وضع داكن
16-04-2024
Logo
حياة المسلم 1- إذاعة حياة إف إم- الحلقة : 054 - ففروا إلى الله
   
 
 
 بسـم اللـه الرحمـن الرحيـم  
 

مقدمة :

المذيع:
  بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، وأتم الصلاة وخير التسليم على سيدنا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين، السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته، أهلاً ومرحباً بكم مستمعينا الكرام على الهواء مباشرةً، نتواصل في حلقة جديدة من حلقات برنامجكم مع الدكتور محمد راتب النابلسي، وباسمكم نرحب بفضيلة العلّامة الأستاذ الدكتور محمد راتب النابلسي، حياكم الله دكتور.
الدكتور راتب :
 بارك الله بكم، ونفع بكم.
المذيع:
 حديثنا في هذا اليوم تحت عنوان: " ففروا إلى الله "، فيقول الله عز وجل:

﴿ فَفِرُّوا إِلَى اللَّهِ إِنِّي لَكُمْ مِنْهُ نَذِيرٌ مُبِينٌ* وَلَا تَجْعَلُوا مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ إِنِّي لَكُمْ مِنْهُ نَذِيرٌ مُبِينٌ ﴾

[ سورة الذاريات: 50-51 ]

 ويقول الله عز وجل:

﴿ قَالَ هُمْ أُولَاءِ عَلَى أَثَرِي وَعَجِلْتُ إِلَيْكَ رَبِّ لِتَرْضَى ﴾

[ سورة طه: 84 ]

 وأيضاً النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا أخذ مضجعه يدعو الله ويقول: " اللهم لا منجى ولا ملجأ منك إلا إليك ". دكتورنا الكريم ما معنى ففروا إلى الله؟

 

الإشراف الإلهي أحد أكبر أسباب الراحة النفسية التي يحوزها المؤمن :

الدكتور راتب :
 بارك الله بكم، ونفع بكم، وجعل هذه الإذاعة الكريمة منبراً دعوياً راقياً.
 أولاً: في الكون جهة واحدة هي الله، يمكن أن تفر منه إليه، ولا منجى يا رب منك إلا إليك، وهم في مساجدهم والله في حوائجهم، يا رب أنت الرفيق في السفر، والخليفة في الأهل، والمال، والولد، هذه نصوص دقيقة جداً، ليس إلا الله خالق الأكوان، أنت في سفرك تسعى لرزقك والله مع أهلك، أحياناً خطأ في إبريق الشاي يفقد الإنسان جلد وجهه، صار بعاهة دائمة، أي غلط في غياب الإنسان، خطأ غير مقصود، قد يودي ببعض الحواس المهمة جداً، فأنت حينما تكون في السفر تقول: يا رب أنت معي في السفر، وأنت اخلفني في الأهل والمال والولد، هذه الطمأنينة الناتجة عن هذا الدعاء تعطي المسافر حالة طمأنينة، الذي في بيتك، الذي مع أهلك، مع أولادك، هو خالق الأكوان، وأنت في الحج أهلك في رعاية الله عز وجل، إذاً الإشراف الإلهي في كل زمان، في كل مكان، مع كل إنسان، أحد أكبر أسباب الراحة النفسية التي يحوزها المؤمن، المؤمن عنده سعادة والله لو وزعت على أهل بلد لكفتهم، عنده حالة أمن لو وزع أمن المؤمن على أهل بلد لكفاهم، عنده حالة تفاؤل، معنى إيمان، أنت عفواً تقول: دكتور، حرف دال، أي معه ابتدائية، إعدادية، ثانوية، ليسانس، دبلوم عامة، دبلوم خاصة، ماجستير، ودكتوراه، حتى يضع دالاً أمام اسمه، معنى هذا أن معه ثماني عشرة شهادة، الآن قل: مؤمن، مرتبة أخلاقية، لا يمكن أن يكذب المؤمن، أو يغش، أو يحتال، أو أن يكون له موقف معلن أو مبطن، أو يغمز بعينه، أبداً، المؤمن واضح، سريرته كعلانيته، سره كجهره، في بيته كما عند الناس، من هنا جاء الأثر النبوي العظيم:

((خيرُكُم خيرُكُم لأهْلِهِ..))

[الترمذي عن عائشة أم المؤمنين]

 أي كل إنسان خارج البيت بتعبير معاصر حديث: رجل أعمال، له مكانة اجتماعية، مكانة تجارية، مكانة وظيفية، تهمه أناقته، تهمه نظافته، يهمه أن تكون ثيابه أنيقة، الألوان متناسبة، يبتسم، ينحني للضيف، يكرم مندوب الشركة لصالحه، مليون سلوك يكشف عن حرصك على مصلحتك، تصنف كل هذه السلوكيات تحت عنوان: بزنس، لكن إيمانك وإخلاصك وورعك يظهر في البيت، لأنك أنت السيد لا أحد فوقك، لذلك:

((خيرُكُم خيرُكُم لأهْلِهِ، وأنا خيرُكُم لأهْلِي))

[الترمذي عن عائشة أم المؤمنين]

