وضع داكن
20-04-2024
Logo
حياة المسلم 3 - إذاعة حياة إف إم : الحلقة 06 - ففروا إلى الله
رابط إضافي لمشاهدة الفيديو اضغط هنا
×
   
 
 
 بسـم اللـه الرحمـن الرحيـم  
 

مقدمة :

الدكتور راتب :
  بسم الله الرحمن الرحيم ، والحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين ، وعلى آل بيته الطيبين الطاهرين ، وعلى صحابته الغر الميامين ، أمناء دعوته ، وقادة ألويته ، وارضَ عنا وعنهم يا رب العالمين ، اللهم أخرجنا من ظلمات الجهل والوهم إلى أنوار المعرفة والعلم ، ومن وحول الشهوات إلى جنات القربات .
المذيع :
 بسم الله الرحمن الرحيم ، والحمد لله رب العالمين ، يا ربنا صلّ وسلم ، أنعم وأكرم على نبينا ورسولنا محمد صلى الله عليه وسلم ، السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته شيخنا الكريم مرحباً بفضيلتكم ..
الدكتور راتب :
 عليكم السلام ورحمة الله وبركاته ..
المذيع :
 كيف صحتكم دكتور طمئنونا عنكم ؟
الدكتور راتب :
 الحمد لله نفع الله بكم .
المذيع :
 مستمعينا فضيلة الشيخ حفاظاً على صحته وعافيته معنا عبر الهاتف ، دكتورنا الفاضل هذا الفيروس كورونا وانتشاره اليوم وما أدى إلى تقلص كثير من تفاصيل الحياة ، في مختلف دول العالم بين المسلمين وبين حتى الذين لا يدينون بأي دين ، الناس لا تعرف أين يمكن أن تتجه في ظل هذه الأحداث ، الوظائف تتوقف ، الحياة لم تعد مثل قبل نوعاً ما ولو كان مأساوياً لكن هذا واقع هذا الفيروس ، ننطلق بعنوان حلقتنا وهي انطلاقاً من قوله تعالى :

﴿ فَفِرُّوا إِلَى اللَّهِ ﴾

[ سورة الذاريات: 50 ]

 سأبدأ مع فضيلتكم على ما يجري في العالم مع أزمة فيروس كورونا تفضل دكتور .

 

الابتلاء أصل حياتنا وسرّ وجودنا وغاية وجودنا في الدنيا :

الدكتور راتب :
 بارك الله بكم ، ونفع بكم ، نبدأ بقوله تعالى :

﴿ وَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئاً وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَعَسَى أَنْ تُحِبُّوا شَيْئاً وَهُوَ شَرٌّ لَكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ ﴾

[ سورة البقرة : 216]

﴿ وَمَا أَصَابَكُم مِّن مُّصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَن كَثِيرٍ ﴾

[ سورة الشورى : 30 ]

 هاتان الآيتان تقيمان في نفس المؤمن توازناً مريحاً ، فهو ليس بعيداً عن عناية الله، ولا عن رحمته ، ولا عن محبته ، لأن الله جلّ جلاله غني عن تعذيبنا ، وما من مصيبة أي أية مصيبة صغرت أم كبرت اتسعت أو ضاقت ، لماذا ؟ لأن الله عز وجل غني عن تعذيبنا ، أي ما من مصيبة هذه من تفيد استغراق أفراد النوع ، أي أية مصيبة ، لكن من لم تحدث المصيبة في نفسه موعظة فمصيبته في نفسه أكبر ، الإمام الشافعي رحمه الله تعالى حينما سُئل : ندعو الله بالابتلاء أم بالتمكين ؟ فقال : لن تمكن قبل أن تُبتلى قال تعالى :

﴿ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ وَإِنْ كُنَّا لَمُبْتَلِينَ ﴾

[ سورة المؤمنون: 30]

 إذاً الابتلاء أصل حياتنا ، وسرّ وجودنا ، وغاية وجودنا في حياتنا الدنيا ، لذلك الله عز وجل قال :

﴿ الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلاً ﴾

[ سورة الملك : 2 ]

المذيع :
vشيخنا الفاضل في ظل هذا الكلام الجميل كثير من الناس اليوم له تفسيرات وتبريرات لما يجري من انتشار هذا الفيروس في دول العالم وحالات الوفيات بأن هذا قد يكون بلحظة من اللحظات نوع من أنواع الغضب الرباني على حياة البشرية والعقاب الجماعي لبني البشر ، من ناحية الشرعية ما هو تعليق حضرتكم على هذا ؟

تعلق كل شيء بإرادة الله :

الدكتور راتب :
 التعليق كل شيء وقع في القارات الخمس من آدم إلى يوم القيامة أراده الله ، معنى أراده لا تعني أنه أمر به ، ولا رضيه ، ولكن سمح به ، كيف أن الطبيب إذا تزوج ولم ينجب بعشر سنوات ثم جاءه ولد جميل جداً ، تعلق به تعلقاً مذهلاً ، فإذا الطبيب الأب يكتشف أن ابنه مصاب بالتهاب الزائدة ، هذا الأب يسمح بفتح بطن ابنه ، وتخديره ، وإجراء عملية استئصال ، إذاً كل شيء وقع سمح الله به لكن لم يرده ، ولم يرضه ، فرق كبير ، فلا بد من هذا العمل الجراحي لأنه يحبه ، إذاً :

﴿ الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلاً ﴾

[ سورة الملك : 2 ]

المذيع :
 شيخنا الكريم لا يشترط أن يكون ما يجري في العالم بمعنى أن الله غاضب على الحياة البشرية ؟

