وضع داكن
18-04-2024
Logo
مختلفة - الأردن - المحاضرة : 59 - العمل الصالح - الرحمة
رابط إضافي لمشاهدة الفيديو اضغط هنا
×
   
 
 
 بسـم اللـه الرحمـن الرحيـم  
 

مقدمة :

 بسم الله الرحمن الرحيم ، الحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين ، اللهم لا علم لنا إلا ما علمتنا إنك أنت العليم الحكيم ، اللهم علمنا ما ينفعنا وانفعنا بما علمتنا وزدنا علماً ، وأرنا الحق حقاً وارزقنا اتباعه ، وأرنا الباطل باطلاً وارزقنا اجتنابه ، واجعلنا ممن يستمعون القول فيتبعون أحسنه ، وأدخلنا برحمتك في عبادك الصالحين .
المذيع :
 في هذا اليوم شيخنا المبارك حديثنا عن النبي عليه الصلاة والسلام :

(( لن تؤمنوا حتى تراحموا . قالوا : يا رسول الله ، كلنا رحيم . قال : إنه ليس برحمة أحدكم صاحبه ، ولكنها رحمة الناس رحمة العامة ))

[الطبراني عن أبي موسى الأشعري]

 كيف تحدثنا عن رحمة العامة ونحن اليوم في زمنٍ نحتاج فيه إلى هذه الرحمة يحتاج الناس أن يتراحموا فيما بينهم حتى تتنزل رحمة الله علينا جميعاً ؟

العمل الصالح علة وجودنا الأولى والوحيدة في الدنيا :

الدكتور محمد راتب :
 بسم الله الرحمن الرحيم ، الحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على سيدنا محمد ، وعلى آل بيته الطيبين الطاهرين ، وعلى صحابته الغر الميامين ، أمناء دعوته ، وقادة ألويته ، وارضَ عنا وعنهم يا رب العالمين .
أخي الكريم ؛ بارك الله بك ، ونفع بك ، وأعلى قدرك .
 يوجد سؤال كبير ، كبير ، كبير ، هذا السؤال : ما علة وجودي في الأرض ؟ طبعاً التفاصيل دقيقة جداً لكن لابد من هذه المقدمة ؛ لو أن إنساناً أرسل ابنه إلى باريس لينال الدكتوراه من جامعة السوربون ، نقول : ما علة وجود هذا الابن في باريس ؟ العلة الوحيدة ، قد يأكل ، ويشرب ، ويتنزه ، ويجلس في حديقة ، ويشتري مجلة ، لكن علة وجوده الوحيدة في باريس هي الدراسة .
 بادئ ذي بدء : لا بد من أن يعلم الإنسان علة وجوده في الدنيا ، طبعاً هذه الحقيقة الدقيقة الخطيرة تتضح من بعض الأمثلة ، طبعاً الإنسان عندما يكون بمكان معين له سبب وجود ، لو فتحنا كتاب الله ، يقول الله عز وجل :

﴿ رَبِّ ارْجِعُونِ * لَعَلِّي أَعْمَلُ صَالِحاً ﴾

[ سورة المؤمنون: 99 ـ 100]

 معنى هذا الذي اقترب أجله يتمنى أن يرجع إلى الدنيا ليعمل صالحاً ، وكأن العمل الصالح علة وجود الإنسان في الدنيا .

﴿ رَبِّ ارْجِعُونِ * لَعَلِّي أَعْمَلُ صَالِحاً ﴾

[ سورة المؤمنون: 99 ـ 100]

 الشيء الدقيق الإنسان يقيّم في الدنيا بمقاييس كثيرة ، يقيّم بحجمه المالي ، بمستوى دراسته ، بأصالته ، بنسبه ، إلى آخره ، لكن الإنسان يوم القيامة يقيّم فقط بعمله الصالح ، الدليل:

﴿ وَلِكُلٍّ دَرَجَاتٌ مِمَّا عَمِلُوا ﴾

[ سورة الأنعام: 132]

