وضع داكن
20-04-2024
Logo
مختلفة - الأردن - المحاضرة : 65 - مشروع أترجّة القرآني – ومضات قبل المعدودات
رابط إضافي لمشاهدة الفيديو اضغط هنا
×
   
 
 
 بسـم اللـه الرحمـن الرحيـم  
 

 بسم الله الرحمن الرحيم ، الحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على سيدنا محمد ، وعلى آل بيته الطيبين الطاهرين ، وعلى صحابته الغر الميامين ، أمناء دعوته ، وقادة ألويته ، وارضَ عنا وعنهم يا رب العالمين ، اللهم أخرجنا من ظلمات الجهل والوهم إلى أنوار المعرفة والعلم ، ومن وحول الشهوات إلى جنات القربات .

العبادة علة وجودنا :

 بادئ ذي بد : وكما هي العادة أشكر لكم هذه الدعوة الكريمة التي إن دلت على شيء فعلى حسن الظن بي ، وأرجو الله أن أكون عند حسن ظنكم .
 لكن قبل أن نبدأ برمضان ، ما علة وجود الإنسان في الأرض ؟ هذه مقدمات لا بد منها ، علة الوجود أي سبب الوجود ، جاءت بها آية صريحة قطيعة الدلالة :

﴿ وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ ( 56 ) ﴾

[ سورة الذاريات]

 فنحن سبب وجودنا في الأرض العبادة ، سبب وجودنا في الأرض في كل الأوقات والأزمان والأماكن والأشياء الثانية ، علة وجودنا العبادة (وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ) .
 العبادة طاعة طوعية ، ممزوجة بمحبة قلبية ، أساسها معرفة يقينية ، تفضي إلى سعادة أبدية .
 أي خضوع هذا الإنسان الجاهل ، الشهواني ، الأناني في أصل كيانه إلى منهج خالق السماوات والأرض ، منهج الله الواحد الأحد ، الفرد الصمد ، منهج صاحب الأسماء الحسنى والصفات العلا ، منهج الخبير العليم ، فأنت كائن إذا اتصلت بالله اكتسبت الحكمة ، والرحمة ، والإنصاف ، والعدل ، والتفوق ، فكل شيء من إيجابيات للإنسان تكون عن طريق دينه ، وكل سلبياته تكون عن بعده عن الله ، هذا ملخص الملخص .
 فنحن مكلفون بالعبادة ، العبادة تبدأ من فراش الزوجية وتنتهي بالعلاقات الدولية ، هذه عبادة تعاملية ، كسب مالك ، إنفاق مالك ، اختيار زوجتك ، تربية بناتك ، حرفة أولادك ، علاقتك مع الأقوياء ، مع الضعفاء ، مع الفقراء ، مع المحتاجين ، مع الأخبار ، مع وسائل الإعلام ، شبكة علاقات بالآلاف ، منهج الله عز وجل رسم لنا منهجاً تفصيلياً ، التفصيلي غير الشعائريات ، الصلاة ، والصوم ، والحج ، والزكاة عبادات شعائرية ، الإنسان يأتي إلى المسجد ليتلقى تعليمات الصانع من خلال خطيب المسجد ، ويأتي مرة ثانية ليصلي ليقبض الثمن ، أما التفاصيل فهناك آيات قرآنية ، وأحاديث شريفة ، وأقوال علماء كم كبير جداً ، فالبطولة أن تعرف تعليمات الصانع ، أصل النجاح في الحياة أن تعرف تعليمات الصانع ، الصانع تعليماته دقيقة جداً ، حكيمة جداً ، فإذا الإنسان تجاهل تعليمات الصانع يكون قد تجاهل وجوده .
 إذاً لا بد قبل رمضان أن نعرف أن العبادة علة وجودنا ، أن تخضع في كل شيء إلى منهج الله ، يوجد منهج التفلت ، منهج الشيطان ، منهج الأقوياء ، منهج الغارقين بالملذات ، ومنهج الواحد الأحد ، أي يوجد وحي السماء ، ووحل البشر ، وحي السماء كمال مطلق من عند خالق الأرض والسماوات ، تعليمات فيها إنصاف ، فيها رحمة ، فيها اعتدال ، فيها وسطية ، أما تعليمات أهل الأرض ففيها انغماس بالملذات ، الأرض فيها شيئان كبيران ، فكر صالح فقط ، وحركة ، الناس غرقى في المصالح والشهوات ، بينما الإسلام رفعك إلى رب الأرض والسماوات، إلى المبادئ والقيم ، مسافة كبيرة جداً بين وحي السماء ووحل الأرض .
 فالعبادة طاعة طوعية ، ممزوجة بمحبة قلبية ، أساسها معرفة يقينية ، تفضي إلى سعادة أبدية .

رمضان عبادة استثنائية :

 الآن عندنا عبادة اختصاصية ، رمضان عبادة استثنائية ، أنت خارج رمضان ممنوع أن تكذب ، أن تشرب الخمر ، ممنوع أن تأكل ، وأن تشرب ، مباحات كلها ، كأن رمضان شهر عبادة أراده الله .

(( عن أبي هريرة رضي الله عنه : قال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم : كلُّ عملِ ابنِ آدمَ له ، إلا الصيامُ فإنه لي ، وأنا أجْزِي به ، الصيامُ جُنَّة ، فإذا كان يومُ صومِ أحدِكم فلا يَرْفُثْ يومئذ ولا يَصْخَبْ ، فإن شاتَمه أحَد أو قاتَلَهُ ، فليقلْ : إني صائم ، إني صائم ، والذي نفسُ محمد بيده لَخَلُوفُ فم الصائم أطيبُ عند الله من ريح المسك ، وللصائم فرحتان يفرحهما ، إذا أفطر فرح بفطره ، وإذ لقي ربَّه فرح بصومه . وفي أخرى مختصراً : كلُّ عملِ ابنِ آدمَ له ، إلا الصيامُ هو لي وأنا أجزي به ، ولَخَلُوف فم الصائم أطيبُ عند الله من ريح المسك ))

[أخرجه البخاري ومسلم وأبو داود والترمذي والنسائي ومالك]

 قال لك : اصدق ثم يعود عليك بالفائدة ، أتقن عملك يعود عليك بالربح ، صل رحمك يعود عليك بالمحبة ، لا يوجد أمر إلهي أُمرت به إلا وتعود عليك نتائجه وحدك

(( إلا الصيامُ فإنه لي ، وأنا أجْزِي به))

