وضع داكن
26-04-2024
Logo
جامع التقوى - سيرة الصحابة الكرام : الحلقة 03 - الصحابي سعيد بن عامر الجمَحي.
رابط إضافي لمشاهدة الفيديو اضغط هنا
×
   
 
 
 بسـم اللـه الرحمـن الرحيـم  
 

الصلاة عماد الدين :

 لا زلنا أيها الأخوة في سير الصحابة الكرام، سعيد بن عامر الجمحي، موضوع هذا اللقاء الطيب.
ذهب سعيد إلى التنعيم، ليشهد مصرع خبيب الجمحي، فقال هذا الشهيد الذي قتل لأنه آمن بمحمد عليه الصلاة و السلام، قال: إن شئتم أن تتركوني أن أركع ركعتين قبل مصرعي فافعلوا، سيواجه الموت بعد دقائق، هو مع الله، هل تسمحون لي أن أركع ركعتين؟ ركع ركعتين، لكنه قال بعد أن انتهى: والله لولا أن تظنوا أني أطلت الصلاة جزعاً من الموت لاستكثرت من الصلاة. ، خاف أن يطيل الصلاة حتى يؤخر قتله، قال: لا.
 أيها الأخوة؛ الحج يسقط عن غير المستطيع، أو المريض، والزكاة تسقط عن الفقير، والصيام يسقط عن المريض و المسافر، خمسة أركان، إلا الصلاة لا تسقط بحال، في أين مكان، في أي زمان، في أي ظرف، و أصعب ظرف لك أن تصلي بالإيماء، تقرأ الفاتحة سراً، الركوع هكذا، السجود هكذا، في أي ظرف، تحت التعذيب لا سمح الله، لو صليت لقتلت، لك أن تصلي بالإيماء، الفرض الوحيد الذي لا يسقط بحال هو الصلاة، لأن الصلاة عماد الدين، من أقامها فقد أقام الدين، و من هدمها فقد هدم الدين.

الإنسان فقير في أصل تركيبه :

 أخواننا الكرام؛ الإنسان فقير في أصل تركيبه، والدليل:

﴿ وَخُلِقَ الْإِنْسَانُ ضَعِيفاً ﴾

[ سورة النساء: 28]

و الإنسان جاهل في أصل تركيبه، و الإنسان جبان، ما الذي يحصل؟ هذا المخلوق الفقير إن اتصل بالغني يغتني بغنى الله، عند المؤمن عزة و كرامة تفوق حدّ الخيال، هذا الفقير الضعيف إن اتصل بالله يسعد، يقول لك المؤمن: ليس على وجه الأرض من هو أسعد مني، و يكون وضعه المادي سيئاً جداً، يسكن بغرفة واحدة، جنة، والذي يسكن بأفخر بناء بالأرض قد يكون في جحيم، إذا الله أسعد إنساناً يسعده بأصعب ظرف.
 سيدنا إبراهيم وهو في النار كان مع الله، سيدنا يونس و هو في بطن الحوت كان مع الله.

﴿ فَنَادَى فِي الظُّلُمَاتِ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ * فَاسْتَجَبْنَا لَهُ وَنَجَّيْنَاهُ مِنَ الْغَمِّ ﴾

[ سورة الأنبياء: 87ـ 88]

 دقق الآن، هذه قصة قلبت إلى قانون:

﴿ وَكَذَلِكَ نُنْجِي الْمُؤْمِنِينَ ﴾

[ سورة الأنبياء: 88]

 أخواننا الحاضرون وأنا معكم، هل هناك مصيبة أكبر من أن تجد نفسك فجأة في فم حوت؟ وزن الحوت مئة و خمسون طناً، الحوت عبارة عن خمسين طناً من اللحم، وخمسين طناً من العظم، وخمسين طناً من الدهن، و تسعين برميل زيت، يقف في فم الحوت عشرون شخصاً، هل يوجد أمل؟ أعطاه الله أصعب حالة.

