وضع داكن
20-04-2024
Logo
محاضرات خارجية - فرنسا - مختلفة : 4 - محاضرة في جامع إفري : رمضان والأعمال الصالحة.
رابط إضافي لمشاهدة الفيديو اضغط هنا
×
   
 
 
 بسـم اللـه الرحمـن الرحيـم  
 

 بسم الله الرحمن الرحيم ، الحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين ، اللهم لا علم لنا إلا ما علمتنا إنك أنت العليم الحكيم ، اللهم علمنا ما ينفعنا ، وانفعنا بما علمتنا ، وزدنا علماً ، وأرنا الحق حقاً وارزقنا hتباعه ، وأرنا الباطل باطلاً وارزقنا اجتنابه ، واجعلنا ممن يستمعون القول فيتبعون أحسنه ، وأدخلنا برحمتك في عبادك الصالحين .

الإنسان كائن حركي تحركه حاجات ثلاثة :

 بادئ ذي بدء ؛ أشكر للقائمين على هذا الملتقى دعوتهم الكريمة ، التي إن دلت على شيء فعلى حسن الظن بي ، وأرجو الله أن أكون عند حسن ظنكم ، وإن وجدتم في محاضرتي تلك ما كنتم تتوقعون فالفضل لله وحده ، وإلا فحسبكم الله ونعم الوكيل .
 بادئ ذي بدء : ما هو الدين ؟ أصل الدين ؟ أصل الدين خضوع هذا الإنسان الأول عند الله ، والمكرم ، والمفضل في منهج الله ، لتعليمات الصانع ، لتعليمات الخبير ، لتعليمات المطلق ، فالإنسان أعقد آلة في الكون ، تعقيد إعجاز لا تعقيد عجز ، ولهذه الآلة صانع عظيم وهو الله ، وانطلاقاً من حرص الإنسان اللامحدود على سلامته ، وعلى سعادته ، ينبغي أن يتبع تعليمات الصانع ، أي افعل ولا تفعل ، هناك أوامر وهناك نواه .
 لماذا ؟ الإنسان كائن متحرك ، وليس كائناً سكونياً ، هذه الطاولة كائن سكوني ، أما الإنسان فمتحرك ، ما الذي يحركه ؟ أولاً : حاجته إلى الطعام والشراب حفاظاً على بقائه كفرد ، وما الذي يحركه أيضاً حفاظاً على بقاء النوع ؟ الزواج ، الشاب يبحث عن زوجة صالحة ، والشابة تنتظر خاطباً صالحاً ، الحاجة الأولى إلى الطعام والشراب حفاظاً على بقاء الفرد ، والحاجة الثانية الزواج لكلا الطرفين حفاظاً على بقاء النوع ، هناك حاجة ثالثة ، أكل وشرب ، تزوج وأنجب ، عنده حاجة ثالثة إلى التفوق ، إلى أن يشار إليه بالبنان ، إلى أن يقال : هو الطبيب الأول ، والمهندس الأول ، والعالم الأول ، الحاجة إلى بقاء الذكر ، فجميع أهل الأرض يخضعون إلى حاجات ثلاثة ، الحاجة لبقاء الفرد ، ثم الحاجة لبقاء النوع ، ثم الحاجة لبقاء الذكر .
 الآن الإنسان إذا عنده آلة بالغة التعقيد ، ولها صانع عظيم ، ولهذا الصانع العظيم تعليمات التشغيل والصيانة ، أي أنت راكب مركبتك الغالية جداً الحديثة ، تألق ضوء أحمر في لوحة البيانات ، إن فهمت هذا الضوء فهماً تزيينياً احترق المحرك ، ويكلفك مئة ألف فرنك فرنسي مثلاً ، أما إذا فهمته تألقاً تحذيرياً أوقفت المركبة ، وأضفت الزيت ، وسلم المحرك .
 فالإنسان من محبته اللامحدودة إلى سلامته ، وإلى سعادته ، وإلى استمراره يتبع تعليمات الصانع ، إنهما الكتاب والسنة ، ما إن تمسكتم بهما فلن تضلوا بعدي أبداً ، كتاب الله وسنة رسوله .
 الشيء الدقيق ؛ أنا كنت مرة بأمريكا ، وزرت معمل السيارات الأول جنرال موتورز ، يقول لي الخبير مع المترجم : هذه المركبة كاديلاك فيها ثلاثمئة ألف قطعة ، أنا كراكب أرى أن فيها غلافاً معدنياً ، غليسوري ، فيها مقاعد ، فيها مكبح ، فيها بنزين ، فيها عجلات ، سبعة أشياء ، فكيف انتقلوا من ثلاثمئة ألف إلى سبعة ؟
 أنا هذا المثل قدمته كي أقول لكم : هذا الدين كم عالم فيه ؟ والله يوجد مئة ألف عالم، كم كتاب ؟ عشرة ملايين كتاب ، كم مؤسسة ؟ م جامعة إسلامية ؟ كم ؟ كم ؟ كم ؟ بالملايين ، هل يمكن هذا الدين أن يضغط في كليات ؟ ممكن ، أول كلية العقيدة ، الفهم ، الأيديولوجيا ، التصور ، المنطلقات النظرية ، كلها أسماء لمسمى واحد ، الجانب العقدي في الإنسان ، الجانب العلوي ، الجاني الفكري ، الجانب الأيديولوجي ، هذه إن صحت صح العمل ، وإن فسدت فسد العمل ، فلا بد من طلب العلم ، فإذا أردت الدنيا فعليك بالعلم ، وإذا أردت الآخرة فعليك بالعلم ، وإذا أردتهما معاً فعليك بالعلم ، والعلم لا يعطيك بعضه إلا إذا أعطيته كلك ، فإذا أعطيته بعضك لم يعطك شيئاً ، ويظل المرء عالماً ما طلب العلم ، فإذا ظن أنه قد علم فقد جهل ، طالب العلم يؤثر الآخرة على الدنيا فيربحهما معاً ، بينما الجاهل يؤثر الدنيا على الآخرة فيخسرهما معاً .

