وضع داكن
19-04-2024
Logo
رمضان 1430 - الفوائد - الدرس : 01 - من أعجب الأشياء أن تعرفه ثم لا تحبه
   
 
 
 بسـم اللـه الرحمـن الرحيـم  
 

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد، وعلى آل بيته الطيبين الطاهرين، وعلى صحابته الغر الميامين، أمناء دعوته، وقادة ألويته، و ارضَ عنا وعنهم يا رب العالمين.

 

من فوائد ابن القيم:

من الطبيعي أن يبحث العطشان عن الماء ليشرب
أيها الأخوة الكرام، مع درس من دروس الفوائد، كتاب قيم لابن القيم، فمن هذه الفوائد وقبل أن أذكر لكم النص أقدم لهذا النص.
شيء طبيعي جداً أن يشتد العطش بالإنسان ثم يهتدي إلى الماء فيرتوي، وشيء طبيعي جداً أن يشتد العطش بالإنسان ثم لا يهتدي إلى الماء فيموت، كلاهما شيء طبيعي وفق القوانين، اشتد به العطش، بحث عن الماء، وجد الماء، شرب من الماء فارتوى، اشتد به العطش، بحث عن الماء، لم يجد الماء، مات من العطش، لكن الشيء العجيب أن يشتد العطش بالإنسان، وأن يعرف الذي أصابه هذا العطش الشديد مكان الماء، ثم لا يذهب إليه، هنا العجب.

1 ـ من أعجب الأشياء أن تعرف الله ثم لا تحبه وأن تحبه ثم لا تطيعه:

الفائدة الأولى من فوائد ابن القيم ـ رحمه الله تعالى ـ من أعجب الأشياء أن تعرفه ثم لا تحبه، ومن أعجب الأشياء أن تحبه ثم لا تطيعه، إن لم تعرفه لا تحبه، شيء طبيعي، أما أن تعرفه ثم لا تحبه، والشيء العجيب أن تحبه ثم لا تطيعه، هذا من أعجب العجب، الفائدة الأولى: من أعجب الأشياء أن تعرفه ثم لا تحبه، وأن تحبه ثم لا تطيعه.

2 ـ من أعجب الأشياء أن تسمع داعيه ثم تتأخر عن الإجابة:

من العجيب أن تدعى لمجالس القرآن ولا تستجيب
ومن أعجب الأشياء أن تسمع داعيه ثم تتأخر عن الإجابة، من أبسط أنواع الدعاء حيّ على الصلاة، دعاء من الله تعال يا عبدي صلِّ، تعال اتصل بي لأذيقك طعم القرب مني، ومن أعجب الأشياء أن تسمع داعيه ثم تتأخر عن الإجابة، دعاك إنسان إلى مجلس علم ليزداد إيمانك، لتعرف ربك، لتستقيم على أمره، لتسلم وتسعد في الدنيا والآخرة، ولا تستجيب ! دعيت إلى عمل صالح لا تستجيب ! دعيت إلى مذاكرة القرآن الكريم لا تستجيب ! دعيت إلى صلة الرحم لا تستجيب ! قال تعالى:

﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُمْ لِمَا يُحْيِيكُمْ ﴾

( سورة الأنفال الآية: 24 )

3 ـ من أعجب الأشياء أن تعرف قدر الربح في معاملته ثم تعامل غيره:

الله عز وجل يدعونا إلى الاستجابة لا نستجيب ! يدعونا إلى العمل الصالح نتكاسل، يدعونا إلى حج بيت الله الحرام:

﴿ وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنْ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا (97)﴾

( سورة آل عمران)

يدعونا إلى صيام يرقى بنا:

﴿ كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ (183) ﴾

( سورة البقرة)

الله عز وجل يدعونا دائماً.

