وضع داكن
18-04-2024
Logo
حياة المسلم 2 - إذاعة حياة إف إم - مدارج السالكين : الحلقة 35 - قلة السالكين
رابط إضافي لمشاهدة الفيديو اضغط هنا
×
   
 
 
 بسـم اللـه الرحمـن الرحيـم  
 

مقدمة :

 السلام عليكم ورحمة الله و بركاته ، أهلاً و مرحباً بكم مستمعينا الأكارم على الهواء مباشرة ، نلتقي بحول الله على الهواء مع فضيلة العلامة الداعية الإسلامي الأستاذ الدكتور محمد راتب النابلسي ، مرحباً بكم أستاذنا وشيخنا ، أهلاً وسهلاً .
الدكتور راتب :
 بارك الله بكم ، ونفع بكم ، وأعلى قدركم .
المذيع :
 حياكم الله يا دكتور ، شيخنا الكريم ، عنوان حلقتنا لهذا اليوم " قلة السالكين في طريق الحق" نبدأ حلقتنا بقول النبي صلى الله عليه وسلم :

(( بَدَأَ الإِسلامُ غريباً ، وسَيَعُودُ غريباً كما بدَأَ ، فطُوبَى للغرباءِ ))

[مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه]

 اليوم أصبح هناك تحدّ لكثير من الناس ، كم عدد الذين يسيرون في طريق الحق؟ هل الحق يحتاج أقواماً كثر ، هل يحتاج سواداً كبيراً من الناس ؟ أما أن الحق حق لا يتغير بعدد سالكيه ؟ نبدأ مع فضيلتكم شيخنا الكريم بتوضيح الفلسفة الإسلامية في عدد السالكين في طريق الحق .

 

التوحيد نهاية العلم والعبادة نهاية العمل :

الدكتور راتب :
 بسم الله الرحمن الرحيم ، الحمد لله رب العالمين ، و الصلاة و السلام على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين ، اللهم لا علم لنا إلا ما علمتنا إنك أنت العليم الحكيم ، اللهم علمنا ما ينفعنا ، وانفعنا بما علمتنا ، وزدنا علماً ، وأرنا الحق حقاً وارزقنا إتباعه ، وأرنا الباطل باطلاً وارزقنا اجتنابه ، واجعلنا ممن يستمعون القول فيتبعون أحسنه ، وأدخلنا برحمتك في عبادك الصالحين .

أخي الكريم ، بارك الله بك ، ونفع بك ، وأعلى قدرك . إذا كان الله معك فمن عليك؟ وإذا كان عليك فمن معك ؟ يا رب ماذا فقد من وجدك ، وماذا وجد من فقدك ؟  القصة لا يهم عدد السالكين ، قلتهم أو كثرتهم ، أن تكون مع الله .

كن مع الله تر الله معك   واترك الكل وحاذر طــــــــمعك
وإذا أعطاك مـن يـــــمنعه   ثم مـــــن يعطي إذا ما منعك
***

 هذا التوحيد ، وما تعلمت العبيد أفضل من التوحيد ، آية قرآنية واحدة يمكن أن تلخص فحوى دعوة الأنبياء جميعاً والرسل من دون استثناء ؟ قال تعالى :

﴿ وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ إِلَّا نُوحِي إِلَيْهِ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدُونِ ﴾

[ سورة الأنبياء : 25]

 فالتوحيد نهاية العلم ، و العبادة نهاية العمل ، الإنسان عقل يدرك وقلب يحب ، نهاية علمه وعقله التوحيد ، الله عز وجل ما أسلمك إلى غيره ، قال لك :

﴿ وَإِلَيْهِ يُرْجَعُ الْأَمْرُ كُلُّهُ فَاعْبُدْهُ ﴾

[ سورة هود : 123 ]

 ما أمرك أن تعبده إلا بعد أن طمأنك ، لأنه لو أسلمك إلى غيره بالمنطق لا يستحق أن تعبده ، لو أسلم مصيرك إلى غيره ، قال لك :

﴿ وَإِلَيْهِ يُرْجَعُ الْأَمْرُ كُلُّهُ ﴾

[ سورة هود : 123 ]

 في الأرض كلها ، في الخمس قارات ، من آدم ليوم القيامة ، لو أسلم الله عباده إلى غيره معهم حجة ، الله قال :

﴿ قُلْ فَلِلَّهِ الْحُجَّةُ الْبَالِغَةُ ﴾

[ سورة الأنعام : 149 ]

المذيع :
 ونعم بالله رب العالمين .

