وضع داكن
28-03-2024
Logo
برنامج منهج التائبين - الحلقة : 28 - أسباب هلاك الأمم2 - الكفر بنعم الله تعالى.
رابط إضافي لمشاهدة الفيديو اضغط هنا
×
   
 
 
 بسـم اللـه الرحمـن الرحيـم  
 

مقدمة :

الدكتور بلال:
  بسم الله:

﴿ الرَّحْمَنُ * عَلَّمَ الْقُرْآنَ * خَلَقَ الْإِنْسَانَ *عَلَّمَهُ الْبَيَانَ ﴾

[ سورة الرحمن: 1-3]

 والصلاة والسلام على نبينا العدنان، وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان.
 أخوتي، أخواتي؛ أينما كنتم بتحية الإسلام نحييكم، وتحية الإسلام السلام، فالسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
 نحن معاً في مستهل حلقة جديدة من برنامجنا "منهج التائبين" نبحر في هذا المنهج مع فضيلة شيخنا الدكتور محمد راتب النابلسي، السلام عليكم سيدي.
الدكتور راتب :
 عليكم السلام ورحمة الله وبركاته، ونفع الله بكم.
الدكتور بلال:
 سيدي أكرمكم الله، تحدثنا في اللقاء السابق عن أسباب هلاك الأمم، وتحدثنا عن التكذيب، وانتشار المعاصي والذنوب، وعن الترف، فهذه من أسباب هلاك الأمم.
 ثم ننتقل اليوم إلى سبب من أسباب الهلاك وهو الكفر بالنعم، الكفر بنعم الله تعالى سبب من أسباب هلاك الأمم.
 وأبدأ بآية، لأن أولها أيضاً يفيدنا في قضية التوبة، لأصل إلى آخرها في قضية الكفر بالنعم، قال تعالى:

﴿ لَأَقْعُدَنَّ لَهُمْ صِرَاطَكَ الْمُسْتَقِيمَ * ثُمَّ لَآتِيَنَّهُمْ مِنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ وَمِنْ خَلْفِهِمْ وَعَنْ أَيْمَانِهِمْ وَعَنْ شَمَائِلِهِمْ وَلَا تَجِدُ أَكْثَرَهُمْ شَاكِرِينَ ﴾

[ سورة الأعراف:17]

 نبدأ بالآية من بدايتها.

تعلق الإرادة الإلهية بالحكمة المطلقة :

الدكتور راتب :
 بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين.
 أولاً: لابد من حقيقة دقيقة أن كل شيء وقع في القارات الخمس من آدم إلى يوم القيامة أراده الله، معنى أراده لا تعني أنه أمر به، ولا تعني أنه رضيه، ولكن سمح به، فالشيطان يقوم بدور، هذا الدور تحفيزي، بالنهاية الشيطان يلقي وسوسة، يلقي شبهة، المؤمن بفطرته يغار، يتألم، يلجأ للعلماء ليعطونه الجواب القوي فيقوى إيمانه، فالشيطان دون أن يشعر ساهم بقوة الإيمان، يسمونه في علم الحديث دوراً تحفيزياً، لأن كل شيء وقع بالكون أراده الله، سمح به، كل شيء أراده الله وقع، والإرادة الإلهية متعلقة بالحكمة المطلقة، فالذي وقع لو لم يقع لكان الله ملوماً، والذي وقع لو لم يقع لكان نقصاً في حكمة الله، والإرادة المطلقة متعلقة بالخير المطلق، بالكون لا يوجد شر مطلق لأن هذا يتناقض مع وجود الله، يوجد شر موظف للخير، أما الشر المطلق فالشر للشر يتناقض مع وجود الله عز وجل.
 لذلك الشيطان له دور تحفيزي، لكن الإنسان معه سلاح فتاك، لمجرد أن يستعيذ بالله احترق الشيطان.
الدكتور بلال:

﴿ لَأَقْعُدَنَّ لَهُمْ صِرَاطَكَ الْمُسْتَقِيمَ * ثُمَّ لَآتِيَنَّهُمْ ﴾

[ سورة الأعراف:17]

حاجة كل إنسان إلى حاضنة إيمانية :

