وضع داكن
20-04-2024
Logo
حياة المسلم 1- إذاعة حياة إف إم- الحلقة : 057 - أسماء الله الحسنى.
   
 
 
 بسـم اللـه الرحمـن الرحيـم  
 

مقدمة :

المذيع:
 بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، وأتم الصلاة وخير التسليم على سيدنا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين، السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته، أهلاً ومرحباً بكم مستمعينا الكرام على الهواء مباشرةً عبر أثير إذاعتكم حياة FM، نتواصل في حلقة جديدة من حلقات برنامجكم مع الدكتور محمد راتب النابلسي، وباسمكم نرحب بفضيلة العلّامة الأستاذ الدكتور محمد راتب النابلسي، حياكم الله دكتور.
الدكتور راتب :
 بارك الله بكم، ونفع بكم.
المذيع:
 حديثنا عن أسماء الله الحسنى، يقول الله عز وجل:

﴿ وَلِلّهِ الأَسْمَاء الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا ﴾

[ سورة الأعراف: 180 ]

 وأبدأ معكم فضيلة الأستاذ الدكتور محمد راتب النابلسي، لماذا كان لله أكثر من اسم فله الأسماء الحسنى والصفات العلا؟

 

أصل الدين معرفة الله :

الدكتور راتب :
 بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيّدنا محمّد، وعلى آل بيته الطيّبين الطاهرين، وعلى صحابته الغر الميامين، أمناء دعوته، وقادة ألوِيَتِه، وارضَ عنّا وعنهم يا ربّ العالمين.
أخي الكريم؛ بارك الله بك، وأعلى قدرك، أنت إذا زرت صديقاً لك فوجدت عنده شخصاً في غرفة الاستقبال، وهذا الصديق لسبب قاهر غادر هذه الغرفة، وبقيت أنت معه وحدك، فأنت أولاً رجل ولست أنثى، هذه واحدة، يرتدي ثياباً يا ترى أنيقة؟ تكتشف شيئاً من خصائصه من ثيابه، من تناسق الألوان، من مستوى ثيابه، من طريقة جلوسه، لا يكفي، يا ترى دارس أم غير دارس؟ أين وصل بالدراسة؟ هل هو تاجر أم موظف؟ عندك رغبة تستطلع خصائصه وأدواره في المجتمع، وضعه العام، وضعه الصحي، وضعه الاجتماعي، وضعه الفكري، هذه رغبة دقيقة جداً.
 نحن عندما آمنا بالله عز وجل - ولله المثل الأعلى- آمنا به خالقاً، آمنا به رباً، يمد البشر بما يحتاجون، يوجد أمطار، وينابيع، وفواكه، وثمار، ولحوم، وأنعام، ونباتات، تكتشف أسماءه من خلقه، يوجد جمال، وصور للأطيار شيء لا يصدق، بالجمال تناسق الألوان، الورود، الرياحين، النباتات، السماء الزرقاء، البحر، الجبل الأخضر، أو المكلل بالثلج، يوجد جمال في الحياة، فأنت حينما تجلس مع صديق، وتختلي معه في بيته مع شخص لا تعرفه إطلاقاً، تكشف خصائصه من ثيابه، من كلامه، قالوا: الإنسان عندما تنظر إليه تكوّن صورة عنه، فإذا حدثك نسيت صورته، وإذا عاملك نسيت كلامه، فأنت بمعرفة شخص تبذل جهداً لمعرفته، هذا الإله العظيم خالق الأكوان ألا ينبغي أن نعرفه؟ لذلك قالوا: أصل الدين معرفة الله.
 أنا رأيي أن هذه المعرفة تقدم على أي شيء في الدين، إنك إن عرفت الله تفانيت في طاعته، وإن لم تعرفه تفننت في معصيته، معرفة الله أصل في هذا الدين، وكلام سيدنا علي: " أصل الدين معرفة الله ".

من عرف الآمر تفانى في طاعته :

 نحن حينما نغفل هذه المرحلة معرفة الآمر، معرفة الناهي، وقعنا في خطأ كبير، الشرع بين أيدينا، لكن ما عرفنا من أمرنا بهذا الشرع، أحياناً لو جاءتك ورقة من دائرة البريد: احضر حالاً، هذه ورقة من مدير البريد، ولك أخ مقيم في أمريكا أرسل لك رسالة مسجلة، لعل فيها حوالة مالية، أنت حينما تبلغ هذا البلاغ لا تتحرك فيك شعرة، وقد لا تذهب، وهناك جهة أخرى لو لم تلبِّ طلبها قد تخسر حريتك، في بعض البلاد إذا دخلت لا تخرج، هنا موضوع ثان، فلا تتوانى لحظة عن الذهاب، الأمر قيمته من الآمر، فإذا عرفت من هو الآمر تفانيت في طاعته، قال تعالى:

﴿ فَبِأَيِّ حَدِيثٍ بَعْدَ اللَّهِ وَآيَاتِهِ يُؤْمِنُونَ ﴾

[ سورة الجاثية :6]

الكون يشف عن وجود الله و وحدانيته :

 

أنا عندي ثابت أول هو الكون، قبل أن تقول: أسماء حسنى، هذا الكون يشف عن وجود الله، يوجد إله