طلب العلم فريضة على كل مسلم :

 لذلك لا بد من طلب العلم ، طلب العلم فريضة ، ما معنى فريضة ؟ للتقريب : معنى فريضة ؛ كأن أقول : تنفس الهواء فريضة ، من دون تنفس الموت خلال دقائق ، شرب الماء فريضة ، بلا ماء الموت خلال أيام ، تناول الطعام فريضة ، بلا طعام موت خلال أسابيع ، فريضة أي شرط أساسي لبقائك حياً ، فإذا فهمت العلم شيئاً تحسينياً أنت واهم ، ينبغي أن تفهم العلم شيئاً تحقيقياً ، أي العلم ليس وردةً تزين بها صدرك وردة حمراء ، لا ، العلم هواء تستنشقه فإن لم تستنشق الهواء هذا الجهل ، والجاهل أعدى أعداء الإنسان ، والجاهل يفعل في نفسه ما لا يستطيع عدوه أن يفعله به ، لذلك أزمة أهل النار أزمة علم فقط .

﴿ وَقَالُوا لَوْ كُنَّا نَسْمَعُ أَوْ نَعْقِلُ مَا كُنَّا فِي أَصْحَابِ السَّعِيرِ (10) ﴾

[ سورة الملك]

 فطلب العلم حتمي ، طلب وجودي لا بد منه ، لذلك العلم كما أقول : عقيدة وحركة وثمرة ، العقيدة تصور ، أيديولوجيا ، فهم ، تعلم ، تستنبط العقيدة الجانب الفكري للإنسان ، إن صحت صح العمل ، وإن فسدت فسد العمل ، هذه هي العقيدة ، العقيدة ؛ لا بد من طلب العلم، تحتاج إلى تفرغ ، وإلى تعمق ، وإلى تبحر ، وإلى تثبت بالأدلة ، إن صحت العقيدة صح العمل وإن فسدت فسد العمل .
 لذلك أصعب شيء أن يكتشف الإنسان بعد فوات الأوان أنه كان مخطئًا في حياته ، تصور شيئاً بخلاف الواقع ، تصور شيئاً بخلاف المألوف ، فالعقيدة لا بد منها ، العقيدة تحتاج إلى طلب علم ، والذي لا يوجد عنده وقت ليطلب العلم هذا ليس من بني البشر ، وإن لم تجد حاجة عميقة في أن تُحِب ، أو أن تُحَب لست أيضاً من بني البشر ، فهذا شيء من لوازم إنسانية الإنسان ، من لوازم وجوده ، من أنا ؟ من خلقني ؟ لماذا خلقني ؟ لماذا جاء بي إلى الدنيا ؟ ما الدنيا ؟ ما علاقتها بالآخرة ؟ ما البرزخ ؟ ما الآخرة ؟ ما الجنة ؟ ما النار ؟ هذه أساسيات الفهم ، أساسيات العقيدة ، أصول العقيدة إذا غفلت عنها ، أكبر جريمة يفعلها الإنسان بحق نفسه هو الجهل ، والجهل أعدى أعداء الإنسان ، والجاهل يفعل في نفسه ما لا يستطيع عدوه أن يفعله به ، فطلب العلم حتم واجب على كل مسلم .