﴿ فَنَادَى فِي الظُّلُمَاتِ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ * فَاسْتَجَبْنَا لَهُ وَنَجَّيْنَاهُ مِنَ الْغَمِّ وَكَذَلِكَ نُنْجِي الْمُؤْمِنِينَ ﴾

[ سورة الأنبياء: 87 ـ 88]

الدعاء مخ العبادة :

 أكبر عبادة عند الله الدعاء، الدعاء هو العبادة، الدعاء مخ العبادة، عندك مشكلة صحية، والله عندي حوالي خمسين أو ستين قصة، شفاء تام من مرض عضال، لا يوجد أمل إطلاقاً، شفاء تام من مرض عضال.
لي صديق حميم جراح قلب أول، كان بفرنسا، درس بفرنسا، جاء مريض من سوريا معه أزمة قلبية، فكان رأي أستاذه أنه لا بد من عمل جراحي سريع، قال له: لكن أريد أن أودع أولادي، قال له: معك أسبوعين فقط، جاء إلى الشام، عند يقف عند قصاب، وجد أن هذا القصاب كلما ألقى في البرميل عظمة جاءت امرأة أخذتها وضعتها في كيس، لفتت نظره، قال لها: أختي ما قصتك؟ قالت له: عندي ثمانية أيتام، وأبوهم مات، ما ترك لنا شيئاً إطلاقاً، آخذ العظمة وأسلقها لأطعمهم، فهو تألم، خاطب القصاب قال له: أعطها كل أسبوعين كيليين من اللحم لسنة، وهذا ثمنهم، الذي روى لي القصة طبيب جراح من أخواني، الآن من كبار أطباء القلب بسوريا، رجع لفرنسا ليعمل جراحة قلب، عملوا له قسطرة لا يوجد شيء بقلبه، هذا الطبيب المسلم فهم أن هذا الشيء من الله، هذا اسمه شفاء ذاتي، الفرنسي لم يكن يفهم هذا، يضع CD القسطرة الأولى يرى ثغرات وانسداد بالشرايين، يضع القسطرة الثانية لا يجد شيئاً.
أنا مؤمن بالشفاء التام، والله يوجد عندي خمسون أو ستون قصة شفاء تام.

﴿ وَإِذَا مَرِضْتُ فَهُوَ يَشْفِينِ ﴾

[ سورة الشعراء: 80]

 الغرب لا يؤمن بهذا إطلاقاً، أما كمؤمن فقط.
 شخص مقعد، شلل رباعي، طلب من أولاده عمرة، طلب بإلحاح منقطع النظير، أخذوه إلى العمرة، كرسي رباعي، وضعوه بالحرم النبوي قال لهم: تعالوا خذوني بعد العشاء، جاؤوا لم يجدوه، اختل توازنهم، ناجى ربه يا رب اشفني، الله قوي، وقف، القصة ليست قضية رواية، الله قادر على الشفاء التام.

﴿ وَإِذَا مَرِضْتُ فَهُوَ يَشْفِينِ ﴾

[ سورة الشعراء: 80]

 عندي أكثر من أربعين أو خمسين قصة بالعمر الدعوي من هذا النوع، شفاء تام.
 اتفقنا أن الصلاة وحدها لا تعطل، ولو بالرموش، ولو بالإشارة، الصلاة عماد الدين فمن أقامها فقد أقام الدين، ومن تركها فقد هدم الدين.
 العبد الفقير، الضعيف، الحادث لم يكن قديماً، الله قديم، الطارئ، الفاني إذا اتصل بالذات الإلهية صار غنياً، غنياً بقلبه، غنياً بما عند الله.
 هذا الطفل الذي والده ملك، لا يوجد معه ليرة واحدة، لكن لأن والده هو الملك فهو غني بأبيه، وقوي بأبيه، هذا المؤمن.

