وضع داكن
28-03-2024
Logo
حياة المسلم 1- إذاعة حياة إف إم- الحلقة : 119 - يصدون عن سبيل الله
   
 
 
 بسـم اللـه الرحمـن الرحيـم  
 

مقدمة :

المذيع :
  بسم الله الرحمن الرحيم ، والحمد لله رب العالمين ، اللهم يا ربنا صلِ وسلم وبارك على نبينا محمد الصادق الأمين ، وعلى آله وصحبه الطيبين الطاهرين ، السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته ، ومرحباً بكم مستمعينا الكرام في مجلس علم وإيمان في حلقة جديدة من برنامجكم مع الدكتور محمد راتب النابلسي ، وباسمكم نرحب بفضيلة العلامة الأستاذ الدكتور محمد راتب النابلسي ، أهلاً بكم يا شيخنا .
الدكتور راتب :
 بارك الله بكم ، ونفع بكم ، وأعلى قدركم .
المذيع :
 وحياكم الله دكتورنا الكريم يقول الله سبحانه وتعالى في كتابه الحكيم بعد أعوذ بالله من الشيطان الرجيم :

﴿ الَّذِينَ يَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ وَيَبْغُونَهَا عِوَجاً وَهُمْ بِالْآخِرَةِ كَافِرُونَ ﴾

[ سورة الأعراف : 45 ]

 وأيضاً يقول سبحانه وتعالى :

﴿ إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَيَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ وَالْمَسْجِدِ الْحَرَامِ الَّذِي جَعَلْنَاهُ لِلنَّاسِ سَوَاءً الْعَاكِفُ فِيهِ وَالْبَادِ وَمَنْ يُرِدْ فِيهِ بِإِلْحَادٍ بِظُلْمٍ نُذِقْهُ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ ﴾

[ سورة الحج : 25 ]

 آيات كثيرة شيخنا الكريم تتحدث عن الذي يصدون عن سبيل الله ، وعن سوء ما يفعلون ، وعن عقابهم عند الله عز وجل ، نبدأ مع فضيلتكم لتوضيح المفهوم ما معنى يصدون عن سبيل الله ؟

على الإنسان أن يتولى أمانة نفسه عندما قبِل حمل الأمانة :

الدكتور راتب :
 بسم الله الرحمن الرحيم ، الحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين .
 الحقيقة الدقيقة بارك الله بكم على هذا السؤال ، أن الإنسان خلق لمعرفة الله ، خلق لجنة عرضها السماوات والأرض ، خلق للأبد ، خلق لسعادة أبدية ، وهذا الإنسان أراده الله عز وجل أن يكون مكلفاً ، لأنه بعالم الأزل عندما عرض الله :

﴿الْأَمَانَةَ عَلَى السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالْجِبَالِ فَأَبَيْنَ أَنْ يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا وَحَمَلَهَا الْإِنْسَانُ ﴾

[ سورة الأحزاب : 72 ]

 فعندما قبل حملها أصبح عليه أن يتولى أمانة نفسه ، الأمانة :

﴿الْأَمَانَةَ عَلَى السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالْجِبَالِ ﴾

[ سورة الأحزاب : 72 ]

 أي في عالم الأزل .

﴿ فَأَبَيْنَ أَنْ يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا وَحَمَلَهَا الْإِنْسَانُ ﴾

[ سورة الأحزاب : 72 ]

 فلما قبل الإنسان حمل الأمانة ، والأمانة نفسه التي بين يديه .

﴿ قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاهَا وَقَدْ خَابَ مَنْ دَسَّاهَا ﴾

[ سورة الشمس : 90- 10 ]

 الحقيقة النجاح غير الفلاح ، قد تنجح في جمع المال ، قد تنجح بصحتك ، قد تنجح بارتقاء منصب رفيع ، قد تنجح بزوجة صالحة ، هذه كلها نجاحات ، أما الفلاح أن تحقق الهدف من وجودك ، أي أن تكون ذا علاقة طيبة مع الله ، معرفةً ، وطاعةً ، وتقرباً ، ودعوةً ، وأن تكون مصطلحاً مع نفسك ، ومع بيتك ، ومع أولادك ، ومع صحتك ، مجموع النجاحات بفروع متعددة تسمى فلاحاً .

﴿ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ ﴾

[ سورة البقرة : 5 ]

 فالإنسان إذا فكر لدقائق معدودة في سر وجوده ، وغاية وجوده .

﴿ وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ ﴾

[ سورة الذاريات : 56 ]

 والعبادة طاعة طوعية ، ممزوجة بمحبة قلبية ، أساسها معرفة يقينية ، تفضي إلى سعادة أبدية .

سبيل الله هو طاعته :

 أنا أقول : الإنسان واقع بمرض خطير اسمه الغرق في الجزئيات ، افتح هاتف أي إنسان ، أو دفتر أعماله ، دفع القسط الفلاني ، مراجعة الموظف الفلاني ، متابعة الأمر الفلاني حسناً والموت ؟ ماذا بعد الموت ؟ الموت حدث مخيف ، الموت ينهي كل شيء ، ينهي قوة القوي ، وضعف الضعيف ، وسامة الوسيم ، دمامة الدميم ، ذكاء الذكي ، غباء الغبي ، ينهي كل الحظوظ ، هذا الموت حدث خطير جداً .

(( عبدي رجعوا وتركوك ، وفي التراب دفنوك ، ولو بقوا معك ما نفعوك ، ولم يبقَ لك إلا أنا ، وأنا الحي الذي لا يموت ))

 هذا الموت أخطر حدث في حياتنا ، من قصر إلى قبر ، من زوجة وأولاد ، وصبايا وبنات ، ولقاءات ، وسهرات ، وندوات ، وولائم ، وزيارات ، وسياحات ، إلى قبر ، من بيت فخم إلى قبر ، من مركبة فارهة لقبر ، هذا الحدث الخطير الخطير ، ماذا أعددنا له ؟

(( عبدي رجعوا وتركوك ، وفي التراب دفنوك ، ولو بقوا معك ما نفعوك ، ولم يبقَ لك إلا أنا وأنا الحي الذي لا يموت ))

 فالإنسان عندما يعيش ما بعد الموت يكون أعقل العقلاء ، يتزوج ، وينجب ، ويعمل، ويفتح معملاً ، ويتاجر ، ويكسب أرباحاً طائلة ، ويربي أولاده ، لكن الآخرة داخلة في حساباته.
 أنا أقول كلمة دقيقة : من هو الغبي ؟ من لا يدخل حساب الله في حسابه ، يأكل مالاً حراماً ، يعتدي على الناس ، أي بتعبير حديث يبني مجده على أنقاض الناس ، يبني حياته على موتهم ، يبني عزه على ذلهم ، يبني غناه على فقرهم ، يبني أمنه على خوفهم ، إذا فعل هذا الإنسان يكون أشقى الأشقياء .
المذيع :
 دكتور ، عندما نقول :

﴿ يَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ ﴾

[ سورة الأعراف : 45 ]

 قبل أن آخذ كلمة يصدون ما هو سبيل الله عز وجل ؟
الدكتور راتب :
 سبيله طاعته ، الله شرع الزواج منع الزنا ، شرع العمل منع السرقة .
المذيع :
 فالذي يسير بالزواج إذاً هو يسير في سبيل الله ، ومن يمنع الناس عن الزواج .

