وضع داكن
23-04-2024
Logo
حياة المسلم 2 - إذاعة حياة إف إم - مدارج السالكين : الحلقة 48 - فالله خير حافظا
رابط إضافي لمشاهدة الفيديو اضغط هنا
×
   
 
 
 بسـم اللـه الرحمـن الرحيـم  
 

مقدمة :

المذيع:
  مع الدكتور محمد راتب النابلسي برنامجنا الأسبوعي فضيلة الداعية الإسلامي الأستاذ الدكتور محمد راتب النابلسي، مرحباً بكم شيخنا الكريم.
الدكتور راتب :
 بارك الله بكم، ونفع بكم، وأعلى قدركم.
المذيع:
 الله يحفظكم يا دكتور، مستمعينا الكرام عنوان حلقتنا ونقاشنا لهذا اليوم فالله خيرٌ حافظاً، وهو اقتباس من قوله تعالى:

﴿ فَاللَّهُ خَيْرٌ حَافِظاً وَهُوَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ ﴾

[ سورة يوسف: 6]

 وأيضاً نأخذ من حديث النبي صلى الله عليه وسلم:

((احفظ الله يَحْفَظْك، احفظ الله تَجِدْهُ تُجَاهَكَ))

[الترمذي عن عبد الله بن عباس]

 شيخنا الكريم نبدأ بتوضيح المصطلحات والمفاهيم، ماذا يعني حفظ الله للعبد؟

 

خُلق الإنسان ضعيفاً ليفتقر إلى الله في ضعفه فيسعد بافتقاره :

الدكتور راتب :
 بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين، اللهم لا علم لنا إلا ما علمتنا إنك أنت العليم الحكيم، اللهم علمنا ما ينفعنا، وانفعنا بما علمتنا، وزدنا علماً، وأرنا الحق حقاً وارزقنا اتباعه، وأرنا الباطل باطلاً وارزقنا اجتنابه، واجعلنا ممن يستمعون القول فيتبعون أحسنه، وأدخلنا برحمتك في عبادك الصالحين.
 أخي الكريم سؤالٌ دقيق، لحكمةٍ بالغةٍ بَالغة.

﴿ وَخُلِقَ الْإِنْسَانُ ضَعِيفاً ﴾

[ سورة النساء: 28]

 خلق الإنسان ضعيفا كي يفتقر إلى الله
آية قرآنية: خُلق ضعيفاً ليفتقر إلى الله في ضعفه فيسعد بافتقاره، ولو خُلق قوياً لاستغنى بقوته فشقي باستغنائه، لحكمةٍ بالغةٍ بالغة خُلق ضعيفاً، عنده مرض، عنده فقر، عنده قهر، عنده إخفاق في الزواج، عنده إخفاق بالصحة، تحت أخطار لا تعد ولا تحصى، فإذا كنت مع الله كان الله معك، إذا كنت مع الله تولى الله حفظك من كل شيء مؤلم، فالإيمان له ثمار يانعة، ثمار لا تنتهي، يحفظك في صحتك، يحفظك في أهلك، يحفظك في بيتك، في أولادك، في عملك، في مكانتك، أحياناً الإنسان بلا إيمان يضيع، يقلق، أخطار الحياة كثيرة جداً، فإذا كان الله معك فمن عليك، من يجرؤ أن ينال منك، وإذا كان عليك فمن معك، ويا ربي ماذا وجد من فقدك، وماذا فقد من وجدك. فلذلك:

﴿ وَخُلِقَ الْإِنْسَانُ ضَعِيفاً ﴾

[ سورة النساء: 28]

 ليفتقر في ضعفه فيحفظه الله ويسعد في افتقاره.
المذيع:
 ماذا تعني كلمة حفظ الله دكتور للعبد؟

 

من اعتمد على الله فلن يضلَّ ولن يذلَّ :

الدكتور راتب :
 سيدي هذه الكلمة تحتاج سنوات لشرحها، يحفظ لك صحتك، مثلاً خثرة في الدماغ تنهي حياة الإنسان، تشمع كبد انتهى، فشل كلوي انتهى، الإنسان معقد تعقيد إعجاز لا تعقيد عجز، معنى تعقيد الإعجاز؛ أي خلل بخلية، خلل نقول خلايا ورم خبيث، بالكبد تشمع كبد بالكلى فشل كلوي، خثرة بالدماغ، أقل ذرة دم لا ترى بالعين إن تجمدت في فروع الدماغ بمكان فقد الذاكرة، بمكان فقد التوازن، الأخطار التي أمام الإنسان لا تعد ولا تحصى، ولكن ملخص الملخص إذا كان الله معك حفظك:

﴿ فَاللَّهُ خَيْرٌ حَافِظاً وَهُوَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ ﴾

[ سورة يوسف: 6]

 إذا كان الله معك فأنت في حفظه
أحياناً الإنسان يتوهم أن المال يحفظه، معه أموال طائلة تأتيه قضية لا علاقة لها بالمال، لو معك ملايين كثيرة، الله عز وجل يحبك أن تكون موحداً، أن تكون مفتقراً إليه، تفتقر إليه فيغنيك، تعتمد على مالك المال لا يحفظك، يوجد أمراض لا علاقة لها بالمال، تعتمد على أولادك اعتماداً كُلياً وتنسى الله، هؤلاء الذين بذلت لهم كل ما تملك تنكروا لك ولأبوتك، في آلاف القصص، إذا اعتمدت على ما سوى الله لحكمةٍ بالغةٍ لابد أن يخيب ظنك في من أشركته مع الله.
المذيع:
 حتى لو كان نفسك أو مالك أو جاهك، سيخيب.
الدكتور راتب :
 أبداً، من اعتمد على ماله افتقر، على عزوته ذُل، أما من اعتمد على الله لا ضل ولا ذل ولا اختل.
المذيع:
 سبحان الله، شيخنا حينما نقول:

﴿ فَاللَّهُ خَيْرٌ حَافِظاً وَهُوَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ ﴾

[ سورة يوسف: 6]

 حتى يكون الله حافظاً لي، ماذا عليّ أن أصنع في حياتي؟

 

إذا رضي الله عنك ترضى عنه بحياتك الدنيوية :

الدكتور راتب :
 أن أطيعه، أن أستقيم على أمره، أن أتلو كتابه، أن أطبق منهجه، أن أطلب العلم، أن أبحث عن رضاه.