 قال لك : دع الطعام والشراب .
 لو تصورنا ابناً باراً ، والابن جائع ، والطعام طعام والده ، وطعام والده حلال ، بلا فهم قال لك : يا بني لا تأكل ، قلت له : حاضر يا بابا ، هذه درجة عالية من الخضوع للأب ، الأمر لم يفهمه الابن ، لِمَ لا آكل أنا جائع إذا طعامك ومالك حلال يا بابا ؟ لا تأكل .
 فربنا عز وجل برمضان قال لك : لا تأكل ولا تشرب ، عبادة التوكيد ، عبادة الحب ، أما رمضان فله أبعاد كثيرة جداً ، لا تصدق أن هناك أمراً إلهياً له بعد واحد ، له مظهر صحي ، مظهر اجتماعي ، مظهر تنظيم أمة ، مليارا إنسان يأكلون في ثانية واحدة ، هل هذه سهلة ؟ علمك صلاة الفجر في المسجد ، السحور قبل الفجر ، اي ذاق الإنسان طعم القرب من الله صباحاً ، الله عز وجل كما ورد في الأثر القدسي :
 " نزل ربكم إلى السماء الدنيا فيقول : هل من تائب فأتوب عليه ؟ هل من مستغفر فأغفر له ؟ هل من طالب حاجة فأقضيها له ؟ هل من سائل فأعطيه "

[ورد في الأثر القدسي]

 إله ، الذات الكاملة ، صاحب الأسماء الحسنى ، والصفات العلا يقول لك : أنا أجيبك اسألني يا عبدي .

رمضان شهر معرفة الله والاصطلاح معه :

 لذلك رمضان شهر أن تعرف الواحد الديان ، أن تعرف عظمته ، أن تعرف ألوهيته ، أن تعرف ربوبيته ، أن تعرف خلقه ، أن تعرف منهجه ، أن تعرف الحلال والحرام ، نقلة فيها تفوق ، نقلة فيها شيء مركز ، دورة خاصة ، يوجد مناهج عامة ، ودوام كامل ، وهناك شهر دورة خاصة ، فالإنسان حينما يصوم رمضان ، الله لماذا قال :

﴿ شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ وَمَنْ كَانَ مَرِيضاً أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ وَلِتُكْمِلُوا الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ (185) ﴾

[ سورة الذاريات]

 لِمَ نقول الله أكبر ؟ كإنسان عرف الله ، الله أكبر كلمة اندهاش بالعطاء ، الله أكبر التكبيرات في العيد هذه فلسفتها ، أنت ذقت طعم القرب من الله ، طعم الصلة بالله ، طعم الاستقامة ، طعم غض البصر ، طعم ضبط اللسان ، لا يوجد غيبة ، ولا نميمة ، ولا إطلاق بصر لامرأة لا تحل لك ، ولا سهرة على الطاولة ، ولا شاشة مفتوحة فيها برامج لا ترضي الله ، أي مليون غلط برمضان تنضبط ، أراد الله أن تذوق في هذا الشهر طعم القرب منه ، أنا يغلب على ظني وأنا أعني ما أقول ، مثلاً :

فــــــــــلو شاهدت عيناك من حسننــا  الذي رأوه لما وليت عنا لغيرنــــا
ولو سمعت أذناك حسن خطابنـــــــا  خلعت عنك ثياب العجب وجئتنا
ولـــــــــــو ذقت من طعم المحبــة ذرة  عذرت الذي أضحى قتيلاً بحبنـا
ولـــــــــو نسمت من قربنا لك نسمـة  لمت غريباً واشتياقاً لقربنـــــــــــــــا
ولـــــــــــــــــو لاح من أنوارنا لك لائح  تركت جميع الكائنات لأجلنـــــــــــا
***

 أنت تخاطب رب العالمين ، تقف في الصلاة ، تقرأ الفاتحة ، تركع ، تسجد في السجود : رب اغفر لي وارحمني وعافني واعفُ عني ، الدعاء بالسجود أرقى دعاء ، أراد الله أن تذوق طعم القرب منه ، أراد الله في رمضان أن تذوق طعم القرب منه سبحانه ، القرب من خالق السماوات والأرض ، من رب العالمين ، من الذات الكاملة ، من الجميل ، من الرحيم ، من العليم ، من القدير ، أسماؤه حسنى ، أي فرصة أن تعرف الله ، إن عرف الله عرفت كل شيء ، إن فاتتك هذه المعرفة فاتك كل شيء ، لكنني مضطر أن أذكر الحقيقة المرة أنا أراها دائماً أفضل ألف مرة من الوهم المريح .
 رمضان أصبح شهر ولائم عند معظم الناس ، أنا لا أعمم ، معظم الناس الولائم في رمضان ، وشهر المسلسلات ، نتابع الشاشة حتى منتصف الليل ، ونصلي الفجر بعد طلوع الشمس ، وصمنا رمضان الحمد لله ، وهناك غيبة ، ونميمة ، أنت برمضان يوجد مئات النواهي التي لا علاقة لها بالطعام والشراب ، الغيبة كأنك أفطرت رمضان ، النميمة ، إطلاق البصر ، أي المعاصي لا تعد ولا تحصى ، فأنت ذقت طعم القرب في رمضان ، عندما ذقت طعم القرب أين كنت أنت ؟! أغلب الظن تتمنى أن تتابع هذا المنهج بعد رمضان ، والحقيقة المرة مؤلمة جداً ، إن عدت بعد رمضان إلى ما كنت قبل رمضان من تفلت ، من تساهل ، من مخالفات، أقسم بالله ولا أبالغ كأنك ما صمت رمضان ، البطولة أن تصعد في رمضان إلى مستوى أعلى ، في رمضان آخر إلى مستوى أعلى وأعلى ، والذي بعده إلى أعلى وأعلى ، درج صاعد ، فتركت المحرمات أول سنة ، ثم تركت الشبهات في السنة الثانية ، فعلت الأشياء الأساسية في السنة الثالثة ، واعتنيت بالأسرة ، واعتنيت بمن حولك ، منهج الخالق يبدأ من فراش الزوجية وينتهي بالعلاقات الدولية .
 إذاً البطولة أنك في هذا الشهر تصطلح مع الله ، إن وجدت الله وجدت كل شيء ، و إن غفلت عن الله خسرت كل شيء .

رمضان شهر صلة الرحم :

 الآن رمضان شهر صلة الرحم ، يوجد بنود دقيقة جداً في رمضان ، لك أخت في طرف المدينة الآخر لابد من زيارتها ، والزيارة جبر خاطر ، لك أقرباء ، دفع زكاتك في رمضان، إنفاق المال ، إطعام المساكين ، حضور خطب الجمعة بدقة بالغة لا أن تأتي بالركعة الثانية ، تأتي من أول الخطبة ، خطبة الجمعة عبادة تعليمية ، فأنت توهمت إذا لحقت الركعة الثانية يوم الجمعة حضرت الجمعة ، لا ليس هذا هو الهدف ، الخطبة في الجمعة هي أهم شيء.

﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نُودِيَ لِلصَّلَاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ وَذَرُوا الْبَيْعَ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ (9) ﴾

[ سورة الجمعة]

 إذاً لا تنقلب عبادتك من نوع آخر ، تنقلب مفاهيمك من نوع آخر ، تنقلب عاداتك من نوع آخر ، أنت إنسان جديد برمضان ، إنسان واع ، فهيم ، عرفت الله ، عرفت منهجه ، عرفت ما يقربك إليه ، عملت أعمالاً صالحة ، فرمضان مناسبة للصلح مع الله ، " ابن آدم اطلبنِي تجدني ، فإذا وجدتني وجدت كل شيء " ، أتمنى أن يكون رمضان نقلة نوعية للمسلمين .

الله عز وجل في حلّ من وعوده إن قصر المسلمون في عبادتهم :

 الآن :

(( عن ابن عباس رضي الله عنهما أَنَّ رسولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قال : خيرُ الصحابة أربعةٌ وخيرُ السرايا أربعُمائةٍ ، وخيرُ الجيوشِ أربعةُ آلافٍ ، ولن يُغْلَبَ اثنا عَشَرَ ألفا مِنْ قِلَّةٍ ))

[أخرجه أبو داود والترمذي]

 هذه حقيقة مخيفة ، حديث صحيح ، اثنا عشر ألفاً لا يغلبون ، وإذا كان المسلمون مليارين ، ويملكون نصف ثروات الأرض ، ويحتلون أكبر مركز استراتيجي بالأرض ، ملتقى القارات الثلاثة ، عند ثلاثة ممرات مائية خطيرة ، يملكون أشياء مذهلة ، وهم أضعف الأمم ، والطرف الآخر لهم عليهم ألف سبيل وسبيل .

﴿ وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْناً يَعْبُدُونَنِي لَا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئاً وَمَنْ كَفَرَ بَعْدَ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ (55) ﴾

[ سورة النور]

 السؤال الدقيق : هل نحن مستخلفون ؟ لا والله (وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ) هل هذا الدين ممكن أم يواجه حرباً عالمية ثالثة كانت فيما مضى تحت الطاولة واليوم فوق الطاولة ؟ (وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْناً) ثلاث خصائص للمؤمن غير محققة ، الجواب بآخر كلمة بالآية : ( يَعْبُدُونَنِي ) فإذا قصر المسلمون بعلة وجودهم ، بعبادتهم ، فالله عز وجل في حلّ من وعوده الثلاث .

رمضان نقلة نوعية كبيرة جداً :

 إذاً الكون يدل على الله ، والقرآن يدل على الله ، وكلام النبي العدنان يدل على الله ، فهذا الصيام شهر القرب ، شهر الحب ، شهر بر الوالدين ، شهر صلة الأرحام ، شهر الإنفاق ، شهر أداء الزكاة ، شهر حفظ القرآن أحياناً ، قيام الليل ، التراويح ، الفجر في المسجد .
 " من صلى الفجر في جماعة فهو في ذمة الله حتى يمسي ، ومن صلى العشاء في جماعة فهو في ذمة الله حتى يصبح " .
 هذا رمضان ، فرمضان فيه نقلة نوعية كبيرة جداً ، أرجو الله سبحانه وتعالى أن يتفرغ الإنسان برمضان ، أنا تكلمت قبل قليل أن رمضان عند عامة الناس غير المتفوقين ولائم ومسلسلات ، لو ألغيت الشاشة كلها في رمضان ، ألغيت كل الأفلام ، قرأت كتاب الله ، اقرأ بكل ركعة صفحة ، ولو قرأت من المصحف مباشرة لا يوجد مشكلة ، هذا كلام خالق الأكوان ، فضل كلام الله على كلام خلقه كفضل الله على خلقه ، أنت مع القرآن اقرأ كل يوم جزءاً ، شيء آخر هذه قراءة تعبد ، يوجد قراءة تدبر ، توقف عند كل آية ، ابقَ بها يومين أو ثلاثة .
 السؤال الدقيق : في القرآن مئتان وخمس وستون آية يا أيها الذين آمنوا ، وأنت مؤمن كما تتوهم هل أنت مطبق هذه الآيات ؟ اجمعهم بكلمة واحدة بالبحث بغوغل يا أيها الذين آمنوا بالقرآن يأتوك كلهم واحدة واحدة ، حاسب نفسك حساباً عسيراً ، أنت تغض البصر ؟ أنت منصف ؟ بار لوالديك ؟ الحقيقة المرة أفضل ألف مرة من الوهم المريح ، نحن نضع آية الكرسي بالبيت ممتاز لا يوجد مشكلة ، أنت تعرف معانيها ؟ نضع مصحفاً بالسيارة ، دخلك إسلامي ؟ إنفاقك إسلامي ؟ علاقاتك ، سهراتك ، نزهاتك ، وقت فراغك ، تجارتك فيها غش ؟ هل يوجد بمحتويات البضاعة شيء غير صحيح ؟ يوجد إله عظيم ، والله سيحاسب الإنسان على كل شيء .

﴿ فَوَرَبِّكَ لَنَسْأَلَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ (92) عَمَّا كَانُوا يَعْمَلُونَ (93) ﴾

[ سورة الحجر]

 فالصلوات متقنة ، التراويح بالمسجد ، من صلى الفجر في جماعة أو العشاء في جماعة ؟
 أرجو الله عز وجل أن يكون رمضان نقلة نوعية ، رمضان صلح مع الله ، رمضان توبة نصوح ، رمضان أداء الواجبات ، تجاه الأهل ، والأقارب ، والجيران ، تجاه الزبائن إذا كنت تاجراً ، تجاه المواطنين إذا كنت موظفاً ، جالس ويجري حديثاً ممتعاً مع موظف ، جاء مراجع معه استدعاء ، يكلفك فقط توقيع ، تعال غداً ، الله كبير ، تعال غداً ! هو جاء من مدينة بعيدة، مضطر أن ينام بالفندق ، من أجل تعال غداً ، والله منهج الله عز وجل يبدأ من أدق خصوصيات الإنسان من فراش الزوجية ، وينتهي بالعلاقات الدولية ، وكل إنسان يتوهم أن الدين صلاة وصوم وحج وزكاة واهم وجاهل ، تفاصيل مذهلة ، تبدأ من علاقتك بصحتك ، بأهلك ، بأولادك ، بزوجتك ، بأم زوجتك ، بوالدتك ، بمن حولك ، بأقاربك ، بزبائنك ، علاقات فيها كذب، أو فيها غش ، أو فيها وهم ، أو فيها تدليس ، كله محاسب عليه : (فَوَرَبِّكَ لَنَسْأَلَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ * عَمَّا كَانُوا يَعْمَلُونَ) هذا رمضان نقلة نوعية ، صلح مع الله ، إقبال على الله ، إتقان الصلاة ، غض البصر ، ضبط الشاشة ، هذا حرام لا يرضي الله عز وجل ، والحرام سمي حراماً لأنه يحرمك من السعادة ، والحلال سمي حلالاً لأنه تحلو به النفس .
 أنت راكب سيارتك ، مكتوب لوحة على الطريق : ممنوع المرور حقل ألغام ، بربك وأستحلفك بالله هل تعتقد أن هذه اللوحة حد لحريتك أم ضمان لسلامتك ؟ حينما تفهم كل المناهي ، آيات النهي بالقرآن ليست حداً لحريتك ، لكنها ضمان لسلامتك أنت فقيه ورب الكعبة .