 أنا أرى مقياس المؤمن في بيته.
المذيع:
 دكتور حينما نقرأ قول الله عز وجل:

﴿ فَفِرُّوا إِلَى اللَّهِ ﴾

[ سورة الذاريات: 50]

 ممن نفر؟ وإلى أين نفر؟

 

من عرف علة وجوده صحت حركته :

الدكتور راتب :
 نفر من عقابه الرحيم، إذا شرد الابن، لم يدرس، والأب معلق عليه آمالاً كبيرة، والأب غني، هيأ له عيادة، وزوجة، وسيارة، هيأ له كل شيء، هذا الابن نال الدكتوراه، متى الأب يغضب؟ متى يشدد عليه؟ متى يضيق عليه؟ إذا نسي هدفه عند أبيه، إنسان جاء للدنيا اعتنى بالبيت، لا يوجد مانع، لكن العناية المفرطة لم يعد يصلي، ديكورات، تزيينات، اعتنى بالحديقة، و نسي علة وجوده، نسي هدف وجوده، نسي عبوديته لله عز وجل، مادام الدنيا ممكن أن تأخذ منها بنصيب معقول دون أن تشغلك عن طاعة الله، كلمة أدق بالمصطلح الحديث أنت أرسلت ابنك إلى باريس ليحصل دكتوراه من السوربون، هو ممكن أن يدخل إلى مطعم ليأكل، ممكن بساعة تعب من الدراسة أن يزور حديقة جميلة، ممكن أن يجلس مع صديق عشر دقائق، لكن هذا الابن لا ينسى الهدف الكبير الذي جاء به إلى باريس.
 أنت حينما تعرف علة وجودك تصح حركتك، أولاً: الإنسان كائن متحرك، الطاولة كائن ثابت، لا تتحرك، لا تأكل، ولا تشرب، أنت تتحرك من أجل أن تأكل وتشرب، الأكل حفاظ على بقاء الفرد، تتحرك تريد أن تحصل مهراً للزواج، تحتاج إلى زوجة شابة لها مواصفات كثيرة، لها مهر، أول حركة من أجل أن تأكل- ثاني حركة من أجل أن تتزوج، أنت أكلت وشربت وتزوجت وأنجبت أولاداً- وثاني حركة تزوجت، عندك حاجة ثالثة هذه أخطر حاجة هي تأكيد الذات، أنت بحاجة إلى التفوق، إلى أن تكون مشار لك بالبنان، هذا أول طبيب، أول تاجر، أول مهندس.
 أنت عندك حاجة للطعام والشراب من أجل أن تبقى كشخص، وحاجة إلى الزواج من أجل أن يبقى النوع وأنت لا تدري، لولا أن الله أودع في الإنسان هذه الشهوة، الجنس البشري انقرض من ملايين السنين، ينقرض الجنس البشري، ما الذي يحرك الناس للزواج؟ لذة الزواج، لا أقول: سعادة، يوجد لذة، الله عمل دوافع ومغريات تقودك إلى الزواج، لبقاء النوع، ليس ليبقى بأعداد غير معقولة، لكن الشيء الدقيق جداً عندك حاجة إلى تأكيد الذات، لماذا أنت في الدنيا؟ سؤال كبير من أجل أن تأكل وتشرب، غادرت البيت إلى العمل اشتغلت ثماني ساعات، وقعت معاملات، قابلت شخصيات، راجعت حسابات، هناك عمل إداري، عمل صناعي، عمل زراعي، عمل تجاري، عمل فني أحياناً، بعد أن انتهى عملك جئت إلى البيت تناولت طعام الغداء، وأويت إلى الفراش قيلولة، عندك مساء سهرة مع الأهل، أو مع الزملاء، أو مع الأصحاب، أو الجيران، أو بمنطق أهل الدنيا حضر فيلماً أو مسرحية، ثم عاد إلى البيت، نام، ثم استيقظ، هذه العملية المتكررة ما بين نوم واستيقاظ وعمل وتناول طعام ولقاءات أسرية أو عائلية أو مع من يحب، هذه العملية حينما تتكرر لا معنى لها إطلاقاً.

الجهة الوحيدة في الكون التي تفر منها إليها هي الله عز وجل :

 أخي الكريم؛ أقسم لك بالله الحياة من دون رسالة، من دون تدين، من دون هدف، والله مملة، قال تعالى:

﴿ وَإِنَّهَا لَكَبِيرَةٌ إِلَّا عَلَى الْخَاشِعِينَ ﴾

[ سورة البقرة: 45]

 أنت في الصلاة، الصلاة ثقيلة، أربع ركعات فرض، وركعتان سنة، وثلاث ركعات وتر، وأنت متعب، داخل البيت متعب، تريد أن تنام:

﴿ وَإِنَّهَا لَكَبِيرَةٌ إِلَّا عَلَى الْخَاشِعِينَ ﴾

[ سورة البقرة: 45]

 أما الذي له صلة بالله عز وجل ويريد إرضاء الله فلا يمل بها:

((أرحنا بها يا بلال))