 

الدين واقعي ومنطقي ومتوازن يجمع بين الدنيا والآخرة :

الدكتور راتب :
 لذلك النقطة الثانية ليس هناك أمر الله أمرك به إلا ضمن استطاعتك ، وكل إنسان توهم أن هذا الأمر فوق استطاعته فهو يكذب القرآن لقوله تعالى :

﴿ لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْساً إِلَّا وُسْعَهَا َ﴾

[ سورة البقرة : 286]

فهذا الدين أولاً واقعي ومنطقي ومتوازن ، يجمع بين الدنيا والآخرة ، والمادة والروح والمبادئ والقيم والحاجات والأهداف ، هذا دين الله عز وجل ، أي شيء أرضي فيه خطأ وفيه خلل .
المذيع :
 شيخنا الكريم ، يبدو أن المقياس الذي من خلاله يحكم الإنسان على القضايا إذا كانت صواباً أو خطأ يختلف من زمان إلى زمان ، هل لا زال اليوم المقياس الديني هو المقياس الأول عند الناس ليقيسوا بوصلة الصواب ؟
الدكتور راتب :
 المقياس عند الإله ، الحقيقة عندنا مليون مقياس في الأرض ، لكن البطولة أن تكون مقاييسك أيها المؤمن مطابقة لمقاييس خالق الأكوان ، مثلاً الغني محترم ، له مكانته في المجتمع ، في المجتمعات كلها ، وقد يرتكب الخطأ الفاحش ولا أحد يتكلم بكلمة ، أما الفقير أحياناً يحاسب على صوابه لا على خطأه ، لا يهمك : "إذا كان الله معك فمن عليك ، وإذا كان عليك فمن معك" ، يوجد آية تطمئن :

﴿ وَإِنْ تُطِعْ أَكْثَرَ مَنْ فِي الْأَرْضِ يُضِلُّوكَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ ﴾

[ سورة الأنعام : 116]

 فأنت كن مع الأقلية المؤمنة المستقيمة العارفة لله عز وجل ، المهتدية بهديه ، المطبقة لأمره ، المحسنة لخلقه ، ولا تكن مع الأكثرية التائهة الضالة التي تعيش لملذتها وشهواتها .
المذيع :
 إذاً على الإنسان أن تكون مقاييسه مقاييس الشريعة ، مقاييس الله عز وجل . ماذا إذا كانت الأغلبية في هذه الأيام عكس هذه المقاييس ؟ كيف يستطيع أن يعيش منفرداً وهو في بيئة مختلفة ؟

 

المفارقة بين الحق والباطل والهوى والمنهج والطاعة والمعصية هي ثمن الجنة :

الدكتور راتب :
 أنت بحاجة إلى حاضنة إيمانية ، مهما كانت الأغلبية منحرفة ومتفلتة ولا تطيع الله لابد من أقلية ، الأقلية المؤمنة ، الصادقة ، المستقيمة ، المحسنة موجودة ، ولا يوجد مكان في الأرض إلا وفيه دعوة إلى الله ، لكل عصر واحد من جنسه .
المذيع :
 الرفقة الصالحة تعين على الثبات بطريق الحق .
الدكتور راتب :
 هذه اسمها حاضنة إيمانية ، ما دليلها بالقرآن ؟

﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ ﴾

[ سورة التوبة : 119]

كن معهم ، اسهر معهم ، تنزه معهم ، شارك تجارتك معهم وليس مع غير المؤمنين ، غير المؤمن يحضر مواد محرمة ويحرجك ، إذا كان شريكاً غير مؤمن يشتري مواد محرمة ، مواد فيها معاصي وآثام .
 مرة قال لي أحدهم أنه يبيع طاولات زهر ، قلت له : والله هذه لا يجوز بيعها ، قال : عليها طلب كثير يا أستاذ ، لا أستطيع ألا أبيعها ، معنى ذلك أن دينه هواه .

﴿ أَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَهَهُ هَوَاهُ ﴾

[ سورة الفرقان : 43]

 أحياناً المفارقة بين الحق والباطل ، بين الهوى والمنهج ، بين الطاعة والمعصية المفارقة هذه هي ثمن الجنة .
المذيع :
 لكن أحياناً دكتور الاختلاف عن البيئة لا يكون ، مثال : لو كان هنالك موظف يعمل في دائرة معينة ، وأراد مثلاً أن يكون منضبطاً في أداء مهامه في الوقت ، بعيداً عن الرشوة ، بعيداً عن الواسطة ، قد يكون مختلفاً ، وقد يكون منبوذاً من قبل باقي الزملاء .
الدكتور راتب :
 أنا عندي رأي وليس عندي غيره ، الآمر ضامن ، أي إذا وجد ثلاثون أو أربعون وحشاً أسود وسباع وذئاب وضباع ، وهي جائعة ، لكن كل هذه الوحوش مربوطة بأزمة محكمة بيد جهة قوية عادلة محسنة ، علاقة الإنسان مع الوحوش أم مع هذه الجهة ؟
المذيع :
 القوة ستكون مع الجهة التي تملك زمام الوحوش .

الأمر كله بيد الله وحده :

الدكتور راتب :
 انظر إلى الدليل :

﴿ فَكِيدُونِي جَمِيعاً ﴾

[ سورة هود : 55ـ 56]

 تحدي .