من يتبع هواه وفق هدى الله لا شيء عليه :

الدكتور راتب :
 أبداً ، لا يوجد حرمان في الدين ، كلمة تهمني كثيراً ، لا يوجد حرمان بالدين ، الدليل :

﴿ وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنَ اتَّبَعَ هَوَاهُ بِغَيْرِ هُدًى مِنَ اللَّهِ ﴾

[ سورة القصص : 50]

 المعنى المخالف عند علماء الأصول الذي يتبع هواه وفق هدى الله لا شيء عليه ، لا يوجد في الدين حرمان إطلاقاً ، لكن بالدين مثلاً هذه الشهوة لها مئة وثمانون درجة ، الدين سمح لك بمئة وعشرين ، أنت بالمئة وعشرين آمن مطمئن ، مثلاً يوجد زواج لكن لا يوجد زنا ، يوجد عمل لكن لا يوجد سرقة .
المذيع :
 إذاً الزواج والزنا دكتور هنا كلاهما علاقة تجمع الرجل بالمرأة ، لكن سبيل الله وشرع الله يحثنا على الزواج .
الدكتور راتب :
 ممكن أن يتزوج إنسان حديثاً ويحدث لقاء زوجي ، ويصلي قيام ليل ويبكي بالصلاة ، ما فعل أي شيء خاطئ أبداً .
المذيع :
 سبحان الله .
الدكتور راتب :
 تزوج ، وحدث لقاء زوجي بليلة ، وبعدها اغتسل وصلى قيام الليل وبكى في الصلاة من شدة محبته لله عز وجل ، الله عندما سمح لك بشيء لا شيء عليك إطلاقاً ، أنا ضد الرهبنة ، ضد أن ترفض ما سمح الله لك به .

((إن الله عز وجل يحب أن يُؤتى رخصه كما يكره أن يُوتى معصيته))

[أحمد في مسنده وابن خزيمة في صحيحه عن عبد الله بن عمر]

المذيع :
 دكتورنا الكريم ، الآن من سار في طريق زواج ، وسار في سبيل الله ، ومن سهل له ، ومن ساعده ، ومن أعانه .
الدكتور راتب :
 مئة شخص يدخلون بالأجر معه ، الذي سهله ، إذا الأب يسر وزوج أولاده ، لا يقول لك : أنا كنت عصامي ، أنت كنت عصامي عندما كان الوضع كان سهلاً جداً ، عليك أن تعينهم ، فالأب زوج أولاده ، والله أنا الآن وأحب أن يكون الكلام واضحاً ، والله ليس هناك عمل يقوم به الآباء الآن أعظم عند الله من تزويج أبنائهم ، حصنهم .
المذيع :
 نعيدها دكتور لأهميتها .

أكبر عمل يقوم به الآباء هو تحصين أبنائهم بالزواج :

الدكتور راتب :
 ليس هناك عمل يقوم الآن به الآباء أكبر من تحصين أبنائهم بالزواج .
المذيع :
 أولوية قبل الحج دكتور ؟
الدكتور راتب :
 لا ، الحج فريضة ، دعك من الفرائض ، أما هذه مهمة جداً ، أنا أعرف أخاً كريماً من أخواننا زوج ابنه وأ رسله إلى أمريكا ، مثل الملاك ، معه زوجته حصن ، الزوجة حصن ، ما فكر بمعصية ، فأقول الآن الزواج مهم جداً للشباب ، ما الذي يحتاجه الشاب ؟ والله سقفه متواضع جداً ، يحتاج فرصة عمل ، يريد مأوى عبارة عن ستين متراً ، يريد زوجة ، بطولتنا ، ذكاؤنا ، تخطيطنا ، هؤلاء الشباب عماد الأمة ، قوة الأمة ، سواعد قوية ، فكر صافي ، هؤلاء الشباب مطالبهم متواضعة ، يريدون فرصة عمل فقط ، ليأخذ آخر الشهر مبلغاً ، يريد بيتاً ولو كان صغيراً و لو كان ستين متراً .
 أعرف شخصاً في بلد إسلامي ميسور ، غني جداً ، بنى أربعة أبنية ، كل بناء عبارة عن عشرين طابقاً ، وكل طابق أربع شقات ، أجرة البيت عشرون ألفاً ، هذا البيت بألفين فقط ، شرط أن يُحضر شهادة حسن سلوك من عالم جليل ، بدل العشرين ألفاً قرر أن يأخذ ألفين ، العشر ، لكن كم أسرة ستر ؟ كم بنتاً زوّج ؟
المذيع :
 هذا تعاون على نشر سبيل الله وشرع الله بين الناس .
الدكتور راتب :
 أعان الشباب على الزواج .
المذيع :
 دكتور ، العكس وهو عنوان حلقتنا :

﴿ الَّذِينَ يَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ ﴾

[ سورة الأعراف : 45 ]

 من يمنع الزواج ، من يحثهم على الفاحشة ، من يصعب الزواج عليهم .