﴿ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ ﴾

[ سورة المائدة: 119]

 إذا رضي الله عنك ترضى عنه بحياتك الدنيوية، وأقول كلمة دقيقة جداً:

﴿ وَلِمَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ جَنَّتَانِ ﴾

[ سورة الرحمن: 46 ]

 جنة في الدنيا هي جنة الحفظ، جنة القرب من الله، جنة السعادة، المكانة، الكرامة، متوازن، سعيد في بيته، في عمله، له شأن اجتماعي، لذلك:

(( اسْتَقِيمُوا وَلَنْ تُحْصُوا ))

[ابن ماجه وأحمد والدارمي عَنْ ثَوْبَانَ]

 لا يوجد مفعول به، والقاعدة في اللغة إذا حذف المفعول أُطلق الفعل.
المذيع:
 بمعنى؟
الدكتور راتب :
 يعني:

(( وَلَنْ تُحْصُوا ))

[ ابن ماجه وأحمد والدارمي عَنْ ثَوْبَانَ]

الإنسان إذا عرف الله انتقل من النجاح إلى الفلاح :

 الخيرات، الصحة، على زواج ناجح، على بنات محتشمات، على أولاد أبرار، على مكانة اجتماعية، على سعادة، أقول لك كلمة مختصرة والله ولا أحنث بهذا القسم: إن عرفت الله وعرفت منهجه، واستقمت على أمره، تقول: ليس على وجه الأرض من هو أسعد إلا أن يكون أتقى مني، والله، أنت مع القوي، تخاف من القوي؟ أنت مع الغني، تخاف من فقر؟ أنت مع الحكيم، تخاف من حمق؟ أنت مع الذي يدافع عنك.

بمعرفة الله تنتقل من النجاح إلى الفلاح

﴿ إِنَّ اللَّهَ يُدَافِعُ عَنِ الَّذِينَ آمَنُوا ﴾

[ سورة الحج: 138 ]

 ما قولك؟ خالق الأكوان يدافع عنك، مثلاً إذا إنسان وكل محامياً لامعاً يقول لك: أنا موكل فلان، فإذا كان الله وكيلك، كان الله يحفظك، يعينك، يلهمك، يرشدك، يتولاك، الدين كله سعادة، الدين كله توفيق، الدين كله نجاح.
 الحقيقة أحياناً الإنسان ينجح باختيار عمل ربحه كبير لكن لا ينجح في زواجه، ينجح في زواجه لكن دخله قليل، ينجح بزواجه ودخله كثير ما عنده أولاد، ينجح بأولاد كُثر ما عنده مصروف لهم، في حكمة، أما إذا عرفت الله انتقلت من النجاح إلى الفلاح.
المذيع:
 وما الفرق بينهما دكتور؟
الدكتور راتب :
 النجاح أحادي.
المذيع:
 في ملفٍ ما.

حفظ الله للعبد هي رعاية الله الشمولية للإنسان في كل تفاصيله :

الدكتور راتب :
 بالمال بيل غيتس يملك ثلاثة وتسعين ملياراً، جوبز سبعمئة مليار، أعلى ثروة في الأرض، على فراش الموت قال بيل غيتس: هذا الرقم لا معنى له إطلاقاً، أما المؤمن فعنده فلاح، سعيد مع ربه، عرف الله، وعرف منهجه، وطبق منهجه، وتقرب إليه، واختار زوجة صالحة تسره إن نظر إليها، تطيعه إن أمرها، تحفظه إن غاب عنها، واختار عملاً شريفاً، ليس فيه غصب لأموال الناس، ليس فيه احتقار لمنهج الله، عمل شريف اختاره، فهو نجح مع الله معرفةً وطاعةً وتقرباً وإحساناً، نجح في بيته، نجح في عمله، اختار عملاً صالحاً، هناك تجارات شريفة، وهناك تاجر مخدرات، وملاه ليلية مثلاً، فأنت اخترت إيمانك، نفسك دائرة، وعملك دائرة، وبيتك دائرة، هذا انقلب النجاح إلى فلاح، لم ترد كلمة نجاح في القرآن أبداً، كلمة فلاح.

﴿ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ ﴾

[ سورة البقرة: 5]

المذيع:
 سبحان الله، إذاً شيخنا حينما نقول:

﴿ فَاللَّهُ خَيْرٌ حَافِظاً ﴾

[ سورة يوسف: 6]

 حفظ الله للعبد هي رعاية الله الشمولية للإنسان في كل تفاصيله.
الدكتور راتب :
 ما دام ما ذكر التفصيل مطلقة.
المذيع:
 والإنسان حتى يُحصل حفظ الله عليه أن يستقيم على درب الله تبارك وتعالى.
الدكتور راتب :
 أبداً.

(( اسْتَقِيمُوا وَلَنْ تُحْصُوا ))

[ ابن ماجه وأحمد والدارمي عَنْ ثَوْبَانَ]

 الخيرات، النتائج.
المذيع:
 حتى ما يصيبه دكتور من مكروه لا يكون عقاباً وغضباً، وإنما امتحان.

البطولة ليست ألا تبتلى بل أن تنجح في الابتلاء :

الدكتور راتب :
 امتحان لابد منه.

