وضع داكن
29-03-2024
Logo
دروس جامع التقوى - الجزء الثاني : الدرس 020 - فيروس كورونا والأخذ بالأسباب _ قوانين النصر .
رابط إضافي لمشاهدة الفيديو اضغط هنا
×
   
 
 
 بسـم اللـه الرحمـن الرحيـم  
 

 الحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين ، اللهم لا علم لنا إلا ما علمتنا إنك أنت العليم الحكيم ، اللهم علمنا ما ينفعنا ، وانفعنا بما علمتنا وزدنا علماً ، وأرنا الحق حقاً وارزقنا اتباعه ، وأرنا الباطل باطلاً وارزقنا اجتنابه ، واجعلنا ممن يستمعون القول فيتبعون أحسنه ، وأدخلنا برحمتك في عبادك الصالحين .

الأخذ بالأسباب و كأنها كل شيء ثم التوكل على الله و كأنها ليست بشيء :

 أخواننا الكرام ؛ قبل أن أبدأ الدرس ، المؤمن الصادق الذي علمه الله يأخذ بالأسباب وكأنها كل شيء ، ثم يتوكل على الله وكأنها ليست بشيء ، العالم الغربي أخذ بالأسباب أخذاً مذهلاً ، لكنه اعتمد عليها وألهها ، وقع في وادي الشرك ، والعالم الإسلامي لم يأخذ بها ، وقع في وادي المعصية ، فبين عالم وقع في الشرك الأصغر أو الأكبر ، والعالم الغربي وقع في الشرك ، وعالم المسلمين وقع في المعصية ، فبين أن تأخذ بالأسباب ، وأن تعتمد عليها ، وأن تنسى الله ، وأن تؤلهها ، وبين أن تأخذ بها وكأنها كل شيء ، ثم تتوكل على الله وكأنها ليست بشيء .
 اللقاء غير المهم دعوه الآن ، لأن الله عز وجل قال :

﴿ وَمَا يَعْلَمُ جُنُودَ رَبِّكَ إِلَّا هُوَ ﴾

[ سورة المدثر: 31]

 ممكن كائن لا يرى بالعين يلغي الصلاة بمكة ؟ ممكن ، ممكن تصل لأمريكا ؟ وصل لكل بلاد العالم ، لكن الكلمة الدقيقة من رسول الله لا تقدر بثمن ، قال :

(( لا عَدْوى ، ولا طيرَةَ ))

[الترمذي عن أنس بن مالك رضي اللَّهُ عنه ]

 أي يوجد عدوى ، العدوى قائمة ، أي لا عدوى إلا إذا أذن الله ، أي الله بيده كل شيء ، بيده هذا الكائن الذي لا يرى بالعين ، هناك تفسيرات لا تعد ولا تحصى ، لكن ملخصها الله كبير ، مهما كنت قوياً ، مهما كنت متفوقاً ، أنت في قبضة الله ، بلحظة تنقلب الموازين ، تنقلب الحظوظ .
 فلذلك الحركة الغير الهادفة ، والغير الضرورية على الإنسان أن يبتعد عنها الآن ، لذلك ابتعدوا عن المصافحة ، وعن الاقتراب من الشخص ، يوجد دول بأوروبا ابتعدوا عن المصافحة ، من بعيد لبعيد ، أي احتياط ، ما هذا المرض ؟! والله شيء لا يصدق ، أنا أتابع المرض ، أقرأ الآية يقشعر بدني :

﴿ وَمَا يَعْلَمُ جُنُودَ رَبِّكَ إِلَّا هُوَ ﴾

[ سورة المدثر: 31]

