وضع داكن
18-04-2024
Logo
مختلفة - الأردن - المحاضرة : 63 - مركز رقية – الاستعداد لرمضان.
رابط إضافي لمشاهدة الفيديو اضغط هنا
×
   
 
 
 بسـم اللـه الرحمـن الرحيـم  
 

مقدمة :

المذيعة :
  بسم الله الرحمن الرحيم ، والصلاة والسلام على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين .
 نرحب بداية بشيخنا القدير الدكتور محمد راتب النابلسي ، والضيوف الكرام ، ونشكركم على تلبية دعوتنا ، وإعطائنا جزءاً من وقته الثمين ، مُقدَّم لنادي زمردة الجامعي ، التابع لمركز رقية ابنة الرسول عليه الصلاة والسلام ، التابع لجمعية المحافظة على القرآن الكريم، نسأل الله أن يبارك لنا ، وأن يوفقنا بما يحبه ويرضاه .
 اقترب رمضان الخير ، رمضان المغفرة والتوبة ، رمضان العتق من النيران ، نتسابق جميعاً للطاعات في هذا الشهر ، وفعل الخيرات ، ويغفل الكثير عن أنه شهر الحصاد وقطف الثمار ، ولما كان الاستعداد لهذا الشهر من أثر عظيم استضفنا حضرة الدكتور محمد راتب النابلسي حفظه الله ورعاه ، ليبين لنا كيف نستعد لرمضان من شعبان بهمّةٍ محمّديةٍ ثابتةٍ راسخة ، بإذن الله تعالى ، تفضل دكتور محمد المايك معك .

العبادة علة وجودنا :

الدكتور محمد راتب النابلسي :
 بسم الله الرحمن الرحيم ، الحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين ، اللهم لا علم لنا إلا ما علمتنا إنك أنت العليم الحكيم ، اللهم علمنا ما ينفعنا ، وانفعنا بما علمتنا ، وزدنا علماً ، وأرنا الحق حقاً وارزقنا اتباعه ، وأرنا الباطل باطلاً وارزقنا اجتنابه ، واجعلنا ممن يستمعون القول فيتّبعون أحسنه ، وأدخلنا برحمتك في عبادك الصالحين .
 أخوتنا الكرام ؛ أخواتنا الفضليات ؛ بادئ ذي بدء ، هناك مصطلحٌ معاصر اسمه : علّة الوجود ، أي سبب الوجود ، إنسان أرسل ابنه إلى باريس لينال الدكتوراه من السوربون ، علة وجود هذا الشاب في هذه المدينة العملاقة شيء واحد هو الدراسة ، هذا لا يمنع أن يأكل في مطعم ، أو أن يقتني مجلة لها علاقة باختصاصه ، أو أن يجلس في حديقة ، أما سبب وجوده في هذه المدينة فهي الدراسة ، لو سحبنا هذا المثال على سبب وجودنا في الدنيا ، لماذا نحن في الدنيا ؟ لماذا خلقنا في الدنيا ؟ هناك إجابة قرآنية :

﴿ وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ (56)﴾

[ سورة الذاريات ]

 العبادة طاعةٌ طوعية ، ممزوجةٌ بمحبةٍ قلبية ، أساسها معرفةٌ يقينية ، تفضي إلى سعادة أبدية ، فعلّة وجودنا الوحيدة ، والفريدة ، والخطيرة ، والأساسية أن نعبد الله ، هذا المخلوق الضعيف الحادث الشهواني الذي يخاف كثيراً ، والذي هو حريص على ما بيديه ، يمتنع عن إنفاق ما بيديه ، هذا المخلوق سُمِح له أن يتصل بأصل الجمال ، والكمال ، والنوال ، بالله رب العالمين ، من هذا الاتصال اشتق منه الرحمة ، اشتق منه الحلم ، اشتق منه الكرم ، الإنفاق ، الإنصاف ، العدل ، أي تخلّق بأخلاق الله ، لذلك التخلّق بأخلاق الله نهاية العبادة والعمل ، لكن هذه العبادة يومية ، خمس صلوات في اليوم .

رمضان عبادة الإخلاص :