الحركة نوعان ؛ منع وفعل :

 إذاً العقيدة جانب أيديولوجي ، والحركة نوعان ؛ منع وفعل ، يقول الواحد : أنا ما أكلت مالاً حراماً ، ما ، أنا ما كذبت ، أنا ما غششت ، أنا ما فرقت بين زوجين ، كلها ما ، هذه هي الاستقامة ، أما العقيدة فلها معنى إيجابي ، أنفقت من مالي ، من علمي ، من وقتي ، من خبرتي ، ربيت أولادي ، رعيت زوجتي ، بررت والدي ، العمل الصالح فعل .
 الحركة نوعان ؛ نوع سلبي الاستقامة ، ونوع إيجابي ، الآن العقيدة صحيحة ، وفق طلب العلم ، والحركة صحيحة ، ما الثمرة ؟ الثمرة ينعقد لك مع الله خط ساخن ، أحياناً يكون عندك هاتف قديم ، لكن فيه خط ، وقد يكون الهاتف حديثاً جداً بلا خط ، الثاني لا قيمة له إطلاقاً ، حينما تستقيم على أمر الله ، وحينما تتقرب إلى الله بعمل صالح ، ينشأ لك مع الله خط ساخن ، تستطيع أن تناجيه في الليل ، أن تسأله ، أن تبكي في حضرته ، أن تقرأ القرآن ، ويتأثر قلبك بهذه القراءة ، أن تطلع على سير الصحابة ، أبطال أهل الأرض ، فأنت حينما تتحرك وفق منهج الله ولا تقول : ليس على وجه الأرض من هو أسعد مني إلا أن يكون أتقى مني هناك مشكلة ، فالصلاة اتصال ، المخلوق الحادث ، الطارئ ، الجاهل ، الشهواني ، الأناني بأصل الجمال ، والكمال ، والنوال ، برب العالمين ، بخالق السماوات والأرض ، بالذات الكاملة ، لذلك الاتصال بالله مسعد .

فــــــــلو شاهدت عيناك من حسنــنـا   الذي رأوه لما وليت عنا لغيرنــــــــــا
ولو سمعت أذناك حسن خطابنــــــــا  خلعت عنك ثياب العجب وجئتـــــنا
ولـــــــــــو ذقت من طعم المحــبة ذرة   عذرت الذي أضحى قتيلاً بحبــــنـــا
ولـــــــــــو نسمت من قربنا لك نسمة   لمت غريباً واشتياقاً لقربنـــــــــــــــــــــا
ولــــــــــــــــــو لاح من أنوارنا لك لائح   تركت جميع الكائنات لأجلنـــــــــــــــــا
فــــــــــــما حبنا سهل وكل من ادعى   سهولته قلنا له قد جهلتنــــــــــــــــــــــا
فـــــأيسر ما في الحب بالصب قتله   وأصعب من قتل الفتى يوم هجرنا
***

 إذاً عقيدة ، حركة ، ثمرة ، هذه :

﴿ فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ وَاشْكُرُوا لِي وَلَا تَكْفُرُونِ (152) ﴾

[سورة البقرة]

 الشاهد هنا ، إنك إن صليت ذكرت الله ، أديت واجب العبودية ، لكن إذا ذكرك الله أعطاك السكينة التي - هنا الشاهد - تسعد بها ولو فقدت كل شيء ، وتشقى بفقدها ولو ملكت كل شيء ، أعظم عطاء إلهي ، السكينة ذاقها النبي في الغار ، وذاقها إبراهيم في النار ، وذاقها يونس في البحار ، هذه هي السكينة ، تسعد بها ولو فقدت كل شيء ، وتشقى بفقدها ولو ملكت كل شيء .
 لذلك : (فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ) منحك السكينة ، مرة ثانية للأهمية : تسعد بها ولو فقدت كل شيء ، وتشقى بفقدها ولو ملكت كل شيء ، منحك التوفيق .

الذكر عبادة تدور مع الإنسان في كل حياته :

 آية وحيدة في القرآن :

﴿ قَالَ يَا قَوْمِ أَرَأَيْتُمْ إِنْ كُنْتُ عَلَى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّي وَرَزَقَنِي مِنْهُ رِزْقاً حَسَناً وَمَا أُرِيدُ أَنْ أُخَالِفَكُمْ إِلَى مَا أَنْهَاكُمْ عَنْهُ إِنْ أُرِيدُ إِلَّا الْإِصْلَاحَ مَا اسْتَطَعْتُ وَمَا تَوْفِيقِي إِلَّا بِاللَّهِ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ أُنِيبُ (88) ﴾

[ سورة هود]

 لا يتحقق شيء على وجه الأرض من آدم إلى يوم القيامة إلا بتوفيق الله ، آية وحيدة (وَمَا تَوْفِيقِي إِلَّا بِاللَّهِ) منحك الفلاح ، والنجاح شيء والفلاح شيء ، إذاً :

(( عن مالك بن أنس رحمه الله : بلغَهُ أن رسولَ الله صلى الله عليه وسلم قال : استقيموا ولن تُحْصُوا ، واعلموا أنَّ خيرَ أعمالكم الصلاة ، ولا يحافظ على الوضوء إلا مؤمن ))

[ أخرجه مالك]

 الخيرات ، أنت وصلت إلى أصل الجمال ، والكمال ، والنوال ، وصلت إلى الذات الكاملة ، وصلت إلى من بيده كل شيء ، الأقوياء بيده ، والفقراء بيده ، والضعفاء بيده ، والأغنياء بيده ، والفقراء بيده ، والعلماء بيده ، ومن لم يتعلم بيده ، بيده كل شيء .

