وضع داكن
24-04-2024
Logo
مختلفة - الأردن - المحاضرة : 47 - عمان ـ جامعة العلوم الإسلامية - من أدب النبي عليه الصلاة والسلام.
رابط إضافي لمشاهدة الفيديو اضغط هنا
×
   
 
 
 بسـم اللـه الرحمـن الرحيـم  
 

 الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد وعلى آل بيته الطيبين الطاهرين، وعلى صحابته الغر الميامين، أمناء دعوته، وقادة ألويته، وارضَ عنا وعنهم يا رب العالمين، اللهم أخرجنا من ظلمات الجهل والوهم إلى أنوار المعرفة والعلم، ومن وحول الشهوات إلى جنات القربات.

شمائل النبي صلى الله عليه وسلم :

 أيها الأخوة الكرام؛ أشكر إدارة الجامعة التي دعتني لإلقاء هذه المحاضرة، والتي إن دلت على شيء فعلى حسن الظن بي، وأرجو الله أن أكون عند حسن ظنكم.
طُلب مني موضوع المولد النبوي الشريف، الحقيقة الدقيقة كان النبي صلى الله عليه وسلم جم التواضع، وافر الأدب، يبدأ الناس بالكلام، وينصرف بكله إلى محدثه، صغيراً كان أو كبيراً، ويكون آخر من يسحب يده إذا صافح، وإذا تصدق وضع الصدقة بيده في يد المسكين، وإذا جلسَ جلس حيث ينتهي به المجلس، لم يرَ ماداً رجليه قط، ولم يكن يأنف من عمل لقضاء حاجته، أو حاجة صاحب أو جار، وكان يذهب إلى السوق، ويحمل بضاعته بيده ويقول: أنا أولى بحملها، وكان يجيب دعوة الحر والعبد والمسكين، ويقبل عذر المعتذر، وكان يرفو ثوبه، ويخصف نعله- أي يصلحه- ويخدم نفسه، ويعقل بعيره، ويكنس داره، وكان في مهنة أهله - أي خدمة أهله- وكان يأكل مع الخادم، ويقضي حاجة الضعيف والبائس، يمشي هوناً، خافض الطرف، متواصل الأحزان، دائم الفكر، لا ينطق من غير حاجة، طويل السكوت، إذا تكلم تكلمَ بجوامع الكلم، وكان سهل الخلق، ليس بالجاحد ولا المهين، يعظم النعم وإن دقت، ولا يذم منها شيئاً، ولا يذم مذاقاً - أي طعاماً- ولا يمدحه، ولا تغضبه الدنيا ولا ما كان لها، ولا يغضب لنفسه، ولا ينتصر لها، إذا غضب أعرض وأشاح، وإذا فرح غض بصره، وكان يؤلف ولا يفرق، يقرب ولا ينفر، يكرم كريم كل قوم ويوليه عليهم، يتفقد أصحابه، ويسأل الناس عما في الناس، يحسن الحسن ويصوره، ويقبح القبيح ويوهنه، ولا يقصر عن حق ولا يجانسه، ولا يحسب جليسه أن أحداً أكرم عليه منه، من سأله حاجة لن يرده إلا بها، أو ما تيسر له من القول، كان دائم البشر، سهل الخلق، لين الجانب، ليس بفظ ولا غليظ، ولا صخّاب ولا فحّاش، ولا عيّاب، ولا مزاح، يتغافل عما يشتهي ولا يخيب أمل مؤمله، لا يذم أحداً ولا يعيره، ولا يسب عورته، ولا يتكلم إلا بما يرجى ثوابه، يضحك مما يضحك منه أصحابه، ويتعجب مما يتعجبون، ويصبر على الغريب وعلى جفوته، في مسألته ومنطقه، ولا يقطع على أحد حديثه حتى ينجزه.
هذه بعض شمائل النبي، بعض أخلاق النبي، بعض كمالات النبي.

معرفة أخلاق النبي جزء من الدين :

 ما الذي يمنع أن نلتقي من حين إلى آخر في جامعة، في مدرج، في صالة، في بيت، وأن نتحدث عن رسول الله؟ عن كمالاته؟ عن أخلاقه؟ عن شمائله؟ عن رحمته؟ عن تفوقه؟
 الحقيقة الدقيقة: هذا جزء من الدين.