[الطبراني عن رجل من الصحابة]

 الفرق بين المؤمن المتعمق بإيمانه والمؤمن المتفوق بين أرحنا بها وبين أرحنا منها، إذاً الذي أتمنى أن أقوله: أنت حينما تؤمن أن الله معك في عملك، ومعك في بيتك، أنت في عملك الله معك، وهو خليفتك في البيت، وأنت مسافر الله معك في السفر، وهو الخليفة في الأهل والمال والولد، الدعاء لا منجى منك إلا إليك، الجهة الوحيدة في الكون التي تفر منها إليها هي الله عز وجل.
المذيع:
 لماذا نفر من الله؟

الفرار إلى الله خوفاً من عقابه :

الدكتور راتب :
 من عقابه، الإله مربّ، الطفل عندما لا يداوم بساعة الرياضيات، ووالده لا يعمل بذلك، ويأخذ صفراً، أمامه عقاب في البيت، من رحمة الأب، من حرصه على مستقبل ابنه، النقطة الدقيقة جداً كل شيء أمرك الله به، وكل شيء نهاك عنه، أودع في أعماق كيانك الإنساني حبّ الأوامر، وكراهية المعاصي، لذلك ما الذي يحصل في العالم كله، لا يوجد دين لكن يوجد كآبة، ما الكآبة؟ عقاب النفس لذاتها حينما تخرج عن فطرتها، لا يصلي، يأكل مالاً حراماً، يعتدي على أعراض الناس، يجر الأمور لمصلحته دائماً، كلام دقيق سوف أقوله: ممكن أنت تحت شجرة تفاح ،شجرة عملاقة تحمل ستين أو سبعين صندوقاً وقد قطفت كلها، وجدت تفاحة كبيرة جداً، وذات خد أحمر بأعلى الشجرة، ولا تستطيع الوصول إليها، معك منشار شجر، نشرتها وقعت، أكلت التفاحة، أرأيت إلى هذا المثل؟ تلغي شجرة تقدم لك ستين صندوق تفاح كل سنة منذ عشر سنوات، وتقدم لعشرين سنة قادمة، من أجل تفاحة واحدة قطعتها بمنشار، هذا الذي يجري، من أجل أن يأخذ عمولة زيادة يشتري أسوأ بضاعة، وقد تكون مستعملة، ومعاد تجديدها، وقد تكون كاسدة، وقد تكون غير صالحة، الحياة لا تصلح إلا بالإيمان، أنت بين أن تخشى الله وبين أن تنحاز إلى مصلحتك.
المذيع:
 حينما نقول: ففروا إلى الله.
الدكتور راتب :
 يفر إليه خوفاً من عقابه.
المذيع:
 هل من يفر لا بد له أن يكون عاصياً ويخاف أم هذا مطلب لكل البشر؟

الإيمان خضوع لله مع محبته :

الدكتور راتب :
 لا، البشر كلهم عندهم حالة خوف من الله أودعت في كيانهم رحمة بهم، الإنسان حينما يغلط يعرف أنه غلط، هذه الفطرة، اعتقد يقيناً أن أي أمر أمرك الله به، أي نهي الله نهاك عنه، أودع في أعماق أعماقك رغبتك في طاعة الله، وكراهيتك لمعصيته، هذه الفطرة، دقق قال تعالى:

﴿ فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفًا ﴾

[ سورة الروم : 30]

 توجه إلى الله بكل كيانك:

﴿ فِطْرَةَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا ﴾

[ سورة الروم : 30]

 أي أن تقيم وجهك للدين حنيفاً بكل إمكاناتك، بكل طاقتك، بعلمك، بمالك، بصحتك، بخبراتك، لله حنيفاً، مائلاً، خضوع وميل إلى الله، أحياناً يأتي مدير قاس، يخضع له الموظفون لكن لا يحبونه، الإيمان شيء آخر، خضوع مع محبة، من هنا قيل في تعريف العبادة: العبادة هي طاعة طوعية، ليست قسرية، هو خالقنا، وربنا، ومسيرنا، حياتنا بيده، رزقنا بيده، صحتنا بيده، أولادنا بيده، الموت بيده، الحياة بيده، الكبراء بيده، الطغاة بيده، ومع كل ذلك ما أراد أن نعبده إكراهاً، قال تعالى:

﴿ لَا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ ﴾

[ سورة البقرة : 256 ]

 أراد أن تكون علاقة عباده به علاقة حب، قال تعالى:

﴿ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ ﴾

[ سورة المائدة : 54 ]

المذيع:
 كنا نتحدث أن الإنسان يفر من الله إلى الله عز وجل، هل كل الناس يفرون إلى الله أم صاحب الخطيئة والذنب؟

 

الإنسان كلما أقبل على الله و عرفه استصغر معرفته السابقة له :

الدكتور راتب :
 الخطيئة والذنب قضية نسبية، إنسان بأعلى درجة من الإيمان، عندما يشعر أن عبادته لم تكن كما ينبغي هذا شعور بالذنب، كل إنسان له ذنب، وكلما ارتقى الإنسان في سلم المعرفة له ذنب، قال تعالى:

﴿ وَاسْتَغْفِرْ لِذَنْبِكَ ﴾

[سورة محمد: 19]

 ما هو ذنب النبي صلى الله عليه وسلم؟ يوجد تحليل دقيق له، أنا لو التقيت مع شخص من كبار أغنياء البلد، أنا تصورت أن معه مئة مليون، ثم علمت بعد حين أن معه ألف مليون، فأنا ظني معه مئة مليون فقط هذا نوع من الذنب في حقه، لم أعطه حجمه الحقيقي، هذا للتقريب، فالإنسان كلما أقبل على الله واكتشف شيئاً من عظمة الله، من كمالاته، يستصغر المعرفة السابقة، هذا عند الأنبياء ذنب، أنت لك معرفة بالله، وهو بالأساس لا يعرف الله إلا الله، المعرفة المطلقة مستحيلة على بني البشر حتى الأنبياء، لكن أعلى معرفة الأنبياء، أعلاهم الرسل، أعلى الرسل رسول الله.
المذيع:
 ما معنى المعرفة؟
الدكتور راتب :
 أن تعرف الله، أن تعرف كمالاته، أن تعرف عظمته، أن تعرف تسييره، أن تعرف ربوبيته، أن تعرف أسماءه الحسنى، هذه المعرفة، أنت في العيد إذا دخلت إلى بيت صديق، يقول لك: عندي مكالمة مهمة جداً، وجدت عنده ضيفاً، لا تعرف عنه شيئاً، وصاحب البيت مشغول بمكالمة خارجية ولعلها تطول، تقول له: الاسم الكريم؟ ماذا تعمل؟ إلى أي شهادة وصلت؟ أعزب أم متزوج؟ كم ولد عندك؟ ما وضع أولادك؟ هذه المعرفة أن تعرف شيئاً من حرفته، شيئاً من خصائصه، شيئاً من مستواه الثقافي، الاجتماعي، العلمي، المادي، هذه المعرفة، فالله عز وجل خالق الأكوان، المعرفة بالكلمات العمومية ليس لها معنى إطلاقاً، الله عظيم، عظيم، ما أوجه عظمته؟ تريد تفاصيل، لذلك العموميات لا تقدم ولا تؤخر، كل المسلمين يقولون: الله عظيم، لا يوجد غير الله تحتاج أن تعرفه قال تعالى:

﴿ َالْأَرْضُ جَمِيعًا قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ﴾

[ سورة الزمر: 67 ]

 في اليوم الآخر، صدق ولا أبالغ هناك نوع من المعرفة تقترب من الكفر بالله.
المذيع:
 كيف يكون ذلك؟

 

قضاء الله لا يخرج الإنسان من الاختيار إلى الاضطرار :

الدكتور راتب :
 هذا الإنسان معتر، أي هل الله هو من خلق له الشر؟ الله ما أراد له الهدى، هو ليس له ذنب، والله هناك كلمات هي الكفر بعينها، شارب خمر يقول: ليس بيدي، كاسات معدودة بأماكن محدودة، جيء لسيدنا عمر بشارب خمر فقال: أقيموا عليه الحد، فقال: والله يا أمير المؤمنين إن الله قدر عليَّ ذلك، فقال: أقيموا عليه الحد مرتين، مرة لأنه شرب الخمر، ومرة لأنه افترى على الله، قال له: ويحك يا هذا إن قضاء الله لم يخرجك من الاختيار إلى الاضطرار.
 هذا دين، مصير، أبد، ما الأبد؟ أقسم لكم بالله لو عرف الإنسان معنى الأبد لارتعدت فرائصه، الأبد مليون سنة، مليون مليون، مليون مليون مليون، ألف مليون مليون، إن قلت: مليون لمئة سنة، الأبد لا نهائي، وأي رقم نسب إلى اللانهاية صفر، إذاً واحد بالأرض والأصفار للشمس، مئة و ستة و خمسون مليون كيلومتر، وكل ميلي صفر، هذا الرقم المذهل إذا نسب إلا اللانهاية قيمته صفر، أنت مخلوق للأبد، مخلوق لجنة عرضها السموات والأرض، نضيع الأبد من أجل عشر سنوات مع معاص؟
المذيع:
 معرفة الله عز وجل هي بوابة ليفر الإنسان إلى الله.
الدكتور راتب :
 أنت كن منطقياً، لا تطرق باب شخص فقير لتطلب منه مئة ألف، تطرق باب الغني، لا يكفي أن يكون غنياً، يجب أن يكون كريماً، يكون راغباً أن يعطيك أنت بالذات، أنت إذا أردت أن تقترض تبحث عن شخص يملك هذا المبلغ، وتبحث عن شخص يمكن أن يدفع هذا المبلغ، والثالث أن يدفع لك هذا المبلغ، هذا الدعاء، الدين شيء كبير.
المذيع:
 كيف يكون الفرار إلى الله عز وجل؟

الفرار إلى الله يكون بعدة أمور هي :

1 ـ التوبة النصوح :

