وضع داكن
25-04-2024
Logo
حياة المسلم 2 - إذاعة حياة إف إم - مدارج السالكين : الحلقة 19 - المال زينة
رابط إضافي لمشاهدة الفيديو اضغط هنا
×
   
 
 
 بسـم اللـه الرحمـن الرحيـم  
 

مقدمة :

 الحمد لله رب العالمين، اللهم يا ربنا صلِ وسلم، أنعم وأكرم على نبينا ورسولنا محمد صلى الله عليه وسلم، السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته، سلام من الله لكم مستمعينا الكرام أينما كنتم، فأهلاً ومرحباً بكم معنا على الهواء، حياكم الله شيخنا وأستاذنا الكريم.
الدكتور راتب:
 بارك الله بكم، ونفع بكم، وأعلى قدركم.
المذيع:
 أكرمكم الله دكتور، لا زلنا في سلسلة مدارج السالكين ووصلنا إلى الحلقة التاسعة عشرة منها: "المال زينة" وهو عنوان حلقتنا لهذا اليوم مع شيخنا الكريم، وهذه الحلقة تنطلق من قول الله سبحانه وتعالى في سورة الكهف، بعد أعوذ بالله من الشيطان الرجيم:

﴿الْمَالُ وَالْبَنُونَ زِينَةُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَالْبَاقِيَاتُ الصَّالِحَاتُ خَيْرٌ عِنْدَ رَبِّكَ ثَوَاباً وَخَيْرٌ أَمَلاً﴾

[سورة الكهف: 46]

 شيخنا الكريم، ولد الإنسان وولدت معه فطرة حب المال، هل لنا أن نبدأ بهذه الفطرة؟

 

فطرة حب المال :

الدكتور راتب:
 بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين، اللهم لا علم لنا إلا ما علمتنا إنك أنت العليم الحكيم، اللهم علمنا ما ينفعنا، وانفعنا بما علمتنا، وزدنا علماً، وأرنا الحق حقاً وارزقنا إتباعه، وأرنا الباطل باطلاً وارزقنا اجتنابه، واجعلنا ممن يستمعون القول فيتبعون أحسنه، وأدخلنا برحمتك في عبادك الصالحين.
 المال الذي ينفق بوجوه مشروعة قوة للمؤمن
بادئ ذي بدء: لأن الإنسان هو المخلوق المخير، فكل شيء حوله حيادي؛ إما قوة تقربه من الله، أو سبب في بعده عن الله، ما دام الإنسان مخير فالشهوات حيادية، أودع الله في الإنسان الشهوات، لماذا؟!! وحب المال من الشهوات، هذه الشهوات يرقى بها إلى أعلى عليين أو يهوي بها إلى أسفل سافلين، هي حيادية.
 كما لو رسمنا نصف دائرة تمثل الدرجات، مئة و ثمانون درجة، الله سمح للإنسان المؤمن من هذه الشهوات بمئة و عشر درجات، لكي يعمل، يكسب المال، يشتري مسكناً، يتزوج، يشتري طعاماً وشراباً، يعلم أبناءه، يقيم بعض النزهات ترويحاً عن أبنائه، قد يقتني مركبة، وما إلى ذلك..
 ما دام هذا المال ينفق في وجوه مشروعة، فهو قوة للمؤمن، لكن هذا المال حيادي وقد ينفق على المعاصي والآثام، وعلى الإيقاع بين الناس، هذه الأموال الطائلة بيد أعداء المسلمين تنفق على إضعافهم، وعلى إفقارهم، وعلى إذلالهم، وعلى إبادتهم أحياناً، هذا المال قوة حيادية إما أنه سلم ترقى به إلى أعلى عليين، أو دركات يهوي بها الإنسان إلى أسفل سافلين، فالبطولة بطريقة استخدامه.
المذيع:
 والمال واحدة من هذه الشهوات.

المال قوة :

الدكتور راتب :
 المال قوة:

((المؤمن القويُّ خيْر وأحبُّ إلى الله من المؤمن الضعيف))

[مسلم عن أبي هريرة]

 المال قوة كبيرة جدا
بالمال تنعش أسرة، بالمال تزوج شباب، بالمال تربي أيتام، بالمال تفتح مستشفى، كل الطرائق إلى الله بعدد أنفاس الخلائق، طرق الوصول إلى الله لا تعد ولا تحصى، ثمنها المال، فالمال قوة كبيرة جداً، لذلك إذا كان طريق القوة، ومن القوة المال، سالكاً وفق منهج الله يجب أن تكون قوياً، لأن خيارات القوي في العمل الصالح لا تعد ولا تحصى، ولأن علة وجود الإنسان في الدنيا العمل الصالح، والعمل الصالح قوامه المال.
المذيع:
 إذا كان الطريق سالكاً في الحلال متى يصبح فرضاً على الإنسان أن يهتم بالقوة؟
الدكتور راتب:
 إن كان هذا المال أنفق في طاعة الله، أكبر قوة لطاعة الله.
المذيع:
 وبالتالي هنا على الإنسان أن يطلب المال، لا أن يهرب من المال؟
الدكتور راتب:
 إذا كان طريق القوة سالكاً يجب أن تكون قوياً، لأن خيارات القوي في العمل الصالح لا تعد ولا تحصى.
المذيع:
 المقصود بكلمة سالكاً دكتور أي سالكاً بشرع الله؟
الدكتور راتب:
 وفق منهج الله.
المذيع:
 إذا كان الإنسان يستطيع تحصيل المال بالحلال يصبح واجباً عليه أن يحصل على هذا المال لأنه خياراته كغني لنصرة الأمة أكبر من خيارات الفقير.