 

الله تعالى أصل الجمال و الكمال و النوال :

 الآن الإله من هو؟ أصل الجمال، والكمال، والنوال، كل ما في الأرض من أشياء جميلة، انظر إلى الورود، والأزهار، عندي لوحة فيها خمسمئة نبتة زهر، كل زهرة أروع من الثانية، من أعطاها الجمال؟ انظر إلى وجه الطفل الصغير، هناك جمال يفوق حدّ الخيال، انظر إلى البحر، إلى الجبل الأخضر، يوجد بالأرض مناظر جميلة تفوق حدّ الخيال، والحكمة من ذلك الله وعدنا بالجنة، والوعد بالجنة بكلام في القرآن، لكن الكلمة ما لم يكن لها مرتكز مادي ليس لها معنى.
لو فرضنا شخصاً ولد في السجن، ولم ير البحر بحياته، قلنا له: البحر ثلاثة حروف، باء، حاء، راء، ثلاثة مقاطع صوتية، هذا البحر، ليس له معنى إطلاقاً عند هذا الشخص، لو رأى البحر، لو ركب البحر، لو كاد يغرق بالبحر، لو سبح بالبحر، كلمة بحر تصبح عنده ذات معنى.
 فالله عز وجل خلق أماكن جميلة، والله يوجد أماكن بأوروبا قطعة من الجنة، جبال خضراء، أنهار رقراقة، عصفور يغرد، حيوانات جميلة، الطاووس من الحيوانات الجميلة جداً، هناك مواقف جميلة جداً، جبال جميلة جداً، بحار جميلة جداً، هذا الجمال في الأرض ما حكمته؟ ليكون هذا الجمال مرتكزاً في ذهن المؤمن عن الجنة، الله قال:

﴿ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ ﴾

[ سورة البقرة: 25]

 فأنت موعود بالجنة.

(( فيها ما لا عين رأتْ ))

[متفق عليه عن أبي هريرة]

 أنت كم بلد زرت؟ عشرة، خمسة عشر، لكن لم تذهب لكوالالمبور، لا تعرفها.

(( ما لا عين رأتْ، ولا أذن سمعتْ ))

[متفق عليه عن أبي هريرة]

 سمعت عنها.

(( ولا خَطَر على قلبِ بَشَرْ ))

[متفق عليه عن أبي هريرة]

(( أعددْتُ لعبادي الصالحين فيها ما لا عين رأتْ، ولا أذن سمعتْ، ولا خطَر على قلبِ بَشَرْ ))

[متفق عليه عن أبي هريرة]

 هل هذه قليلة؟ نحن موعودون بالجنة يا جماعة، ألا نتحمل القليل من الصعوبات؟ ألا نصلي؟ ألا نغض بصرنا؟ ألا نضبط الشاشة المفتوحة بلا ضوابط؟

 

الحكمة أكبر عطاء إلهي على الإطلاق :

 والله يمكن لا تصدقون، بالعالم الغربي المتفلت الغير متدين الشاشات كلها مضبوطة، يوجد أنواع من القنوات تحتاج إلى رقم سري مع الأب فقط، يذهب الأب والأم إلى سهرة والشاشة مفتوحة؟
أقسم بالله شخص حدث عالم بالشام توفي رحمه الله، سهروا سهرة طويلة رجعوا وجد ابنه فوق ابنته، واضحة، لماذا الشاشة غير مضبوطة؟! أين تجلس أنت؟ الشيء الذي يراه الشاب بعد عشرين سنة رآه الآن، ماذا يصيبه؟
 لذلك الغرب ليس له إلا سلاح واحد ضدنا، أربعمئة وخمسون محطة فضائية إباحية وجهت للجزائر، لأنهم يجاهدون، ما الذي يجهدهم؟ التفلت.
 أذكر تماماً كنت بالجزائر، أربعمئة وخمسون محطة فرنسية فضائية إباحية موجهة للجزائر، الغرب معه هذا السلاح، سلاح الإفساد، سلاح الإضلال، سلاح الإفقار، انظر إلى الغرب شئت أم أبيت، أحببت أم كرهت، عنده خطة، أول شيء إفقار المسلمين، و إفسادهم، و إضلالهم، آخر واحدة غير معلنة؛ ثم إبادتهم، تجد أُبيد مئات الألوف و لا كلمة، و لا حرف، و لا استنكار، و لا شجب، ولا سحب سفير، قاتل مليون.
 لذلك في الشرع الذي يقدر أن يحقن الدماء و لا يحقنها فهو شريك القاتل، الذي يقدر بهاتف أحياناً، صدقوا و لا أبالغ، ما جرى في بعض البلاد من قتل للمليون بهاتف يقف القتل و ليس بجيش، و لا بطيران، أبداً، بهاتف، و لم يفعلوا، معنى هذا أنهم شركاء مع القاتل، يوجد مسؤولية كبيرة لا أحد منتبه لها.

