2020-08-29
التوحيد نهاية العلم والعبادة نهاية العمل :
بسم الله الرحمن الرحيم ، الحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على سيّدنا محمّد ، وعلى آله وأصحابه الطيّبين الطاهرين ، وعلى صحابته الغر الميامين ، أمناء دعوته ، وقادة ألويته ، وارضَ عنا وعنهم يا رب العالمين ، اللهم لا علم لنا إلا ما علمتنا إنك أنت العليم الحكيم ، اللهم علمنا بما ينفعنا وانفعنا بما علمتنا وزدنا علماً ، وأرنا الحق حقاً وارزقنا اتباعه ، وأرنا الباطل باطلاً وارزقنا اجتنابه ، واجعلنا ممن يستمعون القول فيتبعون أحسنه ، وأدخلنا برحمتك في عبادك الصالحين .
أيها الأخوة الكرام الأحباب ؛ في شتى بقاع الأرض العنوان الذي طلب مني أن أعالجه هو التوحيد ، وأقول بكلمة جامعة مانعة ، ما تعلمت العبيد أفضل من التوحيد ، التوحيد كما قال الله عز وجل :
﴿ وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ إِلَّا نُوحِي إِلَيْهِ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدُونِ ﴾
كأن هذه الآية الرائعة جمعت أو ذكرت فحوى دعوة الأنبياء جميعاً ، ودعوة الرسل جميعاً ، قال تعالى :﴿ وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ إِلَّا نُوحِي إِلَيْهِ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدُونِ ﴾
العلماء قالوا : التوحيد نهاية العلم ، والعبادة نهاية العمل .﴿ لَا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ ﴾
ما أراد أن تكون علاقتنا به علاقة إكراه ، لكن أراد أن تكون علاقة حب ، فقال تعالى :﴿ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ ﴾
أراد الله عز وجل أن تبنى علاقة العباد بربهم على الحب .الحب نوعان ؛ الحب في الله و الحب مع الله :
لذلك الحب في الله عين التوحيد والحب مع الله عين الشرك ، كيف ؟ أن تحب الله ، أن تحب رسله جميعاً ، أن تحب أنبياءه جميعاً ، أن تحب العلماء الربانيين ، أن تحب العمل الصالح ، أن تحب المساجد ، أن تحب زوجتك حليلتك ، أن تحب من حولك من المؤمنين ، أن تحب العطاء لا الأخذ ، أن تحب التواضع لا الكبر ، الحب في الله عين التوحيد ، والحب مع الله عين الشرك ، أن تحب جهة تمنعك أن تصلي ، أو أن تحب جهة تبعدك عن الله عز وجل ، فلذلك الآية الجامعة المانعة القاطعة الرائعة :
﴿ وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ ﴾
هذه من لإحكام التعميم ، لاستغراق أفراد النوع :﴿ وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ إِلَّا نُوحِي إِلَيْهِ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنَا ﴾
هذا التوحيد :﴿ فَاعْبُدُونِ ﴾
هذه الحركة .الإنسان كائن متحرك :
الإنسان كائن متحرك ، لماذا هو متحرك ؟ يتحرك من أجل أن يأكل ، الإنسان مفتقر إلى الطعام والشراب ، ومفتقر إلى ثمن الطعام والشراب ، لذلك الله وصف الأنبياء بأنهم كانوا :﴿ وَمَا أَرْسَلْنَا قَبْلَكَ مِنَ الْمُرْسَلِينَ إِلَّا إِنَّهُمْ لَيَأْكُلُونَ الطَّعَامَ وَيَمْشُونَ فِي الْأَسْوَاقِ ﴾
مفتقرون في وجودهم الأنبياء والمرسلون إلى تناول الطعام ، ومفتقرون إلى ثمن الطعام بالعمل ، لذلك :﴿ وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ إِلَّا نُوحِي إِلَيْهِ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنَا ﴾
أي ما تعلمت العبيد أفضل من التوحيد ، التوحيد نهاية العلم ، أما العبادة فنهاية العمل ، هذا المخلوق الطارئ الحادث الضعيف الخائف إذا اتصل بالله عز وجل حقق لنفسه الأمن ، قال تعالى :﴿فَأَيُّ الْفَرِيقَيْنِ أَحَقُّ بِالْأَمْنِ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ*الَّذِينَ آَمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُمْ بِظُلْمٍ أُولَئِكَ لَهُمُ الْأَمْنُ ﴾
