وضع داكن
24-04-2024
Logo
حياة المسلم 1- إذاعة حياة إف إم- الحلقة : 061 - صلة الأرحام في رمضان.
   
 
 
 بسـم اللـه الرحمـن الرحيـم  
 

مقدمة :

المذيع:
  بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، وأتم الصلاة وخير التسليم على سيدنا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين، السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته، أهلاً ومرحباً بكم مستمعينا الكرام على الهواء مباشرةً عبر أثير إذاعتكم حياة FM، نتواصل في حلقة جديدة من حلقات برنامجكم مع الدكتور محمد راتب النابلسي، وباسمكم نرحب بفضيلة العلّامة الأستاذ الدكتور محمد راتب النابلسي، حياكم الله دكتور.
الدكتور راتب :
 بارك الله بكم، ونفع بكم.
المذيع:
 هذه الأيام الجميلة أيام معدودات ولكنها تنقضي سريعاً، وربنا يبلغنا الحسنات في هذا الشهر الفضيل.
 حديثنا اليوم عن صلة الأرحام، هذه القضية بالغة الأهمية، وكثيراً ما نتحدث فيها، وكثير ما تحدث مشاكل فيها، لماذا قال الله عز وجل للرحم: إنني قد وصلت من وصلك وقطعت من قطعك، لماذا للرحم هذه المكانة العظيمة عند الله عز وجل؟

المكانة العظيمة لصلة الرحم :

الدكتور راتب :
 بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيّدنا محمّد، وعلى آل بيته الطيّبين الطاهرين، وعلى صحابته الغر الميامين، أمناء دعوته، وقادة ألوِيَتِه، وارضَ عنّا وعنهم يا ربّ العالمين.
 هناك مصطلحات حديثة اسمها الضمان الاجتماعي، تعاون أفراد المجتمع فيما بينهم لحلّ مشكلاتهم هذا ضمان اجتماعي، ما وجد في هذا الدين العظيم شعيرة وتشريعا وأمراً كأمر صلة الأرحام، أول حقيقة في هذا اللقاء الطيب أن الرحم مطلقة في الإسلام، لا يمكن أن تنصرف إلى أقارب الأم، ولا إلى أقارب الأب، مطلقة إطلاقاً تاماً، أي قريب لك ينبغي أن تصله، هذا الوصل منوع، قد يبدأ باتصال هاتفي، وقد يبدأ بزيارة، وقد يبدأ بمساعدة، هذا القريب فقير وأنت غني لا يعني أن تصله أن تزوره فقط، بل أن تصله و تمده بما يحتاج، هذا القريب جاهل وأنت عالم، أن تسأله عن أولاده أين يدرسون، إلى أي صف وصلوا، وقد تمدهم بقسط جامعي، هذه الصلة تعني أنت طبيب هم يعانون بعض الأمراض، وأنت بالإمكان أن تعينهم على دخول المستشفى، فهذه الصلة أنا أذوب بمعانيها، أما أن تفهمها فقط وضع بطاقة في العيد، مستحيل، هذا دين عظيم، كثير من الأشخاص يضع قائمة ويتمنى ألا يجده في البيت حتى يضع البطاقة ويمشي، وضعت بطاقات ماذا قدمت له؟ أنا أقترح كنا في الشام لو فرضنا أفراد أسرة كبيرة، يوجد أفراد أسرة صغيرة، الأب والأم والأولاد والأصهار والكنائن، هذه أسرة محدودة، أما هذه الأسرة فلها توزع أكبر بكثير، الأسرة الكبيرة مع الأعمام والأخوال يلتقون في أحد أيام الأعياد لقاءات مشتركة، أي سهرة مديدة، يتناقشون في أحوالهم، في أحوال أبنائهم، في العقبات، كيف حلت هذه العقبات في أسرة أخرى؟ هذا اللقاء السنوي لمرتين أو ثلاث لحل مشكلات هذه العائلة الكبيرة هذا مما تهدف له صلة الأرحام، أن أتفقد أقربائي، قد تكون قوياً وبإمكانك أن تعين من حولك، قد تكون غنياً، قد يكون لك منصب رفيع، وبإمكانك أن تعين إنساناً وفق الشروط النظامية الدقيقة، أما أنت تكتفي بزيارة أو اتصال هاتفي أو وضع بطاقة فهذا مسخ لهذه العبادة.
المذيع:
 الرحم من تشمل؟