﴿ أَمْ لَمْ يَعْرِفُوا رَسُولَهُمْ ﴾

[ سورة المؤمنون: 69 ]

 الآية الثانية:

﴿ وَكُلّاً نَقُصُّ عَلَيْكَ مِنْ أَنْبَاءِ الرُّسُلِ مَا نُثَبِّتُ بِهِ فُؤَادَكَ ﴾

[ سورة هود: 120 ]

فإذا كان قلب سيد الخلق وحبيب الحق يزداد إيماناً بسماع قصة نبي دونه، فلئن يمتلئ قلبنا إيماناً بسماع قصة سيد الأنبياء والمرسلين أولى.
 لكن إن سميت هذا اللقاء والاحتفال عبادة فهو بدعة، إن سميته دعوة إلى الله لا شيء عليك، موضوع تسمية فقط، أن نجتمع في مكان، في جامعة، في الجامع، في مؤسسة نتحدث عن رسول الله، لا إله إلا الله محمد رسول الله شطر الدين، فنحن نوفق ولا نفرق، ممكن أن يكون هذا الاحتفال جزءاً من الدعوة، لكن العبادات الأصل فيها الحظر، والأشياء الأصل فيها الإباحة، فنحن لا نستطيع أن نضيف على العبادات عبادة جديدة.
 لكن أذكر مثلاً: عندنا بناء في دمشق محطة الحجاز، بنيت من الحجر قبل مئة عام، هي الآن قبل حين سوداء، شركة ضربتها بالرمل فعاد لونها كما كان، ما هو التجديد في الدين؟ أن تنزع عن الدين كل ما علق به مما ليس منه، هذا التجديد، أن تنزع عن الدين كل ما علق به مما ليس منه، الحجر اسود مع تراكم الأيام والليالي، ضرب بالرمل فعاد لونه، هذا التعريف الدقيق للتجديد.
 لذلك يوجد طريقة من الطرق بإلقاء المحاضرات المخاطبة، أنا أقول إن شاء الله: يا سيدي يا رسول الله، يا من جئت الحياة فأعطيت ولم تأخذ، يا من قدست الوجود كله ورعيت قضية الإنسان، يا من زكيت سيادة العقل، ونهنهت غريزة القطيع، يا من هيأك تفوقك لتكون واحداً فوق الجميع فعشت واحداً بين الجميع، يا من أعطيت القدوة، وضربت المثل، وعبّدت الطريق، يا من كانت الرحمة مهجتك، والعدل شريعتك، والحب فطرتك، والسمو حرفتك، ومشكلات الناس عبادتك.
 يا سيدي يا رسول الله! يا من كان لسان حالك يقول: المعرفة رأس مالي، والعقل أصل ديني، والحب أساسي، والشوق مركبي، وذكر الله أنيسي، والثقة كنزي، والحزن رفيقي، والعلم سلاحي، والصبر ردائي، والرضا غنيمتي، والزهد حرفتي، واليقين قوتي، والصدق شفيعي، والطاعة حسبي، والجهاد خلقي، وجعلت قرة عيني في الصلاة.
 يا سيدي يا رسول الله! أشهد أن الذين بهرتهم عظمتك لمعذورون، وأن الذين افتدوك بأرواحهم لهم الرابحون، أي إيمان، وأي عدل، وأي مضاء، وأي صدق، وأي طهر، وأي نقاء، وأي تواضع، وأي حب، وأي وفاء.
 يوم كنت طفلاً عزفت عن لهو الأطفال، وعن ملاعبهم، وعن أسمارهم، وكنت تقول لأترابك إذا دعوك إلى اللهو: أنا لم أخلق لهذا.
 ويوم جاءتك رسالة الهدى، وحُملت أمانة التبليغ قلت لزوجتك، وقد دعتك إلى أخذ قسط من الراحة: انقضى عهد النوم يا خديجة.
 ويوم فتحت مكة التي آذتك، وأخرجتك، وكادت لك، وائتمرت على قتلك، وقد ملأت راياتك رايات النصر الأفق ظافرة عزيزة، وقد قلت لخصومك بعد انتصارك عليهم: اذهبوا فأنتم الطلقاء.
 ويوم دانت لك الجزيرة العربية من أقصاها إلى أقصاها، وجاء نصر الله والفتح، ودخل الناس في دين الله أفواجاً، صعدت المنبر، واستقبلت الناس باكياً، وقلت لهم: من كنت جلدت له ظهراً فهذا ظهري فليقتد منه، ومن كنت أخذت منه مالاً فهذا مالي فليأخذ منه، ومن كنت شتمت له عرضاً فهذا عرضي فليشتمه، ألا و إن الشحناء ليست من شأني ولا من طبيعتي.
 يوم دخلت على ثوبان، ذلك الغلام الفقير، فرأيته يبكي، فسألته: ما يبكيك يا ثوبان؟ فقال: يا رسول الله، إنك إن غبت عني أشتاق إليك، فتبكي عيني، فإذا تذكرت الآخرة وأنني لن أكون معك في الجنة، حيث أنت في أعلى درجاتها يزداد بكائي، عندئذٍ هبط جبريل الأمين على قلب سيد المرسلين، بقرآن كريم، يقول:

