وضع داكن
29-03-2024
Logo
برنامج بيت المسلم – الحلقة : 27 - حقوق الأبناء - اختيار الاسم - اختيار الأم - الإطعام.
   
 
 
 بسـم اللـه الرحمـن الرحيـم  
 

مقدمة :

الدكتور بلال:
  بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا الأمين، وعلى آله وأصحابه أجمعين.
 أخوتي الأكارم، أخواتي الكريمات؛ أينما كنتم أسعد الله أوقاتكم بكل خير في حلقة جديدة من برنامجنا: "بيت المسلم" في برنامج بيت المسلم على الحكاية نبحر في هذا البيت مع فضيلة شيخنا الدكتور محمد راتب النابلسي، رحبوا به معي، السلام عليكم ورحمة الله.
الدكتور راتب :
 عليكم السلام ورحمته الله وبركاته، ونفع الله بكم.
الدكتور بلال:
 ونفع بكم سيدي.
 أصبحنا سيدي في برنامج بيت المسلم على الحكاية.
الدكتور راتب :
 على الإعراب أو الحكاية.
الدكتور بلال :
 على الإعراب أو الحكاية، جزاكم الله خيراً.
 سيدي نتحدث اليوم عن قضية الحقوق، وقد تحدثنا في اللقاء السابق عن حقوق الأب على ابنه، وهو البر بشكل رئيس الطاعة، وفصلتم، وأجدتم، اليوم حقوق الأبناء على الآباء.
 قبل أن أدخل إليها فاتتني قضية في اللقاء السابق أحب أن أشير إليها؛ قد يتابعنا الآن من الأخوة من نشأ يتيماً وهو في أعلى المراتب، لم يتلقَ تربيةً، لكن له رب، ليس له أب لكن له رب، فماذا تقول له؟

اليتيم إنسان فقد رعاية الأم و الأب :

الدكتور راتب :
 أنا لا أجد إكراماً للأيتام، لأن الله سبحانه وتعالى أكرمهم بالغ الإكرام حينما جعل الرسول الأول، وسيد الخلق، وحبيب الحق، وسيد ولد آدم جعله يتيماً، هذا اليتم وسام شرف للإنسان.
 وأنا أرى بتوسيع هذا المعنى كلاماً دقيقاً جداً: ليس كل إنسان فقد أباه يتيماً، بل كل إنسان فقد رعاية الأب والأم هو اليتيم، إن اليتيم من يجد أماً تخلت، أو أباً مشغولاً.
 أنا أكاد أقول: الإنسان حينما يغيب عن طاعة الله بشهواته، وغرائزه، ومصالحه، وتجارته، يقول لك بكل بساطة: أنا أغادر البيت قبل أن يستيقظ أولادي، وأعود بعد أن يناموا، أنت لست أباً، ما لم تقتطع وقتاً من وقتك الثمين لتربية أولادك، لتعريفهم بالله، بواجباتهم، بفرائض الله عليهم، بالصدق والأمانة، لست أباً أساساً، هذا الذي يغادر قبل أن يستيقظ أولاده ويأتي بعد نومهم ليس أباً أصلاً، لابد من تنظيم الوقت، لابد من أن تعطي كل ذي حق حقه، ابنك له عليك حق، أعطِ لكل ذي حق حقه، والزوجة لها عليك حق، والأم والأب لهما عليك حق، والجار له عليك حق، وأخوتك في الدين لهم عليك حق، أعطِ لكل ذي حق حقه، هذا ليس شيئاً مستحيلاً، ما من أمر إلهي إلا ضمن وسع الإنسان، وأي توهم من قبل إنسان ما أن هذا الشيء فوق طاقته تشك بهذه الآية، لا يليق بكمال الله، ولا بحكمته، ولا برحمته، ولا بعدله أن تكلف ما لا تطيق.
الدكتور بلال:

﴿ لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْساً إِلَّا وُسْعَهَا َ﴾

[ سورة البقرة: 286]