 أنت مثلاً عندك موظف ، كم خيار معك له ؟ إذا مستقيم تتركه ، إذا ارتكب أخطاء كثيرة تلغي له عمله ، تعاقبه ، أو تهمله ، أو تصرفه ، أما الله عز وجل فله معنا مليار خيار ، كائن لا يرى بالعين إطلاقاً وصل لأمريكا ، بدأ من الصين ، والصين فيها إقليم مسلم الإيغور ، أخذوا أولادهم كلياً ، أي هناك أشياء تفوق حدّ الخيال ، لذلك الله كبير ، بطولتك أن تستقيم على أمر الله ، وأن تتوكل عليه ، الثالثة : أن تأخذ بالأسباب وكأنها كل شيء ، هذه ليست سهلة ، وأن تتوكل على الله وكأنها ليست بشيء .
 للتقريب : عندك سفر للعقبة ، نحن بالأردن ، تراجع المحرك ، والزيت ، والمكابح ، تراجع كل شيء بالسيارة ، أنت الآن أخذت بالأسباب ، وكأنها كل شيء ، ثم تتوكل على الله وكأنها ليست بشيء ، العملية ليست سهلة ، الأخذ بالأسباب يوهم النجاح ، تنسى الله ، وعدم الأخذ بها ينقلك إلى التواكل ، يا رب ليس لنا غيرك ، أين استقامتكم ؟ بيتك مسلم ؟ لقاءاتك إسلامية ؟ سهراتك إسلامية ؟ دخلك إسلامي ؟ علاقاتك الاجتماعية إسلامية ؟ أوقات فراغك إسلامية ؟ تابعوا فعل الله فينا ، الله يحبنا جميعاً ، خلقنا ليرحمنا ، خلقنا ليسعدنا ، خلقنا لجنة عرضها السماوات والأرض .

(( فيها ما لا عين رأتْ ، ولا أذن سمعتْ ، ولا خطَر على قلبِ بَشَرْ ))

[ متفق عليه عن أبي هريرة]

 هذه المقدمة من أجل أن نأخذ بالأسباب وكأنها كل شيء ، وأن نتوكل على الله وكأنها ليست بشيء .

لا يخافن العبد إلا ذنبه ولا يرجون إلا ربه :

 لكن :

(( لا عَدْوى ))

[الترمذي عن أنس بن مالك رضي اللَّهُ عنه]

 يوجد نفي ، العدوى موجودة ، لا عدوى إلا إذا سمح الله ، أنت علاقتك مع الله .
 للتقريب : لو كان هناك عشرون أو ثلاثون وحشاً كاسراً ، جائعاً ، وكل هذه الوحوش مربوطة بأزمة ، بيد جهة رحيمة ، عليمة ، حكيمة ، فأنت علاقتك مع الوحوش أم مع أمسك بأزمتها ؟ فإذا أرخى حبل أحدها وصل إليك ، فإذا أبعده عنك نجوت منه ، علاقتك مع من ؟ مع الله ، لذلك : لا يخافن العبد إلا ذنبه ، ولا يرجون إلا ربه ، هاتان الكلمتان فيهما ملخص الملخص ، لا يخافن العبد إلا ذنبه ، ولا يرجون إلا ربه ، علاقتك ليست مع الوحوش الكاسرة الجائعة ، علاقتك مع من ؟ مع من أزمتها بيده ، الأزمة بيد الله عز وجل .

من كان الله معه فلا شيء عليه :

 لذلك الآية الدقيقة جداً جداً :

﴿ فَكِيدُونِي جَمِيعاً ﴾

[ سورة هود: 55]

 تحدّ :

﴿ فَكِيدُونِي جَمِيعاً ثُمَّ لَا تُنْظِرُونِ ﴾

[ سورة هود: 55]

 لا تتريثوا ، لا تترددوا :

﴿ إِنِّي تَوَكَّلْتُ عَلَى اللَّهِ رَبِّي وَرَبِّكُمْ مَا مِنْ دَابَّةٍ ﴾

[ سورة هود: 56]

 أي شيء يدب على وجه الأرض .

﴿ إِلَّا هُوَ آخِذٌ بِنَاصِيَتِهَا إِنَّ رَبِّي عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ ﴾

[ سورة هود: 55ـ 56]

 والله مرة نظرت إلى الأرض خط ربع ميلي أو أقل ، عرضه صفر ، خط يمشي ، معنى هذا أنها نملة ، أقل من ربع ميلي ، والعرض صفر ، ويمشي ، هذه دابة ، والحوت الأزرق مئة وخمسون طناً ، خمسون طناً دهناً ، خمسون طناً لحماً ، خمسون طناً عظماً ، تسعون برميل زيت ، يقف في فم الحوت عشرة رجال وهم واقفون ، نبي كريم التقمه الحوت ، سيدنا يونس .

