- محاضرات خارجية
- /
- ٠22ندوات مختلفة - لبنان
بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيِمِ ، الحَمْدُ لله رَبِّ العَالَمِينَ ، وَالصَّلاَةُ وَالسَّلاَمُ عَلَى سَيِّدِنا مُحَمَّدٍ وَعَلَى آل بيته الطَّيِّبينَ الطّاهِرينَ ، وعلى صحابته الغر الميامين ، أمناء دعوته ، وقادة ألويته ، وارضَ عنا وعنهم يا رب العالمين ، اللهم أخرجنا من ظلمات الجهل والوهم إلى أنوار المعرفة والعلم، ومن وحول الشهوات إلى جنات القربات .
الآيات هي القنوات الوحيدة السالكة لمعرفة الله عزَّ وجلَّ :
الآية الأصل في هذا اللقاء الطيب :
﴿ تِلْكَ آيَاتُ اللَّهِ نَتْلُوهَا عَلَيْكَ بِالْحَقِّ ۖ فَبِأَيِّ حَدِيثٍ بَعْدَ اللَّهِ وَآيَاتِهِ يُؤْمِنُونَ (6)﴾
﴿ إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لَآيَاتٍ لِّأُولِي الْأَلْبَابِ (190) الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللَّهَ قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَىٰ جُنُوبِهِمْ وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَٰذَا بَاطِلًا سُبْحَانَكَ فَقِنَا عَذَابَ النَّارِ (191)﴾
التَّفكُّر فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ أقصر طريقٍ إلى الله ، وأوسع بابٍ ندخل منه على الله ، لأنه يضعنا وجهاً لوجهٍ أمام عظمة الله ، تعليق دقيق جانبي :﴿خُذُوهُ فَغُلُّوهُ (30) ثُمَّ الْجَحِيمَ صَلُّوهُ (31) ثُمَّ فِي سِلْسِلَةٍ ذَرْعُهَا سَبْعُونَ ذِرَاعًا فَاسْلُكُوهُ (32) إِنَّهُ كَانَ لَا يُؤْمِنُ بِاللَّهِ الْعَظِيمِ (33)﴾
معنى ذلك تحت كلمة عظيم عشرة خطوط ، الناس آمنوا بالله لكن ما آمنوا به عظيماً ، متى يكون الإيمان بالله عظيماً ؟ إذا حملتنا عظمته على طاعته ، فمن دون طاعة لله الإيمان تقليدي لا يقدم ولا يؤخر .آيات الله عز وجل ثلاثة أنواع :
لذلك الإيمان بالله العظيم يحتاج إلى دلائل ، والآيات كما قلت قبل قليل
الكونية : تفكُّر ، التكوينية : نظر ، القرآنية : تدبر .
الكونية :
﴿ إِنَّ اللَّهَ يُمْسِكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ أَن تَزُولَا ۚ وَلَئِن زَالَتَا إِنْ أَمْسَكَهُمَا مِنْ أَحَدٍ مِّن بَعْدِهِ ۚ إِنَّهُ كَانَ حَلِيمًا غَفُورًا (41)﴾
وَفي كُلِّ شَيءٍ لَهُ آيَةٌ تَدُلُّ عَلى أَنَّهُ واحِدُ
***
﴿ سَنُرِيهِمْ آيَاتِنَا فِي الْآفَاقِ وَفِي أَنفُسِهِمْ حَتَّىٰ يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ ۗ أَوَلَمْ يَكْفِ بِرَبِّكَ أَنَّهُ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ (53)﴾
التفكر أصلٌ في معرفة الله عزَّ وجلَّ :
﴿ وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُم مِّنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَىٰ كَثِيرٍ مِّمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلًا (70)﴾
