وضع داكن
29-03-2024
Logo
محفوظات – جلسات إرشادية – الدرس : 009 - كلمة بحضور الشيخ محمد علي الصابوني
رابط إضافي لمشاهدة الفيديو اضغط هنا
×
   
 
 
 بسـم اللـه الرحمـن الرحيـم  
 

 بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيِمِ ، الحَمْدُ لله رَبِّ العَالَمِينَ ، وَالصَّلاةُ وَالسَّلامُ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ الصَّادِقِ الوَعْدِ الأَمِينِ .

الفرق بين حقائق الإيمان وحلاوة الإيمان :

 الحديث الشريف :

((ثَلَاثٌ مَن كُنَّ فيه وجَدَ حَلَاوَةَ الإيمَانِ : أنْ يَكونَ اللَّهُ ورَسولُهُ أحَبَّ إلَيْهِ ممَّا سِوَاهُمَا ، وأَنْ يُحِبَّ المَرْءَ لا يُحِبُّهُ إلَّا لِلَّهِ ، وأَنْ يَكْرَهَ أنْ يَعُودَ في الكُفْرِ كما يَكْرَهُ أنْ يُقْذَفَ في النَّارِ))

(صحيح البخاري)

 (ثَلَاثٌ مَن كُنَّ فيه وجَدَ حَلَاوَةَ الإيمَانِ) نحن يوجد عندنا حقائق الإيمان ، وعندنا حَلَاوَةَ الإيمَانِ ، والفرق بينهما شاسع جداً ، حقائق الإيمان : معلومات ، نصوص ، شروح ، تعليقات ، تفسير ، إلخ ، مثل إذا شخص أمسك بيده كتلوك سيارة مرسيدس ، كتلوك : الألوان ، الفرش ، المحرك ، تفاصيل مذهلة ، ولكن فرقٌ كبيرٌ بين من يملك كتلوك وبين من يركب هذه السيارة ، مسافة كبيرة جداً بين حلاوة الإيمان وحقائق الإيمان .
 معك خارطة قصر ؛ الإطلالة ، المسبح ، أبعاده ، نوع مائه ، فلترته ، تسخينه ، الغرف ، الصالونات ، الشرف ، الإطلالات ، كلها معلومات دقيقة جداً ، لكن بين أن تملك هذه الخارطة وبين أن تملك أن تسكن هذا القصر المسافة كبيرة جداً ، لذلك حقائق الإيمان أي إنسان يحصلها بدراسته ، بدوامه ، بأساتذته ، بفحوصه ، باجتهاده ، هذه حقائق الإيمان ، أما الحلاوة فأن تنعقد صلةٌ بينك وبين الله .

حلاوة الإيمان تكون بـــ :

1 ـ أنْ يَكونَ اللَّهُ ورَسولُهُ أحَبَّ إلَيْهِ ممَّا سِوَاهُمَا :

 حلاوة الإيمان قال عنها النبي الكريم :

((ثَلَاثٌ مَن كُنَّ فيه وجَدَ حَلَاوَةَ الإيمَانِ ، أنْ يَكونَ اللَّهُ- أي في قرآنه- ورَسولُهُ- في سنته- أحَبَّ إلَيْهِ ممَّا سِوَاهُمَا))

 ولكن هناك تعليق بسيط : لو سألنا ملياري مسلم الآن : أليس الله ورسوله أحب إليك ممَّا سِوَاهُمَا؟ طبعاً ، لا ، ليس هذا المعنى ، حينما تتعارض المصلحة المادية القريبة المتوهمة الدنيوية مع نصٍّ دينيٍّ وتقف إلى جانب النص الديني ، وتركل بقدمك هذه المصلحة ، دفعت ثلث ثمن حلاوة الإيمان ، شيء لا يصدق سيدي ، أن يكون الله في قرآنه والنبي في سنته أحب إليه مما سواهما ، الشرح عند التعارض ، شركة عملاقة أنت وكيلها ، وأرباحك بالملايين ، ولكن هناك مادة محرمة لا بد من أن تدخل في المستوردات وإلا تسحب منك الوكالة ، فإذا ركلت هذه الشركة بأرباحها الطائلة ولم تقبل أن تستورد مادة محرمة الآن دفعت ثلث ثمن حلاوة الإيمان ، الثلث .
 أولاً : (أنْ يَكونَ اللَّهُ ورَسولُهُ أحَبَّ إلَيْهِ ممَّا سِوَاهُمَا) .

