وضع داكن
25-04-2024
Logo
دروس جامع التقوى - الجزء الثاني : الدرس 014 - من هم الذين لا يحبهم الله؟
رابط إضافي لمشاهدة الفيديو اضغط هنا
×
   
 
 
 بسـم اللـه الرحمـن الرحيـم  
 

 الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين، اللهم لا علم لنا إلا ما علمتنا إنك أنت العليم الحكيم، اللهم علمنا ما ينفعنا، وانفعنا بما علمتنا، وزدنا علماً، وأرنا الحق حقاً وارزقنا اتباعه، وأرنا الباطل باطلاً وارزقنا اجتنابه، واجعلنا ممن يستمعون القول فيتبعون أحسنه، وأدخلنا برحمتك في عبادك الصالحين.

أي أمرٍ في القرآن الكريم يقتضي الوجوب :

 أيها الأخوة الكرام؛ بادئ ذي بدء: كل أمرٍ في القرآن الكريم يقتضي الوجوب، الله عز وجل قال:

﴿ وَقُولُوا لِلنَّاسِ حُسْناً ﴾

[ سورة البقرة: 83]

 تكلم كلاماً طيباً، كلاماً حسناً، لا يوجد به تجريح، ولا استخفاف، ولا سخرية، ولا استعلاء، ولا قهر.

﴿ وَقُولُوا لِلنَّاسِ حُسْناً ﴾

[ سورة البقرة: 83]

 أي أمرٍ في القرآن الكريم يقتضي الوجوب.
 والحقيقة نحن عندنا عبادات شعائرية صوم، وصلاة، وحج، وزكاة، وشهادة، هي عبادات شعائرية، وظيفتها أن تتلقى تعليمات الصانع، تأتي إلى بيت الله لتتلقى من الله من خلال من يخطب، ومن يدرس تعليمات الصانع، افعل ولا تفعل، وتأتي ثانيةً لتقبض الثمن، فأنت بالجامع تتلقى التعليمات وتقبض الثمن، الثمن؛ السكينة تُلقى في قلب المؤمن، يسعد بها ولو فقد كل شيء، ويشقى بفقدها ولو ملك كل شيء.
 أكبر غني بالعالم، حجمه المالي سبعمئة مليار دولار، يأتي بعده بيل غيتس يملك ثلاثة وتسعين ملياراً، أحدهما على فراش الموت قال: هذا الرقم لا يعني عندي شيئاً إطلاقاً.

الفرق بين الكسب و الرزق :

 هناك تعليل دقيق، هناك رزقٌ، وهناك كسب، الرزق ما انتفعت به فقط، أي:

(( ما أكلتَ فأفْنَيتَ، أو لَبِستَ فأبْلَيْتَ، أو تصَدَّقْتَ فأمْضَيْتَ ))

[مسلم والترمذي والنسائي عن عبد الله بن الشخير رضي الله عنه]

 هذا هو الرزق:

((ما أكلتَ فأفْنَيتَ، أو لَبِستَ فأبْلَيْتَ، أو تصَدَّقْتَ فأمْضَيْتَ))

[مسلم والترمذي والنسائي عن عبد الله بن الشخير رضي الله عنه]

 الرزق ثلاثة بنود: بندان ليس لهما أثر مستقبلي، إذا إنسان أكل طعاماً نفيساً جداً، وبعد يومين تألم من سنه ألماً لا يحتمل، الطعام النفيس يلغي الألم؟ لا يلغي الألم، الرزق ما انتفعت به.