أنت ممكن سيارة موديل حديث جداً 2016 من أعلى ماركة، هذه السيارة صنعت بانفجار وضع في معمل حديد فكانت هذه السيارة، هل تقبل؟ هل يوجد إنسان بالأرض يقبل هذه المقولة؟ كون فيه سماوات، وأراض، ونباتات، وأزهار، وأطيار، وأسماك، وجبال، وسهول، وبحيرات، وكائنات رائعة، وكائنات متوحشة، وفيل، وحوت أزرق، وبعوضة لا ترى بالعين، هذا الكون هكذا، صدفة؟! أنت لو وضعت في كيس عشر بطاقات، كل بطاقة فيها رقم، ثم كلفت إنساناً أن يسحب ورقة، في الأولى يظهر لك مثلاً الرقم تسعة، في الثانية ثلاثة، في الثالثة أربعة، احتمال أن تخرج هذه الأوراق أو البطاقات الصغيرة متسلسلة، عندنا عشرة أرقام وقبلهم واحد، ماذا يعني عشرة أرقام وقبلهم العدد واحد؟ أي عشرة آلاف مليون حالة حتى تسحب الأوراق وراء بعضهم، هذا المثل يلغي مبدأ الصدفة، من أجل أن تمسك بالأوراق العشرة متسلسلة تحتاج إلى عشرة آلاف مليون حالة.
 إنسان برأسه ثلاثمئة ألف شعرة، في عينه يوجد شبكية، وعدسة، ومشيمية، ولسان، وأنف، ومعدة، وقلب ينبض بالدقيقة ثمانين نبضة، هذا الإنسان أيعقل أن يكون قد خلق صدفة؟ أبسط شيء في الحياة يدل على الله، البعرة تدل على البعير، والأقدام تدل على المسير، والماء يدل على الغدير، أفسماء ذات أبراج، وأرض ذات فجاج، ألا تدلان على الحكيم الخبير؟ كل شيء ينطق بوجود الله ووحدانيته وكماله أبداً من دون إشكال، لكن الكمال منوع، أي الله رحيم، وقوي، وغني، ولطيف، وحكيم، ومحب، فهذه تنوع كمالاته، ينتج عنها تنوع أسمائه، قال تعالى:

﴿ وَلِلّهِ الأَسْمَاء الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا ﴾

[ سورة الأعراف: 180 ]

المذيع:
 ما المقصود

﴿ فَادْعُوهُ بِهَا ﴾

الاستقامة على أمر الله تشعر الإنسان أن الله يحبه :

الدكتور راتب :
 الباء باء الاستعانة، أنا آكل بالملعقة، أي أستعين على تناول الطعام بالملعقة، أنت حينما تستقيم على أمره شعرت بثقة أن الله يحبك، أخذت الحلال، تركت الحرام، دعوت إليه، تلطفت مع عباده، أكرمتهم، صدقتهم، أخلصت لهم، استقامتك وعملك الصالح يكسبك ثقة أن الله يحبك، عندئذ تقبل عليه، فإذا أقبلت عليه اشتققت من كماله كمالاً تدعوه به، باء الاستعانة، لذلك لا يمكن أن تقبل على الرحيم إلا إذا رحمت عباده.

(( ارحموا من في الأرض يرحمكم من في السماء ))

[الترمذي عن عبد الله بن عمرو]

 تقبل عليه بكمال مشتق من كمالاته، قال تعالى:

﴿ وَلِلّهِ الأَسْمَاء الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا ﴾

[ سورة الأعراف: 180 ]

 الله لطيف اشتق من ذاته العلية اللطف، يوجد تلطف بالحديث، لا يوجد غلظة، ولا فظاظة، ولا قسوة، قال تعالى:

﴿ فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ ﴾

[ سورة آل عمران : 159 ]

 أدق آية، أي يا محمد بسبب رحمة استقرت في قلبك من خلال اتصالك بنا كنت ليناً معهم، فلما كنت ليناً معهم التفوا حولك وأحبوك، قال تعالى:

﴿ وَلَوْ كُنْتَ فَظّاً غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ ﴾

[ سورة آل عمران: 159 ]

 ولو كنت منقطعاً عنا، يمتلئ القلب قسوة، وهذه القسوة تنعكس على الناس غلظة وفظاظة، هذه الآية يحتاجها الأب، والمعلم، وأي منصب قيادي على الإطلاق، من حولك بشر، أنت أقبلت على الله اشتققت الرحمة منه، هذه الرحمة التي في قلبك انعكست أعمالاً طيبة للناس، قال تعالى:

﴿ فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ ﴾

[ سورة آل عمران : 159 ]

 أي يا محمد بسبب رحمة استقرت في قلبك من خلال اتصالك بنا، واتصالك بنا بسبب استقامتك على أمرنا، وعملك الصالح، الآن كنت ليناً لهم، الآن عندما كنت ليناً لهم التفوا من حولك وأحبوك، ولو كنت منقطعاً عنا - افتراضاً- يمتلئ القلب قسوة، وتنعكس القسوة غلظة وفظاظة، فينفض الناس من حولك:

﴿فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنْتَ فَظّاً غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ﴾

[ سورة آل عمران : 159 ]