الشباب قوة داعمة ترتقي بالأمة :

الدكتور راتب :
 عكسها ، أي هو أغلق على الناس طريقهم إلى الله .
المذيع :
 هناك من الناس من يصد بشكل مباشر دكتور مثلاً ، من يحث الناس بقوله لا داعي للزواج ، افعل ما تريد خارج إطار الزواج ، هناك بعض الأشخاص دكتور يصدون دون قصد ، بمعنى هو يصعب الزواج ، يزيد من أسعار البيوت كثيراً ، يضع إجراءات وشروط معقدة للزواج ، هل هذا يندرج عليه قول الله ؟

﴿ الَّذِينَ يَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ ﴾

[ سورة الأعراف : 45 ]

الدكتور راتب :
 أي والله .
المذيع :
 لكنه لا يقصد دكتور .
الدكتور راتب :
 عفواً قد لا يقصد الشخص عندها يُحاسَب على نتائج الفعل ، الفعل أحياناً قصدت أو لم تقصد حقق مفسدة كبيرة ، قصدت أو لم تقصد ، عن قصد ؟ الإثم عشرة أضعاف .
المذيع :
 الأب أو المجتمع الذي يصعب الزواج كثيراً ، ويضع شروطاً غير منطقية ، ويطالب بتكاليف وعادات كثيرة ، هؤلاء يصدون عن سبيل الله في قضية الزواج .
الدكتور راتب :
 أنا أعرف شخصاً ذكرته قبل قليل ، عنده أربعة أبنية ، وأنا أعنت ابنه على الزواج ، ساعدت ابنه ، كان يريد أن يعطيه شقة ما أعطاه ، عمل خطير جداً ، لأن هذا الشاب دائماً له حاجات ، عندما نحترمها نملكه للشاب ، ملكناه نهائياً ، أصبح قوة داعمة ، قوة ترتقي بالأمة ، ريح الجنة في الشباب ، الشباب قوام الأمة ، الشباب هم المستقبل ، فأنت عندما تؤمن له حاجاته الأساسية ، والله المطالب متواضعة جداً ، يحتاج مأوى فقط ، يقبل بستين متر ، ويقبل زوجة صالحة ، ويقبل وظيفة براتب معقول ، عندها تكون ملكت الشباب .

إن لم نستجب لمطالب الشباب المشروعة سندفعهم إلى تطرف تشددي أو تفلتي :

 عفواً إذا أنت ما فعلت هذا ، دقق دفعت الشباب إلى التطرف ، هناك تطرفات ، تطرف تفلتي ، إباحية ، تطرف تشددي ، تكفير وتفجير ، إن لم تؤمّن حاجات الشباب الأساسية وهذا من حقهم ، مأوى صغير ، فرصة عمل ، زوجة ، إن لم تستجب لمطالبهم المشروعة أنت دفعتهم دون أن تشعر إلى أحد تطرفين ، تطرف تشددي تكفير وتفجير ، أو تطرف تفلتي إباحية ، هذا واقع المسلمين .
المذيع :
 الله المستعان ، دكتورنا الكريم ، الآن سبيل الله وهو شرع الله سبحانه وتعالى في كثير من القضايا مثلاً ، بعض الاشخاص دكتور يريد أن يعمل هنا في البلاد العربية رغم أن الأجور ليست مرتفعة ، العدالة الاجتماعية ليست موجودة بشكل كبير ، بعض الأشخاص يحث على أن يسافر للخارج ، أو أن يجاهر إذا كان علم عال أو شهادة مرموقة ليحصل على أجور ، ومكانة كبيرة في الخارج ، لكن في المقابل دولنا لا تجد من يبنيها ، كيف ينظر فضيلتكم لهذا الأمر مثلاً ؟ هل يصد عن سبيل الله ؟
الدكتور راتب :
 أنا أولاً كنت أقول كلمة من عشرين سنة ، زرت أمريكا عدة مرات ، قلت : لو بلغت منصباً مثل كلينتون ، كان رئيس الجمهورية كلينتون ، وثروة كأنسيس ، وعلماً كأنشتاين ، ولم يكن ابنك كما تتمنى فأنت أشقى الناس ، إذا سافر إلى بلاد أجنبية سيخسر أولاده ، ونسب النجاح بالأولاد ثلاثة بالمئة فقط ، ابنه نشأ بمجتمع متفلت .
المذيع :
 تقصد النجاح دينياً دكتور ؟
الدكتور راتب :
 في مجتمع متفلت ، فإذا خسر ابنه دينياً انتهى ، أنت قيمتك بأولادك .
 المذيع :
 دكتور ليس فقط في جانب الالتزام والعائلة ، أقصد في جانب إعمار الأوطان ، بعض الأشخاص دكتورنا الكريم حينما يجد كفاءة مظلومة هنا دائماً يعينه على الهجرة ، يقول له: مجنون ، لا تبقَ بالبلد ، إذا درس في الخارج يقول له : ابقَ في الخارج ، اعمل هناك ، هل هؤلاء دكتور يمكن أن يساهموا بمزيد من الأخطاء للدول العربية مما هي فيه ؟

الحياة الغربية أقوى من أية دعوة تشد الإنسان إليها :

الدكتور راتب :
 سيدي ، عندما دخل النبي الكريم للمدينة المنورة ، في أول خطاب قال : أهل يثرب أمة واحدة ، سلمهم واحدة ، وحربهم واحدة ، هذا مفهوم وطني ، أنت في المدينة مواطن ، تحتاج مأوى ، تحتاج فرصة عمل ، عندما أؤمن لك الحاجات الأساسية أنت بقيت بالمدينة ، خدمت أمتك ، أيضاً نحن عندما لا نؤمن لأولادنا أي شيء ببلدهم الأمل ضعيف جداً بالزواج ببلدك ، الأمل ضعيف بشراء بيت .
المذيع :
 العدالة الاجتماعية ، التعليم .
الدكتور راتب :
 الأمل ضعيف ، فأنت كأنك دفعته إلى الخارج ، وإذا دفعته إلى هناك فستكون النتائج مؤلمة جداً .
المذيع :
 من يقوم بهذه الأمور فيدفع الشباب للهجرة للخارج وترك بلادنا بمستواها غير المرتفع بالتعليم ، وهكذا ، هل يصدون عن السبيل دكتور ؟
الدكتور راتب :
 أبداً ، صحيح .
المذيع :
 لأنهم ساهموا في عدم إعمار هذه الدول وارتقائها .
الدكتور راتب :
 لو عمرناها الأسعار ستنخفض كثيراً ، الخدمات عالية جداً ، بلادنا جميلة جداً ، لكن ليس فيها خدمات عالية إطلاقاً ، هناك يوجد خدمات عالية جداً ، وأنا أقول لك كلمة قاسية: الحياة الغربية أقوى من أية دعوة تشد الإنسان إليها ، رفاه يفوق حد الخيال ، خدمات عالية جداً، مواصلات ممتازة ، حدائق غناء ، تذهب لتلك لبلاد فلا تجد سنتيمتراً مربعاً بني ، كله أخضر ، بلاد جميلة ، والمكاسب سهلة جداً ، لكن يقابلها والعياذ بالله بعد عن الله كبير جداً .
المذيع :
 من يستطع أن يقوم بالخيرين ، يجعل هذه الدول فيها عدالة اجتماعية ، وخضرة ، وفرص عمل ، وطيبعة جميلة ، وأيضاً يقام بها شرع الله عز وجل ، وهذا أهم شيء للإسلام .