الصيام فرصة لا تقدر بثمن :

 الآن الصلاة اتصال بالله ، الفرض الوحيد المتكرر الذي لا يسقط بحال هو الصلاة ، أنت بالصلاة تقبل على الله عز وجل ، الصيام ضبط الشهوات ، صلح مع الله ، الحج دورة تدريبية ، أتيت إليه ، تؤدى العبادات كلها في بيتك ، في مدينتك ، إلا الحج تعال إليّ ، تعال يا عبدي ذق طعم القرب ، ذق طعم الحب ، تعال واقبض الثمن باهظاً ، من حج بيت الله الحرام غفر الله له ما تقدم من ذنبه ، ما قولك شخص عليه قبل رمضان خمسة ملايين دولار ديون ، وأملاكه محجوزة كلها ، وبيوته محجوزة ، وعليه دعاوى ، جاءت جهة قوية ، أقوى جهة بالدولة افعل هذه الأعمال ثلاثين يوماً وأنت معفى من هذه الديون ، هذا الواقع .

(( عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبيَّ صلى الله عليه وسلم قال : من صام رمضانَ إيمانا واحتسابا غُفِرَ له ما تقدَّم من ذَنْبِهِ ))

[أخرجه البخاري ومسلم والترمذي والنسائي]

 فرصة لا تقدر بثمن ، أما حينما تمضي هذا الشهر مع المسلسلات ، ومع الولائم ، فقد فرغته من مضمونه ، وجعلت هذا الشهر من عوائد الناس ، عادات وتقاليد لا تقدم ولا تؤخر، الدين شيء كبير جداً ، منهج خالق الأكوان ، فلابد من صحوة .

حرص الإنسان على سلامته وسعادته واستمراره :

 الآن مضطر أن أقول : لابد من طلب العلم ، معك بيدك آيفون ، أو آيباد ، هذا الآيفون قد يكون ثمنه مئة ألف ، أغلى نوع ، يحتاج إلى عمل يومي ، إن لم تشحن نفسك تصبح إنساناً كهؤلاء البشر الذين خرجوا عن منهج الله ، الناس كلهم يأكلون ويشربون ، والله قال:

﴿ أَمْ تَحْسَبُ أَنَّ أَكْثَرَهُمْ يَسْمَعُونَ أَوْ يَعْقِلُونَ إِنْ هُمْ إِلَّا كَالْأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ سَبِيلاً (44) ﴾

[ سورة الفرقان]

 ما دام الطعام والشراب والمتع الرخيصة هذه حياة الإنسان الجاهل ، الإنسان له رغبة، له منهج ، له خالق ، لهذا الخالق كلام ، فالله عز وجل هو الإله العظيم ، رب العالمين ، هذا الإله العظيم تعليماته تعليمات لصالحك ، فانطلاقاً من حرصك على ذاتك ، وسلامتك ، وسعادتك ، واستمرارك ، أنا أقول كلمات عامة : يوجد ثمانية مليار إنسان الآن ، هل يوجد واحد بالأرض من هؤلاء جميعاً يتمنى الفقر ؟ ولا واحد ، يتمنى القهر ؟ ولا واحد ، المرض ؟ ولا واحد، هل هناك إنسان لا يتمنى أن يكون غنياً ، وبيته واسعاً ، وأولاده تربيتهم عالية ، وبناته محشومات ، ومصلحته راقية ، ودخله معتدلاً ؟ هذا شيء طبيعي ، ثمانية مليار إنسان حريصون على سلامتهم ، وسعادتهم ، واستمرارهم ، وتعليمات الصانع تحقق لك هذا الهدف كلياً، وأنت ببيتك لك مكانة ، بعملك لك مكانة ، وقتك منظم ، عندك خمس صلوات ، عندك صوم رمضان ، عندك ضبط الحواس والجوارح ، هذا شيء آخر ، أما عندما يبقى الدين تقاليد وعادات وأشياء نقوم بها بشكل غير متعمق فقد انتهى الدين ، إذاً لا بد أن نعتقد بالعقيدة أولاً .

العمل الصالح علة وجود الإنسان :

 الشيء الثاني من الكليات الدينية الاستقامة ، يا ترى استقامتك أصل في الدين ؟

﴿ فَاسْتَقِمْ كَمَا أُمِرْتَ وَمَنْ تَابَ مَعَكَ وَلَا تَطْغَوْا إِنَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ (112) ﴾

[ سورة هود]

 الاستقامة فيها معنى الترك ، تقول : أنا ما أكلت مالاً حراماً ، أنا ما كذبت ، أنا ما غششت ، أنا ، أنا ، علة وجودك العمل الصالح .

﴿ حَتَّى إِذَا جَاءَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قَالَ رَبِّ ارْجِعُونِ (99) لَعَلِّي أَعْمَلُ صَالِحاً فِيمَا تَرَكْتُ كَلَّا إِنَّهَا كَلِمَةٌ هُوَ قَائِلُهَا وَمِنْ وَرَائِهِمْ بَرْزَخٌ إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ (100) ﴾

[ سورة المؤمنون]

 علة وجودك الوحيدة العمل الصالح ، العمل الصالح سمي صالحاً لأنه يصلح للعرض على الله ، ومتى يصلح ؟ إذا كان خالصاً وصواباً ، ما وافق السنة .
 صار عندك أول شيء العقيدة ، ثم الحركة ، الحركة عمل صالح ، الآن العمل الصالح سمي صالحاً لأنه يصلح للعرض على الله ، ومتى يصلح ؟ إذا كان خالصاً وصواباً ، ما وافق السنة .

السكينة أكبر عطاء إلهي :

 الآن الكليات ، العقيدة ، إن صحت صح العمل ، الحركة السلبية استقامة ، الإيجابية عمل صالح ، الثمرة الصلاة .

﴿ إِنَّنِي أَنَا اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدْنِي وَأَقِمِ الصَّلَاةَ لِذِكْرِي (14) ﴾

[ سورة طه]

 والله قال :

﴿ فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ وَاشْكُرُوا لِي وَلَا تَكْفُرُونِ (152) ﴾

[ سورة البقرة]

 إذا أنت صليت ذكرت الله ، فإذا ذكرك الله منحك السكينة ، تسعد بها ولو فقدت كل شيء ، السكينة أكبر عطاء إلهي ، تسعد بها ولو فقدت كل شيء ، وتشقى بفقدها ولو ملكت كل شيء ، منحك العلم ، العلم بالله ، وبخلقه ، وبأمره ، منحك التوفيق .