الدكتور راتب :
 الذي يقول: لا أطيق، اعلم يقيناً أيها السائل أن هذا الذي يتوهم أنه لا يطيق هو لأنه لا يريد أن يفعل هذا، أي شيء يدعى أنه فوق طاقته هو فوق رغبته.
الدكتور بلال:
 هو لا يريد أن يفعله.
 إذاً سيدي، اليتيم قد ينشأ أفضل نشأة.
الدكتور راتب :
 نعم والله، اليتيم من يجد أماً تخلت، أو أباً مشغولاً، يكون له عم أحياناً، والله يوجد أعمام عاملوا أولاد أخيهم كأنهم أولادهم.
 أنا أذكر أخاً كريماً كان عندي في الشام، إذا ذكرت زوجة أبيه يبكي فوراً، من محبته لها.
 القصة ليس قصة انتماء فقط، معاملة.
الدكتور بلال:
 سيدي، أنتقل إلى حقوق الأبناء على الآباء.
 رحم الله والداً أعان ولده على بره.

إعانة الأب ابنه على بره :

الدكتور راتب :
 أي:

((أنت ومالك لأبيك))

[متفق عليه عن عبد الله بن عمرو بن العاص]

 هذا الكلام لا يعني أنه لك أن تأخذ كل مال ابنك، أبداً، هذا الكلام لبيان حق الأب على الابن فقط.
 لو فرضنا شخصاً نظر إليه جاره من ثقب الباب، ليس عليه أن يفقع عينيه، مستحيل، لكن يعاقب أشد العقاب، فقط لبيان عظم حق الجار.
 يوجد نصوص في الدين لا تعني التنفيذ التفصيلي، بل تعني عظم الحق، لعظم حق الأب على ابنه قال:

((أنت ومالك لأبيك))

[متفق عليه عن عبد الله بن عمرو بن العاص]

 فلو أن ابنك بحاجة إلى عمل، إلى زواج، إلى تأسيس بيت، إلى تربية أولاد، يجب أن ترحمه، والنص الدقيق جداً:

((ارحَمُوا مَن في الأرض يرحمْكم من في السماءِ))

[الترمذي وأَبو داود عن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما]

الدكتور بلال:
 تأخذ حاجتك فقط، إن كنت محتاجاً تأخذ حاجتك.
الدكتور راتب :
 الحاجة المعقولة، عندنا حاجات، ومكملات، وترفيهيات، المطلوب الحاجة فقط ليس المكملات، أو بعض المكملات.
الدكتور بلال:
 إذاً سيدي من بر الآباء- هناك بر الآباء للأبناء- أن يعينه على بره.
الدكتور راتب :
 رحم الله والداً أعان ولده على بره، أي ما كلفه فوق ما يطيق، ما أخذ ماله كله.
الدكتور بلال:
 سيدي، نبدأ بالحقوق، الحق الأول قالوا: أن يحسن اختيار أمه، هذا قبل أن يتزوج.

حقوق الأبناء على الآباء :

1 ـ أن يحسن اختيار أمه :

الدكتور راتب :
 يا الله! لا أعتقد أن هناك ديناً بالأرض يعطي الإنسان حقاً قبل أن يتزوج، إن أحسنت اختيار أمه أحسنت إليه، أم صالحة، مؤمنة.

((تزوجوا الودود الولود))

[أبو داود والنسائي عن معقل بن يسار رضي الله عنه ]

(( أول من يمسك بحلق الجنة أنا - هكذا قال النبي - فإذا امرأة تنازعني، تريد أن تدخل الجنة قبلي، قلت: من هذه يا جبريل؟ قال: هي امرأة ربت أولادها))

 دائماً عندنا عبادة هي عبادة الهوية، من أنت؟ أنت قوي؟ أول عبادة لك عند الله إحقاق الحق، أنت غني؟ أول عبادة لك عند الله إنفاق مالك، أنت قوي؟ إحقاق الحق، عالم؟ إلقاء العلم، هذه عبادة الهوية، امرأة؟ رعاية الزوج والأولاد.
 اعلمِي أيتها المرأة، وأعملِي من دونك من النساء أن حسن تبعل المرأة زوجها يعدل الجهاد في سبيل الله.

((الجهاد ذروة سنام الإسلام))

[الطبراني عن أبي أمامة الباهلي ]

الدكتور بلال:
 نعم سيدي، أن يحسن اختيار أمه أولاً.
 ثانياً: أن يحسن اسمه.
      