﴿ ثُمَّ لَا تُنْظِرُونِ * إِنِّي تَوَكَّلْتُ عَلَى اللَّهِ رَبِّي وَرَبِّكُمْ مَا مِنْ دَابَّةٍ إِلَّا هُوَ آخِذٌ بِنَاصِيَتِهَا إِنَّ رَبِّي عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ﴾

[ سورة هود : 55ـ 56]

 ومرة ثانية : إذا أسلمك الله إلى غيره لا يستحق أن تعبده ، قال لك :

﴿ وَإِلَيْهِ يُرْجَعُ الْأَمْرُ ﴾

[ سورة هود : 123 ]

 أل الجنس هذه سيدي تعني أن أي أمر من آدم إلى يوم القيامة في الخمس قارات الأمر كله توكيد :

﴿ فَاعْبُدْهُ ﴾

[ سورة هود : 123 ]

المذيع :
شيخنا العبارة الأولى التي تنسب لأحد علماء السلف ، وعله سهيل بن عياض : اسلك طريق الحق ولا يغرك قلة السالكين ، وإياك وطرق الباطل ولا يغرك كثرة الهالكين .
الدكتور راتب :
 من أروع ما يكون .
المذيع :
 كيف للإنسان أن يكون من هذه الفئة التي يطمئن قلبها وإن قل السالكون لطريق الحق؟
الدكتور راتب :
 أنا أعتقد أن الإنسان عندما يحقق حاجاته الأساسية من طعام ، وشراب ، وزواج ، وأولاد ، وبيت ، عنده حاجة في كيانه ، الحاجة أن يعرف الله ، ما دامت هذه الحاجة ما تحققت سيبقى عنده قلق متنام ، والذي يتنامى مع عمره ، والنقلة ستكون من البيت ، يوجد زوجة تروق له ، ويوجد أولاد وصبايا ، ويوجد سهرات ، ولقاءات ، وولائم ، ورحلات ، وسياحة ، وفنادق خمس نجوم ، وإطلالات على البحر ، وإطلالات على جبل أخضر ، بعد ذلك يوجد قبر.

(( عبدي رجعوا وتركوك ، وفي التراب دفنوك ، ولو بقوا معك ما نفعوك ، ولم يبقَ لك إلا أنا وأنا الحي الذي لا يموت ))

 إذا لم ندخل هذا اليوم في حسابنا كلنا كائناً من كان ، عندنا مشكلة كبيرة والله .
المذيع :
 إذاً على الإنسان أن تكون مقاييسه موافقة لشرع الله ، لكن هل هذا يقتضي دكتور أن يكون الإنسان ..

 

التناقض أبشع صفة في الإنسان :

الدكتور راتب :

﴿ وَلَوْ أَعْجَبَكَ كَثْرَةُ الْخَبِيثِ ﴾

[ سورة المائدة : 100 ]

 الآية ما أدقها!

﴿ وَإِنْ تُطِعْ أَكْثَرَ مَنْ فِي الْأَرْضِ يُضِلُّوكَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ ﴾

[ سورة الأنعام : 116]

المذيع :
 في المقابل دكتور هناك بعض الأشخاص الذين كما يقال يحملون السلم بالعرض ويحاول دائماً أن يخالف المجتمع ، أن يخالف الأمة حتى لو لم يكن حراماً ، ما تعليق فضيلتكم؟
الدكتور راتب :
 هذه نزعة عدوانية ، نزعة مرضية في الإنسان ، هذا اسمه عندي قناص ، هو دائماً يحب أن يبرز ، بالضبط مخالفة بسيطة جداً ، وقد يرتكب هو أكبر منها .

قتل امرئ في غابة جريمة لا تغتفر  وقتل شعب مسلم مسألة فيها نظر
***

 هذا التناقض أبشع صفة في الإنسان . آتي بمثل من واقع المسلمين : جالس مع زوجته ، وبدأ يسخر من أم زوجته طول السهرة ، أمك لا تفهم ، أمك كذا ، أمك كذا ، وهي صامتة ، مخافة أن يطلقها ، في اليوم الثاني تحدثت عن أمه ، أقام عليها الدنيا وكاد يطلقها ، هذا اسمه بالمفهوم العلمي عنصري ، ما هو العنصري ؟ إنسان يملك مقياسين لشيء واحد ، أما من هو الإنساني ؟ موضوعي مثلما أمك غالية عليك ، ولا تتحمل أن يتحدث عنها أحد أمها غالية عليها ، عاملها بالمثل .
المذيع :
فالمسلمون سواسية كأسنان المشط .

 

كل ما يحول بينك وبين أن تعبد الله ينبغي أن تغادره :

الدكتور راتب :
 طالما يوجد عنصرية في الأرض ، يوجد دول قوية يحق لها كل شيء وما عليها شيء ، هذه يمكن أن تبيد شعوباً بأكملها ليس عندها أي مشكلة ، و إذا حمل أحد السلاح ودافع عن نفسه يسمونه إرهابي ، هذه المفارقة الحادة تسبب فيما بعد نقمة عارمة جداً .
المذيع :