 

بطولة الإنسان أن ينجح في الابتلاء :

الدكتور راتب :
 لا ، معالجة يا أخي ، أحياناً يكون الفعل الإلهي ابتلاء أو عقاباً ، الذي أنفق ماله في معصية الله قد يأتيه عقاب ، والذي نظر إلى غير ما يحل له يأتيه العقاب ، والذي استقام على أمر الله إن جاءته مصيبة فلحكمة بالغة ، والدليل سيد الخلق وحبيب الحق قال :

(( لقد أوذيت في الله وما يؤذى أحد ، ولقد أخفت في الله وما يخاف أحد ، ولقد أتت عليّ ثلاث من بين يوم وليلة ومالي طعام إلا ما واراه إبط بلال))

[ الترمذي عن أنس بن مالك]

 فالابتلاء قدرنا ، والابتلاء سر وجودنا ، وغاية وجودنا ، والبطولة ليست ألا تبتلى بل أن تنجح في الابتلاء .
المذيع :
 هل يختلف التفسير الشرعي بإصابة هذا الفيروس للدول العربية والإسلامية والمسلمين ويختلف في تفسيرنا الشرعي لما حصل في الدول الغربية التي هي بعيدة نوعاً ما عن الأديان الأخرى وأصبحت تغرق في الإلحاد ؟ هل يختلف التفسير الشرعي بين إصابته للمسلمين وغيرهم؟

 

فيروس كورونا دفعة نوعية قوية إلى الله وإلى ترك المعاصي :

الدكتور راتب :
 هو الحقيقة دفعة نوعية إلى أهل الأرض جميعاً ، اعتقدنا بالتقنية ، والتطور ، والتفوق العلمي ، والقوة المادية ، هذه كلها آلهة عبدت من دون الله ، هذا الكائن الذي لا يرى بالعين غير مفاهيم الناس جميعاً ، أنا أرى هذا الذي حصل دفعة نوعية قوية إلى الله ، وإلى ترك الشركيات ، والمعاصي ، والإباحيات .
المذيع :
 منع الصلاة في المساجد طبعاً هي كإجراء احترازي حتى لا يقع المسلمون .

سلامة الإنسان و سعادته من أولويات الحياة :

الدكتور راتب :
 هذا لا شيء عليه إطلاقاً ، نحن عندنا كليات خمسة ، أولاً : الإنسان سلامته وسعادته أولوية ، فإذا تعارض الشيء مع الحاجات الثلاثة لا بد من أن نأخذ عملاً ، لا يوجد أي مأخذ على إغلاق المساجد ، وإلغاء صلاة الجماعة .
المذيع :
 الأشخاص الذين كانوا يحافظون على صلاة الجماعة في هذه الظروف هل أجره يبقى كما هو ؟
الدكتور راتب :
 في نصوص كثيرة إذا شخص منعه السفر يأخذ أجره كما لو كان مقيماً ، لو شخص منعه المرض يأخذ أجره كما لو كان صحيحاً ، ليس بخيركم من عرف الخير ، ولا من عرف الشر ، ولكن من عرف الشّرّين ، وفرق بينهما ، واختار أهونهما .
 فتحنا الجامع الحضور أصيبوا بهذا المرض ، وبعضهم يموت أعوذ بالله هناك أولويات .
المذيع :
 البعض اليوم يشعر بالذعر وقد يكون هذا مقبولاً في ظلّ هذا الانتشار وعدم وجود العلاج له إلى هذه اللحظة ، إلى أين يمكن أن يفر الإنسان بذعره من هذا الفيروس ؟

اللجوء إلى الله دائماً فهو ربنا و إلهنا :

الدكتور راتب :
 الإنسان إذا وحّد ما تعلمت العبيد أفضل من التوحيد ، هناك إله مصيرنا بيده ، هو رحيم ، رحمن ، رحيم ، كريم لكن هو يعالجنا ، عفواً لو أن طالباً ضعيفاً جداً لكنه ذكي وهو لا يدرس ، ووالده عاقبه فدرس ، وصار طبيباً ، له بيت وسيارة وزوجة ، يشكر والده آلاف المرات على قسوته ، الله عز وجل هو رب ، وإله ، وحكيم ، وعليم .
المذيع :
 الأشخاص الذين يشعرون اليوم بشيء من التشاؤم والقلق ، وانطفأت شمعة الحياة في أرواحهم هل من المفترض أن يصل المسلم بالخوف والقلق إلى هذا الحد ؟

تناقض التشاؤم و الخوف و القلق مع الإيمان :

الدكتور راتب :
 التشاؤم والقلق والخوف والاستهزاء يتناقضان مع الإيمان ، عفواً عشرة وحوش كاسرة وجائعة ومفترسة ، مربوطة بأزمة محكمة ، بيد جهة عليمة حكيمة رحيمة ، علاقتي مع من ؟ مع الوحوش أم مع من يمسك بزمامها ؟ لذلك الآية :

﴿ فَكِيدُونِي جَمِيعًا ثُمَّ لاَ تُنظِرُونِ * إِنِّي تَوَكَّلْتُ عَلَى اللّهِ رَبِّي وَرَبِّكُم مَّا مِن دَآبَّةٍ إِلاَّ هُوَ آخِذٌ بِنَاصِيَتِهَا إِنَّ رَبِّي عَلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ ﴾

[ سورة هود : 55-56 ]

 عبارة دقيقة جداً إذا أسلمك الله لغيره لا يستحق أن تعبده ، قال تعالى :