﴿ الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ لِيَبْلُوَكُمْ ﴾

[ سورة الملك:2]

 ليست البطولة ألا تبتلى وإنما أن تنجح في الابتلاء
فالبطولة ليست ألا تبتلى بل أن تنجح في الابتلاء.
المذيع:
 ألا وهو الامتحان؟
الدكتور راتب :
 نعم.
المذيع:
 بارك الله فيك يا دكتور، نستأذنكم إلى فاصل قصير من بعده نعود لمواصلة هذا الحوار مع فضيلة العلامة الدكتور محمد راتب النابلسي، وهو تحت عنوان فالله خيرٌ حافظاً.
 مرحباً بكم دكتورنا الكريم من جديد.
الدكتور راتب :
 بارك الله بكم، ونفع بكم.
المذيع:
 فالله خيرٌ حافظاً هو عنوانا لهذا اليوم، دكتورنا قبل الفاصل وضحنا المفاهيم بأن حفظ الله هو رعاية الله لك في كل تفاصيل حياتك، في صحتك، في مالك، في تماسك أسرتك، في كل شيء، والإنسان حتى يحصل هذا الحفظ الإلهي عليه أن يستقيم على منهج الله سبحانه وتعالى الآن دكتور.

 

الإنسان في دار ابتلاء لا في دار جزاء :

الدكتور راتب :
 عفواً:

﴿ إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلَائِكَةُ ﴾

[ سورة فصلت: 30]

 نقطتين:

﴿ أَلَّا تَخَافُوا وَلَا تَحْزَنُوا ﴾

[ سورة فصلت: 30]

 كلمة دقيقة جداً تغطي الزمن كله، ألا تخاف في المستقبل، ولا تحزن على الماضي.

﴿ وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ * نَحْنُ أَوْلِيَاؤُكُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَةِ ﴾

[ سورة فصلت: 30 ـ 31]

 شيء لا يصدق إذا كان الله وليك، إذا كان الله يدافع عنك، إذا كنت في حفظه، في رعايته، في إكرامه، في لطفه، فأنت أسعد الناس.
المذيع:
 كلام جميل! الله يفتح عليكم يا دكتور. شيخنا وأؤكد نقطة أيضاً فضيلتك ذكرتها قبل الفاصل أن هذا لا يعني أن المؤمن أو المسلم لن يصاب بمكروه، ولا ضر في حياته.
الدكتور راتب :
 لا هذا أصبح موضوعاً آخر، هو:

﴿ الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلاً ﴾

[ سورة الملك:2]

 نحن في دار ابتلاء لا في دار جزاء، الآخرة دار جزاء.
المذيع:
 أين يكون الحفظ الإلهي هنا دكتور؟

 

الشرك الخفي :

الدكتور راتب :
 نحن في دار تكليف لا دار تشريف، تشريف في الآخرة.
المذيع:
 إذا كان الضر يمكن أن يصيبنا دكتور فأين هو الحفظ الإلهي؟
الدكتور راتب :
 الاعتماد على غير الله شرك خفي
لا الضر نوعان؛ إما ابتلاء أو عقاب، أنت في عندك وفرة مال ما في مانع، لكن أحياناً تأتي مشكلة لا تحل بالمال، تحل بالاتصال، بالدعاء، أنت عندك مكانة كبيرة، تأتي مشكلة لا تحل بالمكانة الكبيرة، تحل بشيء ثان، فأنت لمجرد أن تعتمد على شيءٍ غير الله، على مالك، على نسبك، على وظيفتك، على مكانتك، هذا شركٌ خفي، لذلك:

(( أخوف ما أخاف على أمتي ))

[الترمذي عن جابر بن عبد اللَّه رضي اللَّه عنهما ]

 الشرك الجلي انتهى، نحن ما عندنا أصنام نعبدها من دون الله، عندنا شرك خفي.

(( أخوف ما أخاف على أمتي ))

[الترمذي عن جابر بن عبد اللَّه رضي اللَّه عنهما ]

(( الشرك الخفي، أما إني لست أقول إنكم تعبدون صنماً ولا حجراً، ولكن شهوة خفية وأعمال لغير الله))

 هذا الذي نخاف منه الشرك الخفي، سأعيده مرة ثانية مهم جداً.

(( أخوف ما أخاف على أمتي ))

[الترمذي عن جابر بن عبد اللَّه رضي اللَّه عنهما ]

(( الشرك الخفي، أما إني لست أقول إنكم تعبدون صنماً ولا حجراً، ولكن شهوة خفية، وأعمال لغير الله))

المذيع:
 هذا شركٌ خفي وقد يقع فيه الإنسان وهو لا يدرك أبعاده.

 

الابتلاء قدرنا وهو سبب حياتنا :

الدكتور راتب :
 إذا وقع في الإنسان حجب عن الله، فإذا حجب فقد المؤمن أسعد شيء بحياته صلته بالله، يصلي لكن صلاة جوفاء، يصوم، يحج، يزكي، لكنه انحجب عن الله عز وجل، الحجاب يسبب كآبة، يقول لك: أشعر بالملل، لماذا؟
المذيع:
 إذاً دكتورنا الكريم في هذا الكلام حفظ؛ الله يبقيك دائماً قريباً من الله، لكن لا يعني أن تحديات أو امتحانات الدنيا لا تصيبك، فيمكن المرض يدخل، قلة الرزق تدخل.
الدكتور راتب :
 اسمع الجواب الأدق؛ سيد الخلق، حبيب الحق، سيد ولد آدم قال:

(( أوذيت في الله ))

[الترمذي عن أنس بن مالك ]

 هذا ابتلاء.

(( وما يؤذى أحد ولقد أخفت في الله وما يخاف أحد ولقد أتت علي ثلاث من بين يوم وليلة ومالي طعام إلا ما واراه إبط بلال ))

[الترمذي عن أنس بن مالك ]

 الابتلاء قدرنا، الابتلاء سبب حياتنا.