﴿ وَلِلَّهِ غَيْبُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَإِلَيْهِ يُرْجَعُ الْأَمْرُ كُلُّهُ فَاعْبُدْهُ وَتَوَكَّلْ عَلَيْهِ وَمَا رَبُّكَ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ (123) ﴾

[ سورة هود]

 إذاً : (فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ) الذكر عبادة تدور مع الإنسان ، وأنت تركب مركبتك تذكر : يا ربي لك الحمد ، دلني على ما تحب وترضى ، دخلت بيتك يوجد ذكر ، خرجت من البيت يوجد ذكر ، أويت للفراش يوجد ذكر ، التقيت مع أهلك في ذكر ، أنت حينما تذكر الله هذه العبادة تدور مع الإنسان في كل حالاته ، وكل سكناته ، لذلك : (فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ) إذا ذكرك الله أنت إنسان آخر ، كم ميزة لك ؟ والله صار بالآلاف ، آلاف الميزات ، من فهم ، من شخصية قوية ، من بيت سعيد ، من تفاهم زوجي ، من أولاد أبرار ، من بنات محتشمات ، من سمعة كبيرة ، من بر والدين :

((استقيموا ولن تُحْصُوا))

 لذلك : (فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ) .

القانون نهاية العلم :

 الآن ننتقل إلى شيء دقيق متعلق بالعلم : نهاية العلم القانون ، أي بحوث مدة عشرين سنة تنتهي بالقانون ، التبخر مثلاً ، القوانين بالآلاف ، بالملايين ، نهاية العلم أن يصل للقانون، القانون ؛ علاقة مقطوع بها ، بين متغيرين ، توافق الواقع ، عليها دليل ، إن ألغينا الدليل أصبح تقليداً ، والله عز وجل ما قبل أن تعبده تقليداً قال :

﴿ فَاعْلَمْ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَاسْتَغْفِرْ لِذَنْبِكَ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مُتَقَلَّبَكُمْ وَمَثْوَاكُمْ (19) ﴾

[سورة محمد]

 من دون دليل تقليد ، من دون تطابق مع الواقع جهل ، الجهل ليس ألا تعلم ، أن تكون المقولات التي تسمعها لا علاقة لها بالواقع ، الآن من دون قطع عندنا وهم هو ثلاثون بالمئة ، شك خمسون بالمئة ، ظن سبعون بالمئة ، غلبة ظن تسعون بالمئة ، أما القطع فمئة بالمئة ، حقائق الدين كلها قطعية ، لا تحتاج الشك ولا التردد ، فأنت مع خالق الأرض والسماء، مع المطلق .
الآن السؤال الدقيق : ماذا يقابل القوانين في الدين ؟ يقابلها السنن ، الله قال :

﴿ سُنَّةَ اللَّهِ فِي الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلُ وَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّةِ اللَّهِ تَبْدِيلاً (62) ﴾

[ سورة الأحزاب]

﴿ اسْتِكْبَاراً فِي الْأَرْضِ وَمَكْرَ السَّيِّئِ وَلَا يَحِيقُ الْمَكْرُ السَّيِّئُ إِلَّا بِأَهْلِهِ فَهَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا سُنَّةَ الْأَوَّلِينَ فَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّةِ اللَّهِ تَبْدِيلاً وَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّةِ اللَّهِ تَحْوِيلاً (43) ﴾

[ سورة فاطر]

القوانين نوعان ؛ قوانين الدفع إلى الله وقوانين الردع :