أمثلة عن أشخاص يصدون عن سبيل الله :

الدكتور راتب :
 هذا أعظم شيء .
المذيع :
 إذاً من يمنع دولنا من هذا الخير ، من يظلم ، من يعين إنساناً بمنصب وهو يعلم أنه غير كفء ، من يصعب الحياة على الناس ، من يحيي الطائفية والعنصرية ، من يظلم الآخرين هؤلاء يصدون عن سبيل الله .
الدكتور راتب :
 أبداً ، بكل معاني الكلمة .
المذيع :
 وكم من إنسان يقع فيها وهو لا يدرك أنه بهذه الجريمة بحق دينه ومستقبل أمته ، دكتور لابد من أن نتوسع أكثر في قضية الذين يصدون عن سبيل الله .
 دكتورنا الكريم كنت أتابع لقاءً متلفزاً قبل عدة أيام على إحدى القنوات العربية لأحد الأشخاص الفنانين المغنين ، له صوت جميل ، كان يتحدث أنه في بداية حياته أرسله أهله إلى تلاوة القرآن والأذان ، فأحد المدرسين في المدرسة قال له العبارة التالية عندما سمع صوته الجميل ، قال له : أنت أكبر من مقرئ ، بهذه الكلمات الثلاث ، أنت أكبر من مقرئ ، هل هذا صد عن سبيل الله ؟ وجعله تنحرف البوصلة ؟
الدكتور راتب :
 طبعاً .
 من استمع إلى صوت قينة صب في أذنيه الآنك ، قيل : وما الآنك ؟ قال : الرصاص المذاب .
 شيء مخيف .
المذيع :
 ما هي القينة دكتور ؟
الدكتور راتب :
 القينة مغنية ، هناك شيء آخر ، الفكرة دقيقة جداً .
المذيع :
 أقصد سيدنا مثل كلمة هذا المعلم ، شاب يسير نحو القرآن ، ونحو الآذان أعطاه عبارة قال له : أنت أكبر من القرآن ، أنت أكبر من أن تكون مقرئ ، هل هذا فعلاً صده عن درب القرآن ؟ هل يتحمل هذا المعلم المسؤولية علماً أنها مجرد كلمة قالها ؟

الإنسان إذا أخذ خطاً إيمانياً يحتاج إلى حاضنة إيمانية :

الدكتور راتب :
 سيدي نظرة يحاسب بها ، أعوذ بالله ، أنا أقول كلاماً دقيقاً جداً ، إذا ساهم الإنسان بأي معصية ولو تشجيعاً ، أو تزييناً ، أو دفعاً ، أو إغراء ، يحاسب حساباً دقيقاً جداً .
 يقولوا إن فتاة وقفت ، هذه قصة وردت في بعض الآثار ، أمام النار ، تقول : يارب لا أدخل النار حتى أدخل أبي قبلي ، لأنه سبب انحرافي .
المذيع :
 والعياذ بالله ، دكتور أيضاً مثلاً بعض الناس قد يظهر لهم كلمات لا يهتمون لها كثيراً ، فتاة تكون في بيئة غير ملتزمة بالحجاب الشرعي تختار الحجاب ، بعض صديقاتها ، قريباتها ، حتى أحياناً أهلها الأب ، الأم .
الدكتور راتب :
 والله هؤلاء شياطين .
المذيع :
 الحجاب ليس جميلاً عليكِ ، ما رأي فضيلتكم بمثل هذا ؟
الدكتور راتب :
 أنا أقول كلمة دقيقة : الإنسان إذا أخذ خطاً إيمانياً قوياً جداً يحتاج إلى حاضنة إيمانية ، يحتاج إلى أصدقاء مؤمنين ، إن كانت فتاة إلى فتيات مؤمنات محجبات ، لابد من حاضنة .

﴿ وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ وَلَا تَعْدُ عَيْنَاكَ عَنْهُمْ تُرِيدُ زِينَةَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا﴾

[ سورة الكهف : 28]

 لذلك :

﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ ﴾

[ سورة التوبة : 119]

 تحتاج حاضنة مؤمنة ، تحتاج رفيقاً مؤمناً ، تحتاجين صديقة مؤمنة ، تحتاج أسرة مؤمنة أما أنت لوحدك لا تقدر ، هذه الجماعة .

﴿ اتَّقُوا اللَّهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ ﴾

[ سورة التوبة : 119]

﴿ وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ وَلَا تَعْدُ عَيْنَاكَ عَنْهُمْ تُرِيدُ زِينَةَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا ﴾

[ سورة الكهف : 28]

 أعرف رجلاً وامرأة ، زوجين يعملان في تدريس الديانة الإسلامية في العراق ، أهملوا ابنهم ، سافر ، انتهى مصيره بإعدامه في أفغانستان بتجارة المخدرات ، الأبوة مسؤولية كبيرة ، والأمومة مسؤولية كبيرة .
المذيع :
 ولم يشفع له انشغاله بالدين أو بالدعوة أو بالتدريس .

من ربّى ابنه تربية صالحة كل أعمال ابنه بصحيفته :

الدكتور راتب :
 الإغراء :

﴿ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَاتَّبَعَتْهُمْ ذُرِّيَّتُهُمْ بِإِيمَانٍ أَلْحَقْنَا بِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ ﴾

[ سورة الطور :21]

 أي أعمال ذريتهم مهما بلغت بصحيفته إذا ربى أولاده .
المذيع :
 خيراً وشراً دكتور ؟
الدكتور راتب :
 خيراً ، ربى ابنه تربية عالية ، أصبح ابنه داعية كبيراً ، كل أعمال ابنه بصحيفة الأب .
المذيع :
 أي صدقة جارية ، هل يشترط دكتور عفواً حتى تتضح الصورة ، هل يشترط أنا إذا أردت هذه الصدقة الجارية أن يكون ابني داعية أو عالم ؟ هل يمكن أن يكون مهندساً أو طبيباً ينفع الناس ، ويستقيم على شرع الله ؟
الدكتور راتب :
 كلما ارتقت المهنة يستطيع أن يكسب أضعافاً مضاعفة دون أن يصرح بالحقيقة ، شخص منتشر معه السرطان ، قال له : يمكن الشفاء منه ، يبقيه عنده سنتين ، يقبض منه مئات الألوف ، وهو يعلم أنه ميت مئة بالمئة ، فدائماً المهن الراقية لا يقدر صاحبها أن يتكلم كلاماً بالواقع ويصدق ، هذه أمانة كبيرة جداً .
المذيع :
 أنا أقصد ابني إذا كان على شرع الله ، وحتى لو كان عنده علم دنيوي ، لا يشترط أن يكون شيخاً أو داعية أو خطيباً ، أو كان مهندساً ناجحاً ، أو مترجماً ناجحاً ، وخدم الناس وكذا ، عبادته له ، ومثلها لي لأنني أنا أنشأته هذا النشئ الطيب ؟

