وضع داكن
29-03-2024
Logo
برنامج منهج التائبين - الحلقة : 26 - سلوك التائب في المجتمع.
رابط إضافي لمشاهدة الفيديو اضغط هنا
×
   
 
 
 بسـم اللـه الرحمـن الرحيـم  
 

مقدمة :

الدكتور بلال:
  بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد صاحب الخلق العظيم، وعلى آله وأصحابه أجمعين.
 أخوتي، أخواتي؛ أينما كنتم أسعد الله أوقاتكم بالخير واليمن والبركات والطاعات، نحن معاً في حلقة جديدة من برنامجنا "منهج التائبين" نبحر في هذا المنهج، ونتلمس مفرداته من فضيلة شيخنا الدكتور محمد راتب النابلسي، السلام عليكم سيدي.
الدكتور راتب :
 عليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
الدكتور بلال:
 سيدي اليوم نتحدث عن سلوك التائب في المجتمع، قلتم في حلقة سابقة إن أقرب شيء إلى الإنسان زوجته وحرفته، لذلك سأبدأ بسلوك التائب فيما يتعلق باختيار الزوجة، والله تعالى يقول:

﴿ وَالطَّيِّبُونَ لِلطَّيِّبَاتِ ﴾

[ سورة النور:26]

 فهذا التائب كيف يختار زوجته وفق هذه الطرق؟

الحرص على أن يكون الطيبون للطيبات أو الطيبات للطيبين :

الدكتور راتب :
 هذه الآية قد تفهم فهماً ما أراده الله، نحن اللغة فيها خبر وإنشاء، كل كلام يحتمل الكذب والصدق يقال له خبر، والإنشاء الأمر، افعل كذا، لا يقال لهذا الأمر كذب، آمرك أن تفعل كذا.
الدكتور بلال:
 ما مثال الخبر سيدي؟
الدكتور راتب :
 الخبر؛ فلان سافر، قد يكون غير مسافر، هذا خبر، أي كلام يصح أن يوصف بالكذب أو الصدق فهو خبر، وبالمناسبة:

﴿ وَتَمَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ صِدْقاً وَعَدْلاً ﴾

[ سورة الأنعام:115]

 الكتاب الكريم من دفته إلى دفته لا يزيد عن أمر وعن خبر، الأمر عادل والخبر صادق، هذه واحدة.
 أو يا عبادي بيني وبينكم كلمتان، تنتظمان العلاقة بين العباد وربهم، منكم الصدق ومني العدل، أي تتفاوتون عندي بالصدق أي بالحرص على طاعة الله، وأنا أعدل بينكم.
 الخبر والإنشاء، الآية تفهم أن الطيبين للطيبات، الواقع عكس ذلك أحياناً، تكون امرأة طيبة جداً زوجها سيئ جداً، هناك خطأ بالزواج، ما كان هناك تحر دقيق، أو بحث عن حقائق دقيقة، فهذه الآية لا تعني أنها خبر، هي إنشاء، أي احرصوا أيها المؤمنون أن تزوجوا الطيبين بالطيبات، أو الطيبات بالطيبين، آية تعني الإنشاء لا الخبر.
 فالإنسان عندما يأتي خاطب، دخله وسط، لكن دينه كبير، قد يؤثرون عليه إنساناً آخر ماله كثير، ارتكبوا خطأ كبير، لأن هذا الزواج قضية مستمرة، فمادام صالحاً فالمال يأتي، أما إذا هو سيئ فالمال ليس له قيمة، سوءه يلغي قيمة المال.

﴿ وَالطَّيِّبُونَ لِلطَّيِّبَاتِ ﴾

[ سورة النور:26]

 أي احرصوا، احرص أيها الأب أن تزوج ابنتك لإنسان مؤمن، إن أحبها أكرمها، لا سمح الله ولا قدر إن لم يحبها لم يظلمها، واحرصي أيتها الفتاة أن تقبلي زوجاً مؤمناً، يوجد حدود.

(( الإِيمانُ قَيَّدَ الفَتْكَ لا يَفْتِكُ مؤمِن ))

[أبو داود عن أبي هريرة ]

 إذا شخص غير مقيد بالإيمان قد يؤذيها أذى كبير، هذا معنى:

﴿ وَالطَّيِّبُونَ لِلطَّيِّبَاتِ ﴾

[ سورة النور:26]

 أي احرصوا حرصاً لا حدود له على أن يكون الطيبون للطيبات، أو الطيبات للطيبين.
الدكتور بلال:
 إذاً هذا أمر تكليفي، وليس أمراً تكوينياً، أي ينبغي أن يكون ذلك، جزاكم الله خيراً.

