- ندوات إذاعية / ٠22برنامج ربيع القلوب - إذاعة القرآن الكريم الدوحة
- /
- ٠1 ربيع القلوب 1 - أحاديث عام 2019
مقدمة :
المذيع :
بسم الله الرحمن الرحيم ، الحمد لله على إحسانه ، والشكر لهش على توفيقه وامتنانه ، ونشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له تعظيماً لشأنه ، ونشهد أن محمداً عبده ورسوله الداعي إلى رضوانه ، صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه وأخوانه ، ومن سار على نهجه ، واقتفى أثره، واستن بسنته ، وسلم تسليماً كثيراً مزيداً إلى يوم الدين .
وبعد ؛ فالسلام عليكم ورحمة الله وبركاته ، وأسعد الله أوقاتكم أخواني وأخواتي أينما كنتم بكل خير ، مرحباً بكم في برنامجكم اليومي : "ربيع القلوب" برنامج قرآني إيماني نقف من خلاله على بعض آيات الله البينات تدبراً ، وتأملاً ، وعملاً ، "ربيع القلوب" يتهادى إلى مسامعكم عبر أثير إذاعة القرآن الكريم من الدوحة ، نسعد باسمكم جميعاً أن أرحب بضيفنا الدائم فضيلة الشيخ الدكتور محمد راتب النابلسي ، فأهلاً وسهلاً بكم شيخنا . .
الدكتور راتب :
بارك الله بكم ، ونفع بكم ، وأعلى قدركم ، وحفظ بلادكم .
المذيع :
آمين وإياكم شيخنا .
مسمع صوتي عن آيات اليوم ، ثم نعود مع شيخنا لنقف معه حولها تأملات وخواطر ، يقول ربنا جل وأعز :
﴿ وَقُلْ لِعِبَادِي يَقُولُوا الَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ الشَّيْطَانَ يَنْزَغُ بَيْنَهُمْ إِنَّ الشَّيْطَانَ كَانَ لِلْإِنْسَانِ عَدُوّاً مُبِيناً ﴾
يقول ربنا جل وعلا :
﴿ وَقُلْ لِعِبَادِي يَقُولُوا الَّتِي هِيَ أَحْسَنُ ﴾
شيخنا بارك الله بكم ، ما الفرق بين القول الحسن والأحسن وأيهما أمرنا به ؟
الدعوة إلى الله أعظم عمل على الإطلاق :
الدكتور راتب :
الحقيقة أحسن اسم تفضيل ، هناك أقوال كثيرة حسنة ، ولكن ينبغي أن تختار الأحسن ، كي تطيب قلب من تحدثه ، كي تأخذ بيده إلى الله ، كي تملك قلبه ، كي تقنعه .
(( يا داود ذكر عبادي بإحساني إليهم ، فإن النفوس جبلت على حب من أحسن إليها ، وبغض من أساء إليها))
فالداعية فضلاً عن معلوماته ، وفكره ، وحجته ، وأدلته ، وقوة إلقائه ، ونباهته ، يحسن إلى هذا القلب كي يميل إليه ، لابد من أن تملك قلبه .
الإنسان عقل يدرك ، وقلب يحب ، وجسم يتحرك ، أنت إذا ملكت قلبه أصغى إليك، إذا ملكت قلبه تبعك ، فلابد من جانب سلوكي ، جانب معرفي ، أن تعرفه ، وأن يعرفك ، أن تعرف نقاط ضعفه ، أن تعرف ماذا يتمنى ، الدعوة إلى الله عملية معقدة ، هذا الذي أمامك إنسان ، ليس آلة ، وليس جماداً ، إنسان ، فإذا كشفت عن مفاتيحه ، له مفاتيح ، هناك إنسان مفتاحه اللطف ، إنسان مفتاحه الإحسان قدم له هدية ، إنسان مفتاحه القوة ، كن قوياً أمامه ، إنسان مفتاحه الحكمة ، كن قوياً معه ، فأنت حينما توطن نفسك على أن تكون داعية ينبغي أن تكون عالم نفس أولاً .