التعميم من العمى :

الدكتور راتب :

﴿ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَاتَّبَعَتْهُمْ ذُرِّيَّتُهُمْ بِإِيمَانٍ أَلْحَقْنَا بِهِمْ ﴾

[ سورة الطور :21]

 المعنى؛ أعمال ذريتهم .
المذيع :
 يا سلام! أمر طيب ، وأمر جميل جداً ، وفي أي مجال من مجالات الحياة كانوا ومعهم الاستقامة على شرع الله سبحانه وتعالى ، دكتورنا نعود إلى القضية مرة ثانية :

﴿ الَّذِينَ يَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ ﴾

[ سورة الأعراف : 45 ]

 أعلمتنا سبيل الله أي هو شرع الله سبحانه وتعالى فمن يصد بمعنى من يمنع الناس أو يزين للناس الباطل فهو يقع في هذه القضية .
الدكتور راتب :
 هناك حالة ثانية يجب عليّ ذكرها : ابنك التحق بمسجد ، والمسجد محترم جداً ، والقائمون عليه محترمون جداً ، أنقياء وأصفياء ، والدعوة متوازنة ، لماذا تمنعه ؟ أيضاً صد عن سبيل الله ، أما لو ذهب إلى السينما لا تلومه ، لو جلس مع رفقاء سوء لا تنهره!
المذيع :
 اسمح لي دكتور أن أتقمص دورهم ، البعض يقول لك : نخاف المساجد هذه الأيام يخرج منها شباب يقومون بعمل تفجيرات ، ومشاكل أمنية وغيرها ، فهو لا يريد لابنه أن يذهب للمسجد ، السينما لا تسبب مشاكل .
الدكتور راتب :
 التعميم من العمى سيدي ، لا تعمم .
المذيع :
 أنا أطرحها على مستوى الرد .

الله تعالى خصص و لم يعمم :

الدكتور راتب :
 لا تعمم ، الله ماذا قال ؟ دقيقة :

﴿ وَإِنَّ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَمَنْ ﴾

[ سورة آل عمران : 199]

 الله ما عمم ، خصص ، ما قال : إن أهل الكتاب .

﴿ وَإِنَّ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ ﴾

[ سورة آل عمران : 199]

 أنا لا يجب أن أعمم ، مرة كنت بأمريكا ، وحضرت مناقشة أطروحة دكتوراه ، عندما ذكر قارئ المخلص وهو طالب دكتوراه عبارة فيها تعميم ، قال له الدكتور : قف ، التعميم من العمى ، لا تعمم ، الله ما عمم ، قال :

﴿ وَإِنَّ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ ﴾

[ سورة آل عمران : 199 ]

 ليس كل الأصدقاء سيئين ، وليست كل البيئات التعليمية سيئة .
المذيع :
 لفضيلتكم باع ومشوار طويل شيخنا بين مساجد الدعوة وحلقات التحفيظ ، ماذا تقول للآباء والأمهات الذين فعلاً يحبون المساجد ولكن عندهم خوف ورهبة ووسواس أمني ؟
الدكتور راتب :
 أنت اذهب مع ابنك يومين أو ثلاثة ، استمع لما يُقال في الدرس ؟ لا يقولون أي كلمة خاطئة والشخصيات محترمة جداً ، ومعهم أبناءهم ، ألا يخافون على أبنائهم ، لا تتم نظري ، اذهب معه مرتين أو ثلاث ، احضر الدرس ، أنت بذلك سترى الوضع على حقيقته بإدارتك العالية .
 أقول لك كلمة دقيقة : لابد من صديق ، أعرف أخاً متفوقاً جداً بحياته ، طلب من ابنه دعوة أصدقائه وآبائهم كلهم لسهرة ، هؤلاء آباء أصدقاء ابنه ، نحن هذه تربيتنا ، اتفقوا على سياسة معينة ، حوالي اثني عشر أباً ، لم يعد هناك خطأ ، هذا صديقه ، البيت الثاني متل بيتك منضبط ، فيه حياء ، فيه خجل .
المذيع :
 المقبول مشترك ، والمرفوض مشترك .

أمثلة عن المبالغة في التخوف من الدين :

الدكتور راتب :
 لا تستطيع أن ترفض الصديق ، الصديق لا بد منه ، لكن بطولتك أن تختاره أنت لابنك .
المذيع :
 جميل! الله يفتح عليكم يا دكتور ، أيضاً أعود إلى طرح بعض الأمثلة مثلاً المنتشرة في حياتنا : بعض الآباء والأبناء مثلاً ابنهم يكبر ، يريد أن يلتزم بالمسجد ، أن يذهب إلى العمرة ، يقولون له : لا اهتم بدراستك ، وعندما تكبر أو تعمل تتفرغ لهذه القضايا ، ما تعليق فضيلتكم على مثل هذا الموضوع ؟
الدكتور راتب :
 والله يا سيدي ، العمرة لا تلغي دراسة ، هذا كلام غير صحيح ، الدين لا يلغي دراسة ، إذا كان هناك مشكلة في المسجد ، فيه مثلاً دعوة متطرفة ، هذا موضوع آخر .
المذيع :
 خوف عام ؟
الدكتور راتب :
 خوف عام هذا غير مقبول ، لا أبداً ، هذا مسجد مفتوح بموافقة الدولة ، والخطيب معه رخصة ، والمدرس معه رخصة ، والحاضرين من أهل الحي ، كلهم شخصيات محترمة ، هذه مبالغة ، وإذا أراد أن يبالغ يوقف كل شي .
المذيع :
 هو يبالغ في الجانب الديني ، مدرسة ويعلم من الطلاب من هو على غير خلق .
الدكتور راتب :
 والله يوجد أفلام جنسية في هواتفهم ، هناك تدخين ، والله يوجد مخدرات ، وأنا أعني ما أقول ، لا أتكلم عبثاً .
المذيع :
 فتاة تصل إلى مرحلة التكليف الشرعي دكتور ، وتريد أن تنضبط بالحجاب الشرعي كفريضة ، والدتها ، والدها ، بعض أقاربها ، تتحجبين عندما تتزوجين ، كيف سيراكِ الناس ؟ كيف ستتزوجين إذا تحجبتِ ؟

ذروة ارتقاء المرأة إعفاف الشباب بحجب مفاتنها عنهم :

الدكتور راتب :
 والله هذا كلام شياطين ، بنت شريفة ، طاهرة ، رغبت أن تطيع الله ، والله زواج البنت مع حجابها وإيمانها أقوى مليون مرة ، إله عظيم ، ممكن أن تبرز الفتاة المتفلتة كل مفاتنها في الطريق للشباب ، هل يعقل أن يكون حظها من الزواج أفضل من فتاة محجبة ؟! هذه الأفكار تتوافق مع وجود الإله العظيم ، إنسانة كل رأسمالها مفاتنها ، كأنثى خافت من الله ، سترت مفاتنها عن الرجال الذين لا يحلون لها ، وتتعامل معاملة عكس ما كانت تتوقع ، الله مع المؤمنة عندما المؤمنة تتحجب ، أقول لك هذه الكلمة الدقيقة : ما أعظم عمل يقوم به الرجال ؟ الجهاد .