 

واجب المؤمن تحصيل المال :

الدكتور راتب:
 بمئات المرات، ذات مرة كنت آتياً من المغرب إلى الشام، الطيار كان تلميذي فأركبني معه في غرفة القيادة، دخلنا إلى سوريا رأيت بعيني طرطوس وصيدا، رأيت خمسمئة كيلومتر بنظرة واحدة، تعلمت من هذا درساً بليغاً الإنسان كلما علا مقامه اتسعت رؤيته.
المذيع:
 المال قوة للعمل الصالح
جزاك الله عنا كل خير، شيخنا الكريم لماذا أسكن الله الفطرة في قلوبنا لحب المال؟
الدكتور راتب:
 لولا المال ما كان هناك جنة، كيف ترقى إلى الله؟ بإنفاق المال، لأن الإنسان يحب المال فمن الممكن أن يشتري بيتاً أفخم، يتمتع بسهرات حمراء، وأن يسافر عبر العالم، أما المؤمن فينعش أسرة، يبني مستشفى، يفتح ثانوية شرعية، يعمل عملاً خيرياً لإسعاد الفقراء، فكما أن المال قوة للاستمتاع هو قوة للعمل الصالح، المال مادة كبيرة جداً بيد الإنسان.
المذيع:
 جاءت محبة المال التي غُرست في قلوبنا حتى نحاول التخلص من هذه المحبة دكتور؟
الدكتور راتب:
 لأنك أنت إنسان مخير، فالمال حيادي، قوة إلى الله، ودركات إلى جهنم، والمرأة كذلك، جميع الشهوات إما أن ترقى بها إلى الله، أو أن يهوي بها الإنسان إلى جهنم.
المذيع:
 إذاً هو امتحان لتهذيب النفس دكتور، أن الله سبحانه وتعالى أعطانا محبة هذه الشهوات ومنها المال.

المال هو امتحان من الله تعالى لتهذيب النفس :

الدكتور راتب:
 فقر الكسل مذموم
بل هو أعمق من ذلك، المال يعطي فرصاً للعمل الصالح، فالغني يتقرب إلى الله بإنفاق المال، والفقير يشكر الله إذا جاءه المال من محسن، الطرفين انتفعوا بالمال، واحد حصّله بشكل مشروع، أنفقه في سبيل الله، والثاني وجد في المجتمع الأبوة والعطف والرحمة، فكلاهما ارتقيا إلى الله عز وجل، لكنّ الإنسان إذا كان غنياً يكون أقوى، عندنا فقر الإنفاق:
 قال له: يا أبا بكر ماذا أبقيت لنفسك؟ قال: الله ورسوله.
 هناك فقر الإنفاق، وفقر القدر، وعندنا أيضاً فقر ثالث مذموم هو فقر الكسل.
 أعرف بلاداً لا أحب ذكر اسمها، عندها خيرات لا يعلمها إلا الله، ومع ذلك فهي فقيرة، وفقر الكسل هو أكبر مشكلة تعاني منها الدول النامية، وفقر الإعاقة هذا قدر، فأحد أنواع الفقر بطولة كسيدنا الصديق، وأحدها مذمة كفقر الكسل، وآخر معذور صاحبه كفقر الإعاقة.
المذيع:
 شيخنا الحبيب، المرفوض في المال هو أن يأتي من حرام أو ينفق في حرام، صحيح؟

المال يُسأل المرء عنه مرتين :

الدكتور راتب:
 كل شيء تحاسب عليه مرة واحدة، إلا المال تسأل عنه مرتين، من أين اكتسبته؟ وكيف أنفقته؟
المذيع:
 ما المقصود بأننا نحاسب كيف اكتسبنا المال؟
الدكتور راتب:
 مثال ذلك تاجر غشاش، ولكنه ذكي جداً بالغش، يأخذ عشرة أضعاف السعر.
المذيع:
 وهل يُسأل الإنسان عن كل قرش يأتيه، دكتور؟
الدكتور راتب:
 والله عن كل قرش.
المذيع:
 على مدار الحياة؟
الدكتور راتب:

﴿فَوَرَبِّكَ لَنَسْأَلَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ * عَمَّا كَانُوا يَعْمَلُونَ﴾

[سورة الحجر:92-ـ93]

المذيع:
 هل الخوف من هذا السؤال التفصيلي عن المال يدفع الإنسان كي يكون فقيراً ولا يسعى للحصول على المال حتى يقل حسابه؟

 

الخوف من الحساب يدفعنا للتفكير بطرق مشروعة لإنفاق المال :

الدكتور راتب:
 لا أبداً، كن غنياً، الغني أقوى.