(( إن النفوس جبلت على حب من أحسن إليها ، وبغض من أساء إليها))
فأنت تملأ قلبه محبة بإحسانك ، ليفتح لك عقله لبيانك ، فيحتاج إلى معالجة نفسية، وعقلية ، وسلوكية ، ولكنه فقير وأنت ميسور الحال ، قدمت له هدية نافعة ، هدية هو محتاج لها ، ملكت قلبه ، فالدعوة عملية معقدة ، ليست موضوع إلقاء كلمة وتمشي ، إلقاء الكلمة أي إنسان يحسنها ، أنت مربّ هذا يحتاج إلى عطف ، هذا يحتاج إلى مساعدة ، هذا يحتاج إلى أن تحل له مشكلة أولاده ، فالداعية عندما يكون مربياً ، يكون مصلحاً ، يعيش مشكلة من يدعوه ، يعيش المشكلة ، يقدم له أشياء كثيرة ، ملك قلبه فانصرف إليه ، واقتنع بكلامه وطبق أثره ، لا يوجد عمل أعظم من الدعوة إلى الله ، والدليل :
﴿ وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلاً مِمَّنْ دَعَا إِلَى اللَّهِ ﴾
لا يكفي ، دقق :
﴿ وَعَمِلَ صَالِحاً ﴾
جاءت دعوته مصدقة لكلامه ، أي فعل مع الناس ما يقوله لهم .
﴿ مِمَّنْ دَعَا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحاً ﴾
أما إذا كان هناك داعية وتوهم أنه أفضل داعية ، قال : لا يوجد غيري فقد وقع في خطأ كبير .
﴿ وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ ﴾
دعا إلى الله ، وعمل صالحاً ، جاء عمله مطابقاً لما يقول ، وتواضع ، ثلاث صفات أساسية في الداعية ، وهذا الداعية يقوم بصنعة الأنبياء ، ما من عمل أفضل عند الله إطلاقاً ممن دعا إليه ، والدليل :
﴿ وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلاً مِمَّنْ دَعَا إِلَى اللَّهِ ﴾
لكن هذا الجانب الفكري ، النظري ، الكلامي ، اللغوي ، والإلقائي ، لكن يوجد جانب نفسي .
﴿ وَعَمِلَ صَالِحاً ﴾
دعا بصدق هو صادق ، دعاك إلى العطاء هو معطي ، دعاك إلى الورع هو أورع منك ، دعاك إلى الإحسان للزوجة هو محسن لزوجته ، دعاك لتربية أولادك هو ربى أولاده ، القدوة قبل الدعوة ، والإحسان قبل البيان ، ومخاطبة القلب والعقل معاً ، والمضامين لا العناوين، والمبادئ لا الأشخاص .
المذيع :
شيخنا ، لو تحدثنا عن التشريف في قوله تعالى :
﴿ وَقُلْ لِعِبَادِي ﴾
الإسلام مبادئ لا مسميات و أخلاق لا أثرة :
الدكتور راتب :
إله عظيم ، إله خالق السماوات والأرض ذات كاملة ، خلق المجرات ، خلق الكائنات ، هذا الإله يقول لهذا الإنسان : أنت عبدي ، هذه الياء ياء النسبة ، أما إذا سمح الله لك أن تنسب إليه فالعلماء قالوا : هذه نسبة تشريف .
هذا ابني ، له ابن ، ولد كبير بالمجتمع ، بعلمه ، أو بماله ، هذا ابني ، هذا أخي .
بلال الحبشي عبد ، اشتراه سيدنا الصديق ، يقول له أحد المشركين الذي باعه ، قال له : والله لو دفعت لي درهماً لبعكته ، فقال له الصديق : والله لو طلبت به مئة ألف لأعطيتكها هذا أخي حقاً .