﴿ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَالرَّسُولَ فَأُولَئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُولَئِكَ رَفِيقاً ﴾

[ سورة النساء:69]

 لقد نزل وحي السماء ليطمئن بآياته غلاماً صغيراً صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، لذلك يمكن أن نواجه القنبلة الذَّرية بقنبلة الذُّرية.

﴿ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَاتَّبَعَتْهُمْ ذُرِّيَّتُهُمْ بِإِيمَانٍ أَلْحَقْنَا بِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ ﴾

[ سورة الطور:21]

 أي أعظم عمل الآن، أكبر تجارة مع الله أن تربي أولادك.

﴿ أَلْحَقْنَا بِهِمْ ﴾

[ سورة الطور:21]

 قال علماء التفسير: أعمال ذريتهم.
 لذلك نزل وحي السماء ليطمئن بآياته رسول الله صلى الله عليه وسلم، من يصدق أن معركة مؤتة قادها شاب في السابعة عشرة من عمره، ودعه الصديق، وسيدنا عمر، قال: يا خليفة رسول الله لتركبن- كان وحده سيدنا أسامة على الناقة، والصديق يمشي مشياً- لتركبن أو لأنزلن، قال له: والله لا ركبت ولا نزلت، وما عليّ أن تغبر قدماي ساعة في سبيل الله.

 

الشباب أمل الأمة و مستقبلها :

 ما هذه الأمة! حينما تعرفت إلى الله، واستقرت على أمره، جعلها الله:

﴿ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ ﴾

[ سورة آل عمران: 110]

 لذلك أمامي شباب وشابات، أبشروا أيها الشباب والشابات إن ريح الجنة في الشباب، وما من شيء أحب إلى الله تعالى من شاب تائب، أو شابة تائبة، فالشباب أمل الأمة، والشباب مستقبل الأمة، والشباب قوة الأمة، والشباب في السيارة يمثلون المحرك، المحرك قوة دافعة، والعلماء الربانيون المقود والموجه، والشريعة هي الطريق المعبد الآمن، والمناهج الأرضية هي الطرق الوعرة التي تحصن المركبة، وترسل الكهرباء.
 لذلك أقول: خذوا دينكم عن الأرضيات لا عن بعض الفضائيات المبرمجة على منهج آخر.

 

حاجة الناس إلى هدي النبي و أخلاقه العظمى :