معنى ذلك التفكر أصلٌ في معرفة الله عزَّ وجلَّالآن الأرض اتجهت نحو القطر الأطول ما الذي يحصل ؟ الآن المسافة زادت الجاذبية ضعفت ، إذاً لا بد من تفلت الأرض من مسارها حول الشمس ، إذاً الحرارة تصبح 260 درجة تحت الصفر تنتهي الحياة ، تنتهي الحياة إذا اقتربت وتنتهي إذا ابتعدت ، يد من ؟ رحمة من ؟ حكمة من تمسك هذا الكوكب من أن يتفلت أو أن يرتطم ؟ لذلك الله عزَّ وجلَّ جعل في هذا الكون آيات دالة على عظمته ، أي الأرض في دورتها حول الشمس تمر باثني عشر برجاً أحد هذه الأبراج برج العقرب ، كنت مرَّة في أمريكا دخلنا إلى متحف فضائي رأيته وقد وضعوا خطوطاً بين نجومه كالعقرب تماماً ، يوجد بهذا البرج العقرب نجم صغير متألق أحمر اللون اسمه : قلب العقرب ، يتسع للشمس والأرض مع المسافة بينهما ، فهذا الإله العظيم يعصى ؟ ألا يخطب وده ؟ ألا ترجى جنته ؟ ألا تخشى ناره ؟
تَعصي الإِلَهَ وَأَنتَ تُظهِرُ حُبَّهُ ذاك لعمري في المقال شنيع
لَو كانَ حُبُّكَ صادِقاً لَأَطَعتــــــَهُ إِنَّ المُحِبَّ لِمَن يُحِبُّ مُطيعُ
***
((عن ابن عباس رضي الله عنهما عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال:" مَا مِنْ عَامٍ بِأَمْطَرَ مِنْ عَامٍ ولكن يصرفه حيث يشاء ، ثم قرأ: (وَلَقَدْ صَرَّفْنَاهُ بَيْنَهُمْ))
الله عز وجل الذي خلق الأكوان أنزل هذا القرآن :
الله عزَّ وجلَّ ذاتٌ كاملةٌ ، واجب الوجوب ، ومن لوازم كمال الله عزَّ وجلَّ ألا يدع عباده من دون دليل يدل عليه ، لذلك الله عزَّ وجلَّ جاء بهذه الكتب السماوية ، مثلاً في أول رحلة إلى الفضاء الخارجي أبولو 8 أول رحلة ، فالمركبة انتقلت من الأرض في الدقيقة السادسة والخمسين صاح رائد الفضاء بأعلى صوته : لقد أصبحنا عمياً لا نرى شيئاً ، ما الذي حصل ؟ شيء دقيق جداً ؛ بعد اثنتين وخمسين دقيقة رواد الفضاء تجاوزوا طبقة الهواء المحيطة بالأرض ، فلما تجاوزوها أصبحوا عمياً ، نحن يوجد عندنا شيء اسمه : انتثار الضوء ، فأنت في بيتك قد لا توجد أشعة الشمس ولكن يوجد ضوء الشمس ، فتنعكس الأشعة على ذرات الهواء ، هذه الذرات تعكسها على أماكن لا يوجد فيها أشعة شمس ، فأصبح عندنا مكان فيه أشعة الشمس ، ومكان فيه ضوء الشمس ، هذا اسمه تناثر الضوء ، فلما ركب رواد الفضاء المركبة أبولو 8 وتجاوزوا طبقة الهواء انعدم تناثر الضوء ، فصاح رائد الفضاء : لقد أصبحنا عمياً لا نرى شيئاً ، افتحوا الانترنيت على أبولو 8 واسمعوا ماذا قال رائد الفضاء ؛ لقد أصبحنا عمياً ، افتح القرآن الكريم :
﴿ وَلَوْ فَتَحْنَا عَلَيْهِم بَابًا مِّنَ السَّمَاءِ فَظَلُّوا فِيهِ يَعْرُجُونَ (14) لَقَالُوا إِنَّمَا سُكِّرَتْ أَبْصَارُنَا بَلْ نَحْنُ قَوْمٌ مَّسْحُورُونَ (15)﴾
هذه الآية ، وهناك ألف وثلاثمئة آية في القرآن تتحدث عن الكون والإنسان ، تؤكد بمليون دليل أن الذي خلق الأكوان أنزل هذا القرآن ، شيء دقيق جداً .التفكر في الكون الطريق الوحيد لمعرفة الله عزَّ وجلَّ :