 يوجد لدينا عبادات استثنائية ، أي عبادة مكثفة ، عبادة متميزة ، رمضان من هذه العبادات الاستثنائية ، فالإنسان خارج رمضان ممنوع أن يأكل مالاً حراماً ، ممنوع أن يقترف معصية ، ممنوع أن يقترف شهوة لا ترضي الله عزّ وجل ، إلا أن هذا الشهر مُنِعنا من الحلال ، من الطعام والشراب ، مُنعنا من شيء بديهي ، لذلك هذا الشهر شهر الإخلاص ، بمعنى إنسان في رمضان ، في الساعة الثانية ظهراً ، والحر لا يُحتمل بشهر آب ، والحرارة إحدى وخمسون ، وفي المنزل لا يوجد أحد إطلاقاً ، ويوجد ثلاجة فيها ما لذَّ وطاب ، فيها عصير وفيها ماء بارد ، ما الذي يمنعه أن يضع كأس ماء في فمه ؟ مراقبة الله له ، لذلك قالوا : رمضان عبادة الإخلاص ، لا يمكن أن يستطيع مسلم في رمضان ، وهو في المنزل وحده ، ويكاد يموت عطشاً، أن يضع في فمه قطرة ماء ، إذاً هذا الشهر شهر العبادة ، والحقيقة مع الأسف الشديد ، أحياناً الحقيقة المرّة أفضل ألف مرة من الوهم المريح ، بمعنى أن الإسلام يفهمه فهماً تقليدياً من عاداتنا وتقاليدنا ، رمضان شهر الولائم والمسلسلات ، صدقوا ولا أبالغ هذا الشهر بتعبير معاصر فُرِّغ من مضمونه ، ليس له علاقة بالعبادة إطلاقاً ، مسلسلات فاضحة ، غيبة ونميمة حتى السحور ، نأكل وننام ، هذا الشهر ليس له علاقة بالدين إطلاقاً ، كأن هذا الشهر فُرِّغ من مضمونه ، أصبح مسلسلات ، والمسلسل خطير جداً ، ما خطورته؟ المسلسل يوجد فيه حوادث وحوار وشخصيات ، لأن طرحه يناقض الدين ، يريك شخصاً متفلّتاً ، يرتكب كل المعاصي في بيت جميل جداً ، هو أنيق جداً ، يستقبل صاحبات زوجته بغياب زوجته ، متفلّت أبلغ تفلّت ، ويعيش في أرقى حي ، في أجمل بيت ، نصوّر رجل دين خلقه ضيق جداً ، فقير ، أولاده في الطريق ، زوجته عند الجيران ، هم لم يتكلموا شيئاً في الدين ، لكن قدموا لك أسوأ صورة عن الدين ، العالم الغربي لما يئس من إقناعنا بثقافته ، ترك الكلمة وجاء بالصورة ، فهذه الشاشة ما لم تضبط لا يمكن أن يستطيع أب أن يربي أولاده ، ما لم تضبط شاشة التلفاز والآيباد والهاتف ، ثلاثة أجهزة تدمّر الأسرة كلياً ، فإذا هذه الأجهزة الثلاث التلفاز والآيباد والهاتف لم تضبط ، الضبط ليس بالقمع وإنما بالإقناع ، أقنع ولا تقمع ، لا يوجد طريق إلى تربية الأولاد ، فرمضان ما بين أن يكون شهر ولائم ، وشهر مناسبات ، وشهر مسلسلات ، وشهر عبادة ، نقلة نوعية ، صلح مع الله ، فتح صفحة جديدة مع الله :

((من صامَ رمضانَ إيمانًا واحتسابًا غُفِرَ لَه ما تقدَّمَ من ذنبِهِ ، ومن قامَ ليلةَ القدرِ إيمانًا واحتسابًا غُفِرَ لَه ما تقدَّمَ من ذنبِهِ))

[صحيح أبي داود]

 ليس شيئاً سهلاً ، شخص عليه خمسة ملايين دولار ديناً ، وهناك تهديد بمصادرة أملاكه كلها ، ووضعه في السجن ، جاءه شخص وقال له : افعل هذا العمل ثلاثين يوماً تعفى من هذا الدين ، فرصة لا تقدر بثمن :

((من صامَ رمضانَ إيمانًا واحتسابًا غُفِرَ لَه ما تقدَّمَ من ذنبِهِ ومن قامَ ليلةَ القدرِ إيمانًا واحتسابًا غُفِرَ لَه ما تقدَّمَ من ذنبِهِ))

 فرمضان في صلاة الفجر تعني للرجال في الجامع ، والنساء في جامع النساء .

((من صلَّى العشاءَ في جماعةٍ كان كقيامِ نصفِ ليلةٍ ومن صلى العشاءَ والفجرَ في جماعةٍ كان كقيامِ ليلةٍ))

[سنن أبي داود]

 في رمضان الفجر في المسجد أو جماعة في البيت ، أقول كلاماً دقيقاً ، عندك ثلاث بنات وأربعة أولاد ، والزوج قراءته جيدة ، صلينا في البيت ، الزوج وزوجنه وثلاث بنات وأربعة أولاد ، هذه صلاة جماعة كاملة مكملة ، وأنا رأيي دقيق قليلاً ، إذا الأب صلّى التراويح وحده برمضان ، وليس متأكداً أن من حوله من أفراد أسرته يصلون التراويح في البيت ، إن صلّى في البيت إماماً ، وقرأ ولو في المصحف لا يوجد مانع ، كل ركعة صفحة ، قراءة جيدة ، الصلاة في البيت أفضل لمن لا يتأكد من أن أهله ينصاعون لهذا الأمر ، فأنت عشرون ركعة أو ثماني ركعات مع الله ، وتقرأ القرآن ، أي هناك شيء يجلي الصدر ، إن لم تقل في رمضان: ليس على وجه الأرض من هو أسعد مني إلا يكون أتقى مني .

