وضع داكن
25-04-2024
Logo
محفوظات – جلسات إرشادية – الدرس : 007 - سهرة خاصة مع طلاب الجامعة الأمريكية للعلوم الإنسانية – يحاوره الدكتور رحابي محمد تحت عنوان : إتقان الإلقاء القرآني تلاوة ودعوة .
رابط إضافي لمشاهدة الفيديو اضغط هنا
×
   
 
 
 بسـم اللـه الرحمـن الرحيـم  
 

مقدمة :

الدكتور رحابي محمد :
 السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته .
 أيها الأخوة الكرام ؛ أيها الأخوات طلاب الجامعة الأمريكية للعلوم الإنسانية كلية الدراسات الإسلامية ، قسم الدراسات العليا للأداء القرآني ، الأخوة والأخوات في كل مكان أهلاً وسهلاً ومرحباً بكم في لقاء طيب مبارك مع أهل العلم والقرآن ، لقاؤنا اليوم مع أستاذنا وشيخنا الدكتور محمد راتب النابلسي الداعية الإسلامي ، أهلاً وسهلاً ومرحباً بكم فضيلة الشيخ .
الدكتور محمد راتب :
 بارك الله بكم ، ونفع بكم ، وأعلى قدركم .
الدكتور رحابي محمد :
 بارك الله لنا في حياتكم سيدي .
 الدكتور محمد راتب النابلسي علم على اسم ، واسم على علم ، لعلي لا أحتاج إلى الكثير من الوقت للتعريف به ، فهو غني عن التعريف ، أستاذنا الفاضل الحبيب ، المربي المحاضر في الإعجاز العلمي ، وفي التفسير ، وله كتب كثيرة وعديدة ، من أشهرها سلسلة أسماء الله الحسنى ، والشمائل النبوية .
أستاذنا الدكتور محمد راتب النابلسي رئيس هيئة الإعجاز القرآني له الكثير من المؤلفات ، وشارك في العديد من المؤتمرات العالمية ، وله نشاط كبير في الدعوة إلى الله سبحانه وتعالى .
 أستاذنا الدكتور ؛ لو نبدأ مباشرة إن شاء الله في عنواننا الرئيس في هذا اللقاء الطيب المبارك معكم في : إتقان الإلقاء القرآني تلاوة ودعوة ، كما أمرنا الله عز وجل بقراءة القرآن الكريم حق تلاوته ، وأن نجوده ، وأن نرتل حروفه ، كيف نوازن وكيف نتقن أيضاً الدعوة إلى الله سبحانه وتعالى ؟ لو نبدأ مباشرة في أهمية الدعوة إلى الله وضرورتها لكل مسلم ولكل داعية إلى الله سبحانه وتعالى ؟

العمل الصالح علة وجود الإنسان في الدنيا :

الدكتور محمد راتب :
 بسم الله الرحمن الرحيم ، الحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على سيدنا محمد وعلى آل بيته الطيبين الطاهرين ، وعلى صحابته الغر الميامين ، أمناء دعوته ، وقادة ألويته ، وارضَ عنا وعنهم يا رب العالمين .
 بارك الله بكم ، ونفع بكم ، وأعلى قدركم .
 سؤال دقيق جداً ، الشيء الدقيق كمقدمة يجب أن يعلم كل إنسان ما هي علة وجوده في الدنيا ، أي ما هو سبب وجوده ، لماذا خلقه الله ؟ لماذا جاء به إلى الدنيا ؟ ما حقيقة الدنيا ؟ ماذا بعد الدنيا ؟ ما حقيقة الموت ؟ هذه كليات الإيمان لابد من أن يعرفها الإنسان وإلا وقع في مرض خطير اسمه : الغرق في الجزئيات ، بقائمة كل إنسان يومياً مئات البنود ، ثم يفاجأ بالموت .