 حجم الإنسان عند الله يوم القيامة بحجم عمله الصالح ، ولِمَ سميّ العمل صالحاً ؟ لأنه يصلح للعرض على الله ، ومتى يصلح ؟ إذا كان خالصاً وصواباً ، خالصاً ما ابتغي به وجه الله ، وصواباً ما وافق السنة .
 إذاً الحقيقة الدقيقة الخطيرة الوحيدة أن علة وجودنا العمل الصالح ، الإنسان أحياناً يطلب منه عمل صالح يفعله ، هذا شيء آخر ، يجب أن نعلم علم اليقين أن الله سبحانه وتعالى جاء بنا إلى الدنيا ، لماذا ؟ لندفع ثمن مفتاح الجنة .

﴿ وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ ﴾

[ سورة الذاريات: 56]

 مفتاح الجنة العمل الصالح ، لا أقول : ثمن الجنة ، الجنة لا يمكن لأن تقيّم برقم أي إلى أبد الآبدين ، تصور واحداً بالأرض وأصفاراً إلى الشمس ، وكل ميلي صفر ، هذا الرقم واحد بالأرض وأصفار إلى الشمس ، مئة وستة وخمسون مليون كيلو متر وكل ميلي صفر هذا الرقم إذا نسب إلى اللانهاية قيمته صفر ، فنحن خلقنا لجنة عرضها السماوات والأرض ، خلقنا لعمل صالح في الدنيا يعد ثمن مفتاح الجنة ، لا ثمن الجنة ، فالعمل الصالح هو موضوع هذا اللقاء الطيب ، جاء الله بنا إلى الدنيا كي نتعرف إليه ، من خلال آياته الكونية ، والتكوينية ، والقرآنية ، ومن خلال حرية الاختيار كي نعمل عملاً صالحاً هو ثمن لمفتاح الجنة .
 فلذلك هذا اللقاء الطيب ، العمل الصالح ، دفع المال ، إنقاذ الأخوة الكرام المشردين .
 والله مرة كنت عند رسول الله في غرفته ، في الحرم النبوي ، مكتوب : أفضل المعروف إغاثة الملهوف .
 فنحن الآن نضع أيدينا على علة وجودنا في الدنيا ، إذاً العمل الصالح علة وجودنا الأولى والوحيدة في الدنيا :

﴿ رَبِّ ارْجِعُونِ * لَعَلِّي أَعْمَلُ صَالِحاً ﴾

[ سورة المؤمنون: 99 ـ 100]

 والعمل الصالح يصلح للعرض على الله ، ومتى يصلح ؟ إذا كان خالصاً وصواباً ، خالصاً ما ابتغي به وجه الله وصواباً ما وافق السنة ، أي الإنسان حجمه عند الله بحجم عمله الصالح ، ولأنه سمي صالحاً يصلح للعرض على الله .

كليات الدين :

 الآن قال تعالى :

﴿ فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ ﴾

[ سورة آل عمران: 159]

 يا محمد بسبب رحمة استقرت بقلبك من خلال اتصالك بنا كنت ليناً معهم ، وأنت أنت لو كنت منقطعاً عنا افتراضاً لامتلأ القلب قسوة ، ولانعكست القسوة غلظة وفظاظة .

﴿ فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنْتَ فَظّاً غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ ﴾

[ سورة آل عمران: 159]

 هذا قانون ، علاقة ثابتة بين متغيرين ، إذاً العمل الصالح علة وجودنا في الدنيا ، العمل الصالح ترتيبنا عند الله في الدنيا وفي الآخرة .
 إذاً هذا الدين منهج الله عز وجل لكن تقريباً الدين فيه كليات .
 مرة كنت في أمريكا ، وكان هناك معمل سيارات ، قال لي المرافق : هذه السيارة فيها ثلاثمئة ألف قطعة ، أنا كراكب فيها ستة أشياء أساسية أو سبعة ، الغلاف ، والمحرك ، والعجلات ، والمقاعد ، والمقود ، والبنزين .
 هل لهذا الدين العظيم أن يكون له كليات ؟ نعم ، أول كلية العقيدة ، التصور ، الإيديولوجية ، الجانب العقدي ، الجانب الفكري ، لا بد من طلب العلم ، حتى نعلم من خلال طلب العلم علة وجودنا في الدنيا ، حينما نعلم علم اليقين أن علة الوجود في الدنيا العمل الصالح نبادر إليه كل يوم ، بل كل ساعة .
إذاً العقيدة شيء أساسي جداً ، هذا الذي يعلم علم اليقين أن الله جاء به إلى الدنيا ليعمل صالحاً يبادر لهذا العمل الصالح .