رمضان فتح صفحة جديدة مع الله عز وجل :

 أكبر خطر أن الغيبة تلغي قيمة الصيام ، تفرغه من قيمته ، نحن فهمنا أن رمضان هو ترك الطعام والشراب ، من فهم الصيام ترك الطعام والشراب فقط كأنه لم يصم ، ترك الغيبة، وترك النميمة ، وترك الكذب ، وترك اليمين الكاذبة ، كل أخطائنا في العام في رمضان توبةٌ نصوح منها ، هناك نقلة نوعية ، فتح صفحة مع الله جديدة ، عهد موثق مع الله ، إقبال على الله، قرب من الله ، صلاة مع خشوع ، صلاة مع قراءة سورة :

﴿ قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ(1) ﴾

[سورة الإخلاص]

 هذه السورة لم يعد لديها أثر ، أما برمضان لو كان من المصحف فلا يوجد مانع أبداً ، كل ركعة صفحة ، كل ليلة عندنا عشر صفحات ، ثلاثون يوماً ثلاثمئة صفحة ، نصف القرآن تقريباً ، فرمضان يحتاج إلى تخطيط ، يحتاج إلى ضبط ، أخطر شيء برمضان الإنسان يأكل على المغرب طعاماً ثقيلاً ، لم يعد يستطيع الصلاة ، البطولة أن يكون الطعام خفيفاً ، بعد التراويح نعمل وجبة دعم خفيفة ، أما الطعام الثقيل فلم يعد يستطيع أن يصلي ركعة ، أو ثماني ركعات ، فالطعام مهم جداً ، هذا شهر متكامل ، الطعام والشراب واللقاءات ، يا أخي اعمل اللقاءات والسهرات والولائم بعد رمضان ، ما المانع ؟ سأقول لكم كلمة وأنا متألم منها جداً : أكثر بلادنا رمضان شهر ولائم ، ومسلسلات ، والمسلسلات تبث السم في الدسم ، لا يمكن أن يكون هناك خشوع مع الله مع مسلسل ، رأيت نساء كاسيات عاريات ، أي صيام هذا ؟! فلابد من ضبط العين ، ضبط الأذن ، ضبط اللسان ، ضبط الشاشة ، ضبط اللقاء الذي يرجّح أنك في رمضان ذقت طعم القرب من الله ، أنا يغلب على ظني أنه من ذاق طعم القرب لا يستطيع بعد رمضان أن يضحي بهذه السعادة ، في رمضان يبقى كل شيء تركه خوفاً من الله مستمراً بعد رمضان ، يفطر فمه فقط ، أما :
رمضان ولّى هاتها يا ساقي مشتاقةٌ تسعى إلى مشتاق
***
 التغى رمضان كله ، إذا عدنا بعد رمضان إلى ما كنا قبل رمضان ، والله لا أبالغ كأننا لم نصم رمضان ، إنسان ارتفع درجة ثلاثين يوماً ونزل مرة أخرى في المكان السابق ، كأنه لم يصم ، أما رمضان درج ، هذه المرة ضبط بعض التقصيرات ، هذه المرة ضبط بعض المعاصي ، هذه المرة ضبط بعض التقصيرات ، هذه المرة اعتلى بأذكاره ، اعتلى بصلاته ، اعتلى بضبط العادات الاجتماعية ، فأصبح رمضان درجاً صاعداً كل سنة يلقى درجة ، رمضان نقلة من وحول الشهوات إلى جنات القربات ، رمضان فتح صفحة مع الله جديدة ، رمضان إقبال على الله ، رمضان أن تذوق طعم القرب ، أي أجمل شيء بالدنيا ، لا أعلم منظر بحر أحياناً ، منظر وجه طفل صبوح ، منظر فواكه ، منظر أشجار ، منظر غابات ، كل ما ترى من جمال في هذا الكون مسحة من جمال الله ، هو أصل الجمال والكمال والنوال :

فـلو شاهدت عيناك من حسننــــا  الذي رأوه لما وليت عنــــــــــا لغـيرنـــا
ولو سمعت أذناك حسن خطابنا  خلعت عنك ثياب العجب وجئتنـــــــــــا
ولو ذقت مـن طعم المحبـــة ذرة  عذرت الذي أضحى قتيلاً بحبنـــــــــــا
ولو نسمت من قربنا لك نسمـة  لمــــت غريباً واشتيـــــــــاقاً لقربنـــــــــــا
ولو لاح من أنوارنـا لـك لائـــــــحٌ  تركــــت جميع الكائنــــــات لأجلنــــــــا
فما حبنا سهل وكل من ادعـــى  سهولته قلنا له قــــــــــــد جهلتنـــــــــــــا
***

رمضان عبادة استثنائية لأنه شهر صفاء ونقاء :