صلة الرحم ليست بالتزاور فقط و إنما بتبادل المنافع أيضاً :

الدكتور راتب :
 ذكرت قبل قليل مطلقة، نحن عندنا قاعدة دينية عظيمة: المطلق في القرآن على إطلاقه، مادام لا يوجد نص آخر يحدد هذا الإطلاق المطلق على إطلاقه، فأقرباء الإنسان من جهة أبيه ومن جهة أمه.
المذيع:
 هل أنا مأمور بصلتهم جميعاً قد يكون العدد كبيراً جداً؟
الدكتور راتب :
 والله يوجد جواب دقيق، أنت في أيامك المتكررة تلتقي مع عدد من أقربائك، كل أسرة الخال يزوركم أو تزوروه كل أسبوع، والعم كل أسبوعين، هؤلاء الأقارب الذين تلتقي بهم على مدى العام هؤلاء بموضوع الصلة درجة ثانية، لأنك تراهم كل أسبوع، أما هذا الذي لا تراه إلا في العيد فهذا درجة أولى، العيد فرصة وحيدة سنوية كي تزوره، أما العم والخال الذي لك معه علاقات أسبوعية، كل أسرة فيها مجموعة أقارب، الصلة مستمرة، كل أسبوعين يوجد لقاء، أو وليمة، أو سهرة، أما الذين لا تصلهم إلا في العيد فهم درجة أولى في هذه العبادة، قد يكون بيته قريباً أو بعيداً، أنت لك مكانة كبيرة، وعندك بيت بحي درجة أولى، وعندك قريب بأطراف المدينة في بيوت متواضعة جداً ليست من مستواك، كونك مؤمناً يجب أن تزورهم، جاء أخ لعندي وطلب مني أن أعمل درساً عن صلة الأرحام، ما فهمت ما وراء هذا السؤال لكن الموضوع مهم، عملت درساً مرتب تماماً، صدق ولا أبالغ يوجد قريب له من أغنياء البلد سمع هذا الدرس لا يعرف أين بيته، وصل إلى بيته وجد بيته تحت الأرض - قبو سفلي - رطوبة عالية ولا يوجد شمس، اشترى له بيتاً في الطابق الثالث من أموال الزكاة، نقله نقلة مذهلة من بيت تحت الأرض إلى بيت ملك طابق الثالث، هذه صلة الأرحام، هناك غني وفقير، الغني يصل الفقير بماله، والقوي يصل الضعيف بمنصبه، والعالم يصل الجاهل بعلمه.
المذيع:
 صلة الرحم ليست بالتزاور؟
الدكتور راتب :
 أعوذ بالله أقل شيء فيها الزيارة، لكن أعلى ما فيها تبادل المنافع، أنت قوي وهو ضعيف، أنت غني وهو فقير، أنت عالم وهذا جاهل، أقنع الأب أن يدرس أولاده في الجامعة، وادفع القسط، الابن كان سيكون عاملاً، صار معه ليسانس، صار يكسب رزقه بدرجة أعلى ويعاون من حوله، أنا أذكر مرة عندي طالب مستوى ذكائه يفوق حدّ الخيال ذكي جداً، لكنه فقير جداً، مكنني الله أن أنفق عليه حتى درس في بريطانيا، و عندما رجع ردّ لي المبالغ كلها، ليس هذا فقط وطلب مني أن أختار له اثنين متفوقين ليدرسوا على حسابه، هذا الذي صار معي، الخير يتنامى، تتسع دوائره، والشر يتنامى أيضاً، فالبطولة أن تكون عنصراً تنمي دوائر الخير، أنا مثلاً الذين يقولون: الذي حاز على مئتين وثلاثين في الشهادة الثانوية يدخل جامعة، الذي حاز على مئتين وتسعاً وعشرين ذكي مثله، وقد يكون أذكى من الذي أخذ مئتين وثلاثين.
 يوجد جمعية خيرية في بلدنا الذي وصل إلى عشر علامات قبل دخول الطب هؤلاء ينفق عليهم ليكونوا أطباء، هذا نحن ننمي ذكاءه بكلية طب على حسابنا، أنأ أذكر أحد المحسنين أرسل ثلاثين ألف طالباً على حسابه الشخصي ليدرسوا دكتوراه في العالم الغربي، أي أرسل ثلاثين ألف عالم، وعمل في الجامعات كلها مثل غرفة تابعه له ليتابع الطالب دراسته، علاماته، ودوامه، أي ليس خذ واذهب ونم، أنا رأيت أن هذا أعظم عمل، ثلاثون إنساناً فقيراً لكنهم أذكياء أصبحوا علماء كبار، خدموا أمتهم، هناك أعمال لها أثر مستمر..
المذيع:
 صلة الأرحام هو مشروع في الأمة وليس قضية تزاور..

