وضع داكن
24-04-2024
Logo
مختلفة - الأردن - المحاضرة : 67 - جمعية مجددون الأردن – وعود الله.
رابط إضافي لمشاهدة الفيديو اضغط هنا
×
   
 
 
 بسـم اللـه الرحمـن الرحيـم  
 

 بسم الله الرحمن الرحيم ، الحمد لله ربَّ العالمين ، والصلاة والسلام على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين .

الحب في الله عين التوحيد والحب مع الله عين الشرك :

 هذا المؤمن يا ترى هذا اللقاء هل يرضي الله ؟ لا يرضيه ؟ الصفقة عليها إشكال ؟ الصحبة عليها إشكال ؟ البرنامج له إشكال ؟ دائماً عنده معيار دقيق ، الشيء الذي لا يرضي الله نبتعد عنه ، لذلك :

((ما تركَ عبدٌ شيئًا للَّهِ ، لا يترُكُه إلَّا للَّهِ ، إلَّا عوَّضَهُ منهُ ما هو خيرٌ لهُ في دينِه ودُنياهُ))

[السلسلة الضعيفة]

 وأنا أرى أن زوال الكون أهون على الله من ألا يحقق وعوده للمؤمنين ، دائماً المؤمن يفعل شيئاً يفكر بخالقه ، العمل يرضي الله ؟ لي حُجة مع هذا العمل ؟ لي مبرر أو جواب ؟ ماذا أقول لله ؟ لماذا فعلت هذا العمل ؟ لم أهملت هذا ؟ لم أعرضت عن هذا ؟

﴿ فَوَرَبِّكَ لَنَسْأَلَنَّهُمْ أَجْمَعِيْنَ * عَمَّا كَانُوا يَعْمَلُونَ ﴾

[سورة الحجر]

 مادام هناك مساءلة هناك يقظة ، يوجد مساءلة يوجد حرص ، يوجد مساءلة يوجد خوف ، الخوف من الله أعلى درجات الخوف ، لذلك دائماً وأبداً الحب في الله عين التوحيد ، والحب مع الله عين الشرك ، الحب في الله أن تحب الله ، أن تحب رسول الله ، والأنبياء جميعاً، أن تحب المؤمنين ، أن تحب دور العلم ، أن تحب العمل الصالح ، أن تحب إخوانك ، يتفرع عن حب الله عز وجل مئة بند ، الحب في الله عين التوحيد ، والحب مع الله عين الشرك ، لذلك

﴿ فَوَرَبِّكَ لَنَسْأَلَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ ش(92) عَمَّا كَانُوا يَعْمَلُونَ (93)﴾

 يوجد مساءلة ، مادام هناك مساءلة هناك مراقبة :

﴿ يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً ۚ وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ ۚ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا(1)﴾

[سورة النساء]

 أنت رقابة إنسان لا تتحملها ، فلذلك قبل أن تفعل شيئاً ، قبل أن تطلّق ، قبل أن تفصل هذه الشركة ، قبل أن تتجهم ، قبل أن تنافق لا سمح الله ، قبل أن تُجامل ، فكر أن هناك سؤالاً دقيقاً جداً سوف تُسأل عنه ،

﴿ فَوَرَبِّكَ لَنَسْأَلَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ (92) عَمَّا كَانُوا يَعْمَلُونَ (93)﴾

.

العصور ثلاثة ؛ عصر المبادئ والقيم وعصر الأشخاص وعصر الأشياء :

 يوجد ملمحٍ لطيف ، قالت : يا أبت استأجره ، إن خير من استأجرت القوي الأمين ، صفتان في كل إنسان أراد أن يُعيّن موظفاً عنده ، القوة هي الخبرة ، المعلومات ، المهارات ، والأمانة هي الولاء ، قالت : يا أبت استأجره ، إن خير من استأجرت القوي الأمين .
 سيدنا عمر أثناء طوافه حول الكعبة ، ملك الغساسنة جبلة بن الأيهم يطوف حول الكعبة ، أحدهم عن غير قصد داس طرف ردائه ، فانخلع رداؤه عن كتفه ، وكان سيدنا عمر في مكة ، ملك الغساسنة جبلة بن الأيهم ، ملك ورداؤه انخلع ، فضرب هذا الأعرابي ضربةً هشّمت أنفه ، فشكاه إلى سيدنا عمر ، هناك شاعر معاصر توفي قبل سنتين صاغ الحوار شعراً، قال سيدنا عمر لجبلة : أصحيحٌ ما ادّعى هذا الفزاري الجريح ؟ فقال جبلة : لست ممن ينكر شياً أنا أدّبت الفتى ، أدركت حقي بيديَّ ، فقال سيدنا عمر : أرض الفتى لابد من إرضائه ما زال ظفرك عالقاً بدمائه ، أو يهشمنَّ الآن أنفك ، وتنال ما فعلته كفك ، قال : كيف ذاك يا أمير هو سوقةٌ وأنا عرشٌ وتاج ؟ كيف ترضى أن يخرَّ النجم أرضاً ؟ قال : نزوات الجاهلية ، ورياح العنجهية قد دفناها وأقمنا فوقها صرحاً جديداً ، وتساوى الناس أحراراً لدينا وعبيداً ، قال : كان وهماً ما جرى في خلدي أنني عندك أقوى وأعز ، أنا مرتدٌّ إذا أكرهتني ؟ فقال سيدنا عمر : عنق المرتد بالسيف تُحزّ ، عالمٌ نبنيه ، كل صدعٍ فيه يداوى ، وأعز الناس بالعبد بالصعلوك تساوى .
 إذاً نحن معنيون ؛ يوجد مبادئ ، ويوجد قيم ، هذا العصر عصر المبادئ ، أصبح لدينا عصر آخر هو عصر الأشخاص ، صلاح الدين الأيوبي ، فلان ، فلان ، ولدينا عصر ثالث هو عصر الأشياء ، فقيمة الإنسان من مساحة بيته ، من نوع مركبته ، من نوع وظيفته ، بين عصر المبادئ والقيم ، إلى عصر الأشخاص والأبطال ، إلى عصر الأشياء ،