(( عبدي رجعوا وتركوك ، وفي التراب دفنوك، ولو بقوا معك ما نفعوك ، ولم يبقَ لك إلا أنا، وأنا الحي الذي لا يموت ))

[ ورد في الأثر ]

 فلابد من وقفة متأنية في تجاوز الحاجات اليومية ، وهموم الدنيا والمعاش لمعرفة سر وجودنا ، وغاية وجودنا ، الآية تقول :

﴿ وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ ﴾

[ سورة الذاريات: 56]

 بآية صريحة ، قاطعة ، مانعة الله يقول :

﴿ وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ ﴾

[ سورة الذاريات: 56]

 العبادة طبعاً لها مفهوم ضيق ، العبادات الشعائرية كالصلاة ، والصوم ، والحج ، والزكاة ، هناك مفهوم أوسع بكثير ، هذا المخلوق الأول ، المكرم ، المفضل ، المكلف ، المحاسب ، المسؤول علة وجوده في الدنيا بعد الإيمان بالله ، بعد الإيمان باليوم الآخر ، بعد الاستقامة العمل الصالح .

﴿ وَلِكُلٍّ دَرَجَاتٌ مِمَّا عَمِلُوا ﴾

[ سورة الأنعام: 132]

 صف من خمسين طالباً ، كل طالب له مستوى ، أما أنا بفهمي الدقيق فالأرض يوجد فيها الآن ثمانية مليارات إنسان ، هناك ثمانية مليارات إضبارة ، ثمانية مليارات مرتبة .

﴿ وَلِكُلٍّ دَرَجَاتٌ مِمَّا عَمِلُوا ﴾

[ سورة الأنعام: 132]

 لذلك علة وجود الإنسان في الدنيا الوحيدة ولا أبالغ العمل الصالح ، الدليل :

﴿ رَبِّ ارْجِعُونِ * لَعَلِّي أَعْمَلُ صَالِحاً ﴾

[ سورة المؤمنون: 99 ـ 100]

 لِمَ سميّ العمل صالحاً ؟ لأنه يصلح للعرض على الله ، ومتى يصلح ؟ إذا كان خالصاً وصواباً ، خالصاً ما ابتغي به وجه الله ، وصواباً ما وافق السنة .
 إذاً الإنسان حينما يرسله والده إلى باريس فرضاً لينال الدكتوراه من السوربون ، علة وجوده في هذه المدينة ، وهي من أكبر المدن في أوروبا ، فيها مطاعم ، وحدائق ، وجامعات ، علة وجوده الوحيدة الدراسة ، فإذا كشف الإنسان أن علة وجوده العمل الصالح نحج ، وفاز ، وتفوق .

 

حجم الإنسان عند الله بحجم عمله الصالح :

 لذلك :

﴿ رَبِّ ارْجِعُونِ ﴾

[ سورة المؤمنون: 99]

 أكبر دليل :

﴿ لَعَلِّي أَعْمَلُ صَالِحاً ﴾

[ سورة المؤمنون: 100]

 الآن يوجد تعليق إلهي :

﴿ وَلِكُلٍّ دَرَجَاتٌ مِمَّا عَمِلُوا ﴾

[ سورة الأنعام: 132]

 ثمانية مليارات إنسان ، هناك ثمانية مليارات تقييم وإضبارة لكل إنسان ، فحجم الإنسان عند الله بحجم عمله الصالح ، لكن على رأس هذه الأعمال الصالحة الدعوة إلى الله ، الدليل :

﴿ وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلاً مِمَّنْ دَعَا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحاً وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ ﴾

[ سورة فصلت: 33]

 بالآية يوجد ثلاثة ملامح دقيقة جداً ؛ ليس على وجه الأرض إنسان أفضل عند الله ممن دعا إلى الله بلغة ، وبأسلوب ، وبدليل ، وبشاهد ، وبتعقيد ، وبتطبيق ، دعا إلى الله ، حركته اليومية ، كسب ماله ، إنفاق ماله ، اختيار زوجته ، تربية أولاده ، اختيار حرفته ، يوجد بنود بالمئات ، بل بالألوف ، هذه البنود ينبغي أن تكون وفق منهج الله ، بتعبير دقيق : من فراش الزوجية إلى العلاقات الدولية ، يوجد حركات ، كسب مال ، إنفاق مال ، اختيار زوجة ، اختيار حرفة ، علاقتك مع الأقوياء ، مع الضعفاء ، أي بنود كثيرة جداً .
 فالإسلام ؛ العبادات الشعائرية خمس ، أما العبادة التعاملية فتبدأ من فراش الزوجية وتنتهي بالعلاقات الدولية ، أي افعل ولا تفعل ، طبعاً الله عز وجل خبير ، قال تعالى :

﴿ وَلَا يُنَبِّئُكَ مِثْلُ خَبِيرٍ ﴾

[ سورة فاطر: 14]

 أنت راكب مركبة حديثة وغالية جداً ، وأنت تقودها تألق ضوء في لوحة البيانات إن فهمت هذا التألق تزيينياً احترق المحرك ، إن فهمته تحذيرياً أوقفت المركبة ، وأضفت الزيت فقط، فالجهة الصانعة هي الجهة الوحيدة التي ينبغي أن تتبع تعليماتها .