هذا هو قانون الغاب دكتور ، حينما يأكل القوي الضعيف .
 إذاً شيخنا الفكرة أن الإنسان عليه أن يعيش فرداً مندمجاً بالمجتمع لكن إذا كانت هناك بعض القضايا المخالفة للشرع فعليه أن يبتعد عنها اضطراراً ، لكن الأصل أنه مندمج .
الدكتور راتب :
 أي اجتماع ، أي مجتمع ، أي مجموعة ، أي مكان ، أي زمان ، أي جماعة ، حال بينك وبين أن تعبد الله ، والعبادة علة وجودك ، ينبغي أن تغادره .
 إذا كان أب ميسور الحال ، أرسل ابنه إلى باريس لينال الدكتوراه ، باريس مدينة عملاقة ، من أكبر مدن أوروبا ، فيها ملاهٍ ، فيها دور سينما ، فيها حدائق ، فيها معامل ، دور حكومة ، نقول لهذا الطالب في هذه المدينة العملاقة الكبيرة المترامية الأطراف : علة وجوده الوحيدة الدراسة ، لو فرضنا أنه لم يُقبل بالجامعة ، فإذا حال مكان ، أو زمان ، أو نظام ، أو جهة قوية بينك و بين علة وجودك في هذا المكان ينبغي أن تغادره ، وهذه هي الهجرة ، نحن عندنا عيد الهجرة ، فأي مكان حال بينك و بين أن تعبد الله ، بين علة وجودك ، بين غاية وجودك ، بين سبب وجودك ، إذا مكان أو زمان أو أي شيء حال بينك و بين أن تعبد الله ينبغي أن تغادر هذا المكان .
المذيع :
 حتى لو كان مجتمعاً عليك أن تهجر الخطأ الذي فيه في تلك اللحظة .

أرجحكم عقلاً أشدكم لله حباً :

الدكتور راتب :
 الآية :

﴿ وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ وَلَا تَعْدُ عَيْنَاكَ عَنْهُمْ تُرِيدُ زِينَةَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَلَا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَنْ ذِكْرِنَا وَاتَّبَعَ هَوَاهُ وَكَانَ أَمْرُهُ فُرُطاً ﴾

[ سورة الكهف : 28]

 هناك ملمح لغوي دقيق جداً ، ما معنا أغفلنا ؟ قد يتوهم متوهم أن الله جعله غافلاً ، لا ، وزن أفعل في اللغة لا تعني أنه جعلناه غافلاً ، وجدناه غافلاً .

﴿ وَلَا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ ﴾

[ سورة الكهف : 28]

 يقول العلماء بالقواميس المعتمدة : عاشرت القوم فما أبخلتهم ، أي ما وجدتهم بخلاء، عاشرت القوم فما أجبنتهم ، ما وجدتهم جبناء ، عاشرت القوم فما أضعفتهم ، ما وجدتهم ضعفاء، إذاً :

﴿ وَلَا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَنْ ذِكْرِنَا ﴾

[ سورة الكهف : 28]

 أي من وجدناه غافلاً عن ذكرنا لا تطعه . مثلاً عندنا لعبة شد الحبل ، بأي سهرة ، بأي مكان ، إن استطعت أن تشدهم إليك ، إلى الصلاة ، إلى طاعة الله ، إلى عدم الاختلاط ، إلى عدم أكل المال الحرام ، فابقَ معهم ، وإن تمكنوا أن يشدوك إليهم فابتعد عنهم .
المذيع :
 الله يفتح عليكم يا دكتور ، ويبارك لكم في كلامكم الطيب . عنوان نقاشنا وحوارنا لهذا اليوم " قلة السالكين في طريق الحق" ، شيخنا في سورة البقرة في قوله تعالى في قصة طالوت وجالوت ، قال الله عز وجل :

﴿ كَمْ مِنْ فِئَةٍ قَلِيلَةٍ غَلَبَتْ فِئَةً كَثِيرَةً بِإِذْنِ اللَّهِ وَاللَّهُ مَعَ الصَّابِرِينَ﴾

[ سورة البقرة : 249]

 كيف للفئة القليلة أن تغلب الفئة الكثيرة دكتور ؟
الدكتور راتب :
 لأنه : "إذا كان الله معك فمن عليك ، وإذا كان عليك فمن معك ؟" إذا كان الله معك من يجرؤ أن يدنو منك ، أو أن ينال منك ؟ وإذا كان عليك ولو كنت أقوى الأقوياء ، مثلاً أنت كإنسان مدير دائرة ، مدير مؤسسة ، مدير شركة ، عندك موظف سيئ ، لك مع هذا الموظف خياران ، إما تبقيه دون ترفيع ، أو تطرده ، الله له مع الإنسان مليار خيار ، فشل كلوي أصبحت حياته جحيم لا تطاق ، يحتاج كل أسبوع ثلاث مرات ، وكل مرة ثماني ساعات ، حتى ينقي دمه، خثرة بالدماغ ، فشل كلوي ، تشمع بالكبد ، أي غلطة في الجسم تقلب حياة الإنسان جحيماً لا يطاق ، فالعاقل ؛ أرجحكم عقلاً أشدكم لله حباً .