الدكتور راتب :
 أولاً: بالتوبة النصوح، وباب التوبة مفتوح إلى يوم القيامة، بل إن الله يحب التوابين، ويحب المتطهرين، لا يوجد غير الله، ليس لنا إلا الله، يا أخي هذا الذنب عملته سابقاً وعدته، ليس لك غير التوبة إلى الله، والله ينتظرنا، ورد في الأثر القدسي:

(( لو يعلم المعرضون انتظاري لهم، وشوقي إلى ترك معاصيهم، لتقطعت أوصالهم من حبي، ولماتوا شوقاً إليّ، هذه إرادتي بالمعرضين فكيف بالمقبلين؟ ))

[ورد في الأثر]

.
 إذا شخص يتوجه إلى الله، إلى من؟ إلى أصل الجمال في الكون، الإنسان أحياناً يخطب فتاة جميلة، قال لي مرة أب: أحصيت على ابنتي مكالمة مع خطيبها فكانت ثلاث عشرة ساعة مستمرة، لأن فيها مسحة جمال، فكيف إذا أقبلت على أصل الجمال؟ يوجد جبل أخضر، بحر أزرق، نبات جميل، ورود، رياحين، رائحة طيبة، شيء لا يصدق، و يوجد منظر جميل، وجه جميل، بستان جميل، وشجرة وارفة الظلال، هذه مسحة من جمال الله عز وجل، الله تجلى على بعض مخلوقاته بالجمال، أنت إلى أين ذاهب؟ ذاهب إلى أصل الجمال.

(( لو يعلم المعرضون انتظاري لهم، وشوقي إلى ترك معاصيهم، لتقطعت أوصالهم من حبي، ولماتوا شوقاً إليّ ))

[ورد في الأثر]

 هذه أشياء ثابتة.
المذيع:
 كيف يمكن للإنسان أن يصل إلى مرحلة أن يرى فيها جمال الله عز وجل؟

 

الفرار إلى الله معنوي و مادي :

الدكتور راتب :
 أولاً: أنا لست متشائماً، لكن إذا كان هناك شيء أغلى عليك من الله فالباب مغلق، الله أكبر، أنت تستمع إلى غناء لا سمح الله، والله لا أستطيع أن أتركها، مادام هذه الشهوة أغلى عليك من الله فالطريق مغلق، قال تعالى:

﴿ قُلْ إِنْ كَانَ آبَاؤُكُمْ ﴾

[ سورة التوبة: 24 ]

 أبوك قال لك: أنا لم أحب حجاب زوجتك، دعها تخرج سافرة أو أغضب عليك، قال تعالى:

﴿ قُلْ إِنْ كَانَ آبَاؤُكُمْ وَأَبْنَاؤُكُمْ وَإِخْوَانُكُمْ وَأَزْوَاجُكُمْ وَعَشِيرَتُكُمْ وَأَمْوَالٌ اقْتَرَفْتُمُوهَا وَتِجَارَةٌ تَخْشَوْنَ كَسَادَهَا وَمَسَاكِنُ تَرْضَوْنَهَا أَحَبَّ إِلَيْكُمْ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَجِهَادٍ فِي سَبِيلِهِ فَتَرَبَّصُوا حَتَّى يَأْتِيَ اللَّهُ بِأَمْرِهِ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ ﴾

[ سورة التوبة: 24 ]

 عند التعارض

﴿فَتَرَبَّصُوا﴾

 توقف الطريق طويل، والطريق مسدود، إذا كان هناك شيء أغلى عليك من الله، أنا لست متشائماً، لكن الله عز وجل كبير، أنت تخاطب خالق الأكوان، تخاطب أصل الكمال والجمال والنوال في الكون، الله عز وجل ينبغي أن تضحي بكل شيء من أجله، والذي ضحوا بحياتهم هؤلاء الشهداء صعب أن أصفهم لك، في جنات ونهر، الشهيد يذوق طعم القرب من الله بشكل يتمنى أن يقتل مئة مرة.
المذيع:
 متى يذوقه في الدنيا؟
الدكتور راتب :
 حينما يستشهد، حتى إذا شخص لم يمت، بترت قدمه، قصص عجيبة يريد أن يعود مرة ثانية للحرب، ذاق طعم القرب، أنا لي رأي شخصي.
المذيع:
 إذا كان يقاتل لله فإن الله يذيقه طعم القرب.
الدكتور راتب :
 هذا الذي ذهب إلى الجهاد ذهب ليموت في سبيل الله، له تجلّ من الله استثنائي بنوع وكم غير معقول، تجده أسعد إنسان في الكون، أنت سوف تضحي من أجلي بحياتك، الجود بالنفس أقصى غاية الجود.
المذيع:
 هذا من جاهد بنفسه ينطبق عليه قول الله: ففروا إلى الله؟ الفرار إلى الله ليس فقط معنوياً.
الدكتور راتب :
 مادي أيضاً، رجعنا من الجهاد الأصغر إلى الجهاد الأكبر، جهاد النفس والهوى، إذا شخص ذاق طعم القرب يركل بقدمه كل شهوة تبعده عن الله.
المذيع:
 كنت تحدثنا كيف نفر إلى الله وقلت أولاً بالتوبة ماذا أيضاً؟