﴿ وَإِلَيْهِ يُرْجَعُ الأَمْرُ كُلُّهُ فَاعْبُدْهُ وَتَوَكَّلْ عَلَيْهِ ﴾

[ سورة هود: 123 ]

المذيع :
 شيخنا انطلاقاً من قوله تعالى في سورة الذاريات :

﴿ فَفِرُّوا إِلَى اللَّهِ إِنِّي لَكُمْ مِنْهُ نَذِيرٌ مُبِينٌ ﴾

[ سورة الذاريات: 50 ]

 كيف يكون فرار الإنسان إلى الله عز وجل ؟

 

فرار الإنسان إلى الله عز وجل :

الدكتور راتب :
 جهة واحدة في الكون ليس سواها أحد تفر منه إليه ، تفر من عقابه ، من معالجته ، من التضييق ، أمرنا بيده ، السعادة بيده ، الشقاء بيده ، الصحة بيده ، المرض بيده ، أراد أن يعطينا جنة عرضها السماوات والأرض ، فإذا أبينا أن نأخذها يأتي دور المربي ، مثلاً طفل رفض أن يدرس ـ ووالده عالم كبير ، يدعه وشأنه ؟! مستحيل ، يضيق عليه حتى يعينه على أن يدرس ، فإذا درس وحقق أهدافه في الدنيا الراقية يشكر والده على هذه المعاملة .
المذيع :
 إذاً شيخنا ففروا إلى الله أي تفر منه إليه ، من معصيتك إلى رحمته .
الدكتور راتب :
 من عقابه إلى ثوابه ، من تأديبه إلى إكرامه ، من ضعف الإيمان به إلى قوة الإيمان به ، من البعد عنه إلى القرب منه .
المذيع :
 شيخنا الكريم الالتزام بمثل هذه التعليمات تقضي بالابتعاد عن أماكن التجمعات هل ترى فضيلتكم أن فيها مسألة شرعية أو حكماً شرعياً يلتزم بها ؟

التزام التعليمات هو من العبادة لله :

الدكتور راتب :
 المسلم بإخبار طبيب حاذق ورع إذا دعاك إلى ترك شيء من الطعام والشراب ، أو إلى فعل شيء هذا من العبادة لله ، الله جعله خبيراً بالجسم ، إذا إنسان أدى تعليمات الطبيب هو في عبادة لله .
المذيع :
 ويقاس نفس الكلام اليوم إن هذه التعليمات الحكومية واجب شرعي ؟
الدكتور راتب :

﴿ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ ﴾

[سورة النساء : 59]

 أولو الأمر منكم ، من دينكم ، من جنسكم ، عندهم رحمة بكم .
المذيع :
 ماذا على المسلم أن يصنع في ظلّ هذا الابتلاء ؟ كيف يمكن أن يساهم المسلم ؟ هل الدعاء يمكن أن ينفع ؟ ماذا تنصح ؟

 

الحياة تعاون :

الدكتور راتب :
 الحياة تعاون ، قال تعالى :

﴿ وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ ﴾

[ سورة المائدة :2]

 الطرف الآخر يتعاونون تعاوناً مذهلاً وبينهم خمسة بالمئة قواسم مشتركة ، ويحققون بهذا التعاون إنجازات كبيرة ، والمسلمون ينبغي أن يتعاونوا تعاوناً مذهلاً أيضاً ، هذه مشكلة كبيرة ، التعاون فريضة .
المذيع :
 الأشخاص الذين يتطوعون في هذه الأيام ، التجار التي بدأت تنزل الأسعار ، الجمعيات الخيرية التي تقدم ما هو أجرهم في ظل هذه الأزمة ؟

 

خدمة الناس و الاهتمام بهم عبادة :

الدكتور راتب :

(( الْعِبَادَةُ فِي الْهَرْجِ كَهِجْرَةٍ إِلَيَّ ))

[مسلم عَنْ عَنْ مَعْقِلِ بْنِ يَسَارٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ]

 هذه عبادة ، خدمة الناس عبادة ، الاهتمام بهم عبادة ، هم عباد الله ، والله يرحمهم عن طريقك .
المذيع :
 معنا أخ محمد تفضل ..
 السلام عليكم حياكم الله يا دكتور محمد في بيتك الصغير الأردن ..
الدكتور راتب :
 أهلاً وسهلاً ومرحباً .
المذيع :
 معنا أخ محمد تفضل ..
 طبعاً ظهر الفساد في البر والبحر بما كسبت أيدي الناس ، سؤالي : إذا كان المتسبب هو بعض الدول ، أو من الله سبحانه وتعالى ، هل هو تأديب لهذه البشرية التي ارتكبت فيها بعض الفظاعات من بعض الدول المستكبرة بحق الشعوب المستضعفة وأغلبهم من المسلمين ؟

 

أسباب المأساة العامة التي أصابت الناس :

