وضع داكن
19-04-2024
Logo
برنامج تحية الإفطار - الحلقة : 27 - الافتقار إلى الله قوة والاعتداد بالنفس ضعف.
رابط إضافي لمشاهدة الفيديو اضغط هنا
×
   
 
 
 بسـم اللـه الرحمـن الرحيـم  
 

 الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيّدنا محمّد، وعلى آله بيته الطيّبين الطاهرين، وعلى أصحابه الغر الميامين، أمناء دعوته، وقادة ألوِيَتِه، وارضَ عنّا وعنهم يا ربّ العالمين، اللهم أخرجنا من ظلمات الجهل والوهم إلى أنوار المعرفة والعلم، ومن وُحول الشهوات إلى جنّات القربات.

الوقت أثمن شيء يملكه الإنسان :

 الله عز وجل يقول:

﴿ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ فَلَا تَغُرَّنَّكُمُ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا وَلَا يَغُرَّنَّكُمْ بِاللَّهِ الْغَرُورُ ﴾

[سورة فاطر: 5]

 الدنيا فيها زينة، فيها مسكن رائع، فيها دخل كبير، فيها طعام نفيس، فيها ثياب فاخرة، هذه الدنيا كما قال بعض العارفين تغر وتضر وتمر. قال تعالى:

﴿ فَلَا تَغُرَّنَّكُمُ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا ﴾

[سورة فاطر: 5]

 لا ترونها بحجم بأكبر من حجمها، لا تعطوا الدنيا ما لا تستحق، هي ساعة اجعلها طاعة، الإنسان بضعة أيام كلما انقضى يوم انقضى بضع منه، فلا بد من أن يعلم الإنسان علم اليقين أن أثمن شيء يملكه هو الوقت، هذا الوقت هو الإنسان بضعة أيام، هذا الوقت إما أن ينفق استهلاكاً أو ينفق استثماراً، فالذي عرف الله ينفق وقته استثماراً، هو رأس ماله الحقيقي، هذا الوقت يجب أن يوظف في معرفة الله، ومعرفة أمره، ومعرفة الأعمال التي ترضيه، ومعرفة العمل الصالح، ومعرفة أن يبني مجده على منهج الله، لا على منهج غير الله عز وجل، أن يحسن لخلق الله، أن ينال ثواب عمله في الدنيا قبل الآخرة، قال تعالى:

﴿ وَلِمَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ جَنَّتَانِ ﴾

[ سورة الرحمن: 46]

 جنة في الدنيا هي جنة القرب...

فـلو شاهدت عيناك من حسننــــا  الذي رأوه لما وليت عنــــــــــا لغـيرنـــا
***

 جنة القرب وجنة الخلد، قال تعالى:

﴿ وَلِمَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ جَنَّتَانِ ﴾

[ سورة الرحمن: 46]

الدنيا ممر و ليست مقراً :

 لذلك الشيطان يسعى بكل ما يملك إلى أن يلقي في روع الإنسان أن الدنيا هي كل شيء، هي ممر وليست مقراً، الدنيا طريق وليست هدفاً، فإذا عرفت الله من خلال آياته الكونية، وآياته التكوينية، وآياته القرآنية، وعبدته من خلال منهجه، وأحسنت إلى خلقه، كي يرقى بك هذا الإحسان إلى الله، عندئذ كنت على حق، والحق هو الله، الحق والباطل متناقضان، الحق الشيء الثابت والهادف، أما الباطل فهو الشيء الزائل والعابث، فرق كبير بين الحق والباطل، الحق يرقى بك إلى أعلى عليين، يسمو بك، قال تعالى:

﴿ أُولَئِكَ فِي ضَلَالٍ مُبِينٍ ﴾

[ سورة الأحقاف: 32]

 على تفيد العلو، أنت مع الله، إذا كان الله معك فمن عليك؟ وإذا كان عليك فمن معك؟ فلذلك لا بد من أن توقن أن الله هو الحق، وما سواه الباطل، والحق الشيء الثابت والهادف، والباطل الشيء العابث والزائل.

من عرف نفسه عرف ربه :

 لذلك قال تعالى:

﴿ يَا أَيُّهَا الْإِنْسَانُ مَا غَرَّكَ بِرَبِّكَ الْكَرِيمِ * الَّذِي خَلَقَكَ فَسَوَّاكَ فَعَدَلَكَ ﴾

[ سورة الانفطار: 6-7]

 انظر إلى جسمك، إلى حواسك الخمس، إلى دماغك، إلى عقلك، إلى جهاز الهضم، جهاز التنفس، إلى العظام، إلى العضلات، جسمك أعجوبة، كفى بالمرء علماً أن يعرف حقيقة نفسه، من عرف نفسه عرف ربه، هذا الجسم معجز، فالتفكر في خلق السماوات والأرض أوسع طريق وأقصر طريق إلى الله عز وجل، أما إبليس فمهمته أن يطغي الإنسان.