هناك نكتة بلاغية ، لو أن الله عز وجل قال : أولئك الأمن لهم ، لا تمنع أن يكون لغيرهم ، كأن تقول : نعبد إياك ، إذا قلت في الفاتحة : نعبد إياك ، الصلاة باطلة ، لأن نعبد إياك لا تمنع أن نعبد غيرك ، أما إياك نعبد ففيها قصر وحصر ، لذلك :﴿فَأَيُّ الْفَرِيقَيْنِ أَحَقُّ بِالْأَمْنِ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ*الَّذِينَ آَمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُمْ بِظُلْمٍ أُولَئِكَ لَهُمُ الْأَمْنُ وَهُمْ مُهْتَدُونَ﴾
لذلك المؤمن يتمتع بنعمة الأمن ، ولا يتمتع بها إلا المؤمن ، لأنه يوجد بالصياغة البلاغية قصر وحصر :﴿ أُولَئِكَ لَهُمُ الْأَمْنُ ﴾
لو الآية : أولئك الأمن لهم اختلف المعنى ، الأمن لهم ولغيرهم ، أما لهم الأمن وحدهم ، الآن الحركة ، الإنسان لماذا يتحرك ؟ لأنه مفتقر إلى الطعام والشراب ، يتحرك ، ولماذا يتحرك أيضاً ؟ لثمن الطعام والشراب ، يأكل ليبقى حياً ، ويعمل ليحصل ثمن الطعام والشراب ، قال تعالى :﴿ وَمَا أَرْسَلْنَا قَبْلَكَ مِنَ الْمُرْسَلِينَ إِلَّا إِنَّهُمْ لَيَأْكُلُونَ الطَّعَامَ وَيَمْشُونَ فِي الْأَسْوَاقِ ﴾
شيء آخر ، هذا أول عمل ، الحركة .الحركة نوعان ؛ سلبية و إيجابية :
الآن شيء آخر ؛ طبعاً الحركة نوعان ، حركة سلبية أي الاستقامة ، أنا ما كذبت ، ما غششت ، ما أكلت مالاً حراماً ، ما فرقت بين زوجين ، الاستقامة والعمل الصالح ، علة وجود الإنسان في الدنيا الوحيدة العمل الصالح ، والدليل :
﴿ رَبِّ ارْجِعُونِ* لَعَلِّي أَعْمَلُ صَالِحًا ﴾
العمل الصالح علة وجودك الوحيدة بعد الإيمان بالله واليوم الآخر ، العمل الصالح سمي صالحاً لأنه يصلح للعرض على الله ، ومتى يصلح للعرض على الله ؟ إذا كان خالصاً وصواباً ، خالصاً ما ابتغي به وجه الله ، وصواباً ما وافق السنة ، هذا العمل الصالح علة وجودنا الوحيدة ، قال تعالى :﴿ رَبِّ ارْجِعُونِ* لَعَلِّي أَعْمَلُ صَالِحًا ﴾
بل إن حجم الإنسان عند الله بحجم عمله الصالح ، والدليل :﴿ وَلِكُلٍّ دَرَجَاتٌ مِمَّا عَمِلُوا ﴾
لم سمي العمل الصالح صالحاً ؟ لأنه يصلح للعرض على الله ، ومتى يصلح ؟ إذا كان خالصاً وصواباً ، خالصاً ما ابتغي به وجه الله ، وصواباً ما وافق السنة .من عرف الله و استقام على أمره اتصل به :
الآن آمن بالله واليوم الآخر والملائكة والرسل والكتب ، آمن بالله الآن الحركة استقام على أمر الله ، ترك الكذب ، والغيبة ، والنميمة ، والإيذاء ، وفعل الأعمال الصالحة ، وكان حجمه عند الله بحجم عمله الصالح بقي الثمرة ، الثمرة تأتيه من قوله تعالى :
﴿ وَأَقِمِ الصَّلَاةَ لِذِكْرِي﴾
عرف الله ، استقام على أمره ، أحسن إلى خلقه ، الآن اتصل به ، هذا الاتصال أحياناً يسقط الحج عن المريض والفقير ، والزكاة تسقط عن الفقير ، والصيام يسقط عن المريض، إلا أن شيئاً واحداً لا يسقط بحال إنها الصلاة ، الصلاة عماد الدين ، والصلاة العبادة الأولى التي لا تلغى بحال ، فهي عصام اليقين ، وسيدة القربات ، ومعراج المؤمن إلى رب الأرض والسماوات ، هذه الصلاة ثمرة الإيمان والاستقامة والعمل الصالح ، كأن هذه كليات الدين، الكليات أربع كليات ، العقيدة أي الأيديولوجيا ، الفكر ، المنطلق النظري ، التصور الجانب العلوي في الإنسان ، الجانب الفكري ، المنطلق النظري ، الأيديولوجيا كلها أسماء لمسمى واحد ، الجانب الفكري ، الجانب الحركي ؛ جانب سلبي هو الاستقامة ، ما أكلت مالاً حراماً ، ما كذبت ، ما غششت ، إلى آخره ، وإيجابي عملت عملاً صالحاً ، أنفقت من مالي ، من علمي ، من خبرتي ، ربيت أولادي ، اعتنيت بزوجتي ، اعتنيت بوالدي ، الثمرة الصلاة ، قال تعالى :﴿ وَأَقِمِ الصَّلَاةَ لِذِكْرِي﴾
﴿ فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ ﴾
ماذا تعني كلمة أذكركم ؟ إن ذكرتموني المكافأة أنني أذكركم ، كيف ؟ إذا ذكرك الله منحك شيئاً من رحمته ، إن ذكرك الله منحك شيئاً من حكمته ، إن ذكرك الله منحك الأمان والأمن ، إن ذكرك الله منحك الحكمة ، الإنسان بالحكمة يسعد بأي زوجة ، من دون حكمة يشقى بزوجة من الدرجة الأولى ، بالحكمة يدبر حياته بمال محدود ، من دون حكمة يتلف المال الكثير ، بالحكمة يجعل العدو صديقاً ، من دون حكمة يجعل الصديق عدواً ، فالحكمة أكبر عطاء إلهي .الحكمة أكبر مكافأة من الله :