(( ما أكلتَ فأفْنَيتَ، أو لَبِستَ فأبْلَيْتَ، أو تصَدَّقْتَ فأمْضَيْتَ))

[مسلم والترمذي والنسائي عن عبد الله بن الشخير رضي الله عنه]

 أما الكسب؛ هنا بقي سبعمئة مليار لم ينتفع بها، وسوف يحاسب عليها درهماً درهماً، الكسب حجمك المالي، ثروتك لم تنتفع بها، وستحاسب عليها.
 اشترى إنسان فندقاً في باريس من ثمانين طابقاً، دائماً ممتلئ، الغرف كلها مشغولة دائماً، بعد يومين صار مشكلة بنقل الملكية، أصابته جلطة فمات، انتهى، فالكسب لن تنتفع به لكن تحاسب عليه.
 إنسان من كبار أغنياء بلد عربي، عمّر قصراً بأجمل مكان بهذا البلد، بجبل مطل على الساحل، وعمّر قبراً، مات بسقوط طائرته الخاصة، دفعت زوجته مبلغاً فلكياً كي تستخرج من البحر جثته، ولم تتمكن من ذلك.
 أخواننا الكرام؛ كل شيء أنت فيه لا يستمر، لابد من أن تغادر، تدخل لبيتك مدة ست وثمانين سنة وأنت قائم، ومرة ستخرج بشكل أفقي، صح؟ بطولتك، ذكاؤك، نجاحك، فلاحك، أن تعد لهذه الساعة التي لابد منها.

(( عبدي رجعوا وتركوك، وفي التراب دفنوك، ولو بقوا معك ما نفعوك، ولم يبقَ لك إلا أنا، وأنا الحي الذي لا يموت ))

من عدّ كلامه من عمله فقد نجا :

 لذلك الأمر الأول:

﴿ وَقُولُوا لِلنَّاسِ حُسْناً ﴾

[ سورة البقرة: 83]

 الكلمة الطيبة، الرقيقة، اللطيفة، الحامية، مع زوجتك، مع أولادك، مع أقربائك، مع جيرانك، مع أصدقائك، مع زملائك.

﴿ وَقُولُوا لِلنَّاسِ حُسْناً ﴾

[ سورة البقرة: 83]

 وهذا أمر قرآني، وكل أمرٍ في القرآن يقتضي الوجوب، واضحة؟
 الآن من عدّ كلامه من عمله فقد نجا، لذلك ورد في الحديث الشريف:

(( وإن الرجل ليتكلم بالكلمة لا يلقي لها بالاً يهوي بها في جهنم سبعين خريفاً ))

[ رواه الترمذي عن أبي هريرة ]

 مرة قرأت أربع كلمات، والله لا أبالغ، من قالها:

(( يهوي بها في جهنم سبعين خريفاً ))

[الترمذي عن أبي هريرة ]

 أنت ضعيف لأنك أخلاقي، أنت أخلاقي لأنك ضعيف، هذا سم في الدسم.

(( وإن الرجل ليتكلم بالكلمة لا يلقي لها بالاً، يهوي بها في جهنم سبعين خريفاً ))

[الترمذي عن أبي هريرة ]

 إحدى زوجات النبي وصفت ضرتها بأنها قصيرة، قال لها:

(( يا عائشة لقد قلت كلاماً لو مزجت بمياه البحر لأفسدته ))

 كلام النبي، كلام الصادق المصدوق، لذلك من عدّ كلامه من عمله فقد نجا.

(( وإن الرجل ليتكلم بالكلمة لا يلقي لها بالاً يهوي بها في جهنم سبعين خريفاً ))

[الترمذي عن أبي هريرة ]

﴿ لَا يُحِبُّ اللَّهُ الْجَهْرَ بِالسُّوءِ مِنَ الْقَوْلِ ﴾

[ سورة النساء: 148]

 أبداً، ولا كلمة فيها سوء، فيها استعلاء، فيها تجبر، فيها شماتة، لا تشمت بأخيك فيعافيه الله ويبتليك، قال:

﴿ لَا يُحِبُّ اللَّهُ الْجَهْرَ بِالسُّوءِ مِنَ الْقَوْلِ إِلَّا مَنْ ظُلِمَ ﴾

[ سورة النساء: 148]

 قد يقول أحدكم: الله يحبني يا ترى؟ سؤال محير! لا، غير محير أبداً، افتح القرآن الكريم يوجد مجموعة آيات:

﴿ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ ﴾

[ سورة البقرة: 195]

 ومجموعة آيات:

﴿ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ ﴾

[ سورة البقرة: 190]

 انتهت العملية.