 

كل ما في الكون من جمال مسحة من جمال الله :

 حياتك بيده ، الموت بيده ، السعادة بيده ، الشقاء بيده ، المال بيده ، الزوجة الصالحة بيده ، الأولاد الأبرار بيده ، البنات المحتشمات بيده ، مكانتك الاجتماعية بيده ، طموحاتك المحققة بيده ، كل أمورك معه ما دليلها :

﴿ وَإِلَيْهِ يُرْجَعُ الْأَمْرُ ﴾

[ سورة هود : 123 ]

 أل الجنس ، يعني أي أمر في الخمس قارات ، كبر أو صغر :

﴿ وَإِلَيْهِ يُرْجَعُ الْأَمْرُ كُلُّهُ فَاعْبُدْهُ ﴾

[ سورة هود : 123 ]

 للتقريب :

فـلو شاهدت عيناك من حسننــــا  الذي رأوه لما وليت عنــــــــــا لغـيرنــا
ولو سمعت أذناك حسن خطابنا  خلعت عنك ثياب العجب وجئتنــــــــــا
ولو ذقت مـن طعم المحبـــة ذرة  عذرت الذي أضحى قتيلاً بحبنــــــــــا
ولو نسمت من قربنا لك نسمـة  لمــــت غريباً واشتيـــــــــاقاً لقربنــــــــــا
ولــــــو لاح من أنوارنا لك لائـح  تركت جميع الكائنات لأجلنــــــــــــــــــــا
***

 العبرة أن تذوق طعم القرب من الله ، سيدي ، الله أصل الجمال ، والكمال ، والنوال ، جمال الأرض بأكملها ، من جبال خضراء ، إلى بحار زرقاء ، إلى وجوه أطفال رائعة جداً ، إلى طعام نفيس ، إلى فواكه ، إلى كل شيء ، مسحة من جمال الله ، كل ما في الكون من جمال مسحة من جمال الله ، هو صاحب الكمال و الجمال و النوال ، كمال مطلق ، جمال مطلق ، نوال مطلق ، من هو أغبى إنسان في الأرض ؟ من أعرض عن الله عز وجل ، وتبع دنيا قصيرة الأمد ، متعبة الشأن .
المذيع :
 الله يفتح عليكم دكتور .
 إذاً الفكرة دكتور الإنسان هي ليست في الكثرة ، ولا في القلة و إنما من معك ، فإن كان الله معك فمن عليك ؟

 

الإسلام منهج تفصيلي :

الدكتور راتب :
 وإذا كان عليك فمن معك ؟ إذا كان الله معك يسخر لك عدوك ليخدمك ، وإذا كان الله عليك يسخر لك أقرب الناس إليك لينال منك .
المذيع :
 سيأتي دكتور من يقول لك : الواقع اليوم يعطي معطيات مختلفة عن هذا الكلام، المسلمون اليوم هم في أدنى المستويات ، ومن يرفعون الإلحاد شعاراً لهم ، والدول الغربية الكافرة التي لا تؤمن بدين ، هي اليوم متقدمة ومتصدرة دول العالم علمياً واقتصادياً ، ماذا نقول لهم دكتور ؟
الدكتور راتب :
 نقول : إذا عصاني من يعرفني ، سلطت عليه من لا يعرفني ، نحن عندنا منهج ، أو أن أبي مسلم ، وأمي مسلمة ، وبالهوية مسلم ، هذا ليس إسلاماً .
المذيع :
 لا يكفي هذا .
الدكتور راتب :
 الإسلام منهج ، يبدأ من فراش الزوجية من أخص خصوصيات الإنسان وينتهي بالعلاقات الدولية ، منهج تفصيلي ، كسب مالك ، إنفاق مالك ، اختيار زوجتك ، تربية أولادك ، تربية بناتك ، حجاب بناتك ، نوع دخلك ، نوع إنفاقك ، نوع وقت فراغك كيف تقضيه ، سهراتك، لقاءاتك ، سياحتك ، مليون موضوع ، إذا كان وفق منهج الله زوال الكون أهون من ألا يحقق وعود الله لك ، أما إذا كان هناك شرك ، يقول النبي الكريم :

(( أخوف ما أخاف على أمتي الشرك الخفي . قلت : أما أني لست أقول إنكم تعبدون صنماً ولا حجراً ، ولكن شهوة خفية ، وأعمال لغير الله))

[أحمد عن شداد بن أوس]

 سيدي المشكلة ليست بالكبائر ، يوجد كبائر ، لكن الكبائر قليلة جداً ، خذ مثلاً شارع في مدينة إسلامية كم قاتل يوجد في هذا الشارع ؟ لا يوجد اثنان في المئة ، اثنان بالألف ، كم زان ؟ كم شارب خمر ؟ قلائل جداً ، المشكلة بالصغائر .

 

المخالفة حجاب عن الله :