﴿ الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ لِيَبْلُوَكُمْ ﴾

[ سورة الملك:2]

 والبطولة ليست ألا تبتلى بل أن تنجح في الابتلاء.
المذيع:
 إذاً جزء من حفظ الله للإنسان أن يعينه على أن ينجح في هذا الابتلاء، وألا يسقط فيه فيسقط من عين الله.

 

نجاح المؤمن في امتحان الابتلاء وسام شرف له :

الدكتور راتب :
 ولئن يسقط الإنسان من السماء إلى الأرض فتنحطم أضلاعه أهون من أن يسقط من عين الله.
المذيع:
 إذاً نحن في كثير من الأحيان مفهومنا أن ربنا حفظه معناه أنه لن يصيبه ضر، ولن يحدث معه مشكلة، رزقه دائماً رغد.
الدكتور راتب :
 لا، الأنبياء ابتلوا.
المذيع:
 فإذاً هنا معنى الحفظ أنه ليس عقاباً من الله، فأنت نفسياً مطمئن.
الدكتور راتب :
 امتحان.
المذيع:
 لا تنقطع صلتك بالله، فأنت دائماً موصولٌ بالله، وأن الله يعينك على أن تنجح في هذا الامتحان.

﴿ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلاً ﴾

[ سورة الملك:2]

الدكتور راتب :
 وأصبح نجاحك في الامتحان وسام شرف لك.
المذيع:
 في الدنيا والآخرة؟
الدكتور راتب :
 أبداً.
المذيع:
 الله أكبر! شيخنا من أراد أن يشعر بحفظ الله له في ماله ماذا يفعل؟

 

من أراد أن يحفظ الله له ماله عليه أن يؤدي حق الله بالزكاة :

الدكتور راتب :
 يؤدي زكاة ماله، أداء الزكاة تحصينٌ للمال.

الزكاة تحصن المال

(( ما تلف مال في بر أو بحر إلا بحبس الزكاة ))

[الطبراني في المعجم الأوسط عن أبي هريرة]

 المال المدفوع زكاته لا يتلف.

(( ما تلف مال في بر أو بحر إلا بحبس الزكاة ))

[ الطبراني في المعجم الأوسط عن أبي هريرة]

المذيع:
 وأين الابتلاء دكتور؟
الدكتور راتب :
 الابتلاء.
المذيع:
 ممكن الإنسان أن يكون من أهل الزكاة فيبتلى في ماله، مع أنه لم يحبس الزكاة.
الدكتور راتب :
 هذا أصبح ابتلاء، لم يعد عقاباً، هناك فرق بين ابتلاء وعقاب، والابتلاء إن نجح فيه وسام شرف.
المذيع:
 إذاً من أراد أن يحفظ الله له ماله عليه أن يؤدي حق الله بالزكاة.

من يعتمد على غير الله يأتيه التأديب الإلهي :

الدكتور راتب :
 لذلك.

(( ما تلف مال ))

[الطبراني في المعجم الأوسط عن أبي هريرة]

 هذا الأصل، هذا القانون، في حالات استثنائية يعني دون أن يشعر اعتمد على ماله.
 أنا أعرف شخصاً قال: الدراهم مراهم، وغني كبير، دخل السجن بتهمة باطلة هو بريء منها، قال لي: بقيتُ أربعة وستين يوماً لا أنسى هذه الأيام في حياتي، لأنه قال: الدراهم مراهم.
المذيع:
 جاءه التأديب الإلهي.
الدكتور راتب :
 لا تحل بالدراهم هنا، أحياناً يكون مثلاً طبيب قلب، التقيت مع طبيب قلب بأمريكا دعانا إلى بيته، كان وضعه غير طبيعي، يعني بيت فخم جداً، لم أرَ بيتاً أفخم منه في حياتي، سألت قال: معه احتشاء في القلب، طبيب قلب يتوهم أحياناً أنه هو طبيب قلب فليس من المعقول أن يمرض بقلبه. عندما أنت تعتمد على شيء مما سوى الله، حكمة الله البالغة ورحمته فيك أن تفقد الثقة بهذا الشيء الذي أنت دخل معك شرك خفي.
المذيع:
 حتى تعود إلى الله، فتنسب الفضل لله.
الدكتور راتب :
 أبداً، الله يريدك، يريدك للجنة.
المذيع:

﴿ فَفِرُّوا إِلَى اللَّهِ ﴾

[ سورة الذاريات: 50]

الدكتور راتب :
 فعندما أنت تعتمد على علمك، أو على مالك، أو على مكانتك، أو على منصبك، تجد شيئاً غير معقول.
المذيع:
 نعم كلام منطقي وجميل! الله يفتح عليكم يا دكتور.

أسئلة المستمعين :

الدكتور راتب :
 لكن أريد أن أقول كلمة أخيرة في هذا الموضوع: إذا كان مريضين أمام طبيب، الأول معه التهاب معدة حاد، فطبيب الهضمية يخضعه لحميةٍ قاسيةٍ جداً، على الحليب فقط لستة أشهر، الثاني معه ورم خبيث منتشر قال له: ماذا آكل يا دكتور؟ قال له: كُل ما شئت، أيهما أفضل أن تخضع لحمية قاسية جداً والأمل بالشفاء كبير جداً، أم أن يقال لك: كُل ما شئت؟ اسمع الآية:

﴿فَلَمَّا نَسُوا مَا ذُكِّرُوا بِهِ فَتَحْنَا عَلَيْهِمْ أَبْوَابَ كُلِّ شَيْءٍ حَتَّى إِذَا فَرِحُوا بِمَا أُوتُوا أَخَذْنَاهُمْ بَغْتَةً﴾