لذلك النقطة الدقيقة الآن أن التفكر في الكون الطريق الوحيد لمعرفة الله عزَّ وجلَّ ، والآية:الآن ؛ أي مادة بالتسخين تتمدد ، أي مادة بالتبريد تنكمش ، نظام عام يشمل الغازات والسوائل والجماد ، أي مادة في الأرض بالتسخين تتمدد ، بالتبريد تنكمش ، إلا مادة واحدة هي الماء ، الحرارة 20 درجة للماء خفضناها إلى خمس عشرة إلى عشر إلى خمس إلى +4 شيء لا يصدق ، والله قرأت عن هذا البحث ثمانين صفحة بالإعجاز العلمي ، بـ +4 يزداد حجم الماء فتقل كثافته يطفو على سطح البحر ، لولاها لانعدمت الحياة في الأرض ، لأنه كلما تجمدت طبقة على سطح البحار بالتجمد تزداد كثافتها تغوص فيأتي وقت تتجمد البحار كلها ، ينعدم التبخر ، تنعدم هطول الأمطار ، يموت النبات ، يموت الحيوان ، يموت الإنسان ، ينتهي كل شيء ، من جعل لهذا الماء هذه الخاصة ؟ لولاها لا يوجد بالأرض حياة ، +4 يزداد حجمه ، أحضر قارورة املأها بالماء الكامل ، أحكم إغلاقها ، ضعها بالثلاجة تنكسر ، وهناك رأي دقيق : الماء إذا أراد أن يتوسع لا يوجد قوة بالأرض تمنعه ، كيف الآن يقتلعون الصخور الصعبة ؟ أقسى أنواع الصخور؟ يحفرون أربع حفرات ، يملؤونها بالماء ويبردونه ، وإذا برّدوه يتوسع الماء فيقتلع الصخر ، أي الموضوعات العلمية شيء مذهل ، أنت إذا قرأت الموضوعات العلمية أو فسرت الآيات القرآنية بأحدث النظريات العلمية لا تملك إلا أن تخر لله ساجداً ، هذه آياته :
﴿ هَٰذَا عَطَاؤُنَا فَامْنُنْ أَوْ أَمْسِكْ بِغَيْرِ حِسَابٍ (39)﴾
التفكر في خلق الإنسان :
إنسان يرى ، كيف يرى ؟ طبعاً هناك عدسة ، العدسة معروفة ، نأتي نحن بشمعة نشعلها ، ورقة مقوى خلف العدسة ، نحتاج إلى دقائق حتى يأتي منظر الشمعة المشتعلة معكوسة بحجم أصغر ، هذا اسمه : محرق العدسة ، المحرق ، أنت راكب سيارتك تمشي في الطريق ترى أشخاصاً بمسافات متباعدة ، هذه أعقد عملية بالإنسان اسمها : المطابقة ، العدسة بالعين يوجد حولها عضلات هدبية ، كأن هناك جهة ثالثة تقيس المسافة بينك وبين الكرة ، أو بينك وبين السيارة تقيس المسافة وتضغط على العدسة ليزداد احتدابها فيأتي الشكل على الشبكية ، هذه العملية اسمها : المطابقة ، هذه أعقد عملية بالإنسان ، المطابقة . يوجد في الإنسان ثلاثمئة ألف شعرة تقريباً ، وليس كل الناس طبعاً ، لكل شعرة وريد وشريان وعصب وعضلة وغدة دهنية وغدة صبغية ، كل إنسان ، فعينه آية ، شعره آية ، كبده آية، الكبد يقوم بخمسة آلاف وظيفة ، وكل خلية وحدها تقوم بكل هذه الوظائف ، ممكن أن نستأصل أربعة أخماس الكبد ويعيد بناء نفسه بعد ستة عشر أسبوعاً ، فالكبد آية ، المعدة آية ، المري آية ، الدماغ آية ، أعقد جهاز بالكون هذا الدماغ عاجز عن فهم ذاته ، قالوا : إن أكبر ناطحة سحاب فيها صمامات من الداخل والخارج تساوي تعقيد خلق الدماغ ، فالدماغ آية ، الكون آية ، المطر آية ، الطعام آية ، الفواكه آية ، والله هذه الآيات لا تنتهي ، ولا تملك مع كل آية إلا أن تخر لله ساجداً ، فلذلك : إذا أردت الدنيا فعليك بالعلم ، وإذا أردت الآخرة فعليك بالعلم ، وإذا أردتهما معاً فعليك بالعلم ، والعلم لا يعطيك بعضه إلا إذا أعطيته كلك .