 لي شرح بسيط : لو أخذنا بيتاً فيه جميع الأجهزة الكهربائية من دون استثناء ، وكله على مستوى عال ، ثلاجة ، مكرو ويف ، مراوح ، مكيفات ، لا يوجد جهاز كهربائي غال جداً إلا موجود في هذا البيت ، لكن لا يوجد كهرباء ، كل هذه الأجهزة لا تعمل ، كتل بلاستيكية تحتل مساحة كبيرة ، ليس لها أي فائدة ، إذا وجدت كهرباء تعمل كلها .
لذلك المشكلة إذا قطع التيار ميلي واحد أو متر مثل بعضها ، الأثر واحد .
المذيع :
 و كيف يمكن أن يعود هذا الاتصال مع الله ؟
الدكتور راتب :
 هناك حجاب مع الله ، ما دام هناك مخالفة فهناك حجاب عن الله .
المذيع :
 هذا الانقطاع بسبب المخالفة .
الدكتور راتب :
 هناك حجاب عن الله ، ما دام هناك رشوة فهناك حجاب عن الله ، إطلاق بصر بامرأة لا تحل لك هناك حجاب عن الله ، ما دام يوجد شاشة غير مضبوطة فهناك حجاب عن الله ، ما دام فلم لا يرضي الله فهناك حجاب عن الله .
المذيع :
 و كيف يعود شيخنا الاتصال مع الله ؟
الدكتور راتب :
 لابد من أن تذوق طعم القرب أولاً ، لو أن الإنسان يستقيم ولو شهراً واحداً حتى يذوق طعم القرب من الله ، إذا ذاق هذا الطعم لا يوجد قوة ، انظر؛ سحرة فرعون ، قالوا :

﴿ فَاقْضِ مَا أَنْتَ قَاضٍ إِنَّمَا تَقْضِي هَذِهِ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا * إِنَّا آمَنَّا بِرَبِّنَا لِيَغْفِرَ لَنَا خَطَايَانَا وَمَا أَكْرَهْتَنَا عَلَيْهِ مِنَ السِّحْرِ وَاللَّهُ خَيْرٌ وَأَبْقَى ﴾

[ سورة طه : 72 ـ 73 ]

 أخي الكريم ، الله يجزيك الخير على هذه الأسئلة ، إذا خيرناك بين مرسيدس فاخرة جداً وبين دراجة ماذا تختار ؟
المذيع :
 يقيناً السيارة الفارهة .

 

المؤمن خطه البياني صاعد صعوداً مستمراً والموت نقطة على هذا الخط :

الدكتور راتب :
 إذا عرضت عليك السيارة ساعة ، والدراجة دائماً ماذا تختار ؟ الدراجة ، و إذا كانت السيارة دائمة والدراجة ساعة . الدنيا جيفة طلابها كلابها ، الدنيا دار من لا دار له ، ولها يسعى من لا عقل له ، الدنيا ساعة اجعلها طاعة ، عندنا أبد ، ما هو الأبد أخي الكريم ؟
 الآن إذا وضعنا واحداً و أصفاراً إلى الحائط ، ما هذا الرقم ؟ لا بأس ، ولو سؤال دقيق : واحد بالأرض وأصفار للشمس ، تصور مئة وستة وخمسين مليون كيلو متر أصفاراً ، و كل ميلي صفر، ما هذا الرقم ؟! هذا الرقم إذا نسب للانهاية صفر ، اسأل عالم رياضيات ، صفر . الله وعدنا بالأبد ، والدنيا ساعة اجعلها طاعة ، سنوات محدودة ، والحقيقة :

((أعمار أمتي ما بين الستين إلى السبعين وأقلهم من يجوز ذلك))

[أبو يعلى وابن حبان عن أبي هريرة]

 أول عشرين عاماً تهيئ نفسك حصلت على الإجازة، وأخذت شهادة عليا ، بعد ذلك بحثت عن زوجة ، ثم اشتريت بيتاً نصفه بالدين ، وفّيت الدين ، ثم اشتريت سيارة صغيرة ، بعد ذلك بدلت السيارة ، وخطك البياني صاعد ، يأتي ملك الموت ، يقول لك : تفضل معي ، رجعت للصفر ، لا بيت ، ولا سيارة ، ولا زوجة ، ولا أولاد ، ولا بنات ، ولا أصهار ، ولا سهرات ، ولا لقاءات وهنا في الأردن ولا مناسف ، للصفر .
المذيع :
 إذاً الحياة كلما تسير إلى الأمام فعلياً هي تقترب من الموت .
الدكتور راتب :
 إلا المؤمن ، خطه البياني صاعد صعوداً مستمراً ، و الموت نقطة على هذا الخط ، لذلك المؤمنون إذا رأوا مقامهم في الآخرة ، يقولون جميعاً : لم نرَ شراً قط ، أهل الدنيا يكون غارقاً بالنعم ، يملك بيتان أو ثلاثة ، وعدة سيارات ، وطائرة خاصة أحياناً ، ويخت ، يقولون : لم نرَ خيراً قط .
المذيع :
 هذا إذا كان عاصياً لله .

 

الإنسان مخير وإن ألغي الاختيار ألغي كل شيء :

الدكتور راتب :
 طبعاً إذا كان عاصياً .
المذيع :
 دكتورنا الكريم ، أعود مع فضيلتك الله يفتح عليكم وينور قلبكم لهذا الكلام الجميل جداً إلى حديث النبي عليه الصلاة والسلام الذي بدأنا به الحلقة :

(( بَدَأَ الإِسلامُ غريباً ، وسَيَعُودُ غريباً كما بدَأَ ، فطُوبَى للغرباءِ ))

[ مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه ]