 

خضوع الإنسان للنص :

 من هنا ؛ إنسان يركب مركبة أيضاً هناك لوحة مكتوب عليها : الطريق إلى حمص مثلاً مغلقة بسبب تراكم الثلوج في النبك ، أنت لك بحمص مبلغ ضخم تاجر كبير ، موعود بدفعة كبيرة ، ومركبتك درجة أولى ، ما الذي جعلك ترجع إلى الشام ؟ أربع كلمات .
 فالإنسان يخضع للنص ، القرآن نص ، والحديث نص ، والدعوة نص ، والعلم نص ، لو أن دابة تمشي في هذا الطريق ، أين تقف ؟ عند الثلج ، ما الذي يحكم الدابة ؟ الواقع ، ما الذي يحكم الإنسان العاقل ؟ النص ، فالقرآن نص ، لذلك قالوا : الكون قرآن صامت ، والقرآن كون ناطق ، والنبي عليه الصلاة والسلام قرآن يمشي ، وأنا أعلق : ما لم ير الناس اليوم إسلاماً يمشي أمامهم لن يتأثروا بهذا الدين ، لذلك :

﴿ وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلاً مِمَّنْ دَعَا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحاً ﴾

[ سورة فصلت: 33]

 عمل صالحاً ؛ عمل عملاً يصلح للعرض على الله ، عمل عملاً صالحاً في العطاء ، في الأخذ ، في الاختيار ، فأنت أمام مجموعة تصرفات هذه ينبغي أن تكون منضبطة بمنهج الله عز وجل ، والله هو الخبير ، والآية تقول :

﴿ وَلَا يُنَبِّئُكَ مِثْلُ خَبِيرٍ ﴾

[ سورة فاطر: 14]

الناس لا يتعلمون بآذانهم بل يتعلمون بعيونهم :

 إذاً دعا إلى الله ، وعمل صالحاً ، لا يكفي ، ما توهم أنه الوحيد في الدعوة ، هذا معه مرض التوحد ، قال :

﴿ وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ ﴾

[ سورة فصلت: 33]

 دعا إلى الله بلسانه ، بعمله ، بإتقان صنعته ، بعلاقاته الطيبة ، دعا إلى الله وحركته في الحياة ، في كسب ماله ، وإنفاق ماله ، واختيار أصدقائه ، ومن حوله ، وزواجه ، وأولاده .

﴿ وَعَمِلَ صَالِحاً ﴾

[ سورة فصلت: 33]

 مع تواضع .

﴿ وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ ﴾

[ سورة فصلت: 33]

 آية جامعة مانعة ، ثلاث كتل دقيقة جداً فيها :

﴿ دَعَا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحاً وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ ﴾

[ سورة فصلت: 33]

 الحقيقة الناس لا يتعلمون بآذانهم ، يتعلمون بعيونهم ، فما لم يكن الداعية الآن - إن شاء الله - إسلاماً يمشي أمام الناس لا يقتنعون بالإسلام ، إن حدثهم فهو صادق ، إن عاملهم فهو أمين ، إن استثيرت شهوته فهو عفيف ، دعا إلى الله بأقواله ، بأفعاله ، باختيار تربية أولاده، بخيارات لا تنتهي فكان مثلاً أعلى .

 

التعاون حضارة وقوة ومنعة :

﴿ وَعَمِلَ صَالِحاً وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ ﴾

[ سورة فصلت: 33]

 أنا أفهم فهماً متواضعاً أن العلماء الربانيين جميعاً في دائرة واحدة ، بمعنى أنهم على فهم معقول لكل فروع الدين ، العلماء الربانيون ، أي قطاع خاص ، العلماء الربانيون في دائرة واحدة ، لأنهم على فهم وإدراك معتدل معقول لكل فروع الدين ، لكن هذا العالم تفوق بالفقه الحنفي ، نرسم مثلثاً على الدائرة ، على محيط الدائرة ، هذا في الإعجاز ، هذا في العمل الصالح ، كل تفوق رمز له بمثلث ، هذه المثلثات متكاملة فيما بينها ، وأقول كلمة ، وأنا أتأثر جداً ، ومع الأسف الشديد الشديد أن الطرف الآخر أعداء الدين يتعاونون تعاوناً مذهلاً وبينهم خمسة بالمئة قواسم مشتركة ، والمسلمين هم أهل القرآن ، أهل الوحيين أحياناً لا يتعاونون، التعاون حضارة ، التعاون قوة ، التعاون منعة ، التعاون تماسك .