((المؤمن القويُّ))

المذيع:
 لكنني سأسأل كثيراً.
الدكتور راتب:
 قيل:

((المؤمن القويُّ خيْر وأحبُّ إلى الله من المؤمن الضعيف))

 انفاق المال بشكل صحيح ليس صعباً على الإطلاق.
المذيع:
 هل تعني أن خوف الإنسان من السؤال عن المال يفترض ألا يدفعه للفقر؟
الدكتور راتب:
 أبداً، بل يجب أن يدفعه إلى الطاعة، وإلى طلب العلم.
المذيع:
 جميل، الفهم الصحيح للمسلم يجعله لا يخاف من السؤال عن المال خوفاً من الفقر؟

 

على المؤمن ألا يخاف من طلب المال من الله تعالى :

الدكتور راتب:
 أعرف شخصاً أرسل ثلاثين ألف مسلم لكي يتعلموا في بلاد الغرب على حسابه، بهذا العمل جعلهم قادة للأمة، هناك أشخاص أسسوا عدة مستشفيات، وأشخاص حفروا في إفريقيا مليون بئر، والله هناك قصص عن محسنين فعلوا أشياء تجعلك تذوب محبة لهم.
 محسن كبير في بلد عربي جاءته امرأة افريقية عندها ابن معاق، قال له الطبيب: هذا الولد لن يعيش لأكثر من يومين أو ثلاثة أيام، طلبت هذه المرأة مساعدة من هذا المحسن ثمن حليب لطفلها، فقال له الطبيب: لن يعيش لأكثر من يومين، فتوسلت للمحسن ليعطيها شيئاً تطعمه، فأعطاها عن سنة بأكملها، كل يوم ما يعادل ثمن قارورة مياه غازية، جاء بعد اثني عشر عاماً لهذه البلدة فإذا بامرأة تلح على مقابلته، قال لها: تفضلي، فكانت هي المرأة التي ساعدها جاءت بابنها الذي أصبح عمره اثني عشر عاماً هذا الذي كان سيموت بعد يومين أو ثلاثة أيام على الأكثر، وهو حافظ لكتاب الله، فسجد هذا المحسن لله تعالى، فالإنسان أحياناً لا يقدر قيمة هذا العمل الصالح، أغلب العظماء كانوا فقراء.
 دخلت لإحدى القرى بالشام، اسمها ازرع، إلى مدرسة ابتدائية فيها أطفال صغار، قلت لهم: أكبر عالم عند المسلمين ترك ثلاثمئة مؤلَّف وهو ابن قيم الجوزية، وقد كان من ازرع وكان صغيراً بسنكم. فأنت لا تعلم هذا الطفل الذي أمامك ماذا سيكون في المستقبل؟ نحن بحاجة لقادة الآن، بحاجة لمصلحين، بحاجة لمن ينقذ الأمة.
المذيع:
 الله يفتح عليكم يا دكتور، شيخنا الكريم.
الدكتور راتب:
 قيل: الحلال تحلو به الحياة، تحلو به النفس، والحرام يحرم الإنسان من السعادة، هذا اشتقاق متعلق بالتسمية.
المذيع:
 ويقاس على المال هذا الكلام، المال الحلال تحلو به الحياة؟!!

المال الحلال تحلو به الحياة :

الدكتور راتب:
 أكيد، بالمال الحلال يشتري بيتاً ويرتبه، يتزوج زوجة صالحة، ينجب أولاداً يحبهم، يعيش حياة كلها سعادة.
المذيع:
 وبالمال الحرام؟!!
الدكتور راتب:
 المال يحقق للعاصي اللذة وليس السعادة
والعياذ بالله، الحرام يسبب الحرمان، ليس للإنسان مستقبل بالحرام، سواء أكان امرأة أم رجلاً.
المذيع:
 كثير من الناس الذين جمعوا مالهم بالحرام لا يشعرون بهذا المعنى الآن، هل يعني ذلك أنهم غافلون عن هذا المعنى؟ تجد شخصاً أصبح لديه ثروة بسبب ظلم الآخرين، بسبب تجارة غير مشروعة من الأساس، لكنه سعيد بها دكتور.
الدكتور راتب:
 هذه لذة وليست سعادة، اللذة لها علاقة بثلاثة أشياء؛ بالصحة والمال والفراغ، ولحكمة بالغةٍ تجده في بداية حياته لديه صحة لكن دون مال، لديه صحة وفراغ لكن دون مال، بمنتصف العمر لديه المال والصحة لكن ليس لديه وقت، تقاعد صار عنده مال ووقت لكن ليس لديه صحة، لحكمة بالغة، هذه الدنيا دار ابتلاء لا دار استواء، سبحان الله، فالحياة عبارة عن خط بياني صاعد، ثم يسير بشكل مستقيم، ثم يهبط، فأين البطولة؟ تفكر حينما تصبح بعد السبعين، إذا الإنسان أمضى حياته في طاعة الله له مستقبل مشرق، هناك علماء كثر عاشوا ما يقارب مائة عام، بأعلى درجة من الصحة والسعادة والمكانة، ففي هذه الحياة البطولة ليست بالبدايات بل بالنهايات.
المذيع:
 جزاك الله عنا كل خير يا دكتور، شيخنا أنت نوهت إلى معنى عظيم بأن المال خُلقت محبته مع خلق الإنسان كامتحان من الله.

تسخير المال لطاعة الله و للوصول إلى الجنة :

الدكتور راتب:
 كقوة حيادية، تسخر لطاعة الله، وللوصول إلى الجنة.
المذيع:
 وهل يؤجر الإنسان؟
الدكتور راتب:
 يرتقي به الله إلى أعلى عليين.
المذيع:
 وإذا كان الحصول على المال بالحرام فهو هنا فتح باباً لسخط الله.
الدكتور راتب:
 مشكلة كبيرة جداً، ليس فقط بالمال، الإنسان سوف يًسأل سؤالين، كيف اكتسبه؟ وفيمَ أنفقه؟
المذيع:
 شيخنا العزيز وأنت أيضاً كنت تدعو الناس إذا كان الطريق سالكاً وفق شرع الله أن يسعوا لتحصيل المال لأن خيارات القوي أكثر.
الدكتور راتب:
 لأن القوي له خيارات في العمل الصالح لا تعد ولا تحصى.
المذيع:
 هذا شيخنا يصطدم مع فكرة موجودة عند البعض بأن المسلم الزاهد هو الفقير، هو الذي يسعى إلى الفقر.
الدكتور راتب:
 الزهد أساسه حقيقة في القلب فقط، وليس في الجوارح، أي معه مال لكنه متعلق بالله عز وجل.
المذيع:
 لا يشترط الزهد أن يكون الإنسان فقيراً؟