هل مطلوب مني كمسلم أن أسعى أن أكون غريباً ، إن ضاقت بي الدنيا وألزمتني لتطبيق الشرع أن أكون غريباً لا حول ولا قوة إلا بالله ، إلا أن الأصل الاندماج ، فما هو الفهم الصحيح لهذا الحديث ؟
الدكتور راتب :
 أنت قطعاً مخير ، لو ألغي الاختيار ألغي الدين كله ، التغت الجنة والنار ، التغى كل شيء ، إذا مدير ثانوية مثلاً التقى مع الطلاب في أول يوم بالعام الدراسي ، بساحة واحدة قرأ عليهم أسماء الناجحين آخر العام وأسماء الراسبين ، هل يبقى دراسة ؟
المذيع :
 لا قيمة لها .
الدكتور راتب :
 أنت مخير ، إن ألغي الاختيار ألغي كل شيء ، لم يعد هناك جنة ولا نار ، ولا ثواب ولا عقاب ، ولا بطولة ، ولا أبداً ، لكن بالآخرة تكتشف بوقت متأخر أن أفضل مكان هو مكان ولادتك ، فهناك شخص وُلد بعمان ، يوجد تدين ، يوجد مساجد ، دروس دين ، يوجد إذاعة قرآن كريم ، يوجد حياة FM مثلاً ، لو ولد بإفريقيا ، بشمال أمريكا ، فسق وفجور ، مكان ولادتك هو اختيار الله لك ، أمك و أبوك اختيار ثان ، ذكر أم أنثى اختيار ثالث ، عندك إمكانيات عالية جداً اختيار رابع .
المذيع :
 هذا كله من الله .

 

الغرباء في آخر الزمان :

الدكتور راتب :
 يوم القيامة تكتشف الكلمة الدقيقة جداً ، ليس في الإمكان ، أي ليس في إمكاني أبدع مما أعطاني ، لذلك جميع الخلق مؤمنهم وكافرهم يقولون :

﴿ وَآخِرُ دَعْوَاهُمْ أَنِ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ ﴾

[ سورة يونس :10]

المذيع :
 الحمد لله دائماً وأبداً ، الله يفتح عليكم يا دكتور .
 شيخنا الكريم النقطة التي كنا نتحدث فيها قبل الفاصل أن على الإنسان أن يكون مقياسه في الحكم على الأمور هو شرع الله تعالى ، فإن وافق سلوكه سلوك المجتمع فخير وبركة وإن لم يوافق عليه أن يبقى بالحق إن قل أو كثر سالكوه .
 الآن دكتور النقطة التي نتحدث بها قبل الفاصل تحديداً : هل على الإنسان أن يكون غريباً ، أن يكون منعزلاً ، أن يكون منطوياً في هذا الزمان المليء بالفتن ، أم عليه أن يكون شخصاً مندمجاً بين الناس ، أو يخالف الحرام فقط .
الدكتور راتب :
 النبي أجاب عن هذا السؤال :

(( بَدَأَ الإِسلامُ غريباً ، وسَيَعُودُ غريباً كما بدَأَ ، فطُوبَى للغرباءِ ))

[مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه ]

 هنيئاً لهم .

(( أناس صالحون في أناس سوء كثير ))

[أحمد والطبراني عن عبد الله بن عمرو رضي الله عنه ]

 من يطيعهم أقل ممن يعصيهم ، فأنت إذا كنت غريباً في آخر الزمان ، آخر الزمان ما هو ؟ قال :

(( إِذا رأَيتم شُحا مُطَاعا ))

[أبو داود والترمذي عن أبي ثعلبة الخشني ]

 مادية مقيتة ، المال كل شيء ، الفرد يبيع أكثر شيء يملكه من أجل المال .

(( إِذا رأَيتم شُحا مُطَاعا ، وهوى مُتَّبَعا ))

[أبو داود والترمذي عن أبي ثعلبة الخشني ]

 أفلام ، وجنس ، وإباحيات ، وملاه ليلية ، وسهرات مختلطة ، ونزهات ماجنة .

(( إِذا رأَيتم شُحا مُطَاعا ، وهوى مُتَّبَعا ، ودُنيا مُؤثَرة ، وإعجابَ كلِّ ذي رأي برأيِه))

[أبو داود والترمذي عن أبي ثعلبة الخشني ]

أسئلة المستمعين :

 يقول لك : أنا هذه واردة عندي ، أخي فيها نص شرعي يحرمها ، عليها طلب كثير يجب أبيعها .

(( رأَيتم شُحا مُطَاعا ، وهوى مُتَّبَعا ، ودُنيا مُؤثَرة ، وإعجابَ كلِّ ذي رأي برأيِه ))

[أبو داود والترمذي عن أبي ثعلبة الخشني ]

 هناك بيت شعر لطيف :

يقولون هذا عندنا غير وارد  فمن أنتمُ حتى يكون لكم عندُ ؟
***

 ليست واردة عندي ، من أنت ؟ من أنتم ؟ يوجد إله عظيم خلق الأكوان ، يوجد شرع حكيم ، يوجد قرآن كريم ، سُنّة مطهرة ، صحابة كرام ، يوجد علماء كبار ربانيين ، يوجد مناهج وجامعات ، من أنت ؟
المذيع :
 الله يفتح عليكم يا دكتور .
الدكتور راتب :