المذيع:
 الآن أنا كمسلم ما الذي يفترض أن أتعلم من أسماء الله الحسنى هل أعرف قراءتها أم معانيها أم حفظها؟ كيف أحصيها؟

 

الفرق الكبير بين العد و الإحصاء :

الدكتور راتب :
 فرق كبير بين العد والإحصاء، قال تعالى:

﴿ لَقَدْ أَحْصَاهُمْ وَعَدَّهُمْ عَدًّا ﴾

[ سورة مريم:94 ]

 صف يوجد به خمسون طالباً، كم طالب؟ خمسون، هذا عد، الإحصاء كل طالب وضعه النفسي، الاجتماعي، مستوى دراسته، متفوق بأي مادة، أمه مطلقة، أمه موجودة بحياته، أبوه مثقف، غير مثقف، هذا الإحصاء تعرف به خصائص هذا الطفل، بيئته، من حوله، من فوقه، من تحته، خصائصه، طباعه، كمالاته، أخلاقه العالية، هذه النقطة الدقيقة جداً، أن تعرفه، أن تعرف رحمته، ولطفه، ومحبته لنا، عدله، إنصافه، وتأييده للمؤمنين، ويمد الحبل لبعض الفاسقين لحكمة بالغة بالغة، لذلك أصل الدين معرفة الله، إنك إن عرفت الله تفانيت في طاعته، وإن لم تعرفه تفننت في معصيته.
المذيع:
 والأسماء الحسنى باب من هذه الأبواب؟
الدكتور راتب :
 أبداً، أنا أتمنى أن أكون دقيقاً قليلاً، من فضل الله عز وجل أن هذا الموضوع أكرمني الله به، أنا ألقيت مئتي حلقة بالفضائيات عن أسماء الله الحسنى، هذه الحلقات أعيد بثها حوالي خمس عشرة مرة، ومن أروع ما وفقت له، وهذه بين أيدي الأخوة المستمعين، إذا فتحوا موقع النابلسي وجدوا الأسماء كلها، أنت داعية تريد نص خطبة عن اسم الرحمن مثلاً، وإذا أحببت أن تسمع قبل أن تنام يوجد صوت، وصورة، وأنا بكل مواقعي لا يوجد عندي شيء مأجور، كله مجاناً، يوجد أربعة وستون كتاباً بالموقع بضغطة زر تحضرهم كلهم، الكتاب كامل.
المذيع:
 لماذا لله عز وجل أسماء حسنى متعددة الآن ما الفرق بين أسماء الله الحسنى والصفات العليا لله؟

 

الفرق بين أسماء الله الحسنى والصفات العليا :

الدكتور راتب :
 الحقيقة الله عز وجل له أسماء حسنى كثيرة متعلقة بالذات الإلهية، والصفات متعلقة بالأفعال، هو رحمن لكن أفعاله 

رحيم، اسم متعلق بالذات، واسم متعلق بالصفات، هذا الفرق بين أسماء الذات وأسماء الصفات

حينما يعامل عباده هو يرزق فقيرهم، يطعم جائعهم، ينصر مؤمنهم، يدمر كافرهم مثلاً، هذه أفعاله، دائماً الصفات متعلقة بالأفعال، والأسماء الحسنى متعلقة بالذات، رحمن رحيم، رحمن في ذاته، رحيم بأفعاله.
المذيع:
 وماذا يطالب المسلم بالتعلم؟
الدكتور راتب :
 أنا لست من أنصار الدخول في هذه المصطلحات الدقيقة، أنت لمجرد أن تعرفه، وأن تقبل عليه، وأن تطيعه، دعك من كل المصطلحات، إنسان يطوف حول الكعبة، قال: يا رب ارزقني رزقاً نافعاً حلالاً طيباً، ارزقني زوجة صالحة، ارزقني عملاً مقبولاً، الله ما أراد التنمق بالدعاء، أراد قلبك بالدعاء، أنا أقول كلمة يجوز ألا تكون مقبولة، لو دعوته باللغة العامية مقبولة عند الله، الله يريد قلبك لا يريد فصاحتك.
المذيع:
 هل المسلم مطالب شرعاً أن يعرف أسماء الله الحسنى وصفاته العلا أو أن يحفظها أو أن يحصيها ما المسؤولية الشرعية في تعلم الأسماء والصفات؟

المسؤولية الشرعية في تعلم أسماء الله وصفاته :

الدكتور راتب :
 أنا لا أصدق أن مؤمناً يعيش في هذه الدنيا، ويعلم علم اليقين أن مصيره خطير، إما إلى جنة يدوم نعيمها، أو إلى نار لا ينفذ عذابها، وأن هذه الإله العظيم له منهج، وله شرع، وله افعل ولا تفعل، فكيف يحبه؟ الحب أصل في ديننا، قال تعالى:

﴿ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ ﴾

[ سورة المائدة : 54 ]

 الله ما قبل أن نعبده إكراهاً، هو خلقنا، وهو ربنا ومسيرنا، حياتنا بيده، ورزقنا بيده، وصحتنا بيده، كل شيء بيده، ومع كل ذلك ما أرادنا أن نعبده كرهاً، قال تعالى:

﴿ لَا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ ﴾

[ سورة البقرة : 256 ]

﴿ لَا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ ﴾

.