الفقر ليس شرطاً من شروط الزهد :

الدكتور راتب:
 أبداً، المال نستخدمه في طاعة الله، المال انتقل عند المؤمن من قلبه إلى يديه.
المذيع:
 شيخنا، نحن القصص الكثيرة التي نحملها عن الزاهد في حاضرنا وفي تاريخنا عن إنسان ثوبه مرقع لا يملك قوت يومه.
الدكتور راتب:
 image
هل هذه هي صورة المؤمن؟!!
المذيع:
 هكذا سمعنا دكتور، كلام النبي:
الدكتور راتب:

((أصلحوا رحالكم، وحسنوا لباسكم، حتى تكونوا كأنكم شامة بين الناس))

[أحمد عن سهل بن الحنظلية]

 المؤمن إذا كان ثيابه مقبولة، فهو مقبول عند الناس:

((أصلحوا رحالكم، وحسنوا لباسكم، حتى تكونوا كأنكم شامة بين الناس))

[رواه أحمد عن سهل بن الحنظلية]

المذيع:
 إذاً أنا أفهم من كلامك شيخنا الكريم أن الإنسان عليه أن يسعى لتحصيل المال، وإن ابتلاه ربنا بالفقر فعليه أن يصبر.

 

الفقر ابتلاء مؤقت :

الدكتور راتب:
 ابتلاه بالفقر مؤقتاً، المؤمن يسعى، فإذا وصل إلى طريق لا يستطيع بعدها أن يحصِّل المال عندئذٍ يرضى بالفقر، هذا أصبح قدراً من الله عز وجل.
المذيع:
 نعيد الجملة لأهميتها شيخنا.
الدكتور راتب:
 يسعى جاهداً ليرفع مستواه المالي، حتى يعيش حياة مقبولة له ولأسرته، فإن لم يستطع عندئذٍ أصبح قضاء من الله عز وجل.
المذيع:
 وعليه أن يرضى به.
الدكتور راتب:
 أريد أن أقول كلمة: من غير المقبول على المؤمن أن يعزو الخطأ والكسل إلى قضاء الله.
المذيع:
 أصبحت الفكرة واضحة تماماً، أما الأصل في الشرع أن يسعى الإنسان لتحصيل المال وفق شرع الله، لا يسعَ إلى الفقر، وأن المال والزهد لا علاقة بينهما.
الدكتور راتب :
 الزهد حالة نفسية داخلية، فهو متعلق بالآخرة.
المذيع:
 هل من الممكن أن يكون الإنسان ثرياً، ويركب سيارة فارهة، ويمتلك بيتاً ممتازاً، ويكون زاهد؟

الزاهد همه الجنة والمال عنده للعمل الصالح :

الدكتور راتب:
 ممكن طبعاً، الزاهد همه الجنة، واستخدم المال قوة للعمل الصالح.
المذيع:
 وإن كان يمتلك هذه الثروات؟
الدكتور راتب:
 لا مانع، ليس هناك حد للغنى، لي رأي ثان، كلما كنت أكثر مالاً كنت أكثر قدرة على العمل الصالح، تستطيع بهذا المال أن تفتح مياتم، مستشفيات، أن تقدم المال لطلاب يريدون أن يكملوا دراسة الدكتوراه.
المذيع:
 لكن في المقابل شيخنا هناك كثير من الناس طغوا في هذه البلاد وأكثروا من الفساد بأموالهم.
الدكتور راتب:
 طبعاً هي مادة حيادية، إلا أن الناجحين بالثروات الطائلة قلائل، والناجحين بالفقر كثر.
المذيع:
 أنتقل مع فضيلتكم شيخنا إلى صورة النور في الآية 37 نقرأ بها قول الله تعالى:

﴿رِجَالٌ لَا تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلَا بَيْعٌ عَنْ ذِكْرِ﴾

[سورة النور:37]

 كيف يمكن للتجارة والبيع أن تلهينا عن ذكر الله.

 

ذكر الله مقدم على البيع و التجارة :