مثلاً النبي الكريم قال :
أي القصص بموضوع خلق الإنسان وَاللَّهِ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ لا تملك إلا أن تخر لله ساجداً :
﴿ وَفِي أَنفُسِكُمْ ۚ أَفَلَا تُبْصِرُونَ (21)﴾
فِي بَعْضِ الْكُتُبِ الْإِلَهِيَّةِ يَقُولُ اللَّهُ تَعَالَى :
((ابْنَ آدَمَ ، خَلَقْتُكَ لِعِبَادَتِي فَلَا تَلْعَبْ ، وَتَكَفَّلْتُ بِرِزْقِكَ فَلَا تَتْعَبْ ، فَاطْلُبْنِي تَجِدْنِي فَإِنْ وَجَدْتَنِي وَجَدْتَ كُلَّ شَيْءٍ ، وَإِنْ فُتك فَاتَكَ كُلُّ شَيْءٍ ، وَأَنَا أَحَبُّ إِلَيْكَ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ"))
طبعاً كتب الإعجاز كبيرة جداً ، لي كتاب في موقعي يسحب بأكمله مجاناً ، الإعجاز في الآفاق ، آيات الله في الآفاق ، آيات الله في النفس ، عندنا تقريباً أربعة وستون كتاباً تسحب من الموقع مجاناً بلا مقابل إطلاقاً ، فاسحب كتاب الإعجاز في الآفاق ، في الكون ، في الأنفس (الجسم الإنساني) إن لم تخر ساجداً لله عقب كل مقالة تقرؤها أنا مسؤول عن كلامي ، هذا الإله العظيم يعصى ؟! ألا يخطب وده ؟ ألا ترجى جنته ؟ ألا تخشى ناره ؟فـلو شاهدت عيناك من حسننــــا الذي رأوه لما وليت عنــــــــــا لغـيرنـــا
ولو ســمعت أذناك حسن خطابنا خلعت عنك ثياب العجب وجئتنـــــــــــا
ولو ذقت مـن طعم المحبـــة ذرة عذرت الذي أضحى قتيلاً بحبنـــــــــــا
ولو نسمت من قربنا لك نسمـة لمــــت غريباً واشتيـــــــــاقاً لقربنـــــــــــا
فما حبنا سهل وكل من ادعـــى سهولته قلنا له قــــــــــــد جهلتنـــــــــــــا
فأيسر مافي الحب للصب قتـلـه وأصعب من قتل الفتى يوم هجرنـــا
***
والحمد لله رب العالمين
خاتمة وتوديع :
المقدم :جزاكم الله خيراً شيخنا ، وهذه آياتٌ عظيمةٌ من آيات الله سبحانه وتعالى ، نشكرك على تسليط الضوء عليها ، وكلما مرَّت علينا محاضرة من محاضراتك يتفكر المسلم ، أو ينبغي أن يتفكر كم نحن بحاجةٍ إلى جهود أصحاب الاختصاصات ، بدلاً من أن يكون الإنسان مجرد طبيب يعالج الناس ، لماذا لا يذكر الناس بعظمة الله سبحانه وتعالى ؟ الخبير في الزراعة ، الخبير في الفلك ، الخبير في القانون ، كم هي معاناة البشرية اليوم ومنذ سنين طويلة وكما سطَّر كثيراً منها الشيخ أبو الحسن الندوي في كتابه :
الدكتور محمد راتب النابلسي :
أقل واجب يا أخي ، بارك الله فيك ، والله لكم مكانة كبيرة عندي .
المحاور:
شكراً جزيلاً فضيلة الدكتور راتب جزاك الله خيراً .
الدكتور محمد راتب النابلسي :
بارك الله فيك ، و أعلى قدرك ، وجعل دعوتك أنجح الدعوات إن شاء الله ، لك مكانة كبيرة عندي والله .
المحاور:
يا رب ، ما أجمل هذه الدعوات بارك الله فيكم يا شيخنا ، شكراً لكم ، نحبك جميعاً في الله ، نرجو أن تخص المنتدى للتعريف بالإسلام ، هذه المؤسسة الرائدة في لبنان بمزيد من الدعوات المباركات .
الدكتور محمد راتب النابلسي :
أنا أتمثل قوله تعالى :
﴿ وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ ۚ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ (60)﴾
المقدم :جزاكم الله خيراً ، وبارك بكم ، والحمد لله رب العالمين ، شيخنا هل عندكم وقت للأسئلة؟
الدكتور محمد راتب النابلسي :
لا يوجد مانع ، على عيني .