أخي الكريم ، النبي الكريم يقول :
(( سلمان منا أهل البيت))
سلمان فارسي ، وعندما يقول :
(( نعم العبد صهيب ، لو لم يخاف الله لم يعصيه))
صهيب رومي ، وعندما يقول الله عز وجل :
﴿ تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَبٍ وَتَبَّ ﴾
الهاشمي القرشي :
﴿ تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَبٍ وَتَبَّ ﴾
والرومي :
(( نعم العبد صهيب ، لو لم يخف الله لم يعصيه))
والفارسي :
(( سلمان منا أهل البيت))
هذا الإسلام ، الإسلام مبادئ لا مسميات ، الإسلام أخلاق لا أثرة ، الإسلام عطاء لا أخذ ، إذا الإنسان أسلم و لم يعشقه الناس عنده مشكلة مع الله ، أنت تمثل ديناً ، تمثل الإله عظيم ، أنت رحيم ، أنت منصف ، أنت صادق ، أنت أمين ، أنت محسن ، أنت عفو، أنت حليم ، تخلقوا بأخلاق الله ، فعندما يكون لك مظهر ديني ، وقاس على أولادك ، نفرتهم من الدين ، له مظهر ديني ، وغش بالبيع والشراء ، نفر الناس من الدين ، أي إذا كان لك مظهر ديني يجب أن تعد للمليار قبل أن تخطئ ، يرون إنساناً يصلي ، وله مكانة دينية ، وأكل مالاً حراماً ، ولم يوزع الإرث على أصحابه ، هذه مشكلة المسلمين سيدي ، الإسلام صار تقاليد ، وعادات ، وأعراف ، يقول لك : هذا له خلفية إسلامية ، له أرضية إسلامية ، له توجهات إسلامية ، الإسلام منهج آخر ، الإسلام منهج يبدأ من فراش الزوجية وينتهي بالعلاقات الدولية .
المذيع :
شيخنا ، في قوله تعالى :
﴿ إِنَّ الشَّيْطَانَ يَنْزَغُ بَيْنَهُمْ ﴾
الشيطان يسعى بين العباد بما يفسد دينهم ودنياهم ، ما دواء ذلك ؟ أو كيف نعالج ذلك ؟
أكبر نشاط للشيطان إفساد العلاقات :
الدكتور راتب :
أنا أتصور ، وأنا موقن من كلامي ، هناك مليون نشاط للشيطان
لكن أكبر نشاط يفتخر به إفساد العلاقات ، إما بين الزوجين ، أو بين الأخوين ، أو بين الشريكين ، أو بين الجارين ، إفساد العلاقة ، أكبر فساد أن تفسد العلاقات بين الناس ، مجتمع مفكك ، مجتمع يغتاب بعضه بعضاً ، مجتمع يحسد بعضه بعضاً ، الغني يظهر ما عنده أمام الفقير ، يحرق قلبه ، والقوي يعبر عن قوته أمام الضعيف ، هذا المديح الكاذب ، والفخر الزائد ، إظهار ما عندك ، الاستعلاء على من حولك هذا أثر المجتمعات ، لذلك المجتمع المسلم مجتمع متعاون ، مجتمع فيه الفقير كالغني والقوي كالضعيف ، مجتمع فيه تراحم ، فيه تواصل ، فيه تعاضد ، فيه تعاون .