﴿ فَوَرَبِّكَ لَنَسْأَلَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ * عَمَّا كَانُوا يَعْمَلُونَ ﴾

[ سورة الحجر:92ـ93]

﴿ أَيَحْسَبُ الْإِنْسَانُ أَنْ يُتْرَكَ سُدًى ﴾

[ سورة القيامة:36]

 أنا اجتهادي المتواضع ما رأيت أغبى من الطغاة، طاغية في إفريقيا، يملك مئتين و ثلاثين ملياراً، أكبر ثروة يملكها إنسان، بيل غيتس يملك تسعين ملياراً، طبعاً عليه مشكلة ببلده، لو خرج قبل شهر لخرج بأرقى حفل وداع، يشتري في كل بلدة بأوروبا قصراً، و طائرة خاصة، ويختاً، ينفق كل يوم مليون دولار، لا تنتهي ثروته، انظر إلى الحكمة؟

﴿ وَمَنْ يُؤْتَ الْحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْراً كَثِيراً ﴾

[ سورة البقرة:296]

 يمكن أكاد أقول: أكبر عطاء إلهي على الإطلاق الحكمة، أنت بالحكمة تجعل العدو صديقاً، بالحكمة تجعل الفقير غنياً، بالحكمة تجعل أي زواج ناجح، بلا حكمة تجعل الصديق عدواً، والغني فقيراً، وأي زواج غير ناجح.

 

أساس العبادة أن تشتق من الله الكمال :

 أخواننا الكرام؛ إذاً العبادة أساسها أن تشتق من الله الكمال، أنت أقبلت عليه، أقبلت على الغني تغتني بغناه، أقبلت على الحكيم تصبح حكيماً بالإقبال عليه، أقبلت على الشجاع، أقبلت على الإله القدرة المطلقة، تستمد منه القدرة، إذاً الصلاة عماد الدين، أما الصلاة العادية الخاصة بالمسلمين فلم يفهم شيئاً.
قال لي أحدهم: والله يوجد عندي ثلاثة صناديق تجاريات، و هناك فرق كبير بين الصناديق سبحان الله أنا أصلي بأول ركعة اكتشفت الغلط، وفي الركعة الثانية كشفت الخطأ الثاني، و في الركعة الثالثة كشفت الخطأ الثالث، حلّ مشاكله بالصلاة، بفرق الصناديق.
 هذه الصلاة:

(( ولن تُغْلَبَ أُمَتي مِنْ اثنا عَشَرَ ألف مِنْ قِلَّةٍ ))

[أبو داود والترمذي عن عبد الله بن عباس ]

 فإذا كنا مليارين، وخمس عواصم عربية محتلة، وليست كلمتنا هي العليا، وليس أمرنا بيدنا، وللطرف الآخر علينا ألف سبيل وسبيل! إذا منعك من قطع الغيار، التغى أسطولك الجوي كله، منعك من قطع غيار الدبابات التغى سلاحك كله، يمسكنا من أدق مكان من جسمنا، لأننا ضعفاء، ضعف الإيمان هذا ضعف الإيمان، هناك مظاهر أننا نحن دولة مستقلة لكن عملياً ليست مستقلة، خاضعة للغرب.
 بلد إسلامي أخذ موقفاً أسقطوا له عملته فوراً، صارت للربع، فأنت مملوك من كل النواحي، هذا من البعد عن الله عز وجل، إذا كنت مع الله كان الله معك.