الصدقة تؤكد صدق الإنسان مع الله عز وجل :

الدكتور راتب :
 أنا سوف أسميه مصطلحاً حديثاً: ضمان اجتماعي، أنت في مجتمع، هذا المجتمع مثلاً سوف أنتقل إلى موضوع آخر يمسه قال تعالى:

﴿ خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً ﴾

[ سورة التوبة: 103 ]

 تؤكد صدقهم مع الله عز وجل، سميت الصدقة صدقة لأنها تؤكد صدق الدافع، قال تعالى:

﴿ تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِهَا ﴾

[ سورة التوبة: 103 ]

 تطهر الغني من الشح، الشح مرض مثل السرطان، وتطهر الفقير من الحقد، الفقير جائع دخل رمضان لا يوجد عنده شيء، دخل العيد لا يوجد عنده شيء، فأنت عندما تطعم هذا الجائع طعاماً جيداً، تكسو أولاده كسوة جيدة، بدل أن يحقد عليك أصبح حارساً لك، متنت العلاقة، أنا أذكر أسرة الأب طريح الفراش، معه أزمة قلبية، وعنده خمسة أولاد، عندما أصيب والدهم بهذا المرض العضال شيء مؤلم جداً، أعرف محسناً طلب من طبيب قلب – هذا الطبيب من أخواني – أن يعمل عملية قلب لهذا الشخص، أنا زرت هذا البيت قبل العملية كآبة في البيت، الأولاد ساكتون، وعندما أجريت العملية ونجحت نجاحاً باهراً، واستعاد نشاطه، وصحته، زرته بعد نجاح العملية أقسم لك البيت كأن فيه عرساً، الأولاد يلعبون ويفرحون، والله أنا أقول: هذا الغني لا يعلم إذا عمل أعمالاً صالحة سوف يكون أسعد إنسان في الأرض وهو غير منتبه، السعادة بإطعام الفقير، بكسوة العاري، بإطعام الجائع، شيء غير معقول..
المذيع:
 هذا العمل الصالح هل نقول إن سلم الأولويات عند الرحم الأقربون أولى بالمعروف؟

الأقربون أولى بالمعروف :

الدكتور راتب :
 هذه الكلمة الأقربون أولى بالمعروف أحبّ أن أعلق عليها، هذا الكلام دقيق جداً وهو ميزان حساس، الأقربون إلى الفقر، والأقربون نسباً، والأقربون مكاناً، يوجد نسب ومكان و موضوع، إذا كان هناك شخصان يستحقان زكاة مالك، أيهما أقرب إلى الإيمان؟ المؤمن أولى، المؤمن لا يدخن، لا يشرب الخمر، شخصان هذا ابن عمك، وهذا لا يوجد بينك و بينه قرابة، ابن عمك أولى، الأقربون نسباً، والأقربون فقراً أولى، الأقربون للفقر أولى، عندك ثلاثة عوامل، ثلاثة مقاييس لا بد أن تستخدم، أقرب نسباً، أو أفقر، أو أكثر إيماناً..
المذيع:
 لو وجدت اثنين على نفس الدرجة من الإيمان الأول يوجد قرابة بينك و بينه والثاني لا.
الدكتور راتب :
 الأقرب أولى.
المذيع:
 لو استطاع أن يقسم المال بين شخصين.