الدكتور راتب :
 قبل ذلك فيما أرى من أسباب هذه المأساة العامة التي شملت القارات الخمس ،وجميع الأقوام ، والشعوب ، والكيانات ، والأطياف ، والملل ، والنحل ، هذا اجتهاد مني والمجتهد بين الأجر والأجرين ، الأجر إذا أخطأ ، والأجرين إذا أصاب ، خصائصها أنك ترى في معظم البلاد العربية والإسلامية بل وغير العربية والإسلامية على التغليب لا على التعيين أن الأسعار عالية ، والنساء عارية ، ودور العبادة خالية ، وأحكام الله لاغية ، وأن السارق معظّم مبجّل طبعاً بالأعم الأغلب ، والإنسان المؤمن في قيده مكبل ، هذا في معظم البلاد التي شردت عن الله ، فالزواج محال ، والزنا حلال ، والنساء قوامون على الرجال ، وأرض الله محتلة ، والفقراء تحت الأمطار والثلوج بلا مظلة ، ينامون في العراء ، ويفترشون الأرض ، ويلتحفون السماء ، والعالم كله يراهم رأي العين ، ويسمع أنينهم وشكواهم بأقوى صوت ، ويعرف حجم مأساتهم وبلواهم ، بأقوى دليل قاطع ، وبرهان ساطع ، ولا أعتقد أن هناك بعد الحرب العالمية الثانية مأساة تفوق مأساة معظم شعوب الشرق الأوسط ، معظم لا أقول جميع ، الله أكرمنا بهذا البلد ، بل لا يوجد من مآس ، ولا آلام ، ولا إذلال ، ولا إفقار ، ولا اضطهاد ، ولا نهب ، ولا سلب ، يفوق بعض ما في معظم بلاد الشرق الأوسط ، مع أن الأقوياء في العالم شرقاً وغرباً وشمالاً وجنوباً من بعض إمكاناتهم بل من أقلها أنهم يستطيعون أن يحقنوا دماء الملايين المملينة من القتلى والجرحى ، ويمنعوا تدمير الملايين المملينة من الأبنية والمنشآت وآبار النفط والفلزات ، والأقوياء في العالم الغربي يستطيعون بهاتف منهم ليس غير أن يوقفوا القتل ، والتدمير ، والكذب ، والتضليل ، والاغتصاب، والتشبيح ، والتدليس ، والتعفيش ، لكنني لا أعمم فالتعميم من العمى ، والتدليس أخو الكذب ، ففي هذا البلد الطيب الأردن الذي نحن فيه من دون محاباة ، ولا مديح ، ولا تلميع، ولا تزوير ، المسؤولون في هذا البلد الطيب قاموا بأعمال تشف عن علم وإخلاص ، وعن فهم عميق ، وغيرة كبيرة .
المذيع :
أبو كامل تفضل...
 ولا يعلم جنود ربك إلا هو ، هذا الفيروس جندي من جنود الله ؟

الفيروس جندي من جنود الله :

الدكتور راتب :
 هذا أحد جنود الله .
المذيع :
 هل هذا الفيروس مصطنع ؟ هل يقدر الإنسان أن يصنع هذا الفيروس ؟
الدكتور راتب :
 قضية خلافية الحكم بها لا أملكه لا أنا ولا غيري .
المذيع :
 تفضل جواد..
 كيف بإمكاننا الوقاية من هذا الفيروس ؟ وكيف ندعو الله عز وجل ؟

الفيروس امتحان للمستقيمين وتأديب للعصاة :

الدكتور راتب :
 هذا الفيروس امتحان للمستقيمين ، وتأديب للعصاة ، هناك تأديب و امتحان ، قال تعالى :

﴿ الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلاً ﴾

[ سورة الملك : 2 ]

المذيع :
 السؤال الثاني كان من أبي كامل ولا يعلم جنود ربك إلا هو ، هل يمكن لهذا الفيروس أن يكون جندياً من جنود الله ؟ كيف ذلك؟

 

كل الأشياء السلبية جنود من جنود الله عز وجل :

الدكتور راتب :
 لا يوجد شيء واضح وصارخ كهذا الجندي لله ، واضحة ؟ لأنه تجاوز التقدم ، والتقنية ، والفهم ، والسياسة ، والسلاح ، والطيران ، كله تجاوزه ، معقول بالقارات الخمس الحياة تقف ؟ حتى الكعبة المشرفة لا يوجد أي إنسان ، أحد جنود الله الكبيرة ، لكن للمؤمن ابتلاء ، ولغيره تأديب .
المذيع :
 ممكن نوضح ما هو المقصود الشرعي حينما نقول : هذا جندي من جنود الله ؟
الدكتور راتب :
 الله عز وجل كيف يعامل عباده ؟ أحياناً يهيئ واحد قوياً ، القوة يشفي بها صدره هو لكن يؤدب بها خلقه ، هذا شيء دقيق ، لذلك الإنسان قد يؤدب من قبل قوي ، وقد يعاقب القوي، الجنود الأقوياء جنود ، والمرض جندي ، والخوف جندي ، والهم جندي ، كل الأشياء السلبية جنود من جنود الله عز وجل ، والله يقول :

﴿ وَمَا يَعْلَمُ جُنُودَ رَبِّكَ إِلَّا هُوَ ﴾

[ سورة المدثر : 31 ]

 حتى قالوا : الغباء جندي ، أحياناً يكون الإنسان ذكياً جداً ، يرتكب حماقة كبيرة جداً ، غباؤه بهذا الموقف جندي من جنود الله عز وجل ، مع الله لا يوجد قوي يوجد مستقيم .
المذيع :
 كيف يمكن للمسلم أن يقي نفسه من هذا المرض هل هناك نصائح شرعية ؟

 

كيفية الوقاية من هذا الفيروس :

الدكتور راتب :
 تعليمات الأطباء لا بد من الأخذ بها ، لأن هذا الطبيب يمثل الخبير في الجسم ، فطاعة الطبيب هنا من طاعة الله .
المذيع :
 ماذا عن الدعاء هل للدعاء ...
الدكتور راتب :
 أنا لي رأي بالدعاء دقيق ، الله يريد قلبك الحاضر ولو كانت لغتك عامية لا يهم ، يريد قلبك الحاضر :