من الذي لا يحبه الله ؟

1 ـ من يفسد امرأة على زوجها و عبداً على سيده :

 اليوم درسنا من الذي لا يحبه الله، محور هذا اللقاء الطيب من الذي لا يحبه الله، قال:

﴿ لَا يُحِبُّ اللَّهُ الْجَهْرَ بِالسُّوءِ مِنَ الْقَوْلِ إِلَّا مَنْ ظُلِمَ ﴾

[ سورة النساء: 148]

 أما:

﴿ وَإِذَا تَوَلَّى سَعَى فِي الْأَرْضِ لِيُفْسِدَ فِيهَا وَيُهْلِكَ الْحَرْثَ وَالنَّسْلَ وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ الْفَسَادَ ﴾

[ سورة البقرة: 205]

 المرأة إنسانة خلقها الله عز وجل، خلقها على حياء، أجمل ما في المرأة الحياء، فإذا أخرجتها من حيائها، وجعلتها تختلط بالرجال، وتتكلم معهم كلاماً قاسياً، فأنت أفسدتها، أي كل شيء له خصائص، إن أخرجته عن خصائصه فقد أفسدته، الابن عليه أن يبر والده، إذا أنت ظلمته، ولم تعدل بين أولادك، أخرجته عن أدبه، وعن محبته.

((يا رسول الله اشهد أني نحلت ولدي حديقة، قال له: ألك ولد غيره؟ قال: نعم، قال له: أنحلتهم مثل ما نحلته، قال: لا، قال له: أشهد غيري، فإني لا أشهد على جور))

 الأب إن لم يعدل بين أولاده، بعد أن يموت في المحاكم، أما إذا عدل بينهم فهناك كلمة يقولها العوام، يقولون: ما غابت إلا عينه، لأنه يوجد عدل، والحقيقة الهدية تحتاج إلى عدل، الهدية بحياتك، أنت الله أنعم عليك بثروة طائلة، أخذت لكل واحد بيتاً، البنت بيت، والابن بيت، هدية بالتساوي، أما الإنسان غادر الدنيا، الآن:

﴿ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ ﴾

[ سورة النساء: 11]

 يوجد توزيع تركة، هناك توزيع فرضي، وتوزيع هدية، إذاً:

﴿ وَإِذَا تَوَلَّى سَعَى فِي الْأَرْضِ لِيُفْسِدَ فِيهَا وَيُهْلِكَ الْحَرْثَ وَالنَّسْلَ وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ الْفَسَادَ ﴾

[ سورة البقرة: 205]

 لا تفسد امرأةً على زوجها، ولا عبداً على سيده، أنت عندك محل تجاري وعندك موظفون، زارك موظف عند جارك قال لك: كم يعطيك معلمك؟ قلت له: المبلغ الفلاني، يقول لك: معقول! أفسده، لا تفسد على الآخرين حياتهم، ولا موظفيهم، ولا زوجاتهم، دخل الأخ لعند أخته سألها: ماذا قدم لك زوجك في هذا العيد؟ قالت: والله لم يقدم لي شيئاً، يوجد محبة، و مودة، وتعاطف، لكن الزوج دخله محدود، معقول! والله الحمد لله نعيش بسعادة، لا أنتِ تستحقين أفضل من هذا، ثم خرج من البيت، جاء الزوج رآها غضبانة، يسألها: هل هناك شيء؟ تكلم كلمة ومشى، والمشاكل بدأت، هذا فساد.
سبحان الله ممكن أن تقترف مئة معصية باليوم بهذا اللسان، سخفت بيتاً.
 والله دخل شخص لبيت، مساحته حوالي ستين متراً، والذي اشتراه يعتبره جنة، كل حياته كان يعيش بالأجرة و الآن اشترى بيتاً صغيراً، يسأله: هل يسعك هذا البيت؟ ما هذا الكلام الفارغ، هو يعتبره جنة.
 حضرت جلسة يوجد فيها ثلاثة أغنياء كبار، واثنا عشر موظفاً، والله كنت بألمانيا كلفتني الرحلة حوالي مئتي ألف، هذا اسمه كلام فارغ، لأن الجالسين هنا موظفون دخلهم محدود، وهم راضون عن الله عز وجل، وسعداء مع زوجاتهم وأولادهم، أنت ذهبت رحلة كلفتك معاش خمس سنوات، ما هذا الكلام الفارغ؟! يرتكب حماقة يبررها، قال:

﴿ وَأَمَّا بِنِعْمَةِ رَبِّكَ فَحَدِّثْ ﴾

[ سورة الضحى: 11]

 لا! الآية ليست هكذا، النعم المشتركة، نعمة الهواء، نعمة الماء، نعمة الأولاد، مليون نعمة مشتركة تكلم عنها، ليس نعمة خاصة بك.
 سبحان الله! مرة بعمان دعيت إلى عقد قران، في حي فقير جداً، والله استقبلنا ورحب فينا، وتكلم أحدهم كلمة طيبة، وصار سرور بالغ والله، ذهبت لبيت بأرقى أحياء عمان بنفس اليوم وبنفس الليلة، الثانية تعزية، ثريات، شيء غير معقول! تعطي ألواناً رائعة، السجاد إيراني، البلاط إيطالي، الأثاث من أرقى أنواع الأثاث، أنا قاعد بهذه التعزية، من اختار هذه الثريات؟ المرحوم، أين المرحوم الآن؟ في القبر، من اشترى هذا السجاد؟ المرحوم، من اختار هذا البلاط؟ المرحوم، من اختار هذا الديكور؟ المرحوم، أين المرحوم؟

(( عبدي رجعوا وتركوك، وفي التراب دفنوك، ولو بقوا معك ما نفعوك، ولم يبقَ لك إلا أنا، وأنا الحي الذي لا يموت ))

﴿ وَإِذَا تَوَلَّى سَعَى فِي الْأَرْضِ لِيُفْسِدَ فِيهَا وَيُهْلِكَ الْحَرْثَ وَالنَّسْلَ وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ الْفَسَادَ ﴾

[ سورة البقرة: 205]

 ما معنى الفاكهة فسدت؟ أي انتهت، مثلاً قماش فسد؛ اهترأ، الفساد خروج الشيء عن طبيعته.

﴿ وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ الْفَسَادَ ﴾

[ سورة البقرة: 205]

2 ـ الاعتداء على الآخرين :

 آية ثانية:

﴿ وَقَاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَكُمْ وَلَا تَعْتَدُوا إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ ﴾

[ سورة البقرة: 190]

 الفسق عصيت الله بينك وبين نفسك، فاتتك صلاة، الشاشة غير منضبطة، هذا الفسق، أما العدوان فتجاوزت نفسك إلى الآخر، كنت معه قاسياً، حقرته، صغرته، إذاً:

﴿ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ ﴾

[ سورة البقرة: 190]