 

2 ـ إتقان العبادات :

الدكتور راتب :
 إتقان العبادات، يوجد صلاة قد لا تقبل، حركة سريعة، وقراءة سريعة، يريد أن يخلص منها، أي أرحنا منها، إتقان العبادات نوع من الفرار إلى الله عز وجل، لا يكفي ضبط السلوك بالمنهج، هناك مال حرام، ومال مشبوه، ولقاء لا يرضي الله عز وجل، وسهرة فيها اختلاط، سهرة مختلطة، صديق غني جداً دعاك إلى سهرة، والنساء كاسيات عاريات، يقول لك: أحدث شيء في الموضة، شيء قصير، شيء طويل، شي ضيق، وأنت جالس مبسوط تمتع عينيك بمحاسن هؤلاء النساء ثم تريد أن تصلي العشاء؟ أقسم لك بالله لا تستطيع أن تصلي العشاء بعد هذه المعصية تحجب عن الله، تقف وتركع وتسجد هذه حركات الصلاة، أما الصلاة الحقيقية فلا تستطيع أن تصليها، أنت محجوب عن الله بالذنب، أبداً كل شخص يعرف نفسه.
المذيع:
 الاستغفار والتوبة وإتقان العبادات، فبذلك نفر إلى الله.

3 ـ الاستغفار :

الدكتور راتب :
 لكن التوبة من الذنب سهلة جداً لمجرد أن تقول: يا رب لقد تبت إليك تشعر بأعماق نفسك أن الله عز وجل يقول: وأنا يا عبدي قد قبلت، لكن الذنب نفسه المرة الثانية أصعب، والمرة الثالثة أصعب وأصعب، أهون توبة من الذنب أول توبة، لو جئتني بملء السماوات والأرض خطايا غفرتها لك ولا أبالي، قال تعالى:

﴿ قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعاً إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ ﴾

[ سورة الزمر: 53 ]

 أول مرة سهلة جداً، الذنب للمرة الثانية صار هناك حجاب قليل، أنت تبت البارحة، كيف عدت؟ ضعفت نفسه أمام شهوته.
المذيع:
 كلما كثرت أصبحت أصعب..

 

حاجة كل إنسان إلى حاضنة إيمانية :

الدكتور راتب :
 أنا أقول لأخواننا المستمعين: أنت عندما تبت إلى الله كل بطولتك أن يكون لك حاضنة إيمانية، إذا تبت ولك أصدقاء متفلتون يضحكون عليك، شخص مدمن، شارب خمر، القصة ذكرها لي أحد أقربائي، وقعت في حلب، ذهب إلى الحج وعاد تائباً، لكنه ما ترك أصدقاءه القدامى، قالوا له: اشرب الخمر، قال: لا، أنا تائب، قال له أحدهم: كم كلفتك الحجة؟ كان في ذلك الزمن تكلفة الحج حوالي خمسين ألفاً، وهذا يعتبر مبلغ فلكي مبلغ فلكي، قال له أحدهم: خذ خمسين ألفاً واشرب، شرب ومات بعد اثني عشر يوماً، مات شارب خمر، عندما تتوب يجب أن تبدل الطقم، تحتاج إلى حاضنة إيمانية، مؤمن ينصحك، مؤمن يقول لك: لا يجوز لا تفعل ذلك، تحتاج إلى حاضنة إيمانية، دليلها من القرآن الكريم:

﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ ﴾

[ سورة التوبة: 119 ]

 إن بقيت مع الطرف الآخر لن تنجح توبتك.
المذيع:
 متى نفر إلى الله حينما نذنب أم في كل وقت؟

 

الفرار إلى الله بعد الذنب :

الدكتور راتب :
 بعد الذنب قطعاً، لكن إن لم يكن هناك ذنب يجب أن تتعرف إلى الله، هذا الإله العظيم لماذا خلقك؟ يوجد أسئلة كبيرة في الحياة، نحن عندنا مرض خطير اسمه: الغرق في الجزئيات، افتح دفتر أي أخ، تجد فيه دفع فاتورة الهاتف، مقابلة فلان، مطالبة فلان بالدين، زيارة فلان المريض، لا يوجد أخ إلا له دفتر أعمال لكن نسي سرّ وجوده، وغاية وجوده، نسي أكبر مهمة خلق من أجلها، أن يعرف الله، أحياناً يحضر درس علم، الدنيا شتاء، أنا أسميه زبوناً شتوياً، السهرة طويلة وهناك أستاذ في الجامع، والله حديثه جميل، وعنده دعابات، ليس هذا هو المطلوب، الموضوع أخطر بكثير، وجودك منوط بمعرفة الله، إما أن يكون وجودك تافهاً قال تعالى:

﴿ فَلَا نُقِيمُ لَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَزْناً ﴾

[ سورة الكهف : 105]