﴿ وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى ﴾

[ سورة المائدة: 2]

 إذاً أول شيء بهذا اللقاء الطيب أن الدعوة إلى الله هي أحسن شيء بالحياة .

﴿ وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلاً مِمَّنْ دَعَا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحاً وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ ﴾

[ سورة فصلت: 33]

الدعوة إلى الله فرض عين على كل مسلم :

 الآية الثانية :

﴿ قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي ﴾

[ سورة يوسف:108]

 هذا الطريق .

﴿ أَدْعُو إِلَى اللَّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ ﴾

[ سورة يوسف:108]

 أي بالدليل ، والتعليل :

﴿ قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي ﴾

[ سورة يوسف:108]

 فأي إنسان لا يدعو إلى الله ليس متبعاً لرسول الله ، هذه الدعوة دقيقة جداً ، هذه الدعوة فرض عين على كل مسلم ، لكن من خصائصها المخففة في حدود ما يعلم ، ومع من يعرف فقط ، حضر خطبة جمعة لعالم جليل ، فهم الآية فهماً عميقاً ما كان يفهمه سابقاً هكذا ، تكلم عن هذه الآية لزوجته ، لأولاده ، لإخوانه ، لأصدقائه ، في سهرة ، في لقاء ، في حفلة ، هذه الدعوة إلى الله فرض عين ، في حدود ما تعلم ، ومع من تعرف ، أما التعمق ، والتبحر ، والتوسع ، والتثبت ، ففرض كفاية ، إذا قام به البعض سقط عن الكل .

 

حاجة المؤمن إلى إسلام حركي مجسد في حياته اليومية :

﴿ وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ ﴾

[ سورة آل عمران:104]

 من للتبعيض ، هناك دعوة احترافية تحتاج إلى فهم عميق ، إلى تفرغ ، إلى تبصر ، إلى توسع ، إلى تبحر ، إلى تثبت ، وهناك دعوة فرض عين إذا قام به البعض سقط عن الكل ، هذه مع التوسع ، أما كفرض عين فهي في حدود ما تعلم ، ومع من تعرف .
 ولكن : هذه الدعوة فيما أعتقد ، وأرجو أن أكون على صواب ، لا يمكن أن تقبل إلا إذا تجسدت بسلوك يؤكدها ، فالقدوة قبل الدعوة ، أي الأب لم يخلع ثيابه أمام أولاده إطلاقاً ، علمهم الأدب وهو صامت ، هناك مصطلح جديد ؛ الدعوة الصامتة ، استقامتك دعوة صامتة ، وفاؤك بالعهد دعوة صامتة ، رحمتك بالآخر دعوة صامتة .

﴿ وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلاً مِمَّنْ دَعَا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحاً وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ ﴾

[ سورة فصلت: 33]

 من هنا القدوة لها أثر كبير ، الناس يتعلمون بعيونهم لا بآذانهم .

(( واستقيموا يستقم بكم ))

[الطبراني عن سمرة بن جندب]