الكبر أكبر معصية يوسوس بها الشيطان للإنسان :

 لذلك أكبر معصية يوسوس لها عدو الإنسان إبليس الكبر، والإنسان أحياناً بالكبر يفسد عمله كله، من جلس إلى غني أو قوي فتضعضع له ذهب ثلثا دينه، أنت مع الله، و إذا كان الله معك فمن عليك؟ وإذا كان الله عليك فمن معك؟ ويا رب ماذا فَقَدَ مَن وجدك؟ وماذا وَجَدَ مَن فَقَدَكَ؟ لذلك الإيمان الله، والإيمان بكتابه العظيم، وشرعه القويم، وطاعة الله، وخدمة المؤمنين، وأن تكون في حرز حريز مع الأخوة المؤمنين هذه الحاضنة الإيمانية، قال تعالى:

﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ ﴾

[ سورة التوبة: 119 ]

﴿ وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُم بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ وَلَا تَعْدُ عَيْنَاكَ عَنْهُمْ تُرِيدُ زِينَةَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَلَا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَن ذِكْرِنَا وَاتَّبَعَ هَوَاهُ وَكَانَ أَمْرُهُ فُرُطًا ﴾

[ سورة الكهف: 28 ]

 لذلك:

(( الكبْرِياءُ ردائي، والعظمة إزاري، فمن نازعني واحداً منهما قذَفْتُهُ في النار))

[مسلم وأبو داود عن أبي سعيد الخدري وأبي هريرة ]

التولي و التخلي :

 أيها الأخوة الكرام؛ يوجد موضوع توحيدي مهم جداً، الصحابة الكرام وهم قمم البشر وفيهم سيد البشر في بدر افتقروا فانتصروا، والافتقار إلى الله قوة، والافتقار إلى الله توفيق، والافتقار إلى الله تحقيق للهدف، والافتقار إلى الله مسعد، هم هم نخبة البشر وفيهم سيد البشر في حنين اعتدوا بعددهم فلم ينتصروا، قال تعالى:

﴿وَيَوْمَ حُنَيْنٍ إِذْ أَعْجَبَتْكُمْ كَثْرَتُكُمْ فَلَمْ تُغْنِ عَنْكُمْ شَيْئاً وَضَاقَتْ عَلَيْكُمُ الْأَرْضُ بِمَا رَحُبَتْ ﴾

[ سورة التوبة: 25]

 ملخص الملخص إذا قلت: أنا معتداً بقوتك، بعلمك، بذاكرتك، بمكانتك، بغناك، إذا قلت: أنا، تخلى الله عنك، وإذا قلت الله معتداً بعظمته، بقوته، برحمته، بتيسير أمورك من قبله، إذا اعتمدت على الله كنت أقوى الناس، فالإنسان بين التخلي و التولي، تقول: أنا، يتخلى عنك، تقول: الله، يتولاك، لذلك كان التوكل على الله أصل من أصول الدين، أنت قوي بالله، أنت عالم بالله، أنت قوي الشخصية بالله، أنت لك إرادة قوية بالله، لذلك أدق دعاء وأوجز دعاء: اللهم أنا بك وإليك، قوتي بك، حكمتي بك، علمي بك، رحمتي بك، أنا بك وإليك، إلهي أنت مقصودي ورضاك مطلوبي، فلذلك هذا الذي سلك طريق الإيمان إن لم يقل: ليس على وجه الأرض من هو أسعد مني إلا أن يكون أتقى مني عنده مشكلة في إيمانه، أنت مع الخالق، مع الرحيم، مع القوي، مع العليم، مع الودود، مع الشكور، لذلك إن وجدت الله وجدت كل شيء، وإن فاتتك معرفته فاتك كل شيء، وأنا أحب أيها الإنسان إليك من كل شيء.

الدعاء :

 لذلك أيها الأخوة؛ أرجو الله سبحانه وتعالى أن يحفظ إيمانكم جميعاً، وأهلكم، وأولادكم، وصحتكم، وأن يعينكم على طاعة الله عز وجل، وأن تكون أعمالك الصالحة في ميزان حسناتكم يوم القيامة.

الاستماع للدرس

00:00/00:00

تحميل النص

إخفاء الصور