 لدي ملاحظة ؛ أحياناً يوجد مشاكل بين الأقارب لا تحل في رمضان ، رمضان لو دخلت في حوار مع الخصوم تعكرت ، وكأنك فقدت حلاوة الإقبال على الله ، إذا كان يوجد شراكة ومشكلة بين شريكين ، إما أن تحل قبل رمضان أو بعد رمضان ، اترك هذا الشهر لصفائك مع الله ، لقربك من الله ، أي المعالجات ، المعالجة الداخلية برمضان أخرها إلى ما بعد رمضان أو إلى ما قبل رمضان ، اترك هذا الشهر شهر صفاء ، أي أخ لا يتكلم مع أخته ، هذه معصية كبيرة جداً ، يجب برمضان أن يزورها ، إنسان لديه علاقة غير جيدة مع قريب ، أتمنى أن كل العلاقات السلبية قبل رمضان أن تحل في رمضان ، نفتح مع الأقارب صفحة جديدة ، شهر عبادة ، لا نعكر أنفسنا بمشكلة داخلية ، لا نعكر أنفسنا بمشكلة مع زوجنا ، أو مشكلة بين زوج وزوجته، اترك رمضان شهر صفاء ، شهر عبادة ، وحاول أن يصلي الأولاد معكم ، أن يكون في البيت جامع ، البنات واقفات أمام أبيهم ، والشباب واقفون ، بعدما ينهوا التراويح ، الأب يفتح القرآن يشرح لأولاده آية أو آيتين ، أي درس عشر دقائق في رمضان ، رمضان شهر عبادة ، وصباحاً نقرأ القرآن بعد الفجر إلى طلوع الشمس إن أمكن ربع ساعة ، نصف ساعة ، أي اجعل هذا الشهر لله عز وجل ، ابتعد عن كل المناسبات .
 أنا أقول لكم شيئاً أنا أعرفه تماماً : رمضان شهر ولائم فقط ، سهرات ، ولا يوجد انضباط بالسهرة إطلاقاً ، لا بثياب النساء ، وقد تكون امرأة لا تحل لرجل أبداً ، جالسة بسهرة وهم يلعبون الطاولة كل السهرة ، هذا رمضان ليس له علاقة بالدين إطلاقاً ، هذا رمضان مناسبات اجتماعية ، شهر اجتماعي ليس له علاقة بالدين ، علاقة بالدين يوجد إقبال على الله ، يوجد انضباط ، وكل العادات والتقاليد التي تقلل من قيمة رمضان أتمنى على إخوتي الكرام وأخواتي الفضليات أن تؤجل إلى ما بعد رمضان ، رمضان عبادة استثنائية .

النور الإلهي أعظم ثمرة في رمضان :

 الآن أي :

﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُون(183)﴾

[سورة البقرة]

 ما معنى تتقون ؟ بالضبط تماماً دخلت غرفة في الليل أطفأت الثريات ، أصبح الظلام دامساً ، فالعين التي في رأسك لا قيمة لها ، يستوي في هذه الغرفة الأعمى والبصير ، هذا عمى النور ، الأرض ، أما إذا إنسان له عقل ، للعقل مبادئ ، مبدأ السببية والغائية وعدم التناقض ، لو لم يكن له صلة بالله يطفأ نور الله ، الدليل :

﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَآمِنُوا بِرَسُولِهِ يُؤْتِكُمْ كِفْلَيْنِ مِن رَّحْمَتِهِ وَيَجْعَل لَّكُمْ نُورًا تَمْشُونَ بِهِ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ۚ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ (28) ﴾

[سورة الحديد]