(( اشتقت لأحبابي ، فقيل للنبي الكريم : أولسنا أحبابك ؟ قال : أنتم أصحابي ، أحبابي أناسٌ يأتون في آخر الزمان القابض منهم على دينه كالقابض على الجمر أجره كأجر سبعين ، قالوا : منا أم منهم ؟ قال : بل منكم لأنكم تجدون على الخير معواناً ولا يجدون))

[ورد في الأثر]

القانون نهاية العلم :

 لذلك أنا ممكن أن أقول : نهاية العلم القانون ، بمعنى التمدد قانون ، التبخر قانون ، لدينا ألف قانون ، لكن ملخص هذه القوانين علاقةٌ مقطوعٌ بها بين متغيرين ، تطابق الواقع ، عليها دليل ، إن لم تكن مطابقة للواقع فهي جهل ، إن لم يكن مقطوعٌ بها فهي وهم ، الوهم ثلاثون بالمئة ، الشك خمسون بالمئة ، الظن سبعون ، غلبة الظن تسعون ، القطع مئة في المئة، علاقةٌ بين متغيرين مقطوعٌ بها تطابق الواقع عليها دليل ، إن لم تطابق الواقع فهي جهل ، بلا دليل تقليد .

سُنن الدفع إلى الله :

 السؤال الدقيق هل هناك ما يشبه القوانين في الدين ؟ نعم كالقانون تماماً ، اسم هذا الذي أقوله : السُنن ، ولن تجد لسنة الله تبديلاً ، ولن تجد لسنة الله تحويلاً ، ما هذه السنن ؟ شيء دقيق ، هذه السُنن تندرج في زمرتين ، سُنن الدفع إلى الله ، وسُنن الردع ، الدفع الهدى البياني ، أنت مرتاح في منزلك مع زوجتك ، مع أولادك ، مع بناتك ، ليس لديك أي مشكلة صحية أو نفسية أو اجتماعية أو عائلية ، ولا مع الأقوياء ، اسمع درساً ، لقاء ، ندوة ، خطبة جمعة ، اقتنيت كتاب تفسير ، مقالة في مجلة إسلامية ، هذا اسمه : الهدى البياني ، وموقفك الكامل أن تستجيب ، تطبق هذا الذي قرأته ، هذه الحالة اسمها : الهدى البياني :

﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُمْ لِمَا يُحْيِيكُمْ ۖ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يَحُولُ بَيْنَ الْمَرْءِ وَقَلْبِهِ وَأَنَّهُ إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ (24)﴾

[سورة الأنفال]

 أكمل شيء ، أرقى شيء ، أعلى شيء ، تكون أنت مرتاحاً ليس لديك أي مشكلة ، سمعت درساً ، شاهدت ندوة إسلامية ، سمعت خطبة جمعة ، اقتنيت كتاب تفسير لعالم جليل ، تلقيت معلومات صحيحة ، مثبتة ، عميقة ، فأنت الموقف الكامل التطبيق ، أي الاستجابة ،

﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُمْ لِمَا يُحْيِيكُمْ﴾

 إذا كان الشخص نبضه ثمانون يكون مثالياً ، ضغطه 8/12 يكون مثالياً ، قد يكون عند الله ميتاً ، والدليل :

﴿ أَمْوَاتٌ غَيْرُ أَحْيَاءٍ وَمَا يَشْعُرُونَ أَيَّانَ يُبْعَثُونَ (21) ﴾

[ سورة النحل]

 صحته ممتازة ، نبضه مثالي ، ضغطه مثالي ، عند الله ميت ، لدينا حياة القلوب ، حياة الفهم عن الله عز وجل :

﴿ فَفَهَّمْنَاهَا سُلَيْمَانَ ۚ وَكُلًّا آتَيْنَا حُكْمًا وَعِلْمًا ۚ وَسَخَّرْنَا مَعَ دَاوُودَ الْجِبَالَ يُسَبِّحْنَ وَالطَّيْرَ ۚ وَكُنَّا فَاعِلِينَ (79)﴾

[سورة الأنبياء]

 حياة الإيمان ، حياة الإيمان في اليوم الآخر ، حياة الانضباط في إنفاق المال ، في قبض المال ، في حرفتك ، في علاقتك ، مسموح بهذه المادة الحافظة ثلاثة في الألف ، تضعها ثلاثة في المئة لاعتقادك أنها أضمن لسلامة المنتج ، أصبح هناك سرطانات ، السرطانات تضاعفت عشرة أضعاف من قبل ، فإذا لم يكن هناك خوف من الله ، ليس هناك انضباط مع شرع الله ، دائماً وأبداً الرقابة البشرية محدودة ، الآن في بلاد غربية ما دام هناك كاميرا أو آلة تضبط المخالفة تنضبط ، وإذا لم يكن ، الكهرباء قُطعت في مدينة في أمريكا في مدينة كبيرة جداً، تمت في هذه الليلة مئتا ألف سرقة ، هذا انضباط إلكتروني ، انضباط كهربائي ، أما المؤمن فينضبط بمراقبة الله له ، وهذا شيء دقيق جداً ، أعرف طبيب عظمية مؤمناً ، عنده رداء كبير ، مفتوح تقريباً عشرون سنتيمتراً ، تأتي الأخت إليه ، المرأة بدل أن تخلع جميع ثيابها حسب التعليمات الغربية ، يسألها أين يؤلمك ؟ يحل المشكلة ، لا يوجد قضية ليس لها حل ، لا يمكن لإنسان أن يتخذ قراراً وبطاعة الله إلا يوجد حل لكل مشكلاته ، فلذلك الهدى البياني أرقى شيء ، أنت مرتاح ليس لديك أي مشكلة إطلاقاً ، سمعت درساً ، ندوة ، شاهدت برنامجاً إسلامياً ، سمعت خطبة خطيب ، قرأت تفسيراً ، طبقت ، الهدى البياني أكمل موقف الاستجابة ،

﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُمْ لِمَا يُحْيِيكُمْ﴾

 لم يستجب ، يوجد طريقة أخرى ، قال تعالى :

﴿ وَلَنُذِيقَنَّهُم مِّنَ الْعَذَابِ الْأَدْنَىٰ دُونَ الْعَذَابِ الْأَكْبَرِ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ (21)﴾

[سورة السجدة]

 هذا اسمه : التأديب التربوي ، والبطولة أن تتوب ، في الهدى البياني أن تستجيب ، في التأديب التربوي أن تتوب ، بمعنى لدينا زكاة عشرة آلاف ، زوجته ضغطت عليه ضغطاً شديداً أن يدهن البيت فاستجاب ، عمل حادث سير ، الفاتورة كانت بالضبط عشرة آلاف ، رسالة من الله ، لدينا هدى بياني أرقى شيء ، وأتمنى على إخوتي المشاهدين والمستمعين أن يبقوا في هذا المستوى الراقي ، وهناك تأديب تربوي جيد تاب ، فأنت في الهدى البياني تستجيب ، وفي التأديب التربوي تتوب ، لا بالأولى استجبت ، ولا بالثانية تبت ، لدينا حالة ثالثة لكن الناجحين قلائل ، الإكرام الاستدراجي ، تُفتح الدنيا فجأةً ، دخل فلكي ، بيت في العاصمة ، بيت في المصيف ، بيت على البحر ، ثلاث مركبات ، سهرات ، لقاءات ، لم يشكر ، في الهدى البياني ما استجاب ، في التأديب التربوي ما تاب ، بالإكرام الاستدراجي ما شكر ، بقي القصم ، لا يوجد شخص من الأخوة الحاضرين ، ولا المتابعين ، ولا المشاهدين ، ولا المستمعين ، ولا القارئين ، إلا له مكان من هذه الأماكن ، فالبطولة والذكاء والنجاح والتفوق ، أن تكون في المرحلة الأولى الاستجابة ، الهدى البياني وموقفه الكامل الاستجابة ، يوجد زلّة قدم ممكن في التأديب التربوي أن أتوب من هذا العمل ، أما عندما تُفتح عليه الدنيا فجأةً ، وهو في غفلة عن الله ، يوجد حالة اسمها القصم ، لذلك :

﴿ وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنتَ فِيهِمْ ۚ وَمَا كَانَ اللَّهُ مُعَذِّبَهُمْ وَهُمْ يَسْتَغْفِرُونَ (33)﴾

[سورة الأنفال]

 يا محمد ما دامت سُنتك قائمةً في حياتهم ، في كسب أموالهم ، في إنفاق أموالهم ، في حلهم ، في ترحالهم ، في كل شؤونهم ، الله عز وجل يحفظهم من العذاب .

الإسلام فردي وجماعي :

 الآن يوجد ثمانية مليارات إنسان ، أحدث إحصاء في أهل الأرض ، يوجد مليارا مسلم ، فإذا شاب واحد من ملياري مسلم أقام الإسلام في دوائر يملك فيها القرار ، في نفسه ، أدى الصلوات ، غض بصره ، ضبط لسانه ، وفي بيته ، ملك القرار في البيت لصاحب البيت ، وفي عمله ، فإذا أقمت أمر الله فيما تملك كفاك ما لا تملك ، ما يفعل الله بعذابكم إن شكرتم وآمنتم ، لكن كأمة ،

﴿ وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنتَ فِيهِمْ﴾

  بمعنى يا محمد في حياتك أو بعد مماتك مادامت سنتك مطبقةً في حياتهم هم في مأمنٍ من عذاب الله ، مادامت سُنة منهجك يا محمد مطبقةً في حياتهم ، في كسب أموالهم ، في إنفاق أموالهم ، في حلهم ، في ترحالهم ، في شركاتهم ، في لقاءاتهم ، في تجارتهم ، في بيعهم وشرائهم ، هم في مأمنٍ من عذاب الله ، أصبح لدينا إسلام فردي ، وإسلام جماعي ، الإسلام الفردي له ثلاث دوائر ، أنت دائرة ، والبيت دائرة ، والعمل دائرة ، أما الجماعي فعلاقته بالأمة ، الأمة إذا طبقت منهج النبي الكريم فهي في مأمنٍ من عذاب الله ، الدليل القرآني :

﴿ وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنتَ فِيهِمْ﴾

  يا محمد ما دامت سنتك قائمةً في حياتهم هم في مأمنٍ من عذاب الله ، الهدى البياني ، التأديب التربوي ، الإكرام الاستدراجي ، ثم القصم ، ضربة واحدة وانتهى الأمر .

سنن الردع :

 الآن لدينا سُنن الردع ، سنن الدفع ، الهدى البياني ، التأديب التربوي ، الإكرام الاستدراجي ، ثم القصم ، أما سنن الردع فبالمصائب ، الأنبياء مصائبهم مصائب كشف ، عنده كمالات ومشاعر إنسانية عالية جداً ، لا تظهر في الحياة العادية ، مثلاً في الهجرة ، تبعه سُراقة ، لأنه قالوا : مئة ناقة لمن يأتي به حيّاً أو ميتاً ، ما معنى ناقة الآن ؟ معنى ناقة مركبة مرسيدس ستمئة ، هذا معنى ناقة الآن ، مئة ناقةٍ لمن يأتي به حياً أو ميتاً ، فقال له : يا سراقة كيف بك إذا لبست سوار كسرى ؟ شيء لا يصدق ، إنسان مُلاحق مئة ناقة لمن يأتي به حياً أو ميتاً ، ويقول لسان حاله لسراقة : أنا سأصل سالماً ، سأُنشئ دولة في المدينة ، وسأؤسس جيشاً، وسأحارب أكبر دولة في العالم ، وسوف تأتيني الغنائم إلى المدينة ، ولك منها يا سراقة سوار كسرى ، هذا الذي حصل ، سيدنا عمر جاءته كنوز كسرى ، وقف صحابيان من طرفي الكنوز رفع أحدهما رمحه إلى الأعلى ، والثاني إلى الأعلى لم تتراء الرمحان ، قال سيدنا عمر : أين سُراقة ؟ جيء بسُراقة ، ألبسه سوار كسرى ، ثم قال : أُعرابيٌ من بني مخزوم يلبس سوار كسرى؟!
 أصبح لدينا سُنن الردع بالمصائب ، للأنبياء كشف ، للمؤمنين دفع ورفع ، لغير المؤمنين ردع وقصم ، أصبح لدينا أربع مراحل بأربع ، كل واحد من الأخوة المشاهدين أتمنى من أعماق نفسي أن يكون في أول مرتبة ، الهدى البياني .