لكن الآية دقيقة ، لعل في القرآن كل حرف له معنى ، ما قال : ومن يأخذ الحكمة، ما قال : من يكن حكيماً ، قال تعالى :
﴿ وَمَنْ يُؤْتَ الْحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْرًا كَثِيرًا﴾
الحكمة لا تأخذ ولا تكون إلا أن تؤتى من الله ، وأكبر مكافأة من الله هي الحكمة ، على الإطلاق :﴿ وَمَنْ يُؤْتَ الْحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْرًا كَثِيرًا﴾
﴿ فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ ﴾
إن صليتم ذكرتموني ، مكافأتي لكم أنني أذكركم ، إن ذكرتكم منحتكم السكينة ، والسكينة تسعد بها ولو فقدت كل شيء ، وتشقى بفقدها ولو ملكت كل شيء ، بالسكينة تسعد في بيتك ، وفي عملك ، ومع من حولك ، الإنسان محاسب طبعاً محاسبة حقيقية ودقيقة وجزائية عن دوائر ثلاثة ؛ نفسه دائرة ، بيته دائرة ، عمله دائرة ، إذا أقمت أمر الله فيما تملك كفاك ما لا تملك ، فلذلك الحكمة أكبر عطاء إلهي :﴿ وَمَنْ يُؤْتَ الْحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْرًا كَثِيرًا﴾
لكن نحن في حياتنا العلمية عندنا قوانين ، ما القانون ؟ القانون كما يقال : نهاية العلم ، هو علاقة بين متغيرين مقطوع بها ، لأنه لو لم يكن مقطوع بها كان هناك وهم ثلاثين بالمئة ، وشك خمسين بالمئة ، وظن سبعين بالمئة ، وغلبة ظن تسعين بالمئة ، اليقين والقطع مئة بالمئة ، علاقة بين متغيرين مقطوع بها تطابق الواقع عليها دليل ، إن افتقرت إلى الدليل كانت تقليداً ، قال تعالى :﴿ فَاعْلَمْ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ ﴾
إن افتقرت إلى الواقعية تكون جهلاً ، إن افتقرت إلى القطع تكون وهماً أو ظناً أو غلبة ظن ، فلذلك علاقة بين متغيرين مقطوع بها تطابق الواقع عليها دليل ، هذا القانون .أنواع الاستجابة إلى الله :
1 ـ الهدى البياني :
ماذا يقابل في القانون ؟ يقابل في القانون السنن ، قال تعالى :
﴿ وَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّةِ اللَّهِ تَبْدِيلاً ﴾
﴿ وَلَا تَجِدُ لِسُنَّتِنَا تَحْوِيلاً ﴾
الهدى البياني ، أنت مرتاح في بيتك ، في عملك ، مع أولادك ، مع زوجتك ، مع إخوانك ، مع أصدقائك ، مع محبيك ، فأنت مكلف هنا أن تستجيب للهدى الإلهي ، قال تعالى :﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُمْ لِمَا يُحْيِيكم ﴾
أرقى شيء الهدى البياني ، أنت في بيتك مع أهلك ، مع أولادك ، مع أصدقائك ، مع أقاربك ، لا يوجد عندك مشكلة صحية ، ولا مالية ، ولا قانونية ، ولا أمنية ، أنت استجبت إلى الله ، الهدى البياني أرقى أنواع الاستجابة إلى الله .2 ـ التأديب التربوي :
لو فرضنا شخصاً ما استجاب فرضاً يخضع لعلاج أصعب التأديب التربوي ، قال تعالى :
﴿ وَلَنُذيقَنَّهُم مِنَ العَذابِ الأَدنى دونَ العَذابِ الأَكبَرِ لَعَلَّهُم يَرجِعونَ ﴾
هذه الآية الثانية إذا شخص عنده التهاب معدة حاد ، والتقى مع طبيب قال له : حمية كاملة على الحليب لأربعة أشهر شفاء تام إن شاء الله ، آثر الطعام والشراب ، وأن يأكل ما يشتهي ، يقول له : الآن تحتاج عملاً جراحياً كنا بالحمية الآن بالعمل الجراحي ..﴿ وَلَنُذيقَنَّهُم مِنَ العَذابِ الأَدنى دونَ العَذابِ الأَكبَرِ لَعَلَّهُم يَرجِعونَ ﴾
3 ـ الإكرام الاستدراجي :
الثالثة : الإكرام الاستدراجي ، أحياناً تأتيه الدنيا بشكل واسع ، فجأة هذه معالجة إلهية ثالثة ، المرحلة الأولى : الهدى البياني ، الثانية : التأديب التربوي ، الثالثة : الإكرام الاستدراجي ، فجأة دخل كبير فلكي ، فإما أن يستجيب ويشكر وإما أن يتفلت ويكفر ، نحن أمام سنن تقابل القوانين ، الهدى البياني ، والتأديب التربوي ، والإكرام الاستدراجي .4 ـ القصم :
إن لم ينفع معه الهدى البياني ولا التأديب التربوي ولا الإكرام الاستدراجي بقي القصم، هذه سنن الدفع إلى الله ، سنن الإقبال على الله ، سنن الإيجابيات .