(( ابن آدم اطلبني تجدني ، فإذا وجدتني وجدت كل شيء ، وإن فتك فاتك كل شيء ، وأنا أحب إليك من كل شيء ))

[ تفسير ابن كثير]

المذيع :
 مشاركات حميد تفضل ..
 كيف نستعمل الخوف والرجاء في هذا الوقت ؟
تفضل أخي رائد ..
 هل من الحكمة أن نربط الفساد بالأمراض أو الأوباء التي انتشرت عندنا ؟ وكيف نوفق بين طاعون عمواس الذي ضرب الصحابة وبين قول الله :

﴿ وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنْتَ فِيهِمْ وَمَا كَانَ اللَّهُ مُعَذِّبَهُمْ وَهُمْ يَسْتَغْفِرُونَ ﴾

[ سورة الأنفال : 33 ]

 ما وجه العلاقة بين الفساد والمرض مع أن الصحابة ...
تفضل أخي نعيم ...
 ألا نرى أن من شدة غضب الله علينا أنه لا يريد منا الصلاة في المساجد ؟

 

المؤمن يبتلى ويكافأ أما غير المؤمن فيعاقب :

الدكتور راتب :
 أولاً : المؤمن مبتلى ، إذا كان سيد الخلق وحبيب الحق وسيد ولد آدم يقول :

(( لقد أوذيت في الله وما يؤذى أحد ، ولقد أخفت في الله وما يخاف أحد ، ولقد أتت عليّ ثلاث من بين يوم وليلة ومالي طعام إلا ما واراه إبط بلال))

[الترمذي عن أنس بن مالك]

 هذه الدنيا فيها ابتلاء ، علة وجودنا الابتلاء :

﴿ الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلاً ﴾

[ سورة الملك : 2 ]

 البطولة لا أن تنجو من الابتلاء بل أن تنجح فيه ، هذا الابتلاء قدرنا ، المؤمن يبتلى ويكافأ ، أما غير المؤمن فيعاقب ، وهناك فرق بين الابتلاء والعقاب ، لكن الله عز وجل يلقي في روع الإنسان أن هذا ابتلاء ، وأن هذا عقاب .
المذيع :
 كيف يمكن للخوف أن يتحول إلى باب من أبواب القرب والتوبة من الله عز وجل ؟

 

من طبق سنة النبي فهو في مأمن من عذاب الله :

الدكتور راتب :
 لا بد من ذكر آيتين اثنتين ؛ آية في الأمل ، وآية في الخوف ، قال تعالى :

﴿ وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنْتَ فِيهِمْ ﴾

[ سورة الأنفال : 33 ]

 يا محمد مادامت سنتك قائمة في حياتهم ، في دخلهم ، في إنفاقهم ، في زواجهم ، في عملهم ، في تمضية أوقات فراغهم ، في عطائهم ، في منعهم ، في سفرهم ، في إقامتهم ، وفق منهج الله الآية تقول :

﴿ وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنْتَ فِيهِمْ ﴾

[ سورة الأنفال : 33 ]

 هذا الشيء الأول .

 

الإسلام فردي و جماعي :

 أما الأرض فيها الآن ثمانية مليارات شاب ، واحد من هؤلاء جميعاً استقام على أمر الله ، وهو محاسب عن نفسه وبيته وعمله ، لذلك تأتي الآية هنا :

﴿ مَا يَفْعَلُ اللَّهُ بِعَذَابِكُمْ إِنْ شَكَرْتُمْ وَآمَنْتُمْ ﴾

[ سورة النساء : 147]

 عندنا إسلام فردي وإسلام جماعي كانتصار للأمة لا بد من تطبيق منهج الله ، أما كسلامة فرد :

﴿ مَا يَفْعَلُ اللَّهُ بِعَذَابِكُمْ إِنْ شَكَرْتُمْ وَآمَنْتُمْ ﴾

[ سورة النساء : 147]

 فديننا من عظمته أنه دين فردي جماعي ..شاب طبق يقطف ثماره بمفرده ، وأما الأمة إذا طبقت فتقطف ثماره الجماعية .
المذيع :
 اليوم قوله تعالى :

﴿ وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنْتَ فِيهِمْ وَمَا كَانَ اللَّهُ مُعَذِّبَهُمْ وَهُمْ يَسْتَغْفِرُونَ ﴾

[ سورة الأنفال : 33 ]

 هناك من المسلمين من يستغفر ، من يطبق الدين ، لكن هذا الابتلاء الجماعي شملهم أيضاً ؟

 

من يصبر ينل أكبر عطاء من الله :

الدكتور راتب :
 قال تعالى :

﴿ وَيُنَجِّي اللَّهُ الَّذِينَ اتَّقَوا بِمَفَازَتِهِمْ ﴾

[سورة الزمر: 61]

المذيع :
 ما معنى النجاة هنا ؟
الدكتور راتب :
 له معاملة خاصة .
المذيع :
 هل يعني أن المؤمن لن يصاب بهذا المرض ؟
الدكتور راتب :
 لا ، يصاب ، قال تعالى :

﴿ وَإِنْ كُنَّا لَمُبْتَلِينَ ﴾

[ سورة المؤمنون: 30]

 لا يوجد عقاب إذا صبر ، أنت توقع شيكاً لإنسان ، ما هو أكبر شيك ؟ هو شيك موقع بلا رقم ، ماذا قال تعالى ؟

﴿ إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسَابٍ ﴾

[ سورة الزمر : 10]