الطرائق إلى الخالق بعدد أنفاس الخلائق :

 الشيء الثاني ؛ الإنسان هو كائن متحرك ، هناك حركة سلبية ، قد يقول : أنا ما أكلت مالاً حراماً ، أنا ما كذبت ، أنا ما غششت ، أما الحركة الإيجابية فهي إنفاق المال لإطعام الفقراء والمساكين والمشردين ، لأن حجم الإنسان عند الله بحجم عمله الصالح ، النقطة الدقيقة جداً أن العمل الصالح علة وجودنا ، الآن يوجد ثمرة ، فكر ، تصور ، أيديولوجيا ، عقيدة ، يوجد حركة ، السلبية استقامة ، الإيجابية العمل الصالح ، موضوع هذا اللقاء الطيب الثمرة ، الثمرة ؛ قال تعالى :

﴿ فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ ﴾

[ سورة الأنعام: 82 ]

 إنك إن صليت أيها الأخ المستمع والمشاهد أديت واجب العبودية ، لكن الله عز وجل يقول :

﴿ فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ ﴾

[ سورة الأنعام: 82 ]

 إن ذكرك الله منحك نعماً لا تعد ولا تحصى ، منحك نعمة التوفيق .

﴿ وَمَا تَوْفِيقِي إِلَّا بِاللَّهِ ﴾

[ سورة هود: 88 ]

 ولا شيء في الأرض يتحقق إلا بتوفيق الله ، منحك السكينة ، تسعد بها ولو فقدت كل شيء ، وتشقى بفقدها ولو ملكت كل شيء ، أنت حينما تفكر بعلة وجودك وهي العبادة ، العبادة طاعة طوعية ، ممزوجة بمحبة قلبية ، أساسها معرفة يقينية ، تفضي إلى سعادة أبدية .
 أنت حينما تفكر أن علة وجودك العمل الصالح تبادر إليه لا كل شهر مرة ، ولا كل أسبوع مرة ، بل كل يوم ، وكل مناسبة ، العمل الصالح علة وجودنا في الدنيا .
 الآن إنفاق المال عمل صالح ، رعاية اليتيم عمل صالح ، تأمين مأوى لمشرد عمل صالح ، تأمين دخل شهري للفقير عمل صالح ، والطرائق إلى الخالق بعدد أنفاس الخلائق ، والإنسان حينما يعلم علم اليقين أن حجمه عند الله بحجم عمله الصالح يبادر إلى الأعمال الصالحة .
 بالمناسبة : الطرائق إلى الخالق بعدد أنفاس الخلائق ، المياتم ، دور العجزة ، إطعام الطعام ، التعليم ، التعليم أعظم عمل صالح ، هذا الإنسان إن لم يتعلم أصبح متسولاً ، وإن لم يكن أخلاقياً أصبح مجرماً ، أما إذا علمته ، لذلك :

(( وإنما بعثت معلماً ))

[الحارث وأبو داود الطيالسي عن عبد الله بن عمرو بن العاص]

 إنما أداة قصر وحصر .

(( وإنما بعثت معلماً ))

[الحارث وأبو داود الطيالسي عن عبد الله بن عمرو بن العاص]

 كما قال النبي الكريم .