(( ذروة سنام الإسلام))

[الطبراني عن أبي أمامة الباهلي]

 أنا هذا اجتهاد مني ، واقبله أو لا تقبله ، الأمر عائد إليك .
المذيع :
 كلامك على العين والرأس دكتور .
الدكتور راتب :
 ذروة ارتقاء المرأة إعفاف الشباب ، بحجب مفاتنها عنهم وهم شباب ، مثلاً شاب بينه وبين الزواج عشرون سنة قادمة ، يرى المرأة كما هي ، سواء بارتدائها لثياب ضيقة تجعل خطوط جسمها واضحة ، أو تظهر لون البشرة ، أو لون صارخ يلفت النظر ، فإذا كان الشاب بينه وبين الزواج عشرون سنة ويرى مفاتن المرأة كما هي في الطريق ، أليس هذا إثم كبير ؟ تقول : أنا لا أؤذي أحداً ، أنا لا يجرؤ أحد على التحدث معي ، صحيح ، لكنك كنت فتنة دون أن تشعري .
 فأنا أقول : والله مرة كنت في مصر ، بالقاهرة ، دخلت إلى متحف فرعون ، جاء وفد بريطاني أقسم لك بالله مناظر تشمئز منها من التفلت ، خرجت من المتحف فوجدت فتاة ترتدي مانطو طويل ، وتضع حجاباً ، والله ما وقعت عيني في حياتي على جمال يفوق هذا الجمال ، جمال الحشمة ، مانطو طويل فضفاض ، لا يصف خطوط الجسم إطلاقاً ، فيه حشمة ، الحشمة لها جمال كبير جداً .
المذيع :
 قد تكون هي غير مرئية ، ووجها مغطى وغير مرئي ، لكن الفكرة هي الدين .

أعظم عبادة للرجال هي الجهاد وأعظم عبادة للفتاة إعفاف الشباب :

الدكتور راتب :
 شاهدت مرة امرأة محجبة حجاباً كاملاً ، فناجيت ربي : يا رب هذه الفتاة خافت منك وحجبت كل مفاتنها عن الشباب ، وهي في ريعان الشباب ، لها عندك حسابك كبير جداً ، إيجابي ، حجبت مفاتنها عن الشباب ، فأنا أقول هذه الكلمة مرة ثانية : أعظم عبادة للرجال هي الجهاد .

(( ذروة سنام الإسلام))

[الطبراني عن أبي أمامة الباهلي ]

 أعظم عبادة للفتاة إعفاف الشباب .
المذيع :
 يأتيك هنا أحد دكتور ويقول لك : أنت قلت إن أعظم عبادة للشباب الجهاد ، لماذا حصرت النساء فقط بإعفاف الشباب ؟ لماذا المسلمون ينظرون للمرأة نظرة جنسية شهوانية ؟
الدكتور راتب :
 لأن المرأة في الأساس محببة ، حتى في الغرب محببة .
المذيع :
 لماذا لا يكون دورها أيضاً في بناء الأمة ؟
الدكتور راتب :
 سيدي أنا عندي كتاب ، والله يصعب إخبارك ما بداخله ، شخص ألّف كتاباً عما يجري بمجتمع الاختلاط من فواحش شيء لا يصدق ، طبع منه ثلاثون طبعة ، أنا قرأت الكتاب كله ، عندما يكون هناك تفلت أنت بالعين لن ترَ شيئاً بعينك ، لكن ما وراء السطور ، ما وراء الغرف بعد إغلاق الأبواب .
المذيع :
 عندما نقول إن أعظم عبادة إعفاف الشباب هذا لا يعني أنه دورها الوحيد دكتور في الحياة ، بل لها أدوار أخرى في بناء الأمة ؟

المرأة مساوية للرجل في التكليف والتشريف والمسؤولية :

الدكتور راتب :
 أعوذ بالله ، هذه واحدة منها سيدي ، أن الله أعطاها قوام محبب للرجال ، هذه إحدى عباداتها ، قد تكون عالمة كبيرة ، تكون أحياناً دكتورة في الجامعة ، تكون أماً عظيمة جداً ربت أجيالاً ، قدتكون معلمة ، هل دور المعلمة قليل ؟ أنا أولاً لي رأي دقيق جداً : المرأة مساوية للرجل تماماً في التكليف والتشريف والمسؤولية ، مكرمة كما هو مكرم ، مشرفة كما هو مشرف ، مسؤولة كما هو مسؤول ، ولكن إذا قال الله عز وجل :

﴿ وَلَيْسَ الذَّكَرُ كَالْأُنْثَى ﴾

[ سورة آل عمران : 36]

 ماذا نفعل بهذه الآية ؟ هذه عكس الفكرة التي طرحناها ، أنا اجتهادي الشخصي وأظن أنني على صواب ، بنية المرأة الجسمية ، والفكرية ، والاجتماعية ، والنفسية ، كمال مطلق للمهمة التي أنيطت بها ، وبنية الرجل الجسمية ، والفكرية ، والنفسية ، والاجتماعية كمال مطلق للمهمة التي أنيطت به هذا معنى قوله تعالى :

﴿ وَلَيْسَ الذَّكَرُ كَالْأُنْثَى ﴾

[ سورة آل عمران : 36]