2 ـ أَنْ يُحِبَّ المَرْءَ لا يُحِبُّهُ إلَّا لِلَّهِ :

 2. ثانياً : (وأَنْ يُحِبَّ المَرْءَ لا يُحِبُّهُ إلَّا لِلَّهِ)
 هذا اسمه الولاء والبراء ، أي أن توالي المؤمنين ولو كانوا ضعافاً وفقراءً ، وأن تتبرأ من الكفار والمشركين وإن كانوا أقوياء وأغنياء ، ليست سهلة سيدي ، أن تتبرأ من الكفار والمشركين ولو كانوا أقوياء وأغنياء ، وأن توالي المؤمنين وإن كانوا ضعافاً وفقراءً ، لذلك بعضهم قال : الولاء والبراء هو الفريضة السادسة ، الولاء والبراء .

3 ـ وأَنْ يَكْرَهَ أنْ يَعُودَ في الكُفْرِ كما يَكْرَهُ أنْ يُقْذَفَ في النَّارِ :

 3. ثالثاً : (وأَنْ يَكْرَهَ أنْ يَعُودَ في الكُفْرِ كما يَكْرَهُ أنْ يُقْذَفَ في النَّارِ) .

استواء النفس والنفيس عند الصحابة لأنهم ذاقوا حلاوة الإيمان :