(( إنما بعثت لأتمم صالح الأخلاق ))

[البزار في مسنده والإمام أحمد في مسنده أبي هريرة]

 بعد أن عرفت الله ، آمنت به واحداً ، وكاملاً ، آمنت بأسمائه الحسنى ، وصفاته العلا ، لا بد من أن تتحرك نحوه ، الحركة نحوه بعمل صالح .

﴿ وَالْعَمَلُ الصَّالِحُ يَرْفَعُهُ ﴾

[ سورة فاطر: 10]

توزيع الحظوظ في الدنيا توزيع ابتلاء :

 حجم الإنسان عند الله بحجم عمله الصالح ، وأفضل المعروف إغاثة الملهوف ، وما أكثر هؤلاء الذين يحتاجون إلى المساعدة ، إلى مأوى يأوون إليه ، إلى طعام يأكلونه ، إلى ثياب يلبسونها ، ولحكمة بالغة الحظوظ في الدنيا موزعة توزيع ابتلاء ، أي الغني ممتحن بغناه ، والقوي ممتحن بقوته ، صاحب منصب رفيع ، فالقوي ممتحن بقوته ، والغني ممتحن بالمال ، وصاحب المنصب ممتحن بقراره ، فكل هذه الطرق إلى الله واصلة إليه ، لذلك ورد عن النبي :

(( المؤمن القويُّ خيْر وأحبُّ إلى الله من المؤمن الضعيف))

[مسلم عن أبي هريرة]

 لماذا ؟ لأن خيارات القوي في العمل الصالح لا تعد ولا تحصى ، القوي بمنصبه بجرة قلم يحق حقاً ويبطل باطلاً ، يقر معروفاً ويزيل منكراً ، والقوي بعلمه ينفق هذا العلم ، الإنسان كائن يحتاج إلى أن يتعلم .

﴿ وَلِكُلٍّ دَرَجَاتٌ مِمَّا عَمِلُوا ﴾

[ سورة الأنعام: 132]

السبل الواصلة إلى الله عز وجل كثيرة لا تعد ولا تحصى :

﴿ اقْرَأْ ﴾

[ سورة العلق: 1]

 أول كلمة ، في أول آية ، في أول سورة .

﴿ اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ ﴾

[ سورة العلق: 1]

 إذاً هناك آلاف السبل الواصلة إلى الله عز وجل ، هذا الفقير نطعمه ، وهذا الجاهل نعلمه ، وهذا المظلوم ننصفه ، فلذلك أعظم عمل صالح أن تقدم لهذه الأمة التي اختارها الله الأمة الأولى لهذه البعثة العظيمة ، وأن ترفع شأن أولادها ، إما بتعليمهم ، أو بتأمين مأوى للشباب والشابات ، أو بتأمين طعام للمشردين ، تحت الخيام ، فلذلك أرجو الله سبحانه وتعالى أن يجعل أعمالنا كلها وفق هذا المنهج الذي رسمه الله لنا ، وحجمك عند الله بحجم عملك الصالح .
 شيء دقيق جداً أن هناك هدى بيانياً ، وتأديباً تربوياً ، وإكراماً استدراجياً ، وقصماً.
المذيع :
 شيخنا ؛ كأن حديث النبي عليه الصلاة والسلام عن الرحمة العامة ، هو أن يخرج الإنسان من فرديته ، وأنانيته ليحمل همّ الأمة ، كما كان النبي عليه الصلاة والسلام بمنهجه لم يفكر في شخصه فقط ، لم يفكر في عائلته ، لم يفكر في أولاده ، هذه رحمة .
الدكتور محمد راتب :
 خاصة .
المذيع :
 نعم ، أما أن يخرج الإنسان ، لأن الربط سيدي في بداية الحديث :

(( لن تؤمنوا حتى تراحموا ))

[الطبراني عن أبي موسى الأشعري]

 هذا شيء يتعلق بصحة الإيمان .

الرحمة العامة :

الدكتور محمد راتب :
 شيء دقيق جداً سيدي الكريم ، الإنسان أودعت فيه رحمة خاصة لأولاده ولأهله ، هذه أجرها أقل بكثير ، لأن هذه رحمة خاصة ، حتى المجتمع ينمو لا بد من حالة خاصة عند الأب والأم ، هذه رحمة خاصة ، أنا أسميها طبعاً .