 آية توافق ، آية اختلاف .
المذيع :
 جميل ، إذاً كلاهما متساوٍ عند الله بالتكليف والتشريف والمسؤولية ، لكن طبيعة المرأة توافق فطرتها .
الدكتور راتب :
 بنية وفكراً ونفساً ومجتمعاً ، كمال مطلق لمهمتها في الحياة .
المذيع :
 فجاء لها التكليف مثلاً بالاحتشام ، الرجل قوته مناسبة لطبيعة وظيفته بإعمار الكون فجاء له التكليف وما شابه . الله يفتح عليك يا دكتور ، بارك الله بك .
 حديثنا مستمر عن الذين يصدون عن سبيل الله ، بعض الأشخاص دكتور يكون صورة نمطية مع الوقت في المجتمع ، مثلاً الأب الذي يسخر بشكل دائم من العلماء ، من المشايخ ، الذي يتهمهم أنهم فقراء لا يملكون قوت يومهم ، يتهم نساءهم هكذا ، كون صورة سيئة مع الوقت لدى أولاده ، هل هو صد أولاده عن سبيل الله ؟

الأسرة أول مؤسسة لبث القيم والمبادئ :

الدكتور راتب :
 صد ، مئة بالمئة ، عفواً سيدي اسمح لي بهذه الكلمة : الآن القيم والمبادئ من يبنيها في الأصل ؟ أنا اجتهادي الشخصي تبنيها الأسرة ، عندما أنا أقنع المرأة أن تدع بيتها للخدم ، وأن تمارس عملاً ، عندنا دكتور في الجامعة أحد كبار علماء النفس ، قال : المرأة حينما نافست الرجل في نشاطاته خسرت مرتين ، خسرت أنوثتها ، وخسرت السباق ، كلام علمي محض لا علاقة له بالدين ، أستاذ علم نفس كبير عندنا في سوريا ، حينما تنافس المرأة الرجل في عمله تخسر مرتين تخسر أنوثتها ، أجمل شيء بالمرأة أنوثتها ، العمل مع الرجال ليلاً نهاراً يجعل نظرها حاداً وجوابها قاسياً ، خسرت أنوثتها ، وخسرت السباق ، هذا كلام عالم نفس كبير.
المذيع :
 وما المقصود بالسباق دكتور ؟
الدكتور راتب :
 لا تستطيع أن تنافسه ، هو بالعمل أقوى منها .
المذيع :
 له أعمال معينة طبعاً ، ولها أعمالها .
الدكتور راتب :
 أما التعليم فهو من أرقى الأعمال للمرأة ، يوجد مئات الأعمال الخاصة بالمرأة ، ممكن أن تتفوق بها تفوقاً كبيراً جداً ، ولها بصمات رائعة في نهضة المجتمع .
المذيع :
 إذاً فكرة :

﴿ يَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ ﴾

[ سورة الأعراف : 45 ]

 دكتور ، هي من الأفكار الخطيرة التي يصل إليها المجتمع .
الدكتور راتب :
 عفواً ، الطفل عندما نسلمه للمعلم ، قبل ذلك ، عندما نقنع الأم أن تترك بيتها ، وتعمل خارج البيت ، الأولاد من رباهم ؟ الخدم ، أول مؤسسة لبث القيم والمبادئ الأسرة ، فنحن أقنعنا المرأة أن تترك بيتها ، المرأة التي تقيم في البيت وتربي أولادها تقوم بأعظم عمل على الإطلاق ، أعظم عمل على الإطلاق تربية أولادها ، متابعة دروسهم ، متابعة مزحهم أحياناً بين بعضهم ، توجيههم ، مهمة كبير جداً للمرأة فإذا تخلت المرأة عن هذه الوظيفة بقي الابن للخدم ، والله يوجد كاميرات خفية وضعت في بعض البيوت الخادمة تسقيه من بولها ، شيء مخيف ، أنت أم أول مهمة لك بيتك .

ثلاث مؤسسات لبث القيم والمبادئ هي الأسرة والمدرسة والمراجع الدينية :

 من المؤسسة الثانية ؟ التعليم ، نعطي المعلم أقل راتب بالأمة كلها ، من يأتي لعندك؟ الضعيف ، الغبي ، المحروم ، الفقير فقراً مدقعاً ، سلمت ابنك فلذة كبدك لإنسان غير متعلم ، أما عندما تعطي المعلم راتباً عالياً ، يستقطب الأذكياء ، الأقوياء ، المتعلمين .
 الآن فرضاً هناك مرجعيات دينية ، تطعن فيهم بالإعلام ، هذا مرجع ديني كبير ، هذا عالم كبير له بصمة كبيرة بالمجتمع ، إذا طعنت به انتهت الأمة ، ثلاث مؤسسات ، الأسرة والمدرسة والمراجع الدينية ، إذا تقصدت أن توقع بها ، أو تحطمها بالإعلام أو بشيء آخر انتهت الأمة سيدي .
المذيع :
 كلام جميل وحساس ، دكتور يأتي أحد من الناس ويقول لك : كثيراً ما تطلبون من الأم أن تربي أولادها وتبقى في بيتها ، أليس من حقها أن تخرج وتعمل وتدرس وتكوّن نفسها ؟
الدكتور راتب :
 يوجد أعمال خاصة لها لا تتناقض مع أنوثتها إطلاقاً .
المذيع :
 مع أمومتها ودورها في تربية الأولاد .
الدكتور راتب :
 كالتعليم والتمريض لا مشكلة إطلاقاً ، وهي محجبة ، يوجد حجاب ، ويوجد غض بصر .
المذيع :
 أقصد بعيداً عن جانب الحجاب شيخنا ، أقصد في جانب تركها لأولادها وتربيتهم ؟
الدكتور راتب :
 أن تبقى معهم أكثر وقاية لهم ، أما لو فرضنا كبروا مثلاً ، وتزوجوا ، وهي عندها قدرة على التدريس مثلاً ، لا مانع أبداً .
المذيع :
 من كانت مضطرة دكتور مادياً للعمل وترك أولادها ؟
الدكتور راتب :
 معذورة من الله .
المذيع :
 من ليست مضطرة دكتور ؟ أي عندها وفرة مالية في البيت ، لكنها تحب أن تثبت نفسها ، وفي المقابل تضع أولادها في حضانات ، أو لدى خدم في سن التربية ، في بداية حياتها ؟

وسائل التواصل الآن أصبحت وسائل تقاطع :