﴿ فَنَادَى فِي الظُّلُمَاتِ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ * فَاسْتَجَبْنَا لَهُ وَنَجَّيْنَاهُ مِنَ الْغَمِّ ﴾

[ سورة الأنبياء: 88 ـ 87]

 دقق الآن ، هذه قصة قلبت إلى قانون ، قال :

﴿ وَكَذَلِكَ نُنْجِي الْمُؤْمِنِينَ ﴾

[ سورة الأنبياء: 88 ]

 هل هناك مصيبة تفوق أن ترى نفسك في بطن حوت ؟ هل يوجد أمل ؟ الأمل صفر، هذا قرآن ، هذا كلام الواحد الديان ، وجد نفسه في فم حوت .

﴿ فَنَادَى فِي الظُّلُمَاتِ ﴾

[ سورة الأنبياء: 88 ـ 87]

 في ظلمة الليل ، و ظلمة البحر ، و ظلمة بطن الحوت :

﴿ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ * فَاسْتَجَبْنَا لَهُ وَنَجَّيْنَاهُ مِنَ الْغَمِّ وَكَذَلِكَ نُنْجِي الْمُؤْمِنِينَ ﴾

[ سورة الأنبياء: 88 ـ 87]

 فإذا كان الله معك فمن عليك ؟ وإذا كان عليك فمن معك ؟ ويا ربي ماذا وجد من فقدك ؟ وماذا فقد من وجدك ؟

طريق النصر هو العناية بالفقراء و الضعفاء :

 أخواننا الكرام ؛ في هذا اللقاء الطيب هذه مقدمة ، هذا اللقاء الطيب عنوانه : قوانين النصر ، النصر مسعد ، الحقيقة الدقيقة الدقيقة : الحرب بين حقين لا تكون ، لماذا ؟ الحق لا يتعدد ، بين نقطتين يمر خط مستقيم واحد ، مهما حاولت ، لو رسمت مليون خط كلها فوق بعضها ، بين نقطتين يمر مستقيم واحد ، فالحق لا يتعدد ، لذلك الحرب بين حقين لا تكون، وبين حق وباطل لا تطول ، لأن الله مع الحق .
 وإذا كان الله معك فمن عليك ؟ وإذا كان عليك فمن معك ؟ ويا ربي ماذا وجد من فقدك ؟ وماذا فقد من وجدك ؟
 فبين حقين لا تكون ، وبين حق وباطل لا تطول ، وبين باطلين لا تنتهي ، بين حقين لا تكون ، بين حق وباطل لا تطول ، وبين باطلين لا تنتهي .
 الآن الحديث الشريف :

(( فإنما تُرزقُونَ وتُنصرون بضعفائكم ))

[أبو داود والترمذي والنسائي عن أبي الدرداء]

 إنما أداة قصر وحصر ، إذا قلت مثلاً : إنما شوقي شاعر ، الشاعر شوقي ، معنى هذا أنه هو شاعر فقط ، ليس كاتباً ، ولا مسرحياً ، ولا تاجراً ، إنما أداة حصر وقصر ، أنت بالصلاة لو قلت : نعبد إياك ، نفس الكلمتين :

﴿ إِيَّاكَ نَعْبُدُ ﴾

[ سورة الفاتحة: 5]

 نعبد إياك ، الصلاة باطلة ، إذا قلت : نعبد إياك ، لا تمنع أن نعبد غيرك ، أما :

﴿ إِيَّاكَ نَعْبُدُ ﴾

[ سورة الفاتحة: 5]

 عندما قدمنا إياك على نعبد صار هناك قصر وحصر ، واضحة ؟ الله قال :

﴿ فَأَيُّ الْفَرِيقَيْنِ أَحَقُّ بِالْأَمْنِ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ * الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُمْ بِظُلْمٍ أُولَئِكَ لَهُمُ الْأَمْنُ وَهُمْ مُهْتَدُونَ ﴾

[ سورة الأنعام: 81 ـ 82 ]

 المؤمنون وحدهم ، وليس أحد غيرهم ينعم بنعمة الأمن .