 أنا أتصور لو أن الأب ما أخطأ أبداً أمام أولاده ، وما تكلم ولا كلمة توجيهية يتحقق الهدف ، استقامته دعوة ، صدقه دعوة ، عفته دعوة ، ضبط الشاشة دعوة ، ضبط العلاقات دعوة ، ضبط السهرات دعوة ، فلابد من إسلام حركي ، إسلام مجسد في حياتنا اليومية ، في قبض أموالنا ، كسب أموالنا ، إنفاق أموالنا ، علاقاتنا بمن حولنا من الأقوياء ، من الضعفاء ، من الأصدقاء ، من المؤمنين بحرفتنا ، وضع طويل ، لكن أنا ألخص أن هذا الشرع العظيم فيه تفاصيل مذهلة لكنها تبدأ من أخص خصوصيات الإنسان من فراش الزوجية ، وتنتهي بالعلاقات الدولية .
الدكتور رحابي محمد :
 بالعلاقات الدولية ، ما شاء الله عليكم ! والله يا سيدي لا أريد أن أقاطعكم لكن ما شاء الله بحر زاخر ، ونبع فياض صافٍ .
 سيدي الحبيب ؛ فضيلة الدكتور محمد راتب النابلسي ، وأنتم قد جبتم الآفاق دعوة إلى الله سبحانه وتعالى ، وألفتم الكتب الكثيرة ، عشرات الكتب ، والمؤلفات ، وفي موقعكم الالكتروني أكثر من مليون صفحة مجانية لوجه الله تعالى حسبة ، ودعوة إلى الله وربما أكثر ، وترجمت إلى لغات العالم ، سيدي الحبيب الدكتور راتب ، النبي صلى الله عليه وسلم والرسل ربما نقول قد نجحوا في دعوتهم التي وكلوا بها من الله سبحانه وتعالى ، والنبي صلى الله عليه وسلم عندما وجهنا قال :

(( من دَلَّ على خيْر فله مِثْلُ أجرِ فاعِلِه ))

[مسلم وأبو داود والترمذي عن أبي مسعود الأنصاري]

 وكما ذكرتم :

﴿ وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلاً مِمَّنْ دَعَا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحاً وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ ﴾

[ سورة فصلت: 33]

 وكذلك عليه الصلاة والسلام عندما وجهنا :

(( لأنْ يُهْدَى بِهُدَاكَ رَجُل واحد خير لكَ من حُمْرِ النَّعَم ))

[أبو داود عن سهل بن سعد الساعدي]

 سيدي الدكتور ؛ كلمة إلى طلابك ، وأحبابك ، وإلى الجامعة الأمريكية للعلوم الإنسانية لطلابها وخصوصاً طلاب الدراسات العليا في الأداء القرآني ، وهم يتلون القرآن الكريم ويضبطونه رواية ودراية ، ويتقنون حروفه ، وتجويده ، كيف لنا أن ننجح في دعوتنا إلى الله سبحانه وتعالى كما نجح الدكتور راتب ، ونجح العلماء الصالحون ، والدعاة الناجحون ؟ كيف لنا أن نصل إلى قلوب من ندعوهم بالحكمة ، والموعظة الحسنة ، ولو بكلمات قليلة ، لا أريد أطيل عليكم ؟

 

قبول العمل من الله يتطلب تطبيقاً وإخلاصاً فيه :

الدكتور محمد راتب :
 والله أنا العبد الفقير ، أنا أتصور أن الله سبحانه وتعالى إذا علم منك تطبيقاً لما تقول وإخلاصاً في التطبيق كتب لك القبول ، ثلاث كلمات ، إذا علم الله من هذا العبد المؤمن تطبيقاً لما يسمع من علم ، وكان مخلصاً في هذا العمل كتب الله له القبول ، والعبرة في القبول، طبعاً الداعية ثقافته واسعة جداً ، معلوماته دقيقة ، نصوصه مضبوطة ، فصاحة ، بلاغ ، بلاغ رائع جداً ، تشابيه ، بيان ، لكن ما لم يطبق الذي يقوله لا يسمح الله له أن يؤثر بالناس ، التأثير في الناس أنا أفهمه هو القبول ، إن علم الله من الداعية تطبيقاً لما يقول ، وعلم أيضاً إخلاصاً لما يقول ، كتب له القبول ، أنا والله لا أصدق بل زوال الكون أهون على الله من أن تكون في العمل مخلصاً ثم لا توفق ، سأريك أنا قانوناً عاماً .

﴿ وَمَا تَوْفِيقِي إِلَّا بِاللَّهِ ﴾

[ سورة هود: 88 ]

 هذا الدين دين عظيم ، دين فيه منهج الخالق ، دين فيه أسباب السعادة ، أسباب التوفيق ، وإن لم يقل المؤمن الصادق ، المستقيم ، المقبل : ليس على وجه الأرض من هو أسعد مني هناك مشكلة ، أنت مع من ؟ مع الخالق ، مع الرحيم ، مع القدير ، مع العليم ، مع اللطيف ، مع الأسماء الحسنى كلها ، مع الله عز وجل .