الدكتور راتب:
 إن أضاع المؤمن فرض صلاة من أجل التجارة، أو درس علم، أو فرضاً دينياً طبعاً هنا ألهتهم، أما من صلى وصام فهذا لم تلهه التجارة عن الذكر والعبادة.
المذيع:
 هل يجب على التاجر في السوق إن سمع أذان الظهر أن يغلق محله ويذهب للصلاة؟
الدكتور راتب:
 لا، يستطيع أن يصلي في دكانه.
المذيع:
 هل من الممكن مثلاً أن ينقسم العمال إلى مجموعتين بعضهم يذهبون للصلاة حتى لا يُغلق المحل، وبعد ربع ساعة يذهب القسم الآخر؟
الدكتور راتب:
 هكذا يفعل المؤمن، يعطيه نصف ساعة لصلاة الظهر، كل شيء له حل.
المذيع:
 لكن لا يشترط أن يغلق المحل أبوابه.
الدكتور راتب:
 كل شيء له حل، المؤمن عنده حل لكل شيء.
المذيع:
 أما إذا ألهته هذه التجارة عن صلاته، وعن جماعة المسلمين هذا هو الخلل.
الدكتور راتب:
 أنا أذكر إنساناً من إخواني المخلصين، عنده معمل ضخم جداً، أخذ قراراً بإغلاقه، ما هو السبب؟ قال لي: لم أعد أربح أبداً، قلت له: كم عاملاً لديك؟ قال لي: ستة وثمانون عاملاً، قلت له: أنت إذاً مسؤول عن ستة وثمانين بيتاً، وفي كل بيت من ثلاثة إلى أربعة أشخاص، فأنت تطعم خمسمئة إنسان كل شهر، هذا أكبر عمل صالح.
 كلما طلب الإنسان العلم أكثر، عرف قيمة العمل الصالح، لو ما ربحت أي قرش يكفي أنك تطعم خمسمئة إنسان كل شهر، ومسؤول عن خمسمئة بيت.
المذيع:
 شيخنا فكرة الرزق المرتبط بالمال، هل الرزق هو من الله للإنسان؟ أم أن الإنسان اكتسبه بيديه؟ الإنسان الذي يملك مليوناً والذي يملك ألفاً هل هذا الإنسان أعطاه الله المليون أم أنه هو بذل جهداً حتى يستحق المليون؟

الكسب هو ما فاض عن استهلاك الإنسان :

الدكتور راتب:
 هناك كلام دقيق جداً، وهناك كلام أكثر دقة، الرزق بالمعنى الدقيق: الشيء الذي انتفعت به فقط، الطعام الذي أكلته، والثياب التي ارتديتها، والمال الذي أنفقته، مأخوذ من قول النبي الكريم:

((وهَلْ لَك يا ابْن آدَمَ مِنْ مَالِكَ إلا ما أكلتَ فأفْنَيتَ، أو لَبِستَ فأبْلَيْتَ، أو تصَدَّقْتَ فأمْضَيْتَ))

[مسلم عن عبد الله بن الشخير رضي الله عنه]

 الإنسان الذي يملك سبعمئة مليار، هذا عمله، هذا كسب، لم ينتفع به إطلاقاً لكنه سوف يحاسب عليه، قرشاً قرشاً، هذا الجواب الدقيق، الذي فاض عن استهلاكك هو الكسب.
المذيع:
 مات ولم ينتفع به فهو ليس رزقاً له، هو الكسب.
 ما هو الرزق دكتور؟ ربنا قسم الأرزاق أن يكون فلان من الناس غنياً، وفلان فقيراً، أم أن فلاناً بذل جهداً؟
الدكتور راتب:
 هذا الكلام من الصعب أن نجد جواباً قاطعاً له، جزء منه جهد، وجزء منه إكرام من الله عز وجل، تجد إنساناً سعى جاهداً بكل ما يستطيع ولم يتمكن أن يحصل على أكثر من دخله المحدود، معنى ذلك أن هناك حكمة بالغة لو كشفها يوم القيامة لذاب محبة لله.
المذيع:
 في أن يبقى رزقه بهذا الحجم.
الدكتور راتب:
 لذاب محبة لله، أنا أطالب كل مستمع أن يسعى لرفع مستواه، لكن لو سعى جاهداً ولم يتمكن من زيادة دخله، معنى ذلك ما أنت فيه هي الحكمة المطلقة لك، بعد السعي طبعاً، أما قبل السعي لا يمكن القول إن الله لم يكتب لي هذا الرزق، عندنا مذمة كبيرة جداً أن نعزو أخطاءنا للقضاء والقدر، مثلاً لم ينجح الطالب، نقول: إن الله لم يكتب له أن ينجح، هذا كذب، أنت لم تدرس، هذه هي المشكلة.
المذيع:
 لو درس شيخنا هل كان لزاماً أن ينجح؟

 

قواعد وقوانين ثابتة في الحياة :

الدكتور راتب:
 لا، نحن عندنا قواعد ثابتة، هناك قوانين في الحياة.
المذيع:
 شيخنا، أحياناً نجد محلين متجاورين يبيعان نفس البضاعة، المحل الأول تبارك الله زبائنه كثيرة، والمحل الآخر لا يبيع.
الدكتور راتب:
 العطاء والمنع له سبب وبطولة الإنسان أن يبحث عن السبب
هناك سبب داخلي، عند الذي يأتيه الزبائن بكثرة، ربما عنده رغبة بخدمة الناس، أو أن بضاعته جيدة جداً، أو أن أسعاره معتدلة، أو لطيف المعاملة، وقد نجد إنساناً يبتز أموال الناس.
المذيع:
 شيخنا، ربما لم يكن يبتز أموال الناس، وكان إنساناً جيداً، ألا نقول أن فلاناً وسع الله له الرزق، وفلان ربنا قدر أن يقتر عليه؟
الدكتور راتب:
 أنا رأيي أنه لا يمكن أن يكون فعل لله بلا سبب مقنع، بما أنه إله، إذا أعطى فهناك سبب، وإذا منع فهناك سبب، فبطولة الإنسان أن يبحث عن السبب، قال تعالى:

﴿وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ﴾

[سورة الشورى:30]

 مطلقة:

﴿فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ﴾

[سورة الشورى:30]

أبداً.
 المذيع:
 ألا يمكن للإنسان أن يسير على منهج الله، ويمتحنه الله بالفقر دكتور؟

 

على المؤمن أن يأخذ بالأسباب فقط والله يتولى تحقيق هذه الأسباب :