﴿ الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُمْ بِظُلْمٍ أُولَئِكَ لَهُمُ الْأَمْنُ وَهُمْ مُهْتَدُونَ ﴾

[ سورة الأنعام: 82 ]

 ونعمة الأمن لا تعدلها نعمة ، ما الفرق بين الأمن والسلامة ؟ قد يمضي عام بأكمله ولا مشكلة ، لا يوجد مرضى ، ولا حادث سيارة ، ولا أي شيء ، لكن توقع المرض مرض، أنت من خوف الفقر في فقر ، ومن خوف المرض في مرض ، وتوقع المصيبة مصيبة أكبر منها ، لذلك لا ينعم بنعمة الأمن إلا المؤمن ، والآية واضحة :

﴿ فَأَيُّ الْفَرِيقَيْنِ أَحَقُّ بِالْأَمْنِ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ * الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُمْ بِظُلْمٍ أُولَئِكَ لَهُمُ الْأَمْنُ ﴾

[ سورة الأنعام: 81 ـ 82 ]

 ما قال الأمن لهم ، لهم وحدهم .
 الآن أقوى قوة بالأرض إن كانت مشركة فهي خائفة .

﴿ سَنُلْقِي فِي قُلُوبِ الَّذِينَ كَفَرُوا الرُّعْبَ بِمَا أَشْرَكُوا ﴾

[ سورة آل عمران: 151 ]

 المؤمن عنده طمأنينة ، ينفرد بهذه النعمة ، وغير المؤمن مهما يكن قوياً ، جباراً ، متمكناً ، عنده أسلحة ذرية ، هدروجينية ، قنابل حارقة و خارقة ، قنابل عنقودية ، لو معه مليون سلاح ، ما دام مشركاً الله عز وجل يقذف في قلبه الخوف .

﴿ فَأَيُّ الْفَرِيقَيْنِ أَحَقُّ بِالْأَمْنِ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ * الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُمْ بِظُلْمٍ أُولَئِكَ لَهُمُ الْأَمْنُ وَهُمْ مُهْتَدُونَ ﴾

[ سورة الأنعام: 81 ـ 82 ]

﴿ سَنُلْقِي فِي قُلُوبِ الَّذِينَ كَفَرُوا الرُّعْبَ بِمَا أَشْرَكُوا ﴾

[ سورة آل عمران: 151 ]

 الآن :

(( فإنما تُرزقُونَ وتُنصرون بضعفائكم ))

[أبو داود والترمذي والنسائي عن أبي الدرداء]

 هذا الضعيف ، إن كان جائعاً أطعمته ، إن كان عارياً كسوته ، إن كان مشرداً أسكنته في بيت ، إن كان مريضاً عالجته ، إن كان خائفاً أمنته ، هذا الضعيف .

(( فإنما تُرزقُونَ وتُنصرون بضعفائكم ))

[أبو داود والترمذي والنسائي عن أبي الدرداء]

 طريق النصر على أقوى قوى الأرض العاتية أن تعتني بالضعفاء ، بالفقراء ، واضحة تماماً ؟

﴿ إِنْ تَنْصُرُوا اللَّهَ يَنْصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ ﴾

[ سورة محمد: 7]

 نصرت دينه بالصلاة ، والزكاة ، وأركان الإسلام ، بإنفاق المال ، برعاية المظلوم ، بشفاء المرضى ، نصرت دين الله عز وجل وعدك بالنصر .
 بالمناسبة : زوال الكون أهون على الله من ألا يحقق وعوده للمؤمنين .