[ سورة البقرة : 256 ]

 أراد أن تكون علاقة عباده به علاقة حب، قال تعالى:

﴿ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ ﴾

[ سورة المائدة : 54 ]

﴿ وَالَّذينَ آمَنوا أَشَدُّ حُبًّا لِلَّهِ ﴾

[سورة البقرة: ١٦٥]

 فلذلك جعل عبادته أساسها الحب، والعبادة في أدق معانيها، هي طاعة طوعية، ليست قسرية، ممزوجة بمحبة قلبية، ما عرف الله من أطاعه ولم يحبه، ما عبد الله من أطاعه ولم يحبه، كما أنه ما عبد الله من أحبه ولم يطعه:

تعصي الإله وأنت تظهر حب ه ذاك لعمري في المقال شنيع
لو كان حبك صادقاً لأطـعتـــه  إن المحب لـمن يحب يطيع
* * *

 يجب أن نعرفه، أن نعرف كمالاته حتى نحبه، فإذا أحببناه تفانينا في طاعته، لذلك قيل: مستحيل وألف ألف ألف مستحيل أن تعرفه ثم لا تحبه، و مستحيل وألف ألف ألف مستحيل أن تحبه ثم لا تطيعه، تعرفه، تحبه، تطيعه.
المذيع:
ونتعرف على الله عز وجل أكثر حينما نتعرف على أسمائه؟

التفكر في خلق السماوات والأرض أول عبادة على الإطلاق :

الدكتور راتب :
 آياته أولاً، قال تعالى:

﴿ فَبِأَيِّ حَدِيثٍ بَعْدَ اللَّهِ وَآيَاتِهِ يُؤْمِنُونَ ﴾

[ سورة الجاثية :6]

أي لا يوجد طريق آخر، الله جعل معرفته ثلاث قنوات، آياته الكونية خلقه، والتكوينية أفعاله، والقرآنية كلامه، الكونية تفكر، التكوينية نظر، القرآنية تدبر، آياته الكونية تفكر، والدليل:

﴿ إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ ﴾

[ سورة آل عمران : 190-191 ]

 والسماوات والأرض مصطلح قرآني يعني الكون، والكون ما سوى الله، قال تعالى:

﴿ إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لَآيَاتٍ لِأُولِي الْأَلْبَابِ * الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللَّهَ قِيَاماً وَقُعُوداً وَعَلَى جُنُوبِهِمْ وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَذَا بَاطِلاً سُبْحَانَكَ فَقِنَا عَذَابَ النَّارِ ﴾

[ سورة آل عمران : 190-191 ]

 أخي الكريم بارك الله بك؛ أنت أمام آية أمر، هذه آية الأمر ماذا تقتضي منك؟ أن تأتمر بما أمر، أمام آية نهي، هذه النهي ماذا يقتضي منك؟ أن تنتهي، أنت أمام قصة لنبي عظيم ما دورك من هذه القصة؟ أن تتعظ، هذه واضحة، فإذا كان بالقرآن ألف وثلاثمئة آية تتحدث عن الكون والإنسان ماذا تقتضي؟ التفكر، فالتفكر في خلق السماوات والأرض أول عبادة على الإطلاق، هذه العبادة تضعك وجهاً لوجه مع عظمة الله، هذه العبادة هي أوسع باب تدخل منه على الله، وأقصر طريق تصل به إلى الله، فالتفكر عبادة كبيرة جداً، هذه عبادة معرفة الله عز وجل.

 

آيات الله كونية و تكوينية و قرآنية :

 الله له آيات كونية خلقه، تكوينية أفعاله، أفعاله النظر قال تعالى:

﴿ فَسيروا فِي الأَرضِ فَانظُروا كَيفَ كانَ عاقِبَةُ المُكَذِّبينَ ﴾

[سورة آل عمران: ١٣٧]

 الفاء تفيد الترتيب على التعقيب، الآية الثانية:

﴿ قُل سيروا فِي الأَرضِ ثُمَّ انظُروا كَيفَ كانَ عاقِبَةُ المُكَذِّبينَ ﴾

[سورة الأنعام: ١١]

 ثم للترتيب على التراخي، مثلاً حدثني قاض يوجد بيت بأحد أكبر أحياء دمشق، توفي صاحبه، جاء شخص أبرز عقد شراء لهذا البيت منذ عشر سنوات، لماذا لم تبرز هذا العقد في حياة صاحب البيت؟ أولاده أيتام، لجؤوا للقضاء، القاضي طلبه لحلف اليمين، معه عقد شراء ومتقن تماماً، لكن إذا معه عقد لماذا لم يطالب بالبيت منذ عشر سنوات؟ دعوه لحلف اليمين أمام القاضي، كان يمسك بيده اليسرى طرف الطاولة، وحلف باليمنى، فلما انتهى من حلف اليمين رفع يده ولم ينزلها، فالقاضي انزعج منه قال له: أنزل يدك، كان ميتاً، مات فوراً:

﴿ فَسيروا فِي الأَرضِ فَانظُروا كَيفَ كانَ عاقِبَةُ المُكَذِّبينَ ﴾

[سورة آل عمران: ١٣٧]