أعظم زكاة أن تنقل قابض الزكاة إلى دافع لها :

الدكتور راتب :
 يوجد توجيه نبوي، الزكاة أن تغنيه عن المسألة، إما إلى عام، أو إلى أعوام، تعطيه نفقة سنة، هذه الزكاة أن تغنيه عن المسألة، أو تؤمن له أداة صناعية يعيش منها، أنا أرى أعظم أنواع الزكاة على الإطلاق أن تجعل هذا الذي أخذ الزكاة يصبح دافع الزكاة بعد حين، أخ - أذكر هذا للموعظة - لا يملك شيئاً من المال، وعنده أسرة، أنا أستطيع كل شهر أن أعطيه مبلغاً من المال، أو وجبتين غذائيتين، قلت له: أريد أن تعمل عملاً يأتيك منها أرباح، قال لي: أريد شاحنة صغيرة، أذكر أن ثمنها كان عشرين ألفاً، ثلاث عجلات، والله بعد مضي عام جاء لي بزكاة ماله، أنا أذكر القصة واضحة عندي وضوح الشمس، كنت أدفع له زكاة المال، عندما أمنت له الشاحنة الصغيرة، وعمل عليها، جمع مالاً فاض عن مصروفه فجاء لي بزكاة المال، أنا أرى أن أعظم زكاة أن تنقل قابض الزكاة إلى دافع الزكاة، أغنيته مدى الحياة، أحياناً تعمل له آلة تريكو، آلة نول، أما تعطيه فيدك العليا ويده السفلى أصبح متسولاً.
المذيع:
 ركزت كثيراً على جانب التكافل الاجتماعي بصلة الأرحام، والمساعدة تنقله من العلم إلى الجهل إذا كنت عالماً، ماذا عن الجانب في صلة الرحم المعنوي، في الزيارة، في الابتسامة، في التكافل، في عيادة المريض، هل له جانب كبير؟

الزيارة بين الأرحام أخلاق و تفقد :

الدكتور راتب :
 والله لو أن أختاً زوجها فقير جداً، وهي تسكن بحيّ فرعي من فروع المدينة، فرع مهمل جداً، بيوت فقراء، ولها قريب، أخوها مثلاً وضعه المالي جيد جداً يسكن في بيت بأرقى أحياء المدينة، هذا الأخ الذي وضعه المالي قوي عندما يزور أخته الفقيرة، يمكن لا أبالغ تتكلم عن زيارته لها سنة، أخي جاء وزارني، القيمة الاجتماعية للزيارة غير المال، أخوها زارها، الزيارة أخلاق، تفقد، الفقير يشعر بقيمته، يشعر بعلاقته المتينة مع أخيه، أما أحياناً فالأخ يهمل أخوته نهائياً.
المذيع:
 سأطرح على حضرتك دكتور شيئاً من الواقع، كلنا يحب الرحم، والتعامل مع الله عز وجل في دائرة الأرحام، لكن الواقع يقول: إن بعض الأرحام من الصعب التعامل معهم، كيف لنا أن نصل الرحم مع إنسان شديد؟ مع إنسان لا يحبك؟ لا يرحب بك؟ تزوره لا يزورك كيف لنا أن نتعامل معهم؟

على الإنسان أن يعامل الله و لا يهتم برد الفعل إطلاقاً :