 هذا النور إلهي ، أنت ترى في رمضان من خلال إقبالك على الله الحق حقاً ، والباطل باطلاً ، والخير خيراً ، والشر شراً ، هذا النور يثبت في هذه الآية ، أعيدها مرة أخرى : {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَآمِنُوا بِرَسُولِهِ يُؤْتِكُمْ كِفْلَيْنِ مِن رَّحْمَتِهِ وَيَجْعَل لَّكُمْ نُورًا تَمْشُونَ بِهِ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ۚ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ (28)} هذا النور الإلهي أعظم ثمرة في رمضان ، ترى الحق حقاً والباطل باطلاً ، من دون النور ترى الباطل حقاً ، والحق باطلاً ، هكذا ربينا ، هذا واقعنا ، نقل المعاصي إلى عادات وتقاليد ، أما الناظم فهو منهج الله عز وجل ، يوجد تفاصيل يفهم الناس أن رمضان عبادات شعائرية ، أنه صام وصلّى ، العبادة الشعائرية أمام التعاملية لا شيء من حيث التأثير ، العبادة التعاملية يكون دخلك حلالاً ، الإنفاق حلالاً ، اختيار الزوجة ناجحاً ، تربية الأولاد ، خروج البنات في الطريق ، وقت السهر لا يوجد شاشة مفتوحة ، لا يوجد سهرة مختلطة ، لا يوجد سهرة فيها اختلاط ، فيها انضباط ، انضباط في السهرات ، واللقاءات ، والرحلات ، والسفريات ، وكسب المال ، وإنفاق المال ، وعلاقتك بالزبائن ، وعلاقتك بمن حولك من أقوياء ، منهج تفصيلي دقيق جداً ، يبدأ من فراش الزوجية ، وينتهي بالعلاقات الدولية ، في رمضان يطبق ، إن طبقته ثلاثين يوماً ، انقلبت هذه العبادة إلى عادة ، وقيل : إن عبادات المؤمن عبادات ، أي صيامه عبادة ، إطعامه الطعام لأهله عبادة ، أن يجلس مع زوجته ربع ساعة يستمع إليها عبادة ، أن يستمع إلى ابنه يسأله عن قضية سمعها من استاذه عبادة ، العبادة واسعة جداً ، تبدأ من فراش الزوجية وتنتهي بالعلاقات الدولية ، ففي نهار رمضان غض بصر ، طبعاً في رمضان وغير رمضان ، لكن الشخص بدأ مع الله في رمضان يستمر ، ضبط لسان ، ضبط سهرات ، ضبط لقاءات ، ضبط مكاسب ، هذا كله يُضبط حتى تنعقد الصلة مع الله ، ما الذي يحصل ؟ تخيل بيتاً فيه ثريات ، ثلاجات ، مكيفات ، مايكرويف ، كل جهاز كهربائي موجود بأعلى درجة ، لكن لا يوجد كهرباء ، لا قيمة لكل هذه الأجهزة إطلاقاً ، كتل بلاستيكية ، الدين من دون صلة بالله ممل ، ينقلب إلى عادات ليس لها معنى إطلاقاً ، دين من دون إقبال ممل ، وإذا نفّذ بشكل سطحي وشكلي ، أما الدين فمجموعة متكاملة ، بدءاً من فراش الزوجية وانتهاءً بالعلاقات الدولية ، هذا هو الدين ، إذاً الدين الحقيقي الصحيح المنضبط التام الكامل إن لم تقل ليس على وجه الأرض من هو أسعد مني ، إلا أن يكون أتقى مني عندك مشكلة كبيرة ، هذا هو الصيام ، الصيام غض بصر ، ضبط لسان ، دعوة إلى الله ، نصح .

الدعوة إلى الله فرض عين على كل مسلم :

 الدعوة إلى الله علة وجودنا .

﴿ وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ (56)﴾

[ سورة الذاريات ]

﴿ وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلًا مِّمَّن دَعَا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحًا وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ (33) ﴾

[سورة فصلت]

 أي ليس على وجه الأرض إنسان أفضل عند الله ممن دعا إلى الله بلسانه ، بمحاضرته في الجامعة ، بسهرته مع أصدقائه ، بلقائه مع موظفيه ، مع عمّاله إذا كان عنده معمل ، مع أصحابه ، مع أقربائه ، دعا إلى الله بكل مناسبة ، دعا إلى الله بأقواله ، وأفعاله ، وبمقالته ، وبموقفه ، الموقف دعوة وعمل صالح .
 الآن كسب ماله ، إنفاق ماله ، علاقاته ، سهراته ، لقاءاته ، سفراته ، رحلاته ، علاقاته بالأقوياء ، بالضعفاء ، بمن حوله ، بوالديه ، بأقاربه ، بأهل بلده ، وفق منهج الله ، منهج تفصيلي يبدأ من فراش الزوجية وينتهي بالعلاقات الدولية ، هذا هو الدين ، فلذلك رمضان كلما صمت صياماً دقيقاً تشعر بقرب من الله :

فـلو شاهدت عيناك من حسننا  الذي رأوه لما وليت عنا لغيرنــا
***

تربية الأولاد أعظم عمل على الإطلاق :

 أنت اتصلت بأصل الجمال والكمال والنوال ، فإنك بأعيننا ، أي لا يوجد آية قرآنية من الله عز وجل إلى نبيه الكريم سيد الخلق وحبيب الحق كهذه الآية :

﴿ وَاصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ فَإِنَّكَ بِأَعْيُنِنَا ۖ وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ حِينَ تَقُومُ(48) ﴾

[سورة الطور]

 بلغتنا أي غال علينا كثيراً ، والعلماء قالوا : هذه الآية للنبي الكريم وهو سيد الأنبياء والمرسلين لكل مؤمن منها نصيب بقدر إيمانه وإخلاصه ، لكل مؤمن منها قطعاً نصيب ، وأنت غال على الله ، والمرأة المؤمنة غالية على الله كثيراً ، قد تصل بالمكانة إلى أعلى درجة ، لذلك المرأة على الله غالية كثيراً ، الله عز وجل :

((أول من يمسك بحلق الجنة أنا ، فإذا امرأة تنازعني تريد أن تدخل الجنة قبلي ، ماذا قبلي؟ قلت من هذه يا جبريل ؟ قال : امرأة ربت أولادها))