الله عز وجل يدعونا إليه دائماً ليغفر لنا و يرحمنا:

لذلك ومن أعجب العجب وأن تسمع داعيه ثم تتأخر عن الإجابة، شيء عجيب آخر أن تعرف قدر الربح في معاملته، قال تعالى:

﴿ يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلَى تِجَارَةٍ تُنجِيكُمْ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ(10)تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَتُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنفُسِكُمْ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنتُمْ تَعْلَمُونَ(11) ﴾

( سورة الصف )

هناك يبين لك قدر الربح في معاملته:

﴿ إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلَائِكَةُ أَلَّا تَخَافُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ (30) نَحْنُ أَوْلِيَاؤُكُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَةِ وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَشْتَهِي أَنْفُسُكُمْ وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَدَّعُونَ (31) نُزُلاً مِنْ غَفُورٍ رَحِيمٍ (32)﴾

( سورة فصلت )

أن تعرف قدر الربح في معاملته ثم تعامل غيره ؟

﴿ أَفَمَنْ كَانَ مُؤْمِنًا كَمَنْ كَانَ فَاسِقًا لَا يَسْتَوُونَ (18) ﴾

( سورة السجدة)

﴿ أَمْ حَسِبَ الَّذِينَ اجْتَرَحُوا السَّيِّئَاتِ أَنْ نَجْعَلَهُمْ كَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ سَوَاءً مَحْيَاهُمْ وَمَمَاتُهُمْ سَاءَ مَا يَحْكُمُونَ ﴾

( سورة الجاثية )

﴿ أَفَمَنْ وَعَدْنَاهُ وَعْداً حَسَناً فَهُوَ لَاقِيهِ كَمَنْ مَتَّعْنَاهُ مَتَاعَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا ثُمَّ هُوَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مِنَ الْمُحْضَرِينَ ﴾

( سورة القصص )

﴿ أَفَنَجْعَلُ الْمُسْلِمِينَ كَالْمُجْرِمِينَ (35) مَا لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ (36) ﴾

( سورة القلم )

من عامل الله عز وجل يسر أمره و أيده:

وأن تعرف قدر الربح في معاملته ثم تعامل غيره ؟

﴿ مَا لَهُمْ مِنْ دُونِهِ مِنْ وَلِيٍّ وَلَا يُشْرِكُ فِي حُكْمِهِ أَحَدًا (26) ﴾

( سورة الكهف)

﴿ وَإِلَيْهِ يُرْجَعُ الْأَمْرُ كُلُّهُ فَاعْبُدْهُ وَتَوَكَّلْ عَلَيْهِ (123) ﴾

( سورة هود)

(( يا عبادي لو أن أولكم وآخركم وإنسكم وجنكم كانوا على أتقى قلب رجل منكم ما زاد ذلك في ملكي شيئاً، يا عبادي لو أن أولكم وآخركم وإنسكم وجنكم كانوا على أفجر قلب رجل منكم ما نقص ذلك من ملكي شيئاً، لَوْ أنَّ أوَّلَكُمْ وآخِرَكُمْ وَإنْسَكُمْ وَجِنَّكُمْ كانُوا في صَعيدٍ وَاحدٍ فَسألُونِي فأعْطَيْتُ كُلَّ إنْسانٍ مِنْهُمْ ما سألَ لَمْ يَنْقُصْ ذلكَ مِنْ مُلْكِي شَيْئاً إِلاَّ كما يَنْقُصُ البَحْرُ ذلك لأن عطائي كلام وأخذي كلام، فَمَنْ وَجَدَ خَيْراً فَلْيَحْمَدِ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ، وَمَنْ وَجَدَ غَيْرَ ذَلِكَ فَلا يَلُومَنَّ إِلاَّ نَفْسَهُ ))

[ رواه سلم عن أبي ذرّ رضي اللّه عنه ]

أيها الأخوة الكرام، من أعجب العجب أن تعرفه ثم لا تحبه، من أعجب العجب أن تحبه ثم لا تطيعه، من أعجب العجب أن تسمع داعيه ثم تتأخر عن الإجابة، وأن تعرف قدر الربح في معاملته ثم تعامل غيره، تعامل جهة أرضية فيها لؤم، فيها كذب، فيها دجل، فيها استعلاء، فيها تهميش لك، أما إذا عاملته فرح بك، ويسر أمرك، ونصرك، وحفظك، و وفقك.