الدكتور راتب :
 أنا أرى أن الصلة متدرجة قد تبدأ باتصال هاتفي، عندي قريب شرس وحسود، أنا أتصل به من حين إلى آخر، أنا اشتقت لك، إن شاء الله صحتك طيبة وأولادك بخير؟ هذا حد معقول باتصال هاتفي، أو زيارة غير طويلة، أو هدية مع زيارة، أي الواصل غني والموصول فقير، معك علبة حلوى في العيد، صفيحة سمن درجة أولى، ممكن أن تقدم ألبسة لأولاده، هذه الهدية تذهب وحر الصدر، أخي الكريم؛ من الحمق أن تدفع مالاً لشخص وتقول له: هذه زكاة مالي، ممكن أن تقدم له ألبسة للعيد، هذا قريبك، وثمن الألبسة زكاة مالك، لا تقل: زكاة مالي، أنا والله أحببت لك هذه البذلة الجميلة، هذه هدية مني لك.
المذيع:
 إذا زرته وأهديته ولم يزرك، ولم يتواصل معك كيف تعود بالعام المقبل للتواصل معه؟
الدكتور راتب :
 اسمع الجواب؛ اصنع المعروف إلى من هو أهله، وإلى غير أهله، فإن أصبت أهله أصبت أهله، وإن لم تصب أهله كنت أنت أهله، أنا أتمنى على الأخوة المستمعين لا تعلق قيمة على رد الفعل، قد لا يهتم، قد يستعلي عليك، قد لا يشكرك، أنت تعامل الله، تعامل خالق الأكوان، لا تهتم برد الفعل إطلاقاً، أدّ الذي عليك وانتهى الأمر، طبعاً تجد شخصاً شرساً، وحسوداً أحياناً، لكنه فقير وأختك عنده، أو صهرك قاس و شرس لكن ابنتك عنده، أتحمله من أجل أختي، لا تظن أن طريق الحق كله ورود ورياحين، لا يوجد أشواك معه.
المذيع:
 هل لي الحق بتحجيم العلاقة أو قطع العلاقة مع أحد الأقارب الذين لا أشعر بمودة تجاههم؟

قطع الرحم ممنوع و لكن يمكن تحجيم العلاقة :

الدكتور راتب :
 أنا لا أقطع علاقة فقط تحجيم.
المذيع:
 ما المقصود بالقطع؟ إنهاؤها بشكل كامل هذا حرام؟
الدكتور راتب :
 يمكن هذا الشخص بدل شيئاً من مواقفه، أنت قطعته نهائياً لعله ندم على أعماله السابقة، لعل عنده حاجة جديدة إليك، أنا أرى أن قطع الرحم ممنوع و لكن ممكن تحجم العلاقة، من زيارة حميمة إلى زيارة قصيرة، من زيارة مع هدية إلى زيارة من دون هدية، أو من زيارة من دون هدية إلى زيارة مع هدية.
المذيع:
 هذا يقودني إلى سؤال هل الرحم درجات؟ الخالة في حكم ابن خالتي الخالة أقرب.

درجات الرحم :

الدكتور راتب :
 طبعاً، عندنا درجة أولى وثانية وثالثة ورابعة في الرحم، الآن الموضوع بدقة لا يحضرني تماماً، عندك الأب والحفيد الأصول مهما علت، والفروع مهما تدنت، أي ابن ابنك من الرحم، ابن ابن ابنك من الرحم، جدك من الرحم، أبو جدك من الرحم، هذا الخط أعلى وأدنى، هذا أعلى شيء في الرحم، درجة أولى، الأخ وابن الأخ وبنت الأخ والأخت وزوجها والعم والخال، ثم فروع أوسع من هذا، عندك أربع درجات هذه أقوى درجات الرحم.
المذيع:
 إذاً أفهم من كلامك دكتور الإنسان عليه أن يكون واصلاً بشكل دائم، مبدأ الخصومة والقطيعة غير وارد إذا كان هناك إنسان قد يأتي من ورائه شر لكن تحجم وتقلل من التواصل معه دون الخصومة.