 هذا الذي يصبر ينال أكبر عطاء من الله ، الإيمان نصفان نصف صبر ونصف شكر.
المذيع :
 ما رأي فضيلتكم بربط هذه الابتلاءات وهذا الفيروس بوجود الفساد في الأمة هل هو عقاب للأمة المسلمة ؟

 

عدل الله عدل مطلق :

الدكتور راتب :
 عند الله لا يوجد عقاب جماعي ، كل إنسان وعمله واستقامته ، هناك عدل مطلق لأن الله عز وجل قال :

﴿ وَكَذَلِكَ نُنْجِي الْمُؤْمِنِينَ ﴾

[ سورة الأنبياء: 88]

 هذا قرآن .
المذيع :
 كما وضحت فضيلتك أن مفهوم النجاة لا يعني أنه لن يصاب بالمرض إنما هو مأجور وليس عقاباً ؟

 

النجاة ليست بعدم الإصابة إنما بالثبات على الحق :

الدكتور راتب :
 الإنسان له حياة نفسية مع الله ، قد يكون الإنسان مصاباً بمرض أسعد من مليون شخص ، دخل إلى المستشفى مريضان ؛ أول مريض معه ورم خبيث ، لا يوجد أمل ، ما دخل عنده إنسان إلا يقول له : اشهد أنني راض عن الله ، يا ربي لك الحمد ، يتهافت الممرضون على الدخول لعنده ، غرفة منورة فيها روحانية ، جاء بعده مريض بالمرض نفسه ، لم يترك كلمة بذيئة إلا تكلمها ، وكلام فيه كفر لا يعلمه إلا الله ، الله أطلع أهل هذه المستشفى على مرض واحد وألم واحد بموقفين متعاكسين .
المذيع :
 النجاة ليست بعدم إصابته بالمرض وإنما الله عز وجل ثبته على الحق .
الدكتور راتب :
 الرضا عن الله ، قال : يا ربي هل أنت راض عني ؟ وقع في روعه هل يا عبدي أنت راض عني ؟ قال : يا رب كيف أرضى عنك وأنا أتمنى رضاك ؟ فكان الجواب إذا كان سرورك بالنقمة كسرورك بالنعمة فقد رضيت عن الله عز وجل .
المذيع :
 في الطاعون الذي أصاب الصحابة ، الصحابة الكرام أصيبوا بالطاعون كيف يمكن أن تفسر هذه القضية من الناحية الشرعية والصحابة خيرة الناس ؟

لكل إنسان حساب خاص به :

الدكتور راتب :
 هذا الموت حق ، مثل بسيط طريق عرضه ستين متراً ، فيه سيارات ، سيارة قديمة سنة 1948 ، سيارة 2019 ، وسيارة كبيرة ، وسيارة صغيرة ، وسيارة غالية ، وسيارة رخيصة ، جميع هذه السيارات هبطوا في حفرة عميقة مالها من قرار ، فالوسائل ليس لها قيمة ، المصير إلى النار ، بالعكس جنة رائعة جداً ، لها طريق واحد ذهب إليها مشياً ، والثاني على دراجة، والآخر على دراجة نارية ، والرابع بسيارة ، والخامس بالطيارة ، بعد أن دخلوها ألغيت الوسائل، فوسائل الجنة بعد الدخول تلغى ، ووسائل النار بعد الدخول تلغى ، فالبطولة الاستقرار ، لذلك النبي صلى الله عليه وسلم يقول :

(( أَلا إِنَّ عَمَلَ الْجَنَّةِ حَزْنٌ بِرَبْوَةٍ ،...إِنَّ عَمَلَ النَّارِ سَهْلٌ بِسَهْوَةٍ ))

[ أحمد عن ابن عبَّاس ]

المذيع :
 قد يكون الخلل في فهمنا الخاطئ أن من علامة رضا الله أنه لا يتعرض إلى مصاعب هذه الدنيا .
الدكتور راتب :
 قال تعالى :

﴿ وَكَذَلِكَ نُنْجِي الْمُؤْمِنِينَ ﴾

[ سورة الأنبياء: 88]

 أقسم لك بالله زوال الكون أهون على الله من ألا يحقق وعوده للمؤمنين .
المذيع :
 اليوم يتحدث البعض أنه عندما تغلق المساجد أي الله غضب ولا يريد أن نذهب إلى بيوته لأنه غاضب علينا ؟
الدكتور راتب :
 الجواب ليس بخيركم من عرف الخير ، ولا من عرف الشر ، ولكن من عرف الشرين وفرق بينهما ، واختار أهونهما . سمحنا الصلاة بجامع فيه ازدحام ، ثلثا المصلين أصيبوا بالمرض هل هذا معقول ؟
المذيع :
 لا ، القصد حينما تغلق المساجد هل يكون الله غاضباً علينا ؟
الدكتور راتب :
 لا يوجد شيء عام ، كل واحد له حساب خاص ، المؤمن يأتيه امتحان فينجح ، وغيره يأتيه امتحان فيسقط .
المذيع :
 كان هناك توضيح من فضيلتكم البلاء يصيب الجميع ، لكن المسلم ينجيه الله عز وجل بأنه يصبر ولا يعني أنه معصوم من الأمراض .