﴿ قَالَ يَا قَوْمِ أَرَأَيْتُمْ إِنْ كُنْتُ عَلَى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّي وَرَزَقَنِي مِنْهُ رِزْقاً حَسَناً وَمَا أُرِيدُ أَنْ أُخَالِفَكُمْ إِلَى مَا أَنْهَاكُمْ عَنْهُ إِنْ أُرِيدُ إِلَّا الْإِصْلَاحَ مَا اسْتَطَعْتُ وَمَا تَوْفِيقِي إِلَّا بِاللَّهِ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ أُنِيبُ (88) ﴾

[ سورة هود]

 منحك أشياء لا تعد ولا تحصى ، فلذلك عطاء الله عز وجل لا يعد ولا يحصى بمجرد أن تعرف إليه المعرفة التي تحملك على طاعته .

الفرق بين حقائق الإيمان وحلاوة الإيمان :

 الشيء الثاني ؛ أن تطبق أمره ونهيه ، أن تعمل عملاً صالحاً تتقرب به إليه ، وأن تحسن إلى خلقه ، الآن أنت تذوق طعم الإيمان ، ومن ذاق طعم الإيمان .

(( عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ثلاثٌ من كُنُّ فيه وجدَ بهنَّ طَعْمَ الإيمان : مَن كان اللَّهُ ورسولُهُ أحبَّ إليه مما سواهما ، ومَنْ أحبَّ عبداً لا يُحِبُّهُ إلا لله ، ومن يكْرهُ أن يعودَ في الكفر - بعد أن أنقذه الله منه - كما يكرَه أن يُلقى في النار ))

[أخرجه البخاري ومسلم والترمذي والنسائي]

 أول بند أن يكون الله في قرآنه ، والنبي في سنته

((مَن كان اللَّهُ ورسولُهُ أحبَّ إليه مما سواهما))

 عند التعارض ، حينما تتعرض مصلحتك المادية مع أمر إلهي ، سماوي ، قرآني، نبوي ، صحيح ، وتقف إلى جانب الأمر الإلهي ، وتركل بقدمك مصلحتك المادية المتوهمة القريبة أنت الآن ملكت بنداً من بنود حلاوة الإيمان ، حلاوة الإيمان شيء لا يصدق ، حلاوة الإيمان مثل إنسان عنده كتلوك مرسيدس ، كتلوك شي أنيق جداً ، صور السيارة من الداخل ، من الخارج ، المحرك ، ألوانها ، حركتها ، بالجبال ، بالسهول ، بالصحراء ، والثاني عنده نفس السيارة يملكها ، بين أن يكون عندك كتلوك هذه حقائق الإيمان ، وبين حلاوة الإيمان أن تملك هذه السيارة ، فإذا لم تقل : ليس على وجه الأرض من هو أسعد مني إلا أن يكون أتقى مني هناك مشكلة مع الله معك في العبادة .

الفرق بين النجاح والفلاح :

 رمضان إن شاء الله نقلة نوعية إلى الله عز وجل ، نقلة فيها تألق ، نقلة فيها ثقة بالله عز وجل ، وفيها حكمة .

﴿ يُؤْتِي الْحِكْمَةَ مَنْ يَشَاءُ وَمَنْ يُؤْتَ الْحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْراً كَثِيراً وَمَا يَذَّكَّرُ إِلَّا أُولُو الْأَلْبَابِ (269) ﴾

[ سورة الطلاق]

 فيها توفيق ، فيها نجاح ، الأصح يوجد فلاح ، النجاح أحادي ، قد تنجح بمنصب رفيع ، قد تنجح باختيار زوجة صالحة ، قد تنجح بحرفة رائجة ، أما الفلاح فشمولي ، أن تنجح مع الله معرفة ، وعبادة ، وطاعة ، وتقرباً ، وإخلاصاً ، ودعوة ، أن تنجح مع نفسك ، عقيدتك سليمة ، تؤدي الفرائض ، والسنن ، لك علاقة طيبة ، ضابط جوارحك ، ضابط دخلك ، وعلاقتك في بيتك ، بيتك إسلامي ، لا يوجد اختلاط ، ولا شاشة مفتوحة ، ولا غيبة ، ولا نميمة ، وبعملك عملك مشروع بالأساس ، وعملك وفق منهج الله ، فإذا نجحت مع نفسك أولاً ، وفي بيتك ثانياً ، وفي عملك ثالثاً ، أديت الذي عليك ولا تحاسب عما سوى ذلك ، فأنت بيتك دائرة ، ونفسك دائرة، وعملك دائرة ، أما أنا فلا أتوانى عن خدمة الخلق ، بدعوة ، بإكرام ، هذا جانب لوحده ، أما كمسؤولية فتحاسب على نفسك أولاً ، وعن بيتك ثانياً ، وعن عملك ثالثاً .
أرجو الله أن يحفظ لكم إيمانكم جميعاً ، وأهلكم ، وبلدكم .
 والحمد لله رب العالمين
المذيع :
 اللهم صلّ ، وسلم وزد وبارك على محمد ، وآل محمد ، كما صليت وسلمت وباركت على آل إبراهيم في العالمين إنك حميد مجيد .
 طيب الله أنفاس دكتورنا الكريم ، ونرجو الله أن يجعل ذلك في ميزان حسناته ، ونحن لنا جملة كثيرة من الأسئلة قد أجبتنا عليها ، برقائق كلماتك ، وباصطحابك من القرآن والسنة جزاكم الله خيراً ، وبارك الله فيكم دكتورنا الكريم .
 أريد أن أستميحك عذراً مدة دقيقتين نعطي مجالاً لزميلنا أيمن العبسي ليتكلم لنا عن فريق أترجة ، ثم نعود إليكم بمجموعة من الأسئلة القصيرة حتى لا نطيل عليك .
الدكتور محمد راتب النابلسي :
 أنا جاهز ، نحن في خدمتكم .
المذيع :
 بإذن الله ، أكرمك الله دكتور .
 أيمن العبسي سيتكلم لنا الآن عن فريق أترجة القرآني ، هذا فريق الشباب المميز في الكلية الذي يعمل على تحفيز الشباب لتحفيظ القرآن الكريم ، أيمن أعطني تفاصيل أكثر .
أيمن العبسي :
 السلام عليكم ورحمة الله وبركاته .
المذيع :
 يبدو أن هناك مشكلة في الصوت أيمن ، دعونا نرجع لشيخنا الكريم ، شيخنا أنا أعرف أن وقتك مضغوط ، أعانكم الله .
الدكتور محمد راتب النابلسي :
 نحن في خدمتكم تفضل .
المذيع :
 أكرمكم الله دكتورنا وبارك فيك .
 دكتورنا الكريم ؛ توقفنا قبل قليل عن معاني جميلة جداً في العبادة ، وأن العبادة كما قال ابن تيمية : هي اسم جامع لكل ما يحبه الله تعالى ويرضى من الأقوال والأفعال الظاهرة والباطنة ، ولكن أحببت أن نركز مع حضرتكم دكتورنا حول العبادة في أجواء كورونا ، أي ما هي عبادة الوقت التي يمكن أن نعيشها في هذا الظرف ؟ في الإغلاق ؟ ومرات بالحبس في البيوت ، والحظر ، وكثير منا الواحد يشتهي أن يزور أقاربه ، ولكن تمنعنا ضوائق الحظر كيف يمكن أن نتفاعل مع العبادة في هذه الأجواء ؟