الدكتور راتب :
 لو كان الإنسان منحرفاً لا يوجد عنده وساوس، لأنه حقق هدف الشيطان، ماله حرام، سهرات مختلطة، يوجد ربا، ومعاص، وآثام، شخصية وجماعية، لا يوجد عنده مشكلة، حقق هدف الشيطان، عندما يتوب الإنسان:

﴿ لَأَقْعُدَنَّ لَهُمْ صِرَاطَكَ الْمُسْتَقِيمَ * ثُمَّ لَآتِيَنَّهُمْ مِنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ ﴾

[ سورة الأعراف:17]

 أي المستقبل لغير المسلمين، الإسلام انتهى، أعداء الإسلام كثر، وأقوياء، انتهينا.

﴿ مِنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ ﴾

[ سورة الأعراف:17]

 يسود له المستقبل، مالتوس مثلاً قال: يوجد مجاعة عامة، كلها أشياء مدبرة ذكية جداً، الغرب ذكي، وقوي، ويمكر.

﴿ وَقَدْ مَكَرُوا مَكْرَهُمْ وَعِنْدَ اللَّهِ مَكْرُهُمْ وَإِنْ كَانَ مَكْرُهُمْ لِتَزُولَ مِنْهُ الْجِبَالُ ﴾

[ سورة إبراهيم: 46 ]

 فالإنسان عندما يستقم يأتي الوساوس، لمجرد أن يعتز بالله يستعيذ به انتهى الشيطان، لكن المؤمن يحتاج إلى صحبة، إلى حاضنة إيمانية، إلى جماعة مؤمنة، دائماً وأبداً الإنسان قوي بأخيه الإنسان.

(( والجماعة رحمة والفرقة عذاب ))

[الطبراني والبزار وعبد الله بن أحمد عن النعمان بن بشير]

 هذه اسمها حاضنة إيمانية، أثرها في القرآن:

﴿ وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ وَلَا تَعْدُ عَيْنَاكَ عَنْهُمْ تُرِيدُ زِينَةَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا﴾

[ سورة الكهف: 28]

 الشيء الثاني:

﴿ اتَّقُوا اللَّهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ ﴾

[ سورة التوبة: 119]

 الشيء الثالث للأخوة المستمعين والمشاهدين: جلست مع أناس استطاعوا أن يشدوك إلى إهمال الصلوات، دعهم فوراً، جلست مع أناس استطعت أن تجرهم إلى طريق الحق، ابقَ معهم، هذه لعبة شد الحبل ميزان دقيق جداً.

﴿ مِنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ ﴾

[ سورة الأعراف:17]

 المستقبل، المستقبل لهذا الدين، هذه الأمة لن تموت، أحياناً تنام، لكن:

((الخير فيَّ وفي أمتي إلى يوم القيامة))

[ البيهقي عن جابر]

((أمتي كالمطر لا يُدرى أوله خير أم آخره))

[صحيح عن أنس]

الدكتور بلال:
 هذه:

﴿ مِنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ ﴾

[ سورة الأعراف:17]

﴿ وَمِنْ خَلْفِهِمْ ﴾

[ سورة الأعراف:17]

 كيف يأتي الشيطان من خلفنا؟

الطعن بالدين الإسلامي و اتهامه بالتخلف و السوداوية :

الدكتور راتب :
 أي أن الماضي الإسلامي تخلف، الماضي الإسلامي سوداوي، الماضي الإسلامي بعد عن الحضارة، إما أن نخاف من المستقبل.
الدكتور بلال:
 أو نخشى من ماضينا.
الدكتور راتب :
 الآن صار طعن بالأصول، تجرؤ على الطعن بالأصول، بكتب الأصول الدقيقة جداً، بالسنة النبوية، ووصل الطعن للقرآن الكريم، طبعاً كلما سكت المسلمون يطمع الآخر بمزيد من الفساد.

﴿ مِنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ ﴾

[ سورة الأعراف:17]

 المستقبل.