[ سورة الأنعام: 44]

 فإذا خرج الإنسان من عناية الله انتهى.
المذيع:
 الله يفتح عليكم يا دكتور، نستأذن فضيلتكم بجولة من مشاركات مستمعينا الكرام مباشرةً في موضوعنا لهذا اليوم فالله خيرٌ حافظاً. معنا اتصال هاتفي من عامر، تفضل يا عامر.
المستمع:
 الله يعطيك العافية يا شيخ، أولاً نريد أن نسلم على الشيخ الفاضل ونعرف منه يوم الجمعة في أي مسجد في عمان يكون موجوداً؟ هذا أولاً، الشيء الثاني نريد من المستمعين إن شاء الله أن يصلوا على النبي، غداً الجمعة إن شاء الله نكسب فضل الصلاة على النبي.
المذيع:
 هل يوجد لحضرتكم شيخنا درس يوم الجمعة؟
الدكتور راتب :
 في جامع التقوى.
المذيع:
 في مسجد التقوى بجانب مدرسة المونتيسوري في شارع المدينة الطبية أخي عامر.

 

متابعة الاستفسارات :

الدكتور راتب :
 أنا كل جمعة بإذن الله، إلا إذا كنت مسافراً.
المذيع:
 بعد صلاة الفجر دكتور، بعد صلاة الفجر سيدنا؟
الدكتور راتب :
 أبداً، ما دمت أنا في عمان هذا الدرس قائم، له ثماني سنوات هذا الدرس عمره.
المذيع:
 إذاً لمن يهتم بمتابعة درس الدكتور محمد راتب النابلسي، في درس أسبوعي يوم الجمعة بعد صلاة الفجر في مسجد التقوى الملاصق لمدرسة المونتيسوري في شارع المدينة الطبية.
الدكتور راتب :
 وإذا كنت مسافراً أنا أبلغ بلاغاً خطياً أيضاً، وعلى الانترنت موجود.
المذيع:
 فينشروا على صفحة المسجد.
الدكتور راتب :
 صفحة المسجد فيها اعتذار.
المذيع:
 الله يكرمكم يا دكتور، شكراً لك عامر ولسؤالك، معنا محمد تفضل أخي باتصال جديد.
المستمع:
 السلام عليكم، شيخنا الفاضل كيف حالكم، الله يطول بعمركم ويعطيكم الصحة والعافية، شيخنا والله خيرٌ حافظاً، هل تعني أن ربنا سيحفظ عباده إن شاء الله الصالحين المؤمنين، حتى ولو بلغ منا تقصير أو ذنب مثلاً، هل ينطوي المذنب أو المقصر تحت هذه الآية على سبيل المثال؟

التائب من الذنب كمن لا ذنب له :

الدكتور راتب :
 الجواب الدقيق جداً التائب من الذنب كمن لا ذنب له، باب التوبة أمامنا، إذا لم يكن هناك توبة لا يوجد حفظ، يوجد تأديب، إذا لم يكن هناك توبة، بل إصرار على المعصية، لا بد عندها من تأديب، من تاب توبةً نصوحة أنسى الله حافظيه، والملائكة، وبقاع الأرض كلها خطاياه وذنوبه، التوبة تجب ما قبلها.

التائب من الذنب كمن لا ذنب له

﴿ قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعاً ﴾

[ سورة الزمر: 53]

المذيع:
 إذاً عندما يبعده الذنب عن حفظ الله فالتوبة تعيده دكتور؟
الدكتور راتب :
 أبداً.

﴿ وَإِنْ تَعُودُوا نَعُدْ ﴾

[ سورة الأنفال: 19]

المذيع:
 بارك الله فيك أخي محمد شكراً لك ولسؤالك المهم، أم حمزة تفضلي يا أختي أهلاً وسهلاً.
المستمعة:
 يعطيك العافية، الله يجزيك الخير أنت والدكتور، لو سمحت أريد أن أسأل الدكتور الغاية من خلق البشر هو عبادة الله وحده، في إحدى المرات في سؤال سألني الناس عنه لكنني لم أعرف إجابته لأنه سؤال عقائدي، أن رب العالمين غني عن أن نعبده، أنه لا يزيد ولا ينقص في ملكه شيء إذا عبدناه أم لم نعبده، فلماذا خلقنا؟ لكني لم أستطع الإجابة.

 

الغاية من خلق الإنسان :

الدكتور راتب :
 اسمعي الآية والجواب:

﴿ إِلَّا مَنْ رَحِمَ رَبُّكَ وَلِذَلِكَ خَلَقَهُمْ ﴾

[ سورة هود: 119]

 خلقنا ليرحمنا، ليسعدنا في جنةٍ عرضها السماوات والأرض:

(( فيها ما لا عين رأتْ، ولا أذن سمعتْ، ولا خطَر على قلبِ بَشَرْ ))

[متفق عليه عن أبي هريرة]

 خلقنا ليرحمنا، والآية بالقرآن:

﴿ إِلَّا مَنْ رَحِمَ رَبُّكَ وَلِذَلِكَ خَلَقَهُمْ ﴾

[ سورة هود: 119]

المذيع:
 الله يفتح عليك يا دكتور، إن شاء الله تكون الفكرة وصلت أختي أم حمزة شكراً لك.
الدكتور راتب :

﴿ وَلِمَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ جَنَّتَانِ ﴾

[ سورة الرحمن: 46 ]