المقدم :
عندنا سؤال وهو في مسألة الإيمان بالقلب فيقول بعض المسلمين : إن الإيمان يكون في القلب وليس له علاقةٌ بالعلم والإعجاز العلمي ، فما تعليقكم شيخنا على هذا القول ؟
الفرق بين العالم والعابد :
الدكتور محمد راتب النابلسي :
الحقيقة يوجد عندنا حالتان ؛ الحالة الأولى : إذا شخص اشترى مكيفاً ، هناك on وهناك off ، وضع يده على on جاءه الهواء البارد ، هذا عوام الناس يستمتعون بكل فضائل الدين دون تعمق ، أي (on ،off) المكيف معقد جداً ، هذا استمتع به وحده ، هذا هو العابد فقط ، أي إنسان سمع من الشيخ : لا تأكل مالاً حراماً يا بني فطبق من دون تعقيدات ، من دون أدلة ، من دون إعجاز ، من دون شيء إطلاقاً ؛ لا تكذب لم يكذب ، لا تغش لم يغش ، هذا كأنه وضع يده على زر on للمكيف فجاءه هواء بارد ، أما الذي معه دكتوراه في التكييف يتكلم عن التكييف عشر ساعات لطلاب الجامعة ، بين أن تنتفع من الدين لوحدك وتنجو وحدك إذا طبقت تعليمات شيخ الجامع ، وخطيب الجامع ، أما أن تصبح داعية فتحتاج إلى علم ، هذا الفرق بين العابد والعالم ، العابد نجا وسلم أما العالم فنفع الآخرين ، هذا الفرق ، أما الآن فالشهوات مستعرة تغلي غلياناً لا يكفيها معلومات بسيطة ، لا يكفيها ذكر فقط ، تحتاج أدلة قوية وحجج قوية ، لأن الباطل قوي الآن ، ومتمكن ، ومعه وسائل إثارة كبيرة جداً ، العالم ترك الكلمة وجاء للصورة ، أعطاك صورة جميلة ، بيت فخم جداً ، مركبة فارهة ، الكلمة وحدها عندما لم تتمكن من أن تلغي هذا الدين العظيم لجؤوا للأفلام ، الفيلم يعطيك مغزى خطيراً جداً ؛ تفلت كامل ، أناقة كاملة ، جمال كامل ، بيت واسع ، الذي عنده معلومات دينية يسكن بغرفة صغيرة ، وأولاده بالشوارع متفلتون ، وزوجته عند الجيران ، أعطوك أسوأ صورة ، الآن حرب إعلام ، كان بكل بلد يوجد جهة تشريعية ، تنفيذية، وقضائية ، الآن يوجد فقط إعلام ، إذا ركز على جهة العالم يقوم ولا يقعد ، وإذا عتم على جهة أصبح عندنا تعتيم إعلامي ، تضليل إعلامي ، تلميع إعلامي ، الآن حلّ محل التشريع والتنفيذ والقضاء الإعلام فقط ، هذه مشكلة بلادنا الآن أو العالم الإسلامي كله .
المقدم :
أكرمكم الله شيخنا ، من الأسئلة التي وردت يبدو الحمد لله أن المحاضرة أثارت الهمة على الدعوة فيسأل أحد الأخوة بماذا يبدأ الداعية المبتدئ ؟
الدعوة دعوتان ؛ فرضٌ عينيٌّ وفرض كفاية :
الدكتور محمد راتب النابلسي :
الدعوة دعوتان ؛ فرضٌ عينيٌّ وفرض كفاية ، العيني : أنت كيف تصلي ؟ أو لِم تصلي؟ يقول لك : فرض ، والدعوة إلى الله كفرض عيني في حدود ما تعلم ومع من تعرف فقط ، كنت بالجامع سمعت تفسير آية من خطيب المسجد تأثرت بها، اذكرها لزوجتك ، لأولادك ، لزملائك بالعمل ، لقرنائك فقط ، هذه فرض عين على كل مسلم
﴿ قُلْ هَٰذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ ۚ عَلَىٰ بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي ۖ وَسُبْحَانَ اللَّهِ وَمَا أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ (108)﴾
فكل إنسان لا يدعو إلى الله على بصيرة ليس منتمياً إلى رسول الله ، هذه فرض عين ، شخص سمع درس دين في الجامع يقوله لزوجته ، لأولاده أثناء الطعام ، لزملائه في العمل فقط ، هذه دعوة فرض عين على كل مسلم ، والدليل القطعي