﴿ وَمِنْ خَلْفِهِمْ ﴾

[ سورة الأعراف:17]

الدكتور بلال:
 وهل تحمل أيضاً:

﴿ وَمِنْ خَلْفِهِمْ ﴾

[ سورة الأعراف:17]

 العادات، والتقاليد، إنا وجدنا آباءنا على أمة.
الدكتور راتب :
 أي العادات والتقاليد الغير إسلامية نتمسك بها، ما ربينا على هذا الشي، هذا الشيء ما ألفناه، الآباء الذين كانوا بعيدين عن الدين هم قدوة لك أم منهج الله فهو منهج خالق السماوات والأرض؟
الدكتور بلال:

﴿ وَعَنْ أَيْمَانِهِمْ ﴾

[ سورة الأعراف:17]

حاجة الإسلام إلى تبسيط و عقلنة و تطبيق :

الدكتور راتب :
 التشدد بغير محله، شخص فرنسي أسلم على يد شيخ، في بلد عربي، أبقاه في أحكام المياه ستة أشهر، حتى خرج من جلده، التقى بإمام حكيم وعالم، قال له: الماء الذي تشربه توضأ منه، انتهت المشكلة، ألغى له ستة أشهر.
 أنا أقول: الآن الإسلام بحاجة إلى تبسيط، عقلنة، تطبيق، لا تعمل حرباً بين العقل والنص، الذي خلق العقل هو الله، والذي خلق الأكوان هو الله، لا يعقل، ما دام الله هو الخالق للعقل والدين لن يكون هناك تناقض، دائماً النقل يقابل العقل، إذا لم يطابق العقل يكون هناك مشكلة بالنقل، النقل ضعيف، حديث موضوع، أو تأويل آية غير صحيح، أو العقل وصولي تبريري، تأتي دولة عظمى تحتل دولة، تقول: جئنا من أجل الحرية، لا، كذب، جئتم من أجل البترول، يوجد عقل تبريري يتناقض مع النقل الصحيح، ونقل غير صحيح يتناقض مع العقل الصريح، والحق دائرة، تتقاطع فيه أربعة خطوط، خط النقل الصحيح، مع العقل الصريح، مع الفطرة السليمة، مع الواقع الموضوعي، هذا هو الحق، الحق هو الله.
الدكتور بلال:
 إذاً:

﴿ وَعَنْ أَيْمَانِهِمْ ﴾

[ سورة الأعراف:17]

 التشدد، واللغو، وأحياناً الوسوسة سيدي في صلاته.

الاستعاذة بالله من الشيطان الرجيم حلّ للوسوسة :

الدكتور راتب :
 الله عز وجل أعطانا حلاً لهذه الوسوسة.

﴿ وَإِمَّا يَنْزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطَانِ نَزْغٌ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ ﴾

[ سورة الأعراف:200]

الدكتور بلال:
 يأتيه داخل العبادة أحياناً، في الصلاة يأتيه الشيطان، في وضوئه.

﴿ وَعَنْ شَمَائِلِهِمْ ﴾

[ سورة الأعراف:17]

 هي المعاصي والذنوب.
الدكتور راتب :
 والآثام، الشهوات تزين له، أن هذا التقيد بالدين تخلف، تجمد، تزمت، هذا العهد الماضي مضى، عهد الصحراء مضى، عهد الجمل مضى، الآن يوجد مركبة فارهة.
الدكتور بلال:
 هي ست جهات ذكر أربع وأغفل اثنتين.

الجهة السفلى هي الافتقار إلى الله و الجهة العليا هي الله :

الدكتور راتب :
 الأدنى الانكسار إلى الله، التذلل، الافتقار، الصحابة الكرام قمم المجتمع، في بدر تذللوا فانتصروا، هم هم، وفيهم سيد البشر، في حنين اعتدوا بعدتهم فلم ينتصروا، فالجهة السفلى هي الافتقار إلى الله عز وجل.
الدكتور بلال:
 لا يأتي منها الشيطان وأنت بين أيديهم.
الدكتور راتب :
 والعليا هي الله، لا أحد يستطيع أن يصل إلى هذه الجهة، الله عز وجل يحميها.
الدكتور بلال:
 إذا كنت مع الله لا يدخل الشيطان.
الدكتور راتب :
 إذا كنت مع الله كان الله معك، وإذا كان الله معك فمن عليك؟
الدكتور بلال:
 الآن سيدي ختام الآية وهو الذي شرعنا في الموضوع من أجله أن الكفر بنعم الله سبب من أسباب هلاك الأمم، قال:

﴿ وَلَا تَجِدُ أَكْثَرَهُمْ شَاكِرِينَ ﴾

[ سورة الأعراف:17]

 وفي آية أخرى:

﴿ وَقَلِيلٌ مِنْ عِبَادِيَ الشَّكُورُ ﴾

[ سورة سبأ:13]

 فترك الشكر.