[ورد في الأثر]

 أنت بتربية الأولاد تقومين بأعظم عمل في الأرض ، أنت مدرسة لهذه الأسرة ، أنت قد تنشئي جيلاً إسلامياً ، لا يوجد إنسان عظيم إلا وراءه امرأة ، أنا في التعليم منذ أربعين سنة ، أجد طفلاً أنيق ، ثيابه نظيفة ، ألوانها مناسبة ، معه أدوات قرطاسية جيدة ، محفظته جيدة ، يكتب وظيفته ، لا يوجد لديه كلمة غلط ، أحكم قطعاً أن لهذا الابن أماً عظيمة ، وهذه الأم العظيمة لا يوجد عمل يكبر على تربية أولادها .

﴿ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَاتَّبَعَتْهُمْ ذُرِّيَّتُهُمْ بِإِيمَانٍ أَلْحَقْنَا بِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَمَا أَلَتْنَاهُمْ مِنْ عَمَلِهِمْ مِنْ شَيْءٍ ۚ كُلُّ امْرِئٍ بِمَا كَسَبَ رَهِينٌ(21) ﴾

[سورة الطور]

 أي أكبر تجارة مع الله على الإطلاق أن يلحق المرأة أعمال أولادها .

للمرأة مقام كبير جداً عند الله :

 المرأة شيء عظيم ، هي صغيرة جداً محبوبة كثيراً ، على أكبر الأولية في المدرسة، على أكبر حافظة لكتاب الله ، على أكبر زوجة صالحة ، أخت صالحة ، ابنة صالحة ، جدة صالحة ، كل مرحلة لها مرحلة ، أذكر مرة كنت في مكناس أعد لمحاضرة نسائية ، كلهنَّ محجبات طبعاً ، خطر في بالي خاطر ، المرأة المحجبة إن كانت أكبر منك فهي كأمك تماماً ، وإن كانت في سنك فهي أختك ، وإن كانت أقل منك عمراً فهي ابنتك ، الدليل سيدنا نوح قال : هؤلاء بناتي ، أي النساء إخوانه ، هؤلاء بناتي هن أطهر لكم ، فهي بنت إذا كانت صغيرة ، وإن كانت في سنه أخته ، وإن كانت أكبر منه أمه ، أما إذا تبرجت وتفلتت فأصبحت أنثى تُشتهى ، فلذلك ذات مرة كنت في القاهرة ، دخلت إلى متحف فرعوني ضمن سياحة البرنامج ، أتى وفد سياحي بريطاني ، أقسم لكن بالله يوجد تفلّت تحتاج إلى أن تتقيأ ، شيء لا يحتمل من التفلّت ، خرجت من هذا المتحف ، وجدت امرأة أظن أنها من الشام ، معطف طويل كامل إلى الأسفل ، شال رقيق جداً ، لم تقع عيني في حياتي على امرأةٍ أجمل منها ، جمال الحشمة ، المرأة مقدسة، كل سنتيمتر من ثيابها متعلقة بدينها ، جمالها غير مشاع ، نحن في حياتنا عندنا مركبة عامة وخاصة ، المركبة العامة ، النمرة في الشام حمراء ، هذه للكل ، وعندنا خصوصي أرقام كثيرة ، المرأة خصوصي لزوجها وأولادها وأقاربها ، لكن هي ليست مشاعة للكل ، ذات مرة هناك فتاة في ألمانيا جميلة جداً ، ومتفلّتة جداً ، عرفت ربها واستقامت وتحجبت ، قالت كلمة أبكت من حولها : أنا كنت لحماً أبيض يُشتهى ، الآن أصبحت إنسانة ، عندما تحجبت أصبحت إنسانة ، فأنا أرى أن المرأة لها مقام كبير جداً عند الله ، وفي المجتمعات الإسلامية أقسم لكن بالله لا يوجد جهة في الأرض تحترم المرأة كالإسلام أبداً ، نحن لا يوجد عندنا صديقة ، لا يوجد عندنا عشيقة ، عندنا أم ، زوجة ، بنت ، أخت ، جدة ، خالة ، عمة فقط ، عندنا قرابة مقدسة ، ديننا عظيم .
 الحقيقة أذكر أن طالباً من أحد طلابي ذهب إلى ألمانيا ، سكن عند عائلة عندها ابنة جميلة جداً ، وهم لا يمانعون أن تتم علاقة بين هذا الشاب وتلك الفتاة ، لكنه كان يغضُّ بصره غضاً غير معقول ، أنت في بلد غريب ، وبيت لا يوجد فيه أحد ، وهذه البنت تُشتهى ، متفلّتة ، لم ينظر إليها إطلاقاً ، عدم نظره إليها سبب إسلام الأسرة كلها ، ما هذا الدين ؟ غض البصر كرامة للإنسان ، هو كرامته أن يغض بصره ، وكرامتها أن تتحجب ، هي ليست للمتاع للجميع ، هي لزوجها بلا شروط ، ولمحارمها بثياب الخدمة ، هذا ملخص الملخص ، فعندما تعرف المرأة دينها تصبح إنسانة أخرى ، ولها مكانة كبيرة جداً عند الله ، وعند الناس ، وعند أهلها ، وإذا بني الزواج على طاعة الله ، تولّى الله في عليائه التوفيق بين الزوجين ، فإذا بني على معصية الله يتولى الشيطان التفريق بينهما ، هكذا .