 والله أذكر مرة أن شخصاً تزوج امرأةً، وفي الشهر الخامس من زواجه بها كان حملها في الشهر التاسع- فهمكم كفاية- قال: بإمكاني أن أطلقها، و أن أفضحها، أهلها معي، ابنتهم ليست كما ينبغي، وأهلي معي، ومن حولي معي، والشرع معي، والقانون معي، هذا الإنسان كان بطلاً، ولّدها، وأخذ المولود تحت عباءته، وقف أمام باب جامع، إلى أن نوى الإمام الفجر، فدخل ووضع الغلام المولود وراء عامود، والتحق بالمصلين، فلما انتهت الصلاة بكى هذا الطفل، تحلق المصلون حوله، وابتعد إلى أن تأكد أن معظم المصلين تحلقوا حوله، فاقترب وقال: ما القصة؟ قالوا: تعال وانظر، لقيط، اقترب قال: أنا أكفله، أخذه أمام أهل الحي على أنه لقيط، وسيكفله، ورده إلى أمه، القصة لها تتمة لكن مؤثرة جداً: خطيب هذا المسجد رأى النبي الكريم في المنام قال: قُل لجارك فلان إنه رفيقي في الجنة، أي لو فضحها قد تُقتل، وانتهت، سترها، الله ستير، فالفضيحة سهلة، أما الستر فبطولة، أبلغ جارك فلاناً إنه رفيقي في الجنة.

﴿ قُلْ أَطِيعُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْكَافِرِينَ ﴾

[ سورة آل عمران: 32]

 الكفر نوعان: كفرٌ دون كفر، فإذا شخص لم يشكر الله، فهو كافر لكن يصلي، أي دخل لبيت، ساكن ببيت ملك، وعنده سيارة، وعنده زوجة صالحة، وعنده بنات محتشمات، وأولاد أبرار، وحياته ليس مرتاحاً بها، له جار أرباحه كانت الضعف، هذا نوع من الكفر، وهناك كفر يخرج من الملة، يوجد كفر دون كفر، وكفر يخرج من الملة، لذلك الآية تقول:

﴿ وَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ فَيُوَفِّيهِمْ أُجُورَهُمْ وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ ﴾

[ سورة آل عمران: 57]

 صار:

﴿ لَا يُحِبُّ اللَّهُ الْجَهْرَ بِالسُّوءِ ﴾

[ سورة النساء: 148]

﴿ لَا يُحِبُّ الْفَسَادَ﴾

[ سورة البقرة: 205]

﴿ لَا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ ﴾

[ سورة البقرة: 190]

﴿ لَا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ ﴾

[ سورة آل عمران: 57]

﴿ لَا يُحِبُّ الْمُفْسِدِينَ ﴾

[ سورة المائدة: 64]

 قضية سهلة جداً، ابحث بأي برنامج بحث: إن الله لا يحب، يأتون كلهم، والدرس القادم إن شاء الله: من يحب؟
 فالقضة سهلة جداً أن تعرف ما إذا كان الله يحبك أو لا يحبك، فالفساد إخراج الشيء عن طبيعته.

3 ـ الإسراف في الأكل و الشرب :

 شيء آخر:

﴿ يَا بَنِي آدَمَ خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ وَكُلُوا وَاشْرَبُوا وَلَا تُسْرِفُوا ﴾

[ سورة الأعراف: 31]

 لو الله قال: لا تسرفوا في الأكل والشرب، نفس المعنى؟ لا.

﴿ وَكُلُوا وَاشْرَبُوا ﴾

[ سورة الأعراف: 31]

 لكن:

﴿ وَلَا تُسْرِفُوا ﴾

[ سورة الأعراف: 31]

 في أي شيء، شخص عند مئة بذلة، هم اثنتان، ثلاث، أربع، عشر بدلات، معقول، لكن مئة لماذا؟ أن هناك شخصاً فقيراً تنعشه.
 أذكر مرة عالماً في الشام، جاء شخص أخر زواجه سنة وشهرين على عشرين ألفاً فأعطاه المبلغ، من شدة فرح هذا المسكين - لأنه كان على وشك أن يفسخ العقد - انكب على قدمه وقبّلها، طبعاً لم يسمح له بذلك.
 أنا فكرت أحياناً تركب مثلاً درجة أولى، فيها حوالي خمسين ألفاً زيادة، أو عشرين ألفاً زيادة، ساعتان فقط، من الخليج لعمان، الأولى الضعف، هذا المبلغ يحيي إنساناً، يحل مشكلة، يزوج شاباً، لذلك الإنسان:

﴿ وَكُلُوا وَاشْرَبُوا وَلَا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ ﴾

[ سورة الأعراف: 31]

 في كل شيء، والله مرة دعيت لفرنسا، بلغوني أن البطاقة مدفوع ثمنها من جمعية خيرية، قلت لهم: عادي، ساعتان وينتهون، لكن تكون بذلك قد أحييت أسرة.