الأخذ بالأسباب ثم التوكل على الله :

الدكتور محمد راتب النابلسي :
 أولاً : أنا أعبد الله وفق ما يريد ، لا وفق ما أريد ، شاءت حكمة الله أن نعبده بهذه الطريقة ، أعبد الله وفق ما يريد ، لا كما أريد ، لأن المنهج العملي الأساسي للمسلمين أن تأخذ بالأسباب وكأنها كل شيء ثم تتوكل على الله وكأنها ليست بشيء .
 مثلاً عندك بالعيد سفر إلى العقبة ، أريد المنهج الإسلامي ، أراجع المحرك ، والزيت، والقشط ، والمكابح ، والعجلات ، أراجع كل شيء ، إذا كان تاماً عندئذٍ أتوجه إلى الله أقول : يا رب أنت الحافظ ، وأنت المسلم ، دائماً هذا المنهج الصحيح ، الغرب أخذ بالأسباب أخذاً مذهلاً، واعتمد عليها ، وألهها ، ونسي الله ، والشرق لم يأخذ بها ، كلانا على خطأ ، أما المنهج الصحيح فأن آخذ بالأسباب وكأنها كل شيء ثم أتوكل على الله وكأنها ليست بشيء .
 يوجد بالسيرة ملمح دقيق ، قبل بدر رفع النبي يداه داعياً ربه ، لدرجة زيادة عن المألوف ، حتى وقع رداؤه عن كتفه ، يقول له سيدنا الصديق : مهلاً ، إن الله ناصرك ، يا ترى إيمان الصديق أقوى من إيمان النبي ؟ شيء يحير ، لا ، النبي قلق أن يكون أخذه بالأسباب أقل مما ينبغي .
أن تأخذ بالأسباب وكأنها كل شيء ، ثم تتوكل على الله وكأنها ليست بشيء .
 أنت عندك معمل ، يجب أن ترى بالضبط النسب ، تضع نسب بنزوات الصوديوم زيادة ، هذا سرطان ، تحاسب ، نحن عندنا فهم قاصر أن الدين صلاة ، وصوم ، وحج ، وزكاة، دينك بعملك ، بمعملك ، يوجد مواد حافظة مسرطنة ، وضعت النسب الدقيقة العالمية ثلاثة بالألف أما ثلاثة بالمئة ، عندك بضاعة مغشوشة ، عندك لحم فاسد صنعت منه نقانق وبعته ، الله كبير ، الله عنده سرطان ، عنده فشل كلوي ، تشمع كبد ، الله عز وجل بمرض واحد يجعل حياة الإنسان جحيماً ، أما المستقيم :

﴿ إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلَائِكَةُ أَلَّا تَخَافُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ (30) ﴾

[ سورة فصلت]

 فلابد من الاستقامة ، والاستقامة سلبية معها عمل صالح إيجابي ، تنفق من مالك ، من علمك ، من وقتك ، من خبرتك ، إلى آخره .

الصلاة هي اتصال بالذات الإلهية :

 الآن الصلاة ، الصلاة حقيقة أن تتصل هذه النفس بالذات الإلهية ، بأصل الجمال والكمال والنوال ، أن تتصل بخشوع ، أن تفهم ما تقرأ بالقرآن ، الصلاة إن صحت صح العمل ، وإن فسدت فسد العمل ، الصلاة عماد الدين من أقامها فقد أقام الدين ، ما عماد الدين ؟ أكبر خيمة لها عامود بالمنتصف ، إن أزلت العامود لم تعد خيمة ، الصلاة عماد الدين من أقامها فقد أقام الدين ، العناية بالصلاة شيء مهم جداً ، يوجد غض بصر ، ضبط شاشة ، ضبط دخل ، هناك صفقة فيها ملايين لكن لا ترضي الله يجب أن تركلها بقدمك ، الحقيقة الطرق إلى كسب المال يوجد مليون طريق .
المذيع :
 إذاً كأنك شيخنا مرة ثانية نعود إلى فكرة الاستقامة الذاتية ، أو الاستقامة الفردية هي عنوان أساسي في مفهوم العبادة لله عز وجل .

عظمة هذا الدين أنه فردي وجماعي :

الدكتور محمد راتب النابلسي :
 هنا يوجد جواب دقيق جداً : عظمة هذا الدين أنه دين فردي ، ودين جماعي ، يأتي شخص واحد بالملياري مسلم ، إذا طبق الإسلام في بيته ، وعمله ، ونفسه ، عندك ثلاث دوائر تحاسب عليها ، أنت دائرة ، نفسك ، صليت ؟ غضضت البصر ؟ أداء الصلوات كاملة ؟ الصيام ، الحج ، إلى آخره ، عندك بيتك ، بيتك إسلامي ؟ يوجد تفلت ؟ يوجد اختلاط ؟ وعملك هل هو مشروع ؟ مشروع ، فيه تعامل غير مشروع ؟ الآن أنت إذا أقمت هذا الدين في نفسك أولاً ، وبيتك ثانياً ، وعملك ثالثاً ، أنت حققت هذا الدين فقط ، أنت لك معاملة خاصة ، الدليل :

﴿ مَا يَفْعَلُ اللَّهُ بِعَذَابِكُمْ إِنْ شَكَرْتُمْ وَآمَنْتُمْ وَكَانَ اللَّهُ شَاكِراً عَلِيماً (147) ﴾

[ سورة النساء]

 انتهى ، هذا الإسلام الفردي ، أما كأمة لِمَ لا تنصر ؟

﴿ وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنْتَ فِيهِمْ وَمَا كَانَ اللَّهُ مُعَذِّبَهُمْ وَهُمْ يَسْتَغْفِرُونَ ( 33 )﴾

[ سورة الأنفال]