(( يطبع المؤمن على الخلال كلها))

[الإمام أحمد عن أبي أمامة الباهلي]

 أما حينما تتجاوز الأسرة ، والأهل ، والأولاد ، والأقارب إلى إنسان بعيد ، هذا العمل الذي يؤجر عليه الإنسان ، الأولى بدافع الفطرة ، بدافع الطبع .
 أنا مرة كنت بمستشفى ، الملتزمة تبكي ، والريفية تبكي ، والمدنيّة تبكي ، والمثقفة تبكي ، والأخرى تبكي ، فالله أودع فينا محبة الأهل ، لكن بطولتك وذكاؤك وفهمك العميق أن تتجاوز النطاق الضيق ، الدائرة الأولى إلى دائرة أوسع ، ولكنها رحمة عامة ، النبي علمنا أن نرحم من حولنا .
 عفواً ؛ الفقير الرحمة العامة أن نطعمه ، والجاهل أن نعلمه ، والمشرد أن نسكنه في بيت ، الحديث الدقيق جداً :

(( فإنما تُرزقُونَ وتُنصرون بضعفائكم ))

[أبو داود والترمذي والنسائي عن أبي الدرداء]

 هذا الضعيف إن أطعمته إن كان جائعاً ، أو كسوته إن كان عارياً ، أو علمته إن كان جاهلاً ، أو أنصفته إن كان مظلوماً ، أو آويته إن كان مشرداً ، الله عز وجل والجواب دقيق جداً لننتظر ما الجواب :

(( فإنما تُرزقُونَ وتُنصرون بضعفائكم ))

[أبو داود والترمذي والنسائي عن أبي الدرداء]

 فنحن إذا أردنا أن نكون أقوياء في بلادنا ، ومع من حولنا لا بد من أن ننصر الضعفاء ، لأن الله عز وجل يكافئ المؤمنين بمكافأة من جنس أعمالهم ، فكما أنهم انتصروا نصروا ، الضعفاء الله عز وجل ينصرهم على من هو أقوى منهم ، إذاً لا بد من أن تكون رحمة عامة .
المذيع :
 حضرتكم تقول : إذا أردتم رحمة الله ارحموا بعضكم بعضاً ، إذا أردتم أن تحققوا خصوصاً نحن الآن نحتاج إلى مدد من الله لهذه الجائحة ، ونحتاج إلى حفظ الله ، وعنايته ، ورحمته ، ولطفه بخلقه ، وكأنك تدلنا جميعاً على مفتاح العناية والنجاة والنجاح في الحياة .

العمل الصالح هو مقياس الغنى والفقر عند الله عز وجل :

الدكتور محمد راتب :
 إذا أردتم رحمتي فارحموا خلقي .

(( مَن لا يَرْحَمْ لا يُرْحَمْ ))

[زيادات رزين عن جابر بن عبد الله]

 كلمة رحمة أخي الكريم دقيقة جداً ، أي واسعة لدرجة غير معقولة ، إطعام الطعام رحمة ، أن تدل المشرد رحمة ، أن تعلم الجاهل رحمة ، أن تغني الفقير رحمة ، أن تنصف المظلوم رحمة ، أكاد أقول : الطرائق إلى الخالق بعدد أنفاس الخلائق ، وعلة وجودنا العمل الصالح ، والعمل الصالح هو مقياس الغنى والفقر عند الله عز وجل .
المذيع :
 نعم سيدي ، جزاكم الله عنا كل خير ، وأسأل الله تبارك وتعالى أن ينفعنا بهذه الكلمات .
 طبعاً نحن معنا من أخواننا المحسنين الموجودين هنا في أمريكا الذين دائماً يتبرعون، وينصفون ، ويقدمون كل ما يستطيعون عليه من دعم لهؤلاء الأيتام ، والأرامل ، واليتامى ، والمساكين ، وخصوصاً ما تشهده بلادنا في سوريا ، وفي اليمن ، وفي غزة ، والبلاد التي تعاني من النزوح ، والحروب ، والنزاعات ، نوجه لهم كلمة ودعاءً شيخنا بارك الله بك ؟