نصائح دقيقة في العلاقات الزوجية :

 لذلك يوجد بالمناسبة شيء يذكر ، في الزواج الله بين الزوجين ، دققوا الله بين الزوجين ، كل طرفٍ يخشى الله أن يغلب الطرف الآخر ، وكل طرفٍ يتقرب إلى الله بخدمة الطرف الآخر ، هذه المؤسسة تستمر ، ذات مرة ذهبنا إلى حمص ، نزور إنساناً لديه شلل رباعي مدة ستة وثلاثين عاماً ، زرت المريض أنا والدكتور سعيد رحمه الله ، لفت نظري شيء ، أن هذا الإنسان المشلول رباعياً ، ست وثلاثون سنة تخدمه زوجته ، ما هذا الدين ؟
 أعرف مهندساً وهو صديق لي تزوج فتاةً ، بعد أسبوعين اكتشف أن عندها سرطاناً بالرحم ، يقول له أبوها : يا بني طلقها ، هذه ابنتي ليست زوجتك ، قال له :والله لا أطلقها ، باع منزله وأنفقه عليها ، ما هذه البطولة ؟ هذا هو ديننا ، لدي صديق حميم توفيت والدته ، توفيت في الخامسة والثمانين ، والده في الخامسة والتسعين ، بكى بكاء غير طبيعي في التعزية، في الخامسة والتسعين ، وهي في الخامسة والثمانين ، فأنا قررت أن أواسيه بعد التعزية ، قلت له: اهدأ ، بكى مرة أخرى ، وقال لي : والله خمسٌة وخمسون عاماً لم أنم يوماً منزعجاً منها ، هذا ديننا ، والله المرأة لها مكانة عند الله ، والله لا يعلمها إلا الله ، لكن أن تكون زوجة صالحة ، أماً صالحة ، ابنة صالحة ، أختاً صالحة ، عمة صالحة ، ونصيحة سأقول لكم إياها بدقة بالغة: إن وجدت مشكلة بين الزوجين ، هذه المشكلة يجب أن تبقى في غرفة النوم فقط ، بغرفة النوم ، لو خرجت إلى خارج الغرفة ، لو نام الزوج بغرفة الجلوس ، كشف الأطفال المشكلة ، يجب ألا تنتقل المشكلة بين الزوجين إلى الأطفال ، لأن الطفل ينشأ عنده انفصام شخصية ، هذه أمه وهذا أبوه ، يحب كليهما ، ما الذي يحصل ؟ لا يمكن أن يعلم الابن ، الدليل :

﴿ الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ بِمَا فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلَىٰ بَعْضٍ وَبِمَا أَنفَقُوا مِنْ أَمْوَالِهِمْ ۚ فَالصَّالِحَاتُ قَانِتَاتٌ حَافِظَاتٌ لِّلْغَيْبِ بِمَا حَفِظَ اللَّهُ ۚ وَاللَّاتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ وَاضْرِبُوهُنَّ ۖ فَإِنْ أَطَعْنَكُمْ فَلَا تَبْغُوا عَلَيْهِنَّ سَبِيلًا ۗ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيًّا كَبِيرًا(34) ﴾

[سورة النساء]

 ملمح دقيق في الآية ، في المضاجع ، يوجد مشكلة تبقى المشكلة في غرفة النوم ، فإذا انتقلت إلى الأولاد تضاعفت خمسة أضعاف ، فإذا انتقلت إلى أقرباء الزوجة أو أقرباء الزوج تضاعفت مليون ضعف ، وتنتهي بالطلاق دوماً ، فأنا أقسم عليكن إذا كان يوجد مشكلة مع زوجك ، تُحل مع الزوج فقط ، وتبقى هنا ، هذه من النصائح الدقيقة في العلاقات الزوجية ، فالإنسان إذا ربى أولاده :

﴿ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَاتَّبَعَتْهُمْ ذُرِّيَّتُهُم بِإِيمَانٍ أَلْحَقْنَا بِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَمَا أَلَتْنَاهُم مِّنْ عَمَلِهِم مِّن شَيْءٍ ۚ كُلُّ امْرِئٍ بِمَا كَسَبَ رَهِينٌ(21) ﴾

[سورة الطور]