البطولة والذكاء أن يحكم الإنسان النص لا الواقع :

 الهدى البياني مرحلة راقية جداً ، تعاملت مع الله بالنص ، الشخص إذا كان يركب مركبته - أنا أضرب مثلاً من بلادي من الشام - سافر إلى حمص ، له مليونا ليرة استحقهم في يوم معين ، ركب مركبته ، وصل إلى مسافة معينة مكتوب على اللوحة : الطريق إلى حمص مقطوعة بسبب تراكم الثلوج في النبك ، يعود ، ما الذي حكمه ؟ خمس كلمات ، لو أن دابةً تمشي على هذا الطريق ، أين تقف ؟ عند الثلج ، فإما أن يحكمك النص ، والقرآن نص ، وما صح من السنة نص ، أو يحكمك الواقع ، العالم الشارد عن الله يحكمه الواقع ، أما أهل الإيمان فيحكمهم النص ، ما يوجد في كتاب الله ، هناك أمر يطبقه يحكمه النص ، فلذلك البطولة ، والذكاء ، والنجاح ، والفلاح ، والتفوق ، أن يحكمك النص ، والقرآن نص ، والسنة نص ، هناك شيئان في الإيمان ، أنت إذا طبقت أصبح لك مع الله خط ساخن ، اتصلت بالله اشتققت من رحمته رحمةً ترحم بها من دونك ، اشتققت من حكمته حكمةً تعامل الناس ، والآية الدقيقة :

﴿ يُؤْتِي الْحِكْمَةَ مَن يَشَاءُ ۚ وَمَن يُؤْتَ الْحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْرًا كَثِيرًا ۗ وَمَا يَذَّكَّرُ إِلَّا أُولُو الْأَلْبَابِ (269)﴾

[سورة البقرة]

 ما قال : ومن يكن حكيماً ؛ لأنّ الحكمة لا تؤخذ ، في الحكمة تجعل العدو صديقاً ، في الحكمة تعيش بأي مبلغ ، مع الاقتصاد ، من دون حكمة تشقى بأعلى زوجة ، بلا حكمة تجعل الصديق عدواً ، بلا حكمة تبذر مالاً كثيراً .

اللذة والسعادة :

 لدينا شيء دقيق الآن قبل أن نغادر عندنا لذّة ، وعندنا إقبال على الله ، اللذّة مشكلتها تحتاج إلى شروط ثلاث ، دائماً مفتقد لواحد ، في البدايات تحتاج إلى صحة ، ووقت ، ومال ، في البدايات يوجد وقت ويوجد صحة لكن لا يوجد مال ، في المنتصف يوجد مال ويوجد صحة لكن لا يوجد وقت ، في خريف العمر يوجد وقت ويوجد مال لكن لا يوجد صحة ، هذه اللذّة ، أما السعادة فبمجرد أن تنعقد لك مع الله صلة ولم تقل : ليس على وجه الأرض من هو أسعد مني إلا أن يكون أتقى مني ، هناك مشكلة ، فإذا أردت الدنيا فعليك بالعلم ، وإذا أردت الآخرة فعليك بالعلم ، وإذا أردتهما معاً فعليك بالعلم ، والعلم لا يعطيك بعضه إلا إذا أعطيته كلك ، فإذا أعطيته بعضك لم يعطك شيئاً ، ويظل المرء عالماً ما طلب العلم ، فإذا ظن أنه قد علم فقد جهل ، طالب العلم يؤثر الآخرة على الدنيا فيربحهما معاً ، بينما الجاهل يؤثر الدنيا على الآخرة فيخسرهما معاً ، لذلك ملخص الملخص ، لا يخافنَّ العبد إلا ذبنه ، ولا يرجونَّ إلا ربه .

التوحيد نهاية العلم والعبادة نهاية العمل :

 هل تصدقون أيها الأخوة أن فحوى دعوة الأنبياء جميعاً من دون استثناء جُمعت في آيةٍ واحدة :

﴿ وَمَا أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ مِن رَّسُولٍ إِلَّا نُوحِي إِلَيْهِ أَنَّهُ لَا إِلَٰهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدُونِ (25)﴾

[سورة الأنبياء]

 التوحيد نهاية العلم ، والعبادة نهاية العمل ، والعبادة طاعةٌ طوعية ، ممزوجةٌ بمحبةٍ قلبية ، أساسها معرفةٌ يقينية ، تفضي إلى سعادةٍ أبدية .
 أرجو الله أن يحفظ لكم جميعاً إيمانكم ، وأولادكم ، وأهلكم ، وصحتكم ، ومالكم ، وكما أذكركم لدينا الهدى البياني ، التأديب التربوي ، الإكرام الاستدراجي ، القصم ، ولدينا المصائب ، الأنبياء كشف ، المؤمنين دفع ورفع ، لغيرهم ردعٌ وقصم ، ولابد من حالةٍ ، والحمد لله ربَّ العالمين .
 أدعو لكم من أعماق قلبي أن يحفظ الله لكم إيمانكم ، وأهلكم ، وأولادكم ، وصحتكم، ومالكم ، آخر دعوة دقيقة جداً ، واستقرار بلادكم ، هذه الدعوة لا يعرف قيمتها إلا من فقدها ، والحمد لله ربَّ العالمين .
المذيع :
 جزاكم الله خيراً شيخنا الدكتور محمد راتب النابلسي .
 دكتور لدينا بعض الأسئلة وصلت ، ولكن سنحاول أن نأخذ أهمها دكتور ، بالنسبة للشباب المتطوعين ، اليوم هم يبذلون من وقتهم وجهدهم والبعض حتى من ماله ، لكن في بعض الأحيان يدخل الشيطان مدخلاً ، أنك تعمل وتقوم بهذا العمل رياءً ، أنت غير صافي النية لله سبحانه وتعالى ، فيدخل في مرحلة جهاد النفس في جزئية هل أنا فعلاً مخلص لله سبحانه وتعالى ؟ كيف توجه الشباب من يقعون في فخ إبليس في هذا الباب أن يتجاوزوه ؟