الله تعالى مع المؤمنين بالنصر والتأييد والحفظ والتوفيق:

لذلك قال العلماء هناك معية عامة ومعية خاصة، إذا قال الله عز وجل:

 

﴿ وَأَنَّ اللَّهَ مَعَ الْمُؤْمِنِينَ ﴾

( سورة الأنفال )

الله مع المؤمنين بالنصر والتأييد
أي معهم بالنصر، معهم بالتأييد، ومعهم بالحفظ، ومعهم بالتوفيق، من أعجب العجب أن يقول الله لك:

﴿ وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مَخْرَجًا ﴾

( سورة الطلاق )

ثم لا يتقي الإنسان ربه، من أعجب العجب أن يقول الله عز وجل:

﴿ وَمَا أَنْفَقْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَهُوَ يُخْلِفُهُ وَهُوَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ (39) ﴾

( سورة سبأ )

ثم لا ننفق، من أعجب العجب أن يدعوك لجنة عرضها السماوات والأرض ما حرمك شيئاً أودعه فيك لكن سمح لك بالطريق الصحيح، بالطريق النظيف، بالعلاقة الراقية، أودع فيك حب المرأة سمح لك بالزواج، أودع فيك حب المال سمح لك بالكسب المشروع، أي شيء أودعه فيك، أودع فيك الحاجة إلى إثبات الذات سمح لك أن تثبت ذاتك من خلال العمل الصالح، ومن خلال العلم.

الأحمق من ترك باب الله عز وجل ووقف على باب إنسان لئيم مستكبر:

لذلك و من أعجب العجب أن تعرف قدر الربح في معاملته ثم تعامل غيره، تعامل إنساناً لئيماً، قيل ما الذل ؟ قال: يقف الكريم بباب اللئيم ثم يرده.
من العجب أن تعرف قدر الربح مع الله وتعامل غيره
" والله، والله، مرتين، لحفر بئرين بإبرتين، وكنس أرض الحجاز بريشتين، ونقل بحرين بمنخلين، وغسل عبدين أسودين حتى يصيرا أبيضين أهون عليّ من طلب حاجة من لئيم لوفاء دين ".
هو يقول لك:

(( إذا كان ثلث الليل الأخير نزل ربكم إلى السماء الدنيا فيقول: هل من تائب فأتوب عليه ؟ هل من سائل فأعطيه ؟ هل من مستغفر فأغفر له ؟ هل من طالب حاجة فأقضيها له ؟ حتى يطلع الفجر))

[أحمد عن أبي هريرة]

ثم لا تفعل، بل تقف أمام أبواب الشركاء المستكبرين، اللئماء، المترفعين، الذين لا ينتبهون لك، يدعوك الله إلى بابه الكريم تقف على باب غيره ؟

4 ـ من أعجب العجب أن تعرف قدر غضبه ثم تتعرض له:

من أعجب العجب أن تعرف قدر الربح في معاملته ثم تعامل غيره، ومن أعجب العجب أن تعرف قدر غضبه ثم تتعرض له.

(( لَيْسَ مِنَّا مَنْ غَشَّ ))

[ مسلم والترمذي وابن ماجه واللفظ له عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ]

من العجب أن تعرف مقدار غضب الله ثم تتعرض له
يغش المسلمين:

 

(( من فرق فليس منا ))

 

[الطَّبَرَانِيُّ فِي الْكَبِيرِ عَنْ مَعْقِلِ بْنِ يَسَارٍ]

يفرق بينهم:

(( ليس منا من دعا إلى عصبية ))

[أبو داود عن جبير بن مطعم]