المذيع :
في الآية التي بيننا شيخنا :
﴿ وَقُلْ لِعِبَادِي يَقُولُوا الَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ الشَّيْطَانَ يَنْزَغُ بَيْنَهُمْ إِنَّ الشَّيْطَانَ كَانَ لِلْإِنْسَانِ عَدُوّاً مُبِيناً ﴾
ما المقصد الأهم في هذه الآية؟
التمسك بالتسامح و الابتعاد عن العداوة و البغضاء لأنها من عمل الشيطان :
الدكتور راتب :
المقصد يعني قوة المسلمين في تماسكهم ، في تعاونهم ، في تراحمهم ، وأي سلوك يباعد بينهم ، يفرق بينهم ، يقيم بينهم العداوة والبغضاء عمل شيطاني ، تراحموا ، تناصروا ، تسامحوا ، التسامح صفة عالية جداً ، أنا أقول كلمة : إن فعل معك أحد عملاً طيباً إياك أن تنسى هذا العمل ، وإن فعلت مع آلاف الأشخاص أعمالاً صالحة يجب أن تنسى هذا العمل ، إن فعلت عملاً طيباً يجب أن تنساه ، لا أن تمنن ، ولا أن تستعلي عليه بهذا العمل ، أما إذا فُعل معك عمل صالح فإياك أن تنسى هذا العمل ، هذه أخلاق المسلمين .
المذيع :
شيخنا ، لو وقفنا عند قوله :
﴿ يَقُولُوا الَّتِي هِيَ أَحْسَنُ ﴾
العمل الحسن يملك القلب :
الدكتور راتب :
أحسن اسم تفضيل ، شخص أعارك حاجة ، تعال وخذها ، قال لك الله :
﴿ وَأَدَاءٌ إِلَيْهِ ﴾
اذهب إليه ، وسلمها له ، وإذا فيها خلل وأصلحتها أعظم ، فيها خطأ أصلحتها و الأفضل أن ترسل معها هدية له ، دائماً تعامل مع الآخر بالتي هي أحسن ، استعرت حاجة أرجعها له محسنة ، لها غلاف مثلاً ، كتاب جلدته ، أعارك كتاباً مدة سنة ، درست فيه بالجامعة ، أعده إليه مجلداً ، دائماً العمل الحسن يملك القلب ، بشكل أو بآخر المجتمع الإسلامي متماسك ، مترابط ، متعاضد ، متعاون ، المجتمع الإسلامي كتلة واحدة ، وأهم شيء بالطرف الآخر أن يفرق هذا التعاون ، العداوة والبغضاء ، همه التفكيك ، تفكيك السلوك .
الفكر الطائفي هو الورقة الواضحة بيد الطغاة :
فرعون ما خصائصه؟
﴿ إِنَّ فِرْعَوْنَ عَلَا فِي الْأَرْضِ وَجَعَلَ أَهْلَهَا شِيَعاً ﴾
أنا أقول كلمة من أعماقي : الفكر الطائفي هو الورقة الواضحة بيد الطغاة ، أمريكا عندما احتلت العراق ، العراق عاش مئات السنين متعاوناً ، ومتفاهماً ، أنت شيعي ، وأنت سني ، وأنت كردي ، وأنت فلاني ، وأنت علاني ، فرقوا ، الورقة الطائفية هي الورقة الرابحة الوحيدة بيد الطغاة بدءاً من فرعون .
﴿ إِنَّ فِرْعَوْنَ عَلَا فِي الْأَرْضِ وَجَعَلَ أَهْلَهَا شِيَعاً ﴾
ونحن بإمكاننا ولا أبالغ أن نسقط هذه الورقة من يد أعدائنا ، النبي كيف أسقطها ؟ دخل إلى المدينة ، فيها أوس وثنيون ، خزرج وثنيون ، وفيها أوس مسلمون ، وخزرج مسلمون ، فيها موالي ، فيها أعراب ، فيها نصارى ، فيها من كل الملل ، مجتمع فسيفسائي ، الآن النبي الكريم سيخطب أول خطاب في المدينة ، الخطاب لا يصدق ، قال : " أهل يثرب أمة واحدة " .