مباشرة.
 شخص متهم بقتل إنسان، والذي حدثني كان موجوداً، بعد أن وضع حبل المشنقة في رقبته، ماذا قال؟ قال: أنا الآن سوف أشنق لأني متهم بقتل هذا الإنسان، أنا لم أقتله، ولكنني قتلت إنساناً منذ ثلاثين سنة، فالترتيب على التعقيب، أو على التراخي، هذه أفعاله، قرآنه يحتاج إلى تدبر، قال تعالى:

﴿ وَتَمَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ صِدْقاً وَعَدْلاً ﴾

[ سورة الأنعام : 115]

 كأن الله يقول: يا عبادي بيني وبينكم كلمتان؛ منكم الصدق، ومني العدل، أو تتفاوتون عندي بالصدق وأنا أعدل بينكم، أو هذا القرآن بين دفتيه فيه أمر وخبر، الأمر عادل، والخبر صادق، هذا وصف جامع مانع.
المذيع:
 قال تعالى:

﴿ وَلِلّهِ الأَسْمَاء الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا ﴾

[ سورة الأعراف: 180 ]

الدكتور راتب :
 تستقيم على أمره فتقبل عليه فتشتق منه كمالاً، هذا الكمال وسيلة فعّالة للإقبال عليه، قال تعالى:

﴿ وَلِلّهِ الأَسْمَاء الْحُسْنَى ﴾

[ سورة الأعراف: 180 ]

 أن تشتقها من الله، وأن تقبل على الله بها، فادعوه بها.
المذيع:
 ما المقصود بقوله تعالى:

﴿ فَادْعُوهُ بِهَا ﴾

[ سورة الأعراف: 180 ]

 هل تتوقف فقط عند الدعاء؟

 

الدعاء هو العبادة :

الدكتور راتب :
الدعاء هو كل شيء بالدين، الدعاء هو العبادة، أنت كائن ضعيف، قال تعالى:

﴿ وَخُلِقَ الْإِنْسَانُ ضَعِيفًا ﴾

[سورة النساء: 28]

 وكائن عجول وضعيف، هذه نقاط ضعف في أصل بنيتك الشخصية لصالحك، ما جعلنا أقوياء، لو جعلنا أقوياء لاستغنينا بقوتنا فشقينا باستغنائنا، جعلنا ضعفاء كي نفتقر في ضعفنا فنسعد بافتقارنا.
المذيع:

(( إِنَّ لِلَّهِ تِسْعَةً وَتِسْعِينَ اسْمًا، مِائَةً إِلَّا وَاحِدًا، مَنْ أَحْصَاهَا دَخَلَ الْجَنَّةَ ))

[ متفق عليه عن أبي هريرة]

ما هو المقصود بهذا الإحصاء؟

 


الإحصاء هو دراسة كل اسم من أسماء الله الحسنى دراسة وافية :

الدكتور راتب :
 العد أن تقول: الله رحيم، رحمن رحيم، خالق مدبر، إلى آخره، الإحصاء دراسة الاسم، مظاهر الرحمة، أسباب الرحمة، كيف رحمته تتجلى بقلب الأم، بقلب كل حيوان، كيف يعطف على أولاده، يوجد مليون أثر للرحمة، قال تعالى:

﴿ وَلِلّهِ الأَسْمَاء الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا ﴾

[ سورة الأعراف: 180 ]

 تكتشفها من خلقه، واجعل هذه الرحمة التي اكتشفتها أداة الإقبال على الله عز وجل.
المذيع:
 كم عدد أسماء الله الحسنى؟

 

إحصاء أسماء الله الحسنى :

الدكتور راتب :
 قبل، العدد يفوق، يوجد كتب مؤلفة أحدها كتاب الشرباصي، فيه مئتان وخمسون اسماً تقريباً لله عز وجل، قال تعالى:

﴿ وَالسَّمَاءَ بَنَيْنَاهَا ﴾

[ سورة الذاريات: 47 ]

 والسماء بنيناها، الله اسمه الباني، لكن بالحسنى ما ورد الباني، عندنا أسماء وردت أنها أسماء حسنى، لا يعني غيرها غير حسنى، لكن يوجد عندنا تسعة وتسعون اسماً، يوجد حكمة بالغة باختيارها:

(( .. مَنْ أَحْصَاهَا دَخَلَ الْجَنَّةَ ))

[ متفق عليه عن أبي هريرة]

 ويوجد أسماء أخرى المنتقم مثلاً.
المذيع:
 لكنها ليست من ضمن الأسماء الحسنى، تسعة وتسعون ..
الدكتور راتب :
 أسماء أفعال، عندنا أسماء حسنى ورد فيها نص، وأسماء أفعال، مجموعة في مئتين وسبعين.
المذيع:
 المطلوب أن يحصي كل هؤلاء؟
الدكتور راتب :
 الحسنى تكفي، أن تعرف رحمته، خلقنا ليرحمنا، قال تعالى:

﴿ إِلَّا مَنْ رَحِمَ رَبُّكَ وَلِذَلِكَ خَلَقَهُمْ ﴾

[ سورة هود:119]

 ما رحمة الله؟ سكينة، التوفيق رحمة، السعادة رحمة، الغنى رحمة، الحكمة رحمة.
المذيع:
 البعض يقول إن هناك تشابهاً في هذه الأسماء الحسنى مثلاً بين العزيز والجبار، بين الرحمن والرحيم..