كل إنسان ممتحن والعاقل من نجح في الامتحان :

الدكتور محمد راتب :
 قبل ذلك ؛ الإنسان ممتحن إن كان غنياً ، هل ينفق هذا المال على الفقراء والمساكين ؟ ممتحن إن كان قوياً ، هل ينصف بحكمه المظلوم ؟ ممتحن بماله ، ممتحن بعلمه، ممتحن بمنصبه ، فنحن ممتحنون في كل شيء ، لذلك أنا أسمي الغنى حظاً ، المال حظاً ، والقوة حظاً ، والعلم حظاً ، الحظوظ موزعة في الدنيا توزيع ابتلاء لكنها سوف توزع في الآخرة توزيع جزاء .
 لو ضربنا مثلاً : إنسانان عاشا ستين عاماً بالضبط ، الأول الله أنعم عليه بمال وفير ، والثاني بمال محدود ، فكلاهما ممتحن بغناه وبفقره ، فالغني إن أنفق هذا المال للفقراء والمساكين ورحم عباد الله وما أكثرهم ! هذا عاش للعمل الصالح ، فهذا نجح في الدنيا والآخرة .
 يقع على رأس الهرم البشري زمرتان ، الأقوياء والأنبياء ، الأقوياء ملكوا الرقاب ، والأنبياء ملكوا القلوب ، الأقوياء عاش الناس لهم ، والأنبياء عاشوا للناس ، الأقوياء يمدحون في حضرتهم ، والأنبياء في غيبتهم ، لذلك البطولة أن نكون من أتباع الأنبياء ، فإذا كان الإنسان من أتباع الأنبياء عاش للناس ، الأقوياء عاش الناس لهم ، والأنبياء عاشوا للناس ، الأقوياء ملكوا الرقاب ، والأنبياء ملكوا القلوب ، الأقوياء يمدحون في حضرتهم ، والأنبياء في غيبتهم، الناس جمعاً تبع لقوي أو نبي .
الشيء الدقيق من هذا اللقاء الطيب أن يعرف الأخ المؤمن علة وجوده الوحيدة وهي العمل الصالح .

﴿ وَالْعَمَلُ الصَّالِحُ يَرْفَعُهُ ﴾

[ سورة فاطر: 10]

 عند الله .

(( فإنما تُرزقُونَ وتُنصرون بضعفائكم ))

[أبو داود والترمذي والنسائي عن أبي الدرداء]

 إطعامهم ، تربيتهم ، وتعليمهم ، ولعلي أجتهد وأقول : أعظم عمل صالح أن تعلمهم ، إن كان جاهلاً هناك مشكلة ، إن كان جاهلاً ليس جريئاً على الله يغدو متسولاً ، وإن كان غير متعلم يغدو منحرفاً ، لذلك أعظم الأعمال الصالحة أن هذا الجيل الذي ينشأ الآن أن يعطى حظه من العلم ، وحظه من فرص العمل ، لذلك لماذا تأمين فرص العمل مهمة جداً ؟ لأنها تكفي الإنسان فيستغني بهذا المال .
 أرجو الله سبحانه وتعالى أن يلهمنا العمل الصالح ، ومع العمل الصالح الإخلاص ، ومع الإخلاص التواضع ، والإنسان حجمه عند الله بحجم عمله الصالح ، وهؤلاء الذي يعانون ما يعانون العملية كلها مؤقتة ، تنتهي الحياة ، من الذي يفوز ؟ الذي عمل صالحاً ، وقدم للآخرة ، هذا العمل لله .
المذيع :
 جزاكم الله خيراً شيخنا المبارك ، أكرمكم الله على هذا النفس الطيب المبارك الذي لطالما استفدنا منه ، ودفعنا إلى طريق الجنة إن شاء الله .
 الأخوة بدؤوا الآن البذل ، بفضل الله تعالى عندنا بعض التبرعات وصلت إن شاء الله لنعمل عليها إعلاناً ، لكن نحتاج دعاءكم إن شاء الله لهم ، وهكذا نصيحة لله تعالى .