 أنا الآن مع قوانين في القرآن ، القوانين نوعان ، زمرتان : قوانين الدفع إلى الله وقوانين الردع ، دفع ، وردع ، الآن أنا أسمي السنن ، ما هي سنن الدفع إلى الله ؟
 أولاً : الهدى البياني ، أنت مرتاح راحة تامة ، ببيتك ، مع أهلك ، مع أولادك ، تتابع درساً بالتلفاز ، بالفضائيات ، تتابع خطبة جمعة ، تتابع درساً بالجامع ، تتابع تفسير آية ، كلها مصادر متنوعة ، من كتاب ، إلى تفسير ، إلى لقاء ، إلى سهرة فيها عالم كبير ، إلى خطبة جمعة ، من خطيب إلى كذا ، لا يهم ، يهم التنوع ، فأنت عندما تتلقى معلومات مدللة ، مؤكدة، صحيحة ، من عند خالق الأرض والسماوات ، أنت موقفك الاستجابة ، هذا أول شيء ؛ الهدى البياني ، لا يوجد مشاكل ، ولا أزمات ، ولا مصيبة ، ولا يوجد أي شيء إطلاقاً ، وأنت بأعلى درجة من الراحة ، والطمأنينة ، ومع أهلك ، وأولادك ، بعملك ، لا يوجد عندك قلق لا على صحتك ، ولا على مستوى مالك ، ولا على مستوى بيتك ، تسمع درس علم ، هذا اللقاء الطيب ، تسمع خطبة جمعة ، تقرأ تفسير ، ولا يوجد عصر العلم مبذول بلا حدود كهذا العصر ، من فضل الله عز وجل لا أقولها افتخارًا ، لي الموقع الأول في العالم ، يرتاده في اليوم مليونا زائر ، وله تطبيق مذهل بالآيباد ، فهذا بين أيديكم ، اكتبوا موسوعة النابلسي بالآيباد ، كل شيء فيه ، فيه عشر لغات .
 أنت راكب سيارتك بمكان ، الوقت طويل ، تسمع درساً ، تأخذ الموسوعة الصوتية قاعد تنتظر ، واضع السماعات بأذنك عند طبيب أسنان ، ما دام عندك وقت ممكن أن تسمع أي موضوع دقيق جداً ، وممتع ، هذه الموسوعة الصوتية .
 الآن أنت خطيب مسجد ، تريد أن تحضر موضوعاً ، تأخذ الموسوعة النصية ، كل شيء بالموقع فقط نصوص ، والنصوص كتابة ، وورد ، أنت بفرنسا ، هذه الفقرة لا تناسب فرنسا تحذفها ، تضيف فقرة من عندك ، بالوورد تعدل ، تحذف ، وتضيف ، أما pdf فهو الأصل، هذه الموسوعة النصية ، قاعدين بسهرة ، يوجد فيها عشرون شخص ، وهناك شاشة ينتقل أي موضوع إلى الشاشة ، الموسوعة المرئية ، فبين موسوعة صوتية لمن يركب في قطار، في سيارة ، وبين موسوعة نصية ، يحضر درس لخطبة جمعة ، لإلقاء درس يوجد موسوعة مرئية ، بسهرة معينة ثم يوجد موسوعات الفتاوى ، هذا الموقع يتجدد يومياً ، وهناك صور دقيقة جداً ، احترافية تبين كل فكرة تحتاج إلى صورة ، هذا بين أيديكم ، ومجاناً ، هذا الموقع يرتاده باليوم مليونا زائر ومجاناً وبلا مقابل ، كله حر .
 إذاً العلم يحتاج إلى طلب ، الآن بالدين يوجد سنن ، أو سنة الهدى البياني ، الموقف الكامل بالهدى البياني الاستجابة ، الدليل :

﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُمْ لِمَا يُحْيِيكُمْ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يَحُولُ بَيْنَ الْمَرْءِ وَقَلْبِهِ وَأَنَّهُ إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ (24) ﴾

[ سورة الأنفال]

 دقق (لِمَا يُحْيِيكُمْ) قبل الدعوة كنا أموات ؟ نعم ، عندنا موت ديني ، الله قال :

﴿ أَمْوَاتٌ غَيْرُ أَحْيَاءٍ وَمَا يَشْعُرُونَ أَيَّانَ يُبْعَثُونَ (21) ﴾

[ سورة النحل]

 أموات ، وصف الذين شردوا عن الله بأنهم أموات ، لذلك : (إِذَا دَعَاكُمْ لِمَا يُحْيِيكُمْ) يا ربي نبضه مثالي ، ميت عند الله ، ضغطه 8 / 12 ، ميت ، الحياة حياة القلوب ، الحياة حياة الأهداف ، الحياة الإيمان بالآخرة : (إِذَا دَعَاكُمْ لِمَا يُحْيِيكُمْ) .
 الشيء الدقيق : الهدى البياني كما تكلمت معلومات ، خطبة ، درس ، كتاب ، تفسير محاضرة ، ....إلخ ، الموقف الكامل : (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُمْ لِمَا يُحْيِيكُمْ) كي يحيوا حياة المؤمنين ، حياة الصادقين ، حياة أولياء الله عز وجل ، من هو الولي ؟ اركل بقدمك مليون قصة عن الولاية ما أنزل الله بها من سلطان .