﴿ وَكُلُوا وَاشْرَبُوا وَلَا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ ﴾

[ سورة الأعراف: 31]

 لا يحبهم.

4 ـ الخيانة و الكبر:

﴿ وَإِمَّا تَخَافَنَّ مِنْ قَوْمٍ خِيَانَةً فَانْبِذْ إِلَيْهِمْ عَلَى سَوَاءٍ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْخَائِنِينَ ﴾

[ سورة الأنفال: 58]

 الخيانة حقارة، الخيانة كفران.

﴿ لَا جَرَمَ أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا يُسِرُّونَ وَمَا يُعْلِنُونَ إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُسْتَكْبِرِينَ ﴾

[ سورة النحل: 23]

 الكبر فارغ، أنت إنسان مخلوق خرجت من عورة ودخلت إلى عورة، صح؟ كنت نقطة ماء، الآن صار معك ثروة طائلة، ولك مكانة، وعندك ثلاثة بيوت على البحر، وعندك بيت بالجبل، وبيت بالعاصمة، وسيارتان أو ثلاث، كنت قطرة ماء، حوين منوي دخل في بويضة.

﴿ إِنَّ قَارُونَ كَانَ مِنْ قَوْمِ مُوسَى فَبَغَى عَلَيْهِمْ وَآتَيْنَاهُ مِنَ الْكُنُوزِ مَا إِنَّ مَفَاتِحَهُ لَتَنُوءُ بِالْعُصْبَةِ أُولِي الْقُوَّةِ إِذْ قَالَ لَهُ قَوْمُهُ لَا تَفْرَحْ ﴾

[ سورة النحل: 23]

5 ـ الله لا يحب أيضاً الفرحين في الدنيا :

 دققوا الآن:

﴿ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْفَرِحِينَ ﴾

[ سورة النحل: 23]

 سياق الآية؛ الفرحون في الدنيا، أما الله قال:

﴿ فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُوا ﴾

[ سورة يونس: 58]

 صليت خمس صلوات متقنة افرح، صمت يومي الاثنين و الخميس افرح، تصدقت افرح، عملت عملاً صالحاً افرح، يجب أن تفرح بعملٍ صالح، بطاعةٍ لله، بقربة من الله، بإحسان، بصدقة، بأداء زكاتك كاملة، افرح هنا، أما الدنيا فتنتهي.

(( عبدي رجعوا وتركوك، وفي التراب دفنوك))

 والله يا أخوان لو لم أكن مضطراً لما ذكرت هذه القصة.
 أعرف شخصاً عنده بيت العقل لا يصدقه، إذا كان ثمن البيت خمسة ملايين أو ستة، كان ثمن بيته مئة وثمانين مليوناً، هو والد صديقي، مات بأيام مطيرة بالشتاء، وأنا حضرت الجنازة بنفسي، فتحوا القبر فيه مياه سوداء، مياه المجاري تسربت إليه، لا يوجد حل ثان، فقال ابنه: ضعوه، شخص يسكن في بيت ثمنه حوالي مئة وثمانين مليوناً، يعيش رفاهاً يفوق حدّ الخيال، يوضع في قبر فيه مياه مجار.

(( عبدي رجعوا وتركوك))

 ذكرت مرة تغريدة بتوتير اطلع عليها حوالي عشرة ملايين شخص، قلت: شخص قتل أربعة آلاف إنسان بيوم واحد، يحاكم شخصاً لم يقتل إنساناً واحداً، يحفظ كتاب الله، عمل عشرين أو ثلاثين مرسوماً تشريعياً لن تحلم مصر بكل عمرها بواحد منهم، يحاكم ويعدم، هذا القاضي لو اشتغل مسلك مجارير كان أشرف له عند الله.