أول خطاب وطني يقوله النبي الكريم :
(( أهل يثرب أمة واحدة ، سلمهم واحدة ، وحربهم واحدة))
ونحتاج اليوم الخطاب الوطني ، لك وطن له عليك واجبات ، ولك عنده حقوق ، فنحن ما لم نعتمد الطرح الوطني الآن لبلادنا ، وأن نحترم الأطراف الأخرى مهما اختلفت لا نستطيع أن ننهض ببلادنا .
المذيع :
شيخنا من المعاني التي ذكرتموها في تفسيركم حول قوله تعالى :
﴿ الَّتِي هِيَ أَحْسَنُ ﴾
أن تأمر بالمعروف ، وأن تنهى عن المنكر ، وأن تأمر بأمر الله ، وأن تنهى عما نهى عنه الله ، وأن تسمو على الخصومات .
الحكمة أكبر عطاء إلهي على الإطلاق :
الدكتور راتب :
"من عفا ساد ، ومن حلم عظم ، ومن تجاوز استمال إليه القلوب"
خليفة المسلمين معاوية تأتيه رسالة من أحد المواطنين ، عبد الله بن الزبير ، دقق:
أما بعد يا معاوية - هو يخاطب الخليفة - إن رجالك قد دخلوا أرضي ، فانههم عن ذلك ، وإلا كان لي شأنٌ والسلام .
معاوية بن أبي سفيان خليفة المسلمين عنده ابنه ، أعطى الكتاب لابنه ، قال له : ماذا نفعل ؟ قال له : أرسل له جيشاً أوله عنده ، وآخره عندك يأتوك برأسه ، فقال معاوية : غير ذلك أفضل .
جاء بالكاتب ، قال له : اكتب ، أما بعد ؛ فقد وقفت على كتاب ولد حواري رسول الله ولقد ساءني ما ساءه ، والدنيا كلها هينة جنب رضاه ، لقد نزلت له عن الأرض ومن فيها ، يأتي الجواب : أما بعد يا خليفة رسول الله ؛ يا أمير المؤمنين ؛ أكرمك الله ، أحل لك الله هذا المحل ، كان الكلام طيباً جداً ، دفع الجواب لابنه ، و قال له : يا بني من عفا ساد ، ومن حلم عظم ، ومن تجاوز استمال إليه القلوب ، هذا الموقف ، هذه الحكمة ، أكبر عطاء إلهي الحكمة، وأكبر بعد عن الحكمة هو الحمق ، والأحمق يفعل في نفسه ما لا يستطيع عدوه أن يفعله به .
المذيع :
والله المستعان .
شيخنا ، الآية التي بين أيدينا ما هي المضامين التربوية التي تشير إليها هذه الآية؟
من عدّ كلامه من عمله فقد نجا :
الدكتور راتب :
الحقيقة أنه من عدّ كلامه من عمله فقد نجا .
(( يا عائشة، لقد قلت كلمة لو مزجت بمياه البحر لأفسدته ))
لم تقل كلمة ، فقط أشارت أنها قصيرة .
(( يا عائشة، لقد قلت كلمة لو مزجت بمياه البحر لأفسدته ))
(( وإن العبد ليتكلم بالكلمة من سَخَط الله لا يُلْقِي لها بالاً يهوي بها في جهنم سبعين خريفاً ))
فالكلمة عمل ، الكلمة قد تفسد علاقة ، الكلمة فيها إساءة ، فيها تصغير ، فيها تحقير .
لذلك من عدّ كلامه من عمله فقد نجا ، ومن ظنها كلمة :
(( وإن العبد ليتكلم بالكلمة من سَخَط الله لا يُلْقِي لها بالاً يهوي بها في جهنم سبعين خريفاً ))
المذيع :
شيخنا ، كيف نعود اللسان على الكلام الحسن ؟ لعلنا نقف على أشياء عملية أو نستفيد منها نحن .