دع خيراً عليه الشر يربو :

الدكتور راتب :
 وأن تحجم الحديث معه، لا تدخل في قضايا مختلف عليها يجد نفسه أنه سوف ينتقم منك، غلطان لا تعرف شيئاً، لا تدخل بقضايا خلافية، تكلم عن القضايا العامة، والله الحمد لله الأمطار جيدة، سمعت أنه نزل هذا العام ثمانية وثلاثون مليمتراً، قضايا عامة، تكلم عن الطقس والأحوال العامة وابتعد عن السياسة، السياسة تفرق.
المذيع:
 هل يكفي الاتصال الهاتفي لصلة الرحم؟
الدكتور راتب :
 إذا كان هناك شراسة أو شيء ثان، لو فرضنا فرضاً أنت يجب أن تزور خالتك، وخالتك بناتها يرتدون ثياباً دون أكمام و يلبسون البنطال الضيق وهم أجانب بالنسبة لك، يقول العلماء: دع خيراً عليه الشر يربو. إذا ذهبت إلى عندهم، وأنت شاب في ريعان الشباب، وبناتهم غير ملتزمات أصلاً، ثيابهم فاضحة، ضحكاتهم غير معقولة، هذا البيت أترك زيارته دفعاً لشر أكبر، الآن أستخدم الهاتف، كيف صحتك يا خالتي؟ إن شاء الله كل عام وأنت بخير، هل يلزمك شيء؟ إذا دخلت إلى بيت وفقدت استقامتي، ووجدت نوعاً من التفلت غير المعقول من بنات خالتي بهذه الحالة أتصل بها هاتفياً.
المذيع:
 أو إذا كان هناك إيذاء كبير من زوجها وأولادها، الإنسان يخشى أن يصل إلى مرحلة قطع الرحم يحجم بالاتصال، لو لم يكن هذا ولا ذاك لا مخالفات شرعية، ولا إيذاء، من باب الانشغال لا يوجد عندي وقت..

إعطاء كل ذي حق حقه :

الدكتور راتب :
 هذا ليس جواباً إطلاقاً، أنت مخلوق لعبادة الله، يجب أن تعمل تنظيماً، لا تدع مهمة تطغى على مهمة ثانية، البطولة أن تعطي كل ذي حق حقه.
المذيع:
 الإنسان عليه أن يجد وقتاً.
الدكتور راتب :
 عفواً رئيس وزارة، منصب رفيع جداً لكن له أقارب، لا يمنعه منصبه الرفيع من أن يزور أقاربه، هذه بطولة، إذا الإنسان صار له منصب رفيع صار فوق أي طاعة لله عز وجل؟ لا..
المذيع:
 هل وسائل التواصل الحديثة تغني عن هذه الزيارة؟

وسائل التواصل الحديثة تغني عن زيارة الأقارب عند السفر :

الدكتور راتب :
 أحسن من لا شيء، أول شيء الزيارة، لو فرضنا لك تتمكن من الزيارة، لو كنت مسافراً، معي هاتفه كل عام وأنت بخير، إن شاء الله العيد القادم نكون على عرفات، أي خدمة أنا حاضر، أنا مسافر، لا يوجد مشكلة.
المذيع:
 هذا الاستثناء عند السفر أما الأصل فهو التواصل...
الدكتور راتب :
 أنا أريد أن أقول: هناك مجموعة أقارب أنت تراهم كل يوم، هؤلاء درجة ثانية بهذا الموضوع، الذي تراه في السنة مرة واحدة هذا أهم شخص، مناسبة وحيدة كي تزوره أو يزورك، نحن عملنا ترتيباً في الشام، أنا أبلغ الناس أول يوم أنتظر الزائرين، ثاني يوم أنا أزور، ثالث يوم أنتظر، رابع يوم أنا أزور، هو جاء سوف يجدني في البيت قطعاً لا يعمل مغامرة، أنا أنتظر من يزورني أول يوم، نقسم أيام العيد أربعة أقسام، قسم يبقى في البيت ليتلقى الزيارة، قسم يخرج من البيت ويعلم أنه لا يوجد أحد سوف يأتي لعنده، يؤدي الزيارة.
المذيع:
 ماذا عن الرحم الذين أخشى عند زيارتهم المخالفات الشرعية، مثلاً ابن عمي في رمضان أو العيد، الجلسة واحدة تشمل النساء والرجال، لا أستطيع كضيف أن أفرض قوانيني؟