 

الابتلاء علة وجودنا :

الدكتور راتب :
 سيد الخلق وحبيب الحق وسيد ولد آدم قال :

(( لقد أوذيت في الله وما يؤذى أحد ، ولقد أخفت في الله وما يخاف أحد ، ولقد أتت عليّ ثلاث من بين يوم وليلة ومالي طعام إلا ما واراه إبط بلال))

[ الترمذي عن أنس بن مالك]

 معنى ذلك أن الابتلاء علة وجودنا ، وغاية وجودنا ، الدليل :

﴿ الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلاً ﴾

[ سورة الملك : 2 ]

 الآية الثانية :

﴿ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ وَإِنْ كُنَّا لَمُبْتَلِينَ ﴾

[ سورة المؤمنون: 30]

 بطولتنا لا أن ننجو من الابتلاء بل أن ننجح فيه .
المذيع :
 بعض الأشخاص الذين يتسلقون بمصالحهم على هذه الظروف ، منهم من يرفع الأسعار ، من يستغل الناس ، من يحتكر .

 

الابتعاد عن الاحتكار لأنه ظلم للناس :

الدكتور راتب :
 هذا الذي يحتكر خاطئ خطأ كبيراً ، الله كبير أنت حينما تظلم الناس والحديث الصحيح الواضح :

(( لَا يَحْتَكِرُ إِلَّا خَاطِئٌ ))

[ مسلم عَنْ مَعْمَرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ]

 أنت تستغل ظرفاً معيناً لتضاعف الأرباح .
المذيع :
 الذين يرفعون الأسعار عن السلع المطلوبة في هذه الأزمة .
الدكتور راتب :
 الحديث دقيق جداً ، إن أطيب الكسب كسب التجار ؛ الذين إذا حدثوا لم يكذبوا ، وإذا وعدوا لم يخلفوا ، وإذا ائتمنوا لم يخونوا ، وإذا اشتروا لم يذموا ، وإذا باعوا لم يطروا ، وإذا كان لهم لم يعسروا ، وإذا كان عليهم لم يمطلوا ، الذين فتحوا إندونيسيا تسعة تجار ، أكبر قطر في العالم الإسلامي ، مئتان وخمسون مليوناً ، فالتاجر الصدوق مع النبيين أين بطولته ؟ في الأزمات لا يحتكر ، ولا يرفع السعر ، والله هو المسعر ، والله له عقاب شديد ، غلطة في الكلية، فشل كلوي ، في الكبد تشمع كبد ، في القلب جلطة ، بالدماغ خثرة ، الله كبير .
المذيع :
 في أحد الزوايا يتحدث الناس فيها أن هذا المرض سوف ينهي حياة البشرية .

 

عظمة هذا الدين أنّ كل شيء يحتاج إلى دليل :

الدكتور راتب :
 لا يعلم الغيب إلا الله وأي إنسان حدثك عن غيب اركل كلامه بقدمك ، لكن الله عز وجل ذكر إلى النبي صلى الله عليه وسلم بعض أشراط الساعة مثلاً ، موت كعقاص الغنم، لا يدري القاتل لمَ يقتل ؟ ولا المقتول فيمَ قتل ؟ يوم يذوب قلب المؤمن في جوفه مما يرى ، ولا يستطيع أن يغير ، إن تكلم قتلوه ، وإن سكت استباحوه .
 النبي حدثنا من وحي الله عز وجل ، هذا الدين من عظمته يحتاج إلى دليل ، أنصح الأخوة المستمعين والمشاهدين لا تقبل شيئاً إلا بالدليل ، ولا ترفض شيئاً إلا بالدليل ، ولولا الدليل لقال من شاء ما شاء ، إن هذا العلم دين فانظروا عمن تأخذون دينكم ، ابن عمر دينك دينك ، إنه لحمك ودمك ، خذ عن الذين استقاموا ، ولا تأخذ عن الذين مالوا .
المذيع :
 معنا اتصال تفضلي أم أنس ..
 يوجد مقولة لابن خلدون : ما استهان قوم ببلاء نزل بهم إلا زاد ، ماذا تقول للناس الذين لا يلتزمون بالقوانين الصادرة من الحكومة ويؤلفون النكت والسخرية وصارت طرائف كورونا يربطونها بالآيات القرآنية حتى غاية البارحة ؟
معنا أبو عمر تفضل ..
 لن يصيبنا إلا ما كتب الله لنا ، وفي حديث للنبي : لو اتبعتم أقواماً حتى إذا دخلوا جحر ضب دخلتم وراءهم ، هل العقاب من جنس العمل ؟
تفضل حسان ...
 الحلقة عنوانها ففروا إلى الله ، السؤال : كيف يفر إلى الله من طبع على قلبه ؟

تطبيق قواعد الدين و الالتزام بها :

الدكتور راتب :
 أنا أرى أن المؤمن إذا طبق نصيحة طبيب موثوق ورع ، تطبيقه لهذه النصيحة جزء من دينه ، طبيب الله مكنه من فهم قواعد هذا الجسم ، وقوانينه ، قال لك : دع الملح ، يجب أن تأخذ بتوجيهاته ، وإلا تدفع الثمن .
المذيع :
 بعض الأشخاص الذين يربطون هذه المواقف بالطرائف والنكت ، البعض يأخذها من باب السخرية والبعض من باب التخفيف من هذا التوتر ما رأي فضيلتكم ؟

الطرفة التي يسمح بها الشرع طرف حيادية :

الدكتور راتب :
 السخرية من منهج إلهي هذه ليست سخرية يوجد عقاب شديد عليها .
المذيع :
 لو كانت السخرية بعيدة كل البعد عن الجانب الشرعي والديني وهي مرتبطة مثلاً بالبقاء في البيت هل يوجد حرج ؟
الدكتور راتب :
 الطرفة التي يسمح بها الشرع لا تمس فئة ، ولا جماعة ، ولا طائفة ، ولا موظفاً ، ولا دولة ، ولا بلداً ، هناك طرف حيادية ، أما الطرفة أحياناً طريق آخر إلى تقزيم الإنسان .
المذيع :
 هل هذا عقاب لأن المسلمين يتبعون العالم ويقلدونه لحد كبير ؟

