وضع داكن
20-04-2024
Logo
واضرب لهم مثلا - الحلقة : 03 - قل إنما أنا بشر مثلكم .
رابط إضافي لمشاهدة الفيديو اضغط هنا
×
   
 
 
 بسـم اللـه الرحمـن الرحيـم  
 

مقدمة :

الدكتور بلال :
 نحن مع برنامج جديد وعنوانه :

﴿ وَتِلْكَ الْأَمْثَالُ نَضْرِبُهَا لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ ﴾

[ سورة الحشر : 21]

 ويقول أيضاً :

﴿ وَتِلْكَ الْأَمْثَالُ نَضْرِبُهَا لِلنَّاسِ وَمَا يَعْقِلُهَا إِلَّا الْعَالِمُونَ ﴾

[ سورة العنكبوت : 43]

 فضرب المثل منهج قرآني أصيل ، يتبعه القرآن الكريم لإيصال الحقائق إلى الناس .
 أخوتي الأكارم ؛ أخواتي الكريمات ؛ أينما كنتم أسعد الله أوقاتكم بكل خير ، في مستهل حلقة جديدة من برنامجنا : " واضرب لهم مثلاً ".
 ضيفنا الدائم في هذه الحلقات فضيلة شيخنا الدكتور محمد راتب النابلسي فرحبوا به معي ، السلام عليكم ورحمة الله .
الدكتور راتب :
 وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته ، وبارك الله بكم ، ونفع بكم .
الدكتور بلال :
أكرمكم الله سيدي .
 سيدي الآية اليوم يوضحها مثل من أمثالكم ، الآية من سورة الكهف :

﴿ قُلْ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ يُوحَى إِلَيَّ أَنَّمَا إِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ فَمَنْ كَانَ يَرْجُوا لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلاً صَالِحاً وَلَا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ ﴾

[ سورة الكهف : 110]

 كيف لهذا المخلوق الضعيف أن يرجو لقاء الخالق العظيم القوي جلّ جلاله ؟

 

ثمن لقاء الله خدمة عباده :

الدكتور راتب :
 بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين .
 لو أخذنا مثلاً من الجيش ، بل في جيوش الأرض كلها يوجد مراتب ، يوجد مجند ، جندي ، عريف ، مساعد ، إلى آخره ، ملازم ، نقيب ، أعلى شيء فريق ، هل يستطيع مجند في جيش أن يفتح باب الفريق ، قائد الجيش ، ويدخل بلا استئذان ؟
الدكتور بلال :
 يكاد يكون مستحيلاً .
الدكتور راتب :
 هذا مستحيل في كل جيوش العالم ، لأنه يوجد نظام ، إلا في حالة واحدة ، ابن هذا الفريق يسبح في مسبح فغرق ، فهذا الجندي ألقى بنفسه في البحر وأنقذه ، هذا الجندي الذي قدم لهذا الفريق خدمة لا تقدر بثمن ، يستطيع أن يدخل عليه بلا استئذان .

﴿ فَمَنْ كَانَ يَرْجُوا لِقَاءَ رَبِّهِ ﴾

[ سورة الكهف : 110]

 من أنت ؟ أنت لا شيء ، خالق الأكوان ، خالق الأرض والسماء ، الذات الكاملة ، خالق الكون ، أنت كمؤمن بعمل صالح تستطيع أن تقبل عليه ، أن تدعوه في الليل ، أن ترجوه، أن تسأله ، أن تستعيذ به ، أن تحتمي به ، أن يكون الإله معك ، وإذا كان الله معك فمن عليك؟ وإذا كان عليك فمن معك ؟

 

لله معيتان ؛ عامة و خاصة :

 لكن هناك معيتان ، معية عامة ، كقوله تعالى :

﴿ وَهُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ مَا كُنْتُمْ َ﴾

[ سورة الحديد : 4]

 معكم بعلمه فقط ، هو مع الكافر ، مع الظالم ، لكن المعية الخاصة مهمة جداً :

﴿ وَأَنَّ اللَّهَ مَعَ الْمُؤْمِنِينَ َ﴾

[ سورة الأنفال: 19]

 معهم بالحفظ ، معهم بالنصر ، معهم بالتوكيل ، معهم بالتوفيق ، فإذا كان الله معك فمن عليك ؟ خالق الكون معك هل تخاف أحداً ؟
 إذا شخص فرضاً ابن قائد الجيش ، هل يجرؤ أي إنسان بكل الجيش أن يضربه ؟
 إذا كنت مع الله كان الله معك ، هذه المعية الخاصة :

﴿ وَأَنَّ اللَّهَ مَعَ الْمُؤْمِنِينَ ﴾

[ سورة الأنفال : 19]

 معهم بالنصر ، وبالتأييد ، وبالحفظ ، وبالتوفيق .
الدكتور بلال :
 إذاً سيدي ثمن لقاء الله أن تخدم له عباده .