 

الفروق بين أسماء الله الحسنى في ذات الله أو في أفعاله :

الدكتور راتب :
 يوجد فروق دقيقة جداً، الرحمن في ذاته، الرحيم في أفعاله، مثل أب ضرب ابنه، الأب رحيم، هذا ابنه أغلى شيء في حياته، عندما وجد معه مبلغاً من المال أخذه من رفيقه دون أن يعلمه، هنا يحتاج هذا الطفل إلى خبرة مؤلمة كي يبتعد عن إعادة هذا العمل، فهذا الضرب رحمة، هو رحمن هنا الآن فعله رحيم مآلاً، وليس حاضراً.
المذيع:
 لذلك جميل على المسلم أن يتعلمها، هل يمكن للإنسان أن يدعو الله بهذه الأسماء؟

اسم الله اسم جامع لكلّ الأسماء الحسنى :

الدكتور راتب :
 قال تعالى:

﴿ فَادْعُوهُ بِهَا ﴾

[ سورة الأعراف: 180 ]

 أمر إلهي، يا رحمن يا رحيم ارحمني، يا شافي اشفني، لكن أنا لي رأي دقيق وهذا اجتهاد مني، ما هو اسم الله الأعظم؟ اسم الله الأعظم بعضهم قال: الله، جامع الأسماء الحسنى..
المذيع:
 نسأل الله العظيم رب العرش العظيم أن يجعل هذا المجلس مجلس علم وإيمان في ميزان حسناتكم فضيلة الأستاذ الدكتور محمد راتب النابلسي والقائمين على هذه الإذاعة وكل المستمعين، اسم الله الأعظم ما هو؟

 

الاختلاف في اسم الله الأعظم :

الدكتور راتب :
 هذا مختلف فيه، بعضهم قال: الله عز وجل هو اسم الله الأعظم، هو علم على الذات، ما معنى اسم علم، حضرتك الدكتور فلان، هذا اسمك علم على ذاتك، اسم الله الأعظم الله علم على الذات، أو هذا الاسم يجمع أسماء الله الحسنى كلها، رحيم الله، عليم الله، قوي الله، عادل الله، هذه واحدة.
 وبعضهم قال وأنا أميل إلى هذا الرأي الثاني: اسم الله الأعظم الاسم الذي أنت بحاجة إليه، مريض اسم الله الشافي، مقهور اسم الله العادل، فقير اسم الله المغني، أنت لك وضع معين إما فقر، أو مرض، أو ضعف، بحاجة إلى زوجة، يا رب زوجني امرأة صالحة، فصار الدعاء متعلقاً بوضعك، فاسم الله الأعظم عندك هو الاسم الذي تحل به مشكلتك، هذا معنى.
 وبعضهم قال: الله علم على الذات، هو الرحمن الرحيم، أنا أميل للموضوع الثاني، هذا الاسم أنت متعلق به، الله عز وجل ناصر، نحن نحارب عدواً لدوداً، عدواً قوياً، عدواً لئيماً، عدواً جباراً، يا ناصر انصرنا، وأنا أقول لك كلمة سيدي: أنا أرى أن زوال الكون أهون على الله من أن تعظمه وتدعوه ثم لا يستجيب لك، هو ينتظرك، لو يعلم المعرضون انتظاري لهم، وشوقي إلى ترك معاصيهم، لتقطعت أوصالهم من حبي، ولماتوا شوقاً إليّ، يا داود هذه إرادتي بالمعرضين فكيف بالمقبلين؟ الله كماله مطلق.
المذيع:
 سؤال لماذا هذه الأحاديث متعلقة بسيدنا داود؟

تعلق الأحاديث بسيدنا داود لأنه غلب عليه ذكر الله على العمل الصالح :

الدكتور راتب :
 هكذا ورد في الأثر القدسي، أنا أقول أثراً قدسياً حتى لا أدخل في متاهة يا ترى ما صحة نسب هذا الحديث؟
المذيع:
 لماذا كان لسيدنا داود ولم يكن لشخص آخر؟
الدكتور راتب :
 هناك داود وسليمان، سليمان غلب عمله الصالح على ذكر الله، داود غلب عليه ذكر الله على العمل الصالح، كصلة سيدنا داود متفوق بها، كعمل صالح سيدنا سليمان، هكذا.
المذيع:
 إذا أردنا أن نذكر الله عز وجل سبحان الله! سبحان الله! إذا أردت أن أذكر الله بأسمائه الحسنى ماذا أقول؟

ذكر الله عز وجل أوسع نشاط عبادي على الإطلاق :

الدكتور راتب :
 الله الله..
المذيع:
أعيدها في لساني، أو الأسماء الحسنى الأخرى، الله الرحمن..
الدكتور راتب :
 سيدي الذكر مفتوح، أقول لك كلمة أدق، إذا قرأت بحثاً في الفقه فأنت في ذكر الله، إن صليت أنت في ذكر، إن ألقيت درس دين أنت في ذكر، أي نشاط تذكر الله فيه لنفسك، أو لأهلك، أو في الإذاعة، أو في مكان عام، أو في مسجد، ذكر الله عز وجل أوسع نشاط عبادي على الإطلاق، في كل الأوقات، في كل الظروف، في كل الأوضاع ذكر الله عز وجل، قال تعالى:

﴿ وَأَقِمِ الصَّلَاةَ لِذِكْرِي﴾

[سورة طه:14]

المذيع:
 أحياناً تتشابه بعض الأسماء البشرية مع بعض الصفات، وأسماء الله الحسنى لله عز وجل نقرأ في حديث النبي صلى الله عليه وسلم:

((إِنَّ اللَّهَ جَمِيلٌ يُحِبُّ الْجَمَالَ))

[أحمد عن عبد الله بن مسعود ]

 والشخص قد يسمي ابنه " جميل ".