فـلو شاهدت عيناك من حسننــــــا  الذي رأوه لما وليت عنا لغيرنــــــا
ولو سمعت أذناك حسن خطابنا  خلعت عنك ثياب العجب وجئتنــا
ولو ذقت مـن طعم المحبــــــة ذرة  عذرت الذي أضحى قتيلاً بحبنــــا
ولو نسمت من قربنا لك نسمــــة  لمــــت غريباً واشتياقـــــاً لقربنـــــــــا
ولو لاح من أنوارنـا لـك لائـــــــحٌ  تركــــت جميع الكائنــات لأجلنـــــــا
فما حبنا سهل وكل من ادعــــى  سهولته قلنا له قــــــــــــد جهلتنـــــا
***

 أي أن تخاطب خالق الأكوان ، أن يسمح الله أن تناجيه في الليل .

(( إذا كان ثلث الليل الأخير نزل ربكم إلى السماء الدنيا فيقول : هل من تائب فأتوب عليه ؟ هل من سائل فأعطيه ؟ هل من مستغفر فأغفر له ؟ هل من طالب حاجة فأقضيها له ؟ ))

[أحمد عن أبي هريرة]

 أي لا بد لهذا المؤمن الضعيف أن يكون له مع الله خط ساخن ، هذا الخط الساخن ينقطع فجأة بالمعاصي ، المعصية حجاب عن الله عز وجل ، أنا أتصور تصورا مني المؤمن إذا أخطأ أكبر عقاب يعاقبه الله به :

﴿ كَلَّا إِنَّهُمْ عَنْ رَبِّهِمْ يَوْمَئِذٍ لَمَحْجُوبُونَ ﴾

[ سورة المطففين:15]

 فالحجاب أكبر عقاب .
الدكتور رحابي محمد :
 بارك الله بكم سيدي ، دكتورنا الحبيب :

﴿ وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا كَافَّةً لِلنَّاسِ بَشِيراً وَنَذِيراً وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ ﴾

[ سورة الفرقان:28]

 والنبي صلى الله عليه وسلم ذكر في حديثه الشريف :

(( نَضَّرَ الله امرأ سمع منَّا حديثاً فحفظه ، حتى يُبلِّغَه غيرَه ، فَرُبَّ حاملِ فقْه إِلى مَن هو أفْقَهُ منه ))

[أبو داود والترمذي عن زيد بن ثابت]

 ما هو توجيهكم أو كلمة بسيطة في هذا اللقاء ؟

 

من لا يدعو على بصيرة ليس متبعاً لرسول الله :

لدكتور محمد راتب :
 كلمة دقيقة جداً جداً جداً ؛ الدعوة إلى الله في حدود ما تعلم ، ومع من تعرف فرض عين على كل إنسان ، الدليل :

﴿ قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي ﴾

[ سورة يوسف:108]

 فالذي لا يدعو على بصيرة ليس متبعاً لرسول الله .

﴿ قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي ﴾

[ سورة آل عمران:31]

 ففي حدود ما تعلم ، سمعت تفسير آية ، من خطيب ، تابعت حديثاً دينياً ، هناك أشياء أخذتها تأثرت بها ، انقلها لمن حولك ، هذه الدعوة إلى الله فرض عين ، في حدود ما تعلم ومع من تعرف ، ولكن يوجد دعوة أخرى فيها توسع ، فيها تعمق ، فيها تثبت ، فيها تبحر ، تحتاج إلى دراسات ، واحترافات ، هذه فرض كفاية ، إذا قام بها البعض سقطت عن الكل .

 

الشيخ النابلسي صاحب فضل في الدعوة إلى الله بالحكمة والموعظة الحسنة :

الدكتور رحابي محمد :
 سيدي الحبيب ؛ نحن مستمتعون جداً بلقائكم ، ونشتاق إلى قربكم ، ونحبكم ، ونسأل الله تعالى أن يزيدكم حباً ، ووداً في قلوب عباده ، وأن ينفعنا بكم جميعاً إن شاء الله .
الدكتور محمد راتب :
 والله لا أستنكف إطلاقاً عن أن أستجيب إذا دُعيت إلى هذه الندوات ، وأتمثل قوله تعالى :

﴿ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ ﴾

[ سورة غافر:60]

 لا يوجد مشكلة .
الدكتور رحابي محمد :
 سيدي والله أشكركم جزيل الشكر باسمي وباسم الجامعة الأمريكية للعلوم الإنسانية ، والدراسات الإسلامية قسم الدراسات العليا في الأداء القرآني لطلابها ، والكادر التدريسي والإداري، الشكر الجزيل لفضيلة الأستاذ فضيلة الشيخ المربي العلّامة الشيخ محمد راتب النابلسي ، صاحب الفضل ، وصاحب الخير ، والدعوة إلى الله تعالى بالحكمة والموعظة الحسنة.
 كلمة أخيرة سيدي لطلابكم وأحبابكم حول العالم ، لطلاب الجامعة الأمريكية للعلوم الإنسانية ، وخصوصاً طلاب الدراسات العليا في الأداء القرآني .