العاقل من يفكر بالمحاسبة الإلهية :

 لذلك يا أخوان؛ فكر بالمستقبل، فكر بالمحاسبة الإلهية، فكر بالمساءلة يوم القيامة، قاض قدم طلباً لأحد خلفاء بني أمية طلب إعفاءه من القضاء، قال له: لِمَ؟ قال: والله جاءني متخاصمان، كان أحدهما قد قدم لي طبقاً من التمر في بواكيره فرددته، في اليوم التالي رغبت أن يكون الحق مع الذي قدم طبق التمر، مع إني لم آخذه، فكيف لو أخذته؟! هذا القضاء بالإسلام، قدم طبق تمر، رفضه، في اليوم التالي أثناء المحكمة قال: تمنيت أن يكون الحق مع الذي قدم طبق التمر، مع إني لم آخذه، فكيف لو أخذته؟
 يا أخوان؛ أنا لا أخوفكم لكن يوجد حساب دقيق، دقيق جداً، لي أستاذ له عمة ربته، وتوفيت هذه العمة، أقسم لي بالله وهو عندي صادق- كان أستاذي- يرى عمته تلتهب ناراً لثمانية أشهر، ثم رآها منطلقة، وجهها منور، تلبس ثوباً أبيض، قال: عمتي! ما قصتك؟ قالت له: الحليب، دقق ستة أشهر حتى عثرت على القصة، عندها أولاد زوج، وعندها أولادها، أولادها تعطيهم كأس حليب كاملة، أولاد زوجها نصف الكأس حليب ونصفه ماء، ثمانية أشهر تشتعل.
 الله كبير، أنا لا أخوفكم، لكن الله كبير، إياك أن تغلط، إياك أن تؤثر زوجتك على أمك التي ولدتك، إياك أن تؤثر ابناً على ابن، جاء شخص للنبي قال له:

(( اشهد أني نحلت ولدي حديقة، قال له: ألك ولد غيره؟ قال: نعم، قال له: أنحلتهم مثل ما نحلته؟ قال: لا، قال له: أشهد غيري، فإني لا أشهد على جور))

 كلما خفت أكثر تكن عاقلاً أكثر، الله كبير، وحسابه دقيق، الله عنده شلل، عنده خثرة في الدماغ، عنده فشل كلوي، عنده تشمع كبد، عنده حادث سير، يقلب الحياة كلها، فأنت استقم ولا تقلق، لا تقلق ما دمت مستقيماً، لا يوجد عندك ولا مشكلة أبداً.
 مرة راكب سيارة دخل إلى النافذة لاقط كبير، ميكرفون مثل هذا، قال لي الشخص الذي يحمله: تكلم لنا كلمتين أستاذ، قلت له: بأي موضوع؟ قال: أي موضوع تريده، قلت له: كم، قال لي: قدر ما تريد، أحرجني بالطريق، قلت له: أنت مرتاح؟ قال: أنا؟ قلت: لا، لست أنت بالذات، إن لم يكن عندك مشكلة صحية، لا يوجد خثرة في الدماغ، ولا تشمع بالكبد، ولا فشل كلوي، ولا، ولا، ولا، عندك زوجة معها أولادك، كنائنك، بناتك، أصهارك، مكانتك، وظيفتك، قلت له: لا تغير، لا يغير، اطمئن، عندك مشكلة كبيرة ببيتك، مع أولادك، مع زوجتك، مع جيرانك، بعملك، بصحتك، غير ليغير، هذا الدين فيه مئة ألف عالم، ومليون موضوع، ومليونا كتاب، لخصت لك إياه بأربع كلمات: لا تغير لا يغير، غير ليغير.

الاستماع للدرس

00:00/00:00

تحميل النص

إخفاء الصور