﴿ أَلَا إِنَّ أَوْلِيَاءَ اللَّهِ لَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ (62) الَّذِينَ آمَنُوا وَكَانُوا يَتَّقُونَ (63) ﴾

[ سورة يونس]

 فقط هذا التعريف الجامع ، المانع ، القطع ، واركل بدمك مليون تفسير آخر : (أَلَا إِنَّ أَوْلِيَاءَ اللَّهِ لَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ * الَّذِينَ آمَنُوا وَكَانُوا يَتَّقُونَ) .
 إذاً الهدى البياني راق جداً ، عليك أن تستجيب ، والآية أوضح من الشمس : (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ) في قرآنه ، والرسول في سنته (إِذَا دَعَاكُمْ لِمَا يُحْيِيكُمْ) من أجل أن يحيا قلبك ، تحيا نفسك ، تعرف سرّ وجودك ، وغاية وجودك ، أن ترى الآخرة ، أن تعيش الجنة في الدنيا .

﴿ وَلِمَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ جَنَّتَانِ (46) ﴾

[ سورة الرحمن]

 جنة في الدنيا هي جنة القرب ، وجنة في الآخرة هي جنة الخلد .
 لو فرضنا افتراضاً - والافتراض شيء من العلم - هذا ما استجاب ، أي ما أحب أن يطبق تعليمات الصانع ، ارتكب خطأ كبيراً ، الجهة الصانعة هي الجهة الوحيدة التي ينبغي أن تتبع تعليمات الصانع ، تألق ضوء تزييني في لوحة البيانات قال : هذا ضوء لتسليتي في الطريق، هو ضوء تحذيري وليس تزيينياً ، فهمه تزييني احترق المحرك ، يدفع الثمن الإنسان .
 بربك إذا كان وجدت لوحة في الطريق كتب عليها : ممنوع التجاوز حقل ألغام ، فهمك الحضاري لهذه اللوحة هل هي حد لحريتك أم ضمان لسلامتك ؟
 ورب الكعبة حينما توقن أن المنهيات في القرآن ضمان لسلامتك ، وثمانية مليارات إنسان بالأرض الآن لا يوجد واحد إلا حريص على سلامته ، من يحب المرض ؟ ولا واحد ، من يحب الفقر ؟ ولا واحد ، من يحب القهر ؟ ولا واحد ، من لا يحب أن يكون سعيداً مع أهله وأولاده ؟ لا أحد ، بمكانته ؟ بصحته ؟ لا أحد ، من لا يحب أن يعيش مئة وثلاثين سنة ؟ كلنا ، الإنسان يحب سلامة وجوده ، وكمال وجوده ، واستمرار وجوده ، هذه القصة كلها .

حرص الإنسان على سلامته وسعادته واستمرار وجوده :

 على رأس الهرم البشري ثمانية مليارات إنسان ، لا يوجد واحد إلا حريص على سلامته ، وسعادته ، واستمراره .
 ملخص الملخص : سلامته باتباع تعليمات الصانع ، وسعادته بالإقبال عليه ، واستمراره بتربية أولاده .
 والله كنت بأمريكا الترف الذي رأيته هناك العقل لا يتصوره ، لكن إذا قلت له : أولادك، يغمى عليه ، لأن أولاده ليسوا على منهجه ، فكنت أقول : - هذه القصة من خمس وعشرين سنة - لو بلغت منصباً ككلينتون ، وثروة كأوناسيس ، وعلماً كأينشتاين ، ولم يكن ابنك كما تتمنى فأنت أشقى الناس ، لا يمكن أن يسعد أب وأم والابن شقي .
 لذلك من فضل الله خلال دروسي لأربعين عاماً عن تربية الأولاد في الإسلام ألفت كتاباً عنوانه : تربية الأولاد في الإسلام ، هذا الكتاب موجود بالموقع تسحبه بضغطة زر فقط ، أنا عندي بالموقع حوالي أربعة وستين كتاباً ، تنتقل إلى جهازك ، إلى الآيباد ، أو الهاتف ، أو الكومبيوتر بكبسة زر فقط ، أحد أهم الكتب : تربية الأولاد في الإسلام ، تحت باب تحميل كتب اضغط ، جاء الكتاب كله بأكمله ، بغلافه ، بخطوطه ، بصفحاته بين يديك ، ما من شيء الآن مبذول كالعلم ، النبي ماذا قال ؟ قال :

(( عن تميم الداري رضي الله عنه قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ليبلغن هذا الأمر ما بلغ الليل والنهار ، ولا يترك الله بيت مدر ولا وبر إلا أدخله الله هذا الدين بعز عزيز أو بذل ذليل عزاً يعز الله به الإسلام وأهله ، وذلاً يذل الله به الكفر . وكان تميم الداري يقول : قد عرفت ذلك في أهل بيتي لقد أصاب من أسلم منهم الخير والشرف والعز ولقد أصاب من كان منهم كافراً الذل والصغار والجزية ))

[أخرجه الطبراني في المعجم الكبير والإمام أحمد]

 والله دعيت إلى ملبورن آخر مكان بالأرض تحتها في القطب الجنوبي ، في أستراليا ، فيها معهد شرعي ، ومكتبة ، وجامع :

((ليبلغن هذا الأمر ما بلغ الليل والنهار))

 والآن نحن عندنا عصر التواصل شيء لا يصدق ، شخص يقول لك : حضر بالخطبة ألفا شخص ، يدخل على الموقع باليوم مليونا شخص ، بين أيديكم عشر لغات، دروسي كلها بالفرنسي ، والعربي ، والإنكليزي ، والإسباني ، والصيني ، إلى آخره ، والتركي ، بين أيديكم فرص العلم ، وطلب العلم يفوق حدّ الخيال .