 يا سيدي يا رسول الله ويوم أقبل عليك رجل فظ غليظ القلب، لم يكن قد رآك من قبل، غير أنه سمع أن محمداً يسب آلهة قريش، فحمل سيفه، وأقسم ليسوينّ حسابه مع محمد ودخل عليك، يا سيدي يا رسول الله، وبدأ حديثه عاصفاً مزمجراً، وأنت تبتسم وتنطلق مع ابتسامتك أطياف نور آسر، وما هي إلا لحظات حتى انقلب المغيظ المتجهم إلى حب آسر، يكاد من فضل الوجد والحياء أن يذوب، وانكفأ هذا الإنسان على يديك، ودمعه ينهمر من عينه، ولما أفاق قال: يا محمد والله قد سعيت إليك وما على وجه الأرض أبغض إليّ منك، وإني لذاهب عنك وما على وجه الأرض أحبّ إليّ منك، لقد أشرقت على هذا الرجل أنوار الحق والنبوة لأن محبة الخلق الكامنة في قلبه الشريف فعلت في قلب هذا الرجل فعل السحر، إنها النبوة الحق، إنها الرسالة العظمى.
ويوم غضبت صلى الله عليك من غلام لك كلفته بعمل فتأخر في تلبيته، وكان بيدك سواك، فقلت له وأنت غاضب: والله لولا خشية القصاص لأوجعتك بهذا السواك.
 ويوم كنت مع أصحابك في سفر، وأرادوا أن يعالجوا شاة ليأكلوها، قال أحدهم: عليّ ذبحها، وقال الثاني: عليّ سلخها، وقال الثالث: وعليّ طبخها، فقلت وأنت سيد الخلق، وحبيب الحق: وعليّ جمع الحطب، فقال لك أصحابك: نكفيك ذلك يا رسول الله، فقلت لهم: أعلم أنكم تكفونني ولكن الله يكره أن يرى عبده متميزاً على أقرانه.
 يا سيدي يا رسول الله! ما من كلمة تقال في أخلاقك وشمائلك أبلغ من كلمة سيدنا جعفر بن أبي طالب، ابن عمك رضي الله عنه يوم كان بالحبشة مهاجراً، وسأله ملكها النجاشي عنك، فقال سيدنا جعفر:

(( أيها الملك كنا قوماً أهل جاهلية، نعبد الأصنام، ونأكل الميتة، ونأتي الفواحش، ونقطع الأرحام، ونسيء الجوار، ويأكل القوي منا الضعيف، فكنا على ذلك، حتى بعث الله إلينا رسولاً منا، نعرف نسبه، وصدقه، وأمانته، وعفافه، فدعانا إلى الله لتوحيده، ولنعبده، ونخلع ما كنا نعبد نحن وآباؤنا من دونه من الحجارة والأوثان، وأمرنا بصدق الحديث، وأداء الأمانة، وصلة الرحم، وحسن الجوار، والكف عن المحارم والدماء، ونهانا عن الفواحش، وشهادة الزور، وأكل مال اليتيم، وقذف المحصنات))

[ابن خزيمة عن جعفر بن أبي طالب ]

 وخاطبه ربه فقال:

﴿ يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ شَاهِداً وَمُبَشِّراً وَنَذِيراً * وَدَاعِياً إِلَى اللَّهِ بِإِذْنِهِ وَسِرَاجاً مُنِيراً ﴾

[ سورة الأحزاب: 45 ـ 46]

 يا سيدي يا رسول الله! لقد قلت لابنتك فاطمة الزهراء رضي الله عنها: يا فاطمة بنت محمد أنقذي نفسك من النار، فأنا لا أغني عنك من الله شيئاً، من يبطئ به عمله لم يسرع به نسبه، لا يأتيني الناس بأعمالهم وتأتوني بأنسابكم.
 يا سيدي يا رسول الله! نحن في أمس الحاجة إلى هديك الرباني الذي لا تزيده الأيام إلا رسوخاً وشموخاً، ونحن بأمس الحاجة إلى سنتك المطهرة التي هي المنهج القويم، والصراط المستقيم، والتي لا تزيدها الأيام إلا ثباتاً وتألقاً وانتشاراً، ونحن في أمس الحاجة إلى أخلاقك العظمى التي لا يزيدها التأمل والتحليل إلا تألقاً ونضارةً وظهوراً.

 

صفات أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم :

 لقد كنت بحق بين الرجال بطلاً، وبين الأبطال مثلاً، لقد دعوت إلى الله بصدق وإخلاص، وتلوت على قومك آيات الله العظام، وتحملت الأعباء الجسام، وعلمتهم الكتاب والحكمة، وزكيت الذين آمنوا بك، وساروا على نهجك حتى صاروا أبطالاً، رهباناً في الليل فرساناً في النهار، يقومون الليل إلا قليلاً، ينفقون أموالهم سراً وعلانية.