من أنفق عوضه الله أضعافاً مضاعفة :

الدكتور محمد راتب :
 والله ، أول دعاء أدعو لأخوتي المشاهدين والمستمعين أن يحفظ الله لهم إيمانهم ، وأن يحفظ لهم أولادهم ، وأهلهم ، وأموالهم ، وصحتهم ، وآخر واحدة ؛ استقرار البلاد التي هم فيها ، هذه نعمة لا تعرف إلا إذا فقدت ، والإنسان الله عز وجل يكافئه أضعافاً مضاعفة إذا أنفق هذا المال في سبيل الله .
المذيع :
 إن شاء الله ، جزاكم الله خيراً شيخنا ، ممكن أيضاً تدعو لنا دعاء شاملاً إن شاء الله هكذا .

الدعاء :

الدكتور محمد راتب :
 اللهم اهدنا فيمن هديت ، وعافنا فيمن عافيت ، وتولنا فيمن توليت ، وبارك اللهم لنا فيما أعطيت ، وانصرنا على أعدائنا يا أكرم الأكرمين ، ألهمنا الصواب ، ألهمنا الحكمة ، ألهمنا العمل الصالح ، ألهمنا أن نحافظ على بيوتنا ، وعلى كل من يجب علينا أن نحافظ عليه .

خاتمة وتوديع :

المذيع :
 آمين اللهم آمين .
 جزاكم الله خيراً شيخنا المبارك ، وبارك الله لنا في عمرك ، وفي عملك ، ونفعنا بعلمك، نسأل الله تبارك وتعالى أن يسلمنا وإياكم والمسلمين جميعاً من هذا المرض إن شاء الله ، وأن يحمي الناس جميعاً ، بحفظه ، وحمايته ، ورعايته ، وعنايته ، إنه ولي ذلك والقادر عليه .
الدكتور محمد راتب :
 لكن كلمة واحدة ؛ حجمك عند الله بحجم عملك الصالح ، هنيئاً لمن دفع وبذل من ماله الشيء الكثير .
 والحمد لله .
المذيع :
 أكرمكم الله سيدي ، وبوركتم ، نعلم نحن أيضاً أيقظناك بوقت متأخر من الليل في تركيا .
الدكتور محمد راتب :
 ما من مشكلة أبداً .
المذيع :
 شريك معنا إن شاء الله في كل الجمع بكل خير ، نسأل الله أن يجزيك عنا خير الجزاء ، ودمتم إن شاء الله بحفظ الله ، وحمايته ، ورعايته ، ونلقاكم إن شاء الله في قريب عاجل شيخنا .
الدكتور محمد راتب :
 إن شاء الله بارك الله بكم ، وسلامي لكل من حولك .
المذيع :
 إن شاء الله يصل بإذن الله ، دكتور ياسر حفار أيضاً زاد الآن أن أصبح المبلغ معه ستة وثلاثين ألف دولار من الجالية في ( تشارلستون فيرجينيا ) خصهم بدعاء شيخنا هؤلاء أخوة دائماً ما شاء الله .
الدكتور محمد راتب :
 حفظ الله لهم إيمانهم ، وأهلهم ، وأولادهم ، وصحتهم ، ومالهم ، واستقرار بلادهم، وعوض عليهم أضعافاً مضاعفة ، وهذا من لوازم الإنفاق .
المذيع :
 اللهم آمين ، أكرمكم الله وبارك بكم شيخنا .
 نستودع الله دينكم ، وأمانتكم ، وخواتم أعمالكم إن شاء الله ، دمتم برعاية الله شيخنا المبارك .
الدكتور محمد راتب :
 بارك الله بكم ، ونفع بكم .

الاستماع للدرس

00:00/00:00

تحميل النص

إخفاء الصور