاص :

فلذلك الشرك من أخطر الآفات الاعتقادية، وما تعلمت العبيد أفضل من التوحيد، ونهاية العلم التوحيد، ونهاية العمل التقوى، والتوحيد : 

((  اعمل لوجه واحد يكفيك الوجوه كلها  ))

[  أخرجه ابن عدي ، والديلمي عن أنس وهو ضعيف ]

((  من جعل الهموم هماً واحداً كفاه الله الهموم كلها  ))

[ رواه بن ماجه والبيهقي في شعبه ]

التوحيد : 

﴿ مِن دُونِهِ ۖ  فَكِيدُونِي جَمِيعاً ثُمَّ لَا تُنْظِرُونِ(55) إِنِّي تَوَكَّلْتُ عَلَى اللَّهِ رَبِّي وَرَبِّكُمْ مَا مِنْ دَابَّةٍ إِلَّا هُوَ آخِذٌ بِنَاصِيَتِهَا إِنَّ رَبِّي عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ(56) ﴾

 

[ سورة هود  ]

هذا التوحيد، التوحيد مُسعِد، التوحيد مريح، التوحيد فيه شعور بالأمن، علاقتك بالله، أمرك بيده، بيتك بيده، أهلك بيده، أولادك بيده، من هو أقوى منك بيده، من هو أضعف منك بيده، الأمراض بيده، تتجه إليه مخلصاً .

لذلك بعد أن يلغى الزنا، ينضبط الإنسان، يُفعّل نظام الأبوة، كل إنسان يعتني بأولاده، هناك بيوت نظيفة، وحينما تُلغى الخمر تكون العقول نشطة لإدارة الحياة، وحينما يُلغى العدوان يصير العمل مقدسًا، وإلغاء البغي لصون العمل، وإلغاء الإثم لصون العقل، وإلغاء الفحش لصون الأنساب، وإيجاد مجتمع طاهر، نظيف، الأولاد معروفون مَن آباؤهم، يتلقون أكبر عناية من آبائهم، العقل نشيط، يدير الحياة إدارة جيدة، الشيء الآخر أنه لا عدوان، إذاً: كسْبُ الرجل له فينمو العمل . 

3 – ما هو التوحيد ؟

الآن التوحيد ألا تتجه لغير الله، وألا تتكل إلا على الله، التوحيد يعني أنه لا رافع، ولا خافض إلا الله، ولا معطي ولا مانع إلا الله، ولا رازق إلا الله، ولا معز إلا الله، ولا مذل إلا الله، يعني أنت بالتوحيد كإنسان يريد تأشيرة سفر إلى بلد معين، لكن بنظام الهجرة والجوازات هذا البلد لا يحق إلا للمدير العام لإدارة الهجرة والجوازات أن يعطي الموافقة، وبناء الهجرة عشرة طوابق، وفيه ألف موظف، هل يعقل أن تبذل ماء وجهك لأحد الموظفين، ما بيده شيء، الأمر منوط برئيس المركز، لذلك حينما تعلم أن أمرك بيد الله وحده لا تتذلل لإنسان، ولا تخضع لإنسان. 

((  اطلبوا الحوائج بعزة الأنفس ؛ فإن الأمور تجري بالمقادير  ))

[  أخرجه ابن عساكر عن عبد الله بن بسر وهوضعيف  ]

وشرف المؤمن قيامه بالليل، وعزه استغناه عن الناس، التوحيد ينمي شخصيتك التوحيد يمنحك الأمن، التوحيد يمنحك الوضوح، التوحيد يمنحك الجرأة، كلمة الحق لا تقطع رزقاً، ولا تقرّب أجلاً، هذا هو التوحيد .

لذلك: ﴿ وَأَنْ تُشْرِكُوا بِاللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَانًا ﴾ .


وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ


لكن أخطر شيء أن تستقي معلومات غير صحيحة عن الله عز وجل، يقول لك قائل : 

((  شفاعتي لأهل الكبائر من أمتي  ))

[  رواه مسلم عن أبي هريرة  ]

والله شيء جميل، ما شاء الله على هذا الحديث، هو حديث صحيح، له تفسير دقيق، لكن يُفهم هذا الحديث فهم ساذج، افعل ما شئت من الكبائر، عندئذٍ تنالك شفاعة رسول الله، هذا الفهم الساذج مدمر للحياة، لذلك : 

﴿وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ﴾ يعني إذا صحّ أن المعاصي رُكّبت تركيباً تصاعدياً، بدأنا بالفاحشة، ثم بالخمر، ثم بالعدوان، ثم بالشرك، يأتي على رأس هذه المعاصي والآثام : ﴿وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ﴾ لذلك لأن يرتكب العوام الفواحش والكبائر أفضل أن يقولوا ﴿عَلَى اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ﴾ .

﴿قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّي الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَالْإِثْمَ وَالْبَغْيَ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَأَنْ تُشْرِكُوا بِاللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَانًا وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ﴾

والحمد لله رب العالمين 

الاستماع للدرس

00:00/00:00

تحميل النص

اللغات المتوافرة

إخفاء الصور