يدعو إلى عصبية، يقول: أنا، نحن قوم كذا، الشيء العجيب مرة ثانية للتذكير، شيء طبيعي جداً أن يشتد بك العطش ثم تبحث عن الماء فتجد الماء فتشرب وترتوي، وشيء طبيعي جداً أن يشتد بك العطش وتبحث عن الماء فلا تجده فيموت الإنسان عطشاً، شيء طبيعي وفق القوانين التي قننها الله عز وجل، أما شيء غير طبيعي أن تعرفه ثم لا تحبه، أن تعرف كماله، أن تعرف رحمته، أن تعرف حلمه، أن تعرف توبته على التائبين، أن تعرف مغفرته ثم لا تتوب إليه، وأن تحبه ثم لا تطيعه.

تعصي الإله وأنت تظهر حب ه ذاك لعمري في المقال شنيع
لو كان حبك صادقاً لأطـعته إن المـحب لمن يحب يطيع
* * *
وأن تعرف قدر غضبه ثم تتعرض له، وأن تذوق ألم الوحشة في معصيته ثم لا تطلب الأنس بطاعته، شاب قال له شيخه: يا بني إن لكل سيئة عقاباً، يبدو وقع في خطأ، زلت قدمه في معصية، انتظر عدة أيام ولم يصب بشيء، أثناء الصلاة ناجى ربه، قال: يا رب لقد عصيتك فلم تعاقبني، قال: وقع في قلبه أن يا عبدي لقد عاقبتك ولم تدرِ، ألم أحرمك لذة مناجاتي ؟

5 ـ من أعجب العجب أن تذوق ألم الوحشة في معصيته ثم لا تطلب الأنس بطاعته:

من العجب أن تذوق ألم الوحشة ولا تطلب أنس الله
من أعجب العجب أن تذوق ألم الوحشة في معصيته ثم لا تطلب الأنس بطاعته، أتحدث اليوم عن أعجب العجب.
مرة ثانية: تطلب العلم، تتعلم، ترتقي، هذا شيء طبيعي، ترفض العلم لا تتعلم، تبقى جاهلاً، شيء طبيعي، أما أن يكون معك إمكانيات عالية جداً تستطيع أن ترتقي بها إلى أعلى عليين ثم لا تطلب العلم هنا الجهل.

 

6 ـ من أعجب العجب أن تذوق عصرة القلب عند الخوض في غير الحديث عنه:

من أعجب العجب أن تذوق عصرة القلب عند الخوض في غير الحديث عنه، وعن كماله، اجلس جلسة تتكلم في الدنيا، في مشكلات الناس، في تفلت الناس، في ظلم الناس بعضهم بعضاً، تشعر بضيق، بكآبة، بإحباط، بيأس، تقوم من المجلس ولا تستطيع أن تقف على قدميك، في مجلس آخر تتحدث عن الله، عن رحمته، عن محبته لنا، عن منهجه القويم، عن صراطه المستقيم، عن أهل جنته وأهل طاعته.
ذكر الدنيا ومشاكلها يورث الاحباط والكآبة
من أعجب العجب أن تذوق عصرة القلب عند الخوض في غير الحديث عنه، كل واحد له مواقف، أحياناً بيت متواضع جداً، طعام خشن جداً، يتحدث أناس عن ربهم، يأنسون، يفرحون، يقول: والله لا أنسى هذه الجلسة، وأحياناً طعام نفيس، غيبة، ونميمة، وافتخار، واستعلاء، كل واحد يفتخر بماله، وبإنفاقه، وبما عنده من ثروات، ينتهي المجلس كما قال النبي عليه الصلاة والسلام:

 

 

(( لا يَقْعُدُ قومٌ يذكرون الله عزَّ وجلَّ إِلا حَفَّتْهُم الملائكةُ، وغشيتهم الرحمةُ ونزلت عليهم السكينةُ، وذكرهم الله فيمن عنده ))

 

[مسلم والترمذي عن أبي هريرة وأبي سعيد الخدري ]