 جنة في الدنيا هي جنة القرب والحفظ، وجنة في الآخرة.
المذيع:
 أكرمك الله دكتور، أخي منذر تفضل باتصال جديد.
المستمع:
 السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، الله يكرمك، دكتورنا الحبيب سبحان الله كل مكالمة هاتفية والله تدمع العين، من شدة محبتنا لك الله يكرمك ويرضى عنك.
 سؤالي دكتور كيف أنه في بعض الأوقات سبحان الله يتجلى الله في قلوبنا، في علاقاتنا مع زوجاتنا، في تعاملنا مع الناس، في عدة أمور، ولكن تواجهنا مشاكل أحياناً الإنسان مشكلة مع زوجته، نريد منك أن تقول لنا كيف نتوجه لله عز وجل في حفظه مع علاقتنا مع زوجاتنا أقصد في حل الخلاف؟ وبارك الله فيك ولا تنسانا من دعائك في ظهر الغيب دكتور، الله يكرمك ويرضى عنك.
المذيع:
 شكراً لك أخي منذر، شيخنا نأخذ أبو كامل ونعود لإجابة السؤال بعد إذن فضيلتكم والوقت كله لكم، أبو كامل تفضل باتصال جديد.
المستمع:
 السلام عليكم، جزاك الله خيراً يا أخ نديم، نسأل الله أن يعطي الدكتور الصحة والقوة وأن يمد في عمره وينفعنا في علمه، ما شاء الله عنه الدكتور أسأل الله أنه يبارك له، دكتور سؤالي أن الرسول صلى الله عليه وسلم عندما كان معه معاذ ورديفه فقال:

(( يا غلام، إِني أُعَلِّمك كلمات احفظ الله يحفظك))

[الترمذي عن عبد الله بن عباس]

 إلى آخر الحديث، أريد أن أسأل الدكتور الآن الإنسان عندما يحفظ الله، الله يحفظه؟

 

شروط اختيار الزوجة :

الدكتور راتب :
 طبعاً الأمر بديهي، وبالمئة مليون.
المستمع:

(( لو اجتمعت على أن ينفعوك بشيء لم ينفعوك إِلا بشيء قد كتبه الله لك، وإن اجتمعوا على أن يضروك بشيء لم يضروك إِلا بشيء قد كتبه الله عليك))

[الترمذي عن عبد الله بن عباس]

الدكتور راتب :
 الثانية عليك.
المذيع:
 شكراً لك يا أبو كامل الفكرة وضحت شكراً جزيلاً لك، شيخنا نعود إلى سؤال أخينا منذر كيف يكون حفظ الله لنا، مع عائلاتنا وزوجاتنا؟
الدكتور راتب :
 أنت حينما تتقي الله في اختيار زوجتك تختارها طائعة، منيبة، تختارها مؤمنة، يحفظك بها ويحفظها بك، لأن موضوع الزواج أخطر موضوع، هي شريكة حياتك، أم أولادك، فإذا اختارها لجمالها فقط أذله الله، لمالها أفقره الله، لحسبها زاده الله دناءةً.

(( فاظْفَر بذات الدين تَرِبَتْ يداك ))

[متفق عليه عن أبي هريرة رضي الله عنه ]

 أنت حينما تختار، هناك أشياء أخي الكريم مصيرية، الزوجة قضية مصيرية عندك أولاد منها، فإذا اخترتها لجمالها فقط ولم تنتبه لدينها فهذه مصيبة كبيرة، أنا لا أقول لك خذها غير جميلة، لا ليس هذا القصد، لكن يجب أن تراعي مع الجمال دينها، ومحبتها لله، وطاعتها له، أنك ستغيب عنها عدة ساعات.
المذيع:
 شيخنا قبل قليل سألنا فضيلتك كيف يمكن أن يسعى الإنسان إلى أن يحفظ ماله؟ فقلت لنا: حينما يؤدي الزكاة، حق الله بالمال، فالله يحفظ له ماله، الآن حتى يحفظ التماسك الأسري مع زوجته بدايةً عليه بالاختيار الصالح؟

 

لكلّ مصيبة على وجه الأرض سبب :

الدكتور راتب :
 أبداً، لذلك من تزوج امرأةً لمالها أفقره الله، لحسبها زاده الله دناءةً.

(( فاظْفَر بذات الدين تَرِبَتْ يداك ))

[متفق عليه عن أبي هريرة رضي الله عنه ]

 إن لم تفعل.
المذيع:
 هل في حفظ الاستقرار الأسري دكتور العلاقات الخاطئة أو الاختلاط المحرم الذي من الممكن أن يقوم به، هل يمكن أن يكون له أثر بعدم حفظ الله لبيته، لأنه ارتكب مخالفات؟
الدكتور راتب :
 لا تصدق مصيبة في الأرض في الخمس قارات من آدم إلى يوم القيامة بلا سبب.

﴿ وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ ﴾

[ سورة الشورى: 30 ]

 هناك تقصير، سهرة مختلطة.
المذيع:
 هل يمكن يكون لها أثر على استقرار علاقته بزوجته؟
الدكتور راتب :
 طبعاً، لفتت نظره امرأة أخرى أجمل من زوجته بكثير، لفتت نظره، فكر فيها، بدأ يشعر بالبرود مع زوجته، هو السبب في ذلك.
المذيع:
 إذاً أنا أفهم من فضيلتك.

 

طلب العلم وتطبيق تفاصيل الشريعة فريضة على كل مسلم :

الدكتور راتب :
 ما من معصيةٍ إلا لها أثر مستقبلي.
المذيع:
 أنا أفهم من كلام فضيلتك شيخنا أنه في كل ملف إذا أنت عصيت ربنا فقدت الحفظ الإلهي، ففي مالك إذا ابتعدت عن الزكاة لن يحفظ الله مالك، إذا اختلطت لن يحفظ الله استقرارك مع زوجتك، ويقاس. الله يكرمك يا دكتور، نستأذن فضيلتكم إلى فاصل قصير ومعكم مستمعينا نعود لإجابة المزيد من أسئلتكم فابقوا بالقرب.
 شيخنا الكريم سؤال أبي كامل قبل الفاصل انطلاقاً من قول النبي عليه الصلاة والسلام:

(( يا غلام، إِني أُعَلِّمك كلمات احفظ الله يحفظك))

[الترمذي عن عبد الله بن عباس]

 ذكرت فضيلتك أن حفظ الله لنا أن يرعانا فكيف يحفظ العبد ربه؟ احفظ الله.
الدكتور راتب :
 طلب العلم فريضة على كل مسلم
بطاعته.