 

العمل الصالح علة وجود الإنسان :

الدكتور راتب :
 أبداً ، وعندئذٍ عند الله لا يضيع شيء ، مهما كان العمل بسيطاً لا يضيع ، هو الخالق ، العمل الصالح أولاً صالح لأنه يصلح للعرض على الله ، ومتى يصلح ؟ إذا كان خالصاً وصواباً ، خالصاً ما ابتغي به وجه الله ، وصواباً ما وافق السنة ، هذا العمل الصالح هو الرسالة من الله ، هو الوسيلة إلى الله .

﴿ فَمَنْ كَانَ يَرْجُوا لِقَاءَ رَبِّهِ ﴾

[ سورة الكهف : 110]

 اخدم يتيماً ، أطعم مسكيناً ، ارعَ أرملة ، اعتنِ بالأيتام ، قدم مساعدة للجمعية الخيرية ، أنقذ إنساناً من ورطة كبيرة جداً ، والطرائق إلى الخالق بعدد أنفاس الخلائق ، بل إن علة وجودنا في الدنيا العمل الصالح ، والدليل القوي إذا الإنسان شارف الموت يقول :

﴿ رَبِّ ارْجِعُونِ * لَعَلِّي أَعْمَلُ صَالِحاً ﴾

[ سورة المؤمنون : 99 ـ 100]

 ليس لعلي أنهي البناء .

﴿ لَعَلِّي أَعْمَلُ صَالِحاً ﴾

[ سورة المؤمنون : 99 ـ 100]

 لأن العمل الصالح علة وجود الإنسان في الأرض ، وسمي صالحاً لأنه يصلح للعرض على الله ، ومتى يصلح ؟ إذا كان خالصاً وصواباً ، خالصاً ما ابتغي به وجه الله ، وصواباً ما وافق السنة .
الدكتور بلال :
 سيدي ؛ لو نعود في الوقت المتبقي إلى الآية :

﴿ قُلْ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ ﴾

[ سورة الكهف : 110]

 لماذا كان سيد الخلق بشراً ؟

 

النبي بشر انتصر على بشريته فأصبح سيد البشر :

الدكتور راتب :
 لولا أن النبي بشر ، تجري عليه كل خصائص البشر ، لما كان سيد البشر ، يشتهي كما نشتهي ، ويخاف كما نخاف ، ويرجو كما نرجو ، لولا أنه بشر ، تجري عليه كل خصائص البشر ، لما كان سيد البشر ، لأنه انتصر على بشريته .
الدكتور بلال :
 صلى الله عليه وسلم .
الدكتور راتب :
 بينما الفساق والفجار انهزموا أمام بشريتهم .
الدكتور بلال :

﴿ قُلْ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ يُوحَى إِلَيَّ ﴾

[ سورة الكهف : 110]

الدكتور راتب :
 هو بشر ، كالبشر تماماً ، إلا أن الله ميزه بالوحي ، فالوحي كلام خالق الأكوان ، أي هو دعوته كمالها مطلق ، الإنسان إذا فكر ، درس ، نال دكتوراه ، في الأعم الأغلب يصيب ويخطئ ، الخطأ وارد إلا أن الوحي من المطلق ، مادام الوحي من المطلق مطلق في كماله ، لا يمكن أن تجد في كتاب الله ، ولا فيما صحّ عن رسول الله خطأ ، إطلاقاً ، أنت مع منهج صحيح ، قويم ، لا يوجد عليه خلاف أبداً ، لذلك مستحيل وألف ألف مستحيل أن تطيعه وتخسر، ومستحيل وألف ألف مستحيل أن تعصيه وتربح .
الدكتور بلال :
 إذاً سيدي الحالة هي :

﴿ بَشَرٌ مِثْلُكُمْ يُوحَى إِلَيَّ ﴾

[ سورة الكهف : 110]

 لأن هناك اليوم دعوات لوصف النبي صلى الله عليه وسلم على أنه قائد مصلح ، عبقري .