من عرف الله لا يمكن أن يطالب بأجرة عندما يدعو إليه :

الدكتور محمد راتب النابلسي :
 كان هناك ملك طلب من أستاذ لغة عربية أن يعطي ابنه دروساً ، أعطاه عشرة دروس ، قال للابن : أين الأجرة ؟ قال له : كم تريد ؟ قال له : أريد على كل درس ألف ليرة ، رأساً أعطاه عشرة آلاف ، أما الملك فقد كان ينوي أن يعطيه منزلاً ومركبة ، فإذا قلت : العمل لله وفرض عليه أجرة فأنت لا تعرف الله :

((يا بن ادم اطلبني تجدني ، فإذا وجدتني وجدت كل شيء ، وإن فتك فاتك كل شيء ، وانا أحبّ إليك من كل شيء))

[ورد في الأثر]

 كلما عرفت الله أكثر لا يمكن أن تطالب بأجر ، إلا إذا شخص متفرغ للعمل فيه ، ليس له عمل آخر ، أستاذ ديانة مثلاً ، هذا موضوع آخر ، هو يعيش بحرفةٍ تعليمية ، وبالمناسبة لا يوجد مهنة أرقى من التعليم .

((إنما بُعِثتُ لأتمِّمَ مكارمَ الأخلاقِ))

[مجموع فتاوى ابن باز]

 فالتعليم أرقى حرفة ، إنها صنعة الأنبياء .
المذيع :
جزاك الله خيراً .
 السؤال الثاني حديث ورد عن الرسول صلى الله عليه وسلم :

((لأن تمشي في حاجة أخيك خيراً من أن تعتكف في المسجد ألف ليلة))

[ورد في الأثر]

 الآن ما بين العمل الصالح والعبادة في رمضان التداخل كبير ، الشباب فيهم طاقات عالية جداً ، يريدون أن يوفقوا ما بين الأمرين ، فماذا تنصح ؟

بطولة الإنسان في تنسيق أعماله وإعطاء كل ذي حق حقه :

الدكتور محمد راتب النابلسي :
 البطولة في التنسيق ، والبطولة أعط كل ذي حق حقه ، أحد الصحابة ابن عباس ، كان معتكفاً ، رأى إنساناً قلقاً ، قال له : أعندك شيء ؟ قال : هموم لزمتني وديون لا أطيق سدادها ، فخرج من معتكفه ، من عبادة ، من أرقى عبادة في رمضان ، فهناك شخص قال له : يا بن عباس أنسيت أنك معتكف ؟! قال : لا والله ، ولكني سمعت صاحب هذا الأمر ، والعهد به قريب قال: لأن أمشي مع أخٍ في حاجته أفضل من قيام ستين يوم ، قيام ليل ؛ أنت في الاعتكاف في عبادة ، أما في العمل الصالح ففي كسب ، هناك دخل ، حجمك عند الله بحجم عملك الصالح ، ليس بحجم عباداتك ، والدليل :

﴿ وَلِكُلٍّ دَرَجَاتٌ مِّمَّا عَمِلُوا ۚ وَمَا رَبُّكَ بِغَافِلٍ عَمَّا يَعْمَلُونَ (132)﴾

[سورة الأنعام]

 والعمل الصالح سمي صالحاً لأنه يصلح للعرض على الله ، ومتى يصلح ؟ إذا كان خالصاً وصواباً ، خالصاً ما ابتغي به وجه الله ، وصواباً ما وافق السنة .
المذيع :
جزاك الله خيراً شيخنا .
 السؤال الأخير شيخنا حتى نلتزم بوقتك ولديك محاضرة بعض قليل ، السؤال هو الآن نحن نحضر لرمضان إن كان في العمل الصالح ، أو في العبادة ، ولكن كلنا ندخل رمضان ولدينا أهدف يجب أن نحققها ، لدينا بعض الأخطاء ، بعض الأمور التي أخطأنا بها في السنوات السابقة ، بعض الأمور التي نريد أن نحسنها ، كيف نجاهد النفس ؟ النفس وجهادها أمر طويل جداً ، لكن قلت لك : انصح الشباب ، وانصحني ، وانصح الجميع ، بجهاد نفسٍ في رمضان ، نخرج فيه بعد رمضان بأن حققنا هدفنا في العمل الصالح ، وحققنا هدفنا على صعيدنا الشخصي في أعمالنا وعباداتنا اليومية ؟

الإسلام منهج كامل علينا تطبيقه بشكل صحيح :

الدكتور محمد راتب النابلسي :
 ما قولك تاجر عليه دين بخمسة ملايين ، وكل ممتلكاته مرهونة لهذا الدين ، جاء شخص قال له : اعمل ثلاثين يوماً هذا العمل تُعفى من الدين ، هل يتردد ؟ الدليل :

((من صامَ رمضانَ إيمانًا واحتسابًا غُفِرَ لَه ما تقدَّمَ من ذنبِهِ ، ومن قامَ ليلةَ القدرِ إيمانًا واحتسابًا غُفِرَ لَه ما تقدَّمَ من ذنبِهِ))