(( اسْتَقِيمُوا وَلَنْ تُحْصُوا الخيرات ))

[ ابن ماجه وأحمد والدارمي عَنْ ثَوْبَانَ]

 باتباع أمره، بتجنب نهيه، بالتقرب من علمائه، يطلب العلم، طلب العلم فريضة على كل مسلم، طلب العلم وتطبيق تفاصيل الشريعة، هناك تفاصيل، هناك غض بصر، حفظ لسان، سهرات لا ترضي الله، سياحة لا ترضي الله، احتفالات لا ترضي الله، احتفال مختلط، فبما أننا فهمنا الدين فقط عبادات شعائرية، كان فهمنا مغلوط جداً، العبادة الشعائرية تتصل بالله كي تقبض الثمن بطاعتك له، العبادة الشعائرية في المسجد، أما في البيت الشاشة، العلاقة مع زوجتك، مع أولادك، مع أقاربك، مع سهراتك، مع لقاءاتك، مع احتفالك، هناك احتفالات كلها مختلطة، فنحن إذا أخذنا المنهج، منهج تفصيلي يبدأ من فراش الزوجية؛ أي من أخص خصوصيات الإنسان وينتهي بالعلاقات الدولية.
المذيع:
 الله يفتح عليكم يا دكتور المزيد من مشاركات مستمعينا أبو عمر تفضل باتصال جديد.
المستمع:
 السلام عليكم، تحياتي لك وللدكتور وللمستمعين، سيدي بلا مؤاخذة أرجو من الدكتور أن يسامحني ويطيل باله علي، قصة أصحاب الأخدود مع أن الله سبحانه وتعالى قال:

﴿ وَمَا نَقَمُوا مِنْهُمْ إِلَّا ﴾

[ سورة البروج: 8]

 هزيمة أحد، هزيمة حنين، مع أن الله سبحانه وتعالى:

﴿ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ ﴾

[ سورة المائدة: 119]

 إلا أنه بعد موت الرسول صلى الله عليه وسلم اختلفوا، عثمان قُتل، عمر قُتل، علي كذلك، أين حفظ الله سبحانه وتعالى؟

 

الحساب الختامي الكامل المطلق يوم القيامة :

الدكتور راتب :
 سأسألك سؤالاً: الدنيا دار جزاء أم دار ابتلاء؟ أجبني: الدنيا دار جزاء أم دار ابتلاء؟
المستمع:
 ابتلاء طبعاً.
الدكتور راتب :
 الله يكافئ بعض المحسنين في الدنيا ويعاقب بعض المسيئين، أما الحساب الختامي الكامل المطلق يوم القيامة.

﴿ وَإِنَّمَا تُوَفَّوْنَ أُجُورَكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ﴾

[ سورة آل عمران: 185]

 المكافأة في الدنيا تشجيع، والعقاب ردع.
المذيع:
 شيخنا سؤال أبي عمر: أين حفظ الله لأمة النبي بعد وفاته، لماذا حدثت بعض الانقسامات؟
الدكتور راتب :

﴿ وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ ﴾

[ سورة الشورى: 30 ]

 بسبب الاستغراق في الجزئيات:

﴿ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ ﴾

[ سورة الشورى: 30 ]

 قرآن:

﴿ وَيَعْفُو عَنْ كَثِيرٍ ﴾

[ سورة الشورى: 30 ]

 ما نزل بلاءٌ إلا بذنب، لا تصدق مصيبة في الأرض في الخمس قارات ليوم القيامة إلا ولها سبب.
المستمع:
 سيدي سؤال آخر، أقول لأحد الأغنياء والمشايخ الذين في حارتنا ما دام الاستغفار نافع معك سيدي، لماذا أنت خائف؟ أمسكه والله يعوضك، استغفر.
المذيع:
 شكراً لك أبو عمر إن شاء الله تكون الرسالة قد وصلت لك.

 

ما من إنسان معصوم كلياً إلا النبي فقط :

الدكتور راتب :
 لا تصدق أحداً عمل ذنباً وينوي الاستغفار، هذا اسمه ضحك على الدين، أنا أعمل ذنباً عن غير قصد، هذا ذنب بجهالة، أعرفه ذنباً، أعرفه كبيراً، أنا أعمله وأستغفر، هذا استهزاء بالله، الله وكيلك.
المذيع:
 والعياذ بالله، إذاً شيخنا حتى الصحابة الكرام يمكن أنه يحدث بينهم خلافات أو مشاكل أو منهم من يقتل ظلماً.
الدكتور راتب :
 النبي الكريم وحده هو المعصوم
دقيقة؛ أنا في حياتي كمؤمن عندي إنسان واحد فقط معصوم هو رسول الله، وما سواه أي إنسان يؤخذ منه ويرد عليه، نحن لا يوجد في حياتنا أحد معصوم كلياً إلا النبي فقط.
المذيع:
 هذا جزء من واقعية الأمة، فيها من يصيب ومن يخطئ، لكن لا يعني أنه غير مؤمن، وإنما أصدر قراراً وأخطأ به في يوم من الأيام.
الدكتور راتب :
 إذا أخذ طالب علامة منخفضة في الرياضيات أول السنة هل يعني هذا أنه انتهى عند الله؟ لا، بل يضاعف جهوده.
المذيع:
 نعم، شكراً لكم دكتور، فهد تفضل باتصال جديد.
المستمع:
 السلام عليكم، جزاك الله عنا كل خير أنت والشيخ محمد راتب النابلسي، أريد أن أسأل الشيخ نصيحة: لو إنسان أراد أن يطلب العلم، طالب العلم من أين يبدأ؟ وأي نصيحة لهم؟ نصيحة ينصحنا بها الشيخ.
المذيع:
 نعم، شكراً لك أخي فهد، نأخذ شيخنا اتصال أبي خليل ونجيب على السؤالين، أبو خليل تفضل بالاتصال الأخير.
المستمع:
 السلام عليكم، دكتور في عندي عدة أسئلة، هناك من يقول: أي شيء يُغضب الله اتركه، الله ينور كل حياتك هي أول نقطة، أريد رأيك، ثاني نقطة أنه أي واحد يعمل شيء سيء.
المذيع:
 أبو خليل سامحني نحن في آخر دقيقتين الوقت لم يسعفنا لمناقشة كل هذه الأشياء وهي خارج الموضوع، أنا سأجيب على نقطتك الأولى، اعذرني فقط لضيق الوقت يا أبو خليل.
 شيخنا أخونا فهد طرح سؤال نصيحة لمن يريد أن يبدأ مشواره في طلب العلم؟

طلب العلم فريضة على كل مسلم :

الدكتور راتب :
 لا بد من طلب العلم.
المذيع:
 كيف يبدأ؟
الدكتور راتب :
 طلب العلم فريضة على كل مسلم، يبدأ طلب العلم بحضور خطبة محترمة جانب بيتك في جامع مالك قنعان بالخطيب، ابحث عن خطيب موفق من الله، هذا أول شيء، لا يوجد مكان ليس فيه درس علم، خطبة ودرس علم.
المذيع:
 هل دكتور الدروس الموجودة اليوم عبر الإنترنت يمكن أن تفيد طالب العلم؟
الدكتور راتب :
 نوعاً ما، لكن ليس كلياً، خذوا دينكم عن الأرضيات لا عن الفضائيات، لأن هناك الكثير من الناس يفسدون الدين بالفضائيات، معهم أجندة، معهم مهمة.
المذيع:
 نعم، رسالة أبي خليل أحد الدعاة كان كلامه أن اترك أي شيء يغضب الله في هذه الدنيا يوفقك الله في كل شيء.

الذكر الكثير دليل استقامتنا ومحبتنا لله :

الدكتور راتب :
 تريد تفاصيل، هناك نوع من البيع فيه خطأ، الشرع ليس بهذه البساطة، هو منهج تفصيلي، لابد لك من طلب العلم، والدليل: طلب العلم فريضة على كل مسلم.
المذيع:
 شيخنا الكريم؛ مفاهيم جميلة كثيرة حضرتك ذكرتها في هذه الحلقة، هل اتباع الإنسان لبعض السلوكيات اليومية مثل الورد القرآني، أذكار الصباح والمساء، يمكن أن تجعله في دائرة حفظ الله دوماً؟
الدكتور راتب :
 طبعاً.

﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا اللَّهَ ذِكْراً كَثِيراً ﴾

[ سورة الأحزاب: 41]

 ضع تحت كثيراً أربعة خطوط، لأنه المنافقين الله ماذا وصفهم؟

﴿ وَلَا يَذْكُرُونَ اللَّهَ إِلَّا قَلِيلاً ﴾

[ سورة النساء: 142]

 هذا منافق، أما الذكر الكثير دليل استقامتك ومحبتك لله.
المذيع:
 لكن تحفظ الإنسان أذكار الصباح والمساء، سورة البقرة؟
الدكتور راتب :
 طبعاً، لكن هو تحفظه قطعاً ما دام مستقيماً، مستقيم ويبيع بضاعة مغشوشة لا يحفظه الله، في مواد مسرطنة.
المذيع:
 إذاً على الإنسان أن يحفظ الله بالاستقامة على شرع الله فيطلب من الله الحفظ والرعاية، ولكن هذا لا يعني ألا يبتلى، لكن لا يكون غضباً من الله، فالحفظ رعاية، من الحفظ أن تبقى متصلاً بالله سبحانه وتعالى وسيؤدبك الله وإن اعتمدت على أسبابك ونفسك.
 شيخنا نختم حلقتنا بالدعاء في الثواني المتبقية من حلقتنا.

 

الدعاء :

الدكتور راتب :
 بسم الله الرحمن الرحيم، اللهم أصلح لنا ديننا الذي هو عصمة أمرنا، وأصلح لنا دنيانا التي فيها معاشنا، وأصلح لنا آخرتنا التي إليها مردنا، واجعل الحياة زاداً لنا من كل خير، واجعل الموت راحة لنا من كل شر مولانا رب العالمين، اللهم اكفنا بحلالك عن حرامك، وبطاعتك عن معصيتك، وبفضلك عمن سواك، اللهم لا تؤمنا مكرك، ولا تهتك عنا سترك، ولا تنسينا ذكرك، أعطنا ولا تحرمنا، أكرمنا ولا تهنا، آثرنا ولا تؤثر علينا، ارضنا وارضَ عنا، اجعل هذا البلد آمناً سخياً رخياً وسائر بلاد المسلمين، واحقن دماء المسلمين في كل مكان.

خاتمة و توديع :

المذيع:
 الحمد لله رب العالمين، بارك الله بكم فضيلة العلامة الأستاذ الدكتور محمد راتب النابلسي لهذه الكلمات الطيبة، إلى هنا مستمعينا نصل معكم إلى ختام هذه الحلقة.
 سبحانك اللهم وبحمدك، نشهد أن لا إله إلا أنت، نستغفرك ونتوب إليك.
 والسلام عليكم و رحمة الله و بركاته

فالله خير حافظاً.

الاستماع للدرس

00:00/00:00

تحميل النص

إخفاء الصور