العنوسة أكبر مشكلة يعاني منها المجتمع :

الدكتور راتب :
 الآن يوجد مشكلة أحب أن أنوه عليها: تكاد أكبر مشكلة يعاني منها المجتمع العنوسة، والعنوسة لها سبب آخر هو البطالة، فكل إنسان يعمل، يقيم مشروعاً، يحتاج لعمال، ساهم بتخفيف البطالة، وكل إنسان يثمر ماله ببنك ربوي هذا المال تجمع بأيدٍ قليلة، وحرم منه الكثرة الكثيرة.
 لذلك المعصية ذات الأبعاد البعيدة والواسعة كبيرة جداً.
الدكتور بلال:
 سيدي توجيهكم من خلال الحديث الشريف:

((إذا أتاكم من ترضون خلقه ودينه فأنكحوه إلا تفعلوا تكن فتنة في الأرض وفساد عريض))

[الحاكم عن أبي هريرة]

الدكتور راتب :
 يوجد شهوات عميقة جداً في الإنسان، منها شهوة الطرف الآخر، هذه إذا منعتها تسلك مسالك لا ترضي الله، أي إما النكاح أو السفاح، وحينما نعقد موضوع الزواج يحل محله السفاح، وإذا عملت دراسة عميقة جداً التشدد في رفع المهور، وطلب بيت واسع، ودخل كبير، هذا يضيق دائرة الزواج، وهناك دائرة أخرى تتسع هي السفاح.
 كأن هناك حكمة إلهية أي معصية لها مضاعفات خطيرة جداً في حياتنا.
الدكتور بلال:
 سيدي أيضاً النبي صلى الله عليه وسلم يقول:

((تُنكح المرأة لأربع ))

 ثم قال:

((فاظْفَر بذات الدين تَرِبَتْ يداك))

[متفق عليه عن أبي هريرة رضي الله عنه]

الظفر بذات الدين :

الدكتور راتب :
 تربت يداك إن لم تفعل، أي حصلت التراب فقط.
الدكتور بلال:
 إذاً عندما يبحث عن زوجة يبحث عن دينها أولاً.
الدكتور راتب :
 دينها أولاً، عن دينها، أيضاً مسموح له أن يكون هناك شيء من الجمال، أما الجمال المطلق على حساب الدين فهنا المشكلة.

((تزوجوا الودود الولود))

[أبو داود والنسائي عن معقل بن يسار رضي الله عنه ]

الدكتور بلال:
 سيدي أيضاً من سلوك التائب في المجتمع، تحدثنا عن اختيار الزوجة لأنها ألصق شيء بالإنسان كما تقولون.
 أيضاً من سلوك التائب في المجتمع أنه مفترض أن يدعو إلى الله بحاله بعد توبته ما تعليقكم على ذلك؟

حاجة الإنسان إلى قال و حال :

الدكتور راتب :
 الحقيقة أن الناس يتأثرون بالكلام، أقوى من الكلام الحال، الإنسان المؤمن له حال راق.

((لو بقيتم على الحال التي أنتم عليها عندي لصافحتكم الملائكة))

[أبو يعلى عن أنس بن مالك]

 عندنا كلام، وعندنا حال، القرب من الله يصبغ بكمالات الله، المؤمن إذا رأيته ذكرت الله عز وجل، من سمته الحسن، من إقباله على الله، من اتصاله بالله، من خوفه من الله، من محبته لله، كأن هناك إشعاعاً، هذا الحال.

((لو بقيتم على الحال التي أنتم عليها عندي لصافحتكم الملائكة ولزارتكم في بيوتكم))

[أبو يعلى عن أنس بن مالك]

 فالإنسان يحتاج إلى قال، وإلى حال، أما الحال فادعاؤه سهل، فلابد من قال يدعمه، فأنت بحاجة أن تغذي عقلك بالعلم، وقلبك بالحب، فالحب غذاء القلب، والعلم غذاء العقل، وهما متكاملان، وهناك تعبير آخر: كل منهما شرط لازم غير كافٍ، أي أحدهما يغني عن الآخر.
 أوضح مثل أسطوانة الغاز، ورأس الغاز، لا قيمة لهذا الرأس بلا أسطوانة، ولا قيمة أيضاً للأسطوانة بلا رأس.
الدكتور بلال:
 لا بد منهما معاً.
الدكتور راتب :
 كلاهما شرط لازم غير كافٍ، قال وحال.
الدكتور بلال:
 النجاشي سيدي لما جاءه جعفر بن أبي طالب قال:

(( نعرف أمانته، وصدقه، وعفافه، ونسبه))

[ابن خزيمة عن جعفر بن أبي طالب ]

 ما معنى هذا؟

على التائب التمسك بالأخلاق و الصدق و الأمانة :

الدكتور راتب :
 أي إن حدثك فهو صادق، إن عاملك فهو أمين، إن استثيرت شهوته فهو عفيف، ويأتي النسب تاجاً على هذه الثلاثة.