[صحيح أبي داود]

 ما قولك ؟ أنت في رمضان فتحت مع الله صفحة جديدة ، المغفرة تمت ، أنت في رمضان تتمتع بالقرب من الله ، لذّة الطاعة ، لذّة الإنفاق لا القبض ، لذّة صلة الأرحام ، لذّة القرآن ، أنصح أخواننا الكرام ، إذا كان عنده أربعة أولاد ، وثلاث بنات ، وزوجة ، صلِّ إماماً فيهم ، من المصحف في كل ركعة صفحة ، ممكن أن تختم القرآن في رمضان ، هذا كلام خالق الأكوان ، هذا ما أراده الله منك ، هذا التدبر :

﴿ الَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَتْلُونَهُ حَقَّ تِلَاوَتِهِ أُولَٰئِكَ يُؤْمِنُونَ بِهِ ۗ وَمَن يَكْفُرْ بِهِ فَأُولَٰئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ (121)﴾

[سورة البقرة]

 ما حق التلاوة ؟ أن تقرأ وفق قواعد اللغة قراءة صحيحة ، قراءة مع فهم ، مع تدبر، أين أنت من هذه الآية ؟ في رمضان أكثر من مئتين وخمسين آية ( يا أيها الذين آمنوا) ، مثلاً إذا شخص عنده مرض جلدي وخطير ، ليس لديه حل إلا أشعة الشمس ، جلس في غرفة مظلمة وقميئة وقال بفصاحة : يا لها شمسٌ ساطعة ! يا لها شمسٌ شافية ! كل هذا الكلام لا يقدم ولا يؤخر ، هذا الدين منهج ، إن لم يطبق ، لدينا الآن شيء اسمه : فولكلور إسلامي ، ممكن أن نضع الكعبة في البيت ، لا مشكلة أبداً بالعكس ، ممكن أن نضع مصحفاً في المركبة، هناك مظاهر إسلامية صارخة الآن ، لكن إن لم يكن هناك استقامة الوعود الإلهية لا تطبق :

﴿ وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَىٰ لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُم مِّن بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنًا ۚ يَعْبُدُونَنِي لَا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئًا ۚ وَمَن كَفَرَ بَعْدَ ذَٰلِكَ فَأُولَٰئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ (55)﴾

[سورة النور]

 بربك هل نحن مستخلفون في الارض ؟ ديننا مُمكّن ؟ الآن ديننا يواجه حرباً عالمية ثالثة ، كانت تحت الطاولة ، اليوم فوق الطاولة ، لذلك لسنا مستخلفين ، ولا مُمَكنين ، ولسنا آمنين ، لدينا الواقع الإسلامي الآن مؤلم جداً ، فأنا أقول : الحل بالصلح مع الله ، بالتوبة النصوح ، التعاون حضارة ، التعاون قوة ، مع الأسف الشديد أعداء الأمة يتعاونون تعاوناً مذهلاً وبينهم خمسة بالمئة قواسم مشتركة ، وأهل الإيمان والقرآن لا يتعاونون ، بل يتنافسون ، بل يتحاربون ، وبينهم خمسة وتسعون بالمئة قواسم مشتركة ، فلذلك المشروع كبير جداً أن نعرف الله:

(( ابن ادم اطلبني تجدني ، فإذا وجدتني وجدت كل شيء ، وإن فتك فاتك كل شيء ، وانا أحب إليك من كل شيء))

 فالقضية خطيرة جداً ، كلمة خطيرة شيء يحتاج إلى عمل جاد ، ليس عملاً هازلاً .
المذيع :
 جزاك الله خيراً شيخنا على كلامك المبشر للشباب بإذن الله ،

((من صامَ رمضانَ إيمانًا واحتسابًا غُفِرَ لَه))

 فاستعدوا للمغفرة ، واستعدوا لنية صافية بإذن الله تعالى ، تدخلون بها إلى الله ، كلمتك الأخيرة سيدنا قبل أن نختم ؟

الصلح مع الله والابتعاد عن السلبيات :

الدكتور محمد راتب النابلسي :
 إذا عدت بعد رمضان كما كنت قبل رمضان ، والله الذي لا إله إلا هو كأنك ما صمت رمضان لماذا ؟ أنت في رمضان اصطلحت مع الله ، لا يوجد غيبة ، لا يوجد نميمة ، لا يوجد إطلاق بصر ، لا يوجد سهرة مختلطة ، لا يوجد كذب في البيع والشراء ، تلافيت كل الأخطاء ، فإذا عدت إليها كما قال بعض الشعراء : رمضان ولّى هاتها يا ساقي ، عندئذٍ لا قيمة لهذا الشهر إطلاقاً ، لذلك سلبيات حياتنا ، سأقول لك كلمة مؤلمة ، رمضان أصبح شهر الولائم، والمسلسلات ، ما هي المسلسلات ؟ الغرب عندهم مكر لا يعلمه إلا الله ، عندما أيقن أن الكلمة لا تحولهم عن دينهم فاعتمدوا الصورة ، يريك فيلماً عبارة عن بيت فخم جداً ، صالونات ، زوجة رائعة جداً متفلّتة ، تسهر مع أصدقاء زوجها ، لا يوجد التزام إطلاقاً ، ورجل دين ، وهذا شيء مفتعل ، دخله ضيق ، زوجته وزنها حوالي مئة وخمسون كيلو غرام ، أولاده في الشارع ، لم يتكلموا شيئاً في الدين ولكن قدموا الصورة ، الغرب الآن اعتمدوا الصورة ولم يعتمدوا الفكرة ، أنا كنت في الجزائر عندما تأججت الثورة ، عشرون أو ثلاثون محطة إباحية موجهة للجزائر فقط ، الغرب يعرف ، الكلمة لا تجدي في إقناع الناس في الإسلام ، لدينا قرآن وسُنة ، ولكن الصورة ممكن أن تؤثر .
أنا أقول كلمة إلى أخواننا المستمعين والمشاهدين : هذه الشاشة وهذا الآيباد والهاتف ما لم يُضبط لن تستطيع أن تتوب إلى الله ، ولن تستطيع أن تربي أولادك ، الإسلام ينضبط من فراش الزوجية وانتهاءً بالعلاقات الدولية .
المذيع :
 جزاك الله خيراً شيخنا ، نحن نود أن نستمر في هذا اللقاء ، لكن . . .
الدكتور محمد راتب النابلسي :
 معنا عشر دقائق أخرى .
المذيع :
 رائع جداً ، أنا سأفتح الآن باب السؤال ، كان هناك سؤال ، علي تفضل يا علي . .
الحضور:
 السلام عليكم ، دكتور عندي سؤال عن الصدقة الجارية ، نحن عندنا سكن النور ، الأثاث هل يعتبر صدقة جارية أم لا ؟ نحن بنينا بناء كاملاً شيخنا للأرامل والمطلقات اللواتي لا معيل لهن ، نريد الآن أن نكمل شراء أثاث في رمضان ، فهل يعتبر من الصدقات الجارية لمن يتصدق بهم ؟