 (ثَلَاثٌ مَن كُنَّ فيه وجَدَ حَلَاوَةَ الإيمَانِ) حلاوة الإيمان شيء لا يصدق ، الصحابة الكرام ذاقوا حلاوة الإيمان فاستوى عندهم النفس والنفيس ، باعوا أنفسهم ، ذاقوا حلاوة الإيمان ، أذكر مرَّة سيدنا عمر قال له أحدهم : ما رأينا خيراً منك ، فحدَّ فيهم النظر ، خافوا ، ولكن هناك شخص تدارك نفسه قال : لقد رأينا من هو خيرٌ منك ، قال : من هو؟ قال له : الصديق ، فقال سيدنا عمر : كنت أضل من بعيري وكان أبو بكرٍ أطيب من ريح المسك .
 سيدنا عمر بعهده كان بمكة بالحج ، وجاء ملك الغساسنة جَبَلَة بن الأَيْهَم مسلماً ، رحب به عمر ترحيباً شديداً ، أثناء طواف جَبَلَة حول الكعبة هناك أعرابي دون أن يشعر دون أن يقصد داس طرف ردائه فانخلع رداؤه عن كتفه ، لمَّا انخلع هذا الملك جَبَلَة ضربه ضربةً هشمت أنفه ، هذا الأعرابي من دهماء الناس ، من سوقتهم ، من عامتهم ، شكاه إلى عمر ، وسيدنا عمر كان بمكة بالحج ، استدعى جَبَلَة ، ملك أمامه وشخص من الطبقة الدنيا من عامة الناس ، من سوقتهم ، ومن دهمائهم ، قال له عمر : أصحيحٌ ما ادعاه هذا الفزاري الجريح؟ فقال جَبَلَة : لست ممن ينكر شيئاً ، أنا أدبت الفتى أدركت حقي بيدي ، قال له عمر : أرض الفتى لا بد من إرضائه مازال ظفرك عالقاً بدمائه أو يهشمن الآن أنفك وتنال ما فعلته كفك ، قال جَبَلَة : كيف ذاك يا أمير؟ هو سوقةٌ ، أي من عامة الناس ، من دهمائهم ، وأنا عرشٌ وتاج ، كيف ترضى أن يخر النجم أرضاً؟ قال له عمر : نزوات الجاهلية ورياح العنجهية قد دفناها أقمنا فوقها صرحاً جديداً وتساوى الناس أحراراً لدينا وعبيداً ، قال جَبَلَة : كان وهماً ما جرى في خلدي أنني عندك أقوى وأعز أنا مرتدٌّ إذا أكرهتني ، قال له عمر : عنق المرتد بالسيف تحز عالمٌ نبنيه كل صدعٌ فيه يداوى وأعز الناس بالعبد بالصعلوك تساوى ، سيدنا عمر إذا عيَّن والياً يقول له : خذ عهدك وانصرف إلى عملك ، واعلم أنك مصروفٌ رأس سنتك ، سنة واحدة ، وأنك تصير إلى أربع خلال فاختر لنفسك ، إن وجدناك أميناً ضعيفاً استبدلناك لضعفك ، وسلمتك من معرتنا أمانتك ، وإن وجدناك خائناً قوياً استهنا بقوتك ، وأوجعنا ظهرك ، وأحسنا أدبك ، وإن جمعت الجرمين جمعنا عليك المضرتين ، وإن وجدناك أميناً قوياً ، في القرآن ، زدناك في عملك ، ورفعنا لك ذكرك ، وأوطأنا لك عقبك .
 سيدنا عمر عندما توفي رسول الله جاءه الصديق قال له : يا عمر أبسط يدك لأبايعك، قال له عمر : أي أرضٍ تقلني وأي سماءٍ تظلني إذا كنت أميراً على قومٍ فيهم أبو بكر، قال له أبو بكر : يا عمر أنت أقوى مني ، فقال له عمر : أنت أفضل مني ، فقال له أبو بكر : قوتي إلى فضلك ، تعاونا مع بعضهما ، فكان سيدنا عمر إذا أراد إنفاذ أمرٍ جمع أهله وخاصته وقال : إني قد أمرت الناس بكذا ونهيتهم عن كذا ، والناس كالطير إن رأوكم وقعتم وقعوا ، وايم الله لا أوتين بواحدٍ منهم وقع فيما نهيت الناس عنه إلا ضاعفت له العقوبة لمكانه مني ، فأصبحت القرابة من عمر مصيبة .
 سيدنا عمر إدارته راقية جداً ، إدارة فيها تفوق ، فأرجو الله سبحانه وتعالى أن يكون الصحابة قدوة ، ولكن نحن كلنا سيدي كل واحدٍ منا له خصائص ، هناك صحابي يكون قدوة له، أما النبي فقدوة لنا جميعاً .
 فضيلة الشيخ محمد علي الصابوني :
 جزاك الله خيراً .

بطولة الإنسان أن يجمع بين تأليف القلوب وتأليف الكتب :

 فضيلة الدكتور محمد راتب النابلسي :
 بارك الله فيك ، والله لك مكانة كبيرة جداً ، نحن بمعيتك كنا بجدة مرة عندما دعانا عبد المقصود خوجه ، كنا بمعيتك سيدي بارك الله فيك ، وأعلى قدرك ، العلماء سيدي مثل الفواكه كلهم طعمهم حلو ، لكن لكل واحد منهم طعم ، والله يحب عباده جميعاً فجعل لكل شريحة عالماً ، يفهمون عليه ، أنت لك مكانة كبيرة سيدي ، أنت مفسر ، وهذا التفسير في صحيفتك إلى ما شاء الله .
 الإمام الغزالي كان يحضر مجلسه خمسمئة عمامة ، قال بعضهم : من هو الغزالي لولا إحياؤه؟ لولا إحياؤه إحياء علوم الدين ، الكتاب يبقى ويستمر لذلك قالوا : إما أن تؤلف القلوب وإما أن تؤلف الكتب ، تأليف القلوب أعمق أثراً وأقصر أمداً ، تأليف الكتب أقل أثراً وأطول أمداً والبطولة أن تجمع بينهما .

الاستماع للدرس

00:00/00:00

إخفاء الصور