 

أكبر خطأ المقاربة بين وحي السماء وبين قوانين الأرض :

الدكتور راتب :
 هذا لا يجوز إطلاقاً ، جميع الصفات التي يوصف بها المتفوقون ، العباقرة ، القادة .
الدكتور بلال :
 ليس هذا المطلب .
الدكتور راتب :
 لا ، هو نبي ، معه وحي السماء ، معه تعليمات الصانع ، معه منهج الله عز وجل، هناك فرق نوعي ، ليس الفرق فرقاً بالدرجات ، فرق نوعي ، هذا معه وحي السماء ، أما ما سواه فمعه ثقافة الأرض ، ثقافة الأرض هي عبارة عن علم ، وفلسفة ، وفن ، العلم ما هو كائن ، والفلسفة ما يجب أن يكون ، والفن ما هو ممتع ، فالوحي من نوع آخر ، الوحي من السماء ، من المطلق ، من خالق الأكوان ، الوحي من المصمم ، من الخبير ، من العليم ، من الرحيم ، أسماء الله كلها حسنى ، هذا الوحي من نوع آخر ، فأكبر خطأ أن نقارب بين وحي السماء وبين قوانين الأرض ، هناك فرق كبير ، القانون يصنعه إنسان ، يصنعه بعقله الباطن لمصلحته .
الدكتور بلال :

﴿ وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى ﴾

[ سورة النجم : 3]

القوانين تلبي مصالح واضعها أما خالق الأكوان فالخلق كلهم عياله :

الدكتور راتب :
 دائماً القوانين تلبي مصالح واضعها ، وقد تنسى مصالح الآخرين ، أما خالق الأكوان فالخلق كلهم عياله ، وحي السماء ينصف الحاكم من المحكوم ، والمحكوم من الحاكم ، والقوي من الضعيف ، والضعيف من القوي ، والغني من الفقير ، والفقير من الغني ، خالق الأكوان ، جميعاً عباده ، أما النبي الكريم لعظمة نبوته ذاق القوة والضعف ، والغنى والفقر ، والشهرة والتعتيم ، هو في الحالتين كان كاملاً ، فهو قدوة للفقراء والأغنياء معاً ، وللأقوياء والضعفاء ، وللأصحاء والمرضى ، أذاقاه الله من كل شيء طرفيه الحادين ، فهو قدوة لنا .
الدكتور بلال :

﴿ قُلْ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ يُوحَى إِلَيَّ أَنَّمَا إِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ ﴾

[ سورة الكهف : 110]

نهاية العلم التوحيد ونهاية العمل العبادة :

الدكتور راتب :
 التوحيد نهاية العلم ، وما تعلمت العبيد أفضل من التوحيد ، دقق :

﴿ وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ ﴾

[ سورة الأنبياء : 25]

 هذه من لاستغراق أفراد النوع ، أي رسول :

﴿ إِلَّا نُوحِي إِلَيْهِ ﴾

[ سورة الأنبياء : 25]

 نقطتان ، ما سيأتي بعد النقطتين ملخص دعوة الأنبياء جميعاً :

﴿ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدُونِ ﴾

[ سورة الأنبياء : 25]

 العلماء ماذا قالوا ؟ نهاية العلم التوحيد ، ونهاية العمل العبادة ، أنت بين فكر تؤمن به ، وبين حركة تقوم بها ، الفكر توحيد ، والحركة عبادة ، فإذا وحدت الله وعبدته حققت الهدف من وجودك .

 

خاتمة و توديع :

الدكتور بلال :
 جزاكم الله خيراً سيدي وأحسن إليكم .
 أخوتي الأكارم في نهاية هذا اللقاء أستودعكم الله الذي لا تضيع ودائعه ، شاكراً لفضيلة شيخنا ما تفضل به من هذه الكلمات والأمثال الطيبة .
 إلى أن نلتقيكم في حلقة جديدة نستودعكم الله .
 والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته

الاستماع للدرس

00:00/00:00

إخفاء الصور