﴿ وَيَدْرَءُونَ بِالْحَسَنَةِ السَّيِّئَةَ ﴾

[ سورة الرعد: 22]

﴿ وَالَّذِينَ هُمْ عَنِ اللَّغْوِ مُعْرِضُونَ * وَالَّذِينَ هُمْ لِلزَّكَاةِ فَاعِلُونَ * وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ﴾

[ سورة المؤمنون: 2 ـ 5]

﴿ لِأَمَانَاتِهِمْ وَعَهْدِهِمْ رَاعُونَ ﴾

[ سورة المؤمنون: 8]

﴿ يَمْشُونَ عَلَى الْأَرْضِ هَوْناً وَإِذَا خَاطَبَهُمُ الْجَاهِلُونَ قَالُوا سَلَاماً * وَالَّذِينَ يَبِيتُونَ لِرَبِّهِمْ سُجَّداً وَقِيَاماً ﴾

[ سورة الفرقان: 63 ـ 64]

هم تائبون، عابدون، حافظون، سائحون، راكعون، ساجدون، آمرون بالمعروف، ناهون عن المنكر، حافظون لحدود الله، يجاهدون في الله حق الجهاد، ولا يخافون في الله لومة لائم.

﴿ الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَاناً وَقَالُوا حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ ﴾

[ سورة آل عمران: 173 ]

﴿ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُمْ مَنْ قَضَى نَحْبَهُ وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِرُ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلاً ﴾

[ سورة الأحزاب: 23 ]

﴿ يُبَلِّغُونَ رِسَالَاتِ اللَّهِ وَيَخْشَوْنَهُ وَلَا يَخْشَوْنَ أَحَداً إِلَّا اللَّهَ ﴾

[ سورة الأحزاب: 39 ]

﴿ وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ ﴾

[ سورة الحشر: 9]

﴿ إِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آيَاتُهُ زَادَتْهُمْ إِيمَاناً وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ ﴾

[ سورة الأنفال: 2]

﴿ فَمَا وَهَنُوا لِمَا أَصَابَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَمَا ضَعُفُوا وَمَا اسْتَكَانُوا وَاللَّهُ يُحِبُّ الصَّابِرِينَ ﴾

[ سورة آل عمران: 146]

 كانوا:

﴿ قَوَّامِينَ لِلَّهِ شُهَدَاءَ بِالْقِسْطِ ﴾

[ سورة المائدة: 8]

﴿ أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكَافِرِينَ ﴾

[ سورة المائدة: 54]

 أحبوا الله، وأحبهم، رضي الله عنهم.

(( أَمَرَنِي رَبِّي بِتِسْع: خَشْيَةِ الله في السِّرِّ والعلانية، وكلمة العدل في الغضب والرضا، والقصد في الفقر والغنى ، وأن أَصِلَ مَنْ قَطَعَنِي، وأعطي مَنْ حَرَمَنِي، وأعْفُوَ عَمَّنْ ظَلَمَنِي، وأن يكون صَمْتي فِكْرا، ونُطْقِي ذِكْرا، ونظري عبرة ))

[أخرجه زيادات عن أبي هريرة]

معرفة النبي قيمة الوقت في حياة الإنسان :

 يا سيدي يا رسول الله! لقد عرفت قيمة الوقت في حياة الإنسان، فجعلته ظرفاً لبطولات تعجز عن صنعها الأمم والشعوب.

﴿ لَعَمْرُكَ إِنَّهُمْ لَفِي سَكْرَتِهِمْ يَعْمَهُونَ ﴾

[ سورة الحجر: 72]