 

التشابه بين صفات الإنسان وبين أسماء الله الحسنى لكرامة الإنسان عند الله:

الدكتور راتب :
 لكرامة الإنسان عند الله عز وجل، الحديث الأصل في هذا الموضوع عن سيدنا آدم، يوجد صفات مشتركة، كيف؟ الله واحد، والإنسان الله جعله فرداً، فردية الإنسان لا يوجد إنسان يشبهك في الأرض، تنفرد بقزحية العين، بالبصمة، برائحة الجلد، بنبرة الصوت، يوجد سبع أو ثماني نقاط تنفرد بها عن كل البشر، الحوين المنوي، شيء لا يصدق، بكيمياء الدم.
المذيع:
كأننا نشتق الانفراد..
الدكتور راتب :
 أنت لكرامتك عند الله أعطاك من أسمائه، أعطاك اسم الفرد، وأنت فرد، أعطاك اسم الإرادة، والله مريد، أنت لك إرادة، أنت قمت إلى الصلاة أردت الصلاة، قمت إلى معاقبة إنسان أردت ذلك، الإرادة من أسمائه الحسنى، من صفاته، أعطاك إياها أنت فرد ومريد، موضوع طويل.

(( إن الله خلق آدم على صورته))

[صحيح رواه البخاري ومسلم في الصحيحين]

 أي الله مريد، وآدم مريد، الله يختار، وأنت تختار، الله فرد، وأنت فرد، فهذا التشابه بين صفات الإنسان وبين أسماء الله الحسنى لكرامة الإنسان عند الله.
المذيع:
 ولا حرج في ذلك؟
الدكتور راتب :
 لا حرج في ذلك.
المذيع:
 هل لا بد أن يكون هناك أل التعريف تسبق الأسماء الحسنى؟ نقول: إنسان كريم والله الكريم؟

 

تعريف الاسم يدل على معناه :

الدكتور راتب :
 هنا موضوع ثالث، أنت إذا قلت جاء: كريم صباغ، أنت أردت الاسم فقط، لو قلت: جاء الكريم عرفته بأل، صار هذا الإنسان متصفاً بالكرم، حينما يعرف اسم العلم معنى ذلك أنك أردت معنى الاسم، قد تقول: جاء سعيد، وهو أشقى الناس، جاء كامل، وهو أحقر الناس، ممكن، أما إذا أردت أن تقول: جاء الكامل، جاء الرشيد، جاء المنصف، فحينما يعرف اسم العلم أردت معنى هذا الاسم.
المذيع:
 بعض الناس الذين يتسمون بما عبّد الله به مثلاً عبد الرحمن، كل إنسان يتعرض لإشكال فيشتم، هل هناك إشكال خلل شرعي غير الشتم لأن في اسمه مقطعاً مرتبطاً بالله؟

من كمال الإنسان أن يتصف بأخلاق اسمه :

الدكتور راتب :
 والله يوجد اجتهادات، يوجد أناس لا يحبون أن يكون اسم ابنهم اسماً إذا ارتكب خطأ وشتم يصلون إلى الاسم، مثلاً يوجد أسماء كثيرة جداً.
المذيع:
 أنا عندما أسيء لإنسان أسيء لذاته وليس لأنه يحمل اسماً من أسماء الله الحسنى فهل هذا خطأ؟
الدكتور راتب :
 الأكمل الأكمل الذي له اسم متعلق بالذات الإلهية يجب أن يكون حريصاً جداً ألا يحبط الناس بهذا الاسم، أنت سعيد؟ شقي، أنت كامل؟ ناقص، أنت محسن؟ مسيء، من كمال الإنسان أن يتصف بأخلاق اسمه.
المذيع:
 بعض الأسماء مثلاً في مصر يسمون عبد رب النبي، الآن يختصرون ويسمونه عبد النبي.
الدكتور راتب :
 هذه فيها بحث، يوجد تساهل بهذا، عبد النبي لا يوجد عبد النبي، عبد رب النبي، هذا الموضوع ورد، من أين جاؤوا بها؟ واسـأل القرية، القرية لا تسأل هذا مجاز عقلي، أي اسأل أهل القرية، إذا قلت: عبد النبي أي عبد رب النبي.
المذيع:
 بهذا القصد لا حرج وهي متداولة، في بعض الصفات التي نعظم الله بها مثلاً نقول: الله جلّ جلاله، اليوم تؤخذ لتعظيم البشر يقولون: مثلاً جلالة، هل ترى هذا الشيء صواباً؟

ضرورة الأدب مع الله :