((نعرف أمانته، وصدقه، وعفافه، ونسبه))

[ابن خزيمة عن جعفر بن أبي طالب ]

الدكتور بلال:
 ينبغي للتائب أن يقتدي بهذه الأمور هي أساسيات الأخلاق، الصدق، والأمانة، والعفاف، والنسب.

ديننا دين قيم و مبادئ :

الدكتور راتب :
 النسب يوجد تعليق لطيف عليه مثلاً:

(( سلمان منا أهل البيت ))

[الحاكم عن مصعب بن عبد الله الزبيري]

فارسي.
 صهيب، نعم العبد صهيب، رومي، أبو لهب هاشمي قرشي.

﴿ تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَبٍ وَتَبَّ ﴾

[ سورة المسد:1]

 نحن ديننا دين قيم، دين مبادئ، دين أممي، أي:

﴿ إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ ﴾

[ سورة الحجرات:13]

 عظمة هذا الدين أنه يقبل أي إنسان، لا يوجد حلقات مغلقة.
الدكتور بلال:
 وكم من قصة سيدي لأشخاص رأوا من هذا التائب أخلاقاً، ورأوا منه ورعاً، ورأوا منه ما رأوا، فكان ذلك سبباً لدخولهم في الإسلام.

الاستقامة و الأمانة و الإخلاص أسباب لدخول كثير من الناس بالإسلام :

الدكتور راتب :
 صاحب شركة، عنده موظف، له راتب، في نهاية الشهر أرجع الموظف لصاحب الشركة مبلغاً معيناً، قال له: ما هذا المبلغ؟! قال له: هذا وقت صلواتي الخمسة اقتطعت من دوامي، يقسم بالله هذا الشاب أن صاحب الشركة بعيد عن الدين بعد الأرض عن السماء، فبدأ يصلي.
 التعليم بالفعل أقوى من القال، هذه الحال.
الدكتور بلال:
 وهذا الأمريكي جيفري لانك، كيف أسلم؟
الدكتور راتب :
 جيفري لانك ملحد أولاً، كان له أب بألمانيا شديد جداً، ألحد نكاية بأبيه، وسافر إلى أمريكا، وصار أكبر شخصية في الرياضيات، جاءته فتاة شرق أوسطية، محجبة، البنات بأمريكا بالصيف شبه عرايا، رأى امرأة محجبة، فهم شيئاً آخر، أن هذه تحمل مبادئ وقيماً معينة، عكف بعد أن رآها بهذه الحالة على قراءة القرآن، هو يظنه كتاباً من صنع محمد، قرأه وصل إلى الآية:

﴿ فَالْيَوْمَ نُنَجِّيكَ بِبَدَنِكَ لِتَكُونَ لِمَنْ خَلْفَكَ آيَةً ﴾

[ سورة يونس:92]

 له صديق اسمه موريس بوكاي، اتصل به، تقول هذا القرآن كلام الله؟ قال له موريس بوكاي: هذا الذي ذكرته الآية فرعون موسى، رممت جثته بيدي، فأسلم، والآن أكبر داعية بأمريكا، جيفري لانك.
الدكتور بلال:
 وألّف كتاباً.
الدكتور راتب :
 ثلاثة كتب وأنا اقتنيتها، درست كتابين في الجامع.
الدكتور بلال:
 وكلها بسبب فتاة تمسكت بدينها.
الدكتور راتب :
 لذلك هناك نقطة دقيقة:

((واستقيموا يستقم بكم))

[الطبراني عن سمرة بن جندب]

 أحياناً غير الدعوة، الاستقامة دعوة، الأمانة دعوة، الإخلاص دعوة، الصدق دعوة، الإتقان دعوة.

خاتمة و توديع :

الدكتور بلال:
 جزاكم الله خيراً سيدي، وأحسن إليكم.
 أخوتي، أخواتي؛ شكر الله لكم حسن المتابعة، أسأل الله لكم دائماً دوام التوفيق والصحة والعافية، وأسأل الله أن ألتقيكم وأنتم في أحسن حال بخير وفضل من الله تعالى،
 إلى الملتقى أستودعكم الله الذي لا تضيع ودائعه.
 والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته

الاستماع للدرس

00:00/00:00

تحميل النص

إخفاء الصور