لا بدّ أن تكون رقماً صعباً

بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيِمِ الحَمْدُ لله رَبِّ العَالَمِينَ وَالصَّلاةُ وَالسَّلامُ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ الصَّادِقِ الوَعْدِ الأَمِينِ.

يا أيها الإخوة:
دعونا من سماع المواعظ إلى عمل إلى حركة إلى مسعى إلى جهد إلى تعب إلى إنجاز، دعونا من ما ألفناه من الخطاب الديني نريد الواقع، لماذا واقع المسلمين لا يرضي؟ ما لم تحل مشكلاتنا، ما لم تهبط نسب البطالة، ما لم تهبط نسب الفقر، ما لم تهبط نسب الأمية، ما لم تهبط نسب العنوسة، ما لم تهبط مستورداتنا وترتفع صادراتنا، ما لم نلغي البأس بيننا ونجعله على أعدائنا، ما لم نتحرك، ما لم نخرج من عزلتنا، ما لم نخرج من نظامنا الرتيب، نأكل ونشرب ونعلق على الأخبار ونوزع التهم على الناس ولا نفعل شيئاً؛ هذا نموذج أصبح، أصبح هذا من ثقافتنا، ثقافة اليأس، ثقافة الإحباط، ثقافة الشك في كل ما يقال، ثقافة إفراغ كل إنجازٍ من مضمونه، لا يصدق المسلم شيئاً إيجابياً، يقول لك: تمثيلية، غير صحيحة، مؤامرة، ثقافة المؤامرة، هذا مجتمع نحن نشر وغيرنا بشر، لا بد من أن ننتمي للمجموع، لا بد من أن نحمل هموم الأمة، لا بد من أن نسعى لشيء، لا بد من أن يكون الواحد منكم رقماً صعباً، هناك رقم بسيط جداً، ذكرت هذا من قبل: يحدثك عن الوطنية وعن حقوق الإنسان وعن المبادئ، وعن، وعن،خطيب، يكون موظف وممتنع عن تنفيذ هذا الأمر للأسباب التالية، كلها أسباب قومية ووطنية، يأخذ مبلغ تُحل المشكلة، التغت كل قناعاته، هذا رقم يسير، له ثمن هذا الإنسان، مهما ارتفع الثمن ما دام لك ثمن لا قيمة لك، المؤمن رقم صعب جداً ليس له ثمن، لا يغير قناعاته مهما دفعت له.

(يا عَمِّ ! و اللهِ لو وضَعُوا الشمسَ في يَمينِي ، و القَمَرَ في يَسارِي ، على أنْ أترُكَ هذا الأَمرَ حتى يُظهِرَهُ اللهُ أوْ أهلِكَ فيه ما تَركْتُهُ)

(صححه الألباني)

أيها الإخوة الكرام:
أنا أخاطب الشباب الآن؛ لما لا تكون شيئاً عظيماً؟ الأمر بيدك والله، والله البطولة لا تحتاج إلى مال ولا إلى نسب ولا إلى بيت فخم، أبطال العالم عاشوا في بيوت متواضعة جداً وفي فقر مدقع، أريد أن أثير في الشباب بالذات روح البطولة، ألا تستطيع أن تكون صادقاً لا تكذب أبداً؟ ممكن، ألا تستطيع أن تكون أميناً، ألا تخون أبداً؟ ممكن، ألا تستطيع أن تكون عفيفاً لا تذل قدمك أبداً؟ ممكن، ألا تستطيع أن تضبط لسانك؟ ممكن، ألا تستطيع إذا دخلت إلى البيت أن تكون كأحد أفراد البيت رحيماً بمن حولك؟ ممكن، المبادئ الأخلاقية لا تحتاج إلى مال ولا إلى جاه ولا إلى منصب، قد تكون أسعد الناس وأنت في مرتبةٍ دنيا، إن الله يعطي الصحة والذكاء والمال والجمال للكثيرين من خلقه، ولكنه يعطي السكينة بقدرٍ لأصفيائه المؤمنين.