تعويد اللسان على الكلام الحسن بالحاضنة الإيمانية :
الدكتور راتب :
بصحبة الصالحين :
﴿ وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ وَلَا تَعْدُ عَيْنَاكَ عَنْهُمْ تُرِيدُ زِينَةَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَلَا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَنْ ذِكْرِنَا وَاتَّبَعَ هَوَاهُ وَكَانَ أَمْرُهُ فُرُطاً ﴾
لابد من حاضنة إيمانية نعيش فيها ، لا بد من صديق مؤمن ، لا بد من سهرة مع المؤمنين ، لا مع الكفار والمشركين ، لا بد من برنامج مطهر من كل شائبة ، لا بد من شاشة نظيفة ، لا بد من سهرة ملتزمة ، لا بد من نزهة مع الصالحين ، بالتعبير المعاصر اسمها حاضنة إيمانية ، من لم تكن له حاضنة إيمانية قد لا يستطيع أن يستقيم ، لأنه عندنا لعبة اسمها شد الحبل خطيرة جداً ، الطرف الآخر دائماً همه أن يشدك إليه ، أن يشدك إلى غيبة ، أو نميمة ، أو إلى سهرة مختلطة ، أو إلى كسب مال حرام ، أو إلى علاقة لا ترضي الله مع إنسانة لا يحل له أن يجلس معها ، هذه الوسوسة ، هذا الشد إذا كنت مع هؤلاء المتفلتين ، لا تستطيع أن تتصل بالله ، فالذي يمكن أن يشدك إليه ينبغي أن تتركه فوراً ، أما إذا أمكنك أن تشد من حولك إليهم فابقَ معهم ، إذاً لعبة شد الحبل هي المقياس ، إذا أمكنك أن تشد المتفلتين إلى الاستقامة والدين ، أن تشد المشككين في هذا الدين إلى اليقين فابقَ معهم ، أما إذا أمكنهم أن يشدوك إليهم فابتعد عنهم ، انجُ بنفسك .
﴿ وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ وَلَا تَعْدُ عَيْنَاكَ عَنْهُمْ تُرِيدُ زِينَةَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَلَا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَنْ ذِكْرِنَا وَاتَّبَعَ هَوَاهُ وَكَانَ أَمْرُهُ فُرُطاً ﴾
المذيع :
شيخنا ، تحدثتم عن الجانب العبادي ، وتحدثتم أيضاً عن نزغات الشيطان ، وأنه عدو للإنسان ، كيف يستطيع الإنسان في مجمل حديثكم في هذه الحلقة أن يكون له تطبيق عملي في حياته اليومية في ضوء ما تحدثنا عنه ؟
ضرورة الابتعاد عن المنحرفين و البحث عن الصادقين و مرافقتهم :
الدكتور راتب :
هناك كلمة دقيقة أقولها وأنا مضطر أن أقولها : ما لم تملك إرادة قوية أن تحمل نفسك على عمل أنت قانع به والله لا يوجد أمل ، هذا الإمعة ، مع الناس المنحرفين منحرف ، مع المتفلتين متفلت ، مع الكاذبين كاذب ، هذا الإمعة الذي لا يملك إرادة ، أن يفعل ما هو قانع به ، لا يوجد أمل ، لكن ما الذي يقوي هذه الإرادة ؟ أن تكون مع المؤمنين ، ستجد شخصاً صادقاً ، كلامه نقياً ، أديباً ، لا يوجد عنده كلمة قاسية ، شريفاً ، عفيفاً ، طاهراً ، تحبه أنت ، فلابد من أن تحب الصالحين ، لابد من أن تكون معهم ، لابد من أن ترافقهم ، لابد من أن تجالسهم ، لا تصدق مدينة بالأرض لا يوجد بها صالحون ، ابحث عنهم ، الزمهم ، رافقهم ، اجعلهم أصدقاء لك .
خاتمة و توديع :
المذيع :
شيخنا ، بارك الله بكم ، وشكر الله لكم ، وشكر موصول لكم أحبتي على طيب المتابعة ، وجميل الاستماع .
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته