وضع داكن
28-03-2024
Logo
سراييفو : المحاضرة 04 - الشباب أمل الأمة - من ثمار الاتصال بالله.
رابط إضافي لمشاهدة الفيديو اضغط هنا
×
   
 
 
 بسـم اللـه الرحمـن الرحيـم  
 

 الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد وعلى آل بيته الطيبين الطاهرين، وعلى صحابته الغر الميامين، أمناء دعوته، وقادة ألويته، وارضَ عنا وعنهم يا رب العالمين.

الشباب أمل الأمة و قوتها :

 أنتم شباب وشابات، وما من شيء أحب إلى الله تعالى من شاب وشابة تائبين، إن الله ليباهي الملائكة بالشاب التائب، يقول: انظروا عبدي ترك شهوته من أجلي، الشباب أمل الأمة، قوة الأمة، مستقبل الأمة، تطور الأمة، انتصار الأمة، بل إن ريح الجنة في الشباب.

كنت مرة في بلادي دخلت إلى مدرسة فيها أطفال، قلت لأحد الأطفال: هل تدري أن أكبر عالم من علماء الدين الذي ترك ثلاثمئة مؤلف من هذه البلدة؟ لعلك بفضل الله عز وجل تكون في المستقبل من أعلام الأمة.
الشاب العالم كبير ولو كان صغيراً، والجاهل صغير ولو كان كبيراً.

لا قيمة للعين بلا ضوء ولا قيمة للعقل من دون وحي :

 الشباب يتعلقون بالسيارت كثيراً، الشباب هم المحرك، والشيوخ هم المقود، العلماء الربانيون هم المقود، والشرع هو الطريق المعبد، أما الطرق الأخرى الأرضية التي لا علاقة لها بوحي السماء كالطرق الوعرة، فهي متعبة، فيها أكمات، فيها عقبات، فيها حوادث، قال تعالى:

﴿ وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكاً ﴾

[ سورة طه:124]

 معيشة متعبة، فيها شقاء، فيها ضياع.

﴿ وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى * قَالَ رَبِّ لِمَ حَشَرْتَنِي أَعْمَى وَقَدْ كُنْتُ بَصِيراً * قَالَ كَذَلِكَ﴾

[ سورة طه:124 ـ 126]

 أي كنت أعمى في الدنيا.

﴿ أَتَتْكَ آيَاتُنَا فَنَسِيتَهَا وَكَذَلِكَ الْيَوْمَ تُنْسَى ﴾

[ سورة طه: 126]

مثل دقيق: الإنسان إذا تمتع بعينين حادتين، كاملتين، درجة النظر ست، لكن لا يوجد ضوء، لا قيمة لهذا العين، والعقل مهما كان كبيراً من دون تدبير إلهي لا قيمة له.

﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَآمِنُوا بِرَسُولِهِ يُؤْتِكُمْ كِفْلَيْنِ مِنْ رَحْمَتِهِ وَيَجْعَلْ لَكُمْ نُوراً تَمْشُونَ بِهِ﴾

[ سورة الحديد: 28]

 العين تحتاج إلى ضوء، والعقل يحتاج إلى وحي، ولا قيمة للعين بلا ضوء، ولا قيمة للعقل من دون وحي.
 مثل بسيط: راكب دراجة، وصل إلى طريقين، طريق صاعد، وطريق هابط، الهابط أهون، أسهل، أمتع، لكن ينتهي هذا الطريق بوحوش كاسرة جائعة، أما الصاعد ففيه جهد، و أكمات، وحفر، ومتاعب، لكن ينتهي بجنة لمن وصل إليه، بالحديث الشريف ورد:

(( أَلا إِنَّ عَمَلَ الْجَنَّةِ حَزْنٌ بِرَبْوَةٍ، وإِنَّ عَمَلَ النَّارِ سَهْلٌ بِسَهْوَةٍ ))

[أحمد عن ابن عبَّاس ]

 أما المؤمن فقد وعده الله بحياة طيبة، وزوال الكون أهون على الله من ألا يحقق وعوده للمؤمنين، قال تعالى:

﴿ مَنْ عَمِلَ صَالِحاً مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ ﴾

[ سورة النحل: 97]

 مثل بسيط: كنت مرة في أمريكا، وزرت معمل سيارات كبير، أضخم معمل، قال لي الدليل: هذه المركبة فيها ثلاثمئة ألف قطعة، لكنني كراكب سيارة ، قطع، غلاف، مقاعد، محرك، مقود، عجلات، بنزين، من ثلاثمئة ألف إلى سبع، أي هذا الدين فيه مليون موضوع، مئة ألف عالم، مليون كتاب، هل يمكن أن نضغط الكليات الأربعة؟ أول شيء العقيدة، الفكر، الأيديولوجيا، المنطلق النظري، العقيدة، أسماء لمسمى واحد، هذا الجانب أدبي، هذا الجانب عقدي، الجانب الثاني حركي.

العمل الصالح علة وجود الإنسان في الأرض :

 الحركة نوعان، حركة سلبية، 
يقول لك: أنا ما كذبت، ما، أنا ما أكلت مالاً حراماً، ما، أنا ما غششت، أنا ما فرقت بين اثنين
هذه استقامة، الجانب الحركي الإيجابي العمل الصالح، أنفقت من مالي، من علمي، من خبرتي، ولا تنسوا أيها الشباب والشابات أن علة وجود الإنسان في الأرض بعد الإيمان بالله واليوم الآخر العمل الصالح، الإنسان قبيل موته يقول:

﴿ رَبِّ ارْجِعُونِ * لَعَلِّي أَعْمَلُ صَالِحاً ﴾

[ سورة المؤمنون: 99 ـ 100]

 وسمي العمل صالحاً لأنه يصلح للعرض على الله، ومتى يصلح؟ إذا كان خالصاً وصواباً، خالصاً ما ابتغي به وجه الله، وصواباً ما وافق السنة.
 لذلك كلمة الأخيرة للإنسان:

﴿ رَبِّ ارْجِعُونِ * لَعَلِّي أَعْمَلُ صَالِحاً ﴾

[ سورة المؤمنون: 99 ـ 100]

 إذاً العمل الصالح علة وجودنا، سبب وجودنا، سمي صالحاً لأنه يصلح للعرض على الله، ومتى يصلح؟ إذا كان خالصاً وصواباً، خالصاً ما ابتغي به وجه الله، وصواباً ما وافق السنة.

الاتصال بالله أهم شيء في الدين :

 أيها الشباب والشابات؛ الاتصال بالله أهم شيء في الدين، أركان الإسلام الحج يسقط عن الفقير، والصيام يسقط عن المريض، والزكاة تسقط عما لا مال له، والشهادة ينطق بها مرة واحدة، أما الفرض المتكرر الذي لا يسقط بحال فهو الصلاة، لذلك قال تعالى:

﴿ وَأَقِمِ الصَّلَاةَ لِذِكْرِي ﴾

[ سورة طه: 14]

 إنك إن صليت ذكرت الله، ولكن الله يقول لكم:

﴿ فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ ﴾

[ سورة الأنعام: 82 ]

 إنكم إن ذكرتموني وصليتم أنا أذكركم، وإذا ذكرتكم منحتكم التوفيق، قال تعالى:

﴿ وَمَا تَوْفِيقِي إِلَّا بِاللَّهِ ﴾

[ سورة هود: 88]

 منحتكم السعادة، نقول نحن لنبينا: على أسعدنا محمد، إني منحتكم النجاح، لكن الذي يلفت النظر أنه ورد في القرآن الفلاح لا النجاح، أنت حينما تنجح بمعرفة الله، وشرعه، وتطيعه، وتعمل صالحاً، وتتقرب إليه، نجحت في علاقتك مع الله، وحينما تكون باراً بوالديك نجحت في العلاقة بهما، وحينما تعمل عملاً صالحاً نجحت في دنياك وأخراك، مجموع النجاحات تسمى فلاحاً، قال تعالى:

﴿ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ ﴾

[ سورة البقرة: 5]

نعمة الأمن من الجوائز الكبيرة للشباب :

 من الجوائز الكبيرة للشباب، أولاً نعمة الأمن، هذه النعمة لا يعرفها إلا المؤمن، قال تعالى:

﴿ فَأَيُّ الْفَرِيقَيْنِ أَحَقُّ بِالْأَمْنِ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ * الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُمْ بِظُلْمٍ أُولَئِكَ لَهُمُ الْأَمْنُ وَهُمْ مُهْتَدُونَ ﴾

[ سورة الأنعام: 81 ـ 82 ]

 بالدول العربية لهم الأمن غير الأمن لهم، لهم الأمن وحدهم، لا يتمتع بنعمة الأمن إلا المؤمن، لذلك إذا اتصلتم بالله منحتم السعادة، السعادة أجمل ما في هذا الدين، الاتصال بالله من ثماره السعادة، ونحن نقول: اللهم صلِّ على أسعدنا محمد، مع الاتصال بالله نعمة السعادة، نعمة التوفيق، نعمة السكينة، نعمة البصيرة، نعمة النجاح، نعمة التفوق.

الدين تعليمات الصانع الخبير و الحكيم :

 من هو الشاب؟ أمامي شباب جميعاً، لكن أرى أن إنساناً في التسعين إن كان هدفه الله فهو شاب

ما دام لك هدف أكبر منك أنت شاب ولو كنت في التسعين، وقد تكون عجوزاً بالخامسة عشرة، إن لم يكن لك هدف، إن لم يكن لك معرفة بالله، أو استقامة على أمره، أو طموح للجنة، أو بر للوالدين، أو عمل صالح، أو حضور مجلس علم، أو قراءة قرآن، لذلك هذا الدين تعليمات الصانع، والصانع له جهة وحيدة التي تملك التعليلات الصحيحة.
 للتقريب: راكب سيارة حديث، تألق ضوء أحمر على لوحة البيانات، إن فهمت هذا الضوء تزيينياً احترق المحرك، تحتاج إلى مبلغ كبير، إن فهمته إضاءة تحذيرية، أوقفت المركبة أضفت الزيت، سلم المحرك.
 لذلك هذا الدين تعليمات الصانع، تعليمات الخبير، تعليمات الحكيم، تعليمات العليم، تعليمات الخالق، تعليمات الرحيم، لذلك:
 إذا أردت الدنيا فعليك بالعلم، وإذا أردت الآخرة فعليك بالعلم، وإذا أردتهما معاً فعليك بالعلم، والعلم لا يعطيك بعضه إلا إذا أعطيته كلك، فإذا أعطيته بعضك لم يعطك شيئاً، ويظل المرء عالماً ما طلب العلم، فإذا ظن أنه علم فقد جهل.
 طالب العلم يؤثر الآخرة على الدنيا فيربحهما معاً، بينما الجاهل يؤثر الدنيا على الآخر فيخسرهما معاً.

توافق الأوامر الإلهية مع الفطرة :

 الآن قال تعالى:

﴿ فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفاً فِطْرَةَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا لَا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ ﴾

[ سورة الروم: 30]

 ما معنى الفطرة؟ أي أمر أمرك الله به فطرك على محبته، وأي شيء نهاك الله عنه فطرك على كراهيته، قال تعالى:

﴿ حَبَّبَ إِلَيْكُمُ الْإِيمَانَ وَزَيَّنَهُ فِي قُلُوبِكُمْ وَكَرَّهَ إِلَيْكُمُ الْكُفْرَ وَالْفُسُوقَ وَالْعِصْيَانَ﴾

[ سورة الحجرات: 7]

 إذاً الفطرة مبرمجة، مولفة وفق منهج الله، الأوامر متوافقة مع فطرتك، إن استقمت على أمر الله تسعد.

مكانة الشباب العظيمة في الإسلام :

لذلك نحن في الإسلام العظيم الشباب لهم مكانة كبيرة جداً، أكبر معركة معركة مؤتة، كان القائد شاباً لا تزيد سنه عن سبعة عشر عاماً، ركب الناقة وهو قائد الجيش، في معركة ودعه الصديق، وعمر، فقال: يا خليفة رسول الله لتركبن أو لأنزلن، قال: والله لا ركبت ولا نزلت.
 أريد من هذه الكلمات أن أبين لكم أن الشباب لهم دور كبير في هذه الأمة، الحقيقة الشباب أمل الأمة كما قلت، أي شاب يكون له طموح، مرتاح، له مكانة اجتماعية، له طموحات كبيرة، كل هذه الطموحات يمكن أن تتوافر في ديننا، إلا أنه أن تحب الخير هذا طبع، أما أن تكون خيراً فهذا صبغة، قال تعالى:

﴿ صِبْغَةَ اللَّهِ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ صِبْغَةً ﴾

[ سورة البقرة: 138]

 أيها الأخوة الكرام؛ أيها الشباب والشابات؛ الأمة بحاجة إليكم، والأمة تمر بظروف صعبة جداً، الأمل بالشباب، والشباب أمل الأمة، والشباب قوة هذه الأمة، والشباب رحمة هذه الأمة.

الاستماع للدرس

00:00/00:00

تحميل النص

اللغات المتوافرة

إخفاء الصور