إبلاغ الطرف الآخر عند زيارته برفض الاختلاط :

الدكتور راتب :
 أنا ماذا أفعل في مثل هذه الحالة لو دعيت إلى عقد قران، عقد القران مختلط، أنا بصفتي الدينية لا يسمح لي أن آتي إلى عقد قران مختلط، والنساء بأبهى زينة، أنا أزور هذا الذي دعاني قبل يومين ومعي هدية ثمينة، أقول له: حقك وجب عليّ أن أزورك لكن أنا نمطي لا يسمح لي أن أدخل إلى حفلة مختلطة، وهذه هديتي، هذا الحل، شخص غال عليك، قريب قرابة شديدة منك، وتزوج، دعاك إلى عقد القران وهو عنده مختلط، وأنت إيمانك لا يسمح لك أن تجلس مع امرأة كاشفة، أنا قبل يومين أزوره ومعي هدية ثمينة، أؤكد له بالهدية محبتي ومودتي، وأؤكد عدم مجيئي للدعوة..
المذيع:
 مثل زيارات العيد، جلساتهم مختلطة.
الدكتور راتب :
 أبلغه هل تحب أن آتي إلى عندك أنا لا يوجد عندي اختلاط وهو مخير.
المذيع:
 إن قبل زرته وإن لم يقبل تكتفي بالاتصال.
الدكتور راتب :
 أنا آتي إلى عندك بشرط ألا يكون هناك نساء.
المذيع:
 دكتورنا الكريم مثلاً إنسان أنا أعرف أن ماله حرام، يعمل في بنك ربوي أخشى عند زيارتي أن يضيفني.

الامتناع عن الضيافة عند زيارة شخص ماله حرام :

الدكتور راتب :
 أنا سوف أطمئنك، تعرف شخصاً ماله حرام، لكن يوجد له معاش من الدولة، موظف بدائرة فيها رشاوى كثيرة، هذا الموظف له معاش من الدولة يأخذه حلالاً، وأربعة أخماس دخله حرام، دعاك إلى طعام إفطار، أؤكد لك – و أنا واثق من كلامي - أن هذه الضيافة تحسب لك عند الله من ماله الحلال، لا تقلق، حتى لا أقطع الرحم، لا أستطيع أن أسأله، هذا يثير فتنة كبيرة.
المذيع:
 لو كان كل ماله من حرام، هو يعمل في بنك ربوي وليس له وظيفة أخرى.
الدكتور راتب :
 إذا زرته لا يوجد مشكلة.
المذيع:
 والضيافة مثلاً والطعام؟
الدكتور راتب :
 أنا صائم.
المذيع:
 تحاول أن تتمنع إذا أيقنت أن كل المال حرام، ما عدا ذلك لا ندخل في شبهات لو له إرث.
الدكتور راتب :
 معقول كل ماله حرام؟ هذا يكون سارقاً، أما إذا له وظيفة فيها جزء من ماله حلال، أنا أطمئنك أن هذه الضيافة تعد من ماله الحلال.
المذيع:
 لو اختلط ماله الحلال بالحرام، هذه ليست في صلة الرحم، هذه قاعدة، قضية الرحم...

الحرمة في المال ليست في عينه بل في طريقة كسبه :

الدكتور راتب :
 عفواً سامحني بهذا المثل، امرأة مومس قبضت مبلغاً من رجل قبل ساعة، واضح، وجاءت إلى بائع الأقمشة اشترت قطعة قماش، البائع ليس مكلفاً أن يسألها هذا المال من أين جئت به؟ أساساً ممنوع أن يسألها، يقبض هذا المبلغ حلالاً، فصار المال الحرام ليس في عينه في طريقة كسبه، ناولته مئة ليرة وقبضتها من شخص زنا بها مثلاً، أما هو فاشترى بها ثوب قماش أو متر قماش، الحرمة في المال، ليس في عين المال بل من طريقة كسبه.
المذيع:
 ملفنا الأخير في الحلقة الرحم الذين يؤذونني، مثلاً إنسانة تحدثت عنها قريبة لها واتهمتها في عرضها وأساءت لها كثيراً كيف تزورها وهذه الخصومة بينهم؟