 أي أعظم شيء أن تكون هذه العلاقة بين الزوجين في أعلى مستوى .
 أرجو من الله سبحانه وتعالى أن يكون رمضان شهر الخيرات ، والبركات ، والإشراقات ، وضبط السلوك ، وضبط الطعام والشراب ، وضبط الدخل والإنفاق ، واللقاءات ، وأن يكون رمضان تراكمياً ، ماذا معنى أن يكون تراكمياً ؟ أي لا ينطبق علينا قول الشاعر أحمد شوقي :

رمضان ولّى هاتها يا ساقي  مشتاقة تسعى إلى مشتاق
***

 أن نبقى بعد رمضان كما كنا في رمضان ، نعمل رمضانات تراكمية .
المذيعة :
 ما شاء الله عليكم دكتور ، جزاكم الله خيراً ، شحنت أرواحنا ، وأنرت عقولنا وقلوبنا.
الدكتور محمد راتب النابلسي :
 وفقك الله .
المذيعة :
 نشكركم على ما قدمتموه لنا ، سدد الله خطانا على درب الاجتهاد للوصول إلى الجائزة الكبرى في هذا الشهر الفضيل ، وهو العتق من النيران ، ولكن نقطة بسيطة دكتور .
الدكتور محمد راتب النابلسي :
 نعم .
المذيعة :
 نود أن توجه لنا هذا التوجيه ، نحن نعرف أن ملياراً وثمانمئة مليون مسلم حول العالم يستقبل . .
الدكتور محمد راتب النابلسي :
 الآن أصبح العدد مليارين .
المذيعة :
 نعم ، مليارا مسلم يستقبلون رمضان في توقيت صعب جراء تفشي فايروس كورونا الذي خيّم بظلاله على الأجواء الرمضانية ، تعرف دكتور أصبح هناك اجراءات احترازية كثيرة ، فألغيت أغلب المساجد ، ولن نستطيع حضور صلاة التراويح ، فأصبح رمضان يبقى في المنازل، وحصرت أيضاً التجمعات المسائية ، ولائم الإفطار الجماعي التي اعتاد عليها المسلمون في تجديد أواصر التراحم الاجتماعي بينهم ، وأواصر الصداقة ، وتقديم المساعدة من الصدقة للمحتاجين ، فماذا تقول في هذا الأمر؟

ذكاء الإنسان بتكيفه :

الدكتور محمد راتب النابلسي :
 نحن نعبد الله كما يريد الله لا كما نريد نحن ، والله يا أختي الكريمة ، رمضان الماضي كان يوجد فيه حجر ، صليت إماماً بأولادي وبناتي ، والله يمكن أجمل يوم في حياتي ، أمامي مصحف ، كل ركعة صفحة ، قرأت في رمضان عشر صفحات في اليوم ، ضرب ثلاثين يوماً نصف القرآن تقريباً ، شيء ممتع جداً ، المؤمن مرن ، لدينا دكتور في الجامعة من أكبر علماء النفس ، وصلنا إلى موضوع الذكاء ، قال لنا : هذا الدرس عبارة عن ستين صفحة في الكتاب ، هل تحبون أن أضغط الموضوع كله في كلمة واحدة ؟ قلنا له : تفضل ، قال : الذكاء هو التكيّف ، أن تتكيّف في رمضان مع زوجتك ، مع أولادك ، مع بناتك ، مع من حولك ، مع والديك ، الذكاء بالتكيّف ، نحن في رمضان نتكيّف ، أول يومين يكون صعباً ، ثم يصبح رمضان جزءاً من حياتك ، وإذا لم تقل الأخت الكريمة : ليس على وجه الأرض من هو أسعد مني هناك مشكلة ، أنت مع الواحد الديّان ، مع أصل الجمال والكمال والنوال ، خالق السماوات والأرض ، والمرأة في الإسلام لها مكانة عظيمة جداً ، هناك نساء عظيمات ، لهن مكانة في العالم تفوق حدّ الخيال .

خاتمة وتوديع :

المذيعة :
 ما شاء الله عليكم دكتور ، نسأل الله أن تكون هذه الكلمات في ميزان حسناتكم ، وأن يتقبلها الله قبولاً حسناً ، لا تنسانا من دعائكم ، وجزاكم الله خيراً .
الدكتور محمد راتب النابلسي :
 أقول لكم كلمة قبل أن أغادر ، أنا أتمثل قوله تعالى في علاقتي بكم :

﴿ وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ ۚ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ(60) ﴾

[سورة غافر]

 لو مرة أخرى طلبتموني أنا جاهز ، أنا هذا كسبي ، وهذه غايتي في الحياة ، وأنا المرأة عندي غالية جداً والله ، المرأة لها مكانة تفوق حدّ الخيال ، هذا ديننا .
المذيعة :
 رضي الله عنكم وأرضاكم دكتور .
الدكتور محمد راتب النابلسي :
 أرجو الله عز وجل أن يحفظ لكن إيمانكن ، وأزواجكن .

الاستماع للدرس

00:00/00:00

تحميل النص

إخفاء الصور