أنواع الشكر :

الدكتور راتب :
 والله أنا أفهم الشكر- إن شاء الله أكون على صواب- حالة نفسية باطنية، امتنان من الله، يا ربي نعمة الإيجاد، أوجدتني من عدم، نعمة الإمداد، أمددتني بأم وأب، هما من يرعاني، علمتني، جمعتني مع أهل الحق، أعنتني على طاعتك، تزوجت امرأة صالحة.
الدكتور بلال:
 هذا الشكر من الداخل.
الدكتور راتب :
 الآن الشكر باللسان، يا ربي لك الحمد، نعمة الإيمان، نعمة الزوجة الصالحة، نعمة الأولاد الأبرار، عندي عمل يغطي نفقاتي، لا يوجد أمراض خبيثة، لا يوجد خثرة بالدماغ، لا يوجد شلل، لا يوجد ظلم لا أقوى على رده مثلاً، هذه نعمة شكر اللسان.
الدكتور بلال:
 شكر القلب، ثم اللسان.
الدكتور راتب :
 أعظم أنواع الشكر:

﴿ اعْمَلُوا آلَ دَاوُودَ شُكْراً ﴾

[ سورة سبأ:13]

 أن تخدم عباد الله، أن ترعاهم، تتفقد أحوالهم، أن تطعم جائعهم، أن تكسو عريانهم، أن تدل ضالهم، أن تؤمن خائفهم، الحقيقة الدقيقة:

((فإنما تُرزقُونَ وتُنصرون بضعفائكم ))

[أبو داود، والترمذي، والنسائي عن أبي الدرداء رضي الله عنه]

 هذا الضعيف، إن أطعمته إن كان جائعاً، كسوته إن كان عارياً، أمنته إن كان خائفاً، علمته إن كان جاهلاً، آويته إن كان مشرداً، علمته إن كان ضالاً، الله عز وجل يتفضل على هذا الإنسان المؤمن بجزاءٍ من جنس عمله، ينصره على من هو أقوى منه، فالأصل:

((فإنما تُرزقُونَ وتُنصرون بضعفائكم ))

[أبو داود، والترمذي، والنسائي عن أبي الدرداء رضي الله عنه]

الدكتور بلال:
 إذاً شكر العمل أن أكافئ النعمة بشكر من جنسها.
الدكتور راتب :
 بخدمة البشر.
الدكتور بلال:
 وهبني عيناً سأنظر بها الى ما أحلّ الله.
الدكتور راتب :
 أخطر شيء أن نستخدم - لا سمح الله ولا قدر- نعم الله في معصية الله، بالعين ينظر إلى ما حرم عليه، باللسان يكذب، باليد يبطش، بالأذن يسمع ما حرم سماعه.

خاتمة و توديع :

الدكتور بلال:
 نعم، جزاكم الله خيراً سيدي، إذاً خلصنا أن الشكر يديم النعم، والتائب من أخلاقه الشكر، والكفر بنعم الله سبب من أسباب هلاك الأمم، نسأل الله أن يجعلنا من القليل الشاكر.
 جزاكم الله خيراً سيدي، وأحسن إليكم.
 أخوتي، أخواتي؛ طاب اللقاء بحضوركم، وباستماعكم، وبمتابعتكم، أسأل الله تعالى أن نلتقيكم دائماً وأنتم في أحسن حال مع الله، ومع خلقه، إلى الملتقى أستودعكم الله الذي لا تضيع ودائعه.
 والسلام عليكم ورحمه الله وبركاته

الاستماع للدرس

00:00/00:00

تحميل النص

إخفاء الصور