﴿ إِنْ تَنْصُرُوا اللَّهَ يَنْصُرْكُمْ ﴾

[ سورة محمد: 7]

الإسلام دين فردي و جماعي :

 بالمناسبة : الإسلام دين فردي ، ودين جماعي ، بمعنى أنك واحد من ثمانية مليار إنسان ، الآن أحدث إحصاء للبشر ثمانية مليارات ، واحد من ثمانية مليارات ، إن أقمت أمر الله فيما تملك تملك ماذا ؟ ثلاث دوائر ، نفسك دائرة ، بيتك دائرة ، عملك دائرة فقط ، هذه الدوائر التي تحاسب عليها ، نفسك ، تصلي ، تغض البصر ، تتحرى الحلال ، أب ناجح ، زوج ناجح، ابن ناجح ، ابنة ناجحة ، أن تؤدي ما عليك وحدك مبدئياً .
 الآن الدائرة الثانية : بيتك ، يا ترى الزوجة خروجها شرعي أم فيه تفلت و إبراز مفاتن ؟ أي هذا الذي يجلس بباريس و يصمم الأزياء ، إذا قصر ثياب المرأة نقصرها ، ضيقها نضيقها ، عمل فتحة نعمل فتحة .

(( لتركبن سنن من كان قبلكم شبراً بشبر ))

[البزار عن عبد الله بن عباس ]

 يتحكم بأزياء النساء ، بالعالم الإسلامي أناس بعيدون عن الدين بعد الأرض عن السماء .
 كنت مرة بإيطاليا لفت نظري عنوان محل ، ألبسة حلال ، الطعام حلال ، هناك الألبسة حلال ، ثياب المرأة فضفاضة ، ليست قصيرة ، ولا ضيقة ، ولا ذات لون يلفت النظر .

﴿ إِنَّهَا صَفْرَاءُ فَاقِعٌ لَوْنُهَا تَسُرُّ النَّاظِرِينَ ﴾

[ سورة البقرة: 69]

 هناك لون يجذب ، وهناك تضييق يجذب ، وشفافية تجذب ، هذه العورة ، ألا يشف الثوب عن لون البشرة ، ولا أن يصف حجم العضو ، وألا يكون لونه فاقعاً يلفت النظر ، إذاً :

﴿ إِنْ تَنْصُرُوا اللَّهَ يَنْصُرْكُمْ ﴾

[ سورة محمد: 7]

 أنت مكلف بثلاث دوائر ، نفسك دائرة ، بيتك دائرة ، عملك دائرة ، الآية تقول :

﴿ وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ ﴾

[ سورة النور: 55]

الله جلّ جلاله في حلّ من وعوده إن أخلّ المسلمون بعبادته سبحانه :

 دقق :

﴿ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ ﴾

[ سورة النور: 55]

 مرة ثانية : زوال الكون أهون على الله من ألا يحقق وعوده للمؤمنين .

﴿ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ ﴾

[ سورة النور: 55]

 كقانون ، الدليل :

﴿ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ ﴾

[ سورة النور: 55]

 والحقيقة المرة أفضل ألف مرة من الوهم المريح ، ديننا الإسلامي اليوم ممكن ؟ لا .

﴿ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ ﴾

[ سورة النور: 55]

 أي دين وعد بتمكينه ؟

﴿ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ ﴾

[ سورة النور: 55]

 تطبق الكتاب والسنة ، لكن يوجد مظاهر رائعة ، ممكن أن تضع بالسيارة مصحفاً صغيراً ، لا يوجد مشكلة ، أن تضع بالبيت آية الكرسي بإطار رائع ، هذه مظاهر ليست ممنوعة لكن وحدها لا تقدم ولا تؤخر .

﴿ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْناً ﴾

[ سورة النور: 55]

 كم وعد ؟ ثلاثة .

﴿ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْناً ﴾

[ سورة النور: 55]

 المفتاح بكلمة واحدة :

﴿ يَعْبُدُونَنِي ﴾

[ سورة النور: 55]

 فإذا أخلّ المسلمون فيما كلفوا به من عبادة فالله جلّ جلاله في حلّ من وعوده الثلاث .

