- ندوات تلفزيونية
- /
- ٠27برنامج تحية الإفطار - قناة الرسالة
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيّدنا محمّد، وعلى آله بيته الطيّبين الطاهرين، وعلى أصحابه الغر الميامين، أمناء دعوته، وقادة ألوِيَتِه، وارضَ عنّا وعنهم يا ربّ العالمين، اللهم أخرجنا من ظلمات الجهل والوهم إلى أنوار المعرفة والعلم، ومن وُحول الشهوات إلى جنّات القربات.
توزيع الحظوظ في الدنيا توزيع ابتلاء :
أيها الأخوة الأحباب؛ الحظوظ، الصحة حظ، الوسامة حظ، المال حظ، هذه الحظوظ موزعة في الدنيا توزيع ابتلاء، والكلمة دقيقة جداً قد يفهم منها شيء ما أراده الله، أنت مبتلى بالمال، أنت غني، والغنى قوة، مبتلى بهذه القوة، أي ممتحن بها، هل تستخدم هذه القوة في الخير أم في الشر؟ في خدمة الخلق أم في العلو عليهم؟ قوة المال، فأنت ممتحن فيما أعطاك، و ممتحن فيما زوي عنك، يأتي الدعاء الرائع:
((اللَّهُمَّ مَا رَزَقْتَنِي مِمَّا أُحِبُّ فَاجْعَلْهُ قُوَّةً لِي فِيمَا تُحِبُّ، اللَّهُمَّ وَمَا زَوَيْتَ عَنِّي مِمَّا أُحِبُّ فَاجْعَلْهُ فَرَاغًا لِي فِيمَا تُحِبُّ ))
الصدقة تؤكد صدق الإنسان في طاعة الله :
لذلك الله عز وجل يقول في صريح كتابه:
﴿ خُذْ ﴾
الزكاة تؤخذ، ليس للإنسان خيار فيها، قال تعالى:﴿ خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ ﴾
يا محمد أنت ولي الأمر، لأنها حق الفقير، حق الضعيف، حق المريض قال تعالى:﴿ خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً ﴾
تؤكد صدقهم في طاعة الله، يوجد طاعات لا تكلف مالاً، لكن الإنسان ممتحن في شيء يحبه، خذ من أموالهم- المال محبب- صدقة تؤكد صدقهم، قال تعالى:﴿ خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ ﴾
أي تطهر مال الغني، تطهر نفس الغني من الكبر، تطهر نفس الضعيف من الحرمان، تطهر المال من تعلق حق الغير بهم، قال تعالى:﴿ خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِهَا ﴾
لذلك أنت حينما تكون أميراً، صاحب منصب، أنت مسؤول عن جماعة أعطهم أمراً مع التعليل، بين لهم مع التوضيح، هذا التعليل والتوضيح يرفع مكانتهم، يجعلهم متعاونين معك، أما أمر وكفى، أمر بلا تعليل، أمر بلا توضيح، فهذا يجعل النفس ممتعضة من هذا الأمر، قال تعالى:﴿ خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً ﴾
تؤكد صدقهم.الإنفاق يرفع الإنسان إلى الله عز وجل :
قال تعالى:
﴿ لَنْ تَنَالُوا الْبِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ﴾
والمال محبب، ولولا الشهوات ما ارتقينا إلى رب الأرض والسماوات، لأن الله جعلك تحب المال، فإذا أنفقت هذا المال تتقرب إليه، لذلك الإنفاق يرفع بك إلى الله عز وجل، شيء محبب تنفقه، قال تعالى:﴿ لَنْ تَنَالُوا الْبِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ﴾
بل من أطيب ما تملكون، قال تعالى:﴿ خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً ﴾
تطهرهم من الشح، والشح كيف أن في الجسم مرضاً خبيثاً هذا المرض ينهي حياة الإنسان، صدقوا ولا أبالغ كيف أن في الإنسان مرضاً خبيثاً ينهي حياته، كذلك الشح مرض خبيث يصيب النفس، والدليل قال تعالى:﴿ وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ ﴾
شح النفس خطير، لذلك:(( أَنْفِقْ أُنْفِقْ عَلَيْكَ ))