سنن الردع :
عندنا سنن أخرى الردع ، الردع هي المصائب ، وسميت المصيبة مصيبة لأنها تصيب الهدف ، أما المصائب فهي أنواع ، الأنبياء لهم مصائب :
(( لقد أوذيت في الله وما يؤذى أحد ، ولقد أخفت في الله وما يخاف أحد ، ولقد أتت عليّ ثلاث من بين يوم وليلة ومالي طعام إلا ما واراه إبط بلال))
المصائب تصيب الأنبياء والمرسلين والمؤمنين والأتقياء وتصيب المتفلتين ، مصائب كشف ، يوجد كمال لا يبدو جلياً إلا بالمصيبة ، النبي يذهب إلى الطائف مشياً على قدميه ، يقطع ثمانين كيلو متراً ، يدعو أهل الطائف للإسلام ، يدعوهم إلى سلامتهم ، إلى سعادتهم ، يكذبونه ويسخرون منه ، يغرون أبناءهم بضربه ، وسال الدم من قدمه الشريف ، يأتيه ملك الجبال : يا محمد أمرني ربي أن أكون طوع إراداتك لو شئت لأطبقت عليهم الأخشبين ، قال : لا ، اللهم اهد قومي فإنهم لا يعلمون . هذا أعلى وسام شرف لهذا النبي الكريم ، فالأنبياء مصائبهم كشف ، يوجد مكانة عالية جداً ، إيمان بالله قوي جداً ، تأتي المصيبة لتكشف هذا الشيء الثمين ، أما المؤمنون فمصائبهم دفع ورفع ، يوجد تقصير بالبيع والشراء ، وهناك غش غير معلن ، وخصائص للبضاعة ليست كما ينبغي أعطاها البائع وصفاً آخر ، مادام هناك أخطاء لكن بالمقابل لكل تاجر : إن أطيب الكسب كسب التجار ، الذين إذا حدثوا لم يكذبوا ، وإذا وعدوا لم يخلفوا ، وإذا ائتمنوا لم يخونوا ، وإذا اشتروا لم يذموا ، وإذا باعوا لم يطروا ، وإذا كان لهم لم يعسروا ، وإذا كان عليهم لم يمطلوا ، إندونيسيا سبب إسلامها تسعة تجار فقط ، لذلك نحن أمام باب للتجارة ، التاجر أحياناً أحد وسائل الهداية ، إذاً الدفع أساسه كما ذكرت هدى بياني ، تأديب تربوي ، إكرام استدراجي ، قصم ، أما الردع المصائب فهي للأنبياء كشف ، للمؤمنين دفع ورفع ، يندفع إلى عمل صالح ، إلى قيام ليل ، إلى بر من أعلى مستوى أو يزيد هذا العمل فيرتفع .﴿ فَلَن تَجِدَ لِسُنَّتِ اللَّهِ تَبديلًا وَلَن تَجِدَ لِسُنَّتِ اللَّهِ تَحويلًا ﴾
الفرق بين اللذة و السعادة :
أرجو الله سبحانه وتعالى أن تنفعنا هذه الكلمات جميعاً في حياتنا ، وفي مآلنا ، وفي بيوتنا ، وأعمالنا، وفي علاقاتنا ، وأرجو الله أن كل إنسان يسعى للسعادة ، اللذة غير السعادة ، اللذة طابعها حسي تحتاج إلى وقت ، وإلى مال ، وإلى صحة ، والإنسان بأول حياته عنده وقت وصحة لكن لا يوجد مال ، في المنتصف يوجد مال وصحة لكن لا يوجد وقت ، بالنهاية يوجد مال ووقت لكن لا يوجد صحة ، هذه اللذة ، أما السعادة لمجرد أن تنعقد صلتك بالله عز وجل فأنت أسعد إنسان ، وإن لم تقل : ليس على وجه الأرض من هو أسعد مني إلا أن يكون أتقى مني هناك مشكلة بالإيمان .
و الحمد لله رب العالمين
هناك بعض الأسئلة التي تطرح كثيراً .
السؤال الأول يقول : هل ذكر الشبهات للعوام والرد عليها أسلوب من أساليب حفظ التوحيد وصيانته ؟
الشبهات والشهوات :
الدكتور راتب :
نحن يوجد عندنا مشكلتان كبيرتان في حياة المسلمين الشبهات والشهوات ، ولعل الشهوة علاجها أيسر من علاج الشبهة ، مشكلة الشبهة أن من يملك هذه الشبهة لا يتوب منها ، يتوهم أنه على حق ، فلذلك أخطر شيء في حياتنا قبل المعاصي والآثام الشبهات ، أن يتوهم شيئاً باطلاً أنه حق فلابد من طلب علم ، إن هذا العلم دين فانظروا عمن تأخذون دينكم ، دينك دينك ، إنه لحمك ودمك ، خذ عن الذين استقاموا ، ولا تأخذ عن الذين مالوا ، أعداء الدين يئسوا قطعاً من إلغاء الدين دخلوا في الشبهات ، وترويج الشهوات ، كلمتان خطيرتان ، الشهوات رغبة لفعل معين تحقيقاً للذة ، لكن ما من شهوة أودعت بالإنسان إلا جعل لها قناة نظيفة طاهرة تسري خلالها ، صفيحة بنزين ، توضع في المركبة في المستودعات المحكَمة ، سال البنزين في الأنابيب المحكَمة ، وانفجر في الوقت المناسب ، وفي المكان المناسب ، ولَّدَ حركة نافعة ، هذه الصفيحة نفسها صبها على المركبة ، أعطى شرارة ، أحرقت المركبة ومَن فيها ، إما أن الشهوة قوة دافعة إلى الله أو قوة مدمرة ، فلذلك الإنسان عندما يرى وهو يقود مركبة لوحة مكتوب عليها : حقل ألغام ممنوع التجاوز ، هل يتوهم أن هذه اللوحة وضعت حداً لحريته أم ضماناً لسلامته ؟ في اللحظة التي أفهم بها أن النواهي التي نهينا عنها ليست حداً لحريتنا بل ضماناً لسلامتنا نكون فقهاء ورب الكعبة ، فلذلك من الانضباط لابد من طلب العلم ، والاستقامة عين الكرامة ، والعمل الصالح ترقى به ، والصلاة تقطف ثمار هذا الدين ، قال تعالى :
﴿ وَأَقِمِ الصَّلَاةَ لِذِكْرِي﴾
إنّ بيوتي في الأرض المساجد ، وإن زوّارها هم عمّارها ، فطُوبى لِعَبْد تطهّر في بيته ثمّ زارني ، وحُقّ على المزور أن يُكْرم الزائر .كيفية الحد من الشبهات :
الدكتور راتب :
خذوا دينكم عن الأرضيات لا عن الفضائيات ، يوجد فضائيات معها مهمة ، هذه المهمة خطيرة جداً ، حينما أيقن الطرف الآخر أن هذا الدين لا يلغى ، مستحيل أن يلغى ، عمدوا إلى تفجيره من الداخل عن طريق الفضائيات ، لذلك الفيلم أحياناً ثلاث ساعات ، يريك شخصاً ينعم بقصر لا يوصف من جماله وأبهائه ، غرفه رائعة ، والأثاث نفيس ، والثريات ، وهذا الإنسان يشرب الخمر في بار في البيت ، بذخ وسرور وأثاث فخم ودخل كبير ، يريك رجل الدين أفقه ضيق جداً ، بيته عبارة عن ستين متراً ، عصبي المزاج ، أولاده في الحارة ، هم ما فعلوا شيئاً ، ما هاجموا الدين ، أعطوك أبشع صورة للمتدين وأجمل صورة للملحد ، هذا الإعلام، كان يوجد قديماً سلطة تشريعية ، وسلطة تنفيذية ، وسلطة قضائية ، في كل العالم الآن التغت هذه السلطات الثلاثة وبقي الإعلام فقط ، إن روج لشيء قامت الدنيا ولم تقعد ، وإذا عتم على شيء صار هناك تعتيم إعلامي ، هناك تلميع إعلامي وتضليل إعلامي ، فنحن لابد من وعي عميق ، وإدراك دقيق لما يحاك حول المسلمين من مؤامرات .
سؤال :
ما هي نصيحتك للشباب في ظل انتشار الإلحاد والفساد الأخلاقي في المجتمعات المسلمة ؟
نصيحة للشباب في ظل انتشار الإلحاد والفساد الأخلاقي في المجتمعات المسلمة :
الدكتور راتب :
والله يا سيدي أنا أقول هذه الكلمة : شخص جاء بخنجر وطعن نفسه فوق القلب ، هذا انتحر ، نحر جسمه ، شخص عصى الله نحر نفسه ، وآخر ألحد نحر عقله ، إما أن ينحر الإنسان جسمه فيموت ، أو أن يرتكب المعاصي فينحر نفسه ، حجبها عن الله عز وجل ، أو أن يلحد نحر عقله ، وأنا عندي بحث عن عشرين ملحداً ، عشرون داعية كلهم ملحدون ، ماذا قالوا على فراش الموت ، وإن شاء الله بلقاء قادم أتلو عليكم أقوال هؤلاء الملحدين على فراش الموت ، وقولهم ، واعترافهم بخطئهم مصداق قوله تعالى :
﴿ وَاللَّهِ رَبِّنَا مَا كُنَّا مُشْرِكِينَ *انْظُرْ كَيْفَ كَذَبُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ ﴾
عشرون داعية من كبار الملحدين ، من الدعاة إلى الإلحاد ماذا قالوا على فراش الموت ؟ تكلموا كلاماً آخر غير الذي قالوه في حياتهم .أفضل طريقة نخاطب بها من بدأ بالانحدار في موجة الشبهات والإلحاد :
الدكتور راتب :
الإنسان له عقل يدرك ، وقلب يحب ، وجسم يتحرك ، غذاء العقل العلم ، وغذاء القلب الحب الذي يسمو بالإنسان ، وغذاء الجسم الطعام والشراب ، فإذا غذينا عقله بالعلم ، وقلبه بالحب ، وجسمه بالطعام والشراب تفوقنا ، فإذا اكتفينا بواحدة تطرفنا ، والتطرف نوعان تطرف تشددي تكفير وتفجير ، ونوع إباحي ، نوع تشددي ، ونوع تفلتي ، والغرب أيقن أن هذا الدين لا يلغى فعمد إلى التفلت لا إلى إنكاره .