2 ـ أن يحسن اسمه :

الدكتور راتب :
 يوجد أسماء لطيفة جداً، هناك أسماء غضنفر مثلاً، عدوان، أحسن اختيار اسمه، وأنا أرى بالأنظمة الحديثة لك أن تبدل اسم ابنك.
الدكتور بلال:
 النبي صلى الله عليه وسلم كان يبدل الأسماء.
الدكتور راتب :
 إذا كان هناك خطأ بالتسمية تصحح.
الدكتور بلال:
 والنبي صلى الله عليه وسلم عندما قال: ما اسمك؟ قال: حزن، قال: بل أنت سهل، قال: لا أغير اسماً سمانيه أبي، قال: فما زالت فينا الحزونة بعد.
 فالاسم له نصيب من الإنسان.
الدكتور راتب :
 الحقيقة الاسم هو شيء لصيق بالإنسان، لكن أكثر شيء يؤلمني أن أرى إنساناً اسمه سعيد وهو شقي، اسمه عبد المطيع وهو يعصي الله.
الدكتور بلال:
 هذه مشكلة.
 أن يحسن اختيار اسمه، ثم أن يعلم القرآن والسنة، أن يعلمه المنهج.

3 ـ أن يعلمه منهج الله :

الدكتور راتب :

((ما تَمسَّكْتُمْ بهما كتابَ الله وسنّة رسولِهِ لنْ تَضِلُّوا أبدا))

[مالك في الموطأعن بلاغ مالك]

 كتاب الله، وسنة رسوله، الكتاب وحي السماء، والسنة شرح هذا الوحي من المعصوم، وحي السماء، والسنة ما صح من السنة، شرح هذا الوحي من المعصوم، سماهم العلماء الوحيين؛ الكتاب والسنة.
الدكتور بلال:
 وحي متلو، ووحي غير متلو، على لسان رسول الله صلى الله عليه وسلم.
 أيضاً أن يؤدبه من آداب الإسلام، من حقوق الابن على أبيه أن يؤدبه، أين مكانة الأدب في الإسلام؟

4 ـ أن يؤدبه :

الدكتور راتب :
 هو يأتي بعد الفرائض، أدبني ربي فأحسن تأديبي.
 أحياناً الإنسان يتحدث عن رحلاته الرائعة إلى بلاد الغرب في جلسة يوجد بها أربعون أو خمسون شخصاً، أربعة أخماسهم دخلهم محدود، هذا الكلام ليس له معنى إطلاقاً، ليس من الأدب إطلاقاً، دائماً وأبداً عش مع الناس، عش همومهم، عش مشاعرهم، عش حاجاتهم، عش آلامهم، هذا الذي يعيش آلام الناس هو منهم، يؤثر فيهم، هذا يسمونه الآن الأدب العربي: في برج عاجي، ما لم تكن مع الناس في همومهم، في متاعبهم، لا في سقطاتهم، معهم في همومهم، في متاعبهم، في مطالبهم، في مطامحهم، أما إذا كنت معهم في سقطاتهم فلن تستطيع أن تقول كلمة وتقبل منك.
الدكتور بلال:
 أيضاً سيدي، من حق الابن على أبيه أن يطعمه الطعام الحلال.

5 ـ أن يطعمه الطعام الحلال :