(( أنفق بلال، ولا تخشَ من ذي العرش إقلالا ))
﴿ خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً ﴾
تكشف صدقكم مع الله، تطهرهم، تطهر الآخرين من البخل، تطهر الفقير من الحقد، تطهر المال من تعلق حق الغير به، قال تعالى:﴿ وَصَلِّ عَلَيْهِمْ إِنَّ صَلَاتَكَ سَكَنٌ لَهُمْ ﴾
الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم أن تستقبل من أنوار النبوة نوراً يهديك طريق السعادة والسلامة.أنواع الفقر :
أنا أقول دائماً: ماذا يقابل الغنى؟ الفقر، هناك فقر الإنفاق، يا أبا بكر ماذا أبقيت لنفسك؟ قال: الله ورسوله. هذا أعلى أنواع الافتقار إلى الله، أبقيت الله ورسوله، هذا فقر الإنفاق وسام شرف لك، يوجد فقر آخر فقر القدر، إنسان معاق فقره فقر قدر، وهناك إنسان آخر فقره فقر كسل، بلاد فيها ثروات، فيها معادن، فيها فلذات، لكن يوجد تقصير في استخراج المعادن، في تصنيع هذه الثروات، في تأمين فرص عمل للناس، هذا فقر الكسل مذموم قطعاً، أما فقر الإنفاق فممدوح قطعاً، و فقر القدر صاحبه معذور، سيدنا الصديق سأله النبي عليه الصلاة والسلام: ماذا أبقيت لنفسك؟ قال: الله ورسوله. أبقيت الله ورسوله، منتهى العقل والحكمة أن تنفق هذا المال في طاعة الله.
خيارات القوي في العمل الصالح لا تعد ولا تحصى :
هذا المال سمي مالاً لأنه ما لك، أي ليس لك، أنت يدك عليه يد الأمانة، يجب أن تعطي هذا المال لمستحقيه، وترقى عند الله رقياً ما بعده رقي، فلذلك:
(( المؤمن القويُّ خيْر وأحبُّ إلى الله من المؤمن الضعيف ))
القوي بماله أحياناً، والقوي بعلمه، والقوي بمنصبه، لذلك إذا كان طريق القوة سالكاً وفق منهج الله يجب أن تكون قوياً، لأن خيارات القوي في العمل الصالح لا تعد ولا تحصى، فإذا أردت الدنيا فعليك بعمل صالح، وإن أردت الآخرة فعليك بعمل صالح يصلح للعرض على الله، ومتى يصلح؟ إذا كان خالصاً وصواباً، لكن كملاحظة الأهداف النبيلة لا يمكن أن يكون لها إلا وسائل نبيلة، الوسائل من جنس الأهداف، فإذا أردت عملاً صالحاً يصلح للعرض على الله، هذا العمل الصالح الذي يصلح للعرض على الله ينبغي أن يكون خالصاً وصواباً، خالصاً ما ابتغي به وجه الله، وصواباً ما وافق السنة.الإسلام دين وسطي :
لذلك قال تعالى:
﴿ وَأَنْفِقُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلَا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ ﴾
ما معنى التهلكة هنا؟ بعضهم قال: التهلكة إن أنفقتم مالكم كله، والتهلكة إن لم تنفقوا هذا المال بين بين، فالوسطية رائعة جداً بين الإسراف وبين البخل، بين التهور وبين الجبن، دائماً الفضيلة وسط بين طرفين، هذا المنهج الوسطي، الإسلام وسطي، الدين وسطي، أن تجمع بين الدنيا والآخرة، بين القيم والحاجات، بين المادة والروح، بين مبتدأ الحياة وآخر الحياة، هذا الإسلام العظيم، دين الله القويم أراده الله منهجاً للعالمين، حتى نسعد به في الدين و الدنيا، أرجو الله سبحانه وتعالى أن نجعل هذا المال في أيدينا لا في قلوبنا، في أيدينا نستخدمه في طاعة الله، أما في قلوبنا فقد يحجبنا عن الله عز وجل.الدعاء :
أرجو الله أن يحفظ لكم إيمانكم، وأهلكم، وأولادكم، وصحتكم، ومالكم، واستقرار بلادكم، وأن يقبل صيامكم، وقيامكم، وأذكاركم، وكل شيء فعلتموه في هذا الشهر الكريم ابتغاء مرضاة الله.