سؤال :
شاب يقول إنه يقيم في دول أوروبا ويقاوم نفسه الأمارة بالسوء قدر المستطاع ، وأشعر أن إيماني يزيد وينقص وخاصة أننا نعيش في مجتمع منفتح للغاية كما تعرفون ، ونواجه فيه الكثير من المعاناة مما يضطرنا إلى أعمال غير لائقة ، ماذا تنصحني ؟
حاجة كل إنسان إلى حاضنة إيمانية :
الدكتور راتب :
أنصح الأخ الذي اضطر أن يقيم خارج بلده ، طبعاً إذا اضطر أن يقيم هناك أن يكون مع المؤمنين ، تجمع إسلامي ، في بيت جانب جامع ، مع صديق مؤمن ، هذه الجماعة :
(( الجماعة رحمة والفرقة عذاب ))
دائماً وأبداً عندنا لعبة اسمها : شد الحبل ، إن عشت مع المؤمنين شدوك إلى الله، إلى طاعته ، إلى أداء الصلوات ، إلى غض البصر ، إلى ضبط الشاشة ، ضبط الدخل ، الإنفاق ، العلاقات ، السفر ، إذا كنت مع المؤمنين كانوا عوناً لك ، والدليل :﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ ﴾
آية ثانية :﴿ وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُم بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ وَلَا تَعْدُ عَيْنَاكَ عَنْهُمْ تُرِيدُ زِينَةَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَلَا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَن ذِكْرِنَا وَاتَّبَعَ هَوَاهُ وَكَانَ أَمْرُهُ فُرُطًا ﴾
لابد لك من حاضنة إيمانية ، لابد لك من سهرة مع المؤمنين ، رحلة مع المؤمنين ، شراكة مع المؤمنين ، لابد من أن تكون كما قال الله عز وجل :﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ ﴾
هذه اسمها الحاضنة الإيمانية ، المجتمع الإيماني ، المجتمع الإيماني رحمة والبعد عنه عذاب .كيفية تقوية إيماننا :
الدكتور راتب :
هذا الهاتف الخلوي يحتاج إلى شحن ، إذا ما شحنته كان ثمنه مئة ألف صار ثمنه لاشيء ، صار قطعة بلاستيك ، إذا الهاتف بحاجة إلى شحن أنت أيها المؤمن تحتاج إلى شحن، تحتاج إلى جلسة أسبوعية ، خطبة جمعة ابحث عن خطيب موفق ، مقتنع بكلامه ، معه أدلة قوية ، عنده روحانية في خطبته ، تحتاج إلى شحن أسبوعي ، وشحن شهري ، وشحن كل أسبوعين ، تحتاج إلى جلسة مع مؤمنين ، قال تعالى :
﴿ وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُم بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ وَلَا تَعْدُ عَيْنَاكَ عَنْهُمْ تُرِيدُ زِينَةَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَلَا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَن ذِكْرِنَا ﴾
ماذا تعني كلمة أغفلنا باللغة العربية ؟ لا تعني أننا جعلناه غافلاً ، تعني وجدناه غافلاً ، كلمة دقيقة جداً ، عاشرت القوم فما أجبنتهم ، ما وجدتهم جبناء ، عاشرت القوم فما أبخلتهم ، ما وجدتهم بخلاء ، ليس جعلتهم جبناء ، قال تعالى :﴿ وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُم بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ وَلَا تَعْدُ عَيْنَاكَ عَنْهُمْ تُرِيدُ زِينَةَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَلَا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَن ذِكْرِنَا وَاتَّبَعَ هَوَاهُ وَكَانَ أَمْرُهُ فُرُطًا ﴾
إذا جاء لفظ الجلالة مع كلمة على أي الله عز وجل ألزم ذاته العلية بهداية خلقه ، قال تعالى :﴿ وَعَلَى اللَّهِ قَصْدُ السَّبِيلِ ﴾
﴿ إِنَّ عَلَيْنَا لَلْهُدَى ﴾
حينما تأتي على مع الذات الإلهية ، أي الله عز وجل ألزم ذاته العلية بهداية خلقه ، هو ينتظرنا :(( وعزتي وجلالي لا أقبض عبدي المؤمن وأنا أحب أن أرحمه إلا ابتليته بكل سيئة كان عملها سقماً في جسده ...))
شخص يقيم بألاسكا فقط يوجد ثلج ، قال : هل يوجد إله لهذا الكون ؟ يجد عملاً في كندا وظيفة لها فرع في الخليج ، يسكن في بيت جاره داعية ، عندما قال وهو في ألاسكا : هل لهذا الكون إله ؟ هو ينتظرنا والدليل :﴿وَآَتَاكُمْ مِنْ كُلِّ مَا سَأَلْتُمُوهُ﴾
هو ينتظرنا :(( وعزتي وجلالي لا أقبض عبدي المؤمن وأنا أحب أن أرحمه ، إلا ابتليته بكل سيئة كان عملها سقماً في جسده ، أو إقتاراً في رزقه ، أو مصيبة في ماله أو ولده ، حتى أبلغ منه مثل الذر ، فإذا بقي عليه شيء شددت عليه سكرات الموت حتى يلقاني كيوم ولدته أمه))
سؤال :تعليق الدكتور راتب على الأفلام والمسلسلات :
الدكتور راتب :
أنا اختصاصي أدب عربي ، يوجد نص ، النص أحياناً يكون باللغة العامية ، أحياناً بالفصحى ، أحياناً بشكل أدبي ، الأدب هو التعبير المثير عن حقائق الحياة ، المغني سيئ فماذا قال الشاعر ؟
عواء كلب على أوتار مندفــــة في قبح قرد وفي استكبار هامان
وتحسب العين فكيه إذا اختلفا عند التنغــــــــــــــــــم فكي بغل طحان
***
المناظرة للبنات :
الدكتور راتب :
المناظرة للبنات إذا النية طيبة يكون هناك توافق أحياناً ، أو منافع متبادلة ، دائماً المؤمن إذا أراد الحق يأخذ من أخيه المؤمن أشياء إيجابية ، الأخ الأخر يأخذ من الأول الأشياء الإيجابية ، هذا التبادل ، تبادل الآراء ، يوجد غنى ، أما التناقض ففيه مشكلة كبيرة ، لذلك هناك تنوع غنى وتنوع تضاد ، تنوع الغنى مطلوب ، تنوع التضاد مرفوض ، إذا نحن جلسنا في سهرة وطرحنا موضوعاً ، وكل إنسان عالجه من جانب يغني الحاضرين جميعاً ، هذا الجانب الروحي، الجانب الفقهي ، المادي ، الدنيوي ، الأخروي ، تبادل الآراء يعمل غنى ، اختلاف غنى وعندنا اختلاف تضاد ، الأمور بمقاصدها ، والأمور بنتائجها ، والأمور بمآلاتها .