قوانين الدفع إلى الله :

 إذاً الهدى البياني ، أنت مرتاح لا يوجد عندك أية مشكلة ، سمعت درساً ، خطبة ، قرأت كتاباً ، الموقف الأكمل الاستجابة : (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُمْ لِمَا يُحْيِيكُمْ) ما استجاب ، قال له الطبيب : أنت عندك التهاب معدة حاد ، لا بد من حمية تامة تامة تامة على الحليب لستة أشهر ، إذا كان شهوتك إلى الطعام غلبتك وأكلت ، عندئذٍ تحتاج إلى عمل جراحي ، فإذا الإنسان ما استجاب إلى الله بالهدى البياني يوجد تأديب تربوي ، قال تعالى :

﴿ وَلَنُذِيقَنَّهُمْ مِنَ الْعَذَابِ الْأَدْنَى دُونَ الْعَذَابِ الْأَكْبَرِ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ (21) ﴾

[ سورة السجدة]

 بالآخرة ، الأدنى في الدنيا ، المصائب عذاب أدنى ، فقر ، مرض ، قهر ، سجن ، إلى آخره ، أما العذاب الأكبر فهو بالآخرة ، في النار خالد مخلد ، فلابد من أن تنتبه .
 نحن عندنا مرض خطير ، اسمه الغرق بالجزئيات ، أهل الأرض على هاتفه ، على الآيفون ، على الآيباد ، على دفتر الأعمال ، كاتب مئة بند ، لكنه لم يدخل الموت بحسابه .
 " عبدي رجعوا وتركوك ، وفي التراب دفنوك ، ولو بقوا معك ما نفعوك ، ولم يبقَ لك إلا أنا ، وأنا الحي الذي لا يموت " .
 والله الذي لا إله إلا هو ما وجدت على وجه الأرض إنساناً أعقل ، ولا أذكى ممن أدخل الموت بحسابه اليومي ، انظروا لهذه السورة الجامعة المانعة :

﴿ وَالْعَصْرِ (1) إِنَّ الْإِنْسَانَ لَفِي خُسْرٍ (2) إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ (3) ﴾

[ سورة العصر]

 العصر هو الزمن ، أقسم الله لك بمطلق الزمن جواب القسم مخيف أنك خاسر (إِنَّ الْإِنْسَانَ لَفِي خُسْرٍ) أي مضي الزمن وحده يستهلكه ، فقط مضي الزمن (إِلَّا) رحمة الله في إلا ، عندنا أربعة أشياء سماها الإمام الشافعي : أركان النجاة ، (إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا) بحثوا عن الحقيقة ، حضروا درس علم ، خطبة جمعة ، كتاب تفسير ، يا أخي هل تستطيع أن تدخل لعند طبيب ولا يوجد مبلغ بجيبك ؟ لا تستطيع ، إلى محام ؟ تحتاج إلى أتعاب ، إلى مهندس ؟ أجور، أما الجامع فبلا مقابل ، الجامع حر ، اطلب العلم بلا مقابل ، تعلم .
 " ابن آدم اطلبنِي تجدني ، فإذا وجدتني وجدت كل شيء ، وإن فتك فاتك كل شيء، وأنا أحب إليك من كل شيء" .
 الهدى البياني وأنت مرتاح ، تسمع درساً ، تسمع محاضرة ، تقرأ كتاب تفسير ، تتابع درساً معيناً ، تحضر خطبة جمعة ، كل هذا هدى بياني ، الموقف الكامل الاستجابة (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ) في قرآنه ، والرسول في سنته (وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُمْ لِمَا يُحْيِيكُمْ) ما استجاب ، شهوته غلبته ، غلبته العادات والتقاليد ، لم يستقم ، قال له : يا بني معك التهاب معدة حاد ، تتبع الحمية كاملة على الحليب ستة أشهر لتشفى شفاء تاماً ، إن لم تستطع ، الأكل أغراك ، تحتاج إلى عمل جراحي ، هذا اسمه : التأديب التربوي ، قال تعالى : (وَلَنُذِيقَنَّهُمْ مِنَ الْعَذَابِ الْأَدْنَى دُونَ الْعَذَابِ الْأَكْبَرِ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ) العذاب الأدنى في الدنيا ؛ مرض ، مشكلة ، أحياناً مشكلة زوجية ، مشكلة اجتماعية ، مشكلة بعملك ، مع مديرك العام ، انظر المصيبة من الله تصيب الهدف ، فأنت افهم المصيبة فهماً إلهياً ، علوياً ، أنت فهمتها تقول : ما هذا الحظ ؟ هذا الحظ كلمة فيها إلحاد ، الإلحادي يقول لك : الدهر ، قلب لي الدهر ظهر المجن ، الله هو الدهر ، إذا كان هناك لفت نظر من الله استجب ، لذلك البطولة أن تفهم حكمة المصيبة ، وسميت مصيبة لأنها تصيب الهدف .
 فالله عز وجل جعل الهدى البياني أرقى شيء ، ما اهتدى بيانياً يوجد تأديب تربوي ، أكمل موقف بالتأديب التربوي التوبة ، التوبة باب فتح ، التوبة رحمة من الله ، التوبة حبل الله المتين ، التوبة النصوح .
 إذا تاب العبد توبة نصوحة أنسى الله حافظيه ، والملائكة ، وبقاع الأرض كلها خطاياه وذنوبه .

((عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه : قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ التَّائِبُ مِنْ الذَّنْبِ كَمَنْ لَا ذَنْبَ لَهُ ))

[أخرجه ابن ماجه]

 لا يوجد أرحم من الله .

﴿ قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعاً إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ (53) ﴾

[ سورة الزمر]

 هذه هي التوبة ، التوبة النصوح : " إذا تاب العبد توبة نصوحة أنسى الله حافظيه والملائكة وبقاع الأرض كلها خطاياه وذنوبه " .
 لا بالهدى البياني استجاب ، ولا بالتأديب التربوي تاب ، ولا بالإكرام الاستدراجي شكر، بقي القصم ، يقول لك : فجأة توفي ، انتهى ، لم يترك الله طريقة لم يستعملها معه ، مصر على انحرافه ، وعلى خطئه ، وعلى التعلق بالدنيا ، انتهى ، القصم .

قوانين الردع :

 أما قوانين الردع ، ألان نحن تكلمنا عن قوانين الدفع إلى الله ، الردع ؛ المصائب للأنبياء كشف ، عنده كمالات تفوق حدّ الخيال .
 ذهب إلى الطائف مشياً على أقدامه ، كذبوه ، وسخروا منه ، بل أغروا صبيانهم بضربه ، جاءه ملك الجبال ، قال : يا محمد أمرني رب أن أكون طوع إرادتك لو شئت لأطبقت عليهم الأخشبين ؟ قال : لا يا أخي ، اللهم اهدِ قومي فإنهم لا يعلمون ، لعل الله يخرج من أصلابهم من يوحده .
النبوة شيء كبير ، قمة البشر ، الهدى البياني ، تأديب تربوي ، إكرام استدراجي ، قصم ، المصائب للأنبياء كشف ، للمؤمنين ، مقصر بإتقان عمله ، مقصر بأداء صلواته ، يلوح له شبح مصيبة ، أي انتبه ، لفت نظر لطيف من الله ، المصيبة لفت نظر من الله ، المصيبة رسالة من الله ، انتبه .
عنده زكاة عشرة آلاف ، أنتم بفرنسا ، يورو ، عشرة آلاف يورو ، زوجته ضغطت عليه كثيراً ، نريد أن ندهن البيت ، فاستجاب لها ، خضع لضغوطاتها ، دهن البيت ، وما دفع زكاة ماله ، أقسم لي بالله – هو نفسه من تكلم وقال لي القصة - بعد عشرة أيام عمل حادثاً بسيارته فأصلحها ، قال لي : الفاتورة عشرة آلاف بالضبط ، توافق الرقمين رسالة من الله، فالبطولة أن تفهم على الله ، والحقيقة الدقيقة والخطيرة : من لم تحدث المصيبة في نفسه موعظة فمصيبته في نفسه أكبر ، البطولة أن تكشف الحقيقة بالوقت المناسب .
 عندنا هدى بياني ، تأديب تربوي ، إكرام استدراجي ، قصم ، للأنبياء المصائب كشف، للمؤمنين دفع وردع ، لغير المؤمنين ردع وقصم ، وانتهت ، وكل واحد منا بأحد هذه المراتب .
 لذلك : الصلاة عماد الدين ، من أقامها فقد أقام الدين ، وعصام اليقين ، وسيدة القربات ، ومعراج المؤمن إلى رب الأرض والسماوات .
 أرجو الله أن يحفظ إيمانكم جميعاً ، وأهلكم ، وأولادكم ، وصحتكم ، ومالكم ، واستقرار بلادكم .

الاستماع للدرس

00:00/00:00

إخفاء الصور