 همه بطنه، همه فرجه، همه شهوته، حديثه عن النساء، عن الأموال، وهناك إنسان متى يعرف الله عز وجل يهمه أن يطيعه، أن يخدم عباده، أن يتقرب إليه بمعرفته، أن يقرأ القرآن ويفهمه، يعمل دعوة إلى الله ضمن إمكانياته، في حدود ما يعلم ومع من يعرف، أنت عندما تطلب الله أنت إنسان آخر، بمبادئك، بقيمك، باهتماماتك، بنشاطاتك، بشهواتك، بمطامحك، إذا لم يكن هناك فرق بينك وبين غير المؤمن، فرق بالطبيعة، أنت مثلاً تقول: ذهب أربعة وعشرون، ثمانية عشر، ستة عشر، أحد عشر، هذا ذهب، الذهب شيء والتنك شيء آخر، التنك معدن خسيس، والذهب معدن نفيس، المؤمنون يتفاوتون مثل الذهب، أما مؤمن وغير مؤمن فصار معدن نفيس ومعدن خسيس، يهمه شهوته، مصلحته، يكذب، يعمل أي شيء غلط من أجل مصلحته.
المذيع:
 تقول البطولة أن يفر الإنسان بذاته اختياراً إلى الله تعالى كيف لنا أن نحقق هذا المفهوم؟

 

بطولة الإنسان أن يفر بذاته اختياراً إلى الله تعالى :

الدكتور راتب :
 أنا أقول كلمة دارجة إما أن تأتيه ركضاً أو يحضرك ركضاً، أخ التزم عندي في الجامع، جاء ركضاً، قال لي بالضبط: أنا عندي مطبعة، وربحت أرباحاً طائلة عام ألف و تسعمئة وسبعين، قال لي بالضبط: وضعت في جيبي خمسمئة ألف، وكان الدولار بثلاث ليرات سورية، وذهبت إلى أمريكا لوحدي، لم آخذ زوجتي معي، وفهمك كفاية، وصل إلى هناك شعر بآلام في ظهره، شاهد طبيباً قلق عليه أحاله إلى مستشفى، فأخبروه أن معه سرطاناً في النخاع الشوكي، قطع الرحلة وعاد إلى الشام، وصار يذهب من جامع إلى جامع، آخر شيء وصل إلى عندي، أنا فرحت به، الله أعاده ركضاً، والفضل لله الكبير أن التشخيص كان في أمريكا خطأ، كان التشخيص خاطئاً، والصورة غير واضحة، ودقق ما سأقول: لا يوجد مؤمن فيه خير إلا الله يحضره ركضاً، والله عنده مليون طريق ليحضرك ركضاً.
المذيع:
 لا يتعظ كل الناس، بعض الناس يكمل حياته.

بطولة الإنسان أن يتوب قبل فوات الأوان :

الدكتور راتب :
 الإنسان إذا أصرّ على شهوته أُطلق لها، ساعتئذ أعمى أصم، حبك الشيء يعمي ويصم، الإنسان عندما يشتهي أن يمارس شهوة لكن مستوى الشهوة لا يرقى إلى مستوى الإصرار، قال تعالى:

﴿ فَلَمَّا نَسُوا مَا ذُكِّرُوا بِهِ فَتَحْنَا عَلَيْهِمْ أَبْوَابَ كُلِّ شَيْءٍ حَتَّى إِذَا فَرِحُوا بِمَا أُوتُوا أَخَذْنَاهُمْ بَغْتَةً فَإِذَا هُمْ مُبْلِسُونَ ﴾

[ سورة الأنعام : 44]

 إذا في إصرار تعطى الدنيا.
المذيع:
 هذا نذير ليس جيداً.
الدكتور راتب :
 إنسان على فراش الموت عنده نادي قمار وحيد بكل القطر، طلب رجلاً داعية، الشيخ – أصلحه الله- ما قال الكلام المناسب، الرجل عنده سبعمئة مليون بالقمار، قال له هذا الشيخ: والله لو أنفقت هذا المال كله لن تنجو عند الله، بعد فوات الأوان أين بطولتك؟ أن تتوب قبل فوات الأوان، والدليل:

﴿ يَومَ يَأتي بَعضُ آياتِ رَبِّكَ لا يَنفَعُ نَفسًا إيمانُها لَم تَكُن آمَنَت مِن قَبلُ أَو كَسَبَت في إيمانِها خَيرًا﴾

[سورة الأنعام: ١٥٨]

المذيع:
 أعود إلى صاحب مكان القمار لو أراد أن يتوب وكبر في السن ألا تقبل توبته؟

 

الذنوب أكبر حائل أمام توبة الإنسان :