 

التعميم من العمى :

الدكتور راتب :
 لا يوجد حكم عام ، عندنا قاعدة بالفقه : التعميم من العمى ، الله عز وجل ما عمم ، قال تعالى :

﴿ وَإِنَّ مِن أَهلِ الكِتابِ ﴾

[سورة آل عمران: ١٩٩]

 مصيبة واحدة ركاب طائرة سقطت ، واحد ذهب يتاجر له أجر ، الثاني يعمل عمرة له أجر ، الثالث ذهب إلى تايلاند يغير عليه وزر ، كل واحد يموت بطريقة .
المذيع :
 كيف نفر إلى الله وخاصة من ختم على قلبه ؟

 

كيفية الفرار إلى الله عز وجل :

الدكتور راتب :
 إذا توهمت أن الله كتب عليك أن تكون شقياً الدين كله ألغي ، والجنة ألغيت ، والنار ألغيت ، دقق قال تعالى:

﴿ فَمَنْ شَاءَ فَلْيُؤْمِنْ وَمَنْ شَاءَ فَلْيَكْفُرْ ﴾

[ سورة الكهف : 29 ]

﴿ إِنَّا هَدَيْنَاهُ السَّبِيلَ إِمَّا شَاكِراً وَإِمَّا كَفُوراً ﴾

[ سورة الإنسان :3 ]

 أما الذي يقول : مكتوب عليّ فقد قال تعالى :

﴿ سَيَقُولُ الَّذِينَ أَشْرَكُوا لَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا أَشْرَكْنَا ﴾

[ سورة الأنعام : 148 ]

 عقيدة الجبر تلغي الدين ، تلغي الثواب والعقاب ، تلغي الجنة والنار ، عقيدة الجنة تجعل من الدين مهزلة ، وتمثيلية سخيفة ، ممكن مدير مدرسة أول يوم بالعام الدراسي يجمع الطلاب بالساحة ويقول : سوف أتلو عليكم أسماء الناجحين والراسبين ، هذه مدرسة ؟ لذلك :

﴿ سَيَقُولُ الَّذِينَ أَشْرَكُوا لَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا أَشْرَكْنَا ﴾

[ سورة الأنعام : 148 ]

 عقيدة الجبر تلغي الدين ..
المذيع :
 الإنسان الذي ختم على قلبه وشعر أن هناك حاجزاً بينه وبين الله كيف له أن يعود إلى الله من جديد ؟

 

الإضلال الجزائي مبني على ضلال اختياري :

الدكتور راتب :
 لماذا ختم الله على قلبه ؟ هو ما سأل على الدين ، وما فهم حقيقة الدين ، بل سخر من الدين ، مثل واحد عمل حاجزاً بينه وبين الحق ، الحاجز هو الذي منعه ، لذلك قالوا : الإضلال إذا نسب إلى الله فهو الإضلال الجزائي المبني على ضلال اختياري :

﴿ فَلَمَّا زَاغُوا أَزَاغَ اللَّهُ قُلُوبَهُمْ ﴾

[ سورة الصف: 5]

 الفكرة دقيقة إذا نسب الإضلال إلى الله فهو الإضلال الجزائي المبني على ضلال اختياري .
المذيع :
 هل من نصيحة أخيرة للمسلم كي يطمئن قلبه ويفر إلى الله عز وجل من هذه الدنيا الموحشة وهذه الابتلاءات الشديدة ؟

 

نصيحة للمسلم كي يطمئن قلبه ويفر إلى الله :

الدكتور راتب :
 ألخص موضوع هذا اللقاء : المؤمن الصادق ينبغي أن يأخذ بالأسباب وكأنها كل شيء ، ثم يتوكل على الله وكأنها ليست بشيء ، يوجد توجيه صحي أبقى في البيت ، غسل يديك عشرون ثانية في المرة ، التعليمات الصحية هذه جزء من دينك ، أنا هذا إيماني ، الله عز وجل اختار للإنسان تعلم الطب ، وأعطاك قوانين جسمك .
المذيع :
 الله يفتح عليكم دكتور ! نختم هذه الحلقة بالدعاء ، ونسأل الله تعالى القبول .

الدعاء :

الدكتور راتب :
 بسم الله الرحمن الرحيم ، اللهم أصلح لنا ديننا الذي هو عصمة أمرنا ، وأصلح لنا دنيانا التي فيها معاشنا ، وأصلح لنا آخرتنا التي إليها مردنا ، واجعل الحياة زاداً لنا من كل خير، واجعل الموت راحة لنا من كل شر مولانا رب العالمين ، اللهم اكفنا بحلالك عن حرامك ، وبطاعتك عن معصيتك ، وبفضلك عمن سواك ، اللهم لا تؤمنا مكرك ، ولا تهتك عنا سترك ، ولا تنسنا ذكرك ، أعطنا ولا تحرمنا ، أكرمنا ولا تهنا ، آثرنا ولا تؤثر علينا ، أرضنا وارضَ عنا ، اجعل هذا البلد آمناً سخياً رخياً وسائر بلاد المسلمين ، واحقن دماء المسلمين في كل مكان ، وجاز من سعى لشفاء المرضى والاعتناء بهم له عند الله أجر كبير إن شاء الله .

 

الاستماع للدرس

00:00/00:00

تحميل النص

إخفاء الصور