 

معية الله أعظم شيء بالإسلام :

 لذلك أعظم شيء بالإسلام معية الله، الله قال:

﴿ وَهُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ مَا كُنْتُمْ َ﴾

[ سورة الحديد: 4]

 هذه معية علم فقط، الله مع الكافر، مع العاصي، مع الملحد، مع الظالم، معية علم فقطـ، أما الله إذا قال:

﴿ وَأَنَّ اللَّهَ مَعَ الْمُؤْمِنِينَ َ﴾

[ سورة الأنفال: 19]

 يا الله! إذا جاءت المعية خاصة.

﴿ مَعَكُمْ َ﴾

[ سورة الحديد: 4]

 المعية عامة، معية علم فقط، الذي يقتل الناس مثلاً ببلاد معينة ألم يره الله؟ يراه.

﴿ وَهُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ مَا كُنْتُمْ َ﴾

[ سورة الحديد: 4]

 معكم بعلمه، أما المعية الخاصة:

﴿ وَأَنَّ اللَّهَ مَعَ الْمُؤْمِنِينَ َ﴾

[ سورة الأنفال: 19]

 معهم بالنصر، بالتأييد، بالحكمة، بالعلو، يعلون في الأرض لهم مكانة كبيرة.

 

الحب أصل حياة المؤمن :

 أخواننا الكرام؛ علقوا سيدنا خبيب على الصليب لصلبه، فجاء أحدهم و قال له كلمة، قال له: أتحب أن يكون محمداً مكانك و أنت ناجٍ معافى؟ يقول والدماء تنزف منه: والله ما أحب أن أكون آمناً في بلدي، وادعاً في أهلي وولدي، وعندي عافية الدنيا و نعيمها، و يصاب رسول الله بشوكة، هذا الحب، ما أحب أن أكون في أهلي و ولدي، و عندي عافية الدنيا- لا يوجد أمراض، و لا فقر، و لا قهر، و لا سجن- و نعيمها- أموال طائلة، قصور على بيوت على سيارات - و يصاب رسول الله بشوكة.
فقال أحدهم- أحد الكفار-: ما رأيت أحداً يحب أحداً كحب أصحاب محمدٍ محمداً.
 صدق و لا أبالغ، علاقتك بالمؤمنين علاقة حب، حب عميق، أنا سافرت إلى معظم بلاد العالم قريباً، أقسم لكم بالله: كلما التقيت برئيس الجالية الفلانية، أشعر وكأني أعرفه من خمسين عاماً، لأنه يوجد توافق، توافق، بعلم النفس هناك موضوع قراءة الهوية، مؤمن مؤمن، متواضع متواضع، حريص على طاعة الله حريص على طاعة الله، بار بالوالدين بار بالوالدين، خذ مؤمنين من أطراف الدنيا مثل بعضهم، الاتصال بالله أعطاهم صفات مشتركة.
 ما رأيت أحداً يحب أحداً كحب أصحاب محمدٍ محمداً.
 هذا الحب أصل بحياتنا.
 ثم توجه ببصره إلى السماء وقال: اللهم أحصهم عدداً، و اقتلهم بدداً، و لا تغادر منهم أحداً، ثم لفظ أنفاسه الأخيرة.
 هذا الرجل البطل تعلم أن الحياة الحق ليست استمتاعاً و ترفاً، و لكنها عقيدة و جهاد.

العاقل من يعدّ للساعة عدتها :

 مرة كنت بعمان، دخلت لبيت بأفقر منطقة بعمان، عبارة عن غرفتين، لا يوجد مقاعد للجلوس، جلسنا على بساط ممدود على الأرض، بساط بسيط وصغير، والله بنفس اليوم عندي تعزية بأرقى أحياء عمان، الثريات كلها من أغلى أنواع الثريات، السجاد كله إيراني، البلاط استيراد، أنا أتبع كسوة البيت، شيء يفوق حدّ الخيال، أين صاحب البيت؟ بالقبر، كنت أقول بنفسي أثناء التعزية: من اشترى الثريات؟ المرحوم، من اشترى السجاد؟ المرحوم، من اشترى البيت؟ المرحوم، من زين البيت؟ المرحوم، أين المرحوم الآن؟ صدقوا و لا أبالغ ما رأيت أزكى و لا أعقل ممن يعمل لهذه الساعة.