الدكتور راتب:
 طبعاً، وعندئذٍ يكتشف قبيل مغادرة الدنيا أن هذا الذي كان كان أبدع شيء.
المذيع:
 لو أردنا شيخنا أن نضيق الجواب: هل الرزق هو عطاء من الله أم هو كسب من يد الإنسان، أم أن الإنسان يبدأ بالسعي للكسب ليصل إلى العطاء؟
الدكتور راتب:
 هو انبعاث إلى طلب الرزق ثم عطاء من الله، ليس هناك إنسان يأتيه رزقه لوحده، لا بد له أن يتحرك ويسعى.
المذيع:
 اسمح لي أن أتأكد أني فهمت على فضيلتكم، أنا كإنسان أُمرت أن أسعى لأصل إلى طلب الرزق، بكل ما أوتيت من قوة وهمة.
الدكتور راتب:
 أن آخذ بالأسباب فقط والله عز وجل يتولى تحقيق هذه الأسباب، فأنا أتمنى من الأخوة المستمعين والمشاهدين ألا يظنوا أن السبب يخلق النتيجة، إطلاقاً السبب جعله الله قبل النتيجة لتنظيم الحياة، أما النتيجة فهي من فعل الله عز وجل، فالسبب لا يخلق النتيجة، لكن الله جعله قبل النتيجة لتنظيم الحياة فقط.
المذيع:
 جميل! إذاً أنا كإنسان مأمور أن أطلب الرزق، وأن أسعى بحكمة، وذكاء، وحسن المعاملة، وتدبر التجارة إلى طلب الرزق بأوسع شكل، الله سبحانه وتعالى إن شاء أنجح سعيي فأمطرت بالزرق، وربنا سبحانه وتعالى إن شاء منع ذلك فلم يرزق ذلك الإنسان، هل هذا الفهم صحيح دكتور؟

ضيق الرزق امتحان من الله تعالى :

الدكتور راتب:
 أما كمؤمن له ثقة بالله، ما دمت سعيت جاهداً والله ما أعطاني كما أتمنى إذاً فهناك حكمة بالغة وعلى المؤمن أن يرضى بقضاء الله.
المذيع:
 ولا يشترط أن تكون عقاباً من ربنا من الممكن أن تكون امتحاناً.
الدكتور راتب:
 فرضاً الطعام يؤذي معدة إنسان، والله منعه منه، يكون هذا المنع لحكمة.
المذيع:
 أكرمكم الله للتوضيح شيخنا.
الدكتور راتب:

((إن مَن عبادي من إذا أغنيته أفسدت عليه دينه))

 الله يعلم كل شيء، وهناك عباد أُخر إن أفقرته أفسدت عليه دينه.
المذيع:
 وهذا يكون بإذن الله بتوسع محور نقاشنا، شيخنا الكريم كنا نتحدث عن فكرة أن الغنى والفقر قد تكون بعلم الله سبحانه وتعالى والذي أحاط بكل شيء سبباً للخير أو للشر للإنسان، يقول الله تعالى:

﴿وَلَوْ بَسَطَ اللَّهُ الرِّزْقَ لِعِبَادِهِ لَبَغَوْا فِي الْأَرْضِ وَلَكِنْ يُنَزِّلُ بِقَدَرٍ مَا يَشَاءُ إِنَّهُ بِعِبَادِهِ خَبِيرٌ بَصِيرٌ﴾

[ سورة الشورى:27]

 هل يعني ذلك أحياناً أن المال قد يفسد الإنسان أو يصلحه دكتور؟

 

الحكمة المطلقة متعلقة بالخير المطلق :

الدكتور راتب:
 هذا السؤال ورد ببعض الآثار القدسية:

((إن من عبادي من إذا أغنيته أفسدت عليه دينه، وإن من عبادي من إذا أفقرته أفسدت عليه دينه))

 الحكمة المطلقة متعلقة بالخير المطلق
الله رب العالمين، حكيم، عليم، رحيم، يعطي عطاء بحكمة بالغة جداً، فكل شيء وقع في الكون أراده الله في الأرض، وكل شيء أراده الله وقع، والإرادة متعلقة بالحكمة المطلقة، فالذي وقع لو لم يقع لكان الله ملوماً، والحكمة المطلقة متعلقة بالخير المطلق، في الكون لا يوجد شر مطلق، أي شر لمجرد الشر لا يوجد أبداً لأنه يتناقض مع وجود الله، هناك شر في ظاهره لكنه موظف للخير، أحياناً الشدة تنقذ الإنسان من غفلة، من انحراف، من انجراف نحو المعاصي والآثام.

 

المذيع:
 شيخنا ما المطلوب من الإنسان في ملف المال، ذكرتم قبل قليل أن الإنسان عليه أن يكتسبه من حلال وأن ينفقه في حلال، هل هناك مطالب شرعية أخرى، عليه أن يؤدي الزكاة والصدقة.
الدكتور راتب:
 طبعاً الزكاة والصدقة شيء بديهي لأنه فرض، أما هو الكسب من حلال.
المذيع:
 الزكاة هي فرض شيخنا، الصدقة ليست فرضاً على المسلم.