(( ما من قوم يقومون من مَجلس لا يَذكرونَ اللهَ فيه إِلا قاموا عن مثلِ جيفة حمارٍ ))

[ أخرجه أبو داود عن أبي هريرة ]

والله يا أخوان بعض مجالس الناس مجالس غيبة، ونميمة، حديث عن الدنيا، وتباه، وافتخار، واستعلاء، ينتهي المجلس تشعر بالإحباط لا تستطيع أن تقف على قدميك.
من أعجب العجب أن تذوق عصرة القلب عند الخوض في غير الحديث عنه، ثم لا تشتاق إلى انشراح الصدر بذكره ومناجاته ؟

﴿ أَلَا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ ﴾

( سورة الرعد )

﴿ وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنكًا وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى(124) ﴾

( سورة طه )

7 ـ من أعجب العجب أن تذوق العذاب عند تعلق القلب بغيره:

من أعجب العجب أن تذوق العذاب عند تعلق القلب بغيره، تعلقت بإنسان قوي لكنه فاسق، غني لكنه فاسق، تعلقت به، عقدت عليه الآمال، تضعضعت أمامه.
وأن تذوق العذاب عند تعلق القلب بغيره، ثم لا تهرب منه إلى نعيم الإقبال عليه والإنابة إليه، هذا أيضاً من أعجب العجب.

8 ـ من أعجب العجب علمك أنك لابدّ لك منه وأنك أحوج شيء إليه وأنت معرض عنه:

أعجب من هذا علمك أنك لابد لك منه، هو المآل، هو الهدف، المصير إليه، بعد الموت إما في جنة يدوم نعيمها أو في نار لا ينفد عذابها.
من أعجب العجب علمك أنك لابدّ لك منه، وأنك أحوج شيء إليه، وأنت معرض عنه، هل غير الله يرزقنا ؟ يحفظنا ؟ يشفينا ؟ يوفقنا ؟ ينصرنا ؟ يكرمنا ؟ حينما تعلم علم اليقين أن الفوز بمعرفته، والفوز بطاعته، والفوز بالقرب منه، وأن السعادة كل السعادة بالإقبال عليه، تعلم هذه الحقائق، ولا تنطلق إليه، ولا تفر إليه، ولا تقبل عليه، ولا تصطلح معه، ولا تتوب إليه، هذا من أعجب العجب.

من أعجب الأشياء أن تتملك قدرات عالية ثم لا تؤمن ولا تدعو إلى الله عز وجل:

أيها الأخوة الكرام، أعيد عليكم هذه الفائدة، من أعجب العجب أن تعرفه ثم لا تحبه، ومن أعجب الأشياء أن تعرفه ثم لا تحبه، ومن أعجب العجب أن تحبه ثم لا تطيعه، من أعجب العجب أن تسمع داعيه ثم تتأخر عن الإجابة، وأن تعرف قدر الربح في معاملته ثم تعامل غيره، وأن تعرف قدر غضبه ثم تتعرض له، وأن تذوق ألم الوحشة في معصيته ثم لا تطلب الأنس بطاعته، وأن تذوق عصرة القلب عند الخوض في غير حديثه والحديث عنه، ثم لا تشتاق إلى انشراح الصدر بذكره ومناجاته، وأن تذوق العذاب عند تعلق القلب بغيره، و لا تهرب منه إلى نعيم الإقبال عليه والإنابة إليه، أعجب من هذا علمك أنك لابد لك منه، وأنك أحوج شيء إليه وأنت عنه معرض، وفيما يبعدك عنه راغب، هذا من أعجب العجب.
مرة ثانية: هناك شيء طبيعي قد يكون إيجابياً، وشيء طبيعي جداً قد يكون سلبياً، أما أعجب العجب أن تتملك قدرات عالية ثم لا تؤمن، أن تتملك إمكانات كبيرة ثم لا تنفق، أن تتملك إدراك عميق ثم لا تدعو إلى الله عز وجل.

 

الاستماع للدرس

00:00/00:00

تحميل النص

إخفاء الصور