 

العلم طريق الإنسان في الدنيا والآخرة :

الدكتور محمد راتب :
 اجتهاد مني ؛ إذا أردت الدنيا فعليك بالعلم ، وإذا أردت الآخرة فعليك بالعلم ، وإذا أردت الدنيا والآخرة معاً فعليك بالعلم ، إلا أن العلم لا يعطيك بعضه إلا إذا أعطيته كلك ، فإذا أعطيته بعضك لم يعطك شيئاً ، ويظل المرء عالماً ما طلب العلم ، فإذا ظن أنه قد علم فقد جهل ، طالب العلم يؤثر الآخرة على الدنيا فيربحهما معاً ، بينما الآخر يؤثر الدنيا على الآخرة فيخسرهما معاً .
 إذا أردت الدنيا فعليك بالعلم ، وإذا أردت الآخرة فعليك بالعلم ، وإذا أردتهما معاً فعليك بالعلم ، العلم العميق ، العلم المدلل ، العلم الواضح ، الميسر ، هناك كثير أشياء جاءت إلى الدعوة وهي بعيدة عنها ، ما من داع للمبالغات ، ما من داع للكرامات ، ما من داع لاختراق القوانين ، المنهج الإسلامي منهج واقعي ، فالإنسان إذا عرف الله واستقام على أمره والله لا أبالغ ولم يقل : ليس على وجه الأرض من هو أسعد مني عنده مشكلة بإيمانه .

خاتمة وتوديع :

الدكتور رحابي محمد :
 سيدي الحبيب ؛ جزاكم الله عنا كل خير .
 في نهاية هذا اللقاء المبارك الطيب مع فضيلة أستاذنا الدكتور محمد راتب النابلسي لا يسعني إلا أن أتوجه بالشكر الجزيل لله سبحانه وتعالى الذي أتاح لنا ، ويسر لنا لقاء فضيلة الدكتور محمد راتب ، ونشكرك شيخنا الحبيب ، شكراً باسمي وباسم الجامعة الأمريكية للعلوم الإنسانية ، وباسم طلاب الدراسات العليا في الأداء القرآني .
 جزاكم الله عنا كل خير ، وأحسن الله إليكم ، ونفعنا بكم على الدوام .
الدكتور محمد راتب :
 بارك الله بكم ، ونفع بكم ، وأعلى قدركم .
الدكتور رحابي محمد :
 آمين ، جزاكم الله خيراً سيدي ، ونلقاكم بإذن الله على خير ، وإلى لقاءات متجددة إن شاء الله ، لا تنسونا من دعائكم الصالح سيدي لنا ولإخواننا جميعاً .
الدكتور محمد راتب :
 ندعو لبعضنا بعضاً ، ودعوة الأخ إلى أخيه لا ترد إن شاء الله .
المذيع :
 نشكر جميع الأخوة المتابعين ، والمتابعات ، الذين شاركونا على هذه الصفحات ، شاركوا هذا اللقاء على صفحاتكم حتى يصل الخير إلى أهلكم ، وأحبابكم ، وتكونون جزءاً من الدعوة إلى الله سبحانه وتعالى فيسمع كل من لقي هذا اللقاء ، وكل من سمع الدكتور راتب هذه الكلمات الذهبية في أهمية الدعوة إلى الله ، وفي ضرورة الدعوة إلى الله ، وفي قواعد الدعوة إلى الله تعالى ، ووسائلها ، والنصائح الطيبة الكريمة التي وجهها لطلابه وبنيه حول العالم .
جزاكم الله خيراً سيدي .
الدكتور محمد راتب :
 بارك الله بكم ، ونفع بكم ، وأعلى قدركم .
الدكتور رحابي محمد :
آمين.
 والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته

الاستماع للدرس

00:00/00:00

إخفاء الصور