الدكتور راتب :
 لِم سمي الحلال حلالاً؟ والله أعلم - اجتهاد مني- تحلو به النفس، لِم سمي الحرام حراماً؟ يحرم النفس من السعادة، مال مغتصب، مال ربوي، المال الحلال فيه بركة، مال قليل تؤدي به الأهداف الكثيرة، يقول لك: فلان مبارك، خيره كثير، أنت بمال قليل تسلم وتسعد.
 هناك أغنياء كبار يوجد شركة حجمها المالي سبعمئة مليار، قال صاحبها عند الموت: هذا الرقم لا يعنيني شيئاً، وهناك شخص آخر يملك ثلاثة و تسعين ملياراً، قال نفس الكلام.
 يوجد مهندس كبير، صمم جسر اسطنبول الأول، أثناء افتتاح الجسر مشى مع رئيس الجمهورية ثم ألقى بنفسه بالبوسفور، ذهبوا إلى غرفته في الشيراتون، وجدوا ورقة قد كتب عليها: ذقت كل شيء في الحياة لم أجد له طعماً أردت أن أذوق طعم الموت.
 هذا المؤمن البسيط دخله محدود، وبيته صغير، له صلة بالله، له أمل بالجنة، أمل بعطاء الله، أسعد إنسان بالأرض، لذلك هناك فرق بين السعادة واللذة، اللذة حسية تحتاج إلى مال، وإلى وقت، وإلى صحة، ولحكمة بالغةٍ بالغةٍ بالغة دائماً ينقصنا أحد هذه الثلاثة، في البدايات يوجد صحة و وقت لكن لا يوجد مال، وفي الوسط يوجد صحة ومال لكن لا يوجد وقت، في النهاية يوجد مال ووقت لكن لا يوجد صحة، أما السعادة فشيء آخر، لمجرد أن تنعقد لك صلة بالله أنت أسعد الناس، وإن لم تقل: ليس على وجه الأرض من هو أسعد مني إلا أن يكون أتقى مني هناك مشكلة كبيرة في علاقتك مع الله.
الدكتور بلال:
 سعادة الإيمان، سعادة الصلة بالله.
 سيدي، إذاً الأب من واجبه أن يعلم ابنه الحلال، ألا يدخل إليه قرشاً من حرام.
الدكتور راتب :
 لكن إذا أطعم ابنه الحلال بارك الله له بهذا الطعام، الأسرة سعيدة جداً، وهناك توافق أسري، ووئام أسري، وسعادة أسرية، ورضا.
الدكتور بلال:
 هذا هو الطعام الطيب.
الدكتور راتب :
 أما الحرام يا لطيف فله آثار خبيثة جداً.
الدكتور بلال:
 هذا هو الطعام الطيب ولو كان خشناً.

﴿ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّبَاتُ﴾

[ سورة المائدة: 5]

الدكتور راتب :
 الطعام الطيب لو كان ناعماً جداً من مال حرام يغدو خشناً.
الدكتور بلال:
 وخبيثاً، يشتريه بمال حلال، ويكون الطعام حلالاً.
 أيضاً سيدي من حق الأبناء على الآباء قضية أريد أن أعرضها، تفضيل الذكور على الإناث، أو العكس الذي يحصل، غالباً تفضيل الذكور على الإناث في مجتمعاتنا للأسف.

6 ـ عدم تفضيل الذكور على الإناث :

الدكتور راتب :
 هذه جاهلية.

((أول من يمسك بحلق الجنة أنا، قال: فإذا امرأة تنازعني، تريد أن تدخل الجنة قبلي، قلت: من هذه يا جبريل؟ قال: هي امرأة ربت أولادها))

 المرأة مساوية للرجل تماماً في التكليف، والتشريف، والمسؤولية، مكلفة كما هو مكلف، مشرفة كما هو مشرف، مسؤولة كما هو مسؤول، ولكن إذا قال الله عز وجل:

﴿ وَلَيْسَ الذَّكَرُ كَالْأُنْثَى َ﴾

[ سورة آل عمران: 36]

 هنا يوجد بحث آخر، خصائص الرجل الفكرية، والجسمية، والنفسية، والاجتماعية كمال مطلق للمهمة التي أنيطت به، وخصائص المرأة الجسمية، والفكرية، والنفسية، والاجتماعية كمال مطلق للمهمة التي أنيطت بها، هذا كلام دقيق وحاسم.
 لذلك المرأة والرجل لا يتماثلان، يتكاملان.

خاتمة و توديع :

الدكتور بلال:
 جزاكم الله خيراً سيدي، وأحسن الله إليكم.
 أخوتي، أخواتي؛ في نهاية هذا اللقاء الذي شرفنا به بصحبة شيخنا الفاضل، وسعدنا بصحبتكم، نسأل الله تعالى أن نلتقيكم دائماً على خير، وأنتم في أحسن حال.
 إلى الملتقى أستودعكم الله الذي لا تضيع ودائعه.
 والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته

الاستماع للدرس

00:00/00:00

إخفاء الصور