الدكتور راتب :
 أنا لا أقول: لا تقبل، لا يستطيع أن يتوب، اترك المال، إذا شخص قتل مئة ألف هذا يتوب؟ لا يقدر أن يتوب.
المذيع:
 من يحول بينه وبين الله؟
الدكتور راتب :
 ذنبه، جريمته.
المذيع:
 إذا أراد أن يستغفر ويتوب، قد أسرف على نفسه وقد قتل أو عاش عمراً ..
الدكتور راتب :
 هذا من شأن الله وحده.
المذيع:
 لكن الواقع أن هذه الذنوب تحول بين الإنسان.
الدكتور راتب :
 في بعض النصوص القاتل لا توبة له، قتل مئة ألف ويتوب، وتنتهي مشكلته مع الله عز وجل، مئة ألف أي يوجد مئة ألف أسرة، مئة ألف أرملة، مئة ألف ابن يتيم، مئة ألف ثم يتوب؟ صعب أن أفهمها، أنا أقول لك كلاماً وسطياً لا يقدر أن يتوب.
المذيع:
 لكن إذا كان إيمانه قوياً وأراد الله عز وجل توبته ساق له التوبة، هذا بينه وبين الله، ولمثل هؤلاء تحول هذه الذنوب وخطايا العباد دون توبته، لماذا نفر إلى الله؟

الفرار من عقاب الله إلى رحمته و عفوه :

الدكتور راتب :
 نفر من عقابه الذي نستحقه إلى رحمته وعفوه، نفر من الوحشة، من البعد عنه إلى الأنس بذكره، نفر من التعسير إلى التوفيق، نفر من الضياع إلى الوجود، نفر من عدم إحكام الهدف إلى إصابة الهدف، نفر من بيت فوضوي شارد إلى بيت منضبط إيمانياً، نفر من تجارة خاسرة إلى تجارة رابحة، نفر من علاقات سيئة مع الناس إلى علاقات طيبة.

((اسْتَقِيمُوا وَلَنْ تُحْصُوا ))

[ رواه ابن ماجه وأحمد والدارمي عَنْ ثَوْبَانَ]

 ممكن نتكلم ساعة بإيجابيات الاستقامة إلى الله.
المذيع:
 هل يشترط حينما نفر إلى الله يكون هناك خلل بيننا وبين الله؟

 

من قصر في العمل ابتلاه الله بالهم :

الدكتور راتب :
 أحياناً يفر من همه، من قصر في العمل ابتلاه الله بالهم، الهم ضاغط، متشائم، كئيب، لا يوجد عندك أية مشكلة لكن يوجد بعد عن الله، الأنس بالله شيء مسعد.
المذيع:
 حينما نقول: فروا إلى الله ما هي الأبواب التي يرد فيها العبد إلى خالقه؟

 

خيارات الله عز وجل مع الإنسان لا نهاية لها :

الدكتور راتب :
 أحياناً يلوح لهذا الإنسان شبح مصيبة، وجد ورماً فحصه، أخذوا عينة أرسلت إلى لندن، قد يأتي الجواب: مرض خبيث، حتى جاء الجواب ما ترك صلاة لم يصلها، وصلى قيام الليل، وبكى في الصلاة، هذه فروا إلى الله، والله عز وجل خياراته مع الإنسان لا نهاية لها، ممكن بكآبة داخلية، ممكن بمرض عضال، ممكن بشبح مرض عضال، ممكن بقهر نفسي.
المذيع:
 هل من رسالة أو همسة يود الدكتور إنهاء هذا اللقاء بكلمة.

أعظم قرار يتخذه الإنسان أن يختار الله تعالى :

الدكتور راتب :
 أقول: الأذكياء الموفقون العقلاء يختارون الله عز وجل، أعظم خيار تتخذه في حياتك أنك اخترت الله عز وجل، اخترت الله على كل ما سواه، فمن أحبنا أحببناه، ومن طلب منا أعطيناه، ومن اكتفى بنا عما لنا كنا له وما لنا.
المذيع:
 نختم لقاءنا بدعاء.

الدعاء :

الدكتور راتب:
 اللهم أصلح لنا ديننا الذي هو عصمة أمرنا، وأصلح لنا دنيانا التي فيها معاشنا، وأصلح لنا آخرتنا التي إليها مردنا، واجعل الحياة زاداً لنا من كل خير، واجعل الموت راحة لنا من كل شر، مولانا رب العالمين، اللهم اكفنا بحلالك عن حرامك، وبطاعتك عن معصيتك، وبفضلك عمن سواك، اللهم لا تؤمنا مكرك، ولا تهتك عنا سترك، ولا تنسنا ذكرك، اللهم أعطنا ولا تحرمنا، أكرمنا ولا تهنا، آثرنا ولا تؤثر علينا، أرضنا وارض عنا، اجعل هذا البلد آمناً سخياً رخياً وسائر بلاد المسلمين، واحقن دماء المسلمين في كل مكان، واحقن دماءهم في الشام، وصلى الله على سيدنا محمد النبي الأمي، وعلى آله وصحبه وسلم، والحمد لله رب العالمين، الفاتحة.

خاتمة و توديع :

المذيع :
 بارك الله بكم فضيلة العلّامة الدكتور محمد راتب النابلسي، كان حديثنا ففروا إلى الله، نسأل الله أن يجعلنا من عباده الصالحين، سبحانك اللهم وبحمدك، نشهد أن لا إله إلا أنت، نستغفرك ونتوب إليك.

الاستماع للدرس

00:00/00:00

تحميل النص

إخفاء الصور