شراء أثاث من مال الصدقات للفقراء صدقة جارية :

الدكتور محمد راتب النابلسي :
 نعدها اجتهادٍ مني وأرجو أن أكون على صواب ، نعم ، إنسان له منزل نام على الأرض ، ما قولك ؟ أثاث معتدل ليس أثاث بذخ ، فيها فتوى قديمة لكن الحقيقة كان هناك خطأ في الفتوى ، الفقير حاجاته الأساسية ، جاء متسول دفعت مال زكاتك بالتمام والكمال ، افتح حساب زكاة للعام القادم ، تأتيك امرأة بحاجة للمعالجة الجراحية ، تأتي حالة واضحة ، حاجة مع شاهد ومع برهان ، تدفع وتدفع ، دفعت خلال السنة من واحد شوال إلى واحد رمضان ثمانية آلاف ليرة ، زكاتك عشرة آلاف تدفع ألفين ، أنت وزعت زكاة مالك ، العلماء قالوا : ثلاث سنوات قادمة ، شخص يريد منزلاً ، فأنت ممكن أن تدفع الزكاة سلفاً ، العلماء أقروا ثلاث سنوات قادمة ، أعط شيئاً يحل مشكلة للإنسان ، لا تعطه شيئاً لا يستفيد منه .
المذيع :
 نعم سيدنا ، لجين تفضلي . .
الحضور:
 السلام عليكم دكتور محمد .
الدكتور محمد راتب النابلسي :
 وعليكم السلام والإكرام .
الحضور:
 دكتور أنا حالياً أريد أن أقول لك شيئاً قبل أن أسأل سؤالي ، نحن الآن في زمن لا يوجد أنبياء يعيشون معنا ، لكن الله عز وجل لا يتركنا ، يرسل لنا أشخاصاً تعلمنا أمور ديننا ، وتقوينا في حال ضعفنا ، وأنت من أكبر هؤلاء الأشخاص ، ومن أكبر النعم التي حصلت عليها في حياتي نعمة إنصات قلبي لكلامك الحمد لله .

الدعوة إلى الله أعظم عمل على الإطلاق :

الدكتور محمد راتب النابلسي :
 بارك الله فيكِ ، دققي :

((أنا أوَّلُ من يَفتحُ بابَ الجنَّةِ إلَّا أنِّي أرَى امرأةً تُبادرُني فأقولُ لها : ما لك ومن أنت ؟ فتقولَ : أنا امرأةٌ قعدت على أيتامٍ لي))

[الترغيب والترهيب]

 المرأة في الإسلام مقدسة جداً ، أعلى ربح تجاري في الأرض خمسة عشر بالمئة ، إذا لم يكن هناك احتكار طبعاً ، أعلى ربح صناعي خمسة وعشرون ، مع الله الربح مليون في المئة ، والدليل :

﴿ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَاتَّبَعَتْهُمْ ذُرِّيَّتُهُم بِإِيمَانٍ أَلْحَقْنَا بِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَمَا أَلَتْنَاهُم مِّنْ عَمَلِهِم مِّن شَيْءٍ ۚ كُلُّ امْرِئٍ بِمَا كَسَبَ رَهِينٌ (21)﴾

[سورة الطور]

 بمعنى ألحقنا بهم أعمال ذريتهم ، أكبر تجارة مع الله الدعوة إلى الله .

﴿ وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلًا مِّمَّن دَعَا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحًا وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ (33)﴾

[سورة فصلت]

 الدعوة إلى الله بلسانه ، بكلامه ، بمؤلفاته ، بحديثه ، بلقاءاته ، ببرامجه ،

﴿ وَعَمِلَ صَالِحًا﴾

 حركته في الحياة وفق منهج الله ، كسب ماله ، إنفاق ماله ، علاقاته ، زياراته ، نزهاته ، رحلاته ، وفق منهج الله ، والشيء الثالث :

﴿ وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ﴾

 ما ظن نفسه أول داعية في الأرض ، دعا إلى الله ، وعمل صالحاً ، وقال : إني من المسلمين ، هذا المنهج، الدعوة إلى الله ليست شرطاً أن تكون احترافية ، سمعت في هذه الندوة فكرة أعجبتك ، أخبرها لصديقتك ، لأختك ، الدعوة فرض عين كالصلاة ، ما الدليل ؟

﴿ قُلْ هَٰذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ ۚ عَلَىٰ بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي ۖ وَسُبْحَانَ اللَّهِ وَمَا أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ(108)﴾

[سورة يوسف]

 فكل من لا يدعو لا يتبع النبي الكريم .