أنواع الجهاد :

 أخواننا الكرام ؛ لا يوجد كلمة لها رنين متداولة ، بعضهم يخاف منها كثيراً كالجهاد ، وبعضهم يذكرها كثيراً ، الجهاد أنواع ، أول نوع من أنوع الجهاد جهاد النفس والهوى ، ضبطت شهوتك ؟ الشاشة بالبيت مضبوطة أم مفتوحة ؟
 مرة قلت كلمة : كلما اتسعت الصحون على السطوح ، يقول : عندي صحن يعطيني ثلاثاً وخمسين قناة ، ما شاء الله ! كلما اتسعت الصحون على السطوح ضاقت صحون المائدة ، وكلما رخص صحن النساء ارتفع لحم الضأن ، كلما اتسعت الصحون على السطوح ضاقت صحون المائدة ، وكلما رخص صحن النساء ارتفع لحم الضأن .
 فالجهاد البنائي أن نستخرج الثروات ، وأن نطور الصناعات ، وأن نبني الأسر بناءً وفق منهج الله ، هذا الجهاد البنائي ، الجهاد كلمة نرددها كثيراً ، بعض الناس يخاف منها خوفاً شديداً ، يخاف من الجيم فقط ليس من الجهاد ، وبعضهم لا يذكر غيرها ، هذا الجهاد الأول جهاد النفس والهوى ، دقق ؛ أول جهاد جهاد النفس والهوى ، ورد في الأثر :

(( رجعنا من الجهاد الأصغر إلى الجهاد الأكبر ، جهاد النفس والهوى ))

 أي المهزوم أمام نفسه لا يستطيع أن يواجه نملة ، هذا جهاد النفس والهوى ، الجهاد الثاني : الجهاد البنائي ، أن نستخرج الثروات ، أن نطور الصناعات ، أن نبني الأسرة بناءً وفق منهج الله ، هذا الجهاد البنائي ، الثالث : الجهاد الدعوي ، الدليل :

﴿ وَجَاهِدْهُمْ بِهِ جِهَاداً كَبِيراً ﴾

[ سورة الفرقان:52]

 أعظم أنواع الجهاد الدعوة إلى الله .

﴿ وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلاً مِمَّنْ دَعَا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحاً وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ ﴾

[ سورة فصلت: 33]

 هذه الدعوة فرض عين على كل مسلم ، لكن في حدود ما تعلم ، ومع من تعرف ، هذا الدرس تأثرت به تكلم عنه لزوجتك ، لأولادك ، لشركائك بالعمل ، لصديقك ، الجهاد الدعوي فرض عين على كل مسلم ، ولكن في حدود ما تعلم ومع من تعرف ، أو فرض كفاية إذا قام به البعض سقط عن الكل ، فرض الكفاية يحتاج إلى تفرغ ، وتعمق ، وتثبت ، ودراسات عليا ، هذا فرض الكفاية معك دكتوراه بالشريعة ، دراستك عميقة جداً ، معك أدلة وشواهد ، عندك إمكان أن تواجه أي شبهة بالدليل النصي ، والعقلي ، والاجتماعي ، والنفسي ، هذه الدعوة كفرض كفاية إذا قام بها البعض سقطت عن الكل ، قوله تعالى :

﴿ وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ ﴾

[ سورة آل عمران: 104]

 من للبعيض .

﴿ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ ﴾

[ سورة آل عمران: 104]

 إذاً عندنا فرض عين على كل مسلم ، هذا الدرس ترك أثراً في نفسك تكلم عنه لزوجتك ، لشريكك ، لابن عمك ، بسهرة ، بلقاء ، بسفرة ، هذا فرض عين على كل مسلم ، أما كحرفة ، كاختصاص ، كداعية ، معك شهادات عليا ، عندك خبرة واسعة ، عندك طلاقة لسان، عندك إطار لغوي قوي ، فهذا فرض كفاية ، إذا قام به البعض سقط عن الكل .