الزكاة هي حق الفقير أما العمل الصالح فهو سبب رقيك عند الله :

الدكتور راتب:
 الصدقة فيها قرب إلى الله، الصدقة كبيرة جداً، وفيها دليل دقيق جداً، في الحق مال سوى الزكاة، أنت فتحت مؤسسة، أنشأت معهداً شرعياً، أنشأت مستشفى، في الحق مال سوى الزكاة، الزكاة الضريبة، الحد الأدنى إنفاقها إلزامي، لا تستطيع أن تتلاعب بإنفاق الزكاة، هذه حق الفقير، أما العمل الصالح به ترقى عند الله.
المذيع:
 درهم تنفقه في حياتك خير من 100 ألف درهم تنفق بعد موتك
شيخنا لو أن إنساناً أدى حق الله بالزكاة، واكتسب ماله من حلال، وأنفق ما أنفق من حلال، وادخر واكتنز باقي المال، هل يلام؟
الدكتور راتب:
 لا، لا يلام، لكن أنت حينما تكتنز هذا المال لا تدري ماذا سيكون بعدك، قد يأتي ابن منحرف ينفقه بمعصية الله، فأنا أتمنى أن تنفق. أنا أذكر تماماً، وحينها كنت في الشام، كان لدي في البيت عشرون أو ثلاثون وصية، لم تنفذ ولا واحدة، أنصح الأخوة المستمعين إن أردت شيئاً في الآخرة أنفقه في حياتك، وفي الأعم الأغلب لم ينفق بعد مماتك، هذا واقع مؤلم.
 أنا أذكر إنساناً ترك أربعة أبنية، وكل بناء أربعة طوابق، وكل طابق أربع شقق، وصى عند عالم بخمسة وعشرين ألفاً فقط! لم تدفع، قال أهله بعد مماته: نحن أولى بها.
 أهم شيء ادفع بحياتك، وأنت حي ترزق، درهم تنفقه في حياتك خير من مائة ألف درهم تنفق بعد مماتك، والأغلب أنه لا ينفق.
المذيع:
 هل الإنسان الذي وسع عليه رزقه، وكثر ماله، علامة محبة وتفضيل من الله له؟

 

المال ليس علامة تفضيل من الله للمؤمن :

الدكتور راتب:
 الله أعطى المال لمن لا يحب ولمن يحب، أعطاه لقارون وهو لا يحبه، أعطاه لسيدنا عثمان بن عفان، جهز بهذا المال عدة جيوش، مما أبكى النبي اللهم صل عليه، قال: " ما ضر عثمان ما فعله بعد اليوم ".
المذيع:
 صلى الله عليه وسلم، إذا كان الغني المؤمن يستطيع أن يتقرب إلى الله بالصدقة وخدمة المسلمين، ماذا يفعل الفقير الذي لا يملك المال؟
الدكتور راتب:
 له أعمال صالحة أخرى، الله يحب كل عباده.
المذيع:
 هل يؤجر بالنية؟
الدكتور راتب:
 طبعاً، قيل: نية المؤمن خير من عمله، ونية الكافر شر من عمله.
المذيع:
 سبحان الله! أي أن هذا الفقير لو نوى في قلبه أن يتصدق إن أمكنه الله مبلغاً من المال يؤجَر.
الدكتور راتب:
 وكأنه أنفقه والله.
المذيع:
 شيخنا الكريم أيضاً في قضية المال اليوم كثير من الناس يخاف مع كثرة مستلزمات الحياة، والأوضاع الاقتصادية الصعبة، يخشى الإنسان كثيراً على ماله فيحاول بعض الناس أن يجد مخرجاً من الالتزامات الشرعية، الزكاة يجب أن تكون في مصارفها فيعطيها مثلاً لأولاده ويبحث عن حيلة شرعية إن جازت التسمية، ما رأي فضيلتكم في هذا؟

الحلال بيّن والحرام بيّن :

الدكتور راتب:
 هذا مرفوض سيدي، مثلاً سامحني، يضع زكاته برغيف خبز، يقدمها لفقير يفرح برغيف الخبز، ثم تطلب منه أن يبيعك إياه بعشرة ليرات، يكون فيها مائة ألف، هل تنطلي هذه الحيلة على الله عز وجل؟ هذا الذي يحتال على الله أحمق، كتلة غباء، تضع الزكاة برغيف خبز، تقدمه لفقير على أنه رغيف خبز، تشتريه منه بعشرة ليرات سورية، كم هي زكاة مالك؟ الذي يحتال على الله كتلة غباء
شيء مضحك، الذي يحتال على الله كتلة غباء.
المذيع:
 شيخنا، هنالك مال حلاله صريح، وهنالك مال حرامه صريح، لكن هنالك شبهات كثيرة تدخل في هذا المال، هذا التاجر أو الإنسان المسلم ماذا عليه أن يفعل مع هذه الشبهات دكتور؟
الدكتور راتب:
 معي الجواب النبوي:

((الحلال بيِّن))

[البخاري عن النعمان بن بشير]

 سواء قمت ببيع صابون أو ببيع أقمشة.

((والحرام بيِّن))

[البخاري عن النعمان بن بشير]

((وبينهما أمور مشتبهات، فمن اتقى الشبهات، استبرأ لدينه وعِرْضهِ))

[البخاري عن النعمان بن بشير]

المذيع:
 لا أحد يشتري مني بعد اليوم إذا تركت الشبهات، هكذا يقول من إيمانه ضعيف.

 

سوء الظن بالله من علامات ضعف الإيمان :

الدكتور راتب:
 ضعيف الإيمان، قال تعالى:

﴿إِنَّ اللَّهَ هُوَ الرَّزَّاقُ ذُو الْقُوَّةِ الْمَتِينُ﴾

[سورة الذاريات: 58]

 لأنه أطاع الله لن يرزقه الله؟!! أكبر سوء ظن بالله، إن استقمت وخفت من الله، وخفت أن تؤذي عباده، وخفت أن تغشهم، وما أخذت أموالهم بالباطل أنت تبقى فقير؟!! هذه أسوأ فكرة يمكن أن يتصورها بعض الناس.
المذيع:
 إن هذا سوء ظن بالله.
الدكتور راتب:
 طبعاً.