﴿ قُلْ إِن كُنتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ ۗ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ (31)﴾

[سورة آل عمران]

 هذه الدعوة اسمها : فرض عين على كل مسلم ، لكن دقتها في حدود ما تعلم ، ومع من تعرف ، أما الدعوة التي تحتاج إلى تفرغ ، وإلى تعمق ، وإلى تبحر ، فهذه فرض كفاية ؛ إذا قام بها البعض سقطت عن الكل ، هذه لها آية دقيقة جداً :

﴿ وَلْتَكُن مِّنكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ ۚ وَأُولَٰئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ (104)﴾

[سورة آل عمران]

 هناك دعوة فرض عين ، ودعوة فرض كفاية ، أما كل مؤمن مكلّف بدعوة فرض عين في حدود ما يعلم ، ومع من يعرف .
المذيع :
 جزاك الله خيراً شيخنا ، محمد السؤال الأخير محمد . . .
الحضور:
 يعطيكم العافية ، وأنار الله دربك شيخنا الفاضل ، ويعطيكم العافية جمعية مجددون الرائعة على هذه اللفتة الجميلة ، والمحاضرة الأكثر روعة ، شيخي أريد أن أسألك سؤالاً بما أني من رواد العمل التطوعي ، وممن يعملون خيراً كثيراً ، فأريد أن أستفسر عن جزاء الخير ، أو فضل العمل التطوعي في الإسلام ؟

فضل العمل التطوعي في الإسلام :

الدكتور محمد راتب النابلسي :
 أولاً : حجمك عند الله بحجم عملك الصالح ، وكلما كان هناك تطوع أكبر يكون الأجر أكبر ، وكلما كان هناك مساومة على الأجر يصبح الأجر أقل ، أذكر ذات مرة عالماً دعي لحلّ مشكلة كبيرة جداً ، بقيت معه خمسة أيام للساعة الثانية عشرة ومع الورثة ، ثم حلّ المشكلة ، بعد ذلك قالوا : ماذا تطلب منا أجرة ؟ قال : في حياتي لم أسمع كلمة فيها إهانة لي كهذا الكلام ، أنا أعمل لله ، عندما يكون عملك لله أنت أغنى شخص ، الغنى غنى النفس ، كلما كان عملك الصالح تبتغي به وجه الله فأنت أغنى إنسان ، دائماً العمل مع الله مُسعد ، والحقيقة سبب سعادتك أصبح لديك خط ساخن مع الله ، تستطيع أن تناجيه في الليل ، تقرأ القرآن، تبكي ، إذا كان ثلث الليل الأخير :

((ينزلُ ربُّنا تبارك وتعالى كلَّ ليلةٍ إلى السماءِ الدنيا حين يبقى ثلثُ الليلِ الآخرُ فيقولُ : من يدعوني فأستجيبَ له ؟ من يسألني فأعطيَه ؟ من يستغفِرُني فأغفرَ له ؟ وفي اللفظِ الآخرِ يقولُ جل وعلا : هل من تائبٍ فيتابَ عليه ؟ هل من سائلٍ فيعطى سؤلَه ؟ هل من مستغفرٍ فيغفرَ له ؟ حتى ينفجرَ الفجر))

[فتاوى نور على الدرب لابن باز]

 الدعاء هو العبادة ، إنسان ضعيف ، خائف ، شهواني ، يتصل بأصل الجمال والكمال والنوال ، بالخالق ، بالمُسيّر ، بالرب ، بالحنّان ، بالمنّان ، بالقوي ، لذلك كل صفات المؤمنين مشتقة من كمال الله عز وجل ، هذا الذي أتمناه أن يستقي الإنسان حكمته من حكمة الله ، رحمته من رحمة الله .

((يقول اللهُ : إن كنتُم تُريدونَ رحمتِي فارحموا خَلْقِي ))

[ميزان الاعتدال]

 والمؤمن حكيم .
المذيع :
 بارك الله فيك شيخنا ، السؤال الاخير كما تفضلت ، سنأخذ أحد أخواتنا سارة .
الحضور:
 السلام عليكم كيف حالك دكتور ؟
الدكتور محمد راتب النابلسي :
 وعليكم السلام ورحمة الله .
الحضور:
 للصراحة دكتور هو ليس سؤالاً بقدر أني أحببت جداً أن أشكرك على هذه الندوة الرائعة ، وأحببت أن أوجه لك كلاماً بأني جداً أستمع لك ، وأنت أعطيت أثراً بداخلي ، فأحببت أن أشكرك ، شكراً جزيلاً لك .

اتساع دوائر الحق عند الدعوة على الله :

الدكتور محمد راتب النابلسي :
 بارك الله فيك وأعلى قدرك ، كوني أنت أيضاً داعية ،

﴿ وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلًا مِمَّنْ دَعَا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحًا وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ﴾

 ليس من الضروري أن يكن معك دكتوراه في الشريعة ، سمعتِ من درس فكرة جميلة قوليها لجارتك ، لابنتك ، لصديقتك ، هذه الدعوة فرض عين على كل مسلم ومسلمة ، في حدود ما تعلم ومع من تعرف فقط ، بهذه الطريقة تتسع دوائر الحق ، ومن دونها تضيق هذه الدوائر وتتسع دوائر الباطل .

خاتمة وتوديع :

المذيع :
 شيخنا الفاضل الاسئلة أظن كثيرة والناس لا زالت ترفع أيديها ، لكن وقتك ضيق ، وعندك محاضرة أخرى فنلتزم بالوقت .
الدكتور محمد راتب النابلسي :
 أنا أتمثل قوله تعالى :

﴿ وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ ۚ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ (60)﴾

[سورة غافر]

المذيع :
 أكرمك الله سيدي .
الدكتور محمد راتب النابلسي :
 الحمد لله ربَّ العالمين .
 بسم الله الرحمن الرحيم ، اللهم علمنا ما ينفعنا ، وانفعنا بما علّمتنا ، وزدنا علماً ، وأرنا الحق حقاً وارزقنا اتباعه ، وأرنا الباطل باطلاً وارزقنا اجتنابه ، واجعلنا ممن يستمعون القول فيتبعون أحسنه ، وأدخلنا برحمتك في عبادك الصالحين .

الاستماع للدرس

00:00/00:00

تحميل النص

إخفاء الصور