الدكتور راتب :
 أحد الملوك يبدو بمرحلة من حياته رفض كلمة جلالة الملك، رفضها كلياً، قال: الجليل هو الله، فصار خادم الحرمين، ما قبل جلالة.
المذيع:
 الأولى نقول أم تدخل من باب الحرام هذه الصفة لتعظم الخالق وحده؟
الدكتور راتب :
 مسموح أن يكون الاسم مشابهاً لاسم الله عز وجل.
المذيع:
 لكن الأولى أن تكون تعظيماً لله، اليوم على لسان بعض الشباب نقدس بعض هذه الأمور مثلاً نقول: جلّ جلاله العلمي، أو ما شابه ذلك هل هذا مقبول؟
الدكتور راتب :
 والله إذا كان الشيء لله لا يليق، دعها لله أكمل، أقول لك كلمة: نصف الدين آداب، قال تعالى:

(( أَدَّبَنِي رَبَّي فَأَحْسَنَ تَأدِيِبي ))

[ زيادة الجامع الصغير عن ابن مسعود ]

 يا بني نحن إلى أدبك أحوج منا إلى علمك، الأدب مع الله شيء كبير جداً.
المذيع:
 بعض الذين لا ينطقون اللغة العربية على سبيل المثال عندما يعبدون الخالق يعبرون عنه في لغاتهم، مثلاً يقولون: God كما يعبر أهل اللغة الإنكليزية أو لورد أم يقولون الله بلغتهم، ما الأكمل هنا؟

عبادة الله تكون بذكر اسمه باللغة العربية :

الدكتور راتب :
 الأولى أن تلفظ باللغة العربية ولو هي عنده أعجمية، مثلاً كلمة لورد مجلس اللوردات، تنتقل كلمة لورد إلى معاني ما أرادها الله عز وجل.
المذيع:
 لو كان لا يعرف نطقها بالعربية لكن قلبه مع الله.
الدكتور راتب :
 لا يوجد مانع.

(( إِنَّ الله لا ينظرُ إِلى صوركم وأَموالكم، ولكن ينظر إِلى قلوبكم وأعمالكم ))

[البخاري عن أبي هريرة ]

 مقبولة سيدي.
المذيع:
 في نهاية حديثنا عن أسماء الله الحسنى ماذا ترجو من الأخوة الكرام؟

 

ضرورة التعرف على أسماء الله الحسنى :

الدكتور راتب :
 أنا العبد الفقير لا أخاف أقول دعاية، افتح الموقع وخذ كل يوم اسماً، عندك مئتا اسم، تحب أن تقرأ يوجد نص، تحب أن تسمع يوجد صوت، تحب أن تشاهد يوجد فيديو، كل يوم اسم نصف ساعة على مئة يوم كأنك قرأت كل أسماء الله الحسنى، اسمع أسماء الله الحسنى، أو اطبع هذا الملف، ويمكن أن تعدل عليه، هو مكتوب على الوورد، تضيف شيئاً هذا بين أيديكم، موقع النابلسي يدخله في اليوم مليون زائر، ينسحب منه في اليوم مليونان ومئتا ألف ملف هو الأول في العالم الإسلامي، ترتيبه التاسع و العشرون ألفاً على ستة مليارات موقع، لا يوجد شيء مأجور عندي حتى مكتوب في الموقع، حقوق الطبع غير محفوظة، هي حق لكل مسلم.
المذيع:
 إن شاء الله الأجور محفوظة دائماً نودع مستمعينا بدعاء، ونسأله أن تكون ساعة إجابة.

الدعاء :

الدكتور راتب :
 اللهم أصلح لنا ديننا الذي هو عصمة أمرنا، وأصلح لنا دنيانا التي فيها معاشنا، وأصلح لنا آخرتنا التي إليها مردنا، واجعل الحياة زاداً لنا من كل خير، واجعل الموت راحة لنا من كل شر، مولانا رب العالمين، اللهم اكفنا بحلالك عن حرامك، وبطاعتك عن معصيتك، وبفضلك عمن سواك، اللهم لا تؤمنا مكرك، ولا تهتك عنا سترك، ولا تنسنا ذكرك، اللهم صن وجوهنا باليسار، و لا تبذلها بالإقتار، فنسأل شر خلقك، و نبتلى بحمد من أعطى، و ذم من منع، و أنت من فوقهم ولي العطاء، و بيدك وحدك خزائن الأرض و السماء، اللهم أعطنا ولا تحرمنا، أكرمنا ولا تهنا، آثرنا ولا تؤثر علينا، أرضنا وارض عنا، اجعل هذا البلد آمناً سخياً رخياً وسائر بلاد المسلمين، واحقن دماء المسلمين في كل مكان، واحقن دماءهم في الشام، وصلى الله على سيدنا محمد النبي الأمي، وعلى آله وصحبه وسلم، والحمد لله رب العالمين، الفاتحة.

خاتمة و توديع :

المذيع :
 الحمد لله رب العالمين، بارك الله بكم فضيلة العلّامة الدكتور محمد راتب النابلسي، ونسأل الله أن يدلنا عليه دلاً طيباً ينفعنا فيه الله عز وجل بأسمائه الحسنى، وصفاته العليا، ويجعلنا من الذين يعظمون الخالق عز وجل، سبحانك اللهم وبحمدك، نشهد أن لا إله إلا أنت، نستغفرك ونتوب إليك.

الاستماع للدرس

00:00/00:00

تحميل النص

إخفاء الصور