العفو عن الرحم عند الإساءة إن كان ذلك يصلحه :

الدكتور راتب :
 الضابط الشرعي أنت تعلم يقيناً أنك إذا زرت هذا الإنسان الذي أساء إليك إذا كانت زيارتك له يعدها خضوعاً منك، وذلاً منك، لا تزره، إذا عدها طلب صلح أو حلّ مشكلة زره، إذا غلب على ظنك أن زيارتك له تصلحه ينبغي أن تزوره، ما الآية؟

﴿ وَالَّذينَ إِذا أَصابَهُمُ البَغيُ هُم يَنتَصِرونَ ﴾

[ سورة الشورى: ٣٩]

 البغي: الظلم، قال تعالى:

﴿ وَجَزاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِثلُها ﴾

[ سورة الشورى: ٤٠]

 لا يوجد يرد له الصاع بعشرة أصواع، هذه ليست واردة في الإسلام، الآن قال تعالى:

﴿ فَمَنْ عَفَا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ ﴾

[ سورة الشورى: ٤٠]

 إذا تيقنت أن عفوك عنه يصلحه ينبغي أن تعفو عنه، وعندئذ يتولى الله مكافأتك، مثلاً هذا الشخص سائق سيارة يمشي بسرعة خفيفة، طفل قفز أمام السيارة فدهسه، لكن لم يمت، هذا السائق لم يعمل شيئاً إطلاقاً، لكن بالقوانين مادام الطفل تحت السيارة فالسائق مسؤول وفقير، فأنت ابنك لم يمت تضعضع قليلاً، أخذته إلى المستشفى للمعالجة، إذا عفوت عن هذا السائق والدنيا قبل العيد بيومين، لو لم تعفُ عنه يذهب إلى السجن، إذا غلب على ظنك أن عفوك عنه يصلحه مع الله ينبغي أن تعفو عنه، والله يحاسبك فأجرك على الله.
المذيع:
 من يعفو لا يتساوى هو والظالم؟
الدكتور راتب :
 لا، أبداً، حينما تعفو عنه وتوقن أن عفوك عنه يصلحه أنت الآن ولي، عفوك عنه أصلحه، قال: عندئذ أنا أعطيه الأجر.
المذيع:
 في حالات الرحم أنا تعرضت للإساءة أعفو عن الرحم الذي أساء إلي كي لا يكون هناك قطيعة رحم، عند الله لي أجران؛ أجر الواصل للرحم والعفو عن الناس لا نتساوى.
الدكتور راتب :
 أبداً مستحيل التساوي.
المذيع:
 نختم لقاءنا بدعاء.

الدعاء :

الدكتور راتب :
 اللهم أصلح لنا ديننا الذي هو عصمة أمرنا، وأصلح لنا دنيانا التي فيها معاشنا، وأصلح لنا آخرتنا التي إليها مردنا، واجعل الحياة زاداً لنا من كل خير، واجعل الموت راحة لنا من كل شر، مولانا رب العالمين، اللهم اكفنا بحلالك عن حرامك، وبطاعتك عن معصيتك، وبفضلك عمن سواك، اللهم لا تؤمنا مكرك، ولا تهتك عنا سترك، ولا تنسنا ذكرك، اجعل هذا البلد آمناً سخياً رخياً وسائر بلاد المسلمين، واحقن دماء المسلمين في كل مكان، واحقن دماءهم في الشام، وصلى الله على سيدنا محمد النبي الأمي، وعلى آله وصحبه وسلم، والحمد لله رب العالمين، الفاتحة.

خاتمة و توديع :

المذيع :
 بارك الله بكم فضيلة العلّامة الدكتور محمد راتب النابلسي، نسأل الله أن يجعلنا من عباده الواصلين لأرحامهم، سبحانك اللهم وبحمدك، نشهد أن لا إله إلا أنت، نستغفرك ونتوب إليك.

الاستماع للدرس

00:00/00:00

تحميل النص

إخفاء الصور