تعاون أعداء الدين و تقاتل المسلمين وهذا وصمة عار بحقنا :

 الآن كلمة دقيقة : العلماء في دائرة واحدة ، هم جميعاً على مستوى معقول ومقبول من فروع الدين ، فقه ، حديث ، تفسير ، إعجاز ، في دائرة واحدة ، لأنهم جميعاً على حد معقول من فهم فروع الدين ، لكن بعضهم تفوق بالإعجاز ، نرسم على هذه الدائرة مثلثاً ، هذا بالحديث ، هذا بالدعوة ، إلخ . . هذه المثلثات متكاملة فيما بينها ، لكن مع الأسف الشديد الشديد أن أعداء الدين يتعاونون تعاوناً مذهلاً وبينهم خمسة بالمئة قواسم مشتركة ، والمسلمون يتقاتلون وبينهم خمسة وتسعون بالمئة قواسم مشتركة ، وهذه مع الأسف الشديد وصمة عار بحق الأمة .

الوقت قصير والمهمة كبيرة والعمر ينتهي فجأة :

 أخواننا الكرام ؛ الوقت قصير ، والمهمة كبيرة ، والعمر ينتهي فجأة ، إذا شخص انتهى أجله ، كنت مرة بثانوية ، جلست مع المدير ساعة ، كان عندي حصة فراغ ، نشأ فراغ فجأة أخذوا الطلاب إلى الرمي ، فعندي ساعة ، وبيتي بعيد ، جلست عند هذا المدير ، وأنا أحترمه كثيراً ، حدثني مايلي : أنا قدمت طلب إعارة للجزائر ، وأخذت موافقة ، سأسافر للجزائر، الإعارة خمس سنوات ، بالصيف لن آتي إلى الشام ، أمضي الصيف الأول بفرنسا ، أرى معالمها ، حضارتها ، عادات أهلها ، تقاليدها ، والثاني ببريطانيا ، والثالث بإيطاليا ، والرابع بألمانيا ، قال لي : ثم أرجع إلى الشام أشتري بيتاً مرتباً ، أعمل محلاً تجارياً تحف مثلاً لأن هذا العمل لا علاقة له بالتموين والمتاعب ، والله جلست عنده حوالي خمسين دقيقة ، تكلم لي عن عشرين سنة قادمة ، مشروعه إعارة للجزائر ، عودته بعد خمس سنوات ، شراء بيت ومحل تجاري ، واختار حرفة التحف لأنها غالية ولا علاقة لها بالتموين ، شرح ، وانتهى اللقاء ، وتابعت ساعتين تدريس ثم انتهيت ، عدت إلى البيت ، بعد العصر أو قبل المغرب عندي ساعات بثانوية أخرى ، نزلت لهذه الثانوية ألقيت الساعات ، الآن بقي أن أعود إلى البيت ، أعود مشياً ، رياضة ، فإذا نعوته على الجدران باليوم نفسه والله ، هل تعلم متى تغادر ؟ لا أحد يعلم ، لا بد من أن تأخذ الحيطة والحذر .

كل مخلوق يموت ولا يبقى إلا ذو العزة والجبروت:
والليل مهما طال فلا بد من طلوع الفجر   والعمر مهما طال فلا بد من نزول القبر
***

و:

كل ابــن أنثى وإن طالت سلامــته   يـــوماً على آلة حدبـــاء محمول
فإذا حمــــلت إلى القبور جنـــــــــازة   فاعــــلم بأنــــك بعدهـــــــا محمول
***

(( عبدي رجعوا وتركوك ، وفي التراب دفنوك ، ولو بقوا معك ما نفعوك ، ولم يبقَ لك إلا أنا ، وأنا الحي الذي لا يموت ))

 لذلك أتمنى أن هذا المرض ما اسمه ؟ الكورونا ، وصل لهذا البلد الطيب ، علينا أن نلغي المصافحة ، والعناق ، نلغيه إلى حين ، والحافظ هو الله ، لكن ينبغي أن تأخذ بالأسباب وكأنها كل شيء ، وأن نتوكل على الله ، وكأنها ليست بشيء .
 والدرس القادم أنا أعتذر عندي سفر .

الاستماع للدرس

00:00/00:00

تحميل النص

إخفاء الصور