الدكتور راتب :
 هذا خطأ كبير ، تخلت عن مهمتها الأولى .
المذيع :
 فإذاً إذا أدت المهمة الأولى بإتقان تستطيع بعد ذلك أن تتفرغ لعملها ما تشاء .
الدكتور راتب :
 لا مانع .
المذيع :
 أما أن يكون على حساب مهمتها الأولى .
الدكتور راتب :
 المرأة ليست ممنوعة من العمل إطلاقاً بعمل يتناسب مع أنوثتها ، ومع أسرتها .
المذيع :
 إذا كان على حساب دورها كأم هنا الخلل ليس كمبدأ عمل لأنها أدت الأولويات أصبح فيها خلل .
 دكتورنا الكريم أتحدث مع فضيلتك عن النشر ، عن الإعلام ، عن مواقع التواصل الاجتماعي ، أحياناً دكتور بعض الناس ينشرون أيضاً كلمات تصد عن سبيل الله ، وأحياناً لا يلقون لها بالاً بهذا الحجم الكبير ، يزهدون بالعبادة ، يزهدون بكثير من التفاصيل ، هل هم مؤاخذون على ما يفعلون ؟
الدكتور راتب :
 مؤاخذون مؤاخذة لا يعلمها إلا الله ، وسائل التواصل أنا أسميها الآن وسائل تقاطع ، تكون في جلسة وكل شخص يمسك الموبايل ويقوم بعمله ، لم يعد هناك كلام ، لم يعد هناك روح اجتماعية ، فهذا التواصل له إشكال كبير جداً .
 غير ذلك مثلاً هناك أشياء لا يجوز أن يعرفها الطفل إلا بعد عشرين سنة ، الآن يراه بعينه على الفيس بوك ، يراه بعينه على الفيس بوك .
المذيع :
 دكتورنا ما يبث عبر الإعلام ، ما أنشره أنا بمواقع التواصل ، وفي صفحاتي وغير ذلك إذا كان يصد الناس عن سبيل الله ويبعدهم عن الشرع .

أي مساهمة بنشر أو بمدح معصية الجميع مشتركون بالإثم :

الدكتور راتب :
 محاسب حساباً كبيراً ، أنا عندما أؤذي شخصاً ، ممكن تؤذيه محاسب عنه ، أنت تؤذي الشباب ، مئة ألف .
المذيع :
 سأضرب أمثلة من حياتنا اليومية دكتور ، وأستمع لتوجيه وتعليق من فضيلتكم مثلاً : إنسان يشتري سيارة بالأقساط بالربا ، من البنك الربوي ، أنا كتبت له مبارك ، وخطوة جميلة ، وإلى الأمام ، هل ساهمت في المعصية ؟
الدكتور راتب :
 نعم ، طبعاً .
المذيع :
 إذا فتاة نشرت صورة لها بلباس غير محتشم ، وأنا كتبت كصديقة لها منورة ، وقمر ، وكلمات أخرى مشجعة .
الدكتور راتب :
 ما شاء الله حولك!
المذيع :
 هل أنا ساهمت أيضاً ؟
الدكتور راتب :
 أكيد ، أعوذ بالله ، والله لا أبالغ ولا أتشدد ، أي مساهمة بنشر معصية ، أو بمكافأة على معصية ، أو بمدح معصية ، والله الجميع مشتركون بالإثم .
المذيع :
 ما الحل دكتور ؟ صديقي اشترى سيارة بالربا ماذا أفعل ؟ لا أبارك له على السيارة ؟
الدكتور راتب :
 لا داع أن أبارك له ، أعطيه هدية بمناسبة ثانية ، أُظهر له مودتي ، أو إذا رزق بولد آخذ له هدية .
المذيع :
 لو باركت له دكتور ونبهته ، أنا أبارك لك بالسيارة لكن أنبهك أن الربا فيها خلل .

الدين النصيحة :

الدكتور راتب :
 ممكن .
المذيع :
 وليس مبارك بمعنى سر وأنت على صواب .
الدكتور راتب :
 وترقى عند الله كثيراً .
المذيع :
 وللبنت دكتور صديقتها نشرت صورة ليست منضبطة وليست محتشمة ماذا تفعل ؟ يجب ألا تشاركها بالمعصية ، وتزين لها الباطل ، وما شاء الله عنك ، لا .
الدكتور راتب :
 والله الدين النصيحة ، سؤال : ممكن هالدين العظيم يتألف فيه مليون كتاب ، ينضغط بكلمة واحدة ؟ انضغط :

((الدِّينُ النصيحة))

[الترمذي عن أبي هريرة رضي الله عنه]

 تنصحها ، والناصحة ترقى عند الله ، وعند هذه البنت ، أما الكل يثني عليها! ما شاء الله على هذا الجمال! خطفتي الأبصار بهذا الجمال .
المذيع :
 أشعروها أنها على صواب ، فهي آثمة لنشر صورتها ومن زين لها الباطل شاركها بالإثم والعياذ بالله .
الدكتور راتب :
 قلت لك قبل قليل : مئة شخص أحياناً يحاسبون عن تزيين معصية لشخص .
المذيع :
 ومن لم يستطع دكتور أن يقول كلمة الحق على الأقل فليصمت .
الدكتور راتب :
 أحياناً لا تستطيع أن تتكلم ، لا تستطيع أن تذم الباطل ، صمتك موقف .
المذيع :
 على الأقل لا تشارك في تزيينه .
الدكتور راتب :
 نعم .
المذيع :
 بارك الله فيكم يا دكتور ، نختم حلقتنا بالدعاء ونسأل الله القبول .

الدعاء :

الدكتور راتب :
 اللهم أعطنا ولا تحرمنا ، أكرمنا ولا تهنا ، آثرنا ولا تؤثر علينا ، أرضنا وارضَ عنا ، اللهم اجعل هذا البلد آمناً سخياً رخياً وسائر بلاد المسلمين ، اللهم اغفر للمسلمين والمسلمات ، والمؤمنين والمؤمنات ، الأحياء منهم والأموات ، إنك يا رب مولانا سميع مجيب للدعوات ، اللهم احفظ هذا الأردن ، احفظ له إيمان أهله ، واستقراره ، وأمنه يا أكرم الأكرمين ، واحقن دماء المسلمين في كل مكان واحقن دماءهم في الشام ، وصلى الله على سيدنا محمد النبي الأمي وعلى آله وصحبه وسلم .

خاتمة و توديع :

المذيع :
 الحمد لله رب العالمين ، بارك الله بكم فضيلة العلّامة الأستاذ الدكتور محمد راتب النابلسي أمتعنا الحوار مع فضيلتكم وجزاكم الله خيراً لما قدمتم دكتورنا الكريم .
 وكان نقاشنا عن الذين يصدون عن سبيل الله ، أبعدنا الله وإياكم عن هذا ، وجعلنا من الذين يقولون الخير ، ويدعون إليه فعلاً وقولاً . بارك الله بكم دكتورنا الكريم .
 سبحانك اللهم وبحمدك ، نشهد أن لا إله إلا أنت ، نستغفرك ونتوب إليك .
 والسلام عليكم و رحمة الله و بركاته

الاستماع للدرس

00:00/00:00

تحميل النص

إخفاء الصور