يقولون هذا عندنا غير وارد  فمن أنتمُ حتى يكون لكم عندُ ؟
***

 من حضرتك أنت ؟
المذيع :
 منذر تفضل ، أهلاً وسهلاً .
المستمع :
 السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ، بارك الله بك ونفع الله بك أخي الكريم ، أريد أن أتحدث مع الدكتور النابلسي لو تكرمت .
 الدكتور النابلسي ، موضوع شيق ، وسبحان الله عظيم هذا الموضوع مدارج السالكين أريد أن أنوه عليه دكتور ، في أحد الدعاة عندنا بالمسجد يعطي درس دين بعد الظهر والعصر ، فهو اقترح علي ، قال : ما رأيك أنت تعطي درساً من رياض الصالحين عن أبي هريرة ، وعن غيره من الصحابة ، فأنا لي قرابة الثلاثة أيام أعطي دروساً في هذا المسجد عن طريق هذا الكتاب ، لكن ليس عندي البلاغة مثل العلماء .
الدكتور راتب :
 من رياض الصالحين ؟
المستمع :
 نعم من رياض الصالحين أقرأ ، لكن ليس عندي العلم الكافي مثل الدكتور النابلسي أو غيره ، كما تعرف الإنسان يدعو إلى الله ، لكن نحن نتعلم من خلال دروسك عبر الراديو ، من الدروس التي في التلفزيون ، نعطي هذه الدروس البسيطة ، ما رأي فضيلتك ؟

 

أعظم عمل عند الله من دون استثناء الدعوة إلى الله :

الدكتور راتب :
 اسمع الجواب الدقيق :

﴿ وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلاً مِمَّنْ دَعَا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحاً وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ ﴾

[ سورة فصلت : 33]

أعظم عمل عند الله من دون استثناء من دعا إلى الله ، لكن الدعوة إلى الله فرض عين على كل مسلم ، و فرض كفاية ، فرض عين على كل مسلم في حدود ما يعلم ومع من يعرف ، أي حضر درس دين في الجامع ، سمع تفسير آية ، تأثر فيها ، يكتب عنده ملخصها ويقولها لزوجته ، لأولاده ، لشركائه في المحل ، لأصدقائه في سهرة ، الدعوة في حدود ما تعلم ، ومع من تعرف ، فرض عين على كل مسلم ، أما التعمق و التبحر هذا فرض كفاية إذا قام به البعض سقط عن الكل .
المذيع :
 يبدو أن الباب فتح لأخينا منذر ليلقي دروساً في المسجد ماذا تنصحه دكتور ليكون متمكناً علمياً أكثر ، ماذا يفعل ؟
الدكتور راتب :
 يأخذ درساً متقناً جداً ، من الانترنيت ، يأخذه ويتحدث مثله ، نفس الشيء .
المذيع :
 حتى يتعلم شيئاً فشيئاً .
الدكتور راتب :
 قال الإمام الشافعي : أتمنى أن ينقل علمي دون أن يعزى إلي .
 افتح موقع تجد دروس تفسير آية ، حضره وألقي ، ولا تقل أخذته من غيري ، قل هذا من عندي ، لا مانع .
 هذا الشافعي : أتمنى أن ينقل علمي دون أن يعزى إلي .
لا تقول ممَن .
 كنت مرة في اللاذقية والله ، خطيب المسجد ألقى خطبة من خطبي ، يكاد يقول الفاصلة ، كلمة كلمة ، والله كنت أسعد الناس ، و ليس لها قيمة عندي .
المذيع :
 الله يفتح عليكم يا دكتور ، ويزيدك علماً وفهماً .
الدكتور راتب :
 أتمنى أن ينقل علمي ، الإمام الشافعي ، دون أن يعزى إلي . خذ من المواقع الإسلامية الراقية ، خذ تفسير آية ، اشرحه لا مانع .
المذيع :
 نختم حلقتنا بالدعاء شيخنا الكريم في نصف دقيقة متبقية .

 

الدعاء :

الدكتور راتب :
 اللهم أصلح لنا ديننا الذي هو عصمة أمرنا ، وأصلح لنا دنيانا التي فيها معاشنا ، وأصلح لنا آخرتنا التي إليها مردنا ، واجعل الحياة زاداً لنا من كل خير ، واجعل الموت راحة لنا من كل شر مولانا رب العالمين ، اللهم اكفنا بحلالك عن حرامك ، وبطاعتك عن معصيتك ، وبفضلك عمن سواك ، اللهم لا تؤمنا مكرك ، ولا تهتك عنا سترك ، ولا تنسنا ذكرك ، اجعل هذا البلد آمناً سخياً رخياً وسائر بلاد المسلمين .

خاتمة وتوديع :

المذيع :
 الحمد لله رب العالمين ، بارك الله بكم فضيلة العلامة الداعية الإسلامي الأستاذ الدكتور محمد راتب النابلسي لهذه الكلمات الطيبة ، جزاكم الله كل خير ، حلقتنا لهذا اليوم كانت عن " قلة السالكين " طيب الله أوقاتكم بالطاعات .
 والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته

الاستماع للدرس

00:00/00:00

تحميل النص

إخفاء الصور