(( عبدي رجعوا وتركوك، وفي التراب دفنوك، ولو بقوا معك ما نفعوك، ولم يبقَ لك إلا أنا وأنا الحي الذي لا يموت ))

العمل الصالح علة وجود الإنسان :

 سيدنا خبيب قام في ملأ من الناس، أعلن براءته من آثار قريش، و دخل في دين الله أعلن الإسلام، دخل على سيدنا عمر، قال له: يا عمر أوصيك أن تخشى الله في الناس -يخاطب خليفة- ولا تخشى الناس في الله، وألا يخالف قولك فعلك، فإن خير القوي ما صدقه العمل، وأحب للناس ما تحب لنفسك وأهل بيتك، و اكره لهم ما تكره لنفسك و أهل بيتك، و لا تخاف في الله لومة لائم.
 أذكر بالمفارقات كنت مرة ببلد عربي، سهرنا سهرة، أحد الحاضرين حدثني بقصة جرت معه، التقى برئيس بلده بالحرم النبوي، أمام قبر النبي الكريم، قال له: اتقِ الله، قال لي: بقيت خمس عشرة سنة بالسجن، قال لي: والله ما قلت غيرها، اتقِ الله في شعبك، أقسم بالله: خمسة عشر عاماً في السجن، قالها أمام قبر النبي، من حول الشخص قبضوا عليه وساقوه، قال لي: من دون حذاء، إلى الطيارة، إلى بلدي، وقعدت خمس عشرة سنة في السجن.
وفد على سيدنا عمر وفد من أهل حمص، قال: اكتبوا لي أسماء فقرائكم، كتبوا، و فيهم مع الفقراء سعيد بن عامر، والي حمص، سيدنا عمر فوجئ، قال: هذا! قالوا: فقير لا يوجد عنده شيء، طبعاً قلت لكم: مئتان و ثلاثون ملياراً في بلد، وبلد يوجد به تسعون ملياراً، و آخر يوجد به سبعون ملياراً، ثلاثة بلاد في آسيا و إفريقيا و أمريكا، خلفوا ثلاثة مبالغ، مئتان و ثلاثون ملياراً بإفريقيا، و تسعون ملياراً بأمريكا، و سبعون بآسيا.
 يقول سيدنا عمر: لي عند كل خائن أمينان الماء و الطين.
 يريد أن يعمر، يريد أن يعمر بيوتاً فخمة.
 و سمي المال الحلال حلالاً لأنه تحلو به النفس، و المال الحرام حراماً يحرمها من السعادة.
 أخواننا الكرام؛ الغني من مال حرام لا يملك المستقبل، اشترى إنساناً مليارديراً من مال حرام فندقاً بباريس، هذا الفندق عبارة عن ثمانين طابقاً، دائماً ممتلئ، في اليوم الثاني يوجد مشكلة بالعقار، جاءته جلطة و مات.
 شخص آخر هو ثاني أكبر غني بلبنان، أنشأ قصراً بجونية بأعلى الجبل، أجمل مكان بالعالم، و رتب قبراً، أيضاً القبر أحلى من القصر، مات غرقاً بحادث، دفع أهله عشرة آلاف فقط لالتقاط الجثة ولم يجدوها.
 الله كبير، العمل الصالح علة وجودك، الأدلة:

﴿ وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ ﴾

[ سورة الذاريات: 56]

 علة وجودك العبادة، و أهم شيء العبادة بعد العقيدة، والاستقامة، والعمل الصالح، لأن حجمك عند الله بحجم عملك الصالح، و سمّي العمل صالحاً لأنه يصلح للعرض على الله، و متى يصلح؟ إذا كان خالصاً و صواباً، خالصاً ما ابتغي به وجه الله، و صواباً ما وافق السنة.

 

الاستماع للدرس

00:00/00:00

تحميل النص

اللغات المتوافرة

إخفاء الصور