﴿إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ يَهْدِيهِمْ رَبُّهُمْ بِإِيمَانِهِمْ﴾

[سورة يونس: 9]

المذيع:
 ونعم بالله.
الدكتور راتب:
 الملخص: مستحيل وألف مستحيل أن تعصيه وتربح، مستحيل وألف مستحيل أن تطيعه وتخسر.
المذيع:
 ونعم بالله، ننتقل شيخنا إلى مشاركات مستمعينا منذر تفضل:

 

إنفاق المال في عمل صالح يعادل إنفاق الوقت :

المستمع:
 السلام عليكم، أريد التحدث مع فضيلة الدكتور، بارك الله فيك يا دكتور محمد راتب النابلسي، كيف الحال؟
الدكتور راتب:
 أهلاً وسهلاً ومرحباً.
المستمع:
 بارك الله بك ونفعنا بعلمك يا رب، دكتور سؤالي هو إذا كان إنسان دخله قليل وفقير الحال، وقدم عملاً صالحاً كتنظيف مسجد، أو كفالة يتيم، حسب استطاعته مثلاً مع جمع المال هل هذا يعتبر من إنفاق المال؟ وبارك الله بك دكتور.
الدكتور راتب:
 أنفق وقته، والوقت أهم من المال، الوقت هو سبب كسب المال، والنية الطيبة.
المذيع:
 بارك فيك، شكراً لك منذر، ولمشاركتك معنا.
الدكتور راتب:
 سأجيبه إجابة دقيقة: الطرائق إلى الخالق بعدد أنفاس الخلائق، يوجد الكثير من الأعمال الصالحة من دون مال، نصيحة إنسان، البر بالوالدين، الاعتناء بأخواتك البنات وتفقد أحوالهم.
المذيع:
 شيخنا، دقائق متبقية ماذا تنصح مستمعينا الكرام لمن يجد صعوبة في رزقه، وعنده مستلزمات كثيرة، ودخله قليل؟
الدكتور راتب:
 أولاً نحن دائماً عندنا وهم وعند عامة الناس أيضاً أننا نعتبر الثانويات والكماليات والمرفهات أشياء أساسية، هنا يظهر مفهوم الفقر، أما كمأوى وطعام وشراب ولباس، لا مشكلة إطلاقاً، الأساسيات للجميع متوفرة، لكن خلافنا على الكماليات.
المذيع:
 من يريد أن يوسع رزقه ماذا يفعل، ماذا تنصحه فضيلتك؟

نصائح لتوسيع الرزق :

الدكتور راتب:
 أنا أنصح الأخوة المستمعين، هذا الوقت هو أنت، إذا أنفقته كله بكسب المال هذا عمل في منتهى الغباء، جسمك له حق، الزوجة لها حق، ابنك له حق، أعط كل ذي حقٍ حقه، لكن إياك أن تلغي حاجات الزوجة والأولاد، مثلاً ما جلست مع زوجتك من عدة شهور، تذهب لعملك وتعود وأولادك نائمون، هل هذا ممكن؟ من لهم غيرك؟ الآخرون أنت لهم وغيرك لهم، أما أبناؤك فمن لهم غيرك؟
المذيع:
 أكرمكم الله يا دكتور وجزاكم كل خير، نختم هذه الحلقة بالدعاء ونسأل الله القبول.

الدعاء :

الدكتور راتب:
 اللهم أصلح لنا ديننا الذي هو عصمة أمرنا، وأصلح لنا دنيانا التي فيها معاشنا، وأصلح لنا آخرتنا التي إليها مردنا، واجعل الحياة زيادة لنا في كل خير، واجعل الموت راحةً لنا من كل شر، مولانا رب العالمين، اللهم اكفنا بحلالك عن حرامك، وبطاعتك عن معصيتك، وبفضلك عمن سواك، اللهم لا تؤمنا مكرك، ولا تهتك عنا سترك، ولا تنسينا ذكرك، أعطنا ولا تحرمنا، أكرمنا ولا تهنا، آثرنا ولا تؤثر علينا، أرضنا وارضَ عنا، اجعل هذا البلد الأردن آمناً مطمئناً وسائر بلاد المسلمين، واحقن دماء المسلمين في كل مكان.

 

خاتمة و توديع :

المذيع:
 الحمد لله رب العالمين، بارك الله بكم فضيلة العلّامة الأستاذ الدكتور محمد راتب النابلسي متحدثاً على الهواء، شيخنا كانت حلقتنا عن: "المال زينة" وذكر فضيلة الشيخ أن الإنسان عليه أن يسعى لجلب المال، وأن يكون غنياً، خيارات المؤمن بالمال تكون أقوى إن كان الطريق سالكاً بشرع الله، وإن لم يكن فلا يبحث عن الغنى بالطريق الحرام، وأن المال هو الشيء الوحيد الذي يُسأل عنه الإنسان من أين اكتسبه وفيما أنفقه، وعلى الإنسان أن يجعل المال وسيلة تقوده إلى الله لا إلى معصية الله.
 بارك بكم شيخنا الكريم، ونور الله قلبكم بالإيمان.
 سبحانك اللهم وبحمدك، نشهد أن لا إله إلا أنت، نستغفرك ونتوب إليك.
 والسلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته

الاستماع للدرس

00:00/00:00

تحميل النص

اللغات المتوافرة

إخفاء الصور