 يا محمد ما دامت سنتك قائمة في حياتهم فهم في مأمن من عذاب الله ، عندنا إسلام فردي نتائجه فردية ، وإسلام جماعي نتائجه جماعية .
المذيع :
 الله يفتح عليكم يا رب ، ويبارك فيكم .
 دكتورنا نريد أن نأخذ سؤالاً ثانياً متصلاً بإحدى أبرز العبادات التي أكدت عليها آيات الصيام ، حيث قال الله عز وجل :

﴿ وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ (186) ﴾

[ سورة البقرة]

المذيع :
 ما الرابط ما بين الدعاء والرشد ؟

الرابط ما بين الدعاء والرشد :

الدكتور محمد راتب النابلسي :
 انظر يا أخي ، أولاً يوجد عشر آيات أو أكثر :

﴿ يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ قُلْ فِيهِمَا إِثْمٌ كَبِيرٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ وَإِثْمُهُمَا أَكْبَرُ مِنْ نَفْعِهِمَا وَيَسْأَلُونَكَ مَاذَا يُنْفِقُونَ قُلِ الْعَفْوَ كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمُ الْآيَاتِ لَعَلَّكُمْ تَتَفَكَّرُونَ (219) ﴾

[ سورة البقرة]

 عشر آيات أو أكثر قل بين السؤال والجواب ، إلا آية فريدة ، هذه الآية (وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ) ما الملمح ؟ ليس بينك وبين الله حجاب ، ليس بينك وبين الله وسيط .

﴿ هُوَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ يَعْلَمُ مَا يَلِجُ فِي الْأَرْضِ وَمَا يَخْرُجُ مِنْهَا وَمَا يَنْزِلُ مِنَ السَّمَاءِ وَمَا يَعْرُجُ فِيهَا وَهُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ مَا كُنْتُمْ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ (4) ﴾

[سورة الحديد]

 تستطيع أن تناجيه بالليل ، تناجيه وأنت تقود سيارتك ، يا الله ليس لي غيرك ، تناجيه قبل دخولك إلى الدرس ، لإلقاء الدرس ، يا رب وفقني ، أنا فقير إلى دعمك ، أمام حالة مرضية تدفع صدقة مباشرة وصلت إلى الله .
 " ابن آدم اطلبنِي تجدني ، فإذا وجدتني وجدت كل شيء " هذا الإله العظيم ينتظرك (وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ) والله بيده كل شيء :

(( عن النعمان بن بشير رضي الله عنهما قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم الدُّعاءُ هو العبادة ))

[أخرجه أبو داود والترمذي]

 العبادة ضغطت بكلمة واحدة أبلغ :

(( عن أنس بن مالك رضي الله عنه أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم قال : الدُّعاءُ مُخُّ العبادةِ ))

[أخرجه الترمذي]

 كائن ضعيف ، خائف ، فقير ، يسأل خالق السماوات والأرض ، القوي ، العزيز ، الدعاء هو الدين كله :

((الدُّعاءُ هو العبادة ))

 أو :

((الدُّعاءُ مُخُّ العبادةِ ))

 يخاطب هذا الإنسان الطارئ ، الخائف ، الفقير ، الشهواني ، الأناني ، الخالق رب الأرض والسماوات ، والباب مفتوح ، أنت لا تستطيع أن تقابل مسؤولاً من الدرجة العاشرة من دون موعد مسبق إلا الله عز وجل بآية .
 راكب سيارتك ، قبل أن تنام ، عندما استيقظت (وَهُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ مَا كُنْتُمْ) .

معية الله عامة وخاصة :

 هنا يوجد نقطة دقيقة : يوجد معية خاصة ومعية عامة ، المعية العامة الله مع الكافر : (وَهُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ مَا كُنْتُمْ) مع المشرك ، مع المجرم ، مع الطاغية ، هذه معية علم ، أما إذا قال :

﴿ إِنْ تَسْتَفْتِحُوا فَقَدْ جَاءَكُمُ الْفَتْحُ وَإِنْ تَنْتَهُوا فَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَإِنْ تَعُودُوا نَعُدْ وَلَنْ تُغْنِيَ عَنْكُمْ فِئَتُكُمْ شَيْئاً وَلَوْ كَثُرَتْ وَأَنَّ اللَّهَ مَعَ الْمُؤْمِنِينَ (19) َ﴾

[ سورة الأنفال]

 هذه معية خاصة ، معهم بالنصر ، والتأييد ، والحفظ ، إذا كان الله معك فمن عليك؟ وإذا كان عليك فمن معك ؟ ويا ربي ماذا فقد من وجدك ؟ وماذا وجد من فقدك ؟
 وإن لم تقل إذا كنت مع الله : ليس على وجه الأرض من هو أسعد مني إلا أن يكون أتقى مني .

الفرق بين اللذة والسعادة :

 عندنا لذة وسعادة ، اللذة ليس لها علاقة بالسعادة ، اللذة تحتاج إلى ثلاثة شروط ولحكمة بالغة بالغة دائماً تنقصك واحدة ، تحتاج إلى وقت ، وصحة ، ومال ، بالبداية يوجد وقت وصحة لكن لا يوجد مال ، بالمنتصف يوجد مال وصحة لكن لا يوجد وقت ، مشغول بالمعمل ، في خريف العمر يوجد مال ووقت لكن لا يوجد صحة ، صار عنده أسيد أوريك ، على فشل كلوي ، هذه اللذة والسعادة ، أما الصلة بالله لمجرد أن تنعقد لك مع الله صلة ، ولم تقل : ليس على وجه الأرض من هو أسعد مني إلا أن يكون أتقى مني عندك مشكلة مع الله ، أبواب السعادة مفتحة لكل الخلق ، من الخفير إلى الأمير ، لكل أطياف أهل الأرض .
 للتقريب : إذا كان هناك دولة قوية جداً وجانبها دولة صواريخ ، الله بعث رسالة لكل الشعوب دفعة واحدة ، إلى كل أطياف المجتمع ، إلى كل المستويات ، هذا الفيروس ، مخلوق ضعيف لا يرى بالعين ، انظر بنيويورك لا يوجد أية حركة ، أول مرة أرى منظراً غير معقول ، برلين ، لندن ، فيروس لا يرى بالعين هذا جند من جنود الله .