يا سيدي يا رسول الله! ما أحوج المسلمين اليوم إلى أن يصطلحوا مع ربهم، ويخلصوا له دينه، ويهتدوا بهديه القويم، وصراطه المستقيم، ويتبعوا سنتك المطهرة، ثم يدعون بدعائك فلعل الله يخرجهم من الظلمات إلى النور، ومن الهموم إلى الحبور، وينصرهم على أعدائهم وما أكثرهم نصراً عزيزاً مؤزراً.
يا سيدي يا رسول الله! كنت مع آمال الناس وآلامهم، ربيتها ورعيتها، وأعطيتها من ذات نفسك كل اهتمام وتأييد.
 يا أيها العابد الأواب، يا من تقف في صلاتك تتلو سوراً طويلة من القرآن في انتشاء وغبطة لا تقايض عليها ملء الأرض ذهباً، ثم ما تلبث أن تسمع بكاء طفل رضيع كانت أمه تصلي خلفك في المسجد، وينادي أمه ببكائه، فتضحي بغبطتك الكبرى، وحضورك الجياش، وتنهي صلاتك على عجل، رحمة بالرضيع.
 يا من سويت نفسك مع أصحابك في بعض الغزوات، فتناوبت مع اثنين منهم على راحلة، فلما طُلب منك أن تبقى راكباً قلت لهما: ما أنتما بأقوى مني على السير، ولا أنا بأغنى منكما عن الأجر.
 يا سيدي يا رسول الله! كنت ترتجف حينما ترى دابة تحمل على ظهرها فوق ما تطيق، يا من سأل عن صاحب ناقة وقلت له: ألا تتقي الله بهذه البهيمة التي ملكك الله إياها؟ فإنها شكت إلي أنك تجيعها وتتعبها.

 

النبي الكريم رحمة للعالمين :

 يا سيدي يا رسول الله! يا من أرسلك الله رحمة للعالمين، فقال:

﴿ وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ ﴾

[ سورة الأنبياء: 107]

 لقد زكى الله عقلك فقال:

﴿ مَا ضَلَّ صَاحِبُكُمْ وَمَا غَوَى ﴾

[ سورة النجم: 2]

 وزكى لسانك فقال:

﴿ وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى ﴾

[ سورة النجم: 3]

 وزكى شرعك فقال:

﴿ إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى ﴾

[ سورة النجم: 4]

 وزكى جليسك فقال:

﴿ عَلَّمَهُ شَدِيدُ الْقُوَى ﴾

[ سورة النجم: 5]

 وزكى فؤادك فقال:

﴿ مَا كَذَبَ الْفُؤَادُ مَا رَأَى ﴾

[ سورة النجم: 11]

 وزكى بصرك فقال:

﴿ مَا زَاغَ الْبَصَرُ وَمَا طَغَى ﴾

[ سورة النجم: 17]

 وزكى خلقك فقال:

﴿ وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ ﴾

[ سورة القلم: 4]

 وأقسم بعمرك الثمين فقال:

﴿ لَعَمْرُكَ إِنَّهُمْ لَفِي سَكْرَتِهِمْ يَعْمَهُونَ ﴾

[ سورة الحجر: 72]

 نشهد أنك أديت الأمانة، وبلغت الرسالة، ونصحت الأمة، وكشفت الغمة، ومحوت الظلمة، وجاهدت في الله حق الجهاد، وهديت العباد إلى سبيل الرشاد.

 

النبي رحمة مهداة ونعمة مجزاة :


 اللهم صلّ وسلم وبارك على سيد ولد آدم، وسيد الأنبياء والمرسلين، وعلى آله وأصحابه الطيبين الطاهرين

أمناء دعوته، وقادة ألويته، الذين رباهم تربية حملت أحدهم على أن يقول: والله لو كشف الغطاء ما ازددت يقيناً، وحملت الآخر على أن يقول: والله لو علمت غداً أجلي ما قدرت أن أزيد في عملي.
 ونحن نقول مع من قال: يا سيدي يا رسول الله ما أعقلك! وما أرحمك! وما أوصلك! وما أحكمك!
 جزاك الله عنا خير ما جزا نبياً عن أمته، لقد كنت رحمة مهداة، ونعمة مجزاة.
 يا سيدي يا رسول الله! لقد أديت الأمانة، وبلغت الرسالة، ونصحت الأمة، وكشفت الغمة، وجاهدت في الله حق الجهاد، وهديت العباد إلى سبيل الرشاد.
 أيها الأخوة الكرام؛ أرجو الله سبحانه وتعالى أن يجمعنا وإياكم في مستقل رحمته، ويحفظ لكم بلادكم، وأهلكم، وأولادكم، وصحتكم، ومالكم، والسادسة أهم واحدة واستقرار هذه البلاد، هذه نعمة كبيرة جداً أكرمكم الله بها.

 

الاستماع للدرس

00:00/00:00

تحميل النص

إخفاء الصور