سؤال :
كيف ننمي من قدراتنا كدعاة على الرد على الشبهات التي ينشرها الملحدون ، وهل هناك منصة تعليمية مهتمة بذلك ؟
كيفية تنمية قدراتنا كدعاة للرد على الشبهات التي ينشرها الملحدون :
الدكتور راتب :
والله أنا العبد الفقير لا أرى عملاً يفوق أن يسمح الله لك أن تكون داعية ، والدليل :
﴿ وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلاً مِمَّنْ دَعَا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحاً وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ ﴾
كيف دعا إلى الله ؟ بقوله بلسانه ، أو بكتابته ، وعمل صالحاً ، جاءت حركته اليومية من عمل وبيع وشراء وعلاقات مطابقة لدعوته ، صار هناك مصداقية ، مرة كنت مع الشيخ الشعراوي زرته مرتين أو ثلاث ، قلت له مرة : أريد نصيحة للدعاة ؟ أنا توقعت أن يتكلم ساعة ، نصف ساعة ، ربع ساعة ، عشر دقائق ، خمس دقائق ، قال لي : جملة واحدة ، قال لي الشعراوي رحمه الله : ليحرص الداعية ألا يراه المدعو على خلاف ما يدعوه . فقد مصداقيته، وإذا فقد المصداقية الدعوة لا قيمة لها ، أنت تنتفع من طبيب من علمه فقط ، تنتفع من محامي من علمه ، تنتفع من مهندس من عمله ، أما الداعية فلا تنتفع من علمه إلا إذا تيقنت أنه يفعل ما يقول ، هذه اسمها المصداقية ، قال تعالى :﴿ إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلَائِكَةُ ﴾
سؤال :الإقامة الدائمة مع غير المسلمين عواقبها خطيرة جداً :
الدكتور راتب :
والله أنا أنصح ، لا أعرف الآن الظرف صعب أو غير صعب ، لكن الإقامة الدائمة مع غير المسلمين الدائمة والمصيرية لها أمور خطيرة جداً ، كنت أقول لهم في عهد كلينتون الزوج : لو بلغت منصباً ككلينتون ، وثروة كأوناسيس ، وعلماً كأنشتاين ، ولم يكن ابنك كما تتمنى فأنت أشقى الناس . لا يمكن لأب أن يسعد وابنه شقي ، هناك بلاد لا يستطيع الإنسان أن يضبط ابنه بالإسلام .
كنت في أستراليا وحينما غادرتها في مدينة ملبورن ودعني رئيس الجالية هناك ، هكذا قال لي شهد الله : بلغ أخواننا في الشام أن مزابل الشام خير من جنات أستراليا ، أستراليا كالجنة ، قارة فيها تقريباً ثمانية عشر مليوناً ، عندما سألته : لماذا ما فهمت عليك ؟ قال : صدق ولا أبالغ وإن شئت فاسأل معظم الشباب إما شواذ أو ملحدون . أنت عندما تجلس في مجتمع مسلم يوجد إيجابيات كثيرة جداً ، لكن الإنسان أحياناً يتعامى عن الإيجابيات ، هذا المرض يعاني منه المسلمون اسمه : جلد الذات ، نحن متحضرون بديننا ، عندنا بقية حياء ، بقية خجل ، تعاون ، شفقة ، رحمة ، أما هناك وضع آخر فأنا أقول :
(( من أقام مع المشركين فقد برئت منه الذمة ))
إذا كان هناك ضرورة موضع ثان له معالجة ثانية ، أما إذا لم يكن هناك ضرورة يمكن سلبيات بلاد الكافرين لا تعد و لا تحصى .اليأس والتشاؤم والسوداوية والإلحاد أخطر شيء بالحياة :
الدكتور راتب :
أخطر شيء بالحياة اليأس ، والتشاؤم ، والسوداوية ، والإلحاد ، هذه كلها تقترب أو تنطبق على الكفر ، فلابد من أن يكون لك بيئة مقبولة ، بيئة فيها بقية قيم ، أقول بقية قيم ، بقية أخلاق ، بقية خجل ، بقية تراحم ، فرق كبير ، عندنا مجتمع الآثار الاجتماعية للمؤمن قال تعالى :
﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ ﴾
﴿ وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُم بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ وَلَا تَعْدُ عَيْنَاكَ عَنْهُمْ تُرِيدُ زِينَةَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَلَا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَن ذِكْرِنَا وَاتَّبَعَ هَوَاهُ وَكَانَ أَمْرُهُ فُرُطًا ﴾
سؤال :الابتعاد عن الإدمان على مواقع التواصل الاجتماعي :
الدكتور راتب :
والله ما لم نضبط هذا الإنترنيت وهذا التواصل الاجتماعي والله تذهب حياتنا سدى ، شيء ليس له نهاية ، كلام فارغ ، كلام معاد مكرر ، لابد من الضبط ، يمكن نسمح لابننا ساعة في اليوم ، أما طوال الليل على التواصل الاجتماعي فكله كلام فارغ ، وكله تبادل خبرات سلبية لا إيجابية ، وكل إنسان ممكن أن يكشف حقيقته عن طريق الفيس بوك أو التويتر ، شيء مخيف جداً ، عفواً الشاب الذي يمكن أن يراه بعد عشرين عاماً حينما يتزوج يراه الآن على الأجهزة الحديثة بضغطة زر ، لها عواقب خطيرة جداً ، هذه الأجهزة كالسكين قد تقطع بها لحمة لتأكلها ، وقد تقطع بها يداً ، سلاح ذو حدين لابد من ضبطه ، لابد من الإقناع لا القمع ، أقنع ولا تقمع ، يكون ضبط هذا الجهاز ساعة باليوم ، أكثر من ذلك ألغيت حياتك ، هذا اسمه : إدمان ، الإدمان شيء خطير جداً ، فرنسا تبث أربعين محطة إباحية للجزائر ، عندما لا يوجد دين الإنسان سهل قيادته أما المؤمن فقوي :
(( المؤمن القويُّ خيْر وأحبُّ إلى الله من المؤمن الضعيف ))
قوة الإيمان تعمل صد ..(( فإنما تُرزقُونَ وتُنصرون بضعفائكم ))
هذا ملمح دقيق جداً هؤلاء الضعفاء إن أطعمناهم إن كانوا جياعاً ، ألبسناهم إن كانوا عراة ، عالجناهم إن كانوا مرضى ، إن أكرمنا الضعفاء ، الله عز وجل ينصرنا على من هو أقوى منا :(( فإنما تُرزقُونَ وتُنصرون بضعفائكم ))
الطرائق إلى الخالق بعدد أنفاس الخلائق .الفرق بين الابتلاء والقدر :
الدكتور راتب :
أنت إذا ابنك مثلاً هناك شيء أزعجك منه تضربه ، لا تقول له : لم ؟ ليس من المعقول ، أب عادي إذا عاقب ابنه يقول له : لأن علامتك كانت بالرياضيات صفر ، إله عظيم يسوق مأساة دون أن يلقي بروعنا ما السبب ، من كمال الله أنه إن ساق لك شيئاً لا تحبه لابد من أن يلقي في روعك السبب ، قال تعالى :
﴿ وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنْتَ فِيهِمْ ﴾
فإذا ساق لعباده شيئاً يبلغهم بطريقة أو بأخرى يلقي في روعهم أن هذه من أجل هذه، شخص أراد أن يدفع زكاة ماله زوجته ضغطت عليه ضغطاً لا يحتمل لعدم دفع الزكاة وطلاء البيت ، فاستجاب لها ، عمل حادث سيارة كلفه طلاء البيت اثني عشر ألفاً وخمسمئة ، السيارة عندما عمل بها حادثاً كلفته اثني عشر ألف وخمسمئة ، توافق الرقمين رسالة من الله .أكبر خسارة أن يخسر الإنسان دينه :
الدكتور راتب :(( الدِّينُ النصيحة ))
لابد من أن نهتم بأمر الدين ، إذا ما اهتممنا هناك موت ينهي كل شيء ، ينهي قوة القوي ، وضعف الضعيف ، وغنى الغني ، وفقر الفقير ، ووسامة الوسيم ، يوجد قبر ، عبدي رجعوا وتركوك ، وفي التراب دفنوك ، ولو بقوا معك ما نفعوك ، ولم يبق لك إلا أنا ، وأنا الحي الذي لا يموت .كيفية غرس مبادئ التوحيد عند الأطفال :
الدكتور راتب :الدعوة إلى الله تحضير وتشويق و ترغيب :
الدكتور راتب :
لابد من الداعية أن يكون أكثر ذكاءً منهم ، الدعوة تحضير ، تشويق ، ترغيب ، ضرب أمثلة ، تلاوة قصص ، عرض فيلم لطيف يعمل موعظة جميلة ، هذه الدعوة ، الدعوة التقليدية مملة .
سؤال :
كثير من الأطفال يطرح أسئلة لو تم الإجابة عليها بالأسلوب الذي وصل إلينا في الماضي سيكون على الأطفال تقبلها ، الجيل القديم كان يتأثر بينما هذا الجيل لا يقتنع بسهولة .
أكبر خطاب إسلامي ناجح أن تكون قدوة لابنك :
الدكتور راتب :صلاة الفجر و صلاة العشاء ضمانتان من الله للسلامة و السعادة :
الدكتور راتب :
من صلى الفجر في جماعة فهو في ذمة الله حتى يمسي ، ومن صلى العشاء في جماعة فهو في ذمة الله حتى يصبح ، الفجر والعشاء ضمانتان للسلامة والسعادة ، لكن أحياناً يتطور من تألق إلى فتور ، لكن لا من طاعة إلى معصية ، وهناك حكمة بالغة :
((إنا معاشر الأنبياء تنام أعيننا ولا تنام قلوبنا))
((... لَوْ تَدُومُونَ عَلَى مَا تَكُونُونَ عِنْدِي وَفِي الذِّكْرِ لَصَافَحَتْكُمْ الْمَلَائِكَةُ عَلَى فُرُشِكُمْ وَفِي طُرُقِكُمْ وَلَكِنْ يَا حَنْظَلَةُ سَاعَةً وَسَاعَةً ثَلَاثَ مَرَّاتٍ))
نحن كمؤمنين ساعة وساعة ، نتفاوت ثلاثاً وعشرين ساعة تألق ، وساعة فتور ، أو بالعكس ، أما الأنبياء غمع الله دائماً ، نحن نجهد أن تكون ساعات التألق والإقبال على الله وذكر الله أكثر من ساعات الغفلة .ضرورة الاستغفار من الذنب فوراً :
الدكتور راتب :
يجب أن يتوب دائماً ، الله توّاب صيغة مبالغة ، توّاب رحيم ، لو بلغت ذنوبك عنان السماء ثم جئتني تائباً غفرتها لك ولا أبالي ، قال تعالى :
﴿ قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعاً إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ ﴾
الله غفور رحيم ، لكن التوبة الأولى هينة الثانية أصعب ، ادعمها بصدقة ، والثالثة أصعب وأصعب ادعمها بصدقتين ، كلما عدت الذنب مرة ثانية تضعف همتك بالتوبة .