﴿ وَمَا جَعَلْنَا أَصْحَابَ النَّارِ إِلَّا مَلَائِكَةً وَمَا جَعَلْنَا عِدَّتَهُمْ إِلَّا فِتْنَةً لِلَّذِينَ كَفَرُوا لِيَسْتَيْقِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ وَيَزْدَادَ الَّذِينَ آمَنُوا إِيمَاناً وَلَا يَرْتَابَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ وَالْمُؤْمِنُونَ وَلِيَقُولَ الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ وَالْكَافِرُونَ مَاذَا أَرَادَ اللَّهُ بِهَذَا مَثَلاً كَذَلِكَ يُضِلُّ اللَّهُ مَنْ يَشَاءُ وَيَهْدِي مَنْ يَشَاءُ وَمَا يَعْلَمُ جُنُودَ رَبِّكَ إِلَّا هُوَ وَمَا هِيَ إِلَّا ذِكْرَى لِلْبَشَرِ (31﴾

[ سورة المدثر]

 أكبر حاملة طائرات أمريكية فيها خمسة آلاف عنصر ، فيها سلاح نووي ، يخاطب ربانها رئيسه في أمريكا : أدركنا ، الموت يومي من الفيروس ، كيف وصل للطائرات ؟ الله بيده كل شيء فإذا كنت مع الله كان الله معك ، النجاح ، والذكاء ، والتفوق أن تكون مع الله ، الأنبياء كانوا مع الله ، وكان الله معهم ، وكذلك المؤمنون ، أما غير المؤمن فأحياناً يعتني بصحته ثم يتفاجأ بشيء ما .
 أعرف شخصاً له أكثر من خمسين أو ستين مقالة عن الجري ، الجري صباحاً ، مات وهو يجري بجلطة ، إياك أن تؤله السبب ، الرياضة ليست خطأ ، سبب ، لكن إياك أن تؤله السبب ، لا تؤله الأسباب ، اعتمد على الله عز وجل ، أما المنهج الصحيح فأن تأخذ بالأسباب وكأنها كل شيء ، وأن تتوكل على الله وكأنها ليست بشيء .
المذيع :
 الله يفتح عليكم دكتورنا .
 شكر الله لكم علامتنا الدكتور محمد راتب النابلسي على ما قدمتم ، وما جمعتم ، وما تحدثتم به ، أكرمكم الله دكتور .
الدكتور محمد راتب النابلسي :
 أقل واجب ، أتمثل قوله تعالى :

﴿ وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ (60) ﴾

[ سورة غافر]

 لا يوجد مشكلة أبداً .
المذيع :
 أكرمكم الله ، لكم الفضل دائماً علينا ، جزاكم الله كل خير .
الدكتور محمد راتب النابلسي :
 هذا واجبي كداعية .
المذيع :
 أحسن الله إليكم ، جزيتم الجنة ، بارك الله فيكم .
 في الختام متابعينا الكرام نسأل الله العظيم رب العرش العظيم أن يتقبل منا ومنكم صالح الأعمال ، الشكر موصول لفريق العمل الذي شارك معنا ، وبما أن أيمن ضبط السماعة الآن لنذهب إلى أيمن يحدثنا بشيءٍ سريعاً عن فريق أترجة حتى نختم به بإذن الله تعالى ، تفضل أستاذ أيمن .

لمحة عن فريق أترجة القرآني :

أيمن العبسي :
 السلام عليكم ، نعتذر عن الخلل الفني .
 أول شيء نشكر الشيخ الدكتور محمد راتب النابلسي على هذه المحاضرة ، إن شاء الله تكون بميزان حسناتكم شيخنا .
 مشروع أترجة القرآني باختصار هو مشروع انطلق من قول النبي صلى الله عليه وسلم :

(( عن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما أَنَّ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم قال : بلِّغُوا عني ولو آية ، وحَدِّثوا عن بني إِسرائيل ، ولا حَرَجَ ، وَمَن كَذَبَ عليَّ مُتَعمِّدا فَلْيَتَبَوَّأْ مَقْعَدَهُ مِن النَّارِ ))

[أخرجه البخاري والترمذي]

 فانطلق مشروع أترجة في عام 2017 على أيدي ثلة من الحافظين والمجازين لكتاب الله سبحانه وتعالى بهدف ، الهدف الرئيس من المشروع هو تخريج مهندس يكون القرآن في فكره، في قلبه ، وفي تصرفاته أيضاً .
 شيخنا ؛ كما نعرف أن العلوم الجامعية لها فائدة في حياة الشخص عندما يتم عمله لكن القرآن له الأثر في أنه يتقن العمل ، القرآن سبحان الله له أثر بأنه يضبط تصرفات الشخص حتى نصل إلى مرحلة إتقان العمل ، لو تخيلنا أن جميع الأعمال متقنة مثلاً أي خير كبير جداً ، الطموح أن يتخرج المهندس متقناً وحافظاً وتالياً ومطبقاً لكتاب الله سبحانه وتعالى ، هذه هي الثقة باختصار، بالنسبة لشبابنا شباب جامعة انتظرونا إن شاء الله تعالى في الساعة الثامنة مساء من يوم غد حتى نقيم إعلاناً عن برنامج رمضان إن شاء الله تعالى .
وفي الختام .
الدكتور محمد راتب النابلسي :
 قبل أن تتابع ؛ الجامعة غير الجيدة يدخلها الطالب جاهلاً متواضعاً يتخرج جاهلاً متكبراً .
المذيع :
 صدقت والله يا دكتورنا صدقت .
الدكتور محمد راتب النابلسي :
 هذه الدرجة الثانية ، ليست الأولى ، الجامعة مؤنث ، والجامع مذكر .

﴿ الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ بِمَا فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَبِمَا أَنْفَقُوا مِنْ أَمْوَالِهِمْ فَالصَّالِحَاتُ قَانِتَاتٌ حَافِظَاتٌ لِلْغَيْبِ بِمَا حَفِظَ اللَّهُ وَاللَّاتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ وَاضْرِبُوهُنَّ فَإِنْ أَطَعْنَكُمْ فَلَا تَبْغُوا عَلَيْهِنَّ سَبِيلاً إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيّاً كَبِيراً (34) ﴾

[ سورة النساء]

 بمعنى أن الجامعات في بلاد الإسلام ينبغي أن تستقي مناهجها من وحي السماء ، الجامعات في بلاد المسلمين ، دارون ليس له وجود عندنا ، عكس القرآن ، أن تستقي مناهجها من وحي السماء .
 أنا يوجد عندي مصطلحان ؛ وحي السماء ، ووحل الأرض ، الآن الناس غرقوا في وحل الأرض ، فجاءت الكورونا لفتتهم إلى وحي السماء ، غرقوا في وحل الأرض .
المذيع :
 بارك الله فيكم وفتح عليكم دكتور ، أكرمكم الله ، الشكر موصول لأيمن على هذه العجالة .
 أنا أريد أن أختم معكم دكتورنا بدعاء ترطب به قلوبنا ، ونلجأ به إلى الله عز وجل جميعاً .

الدعاء :

الدكتور محمد راتب النابلسي :
 الأدعية تستمر ساعتين أو ثلاث ، تريد شيئاً بدقيقتين أو ثلاث .
 اللهم أصلح لنا ديننا الذي هو

الاستماع للدرس

00